عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 04-25-2018, 06:25 PM
 
الفصل السابع : قلب الجاسوسية




هذا كله جنون طبعاً وتعرف ليجي هذا !
بسماحها لنفسها أن تشعر نحو فيكتور بما تشعر به ، كانت تحضر نفسها لخيبة أمل كبيرة فهي لم تخدع نفسها لحظة في أنها بالنسبة له ليست أكثر من تسلية عابرة
إنه ذلك الدافع الماسوشي لنساء عائلة دايلي في الوقوع في حب الرجل الخاطئ ، يتصاعد في داخلها ويجرها إلى الأسفل مجدداً
لكنها هذه المرة تستحق ميدالية ذهبية ! فهي تعلم مقدماً كم هو خطير فيكتور ، مع هذا اعتقدت نفسها منيعة ضده ، محمية بغضبها !!
تلك الليلة في السهرة أقنعت نفسها ان فيكتور بريء ، وأن اليانور كانت كاذبة ، وأن العالم أساء الحكم عليه لكن في وضح النهار البارد ، اعترفت أن جدالها مع نفسها كان أساسه الحدس والتخمين ، وطالب دماغها العلمي المدرب طالبها بالاعتماد على حقائق أكثر صلابة بإمكانها ما إن تحصل على هذه الوقائع السير وراء قلبها إلى دماره المحتم
ضحكت بمرارة ، وتذكرت كيف بدأت تبحث عن دليل تستخدمه ضده ، وهاهي الآن وبعد أسبوع قصير تأمل بيأس أن تكشف شيئاً يمكن أن يبرئه في النهاية !
بقيت خطتها على أي حال نفسها بطريقة ما ، يجب عليها انتزاع الأسرار منه قد تكون الأسرار هذه المرة بطبيعة مختلفة ثم وبعد أن رضيت بهذا القرار ، وعدت نفسها بأن تتصل بديانا ايفرارد وأن تسحب قصتها التي قالتها لها ، وتقطع صلتها بصحيفة ( البوغل ) نهائياً

في البداية ، حين لم تكن تعرف عما تبحث ، قامت بمبادرات كانت للأسف خاطئة وقت العشاء تلك الليلة ، وهي تمطر فيكتور أسئلة عن عائلته ، وتأمل أن تستخلص منه معلومات قد تفيدها ، توقف عن تناول الطعام ونظر إليها بعينين ضيقتين

- أنت فضولية جداً ربما يجب أن أزودك بتاريخ مكتوب لعائلة دوما رشيه ظننت أن التجسس الصناعي هو مجالك ؟ لربما قررت أن توسعي نشاطك قليلاً ؟

شتمت ليجي نفسها ، وحاولت تغيير الموضوع :
- آسفة كل مافي الأمر أنكم عائلة تثير الاهتمام اضافة إلى هذا ، أنت تعلم أنني لست جاسوسة صناعية لا يمكنك الاستمرار في تصديق شي كهذا عني بكل تأكيد

نظر إلى عينيها مباشرة وقال :
- كلي عزيزتي ، ولا تطرحي أسئلة كثيرة
لم يكن بالرجل السهل انتزاع الثقة منه هكذا فكرت وهي مستلقية في السرير يجب عليها أن تكون صبورة ن وأن تتحرك بحذر فعاجلاً أو أجلاً لابد أن يكشف لها شيئاً
في الصباح التالي ، على الشاطئ ، كادت أن ترتكب هفوة أخرى مرت لحظة سريعة بدا أن عينيه أسودتا ، وعرفت أنها عادت لطرح الأسئلة الكثيرة غيرت الموضوع بلباقة ، قبل أن ينتقدها
وهما يتناولان الغداء معاً في الفيلا جاءت الفرصة التي كانت تنتظرها
كانا قد أمضيا معظم الصباح في التزلج على الماء على الأقل هذا ما فعله فيكتور ، وأمضت ليجي الوقت تقع وتجر نفسها في الماء
قال فيكتور وهو يضع قطع ( الكركتو ) في طبقها :
- لا تقلقي لقد كانت محاولاتك جيدة كبداية وأشعر واثقاً ، أنك في الغد ستتمكنين من التزلج جيداً
- أتمنى لو أستطيع التزلج مثلك .. أنت حقاً تجعل الأمر يبدو سهلاً
غمزها قائلاً:
- لا تكوني نافذة الصبر وتذكري أنني أمارس التزلج منذ سنوات كنت أتزلج على الثلج وعلى الماء منذ تمكنت من السير تقريباً
- أعتقد أن هذا صحيح

تذكرت في تلك اللحظة الحديث تلك الليلة في النادي حين سألته نادين عن الشاليه وانتهى بها الأمر إلى التلميح إلى نوع من الفضيحة ذلك الوقت تسألت ليجي عما إذا كانت تلك القصة التي تسعى إليها ، لكنها سرعان ما تمنعت عن متابعتها الآن ساورتها نفس الفكرة ، لكن بدوافع مختلفة

فكرت أن تستخدم نفس الأسلوب الذي كانت ستستخدمه ضده ، لتثبت أن لا وجود لشيء يخجل منه ، وإن كان هناك فضيحة فهو لا شك أن دوره فيها كان دور البريء وإذا كان الأمر كذلك فهي مستعدة للقبول بهذا كدليل أخير أحست بإثارة داخلها ، فلو استطاعت الوصول لقلب القصة فإن عذابها سينتهي هذه فرصتك فلا تضيعيها !! انطلقي خلفها! واكشفي الحقيقة !!
أخذت نفس عميق ، وأكملت :
- أنت محظوظ جداً لحصولك على كل هذه الفرص الرائعة لممارسة الرياضة أعتقد إنكم في كورسيكا تمارسون التزلج على الماء طوال السنة تقريباً ! وبامتلاكك الشاليه الألبي في ( هوت سافوا ) فبإمكانك التزلج على الثلج طوال الشتاء كما تشتهي أخبرني عن شاليه اللب يبدو لي مثالياً حقاً
ابتسمت لها عيناه الزرقاوان :
- هذا صحيح أنه يقع على ارتفاع ما يزيد عن ألفي متر نحصل هناك على أفضل موسم ثلج ومناظر رائعة
- أراهن على هذا وأستطيع تصوره وأراهن أن كل أصدقاؤك يطالبون صاخبين باستخدامه
هز كتفيه قليلاً :
- إنه مشهور جداً ولحسن الحظ كبير بما يكفي لاحتواء بضع ضيوف
كتمت أنفاسها لحظة ، وسألته مبتسمة :
- أعتقد أنك تقيم حفلات كثيرة ؟
- ليس الكثير مرة أو مرتين في السنة
اخذ قلبها يخفق بجنون :
- لا بد أن هذا أمر مرح وأظن أن هذه الحفلات تصبح مجنونة أحياناً ؟
رفع حاجبيه :
- ولماذا تظنين هذا ؟
أحست بقلبها يعتصر لهفة كان في صوته لمحة من التأنيب رمته بنظرة متوسلة ، وتظاهرت بالفضول :

- ذكرت نادين شيء عن حفلة صاخبة ، شملت زوجة وزير بارز وأنا واثقة أن الأمر لم يكن فضيحة كما صورته لكنني لم استطع إلا أن أتسأل
نظر إليها مباشرة :
- ربما كانت أسوأ بكثير مما صورته نادين أو كادت تكون بالفعل فضيحة كبيرة لكن لحسن الحظ تمكنا من تلافيها في الوقت المناسب
ضحكت بتوتر ، لابد أنها الآن أمام شيء ما!
- تلافيها ؟ إذا كان يجب تلافيها فلا بد أنها كانت جدية ماذا حدث بالضبط ؟
نظر للبعيد :
- لم تكن قصة جيدة ، وأظن من الأفضل نسيانها

لا يمكنها التراجع ، قالت محاولة الممازحة :
- لماذا تتكتم لهذه الدرجة ؟ هيا أخبرني عنها لن أخبر أحد
نظر إليها بحدة :
- أتريدين حقاً أن تعرفي ؟

شيء في أعماقها طلب منها أن تقول لالكنها هزت رأسها إيجاباً ، وفات وقت التراجع ث
- حسن جدا إذا كنت تريدين أن تعرفي ، سأقول لك لم أخبر أحد من قبل بأي شيء من هذا ربما لن يكون الأمر سيئاً في أن أخرجه من نفسي وكما سبق وحذرتك ، إنها قصة غير لطيفة أواثقة أنت أنك تريدين سماعها ؟
تمتمت مع أنا لم تكن واثقة :
- أجل
- حسناً جدا ً ، هكذا كانت
تراجع في كرسيه :
- السيدة التي تتركز القصة عليها ، زوجة الوزير ، كانت صديقة مقربة مني تقيم في الشاليه وفي أحدى الأمسيات أقمت حفلة

صمت ثم أكمل بنفس اللهجة الباردة :
- لسوء الحظ ، والحفلة في أوجها ، داهمتنا الشرطة ، ودون توقع ، اكتشفوا مواد ممنوعة ، وارتكبنا غلطة محاولة رشوة الشرطة ، وكادت المسألة تتفجر في فضيحة رئيسية ولحسن حظنا جميعاً ، ولأن مستقبل الوزير كان في خطر ، تدخل شخص في مركز مرموق ، ولم توجه أي اتهامات إلينا وهكذا خمدت القصة

ابتسم لها ابتسامة متجهمة :
- وكانت هذه أسوأ الأخطار التي تعرضت لها في حياتي كادت تكون بالفعل نهاية لحياتي العملية لو أن تلك المسألة وصلت للمحاكم
نظرت ليجي إليه ، أحست بالدوار والصدمة ، وصارت تراه فجأة كشخص غريب لقد حصلت على قصتها ، وأمامها الدليل ، لكنه لم يكن الدليل الذي تبحث عنه
فجأة أحست برغبة في أن تخسر كل ما تملك بدلا من سماعها كلمة واحدة من هذه القصة !!

