عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 02-21-2018, 05:55 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]




الفصل الثامن
***********
عاد فارس أدراجه الى منزله وهو شارداً فى كلام صديقه بلال وأخذ يسمعه يصدح فى عقله ويتردد صداه بداخله مرات ومرات
-شوف يا فارس اللى حصلك ده سببه حاجات كتير أوى ولو بصينا على الاسباب الدنيويه اللى أنت بصيت عليها وركزت كل تفكيرك فيها مش هنلاقيلها حل ابداً لان الفساد هيفضل موجود
عاوزين نبص لأسباب تانيه ..الاسباب الحقيقيه يا فارس..أنت يا فارس عرفت الحرام والحلال ورغم كده تماديت فى الحرام وفضلت نزواتك ودنيتك على حساب أخرتك علشان كده التوفيق مبقاش حليفك وبعد عنك ...وأنت ربنا بيحبك أنه أبتلاك فى الدنيا علشان يفوقك وترجعله أحسن ما كان الحساب يجمع فى الاخره ..
وأنا مش هتكلم كتير أنا هقولك حديث النبى صلى الله عليه وسلم
" و إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " ...عارف معنى الكلام ده ايه..معناه انك ممكن يكون جاي للأنسان رزق من ربنا فى اى حاجه سواء بقى فلوس، أولاد ،عريس ،عروسه، شغل ..اى حاجه ..وييجى الانسان يرتكب ذنب ولا معصيه فيحرم من الرزق اللى كان جايله ده..ويقعد يقول ليه وعلشان ايه ويبص للأسباب الدنيويه وميخدش باله أنه ممكن يكون أتحرم منه لانه أرتكب معصيه تغضب ربه
عاد من شروده إلى أرض الواقع دفعة واحده عندما اصطدم بمهرة التى كانت تعبر بوابة بنايتهم وهى تبكى بشدة وتفرك عينيها ...حاول أن يحدثها ولكنها أسرعت للداخل فى غضب ..لحق بها ووقف يسد الطريق أمامها وقال بأسف حقيقى:
- متزعليش بقى خلى قلبك أبيض ده أحنا أصحاب من زمان يعنى
صاحت وهى تبكى:
- برضه مخصماك ومش هكلمك ..وانا قلبى مش بيضا
ضحك وهو يقول:
- لاء انتى قلبك بيضا أنا عارف
جلس على أول درجة من السلم ليمنعها من العبور وأستند براسه على قبضته وقال:
- ولو مصلحتنيش هفضل زعلان على طول..ثم استدرك بمكر:
- لكن لو صلحتينى هاجبلك هديه كان نفسك فيها من زمااااان اوى
قالت بلهفه وهى تمسح دموعها بكلتا يديها:
- بجد هتجبلى العروسه اللى طالعه جديد اللى أسمها باربى
أومأ برأسه فى تأكيد وهو يقول:
- ايييون...بس أصبرى عليا يومين لما أقبض مرتبى
ضحكت بشدة وأخذت بيده فى سعاده وهى تتقافز يمنة ويسرا...هدأ حركتها وقال مستدركاً:
- قوليلى بقى كنتى بتعيطى ليه؟!
