عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-16-2019, 09:22 PM
 
فضي







كيف حالكم ؟
هذا هو الفصل الأول اعلم أنه قصير وربما لا يمت للعنوان بصلة لكن سيتبين كل شيء في الفصول القادمة
التصميم الفخم من المبدعة ميار

لم تكن حياتنا يوماً بتلك المثالية ، لكن خيط أمل صغير أخبرنا أن نظل متشبثين به
لم تحطنا عائلة دافئة ، لكن ان كان للصداقة الحقيقية معنى ، سنكون نحن معناها
يقتحم الماضي حياتنا فجأة ، تلك الأحداث التي هربنا من براثنها من قبل أصبحت تحيط بنا فجأة و لاسبيل للخروج سوى بمقاومتها
بينما أنت مشغول بانتشال روحك من جراح الماضي ، وبينما انت تحاول الخروج من قوقعة خوفك
ستتعثر وبشدة أثناء المقاومة ، لكن وقبل أن تبتلعك هوة من اليأس
شيء صغير يسمى الأمل ، يأتي لانتشالك

توسط قرص الشمس لوحة سماوية صافية تتخللها بعض الغيوم الصغيرة مطلقة الإشارة لانتصاف نهار يوم صيفي حار ،
الشوارع هادئة فالجميع في أعمالهم الآن أو ربما يأخذون قيلولة تنادي أي شخص لينالها في هذا الجو بينما القليل من الأطفال موجودون في الحدائق ليستمتعوا بعطلة الصيف غير آبهين بالحر
وبعيداً قليلاً في أطراف المدينة تقبع تلك المنشأة التي احتلت آخر أطراف المدينة بلإضافة إلى الغابة التي توجد وراءهم بينما لا أحد يهتم أن يكون قريباً من هذا المكان فتكفي نظرات الحراس الصارمة أمام البوابة الحديدية الضخمة للمكان التي تجعلك تعيد النظر مئة مرة قبل أن تخطو قدماك هنا
بوابة عملاقة سوداء اللون وجدران عالية وأسلاك شائكة تحيط بهم مع عدد كبير من الحراس ، شيء يلائم واحدة من أفضل الجامعات العسكرية
بينما في الداخل تستطيع أن تستوعب فعلاً مدى حجم المكان بعد أن ترى الفناء الضخم والساحات الواسعة المخصصة للتدريب غير الغابة التي توجد في الخلف التي تستخدم في التدريبات العملية
كما ويوجد الكثير من المباني للإدارة وسكن الطلبة وغيرها ، مكان ممتاز لإخراج أقوى الجنود ، المحققين وضباط الشرطة
وربما يقوم بإخراج مجرمين ذوي مستويات متقدمة في الذكاء؟
لا أحد يعلم
انتظموا واقفين في أماكنهم بينما تبدو الجدية على ملامحهم ، هذه هي سنتهم الأخيرة هنا والفترة التي أمضوها كانت كفيلة بمحو مشاعر الخوف وعدم الجدية من نفوسهم وزرع الانضباط فيهم كناتج للوعي الذي نشأ من أحلام كبرت وترعرعت هنا ، سواء كانت للمجد أم للشهرة
شكلت بداخلهم دافعاً لإتقان كل ما يُطلب منهم هنا
بدأ قائدهم بالمشي بينهم بهدوء وهو يتفرس ملامحهم قبل أن يتوقف أمام شخصين ، ذلك االشاب صاحب الشعر البرتقالي والأعين الذهبية التي ينبعث منها نوع من الهدوء ولمعان غريب من التصميم وتلك الواقفة بجانبه التي تمتلك شعراً فضياً قصيراً بقصة صبيانية وأعين بنفسجية يشع البرود منها ، ورغم الصبيانية الواضحة على مظهرها يمكنك تمييز كونها فتاة بسهولة بسبب ملامحها الجميلة بينما لا يبدو عليها الاهتمام بأي شيء رغم الانضباط في وقفتها لكن ما كان هذا ليخفي البرود الهازيء الذي احتل وجهها
