لفصل 22
حملت راوية اغراضها وخرجت لسيارتها فهز صالح كتفيه، نهض ثم نظر الى المعلمات حوله قائلا:
- حسنا... يبدو انه الوداع
ابدين اسفهن لرحيله وودعنه ثم خرج من المدرسة ليرى راوية تقف حائرة امام سيارتها، نظر اليها مستغربا فقال:
- هل من مشكلة في سيارتك، يمكنني ايصالك و
- لا، ما من مشكلة بسيارتي لكن المشكلة بسيارتك انت
- سيارتي!...
نظر الى سيارته ليفهم مقصدها فيقول بخبث:
- ربما انت عالقة هنا الى ان انحي سيارتي
- هل افهم من كلامك انك تحاول ابتزازي؟
نظر اليها مستغربا ثم قال:
- لما فهمتها بتلك الطريقة؟ كل ما في الامر اني اريد ان احدثك
- لا تجمع بيننا احاديث
- بلا... اليست اريج صديقتك؟
- وما دخل هذا؟
- حسنا، احتاج لمساعدتك في استرجاعها
- ان كنت تريدها فلما انفصلت عنها من الاصل، لقد اخبرتك، ما من عقل في رأسك، الان ابعد سيارتك كي استطيع اخراج سيارتي
- انا لا اريد ان استرجع اريج كخطيبة، بل كأختي... اريد ان نعود كما كنا قبل عشر سنوات
اخفضت رأسها تفكر فقال:
- لقد كنا مقربين جدا حين كنا صغارا، لكن خطبتنا افسدت كل شيء، فسخت خطبتي بها لاعيد الامور الى نصابها
- حسنا... في هذه الحالة، ربما افكر بمساعدتك، لست متقربة جدا منها، ولكن ان كان بامكاني ان اقدم اي مساعدة فسأحاول
- حسنا، دعينا نذهب بسيارتي الى مكان مريح لنتكلم
- بسيارتك؟... افضل ان ندخل المدرسة ونتحدث هناك
- لن يناسبني ان اتحدث امام جمهور من المتفرجين عن اموري الخاصة
- هذا ليس ذنبي
- وماذا تقترحين اذا
- نذهب بسيارتي
- لا اثق بك
فغرت فاهها: كيف تطلب مساعدتي ان كنت لا تثق بي
- اقصد اخشى ان تهربي بسيارتك حين ابعد سيارتي
- حسنا، امامك خياران، اما ان تثق بي وتبعد سيارتك لاخرج سيارتي، اما ان تركب سيارتك وتعود الى المنزل
- وتقولين ان لا عقل لي، ماذا سيحدث ان اتيت بسيارتي بدلا من كل هذه المشقة
- انا بالكاد اعرفك فكيف اخرج معك بسيارتك
- وهل سيفرق كثيرا ان اتيت بسيارتك
- بالطبع، ان تطاولت علي اطردك من السيارة واعود الى البيت
- نظر اليها باستخفاف ثم قال:
- ان تطاولت عليك!... ثم كيف ستطردينني ان كنت اقوى منك؟
- حسنا... هذا الجدال دام اكثر مما يجب، لما لا تذهبان مشيا الى ذلك المقهى القريب
نظرا الى المتحدث ليجداه تلك الناظرة المزعجة، نظرا الى حيث اشارت لهما فابتسما بغباء، نظر اليها صالح وقال:
- ما رأيك؟
هزت كتفاها وقالت:
- فكرة حسنة
سارا بصمت الى المقهى ليجلسا في اول مكان فارغ وجداه وجلسا ينظران لبعضهما ثم يبعدان وجههما بحرج حتى قالت:
- حسنا بما يمكنك مساعدتي؟
تنهد مفكرا من اين يبدا ثم قال:
- حسنا... هل كانت تشكو لك عني بشي يزعجها؟
- لا
- حمدلله... حسنا هل حدثتك عن شاب يدعى ايمن؟
تفكرت بالامر قليلا لتقول:
- قالت ان صديقتها انفصلت عن زوجها وهي تحاول الجمع بينهما
تفكرت قليلا ثم تذكرت جدال جواد مع اريج عن شاب يدعى ايمن فقالت:
- مهلا... هل من الصائب ان اخبرك بكل ما حدثتني عنه؟ ماذا لو انهم اسرار؟
- تحاول الجمع بينهما؟... اذا هما لم يكونا على علاقة حب او ما شابه في هذه السبع سنوات
نظرت اليه بغضب:
- كيف تفكر عنها هكذا !