مطت شفتاها وهى تقول بحزن:
- كنت رايحه ألعب مع البنات فى الشارع اللى ورانا بس مرضيوش يلعبونى وقالولى أنتى أوزعه وصغيرة ..قعدت أحلفلهم أنى عندى 11سنه بس محدش صدقنى وقالولى أنتى كدابه أنتى عندك 7سنين
ونظرت إليه وقد أغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول:
- والله أنا مش كدابه يا فارس ومش بحب حد يقول عليا كدابه
حركت دموعها وطريقة بكاؤها أشجانه وقال فى عطف:
- بصى يا مهرة متروحيش تلعبى معاهم تانى ولما حد يضايقك تانى متعيطيش أبدا خليكى قويه اللى مش مصدقك عنه ما صدقك
أنهمرت دموعها وهى تستمع إليه ثم قالت:
- وانا ذنبى ايه أنى شكلى أصغر منهم ..حتى صحابى فى المدرسه بيضحكوا عليا
لا يعلم فارس لماذا ذكرته بنفسه وبحاله تذكر كلماته مع الدكتور حمدى
وهو يقول له < طب وانا ذنبى ايه أنى ساكن فى مكان زى ده وأن ماليش وسطه >

شعر أنه لابد أن يعلمها درساً ..لا بل يريد أن يلقن نفسه هذا الدرس أولاً.. نظر لها بجدية وقال:
- شوفى يا مهرة أنتى أه شكلك اصغر من سنك لكن أنتى ذكيه جدا وكل الناس بتحبك ...وتقدرى تتفوقى وتبقى اشطر منهم كلهم ..ولما تكبرى هتبقى أحسن منهم كلهم أن شاء الله لما تتفوقى عليهم بعقلك مش بشكلك ولابجسمك ...ذاكرى وأتشطرى وابذلى مجهود كبير وخلى المدرسين يعجبوا بيكى وبشطارتك ويحبوكى ..هتلاقى صحابك فى المدرسه هما اللى عاوزين يصاحبوكى ويلعبوا معاكى ويذاكروا معاكى كمان علشان يتعلموا منك...أنتى تقدرى تغيرى مستقبلك بعقلك ومجهودك مش بطولك ولا بشكلك...
نظر فى عينيها التى كانت تنظر له بأهتمام وأنصات وتحاول استيعاب جميع كلماته وقال:
- فهمتينى يا مهرة
حركت راسها موافقةً ببراءه وهى تقول:
- فهمت
شعر بأنتشاء شديد يغزو كل كيانه وكأنه رسم صورة ذهنية لعقله ووضع فيها كل ما يحب أن يضع كل فى مكانه تماماً...
سيأخذ بالاسباب الدنيويه ويجتهد وفى نفس الوقت ستكون الاخرة هى غايته وليس الدنيا كما كان يفعل من قبل ..نعم هذا هو ما يريد أن يقوله لنفسه..أبذل مجهود وأجعل الصبر حليفك والاخرة غايتك ولن يضيعك الله ابداً وستأتى الدنيا لك راغمه وستمتلكها فى يدك وليس فى قلبك


جلست عبير بجوار أختها عزة وهى تتفحصها قائلة:
- يعنى مردتيش يا عزة على كلام ماما
نظرت لها عزة فى توتر وهى تقول :
- اقول ايه بس يا عبير ..اصلا بابا مش هيوافق
تدخلت والدتها قائله:
- أختك بتسألك على رايك مش على رأى ابوكى
فركت عزة كفيها فى توتر شديد وقالت بتلعثم:
- أنا اصلى اتفاجأت ومحتاجه وقت افكر يا ماما
أرتسمت علامات الغضب على وجه والدتها وهى تهتف بها:
- تفكرى فى ايه هو عمرو غريب عاوزه تعرفى اخلاقه ولا مش عارفين أهله
أنكمشت عزة من ردة فعل والدتها الغاضب وأحمر وجهها ولاذت بالصمت فنهضت عبير وهى تقول لوالدتها:
- معلش يا ماما سيبيها دلوقتى من حقها تفكر برضه وبعدين الجواز ده لازم يكون فيه قبول فسيبيها تفكر براحتها
نهضت والدتهما فى تبرم وهى تتمتم:
- بنات آخر زمن
أغلقت عبير باب غرفتهم واقتربت من أختها وجلست بجوارها وهى تضع ذراعها على كتفيها وقالت بحب:
- أنا حاسه بيكى يا عزة..متفتكريش أن محدش حاسس بيكى
