عرض مشاركة واحدة
  #169  
قديم 08-14-2008, 08:01 PM
 
رد: قصة واقعيه قصتي مع فاطمة وجيونكو وكاثرين

الحلقة السادسة عشر

لماذا كانوا يبكون؟ تقولها فاطمة، فقلت من الذي كان يبكي؟ فجاوبتني فاطمة بأجمل خبر سمعته في حياتي منذ أن تعلمت الأذان وأنا في المرحلة المتوسطة، حين كان أخواي الكبار يعلماني الأذان وهما يملكان أصوات في الأذان من أجمل الأصوات ما شاء الله عليهم ، والى اليوم وأنا أحب أن أؤذن في المساجد وأذنت في أكبر المساجد في الرياض وفي مدينتي الطائف كما أذنت في مصر والحمد لله كثيرا ما كنت أسمع إطراء جميلا على حسن أدائي للأذان ، لكن الأمر هنا يختلف، فتيات من الولايات المتحدة الأمريكية ومن جنسيات مختلفة أخذن يبكين في الصفوف الخلفية من المكان الذي صلينا به في جامعة هارفرد أثناء رفعي للأذان وهم يقولون ما شاء الله مكة نشعر إننا في مكة المكرمة، انه يذكرنا ببيت الله الحرام ما شاء الله، ولم تفهم عليهم فاطمة، فقلت لها الحمد لله الذي أنعم علي بأن كنت سبب في دخول الشوق والحنين في قلوبهن لمكة المكرمة التي لم يزوروها الى مرات قليلة وقلوبهم معلقة بها، فقالت كيف ؟ فقلت الحمد لله ارفع الأذان بنفس طريقة مؤذني مكة المكرمة مما حرك مشاعرهن ، فقالت ماشاء الله لقد دمعت عيناي على بكائهن دون أن أفهم ، لكن أريد أن اسمع الأذان من مكة ، وفي اليوم الثاني أسمعتها أذان مكة فقالت إذا لهذا السبب كانوا يبكون.

كل ليلة نقوم أنا ومحمد وفاطمة وكانت أحياننا تشاركنا القا في صلاة التراويح بالمنزل، كما كنا نقرأ القران في كل مكان ، في المدرسة ، في الصب واي ، في الباص وفي أي مكان ، حتى فاطمة تقرأه بالإنجليزي، إلى أن أنعم الله علي وختمته مرتين في أمريكا، ولأول مرة تختم فاطمة القرآن الكريم في رمضان ، لكنها كانت حزينة كونها ستسافر في نهاية الشهر وبشكل نهائي إلى بلادها.في هذه الأثناء كان كل تركيزي وتركيز طارق منصب على جيونكو، فكل يوم تسأل ونحن نجيب وتستفسر ونحن نجتهد قدر المستطاع لنفسر، حتى فاطمة أصبحت تدعوها لدين ربها ، وتوضح لها الفرق بين حياتها قبل الإسلام وبعد أن أسلمت، وبالفعل بدأ قلب جيونكو يميل الى الإسلام، لكن قناعتها بالإسلام لم تكن السبب الوحيد في قبولها زإقتناعها به، بل حبها لذالك الشاب السعودي كان حافز كبيرا لأن تستمع وتنصت وتتفهم.

في هذه السنة توافق أخر أسبوع من شهر رمضان المبارك مع عيد النصارى ( الكرسمس ) فانتهى الشهر الدراسي في الأسبوع الثالث من الشهر الكريم ، وبدأ كل منا يحزم حقائبه حيث نويت السفر إلى أختي الحبيبة التي اشتقت إليها كثيرا واشتقت إلى قضاء آخر أسبوع معها في رمضان، واشتقت لأكلاتها الرمضانية اللذيذة من السمبوسه والشوربة وغيرها مما لذ وطاب من الحلويات الرمضانية، كما سأقضي معها إجازة عيد الفطر المبارك.

