الفصل ال20
نظرت عيناه الرماديتين المشككتين لعينان تامر التي تنتظران اجابة من فوزي، قال فوزي:
- لكن ليس هذا ما اخبرني به بلال... لقد اكد بلال انكما كنتما تخفيان اغراضكما عني لاني افسدها لكم
تفكر تامر قليلا ثم قال بابتسامة مرحة:
- يبدو ان بلال لم يفهم اللعبة جيدا، لست اكذب، في كل مرة كنا نخفي اغراضنا في مكان معين لنعلب معك الغميضة، نحن نخفيها وانت عليك ايجاد المخبأ... لكن للصراحة هذه المرة مللنا فقد تأخرت كثيرا في ايجاد المخبأ... كنت قد بدأت افكر في كشفه لك قريبا لولا ان سبقتنا تلك الغبية وافتهم الامر برمته خاطئا
تابع ينظر اليه بريب حتى ابعد عيناه عنه متنهدا ثم قال:
-ان كان الامر كذلك... قد اسامحكم، لكن اتمنى ان تفسر الامر لبقية الشلة لانهم اضحو جميعا ينظرون الي نظرة سارق ضيق العين
ضحك تامر ملئ قلبه، اذ انه عليه ان يصحح رأي الجميع عن فوزي من رأي صحيح لرأي خاطئ، لكن بعد كل شيء انه صديقهم وليس من الصائب تركه مجروحا الكرامة، ربت على ظهره قائلا:
- لا تقلق، اعتبر الامر محلولا، هيا معي واشهد على الامر بنفسك
سارا تجاه الشلة لينضما اليها صاح تامر لتتوجه الانظار اليه:
- ابشروا ايها الاصدقاء، سنلعب اليوم كرة القدم واجار الملعب على حساب فوزي
صاح الجميع فرحا بينما نظر فوزي الى تامر مصعوقا ليغمزه ثم قال:
- دع الامر علي
توجه الى صديقيه قائلا:
- بلال شادي، ذكراني ان اجد مخبأ جديدا لاغراضنا فقد اكتشفه فوزي اخيرا
عاد لينظر الى فوزي وقال:
- هذه المرة ساعدتك ريم في ايجاده، المرة المقبلة ممنوع الغش، عليك ان تجده بنفسك
ابتسم فوزي ولابتسمته فهم تامر ان كل شيء سار على ما يرام، فدعاه للجلوس بين الاصدقاء مستأذنا اذ ان ليليان كانت بانتظاره
-----
دخل صالح غرفة المعلمين باحثا عن اريج ليجدها اخيرا جالسة الى جانب شابة بيضاء البشرة، تربط شعرها الاسود الاملس كذيل حصان، عيناها زرقاوان تحدهما رموش سوداء كثيفة، كانا تتحدثان بمرح فاقترب ملقيا التحية
حين وقع نظره على عيناها احس انهما مألوفتين، حاول تذكر هوية صاحبتهما لكن ما ان عبست لرؤياه وابعدت وجهها عنه بانزعاج، تذكر هويتها مباشرة ليفعل هو المثل
نظرت اليهما اريج مستغربة فتذكرت اخر حادثة جمعتهما، فنهضت تودع راوية ثم التفتا ليخرجا من الغرفة لكن صادف دخول جواد في تلك اللحظة فتوقفا
سلم صالح على جواد واردف مستغربا:
- اراك تعمل هنا...
نكست اريج رأسها بخجل ممزوج بالغضب، عادت لرفع نظرها حين سمعت جوابه "اجل منذ عدة سنوات..." ثم نزع بصره عن صالح ليوجهه الى اريج مبتسما ابتسامة استهزائية وينظر اليها نفس النظرة المحتقرة السابقة
فقعو فيوزات اريج ولم تعد تدري ما الذي يحدث مع هذا الاحمق، فلا تذكر انها اخطأت معه بشيء، دون ان يفتح صالح المزيد من المواضيع استأذن لينسحب للخارج مسرعا
ركبت السيارة وبالها مشغول بنظرات جواد المحتقرة، لما ينظر اليها هكذا...
التفتت الى صالح بانزعاج حين هزها محاولا ايقاظها من عالم غرقت فيه ثم قال:
- اين شردت، اني اناديك من فترة
نظرت اليه محاولة ضحد الفكرة التي تلح على عقلها حتى اخيرا تغلبت عليها فزفرت بثقل لتقول:
- انسى... مجرد اعباء العمل
نظر اليها بشك فازاحت وجهها عنه لترمي بنظرها خارج النافذة فمضى بالسيارة
---
جلست اريج تحاول الدراسة لكن دون جدوى، فنظرات ذاك الاحمق ظلت تراود عقلها طوال الوقت، وفوق تلك الفكرة المزعجة كان تامر يثير الفوضى في غرفتها
نظرت اليه بانزعاج لتصيح: "الا يكفي انك تزيد من الفوضى في غرفتى فوق ذلك تثير ضجيجا... اخرج اريد ان اركز لاستطيع الدراسة..."
