اراك عصي الدمع شيمتك الصبر أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر **** أما للهوى نهي عليك و لا أمر
بلى أنا مشتاق و عندي لوعة **** ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى **** و أذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي**** إذاهي أذكتها الصبابة و الفكر
معللتي بالوصل و الموت دونه **** إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر
حفظتُ و ضيعتِ المودة بيننا **** و أحسن من بعض الوفاء لك العذر
و ما هذه الأيام إلا صحائف **** لأَحرفها من كف كاتبها بَشر
بنفسي من الغادين في الحي غادة **** هواي لها ذنب و بهجتها عذر
تروغ إلى الواشين فيَّ و إن لي **** لأذنا بها من كل واشية وقر
بدوت وأهلي حاضرون لأنني **** أرى أن دارا لست من أهلها قفر
و حاربت قومي في هواك و إنهم **** و إياي لولا حبك الماء و الخمر
فإن كان ما قال الوشاة و لم يكن **** فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
وفيت و في بعض الوفاء مذلة **** لآنسة في الحي شيمتها الغدر
وقور و ريعان الصبا يستفزها **** فتأرن أحيانا كما يأرن المهر
تسائلني من أنت و هي عليمة **** و هل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت كا شائت و شاء لها الهوى **** قتيلك قالت أيهم فهم كثر
فقلت لها لو شئت لم تتعنتي **** ولم تسألي عني و عندك بي خبر
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا **** فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر
و ما كان للأحزان لولاك مسلك**** إلى القلب لكن الهوى للبلى جسر
و تهلك بين الهزل و الجد مهجة **** إذا ما عداها البين عذبها الفكر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق **** و أن يدي مما علقت به صفر
و قلبت أمري لا أرى لي راحة **** إذا الهم أسلاني ألح بي الهجر
فعدت إلى حكم الزمان و حكمها **** لها الذنب لا تجزى به و لي العذر
كأني أنادي دون ميثاء ظبية **** على شرف ظمياء جللها الذعر
تجفَّل حينا ثم تدنو كأنما **** تنادي طلا بالواد أعجزه الحُضر
فلا تنكريني يابنة العم إنه **** ليعرف من أنكرته البدو و الحضر
ولاتنكريني إنني غير منكر **** إذا لا زلت الأقدام و استنزل النضر
و إني لجرار لكل كتيبة **** معودة أن لا يخل بها النصر
و إني لنزال بكل مخوفة **** كثير إلى نزالها النظر الشزر
فأظمأ حتى ترتوي البيض و القنا **** و أسغب حتى يشبع الذئب و النسر
ولا أصبح الحي الخلوف بغارة **** ولا الجيش ما لم تأته قبلي النذر
و يا رب دار لم تخفني منيعة **** طلعت عليها بالردى أنا والفجر
و حي رددت الخيل حتى ملكته **** هزيما و ردتني البراقع و الخُمر
و ساحبة الأذيال نحوي لقيتها **** فلم يلقها جهم اللقاء و لا وعر
و هبت لها ما حازه الجيش كله **** و رحت و لم يكشف لأثوابها ستر
و ما حاجتي بالمال أبغي وفوره **** إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر
أسرت و ما صحبي بعزل لدى الوغى **** ولا فرسي مهر و لا ربه غمر
ولكن إذا حم القضاء على امريء **** فليس له بر يقيه ولا بحر
وقال أصيحابي الفرار أو الردى **** فقلت هما أمران أحلاهما مر
ولكنني أمضي لما لا يعيبني **** و حسبك من أمرين خيرهم الأسر
يقولون لي بعت السلامة بالردى **** فقلت أما والله ما نالني خسر
و هل يتجافى عني الموت ساعة **** إذا ما تجافى عني الأسر و الضر
هو الموت فاختر ما علا لك ذكره **** فلم يمت الإنسان ما حيي الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة **** كما ردها يوما بسوءته عمر
يمنون أن خلو ثيابي و إنما **** علي ثياب من دمائهم حمر
و قائم سيفي فيهم اندق نصله**** و أعقاب رمحي فيهم حطم الصدر
سيذكرني قومي إذا جد جدهم **** و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه **** و تلك القنا و البيض و الضُّمر الشقر
و إن مت فالإنسان لا بد ميت **** و إن طالت الأيام وانفسح العمر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به **** و ما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
و نحن أناس لا توسط عندنا **** لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا **** ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر
أعز بني الدنيا و أعلى ذوي العلا **** و أكرم من فوق التراب ولا فخر |