تسللت دمعة خارج مقلتيها معلنة عن قلق وخوف واضح وهى تقول بخفوت:
- لا يا عبير مش اللى فى دماغك سبب ترددى
ابتسمت عبير وهى تمسح عبرتها بئاناملها وقالت بحنان:
- مش مهم ايه السبب..المهم اننا نعرف رايك فى عمرو..طيب أنتى حاسه بقبول ناحيته ؟
أبتعلت ريقها بصعوبه وقالت:
- عادى يا عبير مش حاسه برفض ولا بقبول عادى يعنى...أن أصلا طول عمرى بتعامل مع عمرو على أنه أخويا مش أكتر فطبعا مش هكون بكره واحد بحسه زى أخويا وفى نفس الوقت مش بحبه
أبتسمت عبير وهى تقول :
- طب ايه رأيك لو بابا وافق تدى لنفسك فرصه وتبدأى تعامليه بطريقه مختلفه ...ثم ضحكت وهى تتذكره وقالت:
- وبصراحه الطريقه المجنونه اللى طلبك بيها تخلينى متأكده أنه هيقدر يخليكى تحبيه وأستدركت وهى تقول:
- بصراحه يا عزة ده شكله بيحبك أوى ياريت تفكرى تانى وتدى نفسك فرصه وتديله هو كمان فرصته
لوحت عزة بيدها متبرمه وهى تقول:
- بتكلمى كأن بابا وافق خلاص
شعرت عبير بمزيج مختلط من المشاعر وهى تقول :
- ملكيش دعوه ببابا ..بابا كان دايما يشكر فى عمرو وهو لو رفض يبقى مفيش غير سبب واحد وأنا ان شاء الله كفيله أنى اقنعه
هتفت عزة حانقه وهى تنهض واقفة:
- أنتى مالك عاوزه تخلصى مني كده ليه يا عبير
وقفت عبير وهى تضع يدها فى خصرها وتنظر لها نظرة ذات معنى وتقول:
- أنا مش عاوزه أخلص منك ولا حاجه أنا عاوزاكى أنتى اللى تخلصى بقى
استدارت عزة بأرتباك وأعطتها ظهرها وهى تقول بتلعثم:
- أخلص من ايه
وقفت قبالتها ونظرت لعينيها بعمق وهى تقول:
- تخلصى من المشاعر السلبيه اللى كابسه على نفسك دى..واللى مخلياكى مش عارفه راسك من رجلك ومأجله حياتك كلها بسببها...أنتى صحيح بقالك مدة طويله قريبه من ربنا وبطلتى حاجات كتير كنتى بتعمليها بس مع الاسف لسه محتفظه بالسلبيه دى جواكى ومفيش حاجه هتخرجك من الدوامه دى غير عمرو ..انا متأكده
رفعت عزة كتفيها وهى تنظر لعبير بدهشه قائلة:
- ومالك متأكده كده ليه
ضحكت عبير وقالت:
- منا لسه قايلالك مجنون وبيحبك وزى ما ماما قالت كده عنده أستعداد يفضل يلف ورا بابا لحد ما يقنعه يعنى مُصر عليكى يعنى من الاخر كده رخم وهتحبيه يعنى هتحبيه والواد قمر برضه متنكريش
نظرت لها عزة بدهشه لما تقول وقالت :
- يا سلام يا سلام أومال حفظ ايه ومسجد ايه اللى بتروحيه
ضحكت عبير وقالت بخبث:
- آه ...هنبدأ الغيره بقى.....

خرج باسم من حجرة مكتبه وقال موجهاً حديثه لدنيا:
- تعالى شويه يا أستاذه دنيا لو سمحتى...ثم عاد الى مكتبه مرة اخرى
نهضت دنيا وهى تحاول أن لا تصطدم بنظرات فارس الناريه وتوجهت الى حجرة مكتبه ولكنها مل تنسى تنبيهات فارس له سابقاً بأن تترك الباب مفتوحاً ..جلست أمامه بتسائل وكانت تتوقع بحكم عمله كمسؤل عن ملفات القضايا فى المكتب أن يكون الحدث حول ذلك ولكنها وجدته ينظر لها مبتسماً وهو يقول:
- مش أنا هفتح مكتب خاص بيا
تعجبت للحظات وهى تنظر إليه بدهشه فما شأنها بذلك..وقالت بلامبالاه:
- مبروك يا استاذ باسم..بس أنا ايه دخلى فى الموضوع
أتسعت ابتسامته أكثر وهو يتفحصها بجرأه ويقول:
- أنا عاوزك تيجى تشتغلى معايا فى المكتب..