- لم تنكر البارحة الكلام
- ربما لم تسنح لها فرصة فقد كان جواد دائم الكلام او ربما بسبب صدمتها، او كلاهما معا، لكنها بدت منزعجة من ظهور ايمن المفاجئ في حياتها وكانت تنتظر ان تتخلص من مشكلته باسرع ما يمكن لتلغي مهمته من لائحة اعمالها
- حسنا قد يريح هذا ضميري ولو قليلا
- ضميرك او كبريائك؟
نظر اليها مستغربا ثم قال:
- قبل سبع سنوات...
صمت ليفكر قليلا ثم قال:
- حسنا سأروي القصة من اولها، منذ قرابة العشر سنوات كنت انا احب ليلى وكنا سعيدين جدا حتى كان يطلق علينا الثنائي المثالي، ذات يوم اخبرني ابي عن اقتراح عمي بان اتزوج اريج لانه يخشى ان تتزوج من غريب ويفعل بها مثل ما فعل ذلك الاحمق بعمتي، لم يكن سهلا التخلي عن ليلى، لكن فكرة ان تكون اريج في نفس موضع عمتي لم استصغها ابدا كلمت...
- ماذا فعل ذلك الاحمق لعمتك؟
- اي احمق!... اه تقصدين زوجها... اختفى فجأة ولم نعلم عنه شيئا وعان كثيرا ابي واعمامي ليطلقوها منه ناهيك عن الحالة النفسية التي اضحت عليها عمتي فقد كانت تحبه كثيرا
- حسنا... لم تستصغ فكرة ان تكون اريج مكان عمتك...
- اجل... قبل ان اوافق على الفكرة كلمت ليلى عن الموضوع، فسالتني عما سأفعله، اخبرتها اني محتارا فالامرين صعبين علي، وحينها جنت لانني لم استطع ان افضلها عليها وقالت اني لا احبها بقدر ما تستحق، اعلنت انفصالنا وذهبت غاضبة
بعد ايام اتت لتسألني عما حدث معي، فاخبرتها انني وافقت على فكرة عمي بما انها قررت هي التخلي عني فعادت وغضبت لاني لم اندم على تفضيلها اريج عليها ولم يخطر لي انها قد تسامحني لو اعتذرت عما بدر مني،
اخبرني حينها اخي انها لم تكن تقصد في المرة الاولى الانفصال عني بل كانت تحاول ان تريني كم ستكون حياتي مقرفة من دونها وكما يبدو انني برهنت لها العكس حين اعنلت ارتباطي باريج، وبعدها اختفت من حياتي نهائيا، لم تعد تزور جارتنا مع اختها كما كانت تفعل دائما، جارتنا شيماء تعمل معلمة معكم في الثانوية اظنك تعرفينها
- اجل اعرفها... انها اخت جواد
- اجل حسنا... حينها كانت اريج تحب شابا من حييها، كانت تخبرني دائما عن وسامته وشقاوته وتلك الحركات السخيفة لكن كان من الواضح ان قصة حبها فاشلة،
حاولت ان اخبرها مرارا بالامر لكنها كانت تطنش بحجة انني لا اعرفه جيدا كما هي تعرفه، فلم اجرؤ على اخبارها بأمر مخطط والدها وابي لكثرة ما كانت متعلقة بذلك الاحمق فتركت والدها يخبرها
- اذا كنت حينها ثقتها وموضع سرها؟
- اخبرتك اننا كنا كالاخوة
- ليست كل الاخوة تثق ببعضها لتلك الدرجة
ابتسم ليقول:
- حسنا كنا اخوة من النوع الذي يثق ببعضهما
ارتسم الحزن على ملامحه وهو يتذكر الماضي بينما مان يعبث بمفرش الطاولة متوترا ثم قال:
- ربما كان اول خطأ ارتكبه حينها انني لم اخبرها بنفسي، إذ اعتبرت اني خدعتها او شي من هذا القبيل، ثم اصبحت كلما انصحها بنسيان ذلك الاحمق تظن انني انصحها لاني اريد الزواج منها، بعدها احسست انها لم تعد تثق بي وبدأت تخفي عني...
