عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 08-30-2008, 09:21 AM
 
معلومات عن الجن




تعريف هذا العالم : يختلف عالم الجن اختلافا كليا عن عالم الملائكة و الانسان،

فكل له مادته التي خلق منها ، وصفاته التي يختلف بها عن الأخر، الا أن عالم

الجن يرتبط مع عالم الانس من حيث صفة الادراك وصفة العقل والقدرة على

اختيار طريق الخير والشر.

وأبو الجن هو ابليس كما أن أبو الانسان آدم عليه السلام . أما طبيعة خلقتهم فقد

أخبرنا الله عز وجل عنهم أنه خلقهم من نار، كما قال تعالى (والجان خلقناههم

من قبل من نار السموم ) وقوله عز وجل ( وخلق الجان من ما رج من نار) . وقد

فسر أهل العلم من السلف الصالح قوله ( مارج من نار) هو طرف اللهب ومنهم

ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن وغيره ، وقال النووي " المارج اللهب

المختلط بسواد النار " . أما الانسان فقد خلق من طين كما أخبرنا عز وجل بقوله

( قال ما منعك ألا تسجد اذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار

وخلقته من طين) وفي قوله سبحانه (فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا انا

خلقناهم من طين لازب ) وكذلك كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم عن

عائشة ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور، وخلق

الجان من مارج من نار، وخلق أدم مما وصف لكم ". وقد خلق الجان قبل الانسان

وسكن الأرض قبله ، بدليل قول الله عز وجل( ولقد خلقنا الانسان من حمأ

مسنون *والجان خلقناه من قبل من نار السموم * ) .

أنواع الجن و أصنافهم :

وينقسم الجن الى ثلاثة أصناف كما صنفهم لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم

قال : "الجن ثلاثة أصناف ، فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيات وكلاب،

وصنف يحلون ويضعنون " رواه الطبراني ، والحاكم ، والبيهقي باسناد صحيح.

وقد أمرت الجن وكلفت كما كلف الانسان ، فهم مأمورون بالتوحيد و الأيمان

والطاعة والعبادة ، وعدم المعصية والبعد عن الظلم وعدم تعي حدود الله ،

فمسلمهم مسلم، ومؤمنهم مؤمن، وكافرهم كافر ، والمطيع منهم لله ورسوله،

يدخل الجنة ومن أبى دخل النار سواء بسواء، مثلهم مثل الانسان والدليل من قوله

عزوجل( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ). اذا هم خلق من خلق الله ومن

ينكرهم فانه يكفر للأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة . وقد وجد من ينكرهم قديما

وحديثا . ولا يضيرنا ذلك منهم . والذي يهمنا أنهم حقيقة لاشك فيها ولا مرية

لما سيترتب على ما سوف نسرد من أخبارهم وأحوالهم، وربنا وربهم الله .

هل الجن يأكلون ويشربون :

و حيث أن مثل هذه الأمور الغيبية في أحوال الجن الذين لا نراهم، توجب علينا

كأمة مسلمة تؤمن بالغيب، أن نؤمن بكل المغيبات التي وردت في الجن وذلك لما

يتصف به المؤمنون من الايمان بالغيب كما قال عز وجل وعلا شأنه ( آلم * ذلك

الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما

رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك و بالأخرة هم

يوقنون * ) . وموضوع الجن أمدنا فيه رسول الله بالخبر اليقين ، فاليك أخي

المسلم المؤمن هذه الأدلة الصادقة من عند الذي لا ينطق عن الهوى .

ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه

وسلم أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر بها ، وقال له: " ولا تأتيني بعظم ولا بروثة"

ولما سأل أبو هريرة الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك عن سر نهيه عن العظم

و الروثة ، قال:"هما من طعام الجن ، وانه أتاني وفد نصيبين ، ونعم الجن ،فسألوني

الزاد ، فدعوت الله لهم : ألا يمروا بعظم و لا روثة الا وجدوا عليها طعاما" . وفي

صحيح مسلم عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال " أتاني

داعي الجن فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن ، قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم

وآثار نيرانهم ، فسألوه الزاد فقال : " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم

لحما، و كل بعرة علف لدوابكم" فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" فلا تستنجوا بهما

فانهما زاد اخوانكم " . و في سنن الترمذي باسناد صحيح : " لا تستنجوا بالروث ،

ولا بالعظام ، فانه زاد اخوانكم من الجن" و قد أخبرنا الرسول صلى الله عليه و سلم ،

أن الشيطان يأكل بشماله و أمرنا بمخالفته في ذلك . وقد روى مسلم في صحيحه عن

ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" اذا أكل أحدكم فليأكل

بيمينه، و اذا شرب فليشرب بيمينه، فان الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله".

و في مسند الامام أحمد " من أكل بشماله أكل معه الشيطان، و من شرب بشماله شرب

معه الشيطان" . وكما أن الأنسان المسلم منهي عن أكل اللحم الذي لم يسمى عليه أسم

الله ، فان الجن المسلم أيضا منهي عن أن يأكل لحم الميتتة لانه لم يذكر اسم الله

عليها. لذا فقد ترك اللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه يأكله المشركون ، و الذين

يذبحون لغير الله و الشيطان على شاكلتهم. لذا نستنتج أن الميتتة أكل الشيطان. و قد

استنبط ابن القيم رحمه الله من قوله تعالى( انما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام

رجس من عمل الشيطان) أن المسكر من شراب الشيطان، فهو يشرب من الشراب

الذي عمله أولياؤه بأمره ، وشاركهم في عمله ، فيشاركهم في شربه ، و اثمه و

عقوبته.

أين يعيش الجن وأين يسكن :

كما أسلفنا فان الجن هي أمة من الأمم ، وطالما أن الله عز وجل هو خالقهم فانه عز

وجل لم يخلق عباده عبثا، ولم يتركهم هملا، تماما ككل المخلوقات في السماء أو في

الأرض أو في جوف البحر، فان لكل نظامه وحياته، فالسمك يعيش في الماء ولو

أخرج منه لمات، و الانسان والطير وكثير من الحيوان الذي يعيش فوق الأرض لو

أدخل في البحر لماتوا جميعا، لأن الخالق سبحانه جعل لكل نظام وغذاء و حياة تختلف

عن الأخر. والجن لهم حياتهم ومعاشهم و أكلهم وشربهم ،ولهم أماكن يسكنون فيها أو

مختصة بهم، وقد يشاركوننا في بعض الأماكن . فهم يسكنون في الأحراش والخرابات

وبيوت الخلاء ، وفي مواضع النجاسات والمقابر. وكما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية ،

(يأوي الى كثير من هذه الأماكن التي هي مأوى الشياطين، الشيوخ الذين تقترن بهم

الشياطين، ويتواجدون في أماكن اللهو وفي الأسواق حيث يكثر تواجدهم لاضلال الناس

وافسادهم،و قد أوصى الرسول صلي الله عليه وسلم أحد أصحابه قائلا :"لا تكونن ان

استطعت أول من تدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فأنها معركة الشيطان ،

وبها ينصب رايته " رواه مسلم في صحيحه ).

فالجن أيضا تعيش في منازلنا ومعنا ولكن لا نراهم، وقد يأكلون معنا ويشربون معنا

من حيث لا نراهم لاستتارهم عنا، لقوله عز وجل ( انه يراكم هو و قبيله من حيث

لا ترونهم) . الا انه قد يتشكل في بعض الأحيان، وهذا ما سنتطرق اليه في حينه في

قصته مع أبي هريرة رضي الله تعالي عنه، وكي لا يشكل هذا الأمر على البعض

فأحيانا نذكر الجن و أحيانا أخرى نذكر الشيطان فما هي العلاقة بينهما ؟

هل الشيطان أصله من الجن :

كما تقدم فقد ذكرنا أن الشيطان أبو الجن كما أن آدم أبو الانس ، والظاهر من سياق

القرآن أن الشيطان من الجن كما في قول الله عز وجل( و اذ قلنا للملائكة اسجدوا

لآدم فسجدوا الآ ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أ فتتخذونه وذريته أولياء من

دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) . فهذا دليل واضح جلي بأن الشيطان

أو ابليس كان من الجن ، ففسقه وعدم تنفيذ أوامر الله وغروره، كان سببا في

أبلسة الله له، كما أن شيطنته أبعدته من رحمة الله، فأختلف الناس في ذلك فمنهم

من قال بهذا ومنهم من قال بغيره . وذكر شيخ الاسلام ابن تيمية ، في مجموع

الفتاوى ج/4 23546 (انه يذهب بالقول بأن الشيطان أصل الجن كما أن آدم

أبو الانس) .

تشكل الجن أو الشيطان :

ان من رحمة الله سبحانه و تعالى بخلقه من الانس ، أن جعل الشيطان و حزبه من

المردة و العفاريت و غيرهم فيما يدخل في مضمون الجن ،غير مرئيين لهم، لأنه

سبحانه و تعالى يعلم بأن أشكالهم قبيحة ، و قد تكون أعين البشر و عقولهم لا

تستوعب البشاعة التي خلق عليها الشياطين . و قد ذكر الله لنا ذلك في محكم التنزيل

واصفا قبح الشيطان بأن شبه لنا شجرة الزقوم التي تنبت من أصل الجحيم برؤوس

الشياطين لما علم من قبح صورهم و أشكالهم ، فقال عز و جل( انها شجرة تخرج

في أصل الجحيم* طلعها كأنه رؤوس الشياطين *) .و قد ذكر لنا النبي صلى الله عليه

و سلم " أن للشيطان قرون و أن الشمس تخرج بين قرني شيطان " و في البخاري

و مسلم قوله صلى الله عليه و سلم "اذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب ،

و لا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس و لاغروبها، فانها تطلع بين قرني شيطان ". ومن

هذا كله يتبين لنا أن منظر الشيطان أو الجن أو ابليس بشع لنا كبشر للنظر اليه، و لا

يستطيع انسان كائن من كان من دون الرسل و الانبياء ، أن يرى الشيطان على حقيقة

خلقته التي خلقه الله عليها كما يدعي البعض من الناس الجهلة و ذلك لقوله عز وجل

(انه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم ) .أما الانبياء و الرسل فالله يريهم ما يريد

و ما يشاء . و لكن الشيطان أو الجن يستطيع أن يتحول من خاصيته التي خلقه الله

عليها الى خاصية أخرى كأن يكون في صورة كلب أو حية أو عقرب أو صورة

انسان أو ما الى ذلك . كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، اذ رأى

الشيطان في أكثر من موضع و بصور لاشخاص معروفين و اشخاص غير معروفين

و قد حدث ان كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث أصحابه فيدخل

عليهم رجل غريب ، نتن الريحة ، قبيح المنظر، مقطع الثياب فيخبرهم النبي

صلى الله عليه و سلم انه الشيطان جاء يشككهم في أمر دينهم . و اليك أخي القارىء

هذه القصة الطريفة التي جرت مع ابي هريرة رضي الله عنه و رواها البخاري ، قال

أبو هريرة رضي الله عنه : وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل

يحث من الطعام ، فأخذته ، و قلت : و الله لأرفعنك الى رسول الله صلى الله عليه و

سلم ، قال: أني محتاج، و علي عيال ، و لي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه ،

فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه و سلم" يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك البارحة ؟"

قال: قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة و عيالا ، فرحمته، فخليت سبيله،

قال " اما انه كذبك و سيعود "، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه

وسلم انه سيعود ، فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام فأخذته ، فقلت :لأرفعنك

الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال: دعني فاني محتاج ،و علي عيال ،

لا اعود ، فرحمته ، فخليت سبيله، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه و

سلم :" يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك؟" قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة و عيالا

فرحمته . فخليت سبيله قال:" اما انه كذبك و سيعود" ، فرصدته الثالثة ، فجاء

يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنك الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ، ثم تعود ! قال: دعني أعلمك كلمات

ينفعك الله بها ، قلت ما هو؟ قال: اذا أويت الى فراشك فاقرأ آية الكرسي

(الله لا اله الا هو الحي القيوم) حتى تختم الآية ، فانك لن يزال عليك من الله حافظ ،

و لا يقربك شيطان حتى تصبح ، فخليت سبيله، فأصبحت ، فقال لي رسول الله

صلى الله عليه و سلم:" ما فعل أسيرك البارحة ؟" قلت : يا رسول الله زعم أنه يعلمني

كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله ، قال:" ما هي ؟ " قلت: قال لي : اذا أويت الى

فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم ( الله لا اله الا هو الحي القيوم )،

و قال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ، و لا يقربك شيطان حتى تصبح، و كانوا

أحرص شيئا على الخير ، قال النبي:" أما انه صدقك و هو كذوب ، تعلم من تخاطب

منذ ثلاث ليالي يا ابا هريرة ؟ " قال: لا ، قال: " ذاك شيطان " .

هل حقا دخول الجن في جسد الانسان :

بدأت العداوة بين الشيطان والانسان منذ اللحظة التي خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه

السلام، بل من قبل ذلك عندما كان آدم عبارة عن جسد، وقبل أن تنفخ فيه الروح،

فقد كان جثة هامدة من طين أتى اليه الشيطان فرآه أجوفا ، فكان يدخل من فمه

ويخرج من دبره ويدخل من أنفه ويخرج من أذنه وهو أجوف. و الشيء اذا كان أجوفا

فانه يكون غير متماسكا لذا كان يقول له: ان لك لشأنا ولئن أمرت بك لأعصين ،

ولئن سلطت عليك لأهلكنك. وقد ورد في صحيح مسلم عن أنس أن رسول الله عليه

وسلم قال:" لما صور الله آدم في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه ، فجعل ابليس

يطيف به ،ينظر ما هو ،فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتماسك " . وعندما نفخ

الله الروح في آدم وأسجد الملائكة له ، أبي واستكبر وفضل نفسه على آدم وهو

الذي كان من أعبدهم لله ، فغرته نفسه فكيف يسجد لهذا الذي خلق من طين فتعالى

على الله ولم ينفذ الأمر الذي صدر من الله له وللملائكة ، فاستجابت الملائكة وعاند هو

ورفض ذلك و استحق أن يطرد من رحمة الله وأن يخرجه الله من الجنة لأنها لا يكون

فيها متكبر متعال من خلق الله .فاذا علمنا هذا، علينا أن نعلم أن الأمر لم يتوقف عند

هذا الحد ،فحسب بل تعداه الى ما هو أبعد من ذلك،وهو توعده لآدم وذريته بالاغواء

والاضلال و الاحتناك ، وانه سوف يأمرهم بتغيير خلق الله ، وقد أمهله الله عز وجل

الي يوم البعث . ولله حكمة بالغة في ذلك ، و الا فان الله قادر على أن يهلكه في

تلك اللحظة .لذا ذكر لنا الله سبحانه هذا التفصيل في قوله عز وجل( قال أرأيتك هذا

الذي كرمت علي لان أخرتن الى يوم القيامة لأحتنكن ذريته الا قليلا) . وفي

قوله( و لأضلنهم و لأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله

ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ) . والآيات في هذا كثيرة

جدا، فالعداوة حاصلة وستستمر ببقاء الدنيا لأن الشيطان يعتقد أن سبب خروجه من

الجنة وطرده من رحمة الله انما كانت بسبب آدم وليس باستكباره واستعلاءه . فلذلك

سوف يستمر بالانتقام من ذرية آدم بعد أن كان هو سببا في خروج أبينا من الجنة.

ولو نظرنا نظرة متأمل لوجدنا أن الله ابتلى آدم بالشيطان وابتلى الشيطان بآدم حتى

تملأ الجنة بعباد الله المتقين وتملأ النار بالكفرة والمشركين والمنافقين والعاصين .

فلله في خلقه شؤون , وله الحكمة البالغة .

ولذلك نجد أن أول مسة يمس الشيطان فيها الانسان ساعة ولادته وهذا ثابت بالدليل

ففي البخاري ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"كل بني آدم يطعن الشيطان

في جنبيه باصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ، ذهب يطعن، فطعن في الحجاب".

وفي البخاري أيضا " ما من بني آدم مولود الا يمسه الشيطان حين يولد ، فيستهل

ارخا من مس الشيطان، غير مريم وابنها". والسبب في حماية مريم وعيسى أن الله

استجاب دعوة أم مريم( و اني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) . فهذا أول

ايذاء للشيطان لأي مولود يولد من ذرية آدم. فكل هذه المقدمة والاستدلالات من الآيات

الواضحات والأحاديث النبوية الثابتات انما تمهيد للموضوع الرئيس في هذا الباب وهو

تلبس الشيطان في جسد الانسان وهو ما يسمى بالصرع. وقد تكلم فيه الكثيرون من

العلماء خلفا عن سلف . وقبل الدخول في أقوال أهل العلم والتفصيل فيها نود أن نعرج

الى قائد المعلمين صلى الله عليه وسلم ونري هل حدث شيء من هذا في عهده ؟ فهو

قدوة الناس أجمعين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . فما ثبت في عهده فهو الحق

المسلم به وما لم يثبت فليس بصحيح .

نعم لقد حصل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اكثر من مرة ودليل من

حفظ أقوى على من لم يحفظ . ففي سنن أبى داود ومسند أحمد ( عن أم أبان بنت

الوازع بن زارع بن عامر العبدى ، عن أبيها ، أن جدها الزارع انطلق الى رسول

الله صلى الله عليه وسلم ،فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له مجنون ، قال

جدي : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : ان معي ابنا لي أو ابن

أخت مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال " أئتني به "، قال: فانطلقت به اليه وهو في

الركاب فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ، وألبسته ثوبين حسنين، و اخذت بيده

حتى انتهيت به الى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : " أدنوه مني ، اجعل ظهره

مما يليني " قال بمجامع ثوبه من أعلاه و أسفله ، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت

بياض ابطيه، و يقول : " اخرج عدو الله ،اخرج عدو الله" ، فأقبل ينظر نظر الصحيح

ليس بنظره الأول . ثم أقعده رسول الله ، صلى الله عليه و سلم، بين يديه ، فدعا له

بماء فمسح وجهه و دعا له فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله- صلى الله

عليه وسلم – يفضل عليه . و في مسند الأمام احمد أيضا عن يعلى بن مرة قال: رأيت

من رسول الله ، صلى الله عليه و سلم، ثلاث ما رآها أحد قبلي ، و لا يراها أحد بعدى

لقد خرجت معه في سفر حتى اذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي

لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء و أصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم

لا أدري كم مرة ، قال : " ناوليني " فرفعته اليه ، فجعله بينه و بين واسطة الرحل

ثم فغر، فاه ، فنفث فيه ثلاثا، و قال : " بسم الله ، انا عبد الله ، اخسأ عدو الله " ، ثم

ناولها اياه فقال: " القينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل"، قال فذهبنا و

رجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياه ، فقال : " ما فعل صبيك ؟ " فقالت:

و الذي بعثك بالحق ما أحسسنا منه شيء حتى الساعة ، فاجترر هذه الغنم ، قال :

" أنزل خذ منها واحدة و رد البقية " .

وبهذا الذي تقدم من حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم و كفى بهما حديثين جليين

عظيمين ترد على كل متأول أفاك كاذب لا يؤمن بدخول الجن في داخل جسد الأنسي.