"كريس بلانك ، تينا كويل
سيكون النزال بينكما"
"علم"
نطقها الاثنان بجدية قبل أن ينصرف القائد من أمامهما ويبدأ في تقسيم الباقين لباقي النزالات اليدوية
توجه الاثنان إلى الساحة التي احتضنت بعض المتدربين الآخرين الذين بدأوا نزالهم سابقاً على الأرضية الرمادية الصلبة التي عوقب بعض طلاب السنة الأولى بتنظيفها اليوم مع باقي الساحات الأخرى فظهر انعكاسهم عليها رغم كونه مشوش بعض الشيء
وقفت أمامه مكتفة ذراعيها معاً بينما تنطق ملامحها بالبرود التام وكأنها لا تأبه بأي شيء في العالم ، احنوت نظراتها إليه بعض السخرية المبطنة التي فهمها جيداً ففي آخر نزال لهما كانت هي الغالبة
بينما ينظر إليها هو بهدوء تام وذهبيتاه تشتعلان بالتصميم الذي يفضح رغبته بالفوز هذه المرة رغم الهدوء الذي يزين ملامحه وكأنه جليد مشتعل
نزع سترة التدريب ذات اللون الزيتي الغامق فهي كانت ثقيلة ولن يقاتل جيداً وهو يرتديها في هذا الطقس وبقي بقميصه الأسود ذي الأكمام القصيرة مثل أغلب المتدربين الذين يقاتلون الآن بينما لم تهتم هي واكتفت بإنزال ذراعيها إلى جانبها ، بضعة ثوانٍ مرت وهما لا يزالان واقفين في انتظار أن يبادر أحدهما
رفعت يمناها لتستقر بخفة على خصلاتها الفضية التي تزينها زينة شعر صغيرة بنفسجية اللون نُقشت عليها حروف اسمها ببراعة تامة تظهر على زينة الشعر تلك التي كانت مثبتة على خصلة تنزل على جبهتها
ابتسامة غريبة شقت ملامحها بينما لا تزال بوضعيتها تلك ، ليست ابتسامة تحدي و لا حتى حزن ، بدت تلك الابتسامة أقرب للجنون رغم الهدوء الذي يحيط بملامحها وكأنها ابتسامة قاتل ما يتذكر آخر جرائمه قبل توجهه لساحة الإعدام دون أن يندم عليها ، ابتسامة لطالما حيرت جميع من تقاتلوا معها
خمس سنوات قضاها كريس معها بذات التدريبات كانت كفيلة بجعله يدرك تماماً أن هذه هي الإشارة ليبدأ هو بالهجوم ، لم يتوانَ أبداً في الاندفاع نحوها بسرعة جاهزاً لتسديد ضربة نحوها
سدد بقبضته لكمة إليها لكنها استطاعت إمساك يده بآخر لحظة ، هل حاول ضرب فتاة؟
حسناً ، لقد تعلم في هذه الجامعة أنه قد يواجه خصوماً إناثاُ أيضاً وعليه مواجهتهن
لم تمر لحظة لتسدد ركلة بقدمها إليه بينما لا تزال قبضته محبوسة بيدها مما دفعه للقفز متراجعاً للوراء بينما يسحب يده منها بعنف
وكما هي العادة في جميع قتالاتها ، فور أن تبتسم تلك الابتسامة الغريبة التي بمثابة إشارة بدء القتال تتحول ملامحها إلى العدائية الشديدة رغم البرود الذي لا يترك هذه الملامح مما يجعلها أشبه بقاتلة بدم بارد
لطالما كانت كتاب أسرار بالنسبة له ورغب في استكشافه ومع هذا لم يسمح لفضوله يوماً بالخروج عن السيطرة
فور ابتعاده عنها قليلاً هجمت مجدداً بسرعة فائقة جعلته يفقد تركيزه قليلاً فباغتته بلكمة مباشرة لوجهه كاد يسقط أرضاً بسببها لولا تماسكه بآخر لحظة
ابتعد مسافة جيدة قبل أن يهجم عليها هو الآخر وقد عزم على تنفيذ ما تعلمه خصيصاً لأجل قتاله معها
