الفصل التاسع
كان السكوت والهدوء يعم المكان ولا أحد يتجرأ على الكلام
وكل واحد منشغل بالذي بين يديه وهي : ورقة الإمتحان
ولم يكن يسمع سوى وقع خطوات الأستاذ في بعض الأحيان عندما يدور بين الصفوف
بعد ربع ساعة دق الجرس معلينا نهاية هذا الامتحان
وتنهد البعض منهم بارتياح
والبعض منهم كانت تبدو عليه بوادر الانزعاج , أولئك الذين لم يدرسوا ويستعدوا لامتحناتهم جيد
وكما معروف دائما في الإمتحان يكرم المرء أو يهان
امتلئ الفصل صخبا وهم يتقدمون لمكتب الأستاذ ليقدموا أوراقهم
وبدأ البعض بالانصراف بعد ما قام بالذي عليه
قامت نجوى بارتياح بعدما جمعت أدواتها وهي ممسكة ورقتها " الحمد الله أشعر بأنني أنجزت بشكل جيد لم يكن الإمتحان بتلك الصعوبة التي كنت أتوقعها "
تقدمت نحو الأستاذ الممسك بالأوراق وأعطته ورقتها وانصرفت
وقبل أن تخرج من قسمها
سمعت الأستاذ يناديها : ياا نجوى
نجوى التفتت إليه باستغراب : نعم أستاذ
الأستاذ : تعالي إلى هنا
نجوى عادت أدراجها نحو الأستاذ
منذ أن التقت معه آخر مرة ووعده بمساعتها لم يحدث بينهم شيئ عكس قبل حيث كان يبدو أنه يتعمد إزعاجها
أصبح يعاملها كأي طالبة لديه وهي بعد أن حقدت عليه تلك المرة لأنه احرجها امام الجميع
اختفى ذلك الحقد ونسيت مشاعر الإحراج في ذلك الموقف
فأصبحت تراه كأي أساذ لم تعد تفكر أنه أخو الأستاذ ماجد
لم تعد تعير الامر أي إهتمام يذكر
وقفت أمامه وتكلم فادي بابتسامة لم تعرف نجوى مغزاها : تعرفين أن الإرتياح والفرح البادي على وجهك الآن سيختفي يوم النتائج
عقدت نجوى حواجبها وحسبته يسخر منها : لماذا ؟ فأنا واثقة من إجابتي ، هل بهذه السرعة اطلعت بعد على ورقتي وعرفت نتيجتي ؟!!
أمسك ورقتها و عرضها أمامها
وقال : لا ولكن …. انظري إلى ما فعلته
استغربت نجوى تصرفه ولم تفهم ما يقصد
وتطلعت على ورقتها ففهمت ذلك
فهي كانت قد نسيت كتابة اسمها
ولولا انه لم ينبهها كان عملها كله سيذهب أدراج الرياح
مد لها فادي القلم : دائما ما أقول قبل البداية بالإجابة نكتب الاسم أولا لكي لا ننسى … مفهوم ؟؟
كتبت نجوى اسمها وتطلعت اليه بابتسامة : شكرا على تنبيهي يا أستاذ
دخلت رفيف وخلفها سماح إلى الفصل : ألم تنهي بعد يا نجوى ؟
أم أنك متعلقة بقسمك ولا ترضين أن تتركينه
ضحكت نجوى وهي تمشي معها : لم يبقى إلا أن أتعلق بقسمي
سماح كانت عينيها قد التقطت لحظة تقديم نجوى قلم الأستاذ إليه
وابتسامة فادي فاستغربت في نفسها هذا " مالذي كان يقع هنا
وما سر تلك الابتسامة , يحدث شيئ مريب هنا "
والتفتت إلى نجوى محاولة استعاب ما تقول بعد ما فاتها نصف ما كلامها
********
كانت تتكلم والدموع تغرق وجهها والوجع قد غزى قلبها المنجرح
كمال بأسف : رنيم كفي عن هذا إلى متى سنظل هكذا
إلى متى سأنتظر مضت أكثر من عامين
رنيم بألم : كمال أرجوك أن تفهمني , لدي أخت وحيدة كيف ستركها قلي لا يمكنني ذلك مهما حدث
كمال : لكن إلى متى ؟
سكتت وهي تتطلع إليه بكل ألم وهي لا تملك جوابا وتجهل ما ستقول
كمال توجع لحال رنيم : رنيم لا يمكنني أن أنتظر أكثر
لم أكلمك منذ أسبوعين قلت يمكن أن تشعري بي فقط من أجل موضوع الزواج , ولكن لا زلت مصرة على موقفك
رنيم تحاول أن تتماسك أمامه : لا يمكنني تركها…. لا يمكنني…
فهي أمانة عندي منذ رحيل والدي
كمال بمحاولة أخيرة : فكري بحياتنا يا رنيم … فكري كم ستخسرين … أنا لم أقل تخلي عن أختك إلى الأبد يمكنك زيارتها متى شئتي … أنا أعدك فأنا لن أمنعك عنها
هزت رنيم رأسها بنفي بضعف وانكسار
كمال بأسف :هل هذا آخر كلام عندك يا رنيم ؟؟ ….
غمضت عينيها بألم وهي ترى نصب عينيها أخته فقط
وقلبها يتقطع إلى أجزاء
كمال نهض من مكانه وتكلم بقهر : كوني سعيدة مع أختك
وسكت وخرج
وانهارت رنيم من بعده وهي تبكي بعنف
وشعرت بيدها وهي ترفعها إلى حضنها بعدما سمعت كل ما حدث وعينيها غارقة في الدموع آسفة على حال أختها
رنيم ببكاء : تركني يا نجوى … تركني … يا إلهي أعني
ماذا سأفعل .. ؟؟
نجوى تحاول التخفيف عنها : لا بأس يا أختي …. سيأتي من هو أحسن منه
رنيم : كيف سيأتي … ؟ ما دمت لا أستطيع الزواج وترك هذا البيت
نجوى أحست بذنب كبير " أختي انكسرت بسببي
أختي تركت من تحب من أجلي
أختي تركت مستقبلها مع كمال من أجلي
إلهي ماذا افعل ؟؟
ليس بيدي شيء "
نجوى : انهضي حبيبتي لنذهب إلى غرفت لتستريحي قليلا
ساندتها وأخذتها إلى غرفتها لعلها ترتاح قليلا ووجع كبير في قلبها على حال الذي آلت إليه أختها وكله بسببها هي
*********
جالس في الصالة وهو متضايق مما حدث معه اليوم ومما فعله ولكن لم يكن في يده حل فقد طال انتظاره كثيرا وهو رجل يطمح إلى تكوين أسرة لي يستقر لكن رنيم لم تعطيه فرصة أبدا فكيف سينتظر لأجل غير محدود
ركضت رغد إلى حضنه بمرح طفولي : عمي كمال انظر ما أحضر لي عمي فادي
تطلع إليها بابتسامة ألم
فعشقه الأطفال وكان يتمنى ولكن رنيم ….
ودخل فادي خلفه بمرحه المعتاد وهو يتكلم مع زين : فريقي من سينتصر هذه المرة
زين باصرار : بل فريقي هيا عمي بقي نصف ساعة لبداية المبراة
جلس زين مقابل التلفاز وهو متحمس
وجلس فادي معه بنفس حماسه
نظر إليهم كمال بابتسامة : أطفال ….
********
أمسكت هاتفها بيدها وهي تنفخ على أظافرها ليجف عنها الطلاء الأزرق القرمزي
كانت تتحدث بانفعال: مابك هكذا؟؟ إلى متى هذا الهجران لقد مر عامان على تلك الحادثة ألا يكفي ألم تتعب من الحياة هناك
يجب أن تعود أمي دائما أرى في عينها مدى شوقها إليك
كان يحادثها بهدوء : لا بأس سأعدود قريبا
بعدما أغلقت عنه وهي منقهرة من برودة أعصابه " لا أدري متى ستنتهي غربته كله بسبب تلك الغبية … لن أسامحها أبدا
انتهى الفصل توقعاتكم تسعدني