نظر اليها بانزعاج ليقول: "لا تقلقي فهذه نهاية رحلة اغراضي في غرفتك، سأخرجهم حالا وانتهي من كثرة تذمرك للابد... لكن احتاج الى مكان اولا..."
- فاذا ضعهم في غرفتك فهي فارغة حسب ما رأيت..."
تنهد تامر بانزعاج اذ لا جلد له ليخبر اخته بالقصة، وبالطبع هي ليست متحمسة للاستماع او تقديم المساعدة
عاد الى مشكلته محاولا عدم اصدار صوت كي لا يزعج اريج وتعود الى تذمرها، نظر الى كومة من الاغراض على الارض، اين يخفيهم هذه
المرة كي لا يعرف فوزي بمكانهم؟ هذه المرة اصبح يعرف انهم يخفونهم عنه، واتته دعوة مباشرة من تامر تعطيه الصلاحية ليبحث عنهم
فاذا ان قدم الى بيته فالسبب بالطبع للبحث
تمشى بالبيت قليلا دون ان تنفع اي غرفة، فامه بالطبع لن تسمح له ان يستخدم غرفتها كما كانت تفعل اريج مهما كان السبب
وبالطبع كل غرف المنزل تنطبق عليه نفس قاعدة غرفة والدته
رفع رأسه يتنهد بيأس ليقع نظره على العلية فوق الحمام، ابتسم بتفاؤل، اذ لن يخطر له ذلك، كما انه لا يتصور ان تصل ريم الى هناك
احضر سلما وبدأ ينقل الاغراض للعلية حتى انتهى ونفض يديه بفخر بعد ان اغلق الباب وعاد الى اصدقائه يطمئنهم بانه وجد مخبأ امنا، قفز بلال بمرح ليناوله حذاءا جديدا قائلا:
- هذا جيد... هاك هذا واخفه في مخبئنا الجديد
نظر اليه تامر بانزعاج ليقول:
- لقد انتهيت توا من ضبضبتهم كما اعدت السلم الى مكانه
نظر اليه بلال برجاء ليقول:
- لم البسه الا مرة واحدة، لن تسمح لفوزي باخذه قبل ان استعمله عدة مرات
- هذا ان لم يكتشف المخبا قبلا، لن احضر السلم مجددا، اذهب وارمهم من مكانك انه في العليا
هز كتفيه بنرح ليذهب ويرميهما سويا فوقع الاول دتخل العليا والثاني على راسه، حك رأسه بانزعاج ليلتقت الفردة الثانية من الحذاء ويرميه بكل قوته مي لا يعاود السكوت على رأسه، وما ان اطمئن باخفاء حذاؤه الجديد حتى عاد الى صديقيه
---
بعد انتهاء حصة الادب، نظرت حولها باحثة عن تامر فلم تجده، توجهت لبلال وشادي لتسأل عنه فاخبروها انه ذهب الى الشعبة الاخرى ليلتقي بليليان
اسرعت الخطى خارج الصف لتصل الى الشعبة الاخرى فلم تجدهما، بينما كانت عائدة سمعت همسا في احدى الممرات، اطلت براسها لتجد تامر وليليان يتحدثان
اثارها الفضول لتعرف عما يتحدث العشاق، اقتربت تختلس السمع فتسمع ليليان تتذمر، دققت السمع لتعلم ان الموضوع يدور حولها هي
وليليان تشتكي لكثرة ما يمضي تامر وقته معها، بينما تامر يدافع انهما مجرد صديقان حتى طفح كيل تامر فقال:
- حسنا كفي غيرة، الحقيقة التي قلة من يعرفها هي ان ريم ليست حتى صديقة حقيقية لنا، لقد كان بيننا اتفاق، تعطينا بعض المعلومات مقابل ان نصادقها، لا اصدق انك تغارين من فتاة حتى الصداقة لم تبلغ
اقشعر بدن ريم لسماع كلامه، فلم تتصور ان كل ذلك الوقت الذي قضياه سوية لم يعتبرها حتى صديقة حقيقية بينما نظرت اليه ليليان تحاول تحلل كلامه ثم قالت برجاء:
- هل انت متأكد من ذلك؟
هز رأسه ليردف:
- انت تعلمين كيف كانت علاقتنا مسبقا، لكنني اضطررت ان اغير من طريقة تعاملي معها بسبب اتفاقنا
لم يعد يستوعب عقل ريم المزيد، تركت المكان واسرعت الى صفها لتجلس مكانها وكلام تامر يدور بعقلها، نظر اليها بلال ليسالها:
- هل حدثت تامر
نظرت اليه شاردة ثم هزت راسها نفيا فاردف
- الم تجديه؟
تفكرت "ايمكن انهما هو وشادي ايضا كما قال تامر فقط يمثلان علي الصداقة ولا يعتبرونني صديقة حقيقية؟... "
- بلال: هالو ريم... انني اكلمك
ضحك شادي ضحكة عالية ليقول:
- يبدو انها وجدتهما في وضع محرج مما جعلها تصدم
احمر خدا ريم فعبست واخفت وجهها عنهما لينظر شادي الى بلال مستغربا ويقول:
- هل اصبت؟... ليس من عاداته...
