في القرنين السابع عشر و الثامن عشر سادت ظاهرةٌ غريبة في أوروبا عموماً والدنمارك خصوصاً و هي ظاهرة "القتل الانتحاري". القتل الانتحاري معناه أن يرتكب الإنسان الراغب في الموت جريمة قتل لينفذ فيه حكم الإعدام بدلاً من الانتحار. لم يكن وارداً بالنسبة للانتحاريين المخاطرة بارتكاب جريمةٍ بسيطة لكي لا ينتهي بهم المطاف في السجن، أو يحكم عليهم بقطع إحدى اليدين. إذا أرادوا أن يُعدموا فعليهم ارتكاب جريمة قتل !! إحدى مرتكبات جرائم القتل الانتحاري كانت امرأةً تدعى "سيسيليا جوهانسداتر". كانت سيسيليا امرأةً في الثانية و العشرين من عمرها و كانت تعمل خادمة. كما أنها كانت أماً عزباء في زمنٍ كان فيه الطفل خارج نطاق الزواج يشكل وصمة عارٍ كبيرةً لأمه. توقف خطيبها عن زيارتها وفسخ الخطوبة لذلك عزمت سيسيليا على الانتحار و لأنها ستخلد في الجحيم إذا قتلت نفسها غيرت سيسيليا رأيها وقررت ذبح طفلها البالغ من العمر أربعة أشهرٍ فقط ! لم تحاول سيسيليا إخفاء فعلتها بل كانت سعيدةً لأنها ستعدم بسبب جريمتها هذه.. و بالرغم من الصدمة الكبيرة التي يثيرها مشهدٌ كهذا إلا أن سيسيليا لم تكن الشخص الوحيد الذي يرتكب جريمة الموت من أجل الانتحار فقد تكررت هذه الجريمة آلاف المرات ! في أواخر العام 1848 قتلت امرأةٌ هولنديةٌ أطفالها الثلاثة لكي يتم إعدامها المرأة الموصوفة في سجلات المحكمة بأنها متدينةٌ جداً أوضحت بأنها كانت مكتئبة فقد أصبحت مهووسةً بفكرة أن أطفالها سيذهبون إلى الجنة إذا قتلتهم . و أضافت أنها هي نفسها ستذهب للجنة لأنها تابت قبل أن ترسلها السلطات إلى حبل المشنقة و ذلك أفضل بكثيرٍ من الانتحار و الحكم على نفسها بالجحيم الأبدي. "آن ماريا ترولسديتر" هي أمٌ أخرى قتلت طفلها الرضيع لأنها كانت مكتئبةً من فقرها الشديد و قبل إعدامها طلبت من الملك السماح بدفنها بجوار طفلها الذي قتلته و سمح الملك بذلك. أعدمت آن مخلفةً وراءها ثلاثة أطفالٍ آخرين بلا أمٍ ترعاهم. في العديد من البلدان الأوروبية كانت جريمة العقوبة محددة على سبيل المثال حكم النساء اللاتي يقتلن أزواجهن في إتكلترا كان ا لحرق على أعمدة الخشب في حين كان حكم قتل النساء لأطفالهن هو الإعدام شنقاً. لذلك كان معظم ضحايا القتل الانتحاري من الأطفال.
و على الرغم من أن غالبية مرتكبي هذه الجرائم كن من النساء إلا أنه تم تسجبل حالاتٍ لرجال قاموا بجرائم القتل الانتحاري أيضاً.
في عام 1733 على سبيل المثال ارتكب جنديٌ يدعى "كارل هاينريك مينسين" جريمةً لإنهاء حياته عندما كان يسير في الشارع و أطلق النار على بحارٍ من الخلف بشكل عشوائي. أوضح كارل للمحكمة بأنه مصابٌ بالاكتئاب و قد ارتكب جريمة القتل للتخلص من حياته. يقول أحد المؤرخين :
"حتى أن أحد القتلة كان يغني و هو في طريقه إلى المشنقة لقد كان يسير بفرحٍ نحو إعدامه معتقداً أنه لم يكن بإمكانه القيام بذلك بنفسه لأنه لو فعل فسوف يصبح ملعوناً". تابعنا ..... |
التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 08-11-2018 الساعة 08:44 AM |