باغتها بطلبه فارتبكت وصمتت برهة لتفكر فى الامر فقطع شرودها قائلاً:
- هو أنتى مرتبك هنا كام؟
علت دهشتها وقالت بسرعه:
- ما حضرتك عارف
فأومأ برأسه وقال بثقه:
- مرتبك عندى هيبقى ضعف مرتبك هنا 3 مرات..ها قولتى ايه ثم استدرك قائلا بسرعه:
- بس ده فى الاول لكن بعد لما تاخدى خبره ممكن يبقى ليكى نسبه فى القضايا وأنتى وشطارتك ومش بتكلم فى كلام فاضى أنا بتكلم فى ألافات
أدارت عبارته راسها وقالت بتسائل:
- وحضرتك أخترتنى أنا ليه بالذات
قال بجرأة وصراحه:
- بصراحه عجبتينى
دنيا باستنكار:
- عجبتك يعنى ايه
رمم عبارته المتصدعه وحاول أن يجعلها أكثر تهذيباً وقال:
- قصدى يعنى بيعجبنى مجهودك فى الشغل وطموحك العالى اللى هيموت فى المكتب ده وبالمرتب اللى بتقبضيه هنا
صمتت وهى تنظر امامها بشرود تفكر فيما يقول فقال مؤكدا :
- على فكره معايا ممكن فى من الايام تحطى يافطه باسمك جنب يافطتى ويبقى ليكى مكتب خاص تستقبلى فيه زباينك ..ها قلتى ايه
نهضت واجمه وهى تقول ببطء:
- أدينى فرصه افكر
فقال موافقاً:
- فكرى براحتك عموما انا لسه قدامى مش أقل من شهرين علشان انقل شغلى هناك

أنتهى اليوم كالعادة وطويت الملفات والمستندات ..وقفت بجواره لتستقل سيارة أجره كما تفعل دائما لا يرحل قبل أن يطمئن عليها .. وضع بعض الحدود بينهما فى التعامل فى حدود علاقة الخطبة التى تربط بينهما ولكنه لم يستطع ألانتظار أكثر من هذا ..أنها لم تجيبه ولم تعطى قرارها حتى هذه اللحظه ...ألتفت إليها قائلا بجديه:
- دنيا..أنتى مردتيش عليا لحد دلوقتى فى موضوع كتب الكتاب ده
زفرت بضيق قائلة:
- أنا مش عارفه أنت مستعجل كده ليه..انا وافقت على كل كلامك اللى قلته..مبقناش نتكلم ولا نتقابل حتى النظرة مبقتش تبصهالى وانا كل ده متكلمتش ووافقتك... ايه المطلوب منى تانى
شعر بكلماتها تقطر حنقاً وضيقاً من هذا الوضع فقال مؤكداً:
- ماهو علشان كده أنا مستعجل على كتب الكتاب ..علشان نخرج ونتقابل واعرف أكلمك وأتكلم معاكى براحتى
نظرت فى ساعة يدها تستعجل الوقت وهى تقول :
- مش هينفع يا فارس كتب كتاب دلوقتى خالص نستنى شويه لما ظروفنا نتحسن..هو أنت مش بتقول عاوز تاخد الماجيستير فى اقرب وقت خلاص بقى ركز فى الرساله بتاعتك وحاول تخلصها بدرى ولما تخلصها يا سيدى نبقى نشوف هنعمل ايه..لكن الاستعجال بتاعك ده هيبوظ كل حاجه وهيعطلنا جامد وان كان عليا يا سيدى أنا هستناك انا مش عارفه أنت قلقان ليه كده

أنكمشت فى فراشها كما تفعل دائما عندما تواجهها مشكله وظلت عبارات باسم تتردد فى اذنيها :
- مرتب 3 أضعاف ...وفى المستقبل يافطه جانب يافطتى... نسبه من القضايا
ظلت تقارن هذا الوضع بتلك الذى ينتظرها فى مكتب الاستاذ حمدى مهران نعم هى تحب العمل فى هذا المكتب بصحبة فارس ولكن إلى متى ستظل هكذا تجد وتعمل فى أرهاق وتعب والمقابل ضعيف ولم لا تغير حظها بيدها فى مكان آخر بمقابل افضل...
ولكن ترمومتر فطرتها الانثويه مازال يعمل والذى أنبأها بأن باسم لم يريدها الا لرغبة فى نفسه وأن الاسباب التى قالها جميعها كاذبه بل وتنطق بالكذب ..هل تستطيع أن تحسم أمرها وتعمل معه ولكن تنتبه لنفسها وتحسب ألف حساب لكل كلمه وكل حركه وكل ردة فعل..أم تبقى كما هى
ولكن حتى لو وافقت هلى سيوافق فارس..بالطبع لا ..سيرفض أيما رفض وسيتمسك برايه بل ومن الممكن أن يخيرها بينه وبين العمل مع باسم...
