رد: قصة واقعيه قصتي مع فاطمة وجيونكو وكاثرين ذالك الشاب الكوري الحاقد على فاطمة يريد أن يرى المصحف الذي كان بيدي أثناء تقديم العرض، هذا ما طلبه مني بعد نهاية العرض، فأبعدته عنه فارتعد خوفا وعاد للخلف متفاجئا بردة فعلي، فاعتذرت منه قائلا إن للقران لقدسية خاصة فلا يلمسه أحد حتى المسلمون إلا بعد الطهارة والاغتسال، فتعجب لما سمع وإحترمه ثم سألني هل هذا الكتاب كتاب علمي ، فقلت لا إنما هو كتاب مقدس كلام الله عز وجل الذي أوحاه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وفيه تعاليم وتشريع للحياة كلها وأوامر ونواهي وعبادات وتواريخ...الخ ، أما المعلومات العلمية فكانت تأتي من ضمن سياق الكلام. فقال كيف لي أن أقرأ عن ما قدمته ، فقلت له سأعطيك بعض المواقع التي ستفيدك باللغة الإنجليزية والكورية أيضا، فقامت فاطمة على الفور بإعطائه بعض المواقع وسجلتها له، وكانت في قمت السعادة عندما تحدث لها هذا الشاب باحترام كبير، ليس هو الوحيد فقد استطاعت فاطمة بعد ذالك في تكوين علاقات مع أبناء وبنات جلدتها من الكوريين الذين أصبحوا يقدرونها ويحترمونها ويصاحبونها، فسعدت بهذا الأمر بشكل كبير جدا، فعلا كانت ردة فعل الكوريون مفاجأة بالنسبة لفاطمة. محمد الدرة رحمه الله طير من طيور الجنة بإذن الله، ذالك الطفل الذي هزت عملية قتله على الأيدي الآثمة الإسرائيلية أرجاء الدنيا كلها، حسبنا الله عليهم أجمعين، وأسأل الله العلي العظيم أن يطهر المسجد الأقصى والأراضي المقدسة والأرض الطاهرة أرض فلسطين الحبيبة من نجاستهم أجمعين اللهم أمين. ارتجت الدنيا كلها ولم تهز شعرة في بدن أحد في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى نحن العرب والمسلمون ، لا تتعجبوا فلم نعلم عن أمره شيء، فالإعلام الأمريكي والصحف الأمريكية لم يتطرقوا لهذا الموضوع من بعيد أو قريب، إلى أن جاء هاني الشاب السعودي الذي حزن حزناً كبيرا على المشهد المؤثر وجعلني أشاهد المشهد المؤثر المحزن بالكامل على إيميله الخاص، يا الله ما هذه الوحشية، ما هذا الإجرام، أي نوع من الكائنات هؤلاء القتلة، قتلت الأطفال حسبنا الله عليهم، ولأول مرة نشعر بالغربة فعليا، فقلوبنا نزفت حزنا على ما نرى، ولا يوجد من يشعر بما في نفوسنا من إحساس بالظلم.
في الشهر الثاني لي في المدرسة سجلت في مادة من مواد التحدث وتفاجأت بأن أحد الطلاب الذين يدرسون معي تلك المادة إسرائيلياً، شخص غريب الأطوار، يرتدي الحقيبة المدرسية ويلبس الجاكت من فوقها، شعره طويل ويرتدي نظارات وبشكل عام غريب، اسمه يوفا ( youva ). بالرغم من أني لا أفرق بين اليهود والنصارى في التعامل فكلهم من أهل الكتاب إلا أني لا أستطيع التعامل مع الإسرائيليين المعتدين على أراضينا المقدسة، فلم أحاول أن أتحدث له أو حتى أنظر إليه، في الوقت الذي كثيرا ما كان يحاول الاحتكاك بي أثناء الدرس أو حتى بعد الدرس بأن يوجه الكلام لي فلا أرد عليه، حاول مرارا وتكرارا أن يفتح أي موضوع معي وكنت أتجاهله، وفي أحدى النقاشات كنا نتحدث مع المدرسة المرحة جدا في القاعة عن القهوة ، وهو يحاول بأي طريقة أن يلفت انتباهي وأنا أبعد عنه، ثم علق قائلا نحن في الشرق الأوسط مثل إسرائيل والسعودية نحب شرب القهوة ، قالها وهو ينظر إلي ، فلم أسكت هذه المرة، فجاوبته قائلا: أرجوا أن لا تجمع بيننا وبينكم في أي أمر، ثم أي شرق أوسط الذي تتحدث عنه، قلي من أي البلاد أنت؟ قال إسرائيل ، قلت لا توجد دولة بهذا الاسم تلك المنطقة اسمها فلسطين، لكن أجبني في الأصل من أي البلد أنت؟ أعادها علي قائلا إسرائيل قلت له في الأصل أجدادك من أي البلاد فملامحك غربية وليست عربية فقال بولندا قلت له جيد هذه هي الحقيقة، فقالت المدرسة انتهى الكلام إلى هذا الحد غيروا الموضوع ودعونا نعود إلى القهوة. توقعت أنه سوف يتوقف عن محاولة الحديث إلي بعدها ولكن لا حياة لمن تنادي.