لكن وقبل أن تصل يده إليها توقف مكانه وهي أيضاً حدث لها المثل بعد أن كانت تنوي إنهاء القتال وهزيمته
بدأ جميع المتدربين بالنظر إلى السماعات المثبتة في عدة جهات في زوايا المباني المحيطة بالساحة قبل أن يسمعوا صوت رئيس الجامعة
"تتوقف جميع التدريبات لهذا اليوم ، أرجو أن يعود الطلاب إلى السكن ويمنع الخروج منه حتى الغد"
نظروا لبعضهم باستغراب فهذه المرة الأولى التي يسمعون بها أوامر مباشرة من رئيس الجامعة لكنهم لم يماطلوا وبدأوا بالانصراف وسط تذمرات خفيفة من البعض لعدم قدرتهم على إنهاء نزالاتهم
تنهد كريس ببعض الخيبة فلطالما كان ينتظر قتالاته مع تينا فقتالها معه دائماً يجعله يكتشف نقاط ضعفه
التقط سترته وبدأ بالابتعاد عن الساحة وهو يغلق أزرارها لكنه توقف مكانه وعاد إلى ساحة التدريب بعدها موجهاً أنظاره لزينة شعر صغيرة كانت تلمع تحت ضوء الشمس
نظر إليها باستغراب بعد أن علم هوية مالكتها ، هو يدرك تماماً أن هذا الشيء هو أكثر ما تحافظ عليه تينا و كأنه كنزها الثمين واستغرب كيف قامت بتركه بإهمال هكذا
بدأ يجول المكان بعينيه حتى لمح ظلها بينما تتوارى خلف سكن الفتيان ، زادت ريبته من الموضوع فقرر تحري الأمر حتى ولو عنى هذا تأخيره قليلاً عن العودة فمشى بهدوء بدأ ينتفض مع تسارع خطواته قبل أن يصل إلى مبنى السكن ، أخذ نفساً عميقاً و هو يخبر نفسه ألا داعي لهذا القلق غير المنطقي ثم التفت متجهاً إلى خلف المبنى
قطب حاجبيه باستغراب حين رآها وحدها تمشي بترنح كأنها ثملة و قبل أن يسعفه الوقت للنطق بشيء اتسعت عيناه برعب تزامن مع ارتفاع صوت انفجار مدوٍ في الأنحاء
التفت سريعاً إلى الخلف في حين تجمد كل جسده و برود غريب بدأ يتسلل إلى أطرافه ، العرق الذي بدأ بالانسياب فوق جبينه رغم شعوره بالبرد ، الارتجاف الذي بدا واضحاً في يديه ، التسارع الذي أصاب نبضات قلبه بطريقة آلمت صدره ، الرغبة في الهرب إلى مكان ما
هذا الشعور الحقيقي بالخوف ، ظهر مع انعكاس لهيب أحمر على عينيه
لوهلة صغيرة أثناء وقوفه هناك ، تسارعت ذكريات عقله لتثبت على ذكريات ذلك اليوم وكأنها تذكره أنه لا يجب أن ينسى أبداً ما أوصله لهنا ، ها هي ألسنة اللهب تتصاعد مجدداً آخذة معها العديد من الأرواح الأخرى
في ذلك اليوم ، توقف الزمن مجدداً ليشهد على بشاعة البشر ، و مع اختلاف وجوه الضحايا ، مع اختلاف دوافع الجناة تبقى تلك البشاعة وكأن الزمن يعيد نفسه في حلقة طالت الجميع بالفعل ، مذكرة إياهم أن هذا الخوف الذي عاشوه في حياتهم من قبل ، سيدق حصونهم بأسوأ طرق ممكنة
-انتهى-

وفي كل مرة تتكرر فيها المآسي ، يلزمنا خيط أمل صغير لنواجهها
نحن لسنا بتلك القوة ، لكن ضعفنا لن يعيقنا عن الفوز
يحق لنا العيش ونحن سنتمسك بحقنا حتى النهاية

#لنرتقی


__________________



NOTHING,
EVERYTHING


التعديل الأخير تم بواسطة مَنفىّ ❝ ; 05-17-2019 الساعة 05:11 AM