وظل تسأل نفسها فى تردد وقلق ...لا بد من حل ما يرضى جميع الاطراف ولكن اين هو


خرج والد عزة من المسجد الصغير بعد صلاة أنتهاء صلاة العشاء وهو يبحث عن حذائه بين كوم الأحذيه أمام المسجد وقف يبحث بعينيه عنه حتى وجده اخيراً أنحنى ليلتقطه ولكنه فوجىْ بمن يسبقه اليه ويناوله اياه بأبتسامه ودوده ...فابتسم شاكراً وهو يقول:
- متشكر أوى يا عمرو يابنى
أتسعت أبتسامة عمرو وهو يقول:
- العفو يا عمى..أستنى حضرتك أجيب الحذاء بتاعى ونروح سوا وظل يتلفت حوله وهو يقول بتمثيل مكشوف:
- ياترى راح فين مع أنى لما باجى اصلى هنا كل يوم كل يوم بحطه فى نفس المكان
تبسم والد عزة وهو يشير لقدم عمرو قائلاً:
- ما أنت لبسه أهو يابنى
نظر عمرو الى قدميه بصدمه واضحه وهو يقول:
- ايه ده مش معقول ...لبسنى أمتى ده
ضحك والد عزة وهو يقول:
- طب لو ماشى يالا أنا مستعجل
سار عمرو بجوار والد عزة بمنتهى الادب والتواضع وهو يتصنع الوقار قائلاً:
- بس انا دايما باجى اصلى هنا هو حضرتك مبتجيش بأنتظام ولا ايه
ضحك الرجل مرة أخرى فمحاولاته مكشوفه دائما وقال:
- معلش بقى يمكن مش بنتقابل من الزحمه ولا حاجه
سارا بعض خطوات فى سكون غير مناسب لشخصية عمرو ولذلك لم يحتمل كثيراً وقال بشغفه المعهود:
- حضرتك مردتش عليا يا عمى فى موضوع الانسه عزة
وقف والد عزة ونظر اليه بملامح جامده وقال:
- لا رديت عليك وقولتلك ربنا ييسر الامر لما نشوف أختها الاول
قال عمرو بضيق:
- ياعمى طب انا كده مفهمتش حاجه ..أنا كده متعلق
تابع والدها بنفس ملامحه الجامده:
- عاوزنى أكسر قلب بنتى الكبيرة ؟
قال عمرو بتبرم واضح:
- لا يا عمى أكسر قلبى انا براحتك
مشي بجواره حتى وصل الى منزله وهم بالصعود ولكن عمرو لم يتركه لا يزال يلح بأستماته ووالدها يؤجل باستماته ايضاً وأخيراً قال :
- طيب يبنى ربنا يعمل اللى فيه الخير..سبنى أطلع بقى
أوقفه عمرو مرة أخرى وهو لا يعلم ماذا يقول كان يأمل فى أن يقنعه بالموافقه ولكن محاولاته جميعاً باءت بالفشل الذريع قاطع شروده صو وال عزة وهو يقول بضيق:
- ممكن بقى تسيبنى أطلع ولا هتفضل وافقلى كده على السلالم
ابتسم عمرو ابتسامه مصطنعه وهو يقول :
- طب استنى حضرتك بس عاوز اقولك على حاجه وبعدين أطلع
عقد الرجل ساعديه أمام صدره بضيق وقال بغضب :
- أتفضل يا سيدى ...قول
رسم عمرو ملامح الجديه على وجهه وقال بأهتمام:
- كان فى مره فى بلد اوروبى فيه أقليه مسلمه ناس بيصلوا العصر فى المسجد
بعد ما خلصوا صلاة ..دخل عليهم واحد ماسك سكينه كبيرة وقال:
- مين فيكم هنا مسلم؟
الناس بصت للسكينه اللى مع الراجل ومحدش أتجرأ ينطق الا واحد بس هو اللى أتشجع وقال :
- أنا مسلم
فالراجل أخده بره المسجد بعيد شويه عن الناس وقاله انا مسلم فى السر ومحدش يعرف وجبت خروف وعاوز أدبحه على الطريقه الاسلاميه بتعرف تدبح وتسلخ
فالراجل قاله :
- أنا بعرف أدبح لكن مبعرفش اسلخ روح شوف حد تانى بيعرف يسلخ
بعد ما دبحوا الخروف الراجل رجع للمسجد تانى وكان ماسك السكينه وفيها دم الخروف وقال للناس:
- مين فيكم مسلم تانى
الناس كلها بصت للسكينه اللى فى ايده وأترعبوا ومحدش نطق لكن شاوروا على الامام اللى كان بيصلى بيهم وقالوا:
- ده مسلم
فالامام أتخض وقالهم :
- فى ايه ..هو علشان صليت بيكم ركعتين خلاص بقيت مسلم ؟؟؟؟!!