اليوم آخر يوم لنا قبل السفر، وفاطمة وصديقة عمرها الكورية - التي جاءت لها من هيوستن منذ شهرين والتي كانت تعاديني بسبب التغيرات التي حدثت لفاطمة إلى أن بدأت تشعر بأن تلك التغيرات جعلت من فاطمة فتاة اخرى فبدأت بتقبلها على ما هي عليه وبدأت بالاقتناع بي بعد جهد كبير من الشرح حول الإسلام ومفهومه لها- استعدتا للذهاب معنا إلى بيت طارق بعد أن جهزت أنا وفاطمة حقائبنا وودعنا محمد والقا اللذان كانا يستعدان للعودة إلى بلادهم – محمد الشاب ذو القلب الرقيق الشاب المؤمن الصالح الطيب الذي ودع فاطمة وكأنه يودع ابنته أو أخته من دمه- وكذلك الحال لعمر وحسن اللذان قد تعلق قلبهما بفاطمة واعتبراها أختهم من دمهم ، اللهم اجمعنا جميعا وجميع من يقرأ والمسلمون في الفردوس الأعلى من الجنة مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ذهبنا جميعا مع طارق وقابلنا جيونكو وذهبنا إلى بيت طارق ، ودخلت فاطمة وصديقاتها الكوريات ليجهزنها للسفر ويقضين معها آخر ساعاتها في بوسطن، في الوقت الذي تابعنا أنا وطارق وجيونكو فيلم الرسالة الشهير، وكانت جيونكو تركز في أحداث الفيلم وفي بداية الرسالة المحمدية ومراحل انتشارها ، ولفت انتباهها في نهاية الفيلم صور الحرم المكي والحرم المدني والمسجد الأقصى والمساجد العديدة من العالم التي كان يصلي بها ملايين البشر من المسلمين وهي في ذهول كبير لما ترى، إلى أن انتهى الفيلم.

أخذت أنا وطارق نناقشها عن تلك الفترة وعن رأيها في الفلم الذي أعجبت به كثيرا، فقلت لها الم يئن الأوان ياجيونكو؟ فإن الله ينتظرك ، فقالت أنا؟ قلت نعم. لقد أنعم عليك بكل النعم التي تعيشينها من صحة وعافية وحسن منظر وراحة ومال وعلم وانتي لا تصلين له ولا تؤمنين به، ثم أرسل إليك من يعلمك بوجوده وبالجنة التي أعدها لكي وترك لكي الخيار، فمتى سيرق قلبك له، الم تشتاقي لأن تقولي له شكرا، فقالت : ولكن، ثم سكتت، فقلت لها ما رأيك في كل ما قلناه لكي ، هل أنتي مقتنعة ، قالت نعم، كل شيء واضح ومقنع جدا لكن... ثم سكتت مرة أخرى ، فقلت لها لكن ماذا؟ فقالت نعم أنا فعلا مقتنعة لكن اعلم أني إذا دخلت الإسلام يجب أن التزم بكل شيء، فأنا لا أحب أن أعمل عملا إلى وأتقنه ، جيد وما المشكلة ، سكتت للمرة الثالثة ، في تلك الأثناء كان طارق طلب سيارتين للأجرة كي تقلنا إلى المطار لأن الوقت قد تأخر وأصبح علينا أن نرحل كي ندرك الطائرة، فحملنا الحقائب ونزلنا إلى السيارات وركبت أنا وجيونكو وفاطمة سيارة ، وركب طارق مع صديقات فاطمة في سيارة أخرى، فالتفت إلى جيونكو وبجوارها فاطمة وقلت لفاطمة: أتعلمين يا فاطمة عندي لكي مفاجأة، فقالت ماذا؟ فصمت ووجهت نظري الى جيونكو وأنا أبتسم، فنظرت فاطمة الى جيونكو وقالت: حقا جيونكو لا أصدق ما شاء الله ما شاء الله ثم انهالت بالبكاء وهي تعانق جيونكو، وهو ما أبكى جيونكو ولم تستطع الرد. فقلت: هيا ياجينكو أحببت الا تنطقي الشهادتين الا أمام فاطمة، فقالت وماذا يجب أن أقول؟ فقلت لها باللغة الإنجليزية رددي بعدي: أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، فرددتها ثم عدتها عليها بالعربي : فرددتها بنفس الطريقة التي قالتها فاطمة يوم أسلمت وبنفس اللدغة الطفولية البريئة بسبب عدم القدرة على الكلام العربي،
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
.

