أشغلوا المسيئين بأنفسهم!!
أكرم كساب
لماذا يقف المسلمون دائمًا موقف المدافع بعد أن يضعهم أعداؤهم في قفص الاتهام؟ يتلقفون الضرب من كل مكان، وعلى كل صعيد، وفي كل مجال، حتى أصبحوا كلا مباحًا؛ يعيث فيه من شاء وقتما شاء، ما شاء من الفساد، حتى عكف الدعاة والمصلحون في كل وقت وفي كل زمان يدفعون شُبَه القوم، ويردون إفكهم. ولا أدل على ذلك من موقف المسلمين الآن؛ فلم يكد المسلمون يفيقون من أحداث الصحفي الدانماركي المغمور، حتى خرج بابا الفاتيكان بتصريحاته المؤسفة عن الإسلام ورسول الإسلام عليه الصلاة والسلام.
ولو أن القوم شُغلوا بترهات دينهم، ومضحكات عقيدتهم لأجهدناهم أي جهد، وشغلناهم كل مشغل، ولا شك أن هذا الأسلوب قد يصلح في وقت من الأوقات أن يكون وسيلة لدعوتهم إلى الإسلام، إلى جانب الوسائل الأخرى، ويكفي إن لم يهتدوا للإسلام أن يشغلوا بمراجعة دينهم وإعادة النظر في كتبهم.
إن تهم القوم للإسلام لا تعدو إلا أن تكون اتهامات غير موضوعية، وشبههم ما هي إلا شبهات جزئية، قد توقع إشكالا في نفوس العوام من الناس، أما هم فإن دينهم لا يقف على قدم ولا ساق، وما يتمسك به هؤلاء الآن ما هو من ديانة المسيح في شيء، ويمكن القول: إنه لم تنتشر مقولة في دنيا الناس أشد بطلانًا وأبعد عن المنطق من قول النصارى: إن المسيح هو الله أو ابن الله، أو يشكل مع الأب والروح القدس "شركة مساهمة" ثلاثية يتكون منها الإله!!.
إن لدى أمتنا رصيدًا زاخرًا وتراثًا كبيرًا، ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، وما كتبه تلميذه ابن القيم في "هداية الحيارى"، وما كتبه الشيخ رحمة الله الكيرانوي في كتابه القيم "إظهار الحق"، والجهد المشكور الذي قام به الداعية أحمد ديدات -رحمه الله- وغير ذلك كثير، إذن فلنشغل القوم بأنفسهم، ولنعري لهم سوأتهم، لينشغلوا بستر عوراتهم قبل أن يتطلعوا إلى مواجهة غيرهم.
يقول الداعية أبو الحسن الندوي -رحمه الله- في تقديمه لكتاب العلامة رحمة الله الكيرانوي "إظهار الحق"، مادحا أسلوب العلامة -رحمة الله- وخطته الهجومية: "وهكذا ظهر هذا الكتاب إلى حيز الوجود ويمتاز بعدة ميزات، منها: أن المؤلف آثر خطة الهجوم على خطة الدفاع، التي ما تزال أقوى وأكثر تأثيرًا في النفس، فإنها تلجئ الخصم إلى أن يتخذ موقف الدفاع، وأن يقف في قفص الاتهام، ويدافع عن نفسه وينفي التهمة.
لذلك لما طُبع كتاب العلامة رحمة الله الكيرانوي، أثار ضجة كبرى في الأوساط النصرانية، ناهيك عما كتبته صحف إنجلترا تعليقًا على هذا الكتاب: "لو دام الناس يقرءون هذا الكتاب لوقف تقدم المسيحية في العالم". وقد اشترى القساوسة كميات كبيرة من طبعات الكتاب، وأتلفوها إحراقًا وإبادة لمنعه من الانتشار().
وقال أيضًا مادحًا موقف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح": وقد كان شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية موفقًا كل التوفيق في إيثار خطة الهجوم في كتابه().
نماذج من عقائدهم
وهنا أشير إلى بعض النماذج من عقائد القوم وأباطيلهم؛ حتى نشغلهم بباطلهم، قبل أن يرموا ديننا بما ليس فيه.
الله جل جلاله عندهم:
انظر إلى تصوير الله عندهم في العهد القديم؛ إنه إله لكنه يتعب، وإذا تعب استراح، وهو يتمشى في الجنة، ويسمع آدم صوت ربه، فيختبئ منه، ويبحث الإله عنه فلا يجده، ويصارع النبي يعقوب هذا الإله، فتكون الغلبة في داخل الحلبة ليعقوب، فلا يتركه يعقوب حتى يباركه فيسميه إسرائيل!!.
الأنبياء في اعتقادهم:
وأما صورة الأنبياء التي تؤخذ من العهد القديم، فهي على النحو التالي:
1. نوح سكير.
2. يعقوب ابنته زانية، وأولاده مجرمون سفكة للدماء.
3. لوط سكير عاهر زانٍ، وبمن؟ بابنتيه.
4. داود يزني بزوجة قائده، ثم يوصي بقتله في ساحة القتال.
اختلاف الأناجيل في نسب عيسى:
إنجيل متى ينسب المسيح إلى يوسف بن يعقوب، ويجعله من نسل سليمان بن داود عليهما السلام، وجعل عدد الآباء سبعًا وعشرين أبًا.
أما إنجيل لوقا فينسبه إلى يوسف بن هالي، ويجعله من نسل ناثان بن داود، ويجعل عدد الآباء اثنين وأربعين أبًا، فأيهما أصح؟.
اختلاف الأناجيل في طبيعة عيسى:
ثم داهية الدواهي اختلافهم في المسيح عليه السلام، هل هو نبي أم أنه ابن الله، أم أنه الله، أم أنه ثلاثة في واحد؟! ومن الذي قُتل: الإله الابن أم الإله الأب؟ وإن كان هو الإله الابن فلماذا تركه الإله الأب؟ وحين قُتل الإله من الذي كان يدبر الكون وما فيه؟.
الفداء يناقض نصوص الإنجيل:
إن خلاصة المسيحية كما يقول أحد الفرنجة: "إن الله قتل الله لإرضاء الله"!!.
إذا سألتهم: لماذا قتل المسيح أو صُلب؟ يقولون: ليكفر خطايا البشر.
ثم إن القارئ لأية نسخة من نسخ الإنجيل المتعددة، وأنواعه المختلفة، وترجماته المتباينة، يرى أن هذه النصوص تتعارض مع فكرة الفداء الذي قام به عيسى كما يتوهمون، وتأمل معي هذه النصوص التي تثبت أن كل إنسان يتحمل نتيجة فعله الذي اقترفه.
ألم يقل الرب كما يعتقدون في سفر العدد: "اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟" (16: 22).
ألم يأت في سفر التثنية: "لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ" (24: 16).
أليست هذه النصوص التي يؤمن بها القوم تناقض هذه الفكرة الجائرة الظالمة؟.
وإذا تركنا هذه النصوص جانبا، واستعملنا العقل الذي هو جوهر التكليف، أليس من حق هذا العقل أن يطرح هذه الأسئلة:
إذا كان الرب من صفاته العدل؛ فأي عدل عنده حين يأمر بقتل ولده لتكفير خطيئة خلقه؟ وإذا كان الرب من صفاته الرحمة؛ فأي رحمة عنده حين يترك ولده يستغيث ولا مغيث حتى يُقتل؟.
لماذا سكت الرب أو الإله كل هذه المدة دون أن يكفِّر عن البشر ذنوبهم؟ ألم يكن من الأفضل أن يأمر الرب عباده أن يستغفروا ثم يتوب عليهم؟.
فضائح لحقت بالكنيسة
ثم ما هذا الملف الأسود في تاريخ الكنيسة؟ قساوسة يُتَّهمون بالشذوذ الجنسي، وراهبات يحملن من السفاح، ورفات الأجنة والأطفال التي ملأت ساحات الكنائس والأديرة تشهد على ذلك.
في إبريل 1993م خرجت مظاهرة للمطالبة بحقوق الشواذ في واشنطن، شارك فيها 1500 من الزيجات اللوطية (رجل ورجل) في حفل زفاف جماعي، وكان هذا بحضور القساوسة لمباركته وتكريسه، وحملوا أشجار الأرز كتميمة للوقاية من الحسد.
وقد دخل اللوطيون والسحاقيات الكنيسة الإنجيلية، وأصبح لا مانع من رسامة وتكريس الشواذ جنسيا؛ بشرط أن يحافظوا في سلوكهم العام على قواعد "الرهبنة" كغير متزوجين، وخدام لا يمارسون الجنس، ومع انتشار اللوطية وجد موظفو الكنيسة أنفسهم تحت ضغط متزايد لقبول خدام مصرين على حقهم في الممارسة الجنسية صراحة؛ ففي سان فرانسيسكو تم تنصيب اثنتين من السحاقيات كانتا متحابتين معًا، نصبوهما كقسيستين راعيتين بالكنيسة.
وفي تقرير لكل من "رويترز وأسوشيتد برس" بتاريخ 26-12-1421ه & 21-3-2001م، اعترف الفاتيكان بصحة تقارير صحفية تحدثت عن انتهاكات أخلاقية في صفوف الكنيسة، وقالت: إن قساوسة ورجال دين كبارا أرغموا راهبات على ممارسة الجنس معهم، وأجبرت أخريات على الإجهاض.
إن سؤالا يدور بخلد كل إنسان يقرأ الإنجيل، وعرف هذا الواقع المر داخل الكنيسة: هل أثرت كلمات الإنجيل في ظهور هذا الشذوذ داخل الكنيسة أم ماذا ؟
إن المتأمل لكلمات ما يسمى بالعهد القديم أو الجديد يرى ألفاظا خادشة للحياء، يعجز الإنسان الحيي أن يقرأها بين أهله ونسائه، أو على ملأ من الناس، وهذا ما جعل الشيخ أحمد ديدات يتحدى القس جيمي سويجارت في المناظرة المشهورة أن يقرأ نصًّا من هذه النصوص، لكن القس المذكور كان شديد الجرأة والوقاحة فقرأها دونما استحياء.
هل المسيحية دين المحبة والسلام؟
ولكني أختم هذه التساؤلات بهذه المقولة التي شاعت عند النصارى وغيرهم، حتى اقتنع النصارى بها، وحاولوا إقناع غيرهم بتصديقها، فصدقهم من صدقهم، واقتنع بكلامهم من اقتنع، وهي: أن المسيحية دين المحبة والسلام.
وهؤلاء القوم يستشهدون ببعض كلام أناجيلهم لإثبات ذلك، لكن هل هذه النصوص التي يختارونها هي وحدها كلام الأناجيل؟
والحق أن هناك كلاما آخر للأناجيل ينافي هذا، بل يدعو إلى الحرب والقتال، ومن ذلك:
1- "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما بل سيفا" [متى: 10: 34 – 36].
2- "وإن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما، إن سمع منك فقد ربحت أخاك، وإن لم يسمع فخذ معك أيضا واحدا أو اثنين، لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة، وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار" [متى: 18: 15 – 17].
3- "أتظنون أني جئت لأعطي سلاما على الأرض؟ كلا، أقول لكم: بل انقساما؛ لأنه يكون من الآن خمسة في بيت واحد منقسمين ثلاثة على اثنين، واثنان على ثلاثة؛ ينقسم الأب على الابن، والابن على الأب، والأم على البنت، والبنت على الأم، والحماة على كنتها، والكنة على حماتها" [لوقا: 12: 49 – 53] .
والحق أن تاريخ النصرانية يوافق ما ذكرناه آنفا، وقد ساق العلامة الشيخ رحمة الله الكيرانوي في كتابه القيم (إظهار الحق) من تاريخ النصرانية ما يبين أن أفعالهم تكذب أقوالهم، وقد ذكر -رحمه الله- عدة نماذج للمجازر التي قام بها النصارى على مر التاريخ.