---
طرق جواد بطرف قلمه على الطاولة التي تقف بينه وبين ريم طرقات متتالية ليجذب بها انتباهها، نظرت اليه ثم ابتسمت بحرج لتقول:
- اسفة... سأحاول التركيز اكثر
نظر اليها جواد ثم قال:
- ان كان هناك ما يزعجك اخبريني، ربما يمكنني مساعدتك
نظرت اليه متفكرة ثم قالت:
- وهل انت مستعد لتخبرني عن اسرارك لذلك؟
نظر اليها مستغربا:
- هل اسراري هي التي تزعجك؟
تنهدت بثقل لتقول:
- لقد كان بيني وبين تامر واصدقائه اتفاق، انا كنت اريد اصدقاءا وهم كانو يحتاجون لمعلومات عنك، مشيت معهم على ذلك الاساس
قطبت بانزعاج لتردف:
- لقد اجادوا التمثيل لدرجة انني صدقت انهم بعتبرونني صديقة حقيقية
- ربما هم يعتبرونك كذلك حقا
- للاسف... سمعت تامر البارحة يتحدث مع حبيبته، اخبرها انه يمثل الصداقة امامي فقط لاجل اتفاقنا...
ضيق جواد عيناه بحقد فقالت ريم:
- حسنا كنت اعلم منذ البداية انه مجرد اتفاق، ما كان علي ان اعتبرهم اصدقاء حقيقيين، على كل حال سأنسى امر صداقتهم
- هذا افضل لك... اخبرتك منذ البداية ان تامر ليس شخصا جيدا
- ولكن لا يمكنني ان اترك صداقتهم هكذا... لن يكون الامر عادلا
نظر اليها عادل مستغربا فقالت:
- لقد كان بيني وبينهم اتفاق، هم وفوا بعهدهم لكني لم افعل
- ماذا تقصدين؟
اخفضت رأسها بخجل لتقول:
- اخبرتك انهم قبلوني صديقتهم لسبب معين
نظر اليها بحقد ثم اخفض رأسه متفكرا فقال:
- ان كان ذلك سيبعدك عن تامر فلك ذلك
رفعت رأسها مصدومة لتقول:
- هل ستخبرني؟
- عن السلسلة؟ سبب اعطائي اياها؟
نظرت اليه مستغربة لتقول:
- صحيح، ذلك جزء مما يريد معرفته
- وما الذي يريد معرفته اكثر من ذلك؟
احمرت خدا ريم فزفر جواد بانزعاج ليقول:
- كانت اريج مجرد تلميذة عندي مثلها مثل تامر، لكن صدرت بحقنا الكثير من الاشاعات
- اذا لم تحبا بعضكما حقا؟
ارخى كتفيه بحزن ليقول:
- بل احببتها، وطلبتها من والدها، لكنها رفضتني
رمشت مستغربة:
- لماذا؟
- قال منفعلا:
- لانها حمقاء، هل طلب تامر كل تلك المعلومات؟
- حسنا... لن يمانع في المزيد
- صداقتكما لم تتعدى الاسابيع، لا تستحق كل تلك المعلومات...
