الموضوع: بَنَفْسَجٌ
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-19-2019, 01:03 AM
 
ذهبي بَنَفْسَجٌ




قصة جميلة مثلك نورتي
Y a g i m a


لم أبقَ سوى بضع دقائق هناك، كان عالمًا مليئًا بما أحبّ من الزهور الأرجوانية.

استيقظتُ من نومي على إثر صوت ينادي باسمي، استرجعتُ ذكرياتي بذاك المكان، هل كان حلمًا؟ لا أعتقد.
نظرتُ وقتها إلى يدي إذ وبتلك الزهرة التي أمسكتها مازالتْ فيها، تملكتني الصّدمة من الأمر أنْ كيف حصل هذا !! حملقتُ بها لتأكيد الأمر حتّى جاء على مسمعي ما أذهلني :

- سأنتظركِ.

انتفضتُ من مكاني بحثًا عن من كلّمني، ولكن .. لا أحد غيري في الغرفة، أخرجتني أمّي من ذهولي بدخولها وهي تضع يدها على خصرها.

- كم مرّة عليّ أن أناديكِ حتّى تستيقظي !!

شعرتُ بالغباء، فقلتُ :

- إنّني آسفة يا أمّي لن أكررها.

وضعتُ يدي أسفل شعري بتوتر.

- هيا إذن، الفطور جاهز.

قالتها بعصبية طفيفة وخرجتْ، تنفّستُ الصّعداء ووضعتُ الزهرة في إناء الزهور الموجود في غرفتي ونزلتْ.

نحن نعيش في قرية هادئة جدًا، بيتنا موجود خلف قمّة جبل مكسوّ بالعشب الأخضر اللامع .. والدي قد توفّي مذ كنتُ في سنّ صغيرة، أحبّ الرسم كثيرًا فدائمًا ما أخرج لرسم ما حولنا من أماكن، خَطَطْتُ بيدي هذه ما رأيته، كان مكانًا واسعًا مليئًا بالزّهور الملوّنة ولاسيما الأشجار ذات الألوان الزاهية، وما لفتَ انتباهي أكثر من ذلك هو ذلك الظلّ المختبئ بين الأشجار، ركضتُ تجاهه بإصرار ولكنّني لم ألبث أن وقعتُ أرضًا، وقتها وجدتُ تلك الزهرة أمامي فأمسكتها بقوّة .. كان هذا نهاية حلمي.

غطّتْ سماء الليل قريتي بغطاء الظلام، وأنارتْ نجومه درب السّفير، استلقيتُ على سريري لأفكّر بعمق، كان يومي حافلًا بالتّفكير الشّغوف بالسّرّ العميق، نمتُ والتعب قد أرهقني.

فتحتُ عينيّ براحة تامّة، لامس جسدي شعور كنتُ نسيته من الماضي السّحيق، إنّه نفس المكان .. وقفتُ وكلّي شوق في رؤية المُنادي، بدأتُ أبحث في كلّ مكان حتّى رأيته، لا بل حتّى رأيتها، التفتتْ نحوي وابتسمتْ .. سُحرتُ من بسمتها الراقية، كانتْ جميلة جدًا بشعر أسود لامع كسماء الليل المضيئة وعينين زرقاوتين، أمّا أنا فذو عينان وشعر بنيّ اللون .. نادتني بصوتها الأسير :

- كنتُ في انتظاركِ، يا ليزا.

- في انتظاري !!

- أجل، فأنا أحبّكِ يا صديقتي.

أخذني الحديث معها إلى السعادة الغامرة، وكأنّها جاءتْ لي لتجعلني أحبُّ نفسي أكثر، كنتُ أنظر لها كالعاشق فقد أخرجتني من ظلمة الوحدة التي أعيشها، سألتها ونظرات الحبّ تملؤني :

- ما اسمكِ؟ وكيف تعرفينني؟

ضحكتْ وقالتْ :

- أنا يا صديقتي اسمي روزا، وأنا أعرفكِ لأنّني موجودة هنا.

وأشارتْ بإصبعها نحو رأسي، شعرتُ بالخجل والذّهول من الأمر.

ولأوّل مرّة في حياتي أستيقظ براحة واطمئنان، ذهبتُ لأمّي لأخبرها بأنّني سأذهب للرسم خارجًا، فوجدتُها ترتّب الزهور من نوعي المفضّل في إناء مزيّن، عقدتُ حاجبيّ وسألتها :

- من أين أحضرتِ هذه الأزهار؟

نظرتْ نحوي وقالتْ بابتسامة :

- استيقظتِ.

- لمْ تجيبيني.

- يبدو أنّكِ لا تذكرين، عندما ذهبنا قبل البارحة لبيت جدّتكِ وكنتِ في حديقة منزلها قطفتِ هذه الأزهار، وقد امتنعتِ عن إفلاتِ واحدة منها.

أنهتْ كلامها وضحكتْ بخفّة، رغم أنّه كان حلمًا إلّا أنّ الواقع جعل منه وكأنّه حقيقة، بادلتُ أمّي الضحك ومارَستُ حياتي وكأنّني ولدتُ من جديد.


__________________



🔸ابتَسِم ، مادامَ حُزنُكِ لايهُمُ الآخَرينْ 🌟



التعديل الأخير تم بواسطة Y a g i m a ; 08-20-2019 الساعة 11:40 PM
رد مع اقتباس