اماس
- انظروا مَن هنا !
التفت نحو مصدر الصوت الأنثوي الذي بدى ماكر قبل أن أرى الشكل حتى ؛ كان هناك فتاتان تتقدمان نحوي وتنظران لي مباشرةً ، هل أنا أتوهم أم هما حقاً تقصدانني ؟ نظرت حولي لعلي أرى احدٌ ما ينتظر وصولهما له ، الجميع كان مشغول
تقدمت فتاة سمراء تخاطبني بسخرية
- ماذا ؟ هل تنتظرين شبحاً ما ؟
ضحكت زميلتها التي بجوارها بصخب جعلت الهدوء يعم الناس حولنا ثم تكلمت
- انتِ لا تتذكرين من نَحن ، صحيح ؟
نكزتها هذه السمراء بمرفقها لتقول ممثلة الشفقة بكامل السخرية والاستفزاز
- إنها لا تتذكر نفسها حتى ! ماذا تتوقعين ؟
ما بالهم ؟ لما يُحدثون صَخب من حولي بهذا الشكل ! اشعر بالإحراج حقاً ، لا أدري ماذا أفعل ، أشعر بأني قلبي يخفق بقوة .. بالتأكد هُن يعرفن من أنا
لهذا يحاولون التنمر علي ، هذه الوجوه لا بد أني رأيها في مكانٍ ما ، قبل الغيبوبة مؤكد ..
تشويش هو كل ما أحسست به ودماغي يعرض لي صوراً مبهمة غير معروفة ، أحاول حقاً التذكر
شَعرت بسائل مُثلج يلطخ سترتي من الخلف شَهقت ببرد وأبتعد بسرعة لأجد فتاةً ثالثة كانت تفف خلفي وتمسك كوب العصير الفارغ وهي تُمثل الأسف
- اووه ! ماذا أفعل ؟ لقد سَكبت العصير على المتميزة الأولى في جامعتنا سابقاً
متميزة أولى ! في الجامعة ؟ إذاً هؤلاء الفتيات يعرفنني عن طريق الجامعة ، لا أنهم كانوا يحقدون علي عندما كنا زميلات
أكملت صاحبة كأس العصير كلامها وقد انحنى طرف ثغرها بمكر تقول :
- لحظة ! إنه ليس خطأي ... لما انتِ خارج المصحة العقلية ؟
- يبدو أنها قد هربت مُجدداً مِن هُناك.
سَحبت تلك السمراء ياقة سترتي تجذبني لها بقوة وهي تَهمس باستمتاع :
- هل أتصل بالمصحة العقلية وأخبرهم بأنكِ تُزعجين العامة أيتها الحثالة ؟
أمسكت يدها المُحكمة على ثيابي محاولة إبعادها وأنا أصرح بهدوء
" أرى بأن المصحة تحتاجكن يا فتيات .. فتصرفاتكن لا مبرر لها "
ضحكت بصوت عالي ، لا حياء فيها ابداً
- لسانكِ ما زال سليط .. لم يتغير.
" اتركِ ثيابي .. لقد لوثتهم بما فيه الكفاية "
لستُ ضعيفة ولكني لا أملك الجرأة التي لديهن ، تباً لقد أصبحنا محط أنظار الناس هُنا في كُل الأحوال لن أهتم لما سيحصل بعد الآن ، أمسك معصمها أحاول إبعاد يدها عن سترتي
" ابتعدي عني "
- ليس لكِ حق التكلم بشيء أيتها المجنونة ، لقد فقدتي كُل شيء .. انتِ لا تنتمين لنا ، لا يحق لكِ حتى التواجد بيننا ، مكانكِ في المصحة فقط ، أتفهمين ؟
لم أعد أتحمل كلاماً قاتلاً أكثر من هَذا ، دفعتها عني بقوة وأنا أصرخ بها
" بل يحق لي لذا .. ابتعدي عني "
عدت للخلف وجسدي بأكمله يرتجف والدماء تغلي في عروقي ، أشعر بالأختناق !
" اغربوا عن وجهي "
صرخت بهم مُجدداً وأنا أكاد أفقد أعصابي ، أنا ضائعة ! وحيدة مشتتة ! تائهة ! سمعت الأصوات من حولي تقول
- لقد فقدت السيطرة على نفسها
- اتصلوا بالمصحة لتعيدها لمكانها قبل أن تؤذي أحد.
- إنها مجنونة حتماً
- فليتصل أحد بالمصحة
لا ليس ذاك المكان مُجدداً ، تلك الغرف البيضاء !
لباس التقييد وتلك القيود ! ذاك الكرسي الكهربائي للتعذيب ! يستحيل أن أعود .. ماذا فعلت لأستحق كل هذا ؟ هل اقترفت خطأً في حياتي التي لا أتذكرها وانا أُعاقب عليه حالياً ! أياً كان العقاب إلا ذاك المكان ...
شَعرت بشخصٍ ما خلفي يُمسك يدي ، أغمضت عيناي بذعر وأنا أصرخ محاولة الابتعاد
" لا أريد "
أدارني ذاك الشخص وضَمني ؛ أحاطني بذراعه ويده الأخرى تمسح على شعري وهو يهمس في اذني : - أنا هنا .. لا تخافي.
هذا الصوت الدافئ ورائحة العطر المميزة إنه تيم !
أمسكت ثيابه وأنا ارتجف كلياً واستنجد به
" أرجوك خُذني من هُنا "
زاد إمساكي به لا إرادياً وأنا أُكمل
" لا تدعهم يأخذوني للمصحة "
" لا تدعهم "
" يأخذوني "
- لن أسمح لأحد بأخذكِ ، حسناً ؟
لقد بدى صوته غاضباً ، أستمر يمسح على شعري وأستطاع تهدئتي قليلاً .. هذا الشعور إنه حقاً أفضل من الإبر المهدءة تلك .
" لا تتركني "
- أخبريني فقط من قام بأذيتكِ.
لا أسمع سوى صوته ، هل الجميع صامتون لأنهم خائفون منه ؟ حقيقةً لا أستطيع رؤيتهم ولا رؤية نظراته التي تجعل الصمت سيد المكان هُنا
" لا يهم .. فلنخرج من هنا. "
استطعت التكلم أخيراً بنبرة خافتة هادئة ، ابتعدت عنه قليلاً عندما لم أسمع إجابته وأعدت القول
" لنعد للمنزل "
لم يجبني ، لقد كانت عيناه مظلمة حادة كلياً
نطق بحدة قاتلة :
- لينصرف الجميع إلى عمله.
قفزت الوجوه الشاحبة بذعر من مكانها على صوته ليكمل :
- ومن سينشر صورةً أو خبر عما حصل قبل قليل ، أقسم بأني سأطرق باب منزله الليلة .. ولا يُجدر بكم سماع بقية ما يحصل له عندئذٍ.
بقيت جامدة أستمع لما يقوله ، هل حقاً سيفعل ؟
نظر لي لتصبني قشعريرة ، حسبت بأنه يستطيع قراءة أفكاري أم هل عيوني تفضح ما أفكر به أم أفكر بصوتٍ عالي !!!
أمسك يدي وتحرك لأجد الناس قد اصطفوا على الجنبين مفسحين الطريق لنا وهم مُخفضين رؤوسهم لا يجرؤن على النظر لي حتى ...
التعديل الأخير تم بواسطة كواندا ; 07-23-2018 الساعة 11:33 PM |