صمتت قليلا ثم قالت:
- لكنني ايضا اريد ان اعرف
- اسف، لكن الامر يعنيها ايضا، اقصد اريج، وان كانت لم تخبر تامر بالامر فربما هي لا تريده ان يعرف
تفكرت بالموضوع قليلا وقالت:
- انت محق... حسنا اخبرني ولن اخبره
وابتسمت ابتسامة عريضة نظر اليها بعبوس ليقول لها:
- دعينا نكمل الدرس والا سيسبقك طارق مجددا
تنهدت بانزعاج ليعودا الى الدراسة
----
ظلت ريم في المدرسة شاردة طوال الوقت، لم تنتبه لاي من الدروس، لم تشارك باي من التمارين كما كانت تفعل عادة، بل حين وجهت اليها المعلمة سؤالا جمدت حائرة لا تدري بما تجاوبها
فرط ضحك زملائها بينما هي عادت لتجلس بانزعاج فهذه اول مرة في حياتها توضع بمثل هكذا موقف، لم يعجزها
في العلم الا طارق، ربما ما كان عليها ان تدخل المدرسة اصلا، فلا الصداقة اعجبتها ولا المدرسة برمتها، انها على كل حال للفاشلين
رن جرس الفرصة لينهض الجميع، نظرت لتامر الذي نهض بحماس ليلاقي حبيبته كما اصبح يفعل كل يوم فنهضت مسرعة لتقف امامه قائلة:
- علينا ان نتحدث
نظر اليها مستغربا ليقول:
- واي مصيبة فعلت الان؟
نظرت اليه بازدراء لتقول:
- لقد كنت تريد ان تعلم بالعلاقة التي تربط بين عمي واختك منذ سبع سنوات
نظر اليها مستغربا:
- هل استطعت الوصول لشيء جديد؟
- حسنا... لقد احب عمي اختك لكنها لم تبادله المشاعر، هذا كل ما في الامر
قالتها ببرود لتكمل:
- وهكذا اكون قد اديت ما علي وانتهت صداقتنا
التفتت وخرجت من الصف لتنزل الى غرفة المعلمين تستأذن عمتها في الذهاب بحجة انها متعبة، قلقت شيماء فأخذتها لمنزلها
اما تامر استوعب ما ان استوعب كلام ريم حتى نزل بسرعة متجاهلا نداء ليليان التي كانت تنتظره في شعبتها
بحث في الملعب في شلته لكنه لم يجدها، بحث في بقية الملعب ايضا لم يجدها، خمن انها ذهبت للحمام فجلس مع بقية الشلة ينتظرها بينما عادت ليليان لتجلس مع شلتها غاضبة
---
لم تمض ساعات على اريج وهي تقلب الصفحات دون جدوى حتى رن هاتفها، سرعان ما اجابت على المتصل لتتهرب من الدراسة فقال ايمن:
- لم تتجاوب نوال، اني اؤكد لها منذ ايام انك لم تعودي تحبيني لكنها لا تصدق، تقول انك تكذبين كما كذبتي سابقا كي لا تبعدي بيننا
تنهدت اريج بضيق قائلة:
- نوال هذه عنيدة جدا...
لم تكن هكذا ايام زمان...
لا بأس،
اعطني عنوانها لاكلمها شخصيا
- المشكلة لا تنتهي هنا
كما اخبرتك سابقا انها عاقر،
وقد اخذها الشعور بالذنب لانني لن اصبح والدا بسببها
- حسنا
في هذه الحالة لا اظنني يمكنني المساعدة
تنهد ايمن بضيق ثم اضاف بعد قليل:
- لما لا نلتقي لنتباحث بالامر
- اسفة لا وقت لدي
- لكن الحديث مباشر اسهل من على الهاتف
- اني اتفرغ رغما عني لاحدثك هاتفيا لاجل نوال، لكن لا تحلم بان تخرجني من جو الدراسة لفترة طويلة فذلك يكلفني كثيرا
- تبا... لقد اصبحت مملة... اريج القديمة افضل منك...
- شكرا على المعلومة
- لست امزح... الا سبيل للعودة
- لا تضيع وقتك... سبق واخبرتك انها ماتت
سكت قليلا فقالت:
- ان كنت قد انتهيت سأعود لدرسي
- لا مهلا... كنت اتحدث مع شلتنا القديمة البارحة، اقترحو ان نجتمع على الغداء قريبا، فما رأيك
تنهدت بانزعاج:
- اسمع، المشاكل التي تملئ حياتي تمنعني من التركيز، وانت تزيدها علي، لو اردت الخروج للتنزه لقبلت الالف دعوة من خطيبي منذ زمن، لكن لا وقت لدي... اسفة
اغلقت الخط ورمته جانبا وكي تتمتم بانزعاج فوصلتها رسالة واتساب:
" حسنا حاولي على الاقل التحدث مع نوال، عنوانها.... ورقمها ****** "
تنهدت بانزعاج لتدون ما وصلها ثم كتبت له:
- سأحاول لكن لا اعد بشيء
- شكرا لك
---