في تلك الأثناء كانت فاطمة قد كونت علاقات كثيرة في المسجد وكانت تتعلم الكثير عن الإسلام وسمعت عن محمد الدرة من المسجد وجاءتني لتسألني عن الأمر وجعلتها ترى المشهد المؤلم ففجعت بما رأت ، ما هذه الهمجية، فشرحت لها تاريخ هذه المنطقة قدر المستطاع، فقالت أتعلم أننا لا نعرف في كوريا أي شيئ عن هذه الأحداث ومنا الكثير الذين لا يعلمون عن فلسطين.
إن هذه الأرض المباركة لا يحكمها الا المؤمنون أو الجبابرة الطغاة، هذا ما قاله الداعية الإسلامي في خطبة الجمعة التي حضرناها وحضرتها فاطمة، فسبحان الله القائل في كتابه ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ 22 قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ 23 ) سورة المائدة.
سبحان الله تلك الأرض المقدسة لا ولن تحرر إلا على أيدي الذين يخافون الله ويؤمنون به ويتقونه حق تقاته وإلا ستضل في أيدي الطغاة والجبارين، أرى في كلام هذا الداعية حكمة بليغة ووصف ونبوءة أقرب ما تكون الى الصحة بشهادة التاريخ.
خرجنا من المسجد وإذا بي أقابل وعلى محض الصدفة زميل لي اسمه محمد كان يدرس معي في الجامعة وقدمنا بعض بحوث التخرج سوية في الرياض ، انه شاب ملتزم وملتحي وترى في وجهه نورا وصفاوة ، وفي ابتسامته سماحة أضاء الله وجهه بالإيمان ، سعدت جدا لرأيته فكان يدرس اللغة في مدرسة أخرى ، وكم كانت سعادته بفاطمة سعادة تفوق الوصف، تقابلت مع محمد عدة مرات في مناسبات مختلفة ، ثم اتفقنا أن نسكن سوية في منزل واحد أنا وهو وفاطمة والقا الكزخستانية، عند امرأة أمريكية وأبنتها المشاغبة المزعجة التي لم تتجاوز أحدى عشر سنة من العمر وكلبهما الصغير للي فكان منزلها كبير فسكنت أنا ومحمد في القبوا وفاطمة والقا في الطابق الثاني، سعدت فاطمة بذالك الأمر كثيرا فكان منزلها الأول بعيد جدا، ما كان يضطرني الى أن أوصلها إذا تأخرنا إلى منزلها ثم أعود إلى منزلي ، ولن أنسى الموقف المحرج الذي وقعت به في أحدى المرات حيث كنت أوصلها، نزلنا من الصاب واي وسرنا مسافة طويلة في تلك الشوارع الساكنة من الحراك والمخيفة من كثافة الأشجار فيها الى أن بلغت منزلها ثم عدت إلى محطة الصاب واي وانتظرت القطار، ما هذا انه شاب عربي : فقلت له السلام عليكم ، فقال وعليكم السلام ، اها انه مصري أزيك يا معلم ، الحمد لله ، اسمك ايه : أسامه، انا فهد من السعودية ، بس أنت بتكلم مصري ، عادي أمي مصرية، بجد، اه ثم سكتنا قليلا، الحمد لله على نعمة الإسلام ، ده الواحد هنا بيشوف حياة غريبة،هذا ما قلته له، طبعا الواحد لما يتمسك بدينة بيكون شيء جميل، هذا ما قاله، ثم قلت: بس والله الحمد لله على نعمة الإسلام الف مرة دول عالم تيهين ومش عارفين أي حقائق عن الدنيا دول مش عارفين مخلوقين ليه، فقال يعني دول في الغرب غير عننا أحنا العرب برضوا احنا مثقفين اكتر منهم، وكان يلوح بيديه بطريقة ملفته لا أعلم لماذا فقلت: يعني العرب الي مش مسلمين زي المسحيين في مصر يعني همه الي مثقفين أوي ياخي، فقال: يعم انا مسيحي انت مش شايف الصليب الي على ايدي من الصبح بلمحلك، صدمت وخجلت قليلا ثم داعبته بالعبارة المصرية الشهيرة، موسى نبي وعيسى نبي ومحمد نبي ، فرد وأكمل : وكل من له نبي يصلي عليه ، فأخذنا نضحك. فقلت متزعلش بأه، فوصل القطار ، فركبنا ثم سألته ياخي انا بستغرب طب انتم عرب والقران مكتوب بالعربي فيه معجزات سبحان الله واضحة وبتسد عين الشمس غريبة انه ملفتش انتبهكم، ده كفاية المعجزات الي فيه ، فأجاب بنفس العبارات الشهيرة : بصراحة انا مش متدين أوي ومبقرأش كتير حتى عن المسيحية لكن لو حبيت تتكلم في موضوع زي ده ففي كنيسة عربية فيها قسيس حبوب جدا ممكن أجمعك معاه وهو يجاوبك، فوافقت على الفور فأعطاني رقم تلفونه ، ملاحظة: اتصلت به أكثر من مرة فتهرب مني ولم يحاول أن يقابلني الى أن غادرت الولايات المتحدة.