أنفجر والد عزة ضاحكاً وبعد فتره من الضحك .. باغته عمرو مرة أخرى قائلاً بلهفه :
- ها يا عمى وافقت على الجواز !!!!!!!
------

الفصل التاسع
***********
صعد والد عزة الى شقته أخيراً والابتسامه تعلو شفتيه على أثر النكته التى ألقاها عليه عمرو منذ قليل جلس بين زوجته وبناته أمام التلفاز وهو يضرب كفاً بكف ويقول :
- أما والله حاجه عجيبه
نظرت له زوجته بأهتمام وابتسمت هى الاخرى لرؤيتها ابتسامته وقالت:
- خير يا ابو عبير هو ايه اللى عجيب
ألتفت إليها بابتسامته وهو يستند بساعديه الى حواف مقعده ويقول:
- البشمنهدس عمرو يا ستى...بقاله كام يوم مش سايبنى فى حالى وعمال يلف ورايا زى النحله ..
حانت منه ألتفافه إلى عزة التى اشاحت بوجهها سريعاً ونهضت قائلة:
- طب أنا هدخل أنام بقى تصبحوا على خير
اقتربت عبير من والدها على المقعد المجاور له وهى تتسائل:
- هو كلمك تانى يا بابا؟؟
هم أن يجيبها ولكن والدتها قاطعته قائله:
- قالك اشتغل ولا لسه يا ابو عبير
أشاح بوجهه عن زوجته ونظر الى عبير مرة أخرة وقال:
- يشتغل ولا ميشتغلش دى حاجه تخصه هو وانا مالى
ثم نهض واقفاً وهو يقول:
- انا هدخل اريح شويه تصبحوا على خير
تبعته عبير بنظرها حتى دخل غرفته واغلق بابها خلفه فنهضت واقفةً وهى تقول لوالدتها:
- ماما ممكن أدخل أتكلم مع بابا شويه لوحدنا
نظرت لها والدتها بدهشه قائلةً:
- خير يا عبير فى ايه
أقتربت منها وهى تقول بجدية:
- بصى يا ماما أنا فاهمه كويس بابا رافض عمرو ليه وعمال يأجل فى موضوعه مع عزة وأنا بصراحه محتاجه اتكلم معاه فى الحكايه دى مينفعش أسكت أكتر من كده
نهضت والدتها بموافقةً منها لكلام ابنتها وهى تقول:
- طب تعالى معايا
وضعت عبير يدها على كتف والدتها وقالت برجاء:
- معلش يا ماما خلينى اتكلم معاه لوحدى ..أنتى عارفه بابا لما بيلاقى أكتر من حد بيتكلم فى نفس الموضوع بيقفل
فكرت والدتها قليلا ثم قالت بايماءه بسيطه:
- طب خلاص اللى تشوفيه يابنتى خبطى عليه الاول بس براحه كده ليكون نام ولا حاجه
وقفت عبير امام غرفة والدها وطرقت الباب بخفه وقالت بهدوء:
- بابا حضرتك نمت؟
أتاها صوته قائلاً:
- أدخلى يا عبير
دخلت الغرفه وجدته يجلس على الاريكه بجوار النافذه فاتحاً لمصحفه امامه ويقرأ فيه قليلا قبل النوم كما هى عادته دائماً
نظر لها مبتسماً بحنان وهو يقول:
- تعالى يا عبير
جلست بجواره على الاريكه وقالت برجاء:
- بابا أرجوك توافق على خطوبة عمرو وعزة
صمت برهة وقال بضيق:
- وياترى بقى مين اللى قالك تيجى تقوليلى كده أمك ولا عزة
ابتلعت ريقها وقالت بوجل:
