01-07-2019, 12:57 AM
|
|
تجاوَزَ مخرجَ المطار الزجاجيّ و وقفَ عنده يُحرّك رأسه بهدوء جاعلا عيناهُ البُنيّتان تحومان علّهُما ترصُدانِ هيئةً مألوفة. _ تأملَ الساعة الرقمية من خلالِ خُصله النيليّة الواقعةِ على جبينه بإهمال. الخدرُ استوطنَ تلكما العينانِ بحدودهما المُحمرّة. تاركا ذراعه تسقط على جانب الأريكة، استلقى على بطنه و خضعَ للوهَن. تجاوزت الواحدة ظُهرا بالفعل. تذوّق طعما مالحا عندما انزلقت تلك القطرة من خلال محجره و انسلت بين شفتيه، مالحة، سيئة الطعم، مريرةٌ في نفسه. ليتبعها وابلٌ تساقطَ بلا هوادة يُبلّل محجريه. " أنا آسف " خرجت من بينِ أنفاسه كهمسِ الريح. - أقفلَ الزّر العلوي لمعطفه الرمادي الطويل مع احتدام هبوب النسائم الجليدية على أرضية المطار. أخذَ هاتفه من جيبه يعبثُ بأصابعه فوق شاشته مُظهرًا آخر مُحادثة بينهما، ليلةَ أمس. " سآتي إليكَ بنفسي " " لا تُرهق نفسك أستطيع القدوم بمُفردي " " لا! أخبرتُك أنني سآتي! .." " لا تفعل " " سيكون كل شيء على ما يرام لا تقلق بشأني، أنا بخير " " ... " " سأنتظرُك إذن " - رنينُ الجرس جعلَ بؤبؤيه يتحركان ببطء شديدٍ نحوَ الباب، أجفانه أكثرُ امتلاءً، مسندُ الأريكة تشبّع بِبَللِ عينيه أصرّ الوافدُ على ضغط الجرس مرارًا، فرفعَ الآخر جسده من على الأريكة و أخذته قدماه الحافيتان صوبَ الباب. فتحهُ ليُطّل عليه المُنتظر، قال بطيفِ ابتسامة: ــ أخبرتُكَ أنني أستطيعُ القُدومَ بمُفردي ابتلعَ الآخر غصّته و ردّد: ــ أنا آسف.. آسفٌ حقًا حنى ظهرهُ بمذلة لينزل رويدا و يستقّر على الأرض، يداهُ تُغطيان وجهه و أصابعه وجدت طريقها لتتشبّث بمقدّمة شعره. أتاه الآخرُ يأخُذ بكتفيه، يدفنه عميقًا في جذعه، و اختبأ الأصغرُ يبتغي في حضنه الآمان. - أنا لا أستيطع مجابهة هذا العالم بمُفردي، لا أستطيع. - لن تفعل. سأكونُ بجانبك _
|
__________________ .. |