******************** **************


بالطبع كانت هذه نهاية كل خيالاتها المضللة أحست بالغثيان والصدمة لاعتراف فيكتور أغلقت على نفسها باب الحمام ، وكتبت بغضب لنصف ساعة لم يعد هنا أي شك في ما هو واجبها وما عرفته نوت أن تمرره إلى ( البوغل )
استلقت تلك الليلة تصغي إلى تنفس فيكتور المطمئن روح هذا الرجل مفتوحة الشهية مثل بركة وحل في مزرعة ثيران ، ولا يزيد ضميره عن سماكة شريحة لحم رقيقة!! ابتلعت دموع الاحباط بفتنته خدعها ، كما خدع اليانور ، وهي لم تصدقه فقط بل أرادت أن تثق به مما أثار سخطها

مع كل هذا ، وبالرغم من الرسالة الموجهة لديانا في حقيبتها ، كان جزء منها لا يزال يرحب بدليل ولو صغير على أنه في الواقع ليس سيئاً إلى هذا الحد لكن يا للأسف كل الدلائل تشير إلى العكس

كان الاتفاق أن يلتقيا مع نادين وكينيث في الصباح الباكر على أن ينطلقوا من الميناء الملحق بفندق الصديقين

قالت نادين حين اتصلت لتأكيد الاتفاق :
- أجلبا معكما سلة الطعام بعض أفخاذ الدجاج السندويشات وعلب المرطبات
كلف فيكتور الخادمة مارولا ، مسؤولية تحضير سلة الطعام ، وهما يستعدان للرحيل قبل الثامنة بقليل تقدمت مارولا إلى السيارة تحمل السلة ، فقال فيكتور بخشونة :
- سأضعها في الصندوق ، أعطني إياها
انتزعها منها بقسوة أجفلت ليجي فهذا تصرف ليس من طبيعة فيكتور ، فهو عادة مثال للأخلاق الطيبة لكنها لاحظت أنه متوتر وأن توتره يزداد

بدلا من أن يفتح الصندوق ليضع السلة ، فتح غطاء السلة وصاح :
- ماهذا ؟ قلت لك أن تضعي علب المرطبات ، وليس إبريقاً من العصير أيتها المرأة الغبية ! ألا يمكنك فعل شيء صحيح ؟
راقبت ليجي وجه مارولا ينكمش :
- أنا آسفة يا سيدي ظننت
- ظننت ! ظننت ! لا تقولي لي ما ظننت ! أفعلي فقط ما أقول ! فأنت لا تقبضين أجرك لتظني !

كان هذا تصرف مشين لا يغتفر ولو أنها أحست بمعنوياتها مرتفعة أكثر لتدخلت لكنها استدارت ، أحست بالغثيان والقرف في معدتها لو كان لديها أدنى تردد فيما نوت أن تفعله لقوت هذه الحادثة غبر اللطيفة من عزيمتها
ما أن أصبحا في السيارة حتى سألته :
- هل بإمكانك التوقف عند مكتب البريد ، لأتمكن من إرسال المزيد من البطاقات ؟
لم ينظر إليها وهو يرد :
- وما هو الملح في بطاقتين بريديتين ؟ هل هناك سبب محدد لإرسالهما الآن ؟
- لا سبب أبداً وبالطبع لا داعي للعجلة إذا كنت تصر بإمكاني إرسالهما بعد الظهر

لكن حمل الرسالة معها طوال الوقت ، أشبه بالقنبلة الموقوتة ! لكن لو جادلته أكثر من هذا سيجعله يشك ، وهو في مزاج صعب وخطير لحسن الحظ بدا أن مزاجه قد لان قليلاً بعد أن خرجوا في عرض البحر فقد كان نادين وكينيث رفيقان رائعان ، وصيد السمك بحد ذاته كان طريقة مسلية لقضاء الوقت
أخذهم صاحب المركب المدعو ماك جيل إلى المياه السوداء الأعمق في المحيط :
- هناك الكثير من سمك ( البركودا ) ربما يحالفكم الحظ وتصطادون شيء منها !
ضحكت نادين وهي تنظر لزوجها :
- إنهم لا يكبرون أبداً مهما بلغ سنهم ، فقلوبهم تبقى صغيرة

نظرت ليجي للرجل الجالس في المقعد الثابت المخصص للصيد ، يتصرف مع القصبة الثقيلة بحنكة خبير ، بدا لها أنه فعلا يملك جواً من الطفولة حوله والذي قد يبدو ساحراً لكل من ينظر إليه ببراءة لكنها وهي ترد ابتسامة نادين في موافقة لبقة ، كانت تحس بخيبة أمل عميقة من المؤسف أن يكون رجل بمثل هذا الكمال ، دون أساس أخلاقي متين

دعا ماك جيل إلى استراحة بعد وقت قصير ، وقال :
- بإمكانكم تناول الغداء بينما أتجه إلى الأعماقاجتمع الأربعة حول سلتي الطعام ، وكان من الواضح أن هواء البحر قد زاد من شهيتهم

أخرج فيكتور بعض أفخاذ الدجاج المحمرة ، وقبل أطراف أصابعه على الطريقة الفرنسية لإظهار إعجابه ، وقال بحماس :
- رائع!
وحث نادين وكينيث على تناول بعضها :
- إنها تبدو لذيذة جداً
رمقته ليجي من تحت رموشها بسخط متذكرة ما فعله بمارولا من أجل علب المرطبات بدا أنه نسي تماماً تلك الحادثة المزعجة الصغيرة ، وهو يأخذ العلب الباردة ويفتحها ويصب منها في الأكواب ، وبابتسامة تذيب العظام ، قدم الكوب الأول لليجي

كرهت ليجي تحرك أحاسيسها نتيجة ملامسة أصابعه ليدها برقة كيف يمكن أن تشعر بهذا العجز فيما يقف قلبها ضده تماماً ، تمنت لو تنتهي هذه العطلة فكل دقيقة تجبر نفسها فيها على البقاء معه ، ستكون عقوبة ذاتية لها
لكن نادين قرأت الموقف يشكل مختلف حين عاد الرجلان على الصيد فيما بعد وتمددت المرأتان مجددا في الشمس ، نظرت إلى ليجي وقالت :
لو لم أكن امرأة متزوجة وسعيدة ن لحسدتك كلاكما تبدوان رائعين معاً إحرصي على التمسك به ، إنه رجل فريد من نوعه
يا لنادين المسكينة المخدوعة ابتسمت ليجي لها :
- لا أظن أن أحد منا جاد تماما تجاه الآخر فما بيننا لايعدو كونه مجرد عطلة رومانسية

- أمر مؤسف كانت لدي آمال كبيرة في فيكتور لكنني أعتقد أنني قابلته في وقت غير مناسب كان هذا بعد وقت قصير من موت والده واضطراره لاستلام إدارة المؤسسة ، وكان لديه مشاغل كثيرة

بدت الدهشة على ليجي :
- أتعرفينه منذ ذلك الوقت ؟ لم يكن لدي فكرة أنكما صديقان منذ زمن بعيد
ابتسمت نادين :
منذ ثماني سنوات تقريبا ، وأعتقد أن هذا وقت طويل

ثماني سنوات لا يمكن أن يكون هذا صحيحا؟
- لكنه تولى إدارة الشركة وهو في 21 ، وهذا يعني 15 سنة !!
- وقائعك مخطئة قليلا، كان صغير حين استلم الإدارة لكن ليس بهذا القدر كان يقارب 28عاما

قطبت ليجي حاجباها كم هذا غريب اليانور قالت انه كان في 21 فهل كذبت أيضا ؟ أم أخطأت ؟ قاطع حديث المرأتين صيحة انتصار من كينيث :
- هاي لقد التقطت شيئاً
كان ماك جيل قربه :
- تبدو كبيرة من الأفضل أن ترتدي الرباط

أشار برأسه لحزام أمان جلدي ، متصل بكرسي كينيث
- بعض هذه الأسماك قوية جدا ويمكنها المقاومة بشراسة
استدار كينيث مبتسماً ومتجاهلا الخطر ، ومخففا قبضته على القصبة كان هذا لمجرد لحظة ، لكنها كافية وأمام رعب ليجي اشتد الخيط بشراسة منتزعاً كينيث من مقعده وجره معه فوق سطح المركب ما كان سيصيبه أي ضرر لو ترك القصبة من يده ، لكنه استمر متمسكا بها ليرميه الخيط المشدود على جانب المركب هب فيكتور مادا ذراعيه ليمسك بصديقه ، لكن قبضته كانت أقصر بسنتمتر واحد ن ثم طار كينيث من فوق المركب بحركة رهيبة ساد صمت فوري ، وكأن الزمن توقف ، ثم وفي لمح البصر وقبل أن يستعيد الباقون وعيهم ، كان فيكتور يقفز من فوق سياج المركب خلف صديقه
وقفت ليجي مذعورة 0ونظرت لنادين التي بادلتها النظر وعرفت كل منهما ما تفكر به الأخرى كان هذا مكتوب في الخوف الصارم الذي يشع من وجهيهما كلمة واحدة رهيبة البراكودا المفترسة !
أسرع ماك جيل ، ليخفف من سرعة المركب ويصيح في نفس الوقت :
- أمسكا حزام الأمان !
رمت المرأتان بنفسيهما على مقدمة المركب ووصلت ليجي لهناك أولا لتميل فوق السياج وتنظر للأمواج
لم تجد أثر للرجلين وكأن الأعماق ابتلعتهما معاً

أخذت ليجي تدعو
- أوه ياإلهي ياإلهي !رحمتك
كانت تحس بموجة من الرعب غمرتها وشلت تفكيرها
- راقنا الميمنة !
استدارت ليجي وهناك على بعد 50 ياردة من المركب ظهر رأس أسود إنه فيكتور وكان يلوح لهم أنها لا تكاد تصدق المحيط لم يبتلعه !!