- بابا ..انا عارفه حضرتك بتاجل الموضوع ده ليه ..وصدقنى يا بابا انا الحكايه دى متفرقش معايا خالص بالعكس والله أنا أتمنى ان عزة تتخطب النهارده قبل بكره
وخفضت نظرها وقالت بخفوت:
- لو سمحت يا بابا متخالنيش أحس أنى واقفه قدام سعادة اختى ومستقبلها
هتف مستنكراً:
- ايه اللى بتقوليه ده يابنتى وأنتى عرفت منين ان سعادتها فى الجوازه دى
ابتسمت بمرارة وهى تقول:
- يا بابا حضرتك طول عمرك بتشكر فى عمرو وزى ما حضرتك قلت من شويه انه عمال يلف زى النحله وبيزن عليك ليه بقى اكون انا السبب انى اضيع على اختى واحد بيحبها وكمان عارفين اخلاقه واهله وكل حاجه عنه
تذوقت مرارة ابتسامتها لاول مره وشعرت بها تغص حلقها فابتلعتها برضى وهى تقول:
- الحمد لله يا بابا انا عارفه اان كل شىء نصيب وانا هيجيلى نصيبى لحد عندى سواء دلوقتى ولا بعدين...لكن أنا عمرى ما هبقى سعيده ابدا وانا رابطه اختى جنبى كده وهى ذنبها ايه طيب
نظر لها والدها بمشاعر مختلطه بين الفخر والحزن وهو يقول:
- ونعم العقل والايمان يا بنتى أنا كنت بقول لامك عبير قاعده طول النهار تسمع فى شرايط وداخله وخارجه تحضر دروس فى المسجد ومكنش عاجبنى ..مكنتش أعرف أنك بتستفيدى بيها بالشكل ده ..ربنا يرضى عنك يابنتى
لمعت دموع الفرح فى عينيها وهى تقول بلهفه:
- يعنى حضرتك وافقت يا بابا
ابتسم وهو يربط على ساعدها قائلا:
- بينى وبينك ... أه وافقت
نهضت فى سعاده وهى تهتف بفرحه حقيقة:
- أنا هروح ابشر ماما



أحتضن فارس "عمرو"بشدة وهو يقول بسعاده مازحاً:
- مبروك يا عمرو أخيراً يا اخى هتدخل القفص برجليك
دفعه عمرو بخفه وهو يتكلم بشغف كعادته:
- بطلوا قر بقى دى يدوب أبوها وافق أنى اروح أتقدم رسمى
ثم فرك كفيه بتوتر بالغ قائلاً:
- أنا هموت من القلق يا فارس..كل ما أتصور نفسى وأنا قاعد بتكلم معاها على أنى خطيبها بقى وكده..ياه أحساس جامد اوى ..ثم تابع بنبرة حائره:
- تفتكر هتوافق عليا يا فارس ولا أنت رايك ايه
شعر فارس بالحيره وقال متسائلاً:
- الله...أومال ابوها وافق على اي اساساً
تناول عمرو بعض قطع الشيكولاته أمامه وهو يجلس الى مائدتهم الصغيرة وقال:
- وافق أنى أتقدم واقعد أتكلم معاها..ماهو ده طلبها يا سيدى عاوزه تتكلم معايا الاول قبل ما تقول رأيها النهائى علشان تستخير
ومد يده مرة أخرى الى شبطة الشيكولاته ولكن فارس ضربه على يده قائلاً:
- كفايه بقى دى لو مهرة عرفت أن حد كل من الشيكولاته بتاعتها هتخرب الدنيا
خطف عمرو قطعة أخرى وهو يقول :
- خلاص يا عم اللى جابلك يخليلك أخر واحده بس ومتقولهاش ماشى أنا مش قدها يا فارس
ضحك فارس وهو يقول:
- طالما جبان كده يبقى متمدش ايدك على حاجتها أحسنلك
ثم اردف بأهتمام:
- بس أنا خايف من حