رد: قصة واقعيه قصتي مع فاطمة وجيونكو وكاثرين الحلقة الثامنة عشر
يوجد أمامك طريقا طويلا، قد تكون رحلة أو ما شابه ذلك، نعم فسأقوم برحلة قريبا مع أصدقائي، طارق يضحك، هنالك شخص ما يحوم من حولك، ماذا تقصد هل يريد أن يؤذيني، شيء من هذا القبيل، لقد أخفتني منه، هنا تأكد بأن لديها مشكلة مع شخص ما، انه قريب منك، نعم فهناك بعض المشاكل معه، طارق يتعجب على استسلامها، احترسي ولا تدعي له المجال، سأحاول، أعتقد أن طويل، هو أطول مني ، طارق يزداد عجبه لتجاوبها فلماذا لا تفكر قليلا بأنها من تعطيني المعلومات، بدأت تسرد لي مشكلتها مع أخيها وأنا أقول لها ألم أقل لكي، فترد علي أنت مذهل كيف تعرف كل هذا ، طارق سينفجر من الضحك والتعجب لمدى النوم الذهني الذي قد بلغته معي ربيكا، أنهيت الفنجان وأخذت أسترسل في تحليل شخصيتها التي توضحت معظم معالمها من تجاوبها معي ، بمعنى أصح تملكت عقل الفتاة، ثم قلت لها ما رأيك فيما قلت، قالت أنت إنسان غريب ورائع ، كل ما قلته صحيح وقد تعجبت لقدرتك على معرفة هذه الجوانب عن حياتي من خلال قراءتك للفنجان، فقلت لها ربيكا ألم أقل لكي بأني سأكذب عليكي وستصدقينني، انفجر طارق من الضحك، ذهلت ربيكا ما هذا ، كيف؟ لقد ذكرت كل شيء بدقة متناهية عني وعن أخي ورحلتي ومشاكلي الخاصة بالإضافة الى التحليل التفصيلي لشخصيتي، فقلت بالنسبة للتحليل نعم فأنتي فتاة واضحة جدا ويسهل معرفة شخصيتك ، أما الفنجان فلو ركزتي قليلا ستجدي أنني لم أقل أي معلومة فأنتي من أخبرني بكل شيء، ولكنني نجحت في إقناعك، ربيكا في وضع لا تحسد عليه ، ثم قلت ربيكا لقد أخبرتك وبكل صدق عن الحقيقة التي لا توجد بعدها حقيقة ، لقد أخبرتك عن سبب وجودك في الدنيا كلها ، لقد أخبرتك من أنتي ومن تكوني ولماذا أنتي هنا وصدقتك القول مع الشرح التفصيلي والأدلة التي أذهلتك ، فلم تعيري الموضوع اهتماما أو تفكري فيه، تركتي نور الحق وبحثتي عن من يكذب عليك، فها أنا كذبت عليك وصدقتني لدرجة أني أحاول أن أوضح بأني أكذب ولا تقتنعي، سرحت قليلا في ذهول ثم وعدت بأنها ستبحث أمر الإسلام باهتمام أكبر وستقرأ الكثير عنه في الحاضر القريب. بعد خروجنا من المقهى قال لي طارق وهو يمازحني، من جد فيك عرق مصري.
أثناء خروجي لتناول طعام الغداء من المطعم العربي القريب من المدرسة وإذا بالسائل ( هوم ليس ) الأمريكي ذو البشرة السوداء يباغتني قائلا أعطني المال، قليلا من السنتات لن تأثر عليك لكنها ستجعلني أكل كي أعيش، فوجئت من هجمته وصوته المرتفع، فلم يسبق لي أن بخلت بل ولن أبخل والحمد لله عن سائل حتى في أمريكا لاعتقادي أن الصدقة تجوز حتى على غير المسلمين ، فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) الضحى آية رقم 10. فلم يحدد إن كان مسلم أو غير مسلم ، بالعكس في الصدقة على الفقراء غير المسلمين نوع من أنوع الدعوة خاصة ونحن نعيش في بلادهم، لكن أزعجني هذا السائل المهاجم ، وقد علمت أن معظم السائلين في أمريكا يأخذون المال ليشربوا به الخمر أو لتعاطي المخدرات، فقلت له لا تصرخ، إن كنت تريد الطعام فذهب معي الى المطعم العربي لتناول وجبة الغداء سوية، ففجع الرجل مني وقال لا لن أذهب معك، فقلت ولما لا ، قال أجلب لي طعام الى هنا، فقلت لا مانع لدي ، فانتظرني هنا حتى آتي لك بوجبة غداء، فقال وهل أنت جاد ، قلت نعم فسآتي لك بنفس الذي سأطلبه لنفسي، فقال وفي عينه قليلا من الخوف وعدم الثقة حاضر سأنتظرك، ذهبت وأتيت بوجبتين ولكنني لم أجده، أعتقد أنه خاف من أن أتي له بالشرطة أو أحد يضربه لا أعلم، ولكنني تذكرت بعد هذا المشهد النعمة التي نحيا بها ، فالحمد لله على نعمت الإسلام الذي علمنا العطاء ، فما أجمل ما حدث في شهر رمضان المبارك، حيث أعلن الدكتور وليد رئيس المركز الإسلامي بمدينة بوسطن ، والطبيب السعودي المشهور في مستشفى ماساشوستس الأمريكية، حين دعا المسلمون الى حضور المائدة الرمضانية للإفطار التي أعدها المركز من أجل التبرع لبناء أكبر مركز إسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الهدف تجميع 9 ملايين دولار تكلفة الأرض والبناء، وكانت قصة الأرض التي سيبنى عليها المركز غريبة جدا ، فقد نشب خلاف على هذه الأرض لمدة 99 عاما بين جهات مختلفة تريد الحصول عليها، لكن إرادة الله فوق الجميع، فقد وافقت بلدية بوسطن على إرساء العرض على المسلمين لما لموقع هذه الأرض من أهمية، حيث كانت تقع بجوار أكبر سبعة مستشفيات لأمريكا ، كما تقع بجوار السجن العام في بوسطن ، وقد أرسي العرض على المسلمين لبناء مركزهم كي يتعلم السجناء حسن الأخلاق من المسلمين الذين سيزورون المركز للعبادة وهذا بدعم وموافقة من مدير شرطة بوسطن، سبحان الله على هذه النظرة التي جاءت من جهة جزء من الحكومة الأمريكية للمسلمين ( ملاحظة هذه النظرة كانت قبل أحداث 11 سبتمبر فالله أعلم ما هي نظرتهم اليوم )
ذهبنا الى هناك وعند دخولنا سئلنا من منكم سعودي أو كويتي أو خليجي بصفة عامة ، فقلانا نحن من السعودية ، وكانت معنا فاطمة حفظها الله في تلك الرحلة، فقدمنا الى الصفوف الأمامية ، تعجبنا لما حدث فهل توجد هنا عنصرية أيضا أم ماذا؟ بعد الإفطار والصلاة اكتشفنا السر، فهدف القائمون على الحفل أن يجمعوا الخليجيون في الصفوف الأمامية ، لأن فيهم الكثير من ذوي الدخل الطيب والحمد لله ، فعندما يتبرع أحد بمبلغ كبير من السعودية فيراه أخر من الكويت مثلا فيقوم ويتبرع بمبلغ أكبر ، وهكذا يزيد التنافس، ما شاء الله على القائمين على هذا العمل الخيري فقد استخدموا النعرة العربية والقبائلية ولأول مرة في عمل خيري، وانتهت الحفل بعد ما قدمن كثيرا من النساء الحاضرات تبرعات عينية كساعة أو عقد أو غيره فيضعوها في مزاد الى أن تصل قيمتها الى مئات الألوف فيشتريها الذي رسا عليه العرض ثم يقدم مبلغها الى الجمعية، كان يوم مبارك فقد تم تجميع الجزء الأول لبداية المشروع وهو 3 ملايين دولار فقد جمع منه 2 مليون دولار الى أن جاء اتصال من فاعل خير من عند بيت الله يتبرع بالمليون الأخير وانتهى الحفل.
كانت جيونكو تواضب على الذهاب للمسجد لتعلم الكثير من التفاصيل عن الإسلام وكيفيات العبادة المختلفة، وكانت تقابل أختها الأمريكية التي أعلنت إسلامها في نفس اليوم الذي أعلنت جيونكو الإسلام فيه، فقد اعتبرتا نفسيهما توأمان ، فعلى حد قولهما أننا أختان ولدنا في يوم واحد، لذى فنحن توأمان في الإسلام، هذا ما قالتاه في أحد الأيام التي اجتمعتا فيها أثناء صلاة الجمعة في جامعة هرافرد قبل أن أدخل لرفع الأذان للصلاة هناك، فقد طلب مني أن أكون مؤذن الجمعة في الجامعة، فأصبحت الموكل من الجالية الإسلامية في الجامعة برفع ألأذان في كل صلاة جمعة إلى أن غادرت الولايات المتحدة.
شاب سعودي يدرس في الجامعة استنفر وغضب وخرج من اليوم العالمي للحضارات الذي تعده الجامعة بشكل سنوي حين رفضت إدارة الجامعة بأن يضع صورة الحرم المكي من ضمن الصور التي أعدها هو ومن ساعده من العرب والمسلمين كرمز من رموز الإسلام والعرب بحجة أنهم لا يريدون إثارة البلبلة والتعصبات الدينية ، في الوقت الذي سمحت لطالب إسرائيلي أن يضع صور للمسجد الأقصى على أنه معلم من معالم بلاده، ما أدى الى غضب شديد من الطالب السعودي وانسحابه بالرغم من الزاوية الجميلة المتنوعة التي أعدها مع زملائه.
في تلك الأثناء لاحظت وجود عدة صور لمعالم في بلاد مختلفة موجود في أماكن عدة من المدرسة، فجلبت صورتين لأهم معالم المملكة كي أضعها في إحدى زوايا المدرسة، الصورة الأولى هي نفس الصورة المتواجدة على الموقع www.islam-guide.com وهي صورة الحرم من فوق وفيه المسلمون يصلون ويسجدون لله، والأخرى لوحة مجزئة الى عدة أجزاء فيها صور متوسطة الحجم لمكة والمدينة وحقول البترول ونجد وغيرها منه المعالم، فطلبت مني مديرة المدرسة أن أعذرها في عدم وضع صورة الحرم وأن أكتفي بوضع الصورة الأخرى فوافقت. أعتقد أن صورة الحرم لها تأثير غريب عليهم فسبحان الله.
أوصانا أحد المعلمين بأن نبدأ برامج الشريك اللغوي، وهو عبارة عن اختيار شخص أمريكي لغته الأم هي الإنجليزية ويريد أن يتعلم اللغة العربية ، فأخرج معه لمدة ساعة أو ساعتين نتكلم سوية لنصف الوقت بالإنجليزي والنصف الأخر بالعربي، فبحثت عن شريك يريد التحدث فوجدت كاثرين المعلمة الأمريكية التي تدرس في نفس المدرسة لكنها لم تدرسني من قبل ، فزوجها عربي مسلم من المغرب العربي ، ولكنها متمسكة بدينها المسيحي كون أهلها مسيحيون متدينون، ولم يكن يحاول زوجها أن يضغط عليها بالإسلام ، ولكنها تحب أن تتعلم اللغة العربية من أجل زوجها وأهله في حال زارتهم في يوم من الأيام.
قابلت كاثرين في أول مرة في المدرسة ، وعرفتها بنفسي وإتفقنا أن نخرج كل يوم لمدة ساعة ، ثم سألتني عن فاطمة وجيونكو اللتان أسلمتا وعن علمها بأنهما أسلمتا معي بحمد الله، فكانت هنا البداية فسبحان من يرزقنا من حيث لا نحتسب.
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تنتهي في حيات الشباب السعوديون في المدرسة، فقد سافروا أميال وأميال ليبتعدوا عن النظام الرقابي المتواجد بحمد لله في المملكة ( نظام رجال الحسبة) لا حرمنا الله إياهم وجزآهم عنا كل الخير ، ولكن شبابنا وجدوا من كورية ملتزمة تمر عليهم أثناء الصلاة لتدعوهم الى الصلاة ، وبعدما رحلت الى بلادها هاهي جيونكو اليابانية تمر على الشباب لتقول لهم عند كل صلاة هيا قوموا الى الصلاة هداكم الله ، سبحان الله بالأمس هيئة من كوريا واليوم هيئة من اليابان، وبالطبع لا تسمع سوى كلمة ان شاء الله إن شاء الله هيا الآن فتقول الآن تقوم لتتوضأ يا فلان ، فيقول حاضر.
صدقوني أن الشباب المسلمون كانوا فرحين جدا بها وهي تدعوهم للصلاة فلا تعتقدوا أنهم منزعجين، فنجتمع في القاعة الكبرى وهي معنا تقف في أخر صف لتصلي، وفي بعض الأحيان كانت تدعوا زميلات لها من اليابان وكوريا وغيرهما ليشاهدونا ونحن نصلي، فكثيرا ما كانوا يخرجوا مندهشين، سبحان الله ففي نيتها دعوة لدين الله، فأين نحن يا مسلمون ومن منا فخور بدينه ويحب أن يدعوا إليه؟
جاءتني جيونكو لتقول بأنها ستذهب الى ندوة عن الإسلام فهل لدينا الرغبة للذهاب معها، فوافقنا وذهبنا معها وعندما بلغنا الى المبنى الذي ستقام به الندوة تفاجأت بصائب عريقات من الحكومة الفلسطينية متواجد، فقد كانت ندوة عن علاقة السلام بين فلسطين وإسرائيل، وكان هناك من سيتحدث من إسرائيل وصائب عريقات سيتحدث من فلسطين، كانت ندوة غريبة لم أستطع فهم الهدف منها كما جرت العادة في أي موضوع سياسي، فلا أفهم ما الهدف منه ولا الى ماذا يرمي، كلام سياسي منمق لا نرى منه إلا الكلام، فكان معظم تركيزي على المترجمين العرب الكبار في السن واللذان كانا يترجمان الندوة عبر التسجيل إلى العربية، بالفعل كانا ماهران، وصدقوني لم أعير أي اهتمام الى الندوة، والمشكلة أنني عند دخولي طلب مني أن أسجل اسمي وعنوان البريد الإلكتروني خاصتي، وقد فعلت ، فدعونا عبر الإيميلات مرة أخرى وطلبت مني جيونكو أن نذهب فذهبنا، ولكن هذه المرة الوضع مختلف، فاجتمعنا حول طاولة كبيرة، من جهة يوجد طلاب إسرائيليون ومن الجهة الأخرى يوجد طلاب فلسطينيون و عرب ونحن منهم ، فبدأ كل واحد منا بتعريف نفسه والسلام على من يقابله من الجانب الإسرائيلي، فلم أستطع أن أضع يدي في يد أحد من إسرائيل فطلبت منها بإصرار أن نغادر فوافقت متعجبة، وعندما خرجنا من هناك سألتني عن السبب، قلت لها لا أضع يدي في يديهم، ولا توجد أي علاقة بيننا وبينهم ، فقالت هؤلاء الفلسطينيون أصحاب القضية يناقشونهم، فقلت هم أحرار ثم أن القضية بالنسبة لهم قضية حياة أو موت فهذه بلادهم يعيش بها أهلهم المتهضون أعانهم الله على ذلك ، فهم دائما يحاولون الى حل المشكلة بجميع الوسائل وهذا حقهم أما أنا لا توجد بيني وبين الإسرائيليين أي معاهدة أو اتفاق ولا أصدق أنهم يستفيدوا شيئا من هذا الحوار فلست مجبرا على ذلك، الفلسطينيون يحاولون أن يصلوا إلى حل لقضية تخصهم بكل الوسائل كي لا يلومهم الغرب بأنهم لم يبحثوا عن السلام، وهم يعلمون تماما بأن هذا الأمر لم يقدم أو يؤخر ، فهم يحاولون بهذا أن يخرسوا الهجوم الكاذب عليهم بكل الوسائل ، صدقيني إنها مجرد سياسة، وعبر التاريخ الإسرائيلي لم يستفيد أحد من مثل هذه الندوات ولا أعتقد أن أحدا سيستفيد، وأخيرا كل هذا الأمر لا يعنيني، فإن استطاعوا أن يصلوا إلى حل فالله معهم ونحن ندعمهم بالرغم من شكي في هذا ، فلا عهد لمغتصبي الأراضي وقتلة الأطفال، فقالت أعتقد أن معك حق.
استمر المنظمون لهذه الندوات بمراسلتي على الإيميل ولم أرد عليهم على الإطلاق إلى أن توقفوا.
اليوم أول لقاء لي مع كاثرين ، وقد قابلتها وواعدتها كي نذهب الى المقهى المتواجد في الطابق الأرضي لمبنى المدرسة ، فذهبت هناك بعد نهاية اليوم ووجدتها في انتظاري، ومن هنا تبدأ الحكاية.
التكملة في الحلقة القادمة بإذن الله
مع تحيات أخوكم فهد |