أما ما حدث من سلفنا الصالح و التابعين فهو كثير جدا، و نؤخذ منه مثلا من امام أهل

السنة و الجماعة الأمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه و رحمه الله.( روي أن الامام

أحمد كان جالسا في مسجده اذ جاءه صاحب له من قبل الخليفة المتوكل ، فقال : ان

في بيت أمير المؤمنين جارية بها صرع ، و قد أرسلني اليك ، لتدعو الله لها بالعافية،

فأعطاه الأمام نعلين من الخشب( أي قبقابين) و قال : اذهب الى دار أمير المؤمنين

واجلس عند رأس الجارية و قل للجني : قال لك أحمد : أيما أحب اليك : تخرج من

هذه الجارية ن او تصفع بهذا النعل سبعين ؟ فذهب الرجل و معه النعل الى الجارية و

جلس عند رأسها ، و قال كما قال له الامام أحمد، فقال المارد على لسان الجارية :

السمع و الطاعة لأحمد ، لو أمرنا أن نخرج من العراق لخرجنا منه ، انه أطاع الله و

من أطاع الله أطاعه كل شيء . ثم خرج من الجارية فهدأت ، و رزقت أولادا . فلما

مات الامام عاد لها المارد ، فاستدعى لها الأمير صاحبا من أصحاب احمد ، فحضر ،

و معه ذلك النعل ، و قال للمارد : اخرج و الا ضربتك بهذه النعل. فقال المارد : لا

أطيعك و لا أخرج ، أما أحمد بن حنبل فقد أطاع الله فأمرنا بطاعته ).

وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ، أن صرع الجن للانس قد يكون

عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للانس مع الانس . وهذا تلميذ شيخ الاسلام ابن

القيم في كتابه القيم " الطب النبوي " يذكر لنا حديث ويفصل في موضوع الصرع

وتلبس الجن، فيقول: ( أخرجا في الصحيحين ،من حديث عطاء بن أبي رباح ، قال :

قال ابن عباس : " ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت بلى. قال:هذه المرأة السوداء،

أتت النبي صلي الله عليه وسلم ، فقالت : اني أصرع ، وانى أتكشف ، فادع الله لى.

فقال : ان شئت صبرت ولك الجنة ، وان شئت دعوت الله لك أن يعافيك ، فقالت :

أصبر . قالت : فانى أتكشف ، فادع الله أن لا أتكشف . فدعا لها" ).

هذا ما كان من المرأة السوداء ، قال ابن القيم ( الصرع صرعان : صرع من

الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة . والثاني هو الذي يتكلم فيه

الأطباء في سببه وعلاجه .

وأما صرع الأرواح: فأئمتهم وعقلائهم يعترفون به ، ولا يدفعونه . ويعترفون : بأن

علاجه مقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية ، لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدفع

آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها . وقد نص على ذلك أبقراط في بعض كتبه ، فذكر

بعض علاج الصرع ، وقال :هذا انما ينتفع في الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة

وأما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج . أما جهلة الأطباء

و سقطهم و سفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة، فأولئك ينكرون صرع الأرواح ولا

يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع . وليس معهم الا الجهل ). ونكتفي الي هنا بما

ذكر ابن القيم ومن أراد الرجوع الى الموضوع مفصلا فهو في الطب النبوي،ص 51

أما الواقع الذي نعيشه وعاشه غيرنا من المعالجين لهو اكبر وأكثر من أن يحصى عددا

وكما، ولكن ليس كل الحالات التي يعالجها المعالجون هي تلبس وجن. فما نسمعه هذه

الأيام من لغط حول ارجاع كل مرض الى الجن و المس و السحر و العين فما هو الا

سفه وقلة علم وجهل مركب. فكثير من هذه الحالات تعود الى مشاكل وأمراض قد

تكون عقلية وقد تكون عضوية وقد تكون نفسية سببها مشاكل اجتماعية

والهروب من مواجهتها، فيلجأ الى المعالجين ظنا من هؤلاء أن الأمر قد يكون عينا أو

سحرا أو تلبسا بالجن. ونسأل الله العافية من كل سوء لنا و لاخواننا المسلمين

والمسلمات. آمين
__________________
(انا ساحرة الليالي لن اقبل بأي طلب صداقه اذا كان من شاب فرجاء عدم المراسله لا با الخاص ولا با الزوار لاني مراح ارد وبتصرف كأني ماشفت الطلب او الرساله

--------------------------------------------
رد مع اقتباس