انهارت فاطمة وجيونكو في بكاء شديد وهما متعانقتان. الى أن بلغنا المطار، وبعد نزولنا من السيارة ذهبت إلى طارق وقلت له أبشر يا طارق ، فقال ماذا حدث قلت لن أتكلم جيونكو هي التي ستخبرك، جيونكو كرري ما قلتيه في السيارة ، فقالت وهي تضحك وتبكي : أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، فهلل طارق وكبر وأخذ يقفز من الفرحة ودمعت عيناه وعانقني ، في مشهد عظيم ، كان هذا المشهد مثيرا جدا للدهشة بالنسبة لصديقات فاطمة الكوريات اللواتي تجمدن بما سمعن وعلمن عن إسلام جيونكوا، وخاصة صديقة فاطمة الحميمة التي ذهلت للمشهد العظيم، ثم دخلنا إلى صالة المطار، وقطعنا لفاطمة بطاقة صعود الطائرة ثم ذهبنا إلى صالة الانتظار وقد حان موعد صلاة الفجر، فتوضأنا وعدنا إلى فاطمة والبنات وقلنا لفاطمة هيا كي نصلي أخر صلاة في جماعة معا، فقالت فاطمة لجيونكو هل ستصلين معنا فقالت لكني لا أعرف كيف؟ فقالت فاطمة تعالي معي ، وذهبتا إلى دورة المياه وتوضأت وعلمتها كيف تتوضأ ثم فتحت حقيبتها وأخرجت حجاب وألبستها إياه كي تصلي معنا، ولم نرى سوى نور عظيم على وجههن وهن مقبلات علينا بالحجاب فقمت وأذنت وأقمت ثم صليت بهن ، طارق على يميني وفاطمة وجيونكو خلفي، ماذا تنتظرون يا من تقرأون ماذا بعد كل هذا ماذا بعد هذا المشهد العظيم هيا كبروا الله :

الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله ،الله أكبر الله أكبر ولله الحمد،
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله ،الله أكبر الله أكبر ولله الحمد،
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده
لا اله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله ،الله أكبر الله أكبر ولله الحمد،
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا اله إلا الله ،الله أكبر الله أكبر ولله الحمد،
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده
لا اله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا.


انتهينا من الصلاة وقلوبنا مليئة بالسعادة الغامرة، ولكن جاء وقت رحيل فاطمة التي ما أن بلغنا مدخل الطائرة إلا وانهارت من البكاء، نعم أخذت تبكي وكأنها تودع أهلها الحقيقيون وتذهب إلى من لا تعرفهم، أخذت تبكي وهي تودع بلاد الإسلام بالنسبة لها ، نعم أمريكا بالنسبة لها هي بلاد الإسلام مقارنة بما ستواجهه في كوريا، أخذت تبكي وهي تقول سأشتاق إليكم ، كم أحبكم ، أبي احبك كثيرا شكرا لك ولكل ما فعلته من أجلي، في هذا الوقت قلبي يتمزق من الحزن عليها ، كأني أودع ابنتي من دمي ولحمي فهي تقول هذا الكلام وهي تعانق جيونكو التي بادلتها البكاء الشديد على وداعها ، سبحان الله سبحان الله سبحان الله.

دخلت فاطمة إلى الطائرة وانتقلنا جميعا إلى المطار الداخلي كي أسافر إلى نورث كارولاينا عند أختي ، وودعت الجميع وأمنت طارق على جيونكو بأن يأخذها إلى المسجد كي تعلن إسلامها ، وتعهد أخي لي بذلك.

وصلت الى منزل أختي وأخبرتهم بما حدث ففرحوا فرحا كبيرا لجيونكو وحزنوا على سفر فاطمة وأخذوا يدعون الله لها بالثبات، ولكن وبعد عدة أيام جاءني اتصال بخبر محزن جدا جدا جدا لم أتوقعه وصدمت عند سماعه.

التكملة في الحلقة القادمة بإذن الله

مع تحيات أخوكم فهد