ضايقني ذلك لكني لم اتوقع ان يصل بها الحد ان تظن انني سأسعد لان ذاك الاحمق الذي احبته فضل اخرى عليها وظنتني سأشمت بها، حاولت ان اشرح لها انني مازلت صالح الذي وثقت به دائما ويمكنها ان تثق به ابدا... هه... لكنها فضلت ان تتخذ دفتر مذكرات لتثق به
- دفتر مذكرت!.
- اجل... فهو لا ينصحها بما لا تهوى كما انه لا يشمت بها ان صارت الامور عكس ما ترغب
ضحكت راوية فاردف:
- وهكذا اصبحت انا خارج الخط، لم تتقبل يوما فكرة ارتباطنا الى ان فجأة انقلبت، اختفت من الوجود لعدة ساعات ولم نستطع ان نعرف مكانها، وبعد فترة تأتي هي واخي وتخبرنا انها تقبلت الفكرة وان اخي استطاع ان يقنعها،
بداية ظننت انه هددها بطريقة معينة فقد كان مؤخرا بدأ يضيق ذرعا من رفضها الذي استمر ثلاث سنوات وكان ينتقدها باستمرار، لكنه اخبرني انها اقتنعت لان احمقا اخرا احبته تزوج من غيرها،
وتأكدت انها قبلت بإرادتها بعد ايام، حين اراد جواد ان يتقدم لطلب يدها، اذ قال انها اخبرته انها لا تحبني ولا تريد الارتباط بي كما اخبرته انني لا احبها، وتبين لي حينها انها وجدت احد اخر تثق به غيري وغير دفتر مذكرتها...
- اذا هي تعرف جواد منذ زمن
- لقد كانت تلميذته لمدة قصيرة
- كنت اتسائل عن سر تلك النظرات، اذا كان يغار من ايمن طوال الوقت
تفكر بالامر ليلا ليقول: كما يبدو
- وهي لم تحبه؟
نظر اليها ببرود ليقول:
- دعيني اكمل القصة وستصلك الاجوبة دون ان تتعني للسؤال
- حسنا تفضل
- اين كنا؟
- اراد جواد تن يطلبها من والدها بعد ان اخبرته انها لا تحبك ولا تحبها
- حسنا، كلامها كما يبدو شجع جواد لعلمه اني لا احبها كخطيبة بقدر ما احبها كأخت لي، فطلب مني ان اعطيه فرصة لعلها تحبه رغم انه هو نفسه كان يشك بذلك ولكنه اراد ان يحاول على الاقل
انا نفسي انصدمت لكن بطريقة ما استطاع ان يقنع والدها ان يقبل به صهرا بعد ان رفض فكرة تزويجها من غريب بالاخص غريب مسافر، لكن رغم ذلك بقي والدها خائفا ففضل ان يسألها بطريقة غير مباشرة، سالها ان كانت مقتنعة بالزواج مني ام تفضل ان تتزوج من غيري دون ان يذكر ان هناك شابا محدد ينتظر الاجابة
وحين رفضت الزواج من غيري اقتنعت انها قبلت بملئ ارادتها فمشيت بالخطبة لكنها فجأء انقلبت شخصا اخر كما ترينها اليوم، لقد كانت قبلا فتاة مرحة دائمة الضحك وذلك جعلني اشك بقبولها من جديد حتى كدت اصاب بانفصام معها
لكني لم ايس وحاولت جاهدا ان اسعدها واجعلها تتقبل فكرة خطبتنا لكنها كانت تحاول ان تتحاشاني محتجة بانشغالها الدائم والدراسة
كنت اشك يوميا ان زواجنا سينجح وفي كل مرة كنت افكر فيها بالعدول عن زواجنا لكن لست ادري لما كنت استمر، كانت تبدو منشغلة فحسب، ليس ان وجودي يضايقها، ولكن ذات يوم اكتشفت ان مجرد وجودي الى جانبها حقا يضايقها وانها تشمئز من مجرد لمسي لها...
علمت حينها انني خسرتها حتى كأخت، لكني لم اجرؤ ان افسخ الخطوبة لاجل والدينا، قد كان والدها سعيدا جدا بعد ان تحقق حلمه ووالدي كان مطمئن البال، لكن بعد ما سمعته ذاك اليوم من جواد رأيت انه من الافضل ان انهي هذه المهزلة وطلبت منها ان تذهب لتعيش حياتها كما يحلو لها
و... من حينها لم التقيها... اتظنين ان امامي فرصة لتعود علاقتنا كما كانت؟...
اخذت راوية نفسا شاردة، حكت رأسها متفكرة ثم زفرت لتقول:
- ارى ان مشكلتك معصلجة جدا
- اذا؟
- الافضل لك ان تنتحر
جحظ عيناه مصدوما ففرطت ضحك ثم قالت بعد ان هدأت:
- حسنا... اظن... ربما يجب عليك ان تختفي من حياتها فترة محددة
- وهل تتحدثين الان عن جد او مزحة ثقيلة جديدة؟
- اتحدث جديا، لقد رأت وجهك لسبع سنوات حتى ملته، دعها ترى وجوه جديدة
- وماذا لو كرهتني للابد؟
- سيكون حظك سيء
نظر اليها بحقد فقالت :
- ماذا!... انت طلبت النصيحة
تنهد بانزعاج فقالت:
- كانت تكره بك انها مجبرة على الزواج منك، لكنك اعطيتها حريتها فيفترض لذلك ان يلين قلبها ولو قليلا، ابتعد قليلا لتصدق انها نالت حريتها حقا
- هل انت متأكدة ان ذلك سينفع؟
هزت رأسها نفيا ثم قالت:
- لا تملك الا ان تجرب
تنهد متفكرا ثم ناد النادل عسى ان يتمكنا من التفكير افضل لو احتسيا فنجان قهوة فسألته:
- وما كانت ردة فعل اهاليكم حين اخبرتهم
نظر اليها مفزوعا ثم قال:
- انا لم اخبرهم بعد
----
اختفى اللون من وجه تامر وهو يقرا، سرعان ما اغلق يوميات اريج بغضب، القى بنفسه على سريره متعبا حين مرت بخلده تلك الذكرى الاليمة
اخيرا وبعد سبع سنوات استطاع ان يعلم ما حدث لوالده ذاك اليوم حتى فعل ما فعل باريج، لكن بعد التفكير بالامر، هذا لا يستحق كل ذلك التوحش، فقد حذفت التعليق
لؤي ذاك، كل ما عانته اخته كان بسببه، وذلك الاحمق جواد كيف لم يستطع ان يفهم ان اريج تحبه، ذلك كان واضحا للعيان، لو الامر متعلق به لعلم انها تحبه بل وانها متيمة به
فهل الحب هو الاعمى ام جواد، حسنا اريج لم تكن افضل منه، ويا لها من صدفة غبية، حسنا زوجة لؤي بكامل عقلها احبت جواد واصرت على الزواج منه، لا بد انها كانت اغبى من اريج
لكن على كل حال كيف يمكنني الاستفادة من هذه المعلومات؟ هل يا ترى مازالا يحبان بعضهما؟ تبا تلك الغبية ريم اختفت فجأة...
نظر لدفتر اليوميات ما زال هناك بعض الصفحات لم يقرأها، لكن بعد ما قرأه توا لم يعد متحمسا للقراءة، وضع الكتاب تحت الوسادة ثم وضع رأسه فوقه محاولا النوم لكنه لم يستطع بسبب ما ذكر في الكتاب الذي بقي يشغل عقله
---
عند الصباح الباكر استيقظ تامر، تجهز للذهاب للمدرسة ثم وضب غرفته، وجد يوميات اخته، نظر اليها متفكرا ثم قرر ان يأخذه معه الى المدرسة ليكمل القراءة هناك، فوضعه في الحقيبة وانطلق
جلس في مكانه في الصف والقى نظرة الى مكان ريم ليجده كالعادة خاليا، تنهد بانزعاج ليدرك انها كانت جادة في انهاء صداقتهما
دخلت اريج الصف فتهافت الطلاب يسألونها عن امتحاناتهم ان كانت قد صححتهم، بابتسامة رفعت عدة اوراق قائلة:
- انهم هنا...
