أمراض القلوب
للدكتور : خالد جبير
-11-
أخي: نصف المرض قلق وعدم اطمئنان، فإذا أنت سلّمت أمرك لله يعني خلاص انطرحت لله فكذا احتسبت فيطمئن قلبك وإذا اطمأن قلبك زال عنك القلق بقي المرض العضوي معك .
هذا سكر تأخذ له حبوب لكن أنت همتك عالية نسيت أن فيك مرض، كما يقول بعض الأخوة، إذا كتب لك شفاء الحمد لله شفيت، نعمة من الله احتسبت، أخذت الآجر والعافية، وإذا لم يكتب لك الشفاء لأن في علم الله - سبحانه وتعالى - أن المرض خير لك أما لتكفير أو رفع منزله والقصص في هذا كثيرة اذكر لك بعضها :
ضابط ملازم ثاني له ستة شهور متخرج كان زميل لي في الكلية الحربية وكنت في المرور في قسم تنويم الضباط بالمستشفى العسكري، فإذا بي المح وجه هذا الضابط في أحد الغرف منوماً فسألت الممرضة هذا فلان؟ نعم هو ما مرضه؟ فيه شلل نصفي بسبب الأنفلونزا، يا إخوان للمعلومية الأنفلونزا مرض خطير يجب أن تستريح إذا جاءك، قد يؤثر على القلب، قد يقطع العمود الفقري، قد يؤثر على المخ فهو مرض لا يستهان بأمره. هذا الرجل بعد الأنفلونزا أصاب الفيروس العمود الفقري مما أدى إلى قطعة سألتها ما علاجه؟
قالت: بس قال له الأطباء أن ليس له علاج وليس هناك أمل في شفائه . حزنت على حاله، حديث التخرج وليس هناك حل لمسألته إلا بفصله من الخدمة العسكرية لانه أصبح معاقاً.
فعندما دخلت عليه رأيت ذلك الوجه المبتسم كعادته فأردت أن أواسيه فرد علي بقوله : يا أبا محمد الحمد لله يعينني على شكره قد علم ربي تقصيري في حفظ القرآن فأراد أن يجلسني لحفظ القرآن نعمة يا أبو محمد . وقف شعر رأسي ولم استطع أن أتكلم أو أرد فدعيت له وذهبت.
الحمد لله إنني رأيت من أمة محمدٍ من هم على هذا الاحتساب، وهذه النضارة في الوجه، زرته مرة أخرى يوم الجمعه فإذا أفاجاء باحتسابه وصبره للمرة الثانية كان عنده بعض أقاربه أحدهم سأله يابو فلان حرّك رجلك، فرد عليه يا أخي اتركها، والله أني استحي من الله أن استعجل هذا الشفاء .
بعد يومين ذهبت إلى بريطانيا في دورة ومكثت أربعة أشهر ثم رجعت وبحثت عنه في مكانه فلم أجده ظننت بأنهم أخرجوه لعدم وجود أمل فيه، سألت الممرضة عنه وأين ذهب الرجل؟
قالت ذهب إلى مركز التأهيل (فرحت بهذا الرد لان من يجول إلى مركز التأهيل دليل على أن هناك آمل في شفائه) تعجبت، وذهبت لزيارته وجدته على كرسيه كعادته يسبح ويذكر الله، وسألته عن حاله؟
وقال الحمد لله أصبحت أحرّك أطراف الأرجل، المهم جلست معه قليلا ثم تركته، وذهبت بعد ذلك إلى بريطانيا لمدة خمسة أشهر، ثم رجعت إلى الرياض وفي أول صلاة للظهر صليتها في مسجد المستشفى وأنا في طريقي للخروج من المسجد فإذا برجل يناديني يا أبا محمد فالتفت فإذا به ذلك الملازم الذي كان مشلولاً يمشى على قدميه وبه عرج خفيف قلت له ما شاء الله، شفاك الله قال الحمد لله منّ الله عليّ بالشفاء .
وقلت له بهذه الأعاقه هل ستستمر في السلك العسكري؟
قال - الحمد لله - الله منّ علي قبل أن يأتيني المرض قدمت على بعثة داخلية في كلية الهندسة وقبلت، وأخذت الأوراق دورتها أثناء مرضي والآن جاءني قبول من كلية الهندسة، ولجنة الضباط العليا قبلوا ابتعاثي. سوف أدرس خمس سنوات، وبعد الخمس سنوات اسأل الله أن يقدر مافية خير لي.
بعد ثمان سنوات من هذا الكلام اتصل بي وقال إن جده مريض بالقلب يريدني أن أراه فسألته أن يحضره غداً إذا بهذا الملازم يأتيني مرتدياً زيه العسكري وقد زين كتفه ثلاث نجوم، دمعت عيناي لأني لم أستطع أن أكون مثله و أسال الله ان أكون وإياكم مثله من الصابرين المحتسبين.