جاءني هاني في عجلة من أمره وقال اليوم سيجتمع المسلمون في المسجد عند صلاة العشاء كي يقتنوا حافلات ويذهبوا بها إلى واشنطن ليقوموا بمظاهرة في البيت الأبيض ضد إسرائيل بسبب ما تفعله في الفلسطينيين، ما رأيك أن نشارك في تلك المظاهرة السلمية، فوافقت على الفور ودون تردد، ذهبنا وجهزنا أمورنا ثم تقابلنا في المسجد وصلينا العشاء وكان هنالك كم مهول من المسلمين فمن بوسطن انطلق أكثر من اثنتي عشرة حافلة وسافرنا لما يقارب عشرة ساعات في رحلة من الخيال والتي كانت مليئة بالمغامرات، أناشيد إسلامية ، محاضرات في أشرطة مسجلة ، وما أجمل المنظر عندما جاء موعد صلاة الفجر ونزلنا في إحدى الإستراحات ثم أذنا وصلينا الفجر في جماعة ضخمة وكبيرة جدا مما أبهر المشاهدين لهذا المنظر الغريب والمهيب، الى أن بلغنا واشنطن مع طلوع الصبح، وإذا بأعداد لا حصر لها من المسلمين ينتظرون في مكان تجمع الحافلات، طبعا توقعت أن أرى كم مهول من سيارات الشرطة والجيش والقوات المسلحة ، لكن الغريب ورغم أن عدد الذين تظاهروا من كافة أنحاء الولايات المتحدة وبحسب الإحصاءات قد تجاوز ثلاثون ألف مسلم الا أنني لم أرى شرطي واحد ، ماهذه القوة في إدارة المنطقة وتأمينها ، بالفعل هم متطورون، سرنا ونحن نصرخ بعلوا صوتنا لا للاحتلال لا لقتل الأبرياء ، أوقفوا الضرائب الأمريكية التي تدفع لقتلة الأبرياء في إسرائيل، شعور رائع أن تعبر عما بداخلك، وأين؟ في قلب مقر القرارات التي تدافع عن أعدائنا وتظلمنا، انها حديقة البيت الأبيض ، استمرينا في المسيرة الى أن دخلنا داخل الحديقة ولم يكن بيننا وبين مدخل البيت الأبيض الا عشرات الأمتار ثم رفع أذان الظهر وصلينا في جماعة داخل أسوار حديقة البيت الأبيض ثم رفع أذان العصر وصلينا وتوالت الخطب ووزعت الكروت التي كانت تحمل صورة محمد الدرة وكان علينا أن نوقع عليها حيث كتب عليها ، لا نريد دفع 30% من ضرائبنا لإسرائيل، فكانت الفكرة انه إذا جمعنا توقيع أكثر من مليون موقع لبدأت الإجراءات في تنفيذ هذا الطلب، فتحمسنا وأخذنا كميات من الكروت كي نوزعها على كل من نعرف ليوقعوها ثم نرسلها بالبريد، الله اكبر الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله ، لا أصدق أنني بداخل البيت الأبيض ولي صوت يؤثر في تحقيق حلم ، سبحان الله سبحان الله.
انتهت المظاهرة التي استمرت إلى المغرب وعدنا الى الباصات ومنها إلى بوسطن وكانت الصدمة.
التكملة في الحلقة القادمة بإذن الله
مع تحيات أخوكم فهد |