لحظة بعدها ظهر رأس آخر لكينيث الذي كان فاقد للوعي تقدم ماك جيل يحمل إطار نجاة رماه للرجلين على الفور سبح فيكتور بقوة نحوه وهو ممسك بكينث بالذراع الأخرى وأخذ ماك جيل يسحبهما للمركب
ما بدا كأنه أبدي لا ينتهي لم يكن في الواقع سوى بضع دقائق جُر كينيث للمركب ولحق به فيكتور الذي رفع نفسه بسهولة للسطح
وقفت ليجي تنظر إليه مشلولة المشاعر تحاول استيعاب أنه لم يصب بأذى وأنها لم تشعر بهذه البهجة أبدا في حياتها ثم وهو ينظر إليها بتلك الابتسامة التي تعودت عليها شيء في داخلها أنفجر متحررا ، ورمت بنفسها عبر السطح إليه يكاد قلبها يتوقف وهو يدنو منها
وهي تذرف دموع الارتياح ، سمعت نفسها تقول :

- أوه أحممد الله على سلامتك لا تفعل شيء كهذا مرة أخرى! سأموت لو حدث شيء لك !
كان الاهتمام منصب على كينيث المصدوم المنقلب على وجهه للنصف ساعة التي تلت
ما إن أصبح فوق المركب حتى استعاد وعيه لفوه ببطانية ونقلوه للأسفل وأعد له ماك قهوة حلوة ساخنة
قال كينيث بحرج :
- أنا بخير الآن لا تقلقوا علي ! أنا فقط لآسف لأنني كنت أحمق غير مكترث ، وانتهى بي الأمر بتعريض فيكتور أيضا للخطر
رد فيكتور بتواضع :
- أحداث كهذه تحصل لأي كان ربما في يوم ما ستبادلني الشيء نفسه
بالطبع كانت هذه نهاية لرحلة الصيد لم يعد لأي منهم مزاج للمتابعة ، وبتعليمات من فيكتور عاد المركب نحو باربادوس كان الوقت لا يزال مبكراً نسبياً فالساعة لم تتجاوز الخامسة عندما رسى المركب في ميناء الفندق أصرت نادين على دعوتهما :
- ابقيا هنا لتناول القهوة قبل عودتكما للفيلا لكن فيكتور رفض :
- كينيث بحاجة للراحة كلاكما يجب أن يرتاح لقد تلقينا صدمة مزعجة جدا ، لا تقلقي سنراكما قبل أن نغادر
صعد ليجي وفيكتور السيارة عائدان إلى ( الخليج الفضي )
مزاج غريب خيم على ليجي ما أن مرت لحظات التخلي عن الأمل فوق المركب ، لقد آمنت وهي بجانبه دون تحفظ بأنها تحبه

وكانت فكرة رهيبة ، مع ذلك وفي تلك اللحظة العنيفة اشتعل قلبها ولم تستطع أطلاقاً مقاومة المشاعر التي غمرتها ، ممتلئة بشوق يائس أن تحول عاطفتها لكلمات
ولقد قالت كثيراً ذكرى الكلمات التي قالتها أخجلتها كن لم تقل كلمات أكثر حسماً لم تقل ( أحبك ) وبدا لها أن قلبها أصبح بلا كرامة أو تعقل كيف يمكن أن تحب رجلا كهذا؟
تستطيع الآن تصور كم سيستجيب بسخرية لإظهارها المعيب لعاطفتها لكن لو كان يفكر باستغلال هذا الموقف فلسوف تصحح له وهمه فاجأها قائلاً :
- هاي ، ألم ننس شيئاً ؟ الأفضل أن نمر على مكتب البريد قبل أن يقفل
قطبت ليجي ناسية :
- مكتب البريد ؟
- لبطاقاتك البريدية التي كنت متلهفة على إرسالها هذا الصباح
- أوه أجل بالطبع

الرسالة التي كتبتها ( للبوغل ) كانت لا تزال في حقيبتها :
- لقد نسيتها
وأحست بارتباك :
- ألا زلت ترغبين في إرسالها ؟
- أجل بالطبع
خارج مكتب البريد ، شد فيكتور المكبح اليدوي :
- سأنتظر هنا ، أدخلي وانهي ما جئت من أجله

ما إن وقفت على الرصيف ، حتى تملكتها الشكوك فجأة بدا لها ما تنوي فعله كريهاً لا أخلاقياً كيف يمكنها وبدم بارد أن تخون الرجل الذي ومنذ ساعات قصار، أمنت بأنها تحبه ؟!
لأنها لا تحبه ولأنها لا تستطيع أن تحبه
وبإرسالها الرسالة ستبرهن لنفسها على هذا
دخلت وبتصميم لمكتب البريد فكري باليانور
فكري بمارولا
فكري بتلك القصة التي سمعتها منه ليلة أمس !
الرجل لا يستحق مشاعرك المجنونة
أظهري قليل من الشجاعة وعامليه بما يستحق !

كانت هناك أفكار كثيرة لا يمكنها جمعها كتلة ضخمة من الارتباك لا يمكنها فهمها مثل تلك القصة التي روتها نادين اليوم والتي لا تنطبق مع الصورة التي رسمتها اليانور كل هذا ذكرها بشكوكها في مسألة الأوبرا
نظر إليها موظف البريد :
- كيف أستطيع أن أخدمك آنسة ؟
كادت ليجي أن تبكي فهل تبحث بهذا عن سبيل للتراجع بسماحها لأحاسيسها الغبية أن تقع رهينة عواطفها ؟
تنفست بعمق:
- أريد بعض الطوابع
في لمحة تفكير بسيطة قررت أن لا ترسل الرسالة اليوم، وستنام لتفكر بالمشكلة ، وربما سترسلها في الغد
وأكملت مبتسمة :
- طوابع لانكلترا ، أرجوك
ثم بإحساس بالارتياح ، أخرجت من حقيبتها بضع البطاقات البريدية لكنها وهي تخرجها تجمد الدم في عروقها !! فالرسالة التي تسببت لها في كل هذا العذاب ، لم تكن هناك !!
كانت صدمة الاكتشاف كضربة جسدية لأحاسيسها ، أين ذهبت الرسالة ؟ تجمد فكرها من الرعب دفعت ثمن الطوابع وتمكنت بطريقة ما من إلصاقها على البطاقات البريدية لا شك أنها وقعت منها وهي على المركب أو الفندق راجع عقلها كل الاحتمالات بنوع من العذاب المبرح لكن دون جدوى لقد اختفت الرسالة ، وانتهى الأمر خرجت من مكتب البريد إلى الشارع ، وأحست بالبرد رغم حرارة الجو ، لو أنها أوقعتها في الفندق فلا خطر في ذلك ، فلا يوجد على المغلف ما يربطها بها لكن إن وجدها ماك جيل على مركبه ، فسيعرف أنها لواحد من ركاب اليوم
وسيتصل بنادين وكينيث وهما سيعلمان أنها أما لها أو لفيكتور
وصلت السيارة وقلبها ثقيل كالرصاص فتح لها فيكتور الباب ودخلت مترددة ، سألها بلطف :
- أنهيت كل شيء ؟
- هزت رأسها دون أن تنظر إليه
- أجل شكراً
وفي طريق العودة كانت ممتنة طوال الطريق أنه لم يكلمها ، لأن كل زاوية في دماغها كانت تتركز على الرعب الذي سيحصل لو عرف محتويات الرسالة
عليها التفكير بطريقة تتجنب فيها حدوث مثل هذه الكارثة ولا بد من وجود طريقة آه لو أن دماغها يستطيع الوصول إليها
كانت خلاياها الرمادية تتمخض في غضب مجنون وهما يدخلان بوابات الفيلا الحديدية الكبيرة ويتجهان بسرعة للممر الداخلي لو أنها فقط تستطيع الحصول على ساعة من الهدوء والسكينة ، فلربما استطاعت الخروج بفكرة من الممكن أن تنفذها
أصبح فيكتور وراءها تماما ، وهي تسرع صاعدة السلم إلى الشرفة :
- إلى أين أنت ذاهبة ؟ تبدين مستعجلة ؟
استدارت بنفاذ صبر وقالت بحدة :
- أنا ذاهبة لأستحم ، وسأستلقي في المغطس لوقت طويل
- فكرة جيدة
لكنه لم يتركها ، وأصبحت عيناه كقطعتي ماس ، ومد يده لجيب بنطلونه الخلفي ، وبحركة سريعة أخرج منه شيئاً وقال بحدة :
- ستحصلين على حمامك عزيزتي بعد أن تتاح لنا فرصة للكلام معاً
- كلام ؟ حول ماذا ؟

لكنها تصلبت رعباً عندما قال بلهجة جمدت كل عصب فيها :
- حول هذا عزيزتي
ومد يده أمامها بالرسالة المفقودة متجعدة مفتوحة
__________________

يا رفاق ،ترقبوا ، زمن من المفرقعات قادم!

┊سبحان الله ┊ الحمدلله لا إله إلا اللهالله أكبراستغفر الله
هل لديك ما تخبرني إياه ؟| مدونتي | معرضي
  #17  
قديم 04-25-2018, 06:33 PM
 
الفصل الثامن : هل قتلت أختي ؟


حدقت ليجي بالرسالة مصدومة غير مصدقة ، وقالت هامسة وهي تحس بالدم يتجمد في عروقها :
- أنت ! أين وجدتها ؟
قبل أن يرد دفعها أمامه على السلم إلى الأعلى ، وجرها إلى غرفة الجلوس فتهاوت ووقعت فوق مقعد بذراعين ووقف فوفقها :
- وجدتها في حقيبتك وقرأتها وأنت في مكتب البريد وأنت تشترين الطوابع البريدية !
أحست وكأنها وقعت رأسا على عقب وتجد نفسها في كابوس !!
سألته بوهن :
- وأي حق لك في أن تعبث بحقيبتي ، وتقرأ رسائلي الخاصة ؟
أطلق شخرة جمدت الدم في عروقها ، وانكمشت في مقعدها :
- أتجرؤين عن السؤال عن أي حق لي ؟ لست أنا من يخضع للاستجواب ! بل أنت من يجب أن تقدم التفسير!
ضمت قدميها تحت تنوره فستانها وقالت ببؤس :
- لم أكن سأرسلها ، أقسم لك ، لقد غيرت رأيي

لم يصدقها تكورت شفتاه في تعبير خشن مخيف ثم تقدم منها وكأنما ليمسك بها ، وانعقد حاجباه :
- ما أريد أن أعرفه ، هو لماذا تفعلين هذا ؟ ومن أنت بحق الله على أي حال ؟
تصاعد التوتر داخلها وابتلعت ريقها :
- من أنا ؟
_ من أنت عزيزتي سؤالي بسيط بما يكفي ! هل ستجيبين أم أجبرك على الإجابة ؟

لم يعد دماغها قادراً على تشكيل الكلمات
- سألتك سؤالا ! وأنا أنتظر الرد !
كانت أصابع كالفولاذ تطبق عليها ، وتجعلها تجفل ذعراً وألماً ، وتشهق لتتنفس :

- أنا منتظر أن تخبريني من أنت !

حاولت الخلاص منه لكنه شد قبضته وصاح بنفاذ صبر :
_- انطقي ! من أنت ؟
أغمضت عينيها ، لا تجرؤ على النظر إليه
وتمتمت :
- أنا شقيقة اليانور
هبط سكون وصمت رهيبين ، وكأنه يحاول استيعاب ما قالته ، ثم مع فتحها لعينيها ، سألها :
- أتغنين اليانور وايت ؟

- أجل أنت تذكرها إذاً؟

- بالطبع أذكرها ! لكنني لا أفهم لماذا تتورط شقيقة اليانور بحملة لتدميري أعتقد أن هذا ما كنت تحاولين فعله
أحست بموجة عارمة من الخجل ثم أبعدتها عن نفسها إنه يستحق ! نظرت إليه بثبات قائلة :
- أردت الانتقام منك لموت اليانور
- موت اليانور ؟ وما دخلي بموتها ؟ لقد ماتت بمحض اختيارها كما عرفت وبعد سنة من عودتها لانكلترا
- والفضل لك ، ولما فعلته بها !

لقد آمنت بهذا لمدة طويلة حتى أنها الآن تقوله دون تفكير مع ذلك كان هناك شك في أعماقها بدا يتعاظم في الحقيقة لم تعد متأكدة مائة بالمائة وقف أمامها جامداً ثم سأل :
- وماذا فعلت بها ؟

- حطمت قلبها هذا ما فعلت ! ربما لم تكن موجود ساعة موتها ، لكنك أنت من دفعها لتنهي حياتها !

رد بلهجة مريرة تبلغ حد القسوة :
- أشك في هذا كثيراً في الواقع فإذا لم أكن أنا ، فهناك أحد ،أو شيء ما ، كان سيوصلها إلى هذا المصير في النهاية فشقيقتك ، كما لابد تعرفين لم تكن ثابتة عاطفياً فقد حدث في حياتها طلاق وسلسلة من العلاقات التي تحطمت ، قبل أن تلتقي بي
ثار غضبها أنه يدافع عن نفسه بتشويه سمعة اليانور !

- شقيقتي لم تكن غير مستقرة عاطفياً ! كانت ببساطة قليلة الحظ حكمها سيء على الرجال وبما أنك تقول أنك تعرف ماضيها ! ألم يكن هذا سبباً كافياً لأن تعاملها ببعض الحنان والمراعاة ؟ أم رجلاً مثلك ينظر إلى المرأة الضعيفة ، كلعبة تسلية ؟

لم يرد لكن صمته كان راعداً ملأ الغرفة بترقب رهيب سارعت ليجي تكمل :

- لماذا لم تتركها وشأنها إذا كنت لا تريدها ؟ لماذا استمريت في إغوائها ؟

ضاقت العينان الزرقاوان :
- أهذا ما قالته لك ؟
- وهل تنكر ؟

استدار فجأة لينظر إلى الشرفة في الخارج
مديراً ظهره نحو المقعد الذي تجلس عليه وقفت ليجي متمايلة ، وخائفة أن يوقف الحديث ويتركها قبل أن تنهي ما تريد فبالرغم من الهجوم المرير الذي أطلقته ، كان جزء معذب منها يتوق لإنكار الذي سينهي في النهاية كل ما آمنت به سابقاً

كان صوتها يرتجف وهي تسأل :
- هل تقول أنك لم تعدها بشيء أبداً وأنك لم تطلبها للزواج وأنها اخترعت كل هذا ؟
استدار ينظر إليها :
- أنكر هذا بكل تأكيد !الفكرة بحد ذاتها منافية للعقل !
خفق قلبها ، وشدت على قبضتها بقوة :
- أيمكنك إثبات هذا ؟
فجأة وقف أمامها شامخاً وبخطوتين غطى المسافة بينهما :
- أثبته ؟ إذا كان لأحد أن يثبت شيئاً فهو أنت ، وليس أنا !
انتزع الرسالة مرة أخرى ، ومدها إليها :
- أنت من يوزع الاتهامات وعبء إثبات الأكاذيب يقع على عاتقك !
قال بلهجة قاسية لا ترحم :
- وما هي القصص الأخرى التي سربتها ( للبوغل ) هيا قوليها ماذا قلت بعد ؟
- إنك دفعت أختي للموت ولا شيء غيره أقسم لك ! فقط هذا !
أطلق من فمه سباباً ، ثم قال :
- هذا فقط !! يا إلهي ! لقد كان يومك فعلاً مشهوداً ! إذن أخبريني متى خططت لكل هذا ؟ هل جئت للمؤتمر وخطتك جاهزة ؟
- بالطبع لا ! لم أكن أعرف أنك ستكون هناك ! قررت أن أفعل هذا حين أخبرتني عن الذين يلاحقونك ، وأجبرتني على الاشتراك في هذه المهزلة الغبية

ضاقت عيناه ، غير مصدق :
- لماذا سرقت مسجلتي إذاً ؟
نظرت إليه ببؤس كانت قد نسيت ذلك التصرف الغبي الذي كان البداية المهلكة التي قادت إلى هذا المأزق :

- لم يكن لذلك علاقة بهذا ، أخذتها فقط لأزعجك ولم أكن أفكر بأي شيء آخر في تلك المرحلة أرجوك صدقني أنت نفسك أعطيتني الفكرة .

- فهمت
يبدو ، والشكر لله أنه صدقها وابتعد عنها

- إذاً ، وبعد أن أعطيتك الفكرة بكل كرم ، قررت الاتصال بالمرأة في ( البوغل ) وعرضت عليها أن تكوني أنت الواشية ؟ وإذا لم يستطع البقية النيل مني فستفعلين هذا أنت ؟
- شيء مثل هذا
الطريقة التي وصف بها الأمر تبدو شريرة وقاسية تراجع عنها ببطء ونظر إليها :
- أتعلمين بدأ كل شيء يعود إلى ذاكرتي أنت ( ليلي )

أجفلت لذكره اسم طفولتها ، فابتسم بمرارة
- من كان يظن أن طفلة بريئة التقيتها منذ سنوات في كورسيكا ، ستنقلب لتصبح نموذج شرير مخادع ،؟ أنت تلعبين دور العميل المزدوج ؟ لا بد أنك تشعرين بالاعتزاز بنفسك !

في الواقع ، هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة حست بالحقارة والوضاعة فقالت محتجة :
- لم أكن سأرسل الرسالة قلت لك هذا لقد غيرت رأيي
سخر منها :
- بالطبع غيرت رأيك ! لهذا كنت مصممة على أن آخذك لمكتب البريد
ثم وبحركة شرسة متعمدة ، رماها بالرسالة لتستقر لحظات على كتفها ، ثم تقع أرضاً:
- لكن أخشى يا عزيزتي ، أن لا تكوني صالحة لان تكوني جاسوسة فالطريقة التي استمريت فيها بطرح الأسئلة علي فيها ، جعلتني أرتاب بأنك تنوين شيئاً مع أنني أعترف أنه لم يخطر ببالي شيء كريه مثير للاشمئزاز كهذا

صمت ليتفرس فيها بعينين كخطافين من فولاذ :
- على فكرة القصة التي رويتها لك محض خيال ابتكرتها لأرضي فضولك تلك الحادثة المزعجة ، حدثت وكما أخبرتها لك لكنني لم أكن متورط بها ، ولم تجر في الشاليه الذي أملكه

ضحك بخشونة وبلا مرح :
- ابحثي عن القصة لو شئت أو أرسليها إلى أصدقائك في ( البوغل ) وليتأكدوا منها

دس قبضتي يده في جيبي بنطلونه ، كأنما يفضل أن يبقيهما تحت سيطرته ، ونظر إليها كما ينظر المرء إلى لطخة فوق سجادة :
- ظننت شقيقتك كاذبة وقحة ، لكن أنت في طبقة مميزة وحدك !

ثم وكأنه لم يعد يستطيع تنفس الهواء استدار باحتقار ، وخرج من الغرفة وسمعت ليجي وقع خطواته تنزل السلم وبعد لحظة كانت السيارة تدوس الحصى تحت إطاراتها

بعد أن رحل جلست لوقت طويل تحدق ببلاهة إلى الرسالة كم كانت غبية بلهاء عندما اعتقدت أنها تستطيع هزيمته ! لقد عرف مقاسها وصنفها من اللحظة الأولى

لم يكن فيكتور شخصية ضعيفة ليتورط في مثل هذه العلاقات القذرة بالرغم من عيوبه لو أنها توقفت للتفكير بهذا وبتعقل ، للحظة ، لأدركت دون شك هذا بنفسها
عبست لنفسها : كم كانت ستبدو بلهاء لو أرسلت القصة إلى ( البوغل ) !
أقل ما يقال بعد أن يتأكدوا من صحتها أولا ، أنها مهوسة حقودة!!
مررت يدها في شعرها ماذا الآن عن ذنب فيكتور بالنسبة لاليانور ؟ هل تبت لها خطأها في هذا أيضا ؟
تذكرت غضبه البارد :- عبء إيجاد الدليل يقع على عاتقك أنت ! فأنت من ترمين الاتهامات !

إنه محق طبعاً وأي دليل لديها عدا كلمات أختها المشكوك فيها ؟ من إن كذبتين لا يمكن اعتبارهما دليل على كذب قصتها كلها ، إلا أنها على الأقل ترميان ظلال الشك وأدركت ليجي بمشاعر مختلطة أنها أنما تحاول تبرير مشاعرها الممتلئة ذنباً وبغض النظر عما تشعر به نحو فيكتور ، لم تعد قادرة على اتهامه

وقفت في مقعدها مصممة وتقدمت من الهاتف في الردهة ، التقطت السماعة ، وطلبت رقم مركز الهاتف في المدينة

- آلو ! أريد أن أرسل برقية دولية

بعد دقائق وهي تعيد السماعة مكانها ، أحست وكأن عبئا ضخماً ارتفع عن كاهلها البرقية موجهة للآنسة ديانا ايفرارد في صحيفة البوغل تسحب فيها كل كلمة من قصتها حول اليانور وفيكتور ، وتصرح بشكل نهائي لا رجعة فيه أنها لن تعطي أي معلومات ضد فيكتور

حينما يعود فيكتور ستخبره أنها أرسلت البرقية ، وما عليها إلا أن تدعو الله ليجد في قلبه فسحة ويغفر لها وإذا رأى أنها نادمة تمامتً ربما يسنح لها بفرصة أخرى

فرصة أخرى لماذا؟فرصة في استرجاع أي أمل قد يكون لها في إقامة نوع من العلاقة التي لا معنى لها ؟
لم يكن لهذا الأمر سوى أمل ضئيل منذ البداية فأي أمل بقي لها الآن ؟
في الصباح التالي ، كان فيكتور لا زال غائباً بعد الثامنة بقليل ، كانت ليجي تسير نحو مائدة الفطور ، شاعرة بالإرهاق بعد ليلة بلا نوم ، منتظرة عودته أحست بمارولا تراقبها ، خلسة من طرف عينها ثم أخيراً أجبرت ليجي نفسها أن تسأل :
- لا أعتقد أنك سمعت شيئاً من السيد دوما رشيه ؟
التقت عيناها بعيني مارولا :
- لا آنسة ، لم أسمع شيء
ثم تقدمت لتقف أمام ليجي وتابعت :
- أرى أنك قلقة لذا أعتقد أن الوقت حان لأخبرك بأن رجلك هذا ينوي أمراً وهناك شيء أظن أن عليك معرفته
سألتها وكلها اهتمام :
- أخبريني
- حسناً .. يجب أن أشرح لك أمراً حول ما حدث صباح أمس ، كبداية ذلك الجدل الحاد حول المرطبات ، حين أخذ السيد فيكتور يصيح في وجهي

لدهشة ليجي تهلل وجه المرأة بابتسامة :
- لست أدري إذا كنت أدركت هذا ، كانت كلها تمثيلاً
سألتها مجفلة :
- أتعنين أنها كانت محضرة ؟ لماذا ؟
هزت مارولا كتفيها :
- لست واثقة آنسة لم يقل لي أي تفاصيل
كل ما قاله أنه يظن أن هناك أشخاص يراقبون المنزل ، وإنه إذا دفعهم إلى الظن أن بيننا خلاف فعلى الأرجح سيأتون ليدقوا الباب ، ويقنعوني بأن انتقم وأتجسس عليك وعلى السيد فيكتور ، وأخبرهم أية فضحية ممكنة ، أتوصل إليها

تجهم وجه المرأة وهي تؤكد لمستمعتها
- بالطبع أنا لن أفعل مثل هذا أبداً فسيكون هذا خيانة مني لكن السيد فيكتور أخبرني أن أقول لهم إذا تبين أنه على حق واتصلوا بي

- وهل اتصلوا بك ؟ هل جاء أحد وقرع بابك
- بكل تأكيد بينما كنتما في رحلة الصيد ، جاءت امرأة حمراء الشعر ، وشاب نحيل جداً

نفس الشخصين من نادي ( هامنغ بيرد ) اللذين قال لها فيكتور أنه شاهدهما !

- وماذا قال لك فيكتور أن تقولي لهما ؟
جلست مارولا :
- حسناً طلب مني القول أنني قادرة على بيعهما شيئاً أكثر إثارة من إشاعة ، صور سرية يبقيها السيد فيكتور في صندوق لوحة السيارة

وضحكت هازة رأسها استطاعت ليجي أن تتصور كم لعبت دورها بإتقان :
- قلت لهم أنني استطيع الحصول على الصور وأنا أنظف السيارة ، بعد عودتكما من رحلة الصيد وأعطيت لهما موعد للقائهما مساء أمس ، في فندق صغير في ( بريد جتاون ) لتسليمهما الصور وبالطبع ، عرضا علي المال ، لكنني لم أكن أنوي أن أقابلهما ، ولا إن أسرق الصور من السيارة قال السيد فيكتور إنه سيذهب إلى الموعد بدلا مني وهذا آنسة كل ما أعرف طلب مني أن أبقي الأمر سراً لكنني فكرت ، وقد اختفى هكذا أن من الأفضل أن أخبرك

ابتسمت ليجي لها :
_ أنا مسرورة لأنك أخبرتني

أولا أحست بالراحة لوجود تفسير لغيابه فهي كانت أكثر من قلقة لأنه غادر المنزل في مزاج رهيب جدا ، حتى أنها خشيت أن يكون قد حصل له حادث
ثانياً من المطمئن لها أن تعرف أن ذلك الجدل مع مارولا يوم أمي لم يكن إلا تمثيلية لقد أزعجها أن تصدق بأنه قادر أن يعامل الخادمة بهذا السوء

أغمضت عينيها وكبحت دموعها غفرانه لها هو ما يجب أن تسعى إليه وبهذا وحده يمكن أن ترتاح وتقنع

كان الوقت بعد الظهر عندما سمعت الكاديلاك تدخل الممر الداخلي للفيلا
توقف قلبها ستأتي الآن لحظة الحقيقة !مع إقفال باب السيارة ، وتصاعد صوت وقع الأقدام على السلم الخشبي ، كتمت أنفاسها وانتظرت ، مع تقدم وقع الأقدام على الشرفة
وما هي إلا لحظة حتى كان يقف أمامها ولجزء من الثانية أشتعل قلبها بسعادة حقيقية لمجرد رؤيته
تمكنت من إخفاء الألم وهو يقول

- إذن ، لا زلت هنا ؟

وإين يتوقع أن تكون ؟ هل كان يأمل أن ترحل ؟ لن تسمح لنفسها أن تحبط عزيمتها هذه البداية السيئة !

- قالت مارولا أنك خرجت وراء ذانك الشخصين اللذين كانا يلحقان بك فهل حصلت على مبتغاك ؟ هل تمكنت من إلقاء القبض عليهما ؟

وضع يديه في جيبي بنطلونه ، واستند للسياج :
- وماذا لو فعلت ؟ ماذا يمكن أن يهمك في هذا كله

قالت بإصرار:
- أنا مهتمة حقاً ، وأمل أن تكون لحقت بهما
- هل أنت متأكدة أنك لم تكوني تأملين أن أفشل ؟ أظنك نسيت إلى صف من كنت تقفين ؟

ابتلعت ريقها بصعوبة إنه قاسي القلب لا يرحم :

- قلت لك من قبل لقد غيرت رأيي أرسلت برقية للبوغل وأنت غائب سحبت فيها كل كلمة قلتها لهم أقول لك الحقيقة يجب أن تصدقني

ضحك ساخراً :
- ولماذا أصدقك ؟ لماذا أصدق من لم يفعل شيء سوى خداعي منذ اللحظة الأولى التي التقينا فيها ؟

ارتجف صوتها :
- إنني لا أحاول خداعك بعد الآن بل أحاول أن أعوض عما فعلت أقسم على ذلك

ثنت عينيه عليها وقال :
- ما الذي سبب هذا الانقلاب المفاجئ إذا كان حقاً انقلاب ؟
إذا هو في منتصف الطريق لتصديقها وارتاحت قليلاً :

- لقد أدركت أن ما قلته صحيح وليس لدي دليل على أي شيء إنها ببساطة ، مسألة كلمتك ضد كلمة أختي

ضحك ساخراً:
- كم أن هذا مؤثر ! ظننت أن كلمة أختك مقدسة ؟.
أشاحت بنظرها عنه تخفي ارتباكها ، ثم أعادت النظر إليه متعمدة :
- لقد قلت لك صدقاً إنني لم أعد ضدك فلماذا لا تعطيني على الأقل فرصة الاستفادة من الشك ؟

بتنهيده حادة تنم عن نفاذ صبره أبعد نفسه عن السياج ، وتقدم نحوها ليجلس في مواجهتها ، وينظر إليها بعينين غير مقرؤتين :
- حسنا جدا بما أنك مهتمة لهذا الحد ، سأخبرك بما حدث ، بالرغم أنك خططت أساسا أن تفعلي العكس ، إلا أنك ساهمت في نجاح خطتي

مالت إلى الأمام :
- أتعني أنك تمكنت من النيل منهما ؟
هز رأسه :
- كان الأمر سهلا جداً في النهاية ولم يكونا ذكيين جداً على فكرة كنت أعرف أن مارولا ستبوح بحقيقة مؤامرتنا الصغيرة إنها امرأة طيبة القلب ، ولن ترغب في أن تتركك متوترة

نظرت بعيداً ، لا تستطيع احتواء الأمل الذي أخذ ينبعث إلى الحياة داخلها إذن بالرغم من إيمانه أنها خانته ، لا زال بكل كرم أخلاق يفكر بها ربما لم يضع كل شيء بعد

- ليلة أمس ، بعد أن غادرت المنزل ، ذهبت إلى الموعد الذي قطعته مارولا في فندق صغير مغمور وسط ( بريد جتاون ) حيث كان الشخصان يتوقعان استلام الصور ذهبت باكراً ، وحجزت غرفة باسم مارولا ، طلبت من موظف الحجز أن يقول لهما إن مارولا تنتظر في الغرفة
سمح لنفسه بابتسامة انتصار صغيرة
- كان فخاً بسيطاً لكنهما سارا إليه مباشرة
- وهل ( كانا ) هم ؟ ذانك الشخصان اللذان رأيتهما في النادي

- كانا فعلا مدام كيم مومزي ، زوجة موظف سابق عندي ، ومصور مأجور ، ريشار غانسيا وما إن أحسا أنهما علقا حتى أصبحا يثيران الإشفاق وباحا بكل شيء دون انزعاج كل القصة المؤسفة ، كما تبين لي ، كما كنت توقعت تماماً

مال للخلف ووضع يديه على ذراعي المقعد :

- كيم مومزي كان يعمل للمؤسسة كان رجل جيد ومواظب على عمله ، لكنه لسوء الحظ كان جشع وورط نفسه بكل أنواع العبث وجمع ما لا بأس به فبل أن يكتشف أمره ويطرد آخر ما سمعت عنه أنه في مونتريال ، لكنه يبدو أنه انتقل إلى هيوستن منذ ثلاث سنواتفي هذه الأثناء أسس لنفسه حياة جديدة ، بما فيها زوجة من تكساس

ابتسم بسخرية وتنهد :
- كان من الحكمة أكثر لو ترك الأمور على ما هي عليه لكن ومن المؤسف ، كان ينوي الانتقام فهو لم يسامحني على طردي له ، حين سمع بمسألة شرائي لتلك الشركة ، لم يستطع مقاومة تعقيد الأمور لي لكن للانتقام عادة سيئة بأن تسير أموره في اتجاه خاطئ خاصة حين لا يكون له أسباب موجبة

أحست ليجي أن التأنيب موجه لها لكن ألم تتعلم هذا بالطريقة الصعبة المريرة ؟
فجأة غيرت الموضوع :
- إذا كان هو وراء كل هذا ؟ ودفع بزوجته والمصور للحاق بك

- وعلى أمال أن يفاجئاني في لحظة حرجة في هذا الوقت كان هو واثنان من أصدقائه مشغولين بجمع كل ما كتب عني عبر السنوات على أمل نبش شيء قد يضر بي وأنا سعيد أن أقول إنهم لم ينجحوا

- بعدما اعترفا ماذا حصل ؟
- حرصت على تسجيل كل الاعترافات ، دون علمهما طبعا ثم بعد إجبار زوجته على إعطائي عنوانهما في هيوستن أخذت أول طائرة إلى أمريكا وذهبت فوراً لزيارة مومزي شخصياً وسأوفر عليك سماع تفاصيل ما جرى بيننا فلم يكن ماجرى لطيفا يكفي القول أن المسألة كلها وضعت بيد الشرطة

أنزل يديه عن ذراعي المقعد وقال بلهجة انتصار :
- كل شيء كانت خاتمته مرضية إضافة إلى كل هذا تلقيت ليلة أمس أخباراً أن مسألة البيع أخذت الموافقة

أحست بالسعادة لأجله بل حتى قليل من العزاء لنفسها على الأقل لم تضره مؤامرتها كانت على وشك التعبير عن أفكارها حين وقف :
- هكذا كل شيء جيد سوف تكون نهايته جيدة كما يقال وأعتقد أن علينا وضع خلافاتنا وراءنا فلا داعي أبداً لنحمل الأضغان ضد بعضنا

قفزت واقفة :
- أتعني هذا حقاً ؟ أتعني أنك تسامحني ؟
ابتسامة خفيفة لامست شفتيه :

- أسامحك أجل ، لكن على أي حال هناك شيء يجب أن أصر عليه

حبست ليجي أنفاسها ، ثم أحست بالدنيا تتشتت من حولها وهو يتابع بلهجة باردة :
- في هذه الظروف لن يكون مناسباً لنا أن نستمر في مشاركة هذه الفيلا لذا أصر على أن تنتقلي منها فوراًُ ، وهذا المساء بالتحديد وأنا واثق أن مارولا ستساعدك على توضيب حقائبك

ثم استدار على عقبيه ، وابتعد عنها ليدخل غرفة الجلوس دون أن ينظر إليها مجدداً
__________________

يا رفاق ،ترقبوا ، زمن من المفرقعات قادم!

┊سبحان الله ┊ الحمدلله لا إله إلا اللهالله أكبراستغفر الله
هل لديك ما تخبرني إياه ؟| مدونتي | معرضي
  #18  
قديم 04-25-2018, 06:35 PM
 
الفصل التاسع والأخير : نهاية وبداية



إذأً هذا كل شيء نهاية القصة ويالها من نهاية مريرة شائنة !
غادرت ليجي الفيلا ذلك المساء كما طلب ، ووصلت سيارة تاكسي في تمام الساعة السابعة ، قال لها فيكتور :
- لا أرى ضرورة لبقائك على العشاء من الأفضل أن تستقري في الفندق بسرعة قدر الإمكان
قاومت لمنع شفتيها من الارتجاف :
- تماماً وشكراً لك لحجزك غرفة لي في هذا الفندق الفخم آخر أسبوع لي على الجزيرة يبدو واعداً
ابتسم بخشونة :
- هذا أقل شيء يمكن فعله ، لا يمكنني السماح لك بالانتقال إلى ذلك المكان الذي حجزت فيه أصلاً
قطبت ليجي وجهها ، متذكرة الصدمة التي واجهتها يوم وقعت عيناها على الفندق يوم ذهبت لإلغاء الحجز
- لا هذا صحيح لا أظن أنه كان سيعجبني أبداً

ثم تجرأت أن تلتقي عيناها بعينيه ، وأحست بالألم يسري فيها هل لديه فكرة كم يؤلمها ؟
بدا أنه ليس لديه أي فكرة وهو يفتح لها باب التاكسي ثم يغلقه خلفها حتى أنه لم يلوح لها ، بل استدار فجأة ، عائدا للسلم ثم الشرفة ، بينما كان التاكسي يتجه بصمت للخارج ، ثم عبر البوابتين الكبيرتين ، بعيداً عن الفيلا وبعيداً عن حياته ، وإلى الأبد
أمضت اليومين التاليين في ندم وإدانة نفس فالمسألة ليست فقط في أنها بعدت فيكتور عنها بل وصولها إلى هذا التصرف الشائن ، كان يثقل ضميرها ، وقررت بعذاب ضمير أن عليها أن تحصد المرارة المؤلمة نتيجة ما فعلت
إضافة إلى هذا كانت تعلم أن غفرانه لها جاء من عقله وليس من قلبه فقد رأت النيران تشتعل في عينيه فالرجل رغم مسامحته لها ، ورغم حبها له ، يكرهها ويحتقرها

كانت ضربة كذلك أن تعرف أنها ألغت وللأبد فرصة اكتشافها للحقيقة عن اليانور فبالرغم من أنها لم تعد تشك في أنه بريء إلا أنها بحاجة أن تعرف القصة الحقيقية التي كانت وراء هذه المأساة ، ومن غير المحتمل إدراكها إنها الآن لن تعرف شيئاً

في يومها الثاني في الفندق ، افتقدت قلادتها الذهبية ، المهداة إليها من أمها فتشت عنها بين ممتلكاتها مفتشه في الوقت نفسه عن قطعة الورق التي كتب عليها آلن عنوانه ورقم هاتفه
ابتسمت لنفسها وهي تجعدها بين أصابعها ، متذكرة قول فيكتور :بأن آلن ليس النوع المناسب لها ، ورمت العنوان لن تستخدمه أبداً وعادت تفتش عن القلادة المفقودة بما تركتها في الفيلا ، وغاص قلبها لهذه الفكرة ، لو كانت شيء غير هذا لتركتها ، لكن القلادة هدية ميلادها الواحد والعشرين ، وهي متعلقة بها بشكل مميز لم يكن لديها سوى حل واحد أحبت هذا أم لا ، يجب أن تتصل بالفيلا لتحاول استعادتها

اتصلت في الصباح التالي ، تدعو الله أن لا يرد فيكتور عليها ، وأحست بالارتياح عندما ردت عليها مارولا بعد تبادل قصير للتحيات ، شرحت لها ليجي مشكلتها ، وسألتها إذا كان بإمكانها إجراء تفتيش سريع ، فإذا وجدتها ، ربما تستطيع إيصالها لها ، دون الحاجة لزيارة الفيلا
لكن ، مثل هذا الحل الذي لا ألم فيه ، لم يكن ممكن فقد عادت مارولا بعد دقائق لتقول :
- أنا آسفة ليس لها أثر آنسة أعتقد من الأفضل أن تأتي بنفسك لتفتشي عنها
ثم أكملت :
- لقد خرج السيد فيكتور لتوه وأخبرني أن لا أتوقع عودته قبل الغداء
إذاً لا شيء يمكنها فعله سوى هذا ووافقت على مضض قائلة إنها ستصل بعد ساعة
استأجرت سيارة تاكسي من أمام الفندق ثم طلبت من السائق التوقف عند مكتب البريد أولاً
فقد تجد رسالة من البوغل ، تأكيدا لاستلام البرقية التي أرسلتها إضافة أنها كانت تتوق إلى أي شيء يؤخرها ، ولو لوقت قصير ، عن عودتها للفيلا
وجدت لدهشتها بالفعل رسالة تنتظرها في مكتب البريد وقررت أن تقرأها فيما بعد ، وعادت للتاكسي الان لم يعد لها عذر أحبت ذلك أم كرهته ، وقفتها التالية ستكون الفيلا

سرعان ما كان التاكسي ينعطف للممر الداخلي المألوف والمؤلم الذكرى للفيلا
قالت للسائق :
- - انتظر لن أغيب أكثر من بضعة دقائق

أسرعت صاعدة السلم الخشبي ، ثم عبر غرفة الاستقبال إلى غرفة النوم ، عيناها مركزتان إلى الأمام ، تعرف أنها لا تجرؤ على النظر حولها كي لا يغمرها آلم الذكرى
في غرفة النوم فتشت طاولة الزينة ولكن كما أصرت مارولا لا أثر لها
بقلق فتحت باب الخزانة ، تخشى المظهر ورائحة التي ستواجهها لتاليق الفارغة حيث كانت ملابسها ، والعطر الرجالي المألوف، لو أغمضت عيناها فسيكون إلى جانبها دون شك
لم تأت إلى هنا لتعذب نفسها! لم يكن هناك أثر للقلادة ، بدأت تفتش وتدور مواصلة مهمتها المؤلمة ومن طرف عينها ، التقطت لمعان شيء معدني على أرض الخزانة ، فانحنت يغمرها الارتياح لتجد قلادتها في الزاوية
على الفور أخذتها ، ثم أسرعت بالخروج لكنها توقفت فمن الفظاظة أن تدخل وتخرج دون أن تكلم مارولا فاتجهت للمطبخ تنادي :
- مارولا ! أنت هنا ؟
لا شك أنها تعلق بعض الغسيل في الحديقة ، ضربت ليجي على زجاج النافذة لتلفت انتباهها ، فلوحت لها مارولا بابتسامتها العادية ، وأشارت إليها أنها ستدخل في لحظات لا سبب يدعوها للقلق ، فالساعة العاشرة ، ولن يعود فيكتور قبل وقت طويل
فتحت حقيبتها لتضع القلادة فيها ، فوقعت عيناها على رسالة البوغل من الأفضل أن تلقي عليها نظرة وهي تنتظر مارولا
بعد دقائق ، وبصمت مصدوم ، وكانت قد قرأت نصف الوثيقة المطبوعة على الآلة الكاتبة ومع أن عيناها كانت تقفزان إلى الكلمات مرات ومرات لتتأكد من أن ما قرأته صحيح ، إلا أن دماغها كان غير قادر على استيعاب القصة الوحشية المكتوبة هناك ترنحت متجه للباب ، ودفعت أجرة التاكسي ، ثم عادت إلى المطبخ لتجلس متهالكة على الكرسي ، فهي لم تعد مستعجلة على الرحيل

نظرت مجددا إلى الساعة تجاوزت العاشرة والربع ، لكن لو اضطرت إلى الانتظار طيلة العمر ، لن تتحرك من هذا المنزل إلى حين عودة فيكتور
ثم ستطلب تفسيراً كاملاً عن محتويات كومة الصفحات ، والتي لا تزال تحس بخشونتها وكأنها البارود في يدها
دخل فيكتور من الباب الأمامي في الساعة الواحدة ، وتردد في سيره قليلا وهو يلمح ليجي منتظرة في الردهة
- إلى ماذا أدين بهذا الشرف غير المتوقع ؟

لكن لا شيء ولا حتى إبرازه للعداء يمكن أن يثبط من عزمها الآن رفعت الرسالة في يدها وقالت :
- أريد تفسير لهذه ! لقد أرسلتها لي كاتبة مقالة الشائعات في البوغل وكلها عنك وعن اليانور وأريد أن تقول لي أنها غير صحيحة

لم يتنازل لينظر للرسالة ، بل نظر إليها ببرود :
- أرى أنك لا زلت على اتصال مع هؤلاء الناس ظننتك قلت أنك أنهيت علاقتك معهم ؟
بدأت ترتجف ، فضغط الساعتين الماضيتين أثر على أعصابها :
- هذا صحيح ، لكن يبدو أنهم أرسلوا لي هذه الرسالة قبل وصول برقيتي ، ولقد بقيت في مكتب البريد لبضعة أيام

نظر إليها مطولا :
- تقولين إنها تحتوي على معلومات عن شقيقتك ؟
- معلومات عنك وعنها ولا استطيع تصديقها
- أعطني إياها ، من الأفضل أن أقرأها

أخذ الرسالة من أصابعها المرتجفة ، ثم قادها بلطف إلى غرفة الجلوس ورجاها أن تجلس ، ثم صب لها فنجان من قهوة جاهزة :
- يبدو أنك بحاجة لشيء تشربينه
ولم يكن هناك أكثر صحة من كلماته كانت تحس بصدمة خفيفة وكان عليها أن تتمسك بذراع المقعد لتبقى مستوية في جلستها :
كانت عيناها مثبتتان على وجهها ، وهو ينزع الصفحات من المغلف ، ويبدأ في القراءة أنهى فيكتور قراءته بعدما بدا لها أبدية رفع نظره إليها ببطء ، مما جعل قلبها يتحرك من مكانه:
- ما الذي دعاهم إلى إرسال هذا لك ؟
هل يشك في مدى صحته ؟

- هناك رسالة في مكان ما من المغلف يقولون فيها أنهم تحروا عن القصة التي قلتها لهم ، ويريدون مني تأكيد المعلومات التي قرأتها ، وأنها تتعلق بنفس المرأة المدعوة اليانور
ابتسمت متوترة :
- إنها لا تتعلق بها أليس كذلك ؟ لا بد أنهم يخلطون بينها وبين امرأة أخرى
تنهد ومرر يده على شعره ، واشتدت خطوط وجهه بروزاً :
- أتمنى لو أستطيع قول العكس لكنني لا أستطيع كل كلمة مكتوبة هنا ، صحيحة تماماً

صدمتها كلماته ككتلة جليد ضخمة مندفعة
بذهول ،أحست أنها دفعت بقوة لمقعدها :
- لكن، لا يمكن أن تكون صحيحة ! فحسبما تقول الوثيقة ، كانت شقيقتي مجنونة !
مال للأمام :
- ليس إلى هذا الحد عزيزتي أنت قاسية جداً ، ربما كنت أنا أقرب من أي شخص آخر لها خلال الأحداث المؤسفة المكتوبة هنا عنها وبقيت كما كانت دائماً ، لامعة ـ فائقة الذكاء
تنهد ، ثم تابع :
- لكن كانت ويا للأسف ، مضطربة عاطفياً ، قلبلاً

- قليلاً ؟ أتسمي هذا قليلاً؟ حسب مايقولونه في الصفحات ، كانت تدخل وتخرج من المصحات العقلية ، وتقابل مالا عد له من الأطباء ، والخبراء النفسيين فكيف يمكن لك أن تجلس هكذا وتقول إن هذا قليل ؟

دون كلمة قرب كرسيه منها ، حتى أصبحا يجلسان جنباً إلى جنب ، وأجبرها على النظر إليه :
- دعيني أبدأ من البداية من الوقت الذي جاءت فيه اليانور لتعمل عندي دعيني أقول لك كل شيء أعرفه
وبلهجة آسفة بدأ يشرح
- كما تعرفين ، جاءت اليانور للعمل في مؤسستي بعد طلاقها بوقت قصير في ذلك الوقت لم أكن أعرف شيء عن ظروفها الخاصة بدت لي وكأنها منطوية قليلاً لكنها كانت كفؤ وعاملة نشيطة لم يمض وقت طويل حتى بدأت أدرك أنها لم تكن منطوية فقط ، بل تعيسة كذلك حين كلمتها ، أخبرتني عن تحطم زواجها وفشل كل علاقاتها الأخرى حاولت حثها على العودة إلى انكلترا ، وظننت أن الأفضل لها أن تكون قرب عائلتها لكنها رفضت ، وأظنها كانت خجل أردتك وأمها أن تؤمنا أنها ناجحة
لم تقل ليجي شيء لكن كلماته كانت تحوي صدق قاسي فطالما اعتبرت اليانور نجمة العائلة ولم تلمح مرة أنها تعاني من مشاكل

أخذ فيكتور نفسا عميقا ، وبنفس اللهجة الآسفة أكمل
- بدأت أدرك بمرور الوقت أنها تحتاج إلى مساعدة جدية كانت منطوية ، فاترة الهمة ، متعبة دائماً ، كما كانت تبدو على وشك البكاء
وكان لدي شعور رهيب بأنها تتجه نحو الانهيار ، فأصريت أن ترى طبيب، وأكد الطبيب لي شكوكي وحولها إلي أخصائي في باريس , وهناك أقامت في المستشفى ، ولو لوقت قصير مرت خلالها في علاج ضد الاكتئاب حين عادت إلى كورسيكا ، بدت أفضل بكثير لكن نبع عن هذا نوع جديد من المشاكل

هز رأسه بحزن ، وتابع أكثر أجزاء القصة رعباً

- ربما السبب أنها أحست بالامتنان ، وبكل تأكيد لم يكن السبب أنني شجعتها لكن في ذلك الوقت لسوء الحظ ، بدأ أنها بدأت بتطوير هوس بي كانت تلاحقني باستمرار مع أنني قلت لها بصراحة أن لامجال لمغامرة عاطفية ، وأنها على الرغم من جمالها ليست من طرازي إلا أنها رفضت أن تصدق ذلك ، لولا أنها كانت تمر بعلاج خارج باريس ، وكنت أخذها بالطائرة مرتين في الأسبوع إلى هناك لأصريت وبعناد أكثر على أن تعود لانكلترا وصدقيني ، كان هوسها يسبب ضغط كبير على أعصابي وبالطبع لم يكن لدي فكرة إلى أي مدى وصلت بها الأمور ولم أكن أعرف شيء عن القصص التي كانت تكتبها لك ولأمك حول حب وهمي وزواج قريب
تكلمت لأول مرة منذ بدأ قصته ، بصوت خفيف ومتهدج :
- أتعني أنني حين جئت في إجازة ، لم تكن تعرف أنها قالت لنا أنكما على وشك إعلان الخطوبة ؟

- يا إلهي لا! لم أكن أعرف أبداً ! ولو عرفت ، صدقيني كنت أوضحت لكما الحقيقة حتى بعد رحيلكما لم أكن أعرف في الواقع لم أعرف بالأمر إلى أن أخبرتني أنت !

كانت المأساة أصعب من أن تستوعبها ليجي كيف يمكنها أن تشك بوجود حقيقة كهذه ؟ وكيف يمكنها أن تفكر أن الرجل الذي سبق وأدانته على أنه سبب في وفاة اليانور ، كان في الواقع يحاول إنقاذها ؟
أصغت إليه وهو يكمل القصة :

- أعترف حين قالت لي اليانور أنها عائدة لانكلترا ، أنني لم أطرح عليها الكثير من الأسئلة بل كنت مرتاح لأنها راحلة وأحسست أن هذا أفضل شيء لها ، أعطيتها عنوان أخصائي في شارع هارلي لتتابع علاجها الذي كانت تتابعه في باريس ، وقلت لها أن تبقى على اتصال بي وهذا ما فعلته لمدة ، وحين توقفت رسائلها ، افترضت أنها أقامت حياة جديدة مستقلة لنفسها ، ولم تعد تحتاج إلى الاتصال بي

بدا في صوته ألم شديد :
- أقسم لك أنني أحسست بالأسى حين سمعت أنها ماتت ، وأنها أنهت حياتها بنفسها
لكن بكل تأكيد ، بعد كل ما فعلته لها ، لا يمكنك لوم نفسك ؟

رفع إليها عينين مريرتين :
- ربما قليلا أجل قد فكرت دوما أنني لو أخبرتك أنت وأمك حول انهيارها ، وكل العلااج الذي تتلقاه لكنتما تمكنتما من مساعدتها ، السبب الوحيد الذي منعني من قول شيء ، إن اليانور جعلتني أقسم على الكتمان ، ولأنني ظننت ، ربما مخطئاً ، أنها وكامرأة ناضجة لها الحق بسرية خصوصياتها

ردت عليه بلطف :
- اسمع لقد أحببت أختي ، لكنني أعرف الآن ما كانت عليه لقد كانت متكبرة فخورة ومستقلة ، وربما أكثر من اللازم وما كانت تسمح لي أو لأمي أن نساعدها وكونها سمحت لك بمساعدتها كان معجزة لا أستطيع أبداً شكرك بما يكفي لأجلها

تبللت عيناها بالدموع ، وبتهور مالت نحوه تقول بصوت هامس :
- لا أحد يمكن أن يغالطك في معاملتك لاليانور كنت صديق طيب ومحب
ابتسم :
- عزيزتي عزيزتي

لكن ليجي تابعت :
- لكن ، لماذا لم تقل لي هذا من قبل ؟ لماذا لم تقل لي ذلك اليوم حين رميتك بكل تلك الاتهامات السخيفة ؟

-صدقيني ، كنت على وشك أن أفعل ذلك لكن تذكرت وعدي لاليانور أنني لن أبوح بكلمة عن هذا لعائلتها

- تعني أنك كنت مستعد لتركي أعتقد أنك قد تكون مذنباً ، لمجرد وعد سخيف ؟

- لم يكن وعد سخيف بل كان جاداً وأخشى أن أكون من الطراز القديم ، فأنا لا أنكث بوعدي بسهولة

وابتسم بلطف :
- أعترف أن ماحدث كان صدمة غير سارة لي وفوق الصدمة ، كان اكتشافي لهويتك ,واكتشافي أنك تلومينني لموتها أن تلومني عائلتها على انتحارها إمكانية لم تخطر ببالي لكن بعيداً عن عدم رغبتي في النكوث بوعدي أحسست أن أخبارك الحقيقة سيزعجك ، وفي النهاية لن يخدم غرضاً مفيداً

امتلأت روحها عذاباً ، بعد معرفتها كم أساءت الحكم عليه نظرت إليه وقالت بصوت ضعيف :
- لن تعرف أبداً كم أنا خجلة لما فعلته لو كان فقط بالإمكان إلغاءه !
نظر إليها طويلا:

- للأسف لاأحد منا يمكنه إلغاءه لكن وكما سبق وقلت لك ، أنا لا أحمل شيء ضدك ، إضافة إلى هذا ، في اليومين الماضيين ، أتيحت لي فرصة التفكير ، وأظن أنني استطعت أن أفهم سبب ما فعلته واضح أنك كنت تحبين شقيقتك ، وتؤمنين أنني أسأت إليها على أي حال ، أنا واثق تماماً أن الطريقة التي تصرفت بها ، كانت غير طبيعتك ، أنا واثق أنك في العادة لا تتهورين إلى هذا المدى

سارعت تؤكد له :
- بالتأكيد لا! كانت هذه المرة الأولى ، التي أفعل فيها شيء كهذا ، ولو من بعيد وأؤكد لك أنني لن أفعل مثله مرة أخرى

- أنا سعيد لسماع هذا لذا ، لا تعذبي نفسك ، ما من ضرر حقيقي حصل

ثم تركها وبدأ يقف عن مقعده متابعاً:
- إضافة إلى أن لاشيء من هذا كان سيحدث لو لم أحاول إجبارك على التعاون معي لولا أنني لويت ذراعك بتهديداتي السخيفة الحمقاء والتي لم أكن جاداً فيها ولكان كل واحد منا قد وفر على نفسه الكثير من العذاب

لحقت به بعينين مليئتين بالأسى وهو يستدير عنها :
- أيعني هذا أنك تكرهني ؟

على الأقل معرفة هذا سيعطيها قليل من العزاء بدأ يفكر بالرد وأخيراً قال:
- لا لا أكرهك على الأقل ليس بسبب القصص التي قلتها عني للصحيفة أؤكد لك تماماً أنني سامحتك

قطبت وجهها ماذا يقصد ؟
- وهل لديك شيء آخر ضدي ؟ألديك سبب لا أعرفه يجعلك تكرهني ؟

- ليس الكراهية عزيزتي تلك كلمة قوية جداً وفي مثل هذه الظروف غير ملائمة تماماً وسيكون أكثر صحة أن أقول إنني خائب الأمل ، وأعاني من غرور جريح

استدار إليها وتعبير سخرية بالنفس في عينيه :
- لا تقلقي سأتغلب على هذا فأنا استحق هذا !
هو الآن يتكلم \بالألغاز ، ارتبكت بشكل غريب :

- لماذا تحس بجرح لغرورك ؟ ظننت غرورك في صلابة الحديد

استدار تمتما ًوالنور على وجهه يبرز تعبير قلق وضعف وقال :
- أنت إذا ً تعرفين القليل عن غرور الرجل عزيزتي لا شيء في العالم أكثر منه فراغاً أن يكتشف الرجل أن المرأة كانت تخدعه ، وهو غبي بما يكفي لأن يصدق أنها تهتم به قليلاً ولأقولها بصراحة كمن يتلقى ركلة قوية ، لهذا لم استطع تحمل وجودك معي ، ولهذا أبعدتك
مرر يده في شعره:
- لكن ، أنا كما قلت لك من أوقعت هذا على رأسي
أخذ قلبها يخفق بسرعة، سألته بهدوء :
- لماذا تهتم إذا كنت أخادعك ؟
- لأنك كنت تسعين وراء الانتقام ، وأنا على يقين تماماً

وقعت الكلمات أمامها كعرض ما وبقيت للحظات لا تستطيع الرد ، ثم قالت :
- أنت مخطئ وتعرف هذا فأنا لم أخدعك
بقي مسمر حيث هو ، من حولهما الوقت والكون توقفا فجأة ثم حين تكلم كان الصوت وكأنه قادم من كوكب آخر:
- لا شك أنك كنت تمثلين دوراً كي تتمكني من نيل ثقتي وتحصلين على قصة ما ؟
جف فمها
- بدا الأمر هكذا لكنني اكتشفت سريعاً أنني لست بحاجة للخداع كل تلك المشاعر التي أظهرتها لك

صمتت لتلعق شفتيها :
- لم يكن فيها شيء زائف كانت كلها حقيقية

وصل إليها دون أن يبدو عليه أنه تحرك ، وقال باهتمام بالغ :
- أتعنين هذا صدقاً؟
شدها لتقف أمامه :
- أتريدين حقاً أن تقولي أن الفتاة التي أحببتها لم تكن تسخر مني ؟
ماذا قال
- أتسمح بأن تعيد ما قلت ؟ أرجوك ؟
رد فوراً:
- أحبك عزيزتي وأحببتك منذ البداية تقريباً
أخذ قلبها يغني ، لاتستطيع التصديق :
- وأنا أحبك
- عزيزتي عزيزتي
من خلال نظراته إليها ظهر كل الحب والاحتياج اللذين كانا يحترقان داخله :
الآن وقد تلاشت كل العوائق وكل سوء الفهم يمكن للحب أن يبدأ طارا إلى غرفة الجلوس وهما يتبادلان كلمات الحب الهامسة
تلك اللحظات لن تنساها ليجي أبداً ، أنها لحظات ثمينة جداً مثلها مثل الحب الذي لن ينتهي بينهما

وهما يجلسان مع بعضهما يدفئهما الحب ، أحست بأصابعه تلامس شعرها وترجعه للوراء لتنظر إليه :
- أريدك أن تعرفي أنني لست معتاداً على هذا

قطبت دون أن تفهم :
- ما هو الذي لست معتاداً عليه ؟

- الوقوع في حب الشابات اللواتي يقترن اسمي باسمهن في مقالات الشائعات

بدأت تضحك :
- جدياً عزيزتي أريدك أن تصدقي أن لا شيء من أية قصة قرأتها عني صحيح

أظهرت خيبة الأمل :
- أتعني أنك لست العاشق العظيم الذي ظننته ؟

- إذا كنت تعنين بالعظيم الجيد ، فأجل أنا هكذا

مال نحوها :
- لكن ، إذا كنت تعنين بالعظيم أنني أعرف أعداد كثيرة من النساء فأخشى أن لا أكون الرجل الملائم .. لقد خرجت مع الكثيرات لكنني لم أحب أي واحدة منهن
قالت بابتسامة :
- أصدقك
وأسعدها أن تعرف أن هذه هي الحقيقة
- وأريدك أن تعرفي أنك الأولى التي تقدمت يوماً بطلب الزواج منها

بدا أن أنفاسها علقت في حنجرتها ، سألت بحشرجة :
- ماذا قلت بالضبط ؟
- قلت إنني أريد الزواج منك عزيزتي ، وأريدك أن تكوني لي ، طوال حياتي
اخترقتها أمواج السعادة إلى حد أنها أحست بالألم وهي تنظر إليه كانت روحها تقول :
- أوه نعم! نعم!

قال: سنتزوج قريباً لا أستطيع العيش من دونك حالما نغادر هذا المكان ، سنطير إلى انكلترا ، ونشرح كل شيء وبلطف لأمك ، أتظنين أنها ستقبل بي لو كانت مثلك تؤمن أنني أنا المسؤول عن موت ابنتها؟
- ستحبك كما أحببتك ما إن تعرف الحقيقة
وفي هذا الأمر ، أؤكد لك أنك لست بحاجة للقلق

ابتسم لها :
- لا أريد من أحد أن يحبني كما تحبيني أنت عزيزتي ولا حبيب غيري يحبك سواي وسأبقى حبيبك إلى مالا نهاية أيامك ، وسأحبك وأُلبي كل احتياجاتك
سرت رجفة في أوصالها ، وتمتمت متحدية بصوت أجش :
- أثبت لي هذا
وأثبت لها ذلك وبقي يبث لها حبه حتى آخر العمر



- تمت والحمدلله -
__________________

يا رفاق ،ترقبوا ، زمن من المفرقعات قادم!

┊سبحان الله ┊ الحمدلله لا إله إلا اللهالله أكبراستغفر الله
هل لديك ما تخبرني إياه ؟| مدونتي | معرضي
  #19  
قديم 04-25-2018, 06:49 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واليوم اعزاائي القراء اكملت نقل الرواية الجميلة رغم اني قرأتها من سنتين
وتذكرتها في الصدفة عندما دخلت ملاحظات هاتفي واصدم بالذاكرة 100 ملاحظة
بحثت ورأيت فصول الرواية من ضمنهم فقُلت سأكمل نقلها
رأيي بالرواية جميلة جداً احببتها من صميم قلبي ، رغم اني قرأتها منذ رمن إلا اني اتذكر احداثها
رواية قصيرة رومنسية ببراءة لا يوجد قُبل او تعدي الحدود فيها
فقط المواقف وجمال الروح ملأت الفصول رومنسية وحباً
اعتقاد ليجي بأن فيكتور السبب في انتحار شقيقتها اليانور ومحاولة انتقامها منه وتجاهل مشاعرها
وكسح فيكتور الشائعات من حوله بظهور حقيقته البريئة
اتمنى تكونوا استمتعوا معنا
لما ادخل من اللاب رح ابحث عن التصميم وارجع ارفعه ونسق واعمل فهرسة للفصول
وانقل الرواية للمكتمل
في أمان الله
__________________

يا رفاق ،ترقبوا ، زمن من المفرقعات قادم!

┊سبحان الله ┊ الحمدلله لا إله إلا اللهالله أكبراستغفر الله
هل لديك ما تخبرني إياه ؟| مدونتي | معرضي
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دروس من الحياة للمرأة - ستيفاني مارستون خالد الاشهب تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل 77 03-12-2020 06:17 AM
رواية الشفق / twilight ستيفاني ماير ، مكتملة Wu Yi Fan روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 93 05-06-2016 02:24 PM
رواية تحاكي الواقع (الفجر الازرق )منقولة+رعب كلمات انثى أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 03-28-2012 03:53 AM
صور من جزر هوارى على على رمضان موسوعة الصور 9 08-27-2011 04:33 AM
رواية الشفق / twilight ستيفاني ماير ، كاملة غزل! أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 14 02-15-2011 06:24 AM


الساعة الآن 10:33 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011