سلمتهم لاحد الطلبة ليوزعهم على التلاميذ بينما تذمر تامر من حماس زملائه ليعرفوا علاماتهم والاغلبية بينهم راسب "انهم فعلا حمقى"
سلمه الطالب ورقة امتحانه لينظر اليها مصدوما، 2 من 20، نظر لاريج قائلا:
- هل انت متأكدة انك لم تحاولي الانتقام مني بجعلي ارسب؟ لقد درست هذه المرة خصيصا لارفع رأسك...
- ربما عليك ان تدرس اكثر وتقلل من مراقبتي...
- مراقبتك!... لا تقولي ان ريم تلك اخبرتك؟
- ريم!... وما دخلها!
- اذا من اخبرك؟... لا اظن انهما شادي او بلال
نظرت اليهم بصدمة لتقول:
- اكنتم كلكم متواطئون في ذلك
نظر اليها متفكرا:
- ما هو ذلك بالضبط؟
نظرت اليه بحقد لتقول:
- ليس الان وقت هذا الحديث، نستمر به في المنزل
بدات هي بشرح الدرس بينما عاد هو الى ورقته ينظر اليها بقهر، واضح ان اريج غاضبة منه لذا بالتأكيد لن تضيف له ولا علامة زائدة
"ان كانت اخته لن تساعده على النجاح فمن سيفعل"
ضحك ساخرا "
حبيب اخته السابق مثلا" تفكر بالامر جديا، ربما يستطيع اقناعه
عند وقت الفرصة توجه الى غرفة المعلمين ليحدث اخته بموضوع سخيف، ودون انتباه من احد بحث في برنامج الاساتذة حتى وجد اخيرا اخر حصة اليوم عن الدكتاتور 2
ابتسم بشقاوة وقبل ان تكمل اخته حديثها معه خرج من الغرفة يخطط لكم هائل من العلامات التي يحاول ان يكسبها
---
ما ان انتهت اخر حصة حتى اسرع الى الصف الذي يعلم به جواد، استأذن للدخول وطلب من جواد ان يبقى ليحدثه، وما ان خرج كل التلاميذ حتى قال تامر:
- احتاج الى سبعة عشر علامة لانجح
- موفق، اجتهد للحصول عليها
- الامر بات مستخيلا الان فقد انهينا امتحاناتنا
هز جواد كتفيه لا مباليا ليقول:
- فاذا عليك تحمل مسؤولية تخاذلك
- بل انت المسؤول الاول حيث التهيت عن الدرس بسببك اذ لم تشأ ان تخبرني عن السلسلة
- علما اني لا اذكر اني طلبت منك ان تبحث عن اسرار السلسة، لكن هل وصلت الى معلومة مفيدة عنها
ابتسم تامر بمكر ليقول
- بالطبع
اخرج من حقيبته يوميات اريج ولوح به امامه ليقول:
- بل واكثر
امعن جواد النظر محاولا تذكر هذه الهيئة المألوفة حتى توسعت محجر عينيه ثم قال:
- اليست هذه يوميات اريج؟
- يبدو انك رأيته كثيرا مسبقا
- اهي من اعطتك اياه؟
- يبدو انك لم تقرأ اول صفحة، كل الالغاز التي كتبتها هنا كي لا افهم انا شخصيا ما كتبت
- لكنك فهمتها
ابتسم بفخر فقال جواد:
- لقد اخبرتها يوما ان الغازها كلها مكشوفة لكنها لم تصدقني
- اعلم، لقد قرات ذلك الجزء يا "وقح البرية"
طنطن ذلك اللقب في اذنيه اذ انه منذ زمن لم يسمعه، كانت ايام حزينة بسبب انفصاله عن خطيبته لكنها في الوقت نفسه كان سعيدا بإزعاج اريج، تهربت منه ابتسامة صغيرة فقال تامر، " كما قرأت اشياء اخرى"
فتح الدفتر ليبدأ بالقراءة عاليا فصاح اريج:
- حسنا اترك خصوصيات اختك جانبا، ليس من المناسب ان تتدخل هكذا بشؤون الناس
نظر اليه تامر ساخرا ليقول:
- انت اخر من يحق له ان يقول هذا الكلام
هز تامر كتفيه بمرح ليقول:
- وانا متأكد ان هناك الكثير تود معرفته اثناء تواجدك في فرنسا
- هل قرأته كاملا؟
تجاهل سؤاله ليكمل:
- ربما تكتشف انه لديك سبب وجيه لتحطيم وجه صديقك الاحمق
- صديقي الاحمق!
- لؤي ابن عمي
تفكر قليلا ثم قال:
- اتقصد لان والدها منعها من النت بسببه؟...
نظر اليه ساخرا ليقول:
- منعها من النت!... أهذا كل ما يهمك؟... لانها انقطعت عنك... ولم تهتم بانه ضربها حينها ضربا مبرحا حتى انقطعت عنا في غرفتها لايام!...
قالها تامر بحقد بينما نظر اليه جواد مستغربا ليقول:
- متى حدث ذلك؟
- الم تخبرك؟
هز رأسه نفيا ثم قال:
- لو اخبرتني لحطمت وجهه حقا... علما اني كدت افعل ذلك لولا ان منعني اخي
صمتا لبرهة متفكرين حتى قال تامر:
- على كل حال ام اتي لاطلب منك تحطيم وجه لؤي، لكن انا متأكد ان هناك الكثير من الاحداث غير هذا الذي اخبرتك عنه لا تعرف بهم، وبالطبع هم اكثر اهمية، ان كنت مهتم بمعرفتهم
صمت جواد يستمع اليه بحذر اذ يعلم انه لن يعطيه الدفتر لسواد عينيه فاردف تامر:
- هات 17 علامة
رفع جواد حاجبيه ثم قال:
- يؤسفني ان اقول لك ان ذلك مستحيل، فاولا انا لا اقبل رشاوة، ثانيا علامتك لا تحتمل 17 علامة زائدة
- ماذا تقصد!
- ان زدت لك 17 علامة ستكون علامتك 22/20 وتلك العلامة لا يجمعها اذكى من في الصف فكيف بمستهتر مثلك
قال تامر مذهولا:
- لا اصدق اني جمعت في الفزياء اكثر من في علوم الخياة، ان اختي فاشلة بالتعليم فعلا
عاد لينظر تامر الى يوميات اريج ليقول:
- حسنا... يبدو انك تنازلت عنه، انا متأكد ان الكثير كان ليتغيير لو قراته
اعاده لحقيبته بينما يراقبه جواد الى ان اختفى كليا وانصرف فانصرف جواد خلفه...
---
كان ايمن جالسا في مقهى على البحر مع اصدقائه، ابعد وجهه المبتسم عنهم حين سمع رنة الواتساب ليتجهم فجأة عند قراءة ما وصله، نظر اليه سليم مستغربا:
- هل هي نوال؟
- لا انها اريج... تحاول مساعدتي على استرجاع نوال، لكن كما يبدو انها ايضا فشلت
- اريج!... لكنك لم تكن تثق بها، وكانت اصل مشاكلك مع نوال
- هذا صحيح، لذلك طلبت منها ان تهتم بالامر شخصيا عسى ان تصحح فكرة خاطئة زرعتها اريج بعقلها منذ زمن
- وماذا لو فعلت العكس
- حسنا... لا اظن انه يمكنها ان تفسد الامر اكثر مما هو عليه
التفتت جلنار اليهما لتقول:
- هل تتحدثان الى اريج صديقتنا؟
هز ايمن راسه ايجابا فقالت:
- هات الهاتف دعني اكلمها
ناولها الهاتف لتتصل، وضعت الهاتف في اذنها، لم تنتظر ثوان حتى نظرت الى الهاتف مستغربة لتقول:
- لما اغلقت الخط؟ هل تشاجرت معها؟
قال بحزن:
- لا... اريج التي نعرفها لم تعد موجودة... اريج هذه مختلفة، دائما الانشغال بالكاد تملك وقت لتكلمنا، كما انها... حسنا انها مختلفة كليا
نظرت اليه مستغربة فقالت:
- دعنا نذهب لزيارتها في المنزل
تفكر بالامر قليلا ثم قال:
- اظنها فكرة حسنة
---
صاحت الام:
- اريج... لقد اتى اصدقاؤك لزيارتك
ابعدت اريج نظرها عن كتابها مستغرلة لتجد جلنار على باب غرفتها، اسرعت جلنار اليها لتعانقها قائلة:
- ايتها الغبية لقد اشتقت لك، اين اختفيتي عنا كل هذه السنوات
ابتعدت عن اريج لتنظر الاخرى بحرج وتقول:
- اسفة لكني كنت منشغلة جدا بين الدراسة والتعليم
- لا بد انه كان لك اوقات فراغ ولو القليل، فجاة الغيت الفيسبوك ولم يكن لديك هاتف للتواصل معك وانا... اخ حسنا لقد تزوجت من سليم وقد كانت بداية حياتنا صعبة جدا
- اعلم فقد اخبرني ايمن
- حقا... تتواصلين معه ومعنا لا
- في الواقع حدث ذلك مؤخرا فقط، لقد انقطعت عن العالم اجمع منذ زمن
- حسنا آن لك ان تخرجي للعالم مجددا... اتركي ما في يدك وهيا معنا
- لا لا لا... الا ذلك، اننا في وضع صعب من السنة ولظي الكثير من الامتحانات لاصححهم
- لا بأس... سنساعدك... فقد درسنا كل تلك الدروس، سوية ان تذكرين
حاولت اريج ان تتذكر لكنها لم تذكر الا وجه قمر الليل اذ انها كانت تقضي اوقاتها كلها بالتفرج عليه، ربما السنة الاخيرة من الثانوية اختلف الامر بعد مجيء جواد، ورغم ذلك لم يسهل عليها امر التركيز على الدرس
سحبت جلنار الاوراق من يدها لتتوجه الى غرفة الضيوف قائلة:
- يا شباب، اريج تحتاج مساعدة
ركضت خلفها اريج محاولة منعها فقالت جلنار:
- كفي عن الشكوى وبسرعة احضري لنا بعض اقلام الحبر الاحمر
- جلنار هذه ليست لعبة، انه مستقبل تلاميذ
- لا بأس... سنتهاون معهم... هكذا لن يرسبوا بسببنا
خرج تامر من غرفته ليقول:
- الم يكن بامكانك ان تات امسا، لقد اعطتني علامة 2 فقط والان سارسب هذه السنة ان لم امضي كل وقتي بالدراسة لامتحانات اخر السنة
التفتت جلنار لتنظر الى المتكلم فتقول:
- يا اللهي... لا تقل انك ذلك المخلوق الصغير
صنع وجه مشمئز ليقول:
- ذلك المخلوق الصغير
- لقد كبر اخوك يا اريج، هل تعلمينه انت في الثانوية؟
- اجل للاسف
- لماذا؟!
- لا تنفك تاتيني الشكاوة عنه حتى اضحيت افكر ترك التعليم في الثانوية
- تامر: ليس الذنب ذنبي، انهم لا يتقبلون المزاح الثقيل
فرطت جلنار ضحك لتقول:
- تعال وانضم الى شلتنا نحن نحب المزاح الثقيل
- اريج: جيد... خذوه بدلا عني
- تامر: اسف لكن شلتي لا غنى لها عني
- ونحن ايضا لا غنى لنا عنك اريج، هيا احضري لنا اقلام حبر احمر واذهبي لتجهيز نفسك لتخرجي معنا
- لن تفعلوا ذلك
- بلا هيا
اسرعت جلنار الى غرفة الضيوف لتقسم الاوراق بين ايمن وسليم ثم طلبت من تامر ان يحضر قلمين لهما للتصحيح وسحبت اريج معها لغرفتها قائلة:
- لا تقلقي، تعلمين كم كانا ايمن وسليم ذكيين في الثانوية
- يا اللهي، سأضطر ان اراجع كل الاوراق بكل الاحوال بعد التصحيح
- افعلي ذلك ان كان يريحك نفسيا ولكن تأكدي انك لن تضطري ان تغيري شيئا من تصحيحهم، الان هيا...
فتحت خزانتها لتبتسم ببلاهة فتقول:
- اين ملابسك؟
نظرت اريج في الغرفة حولها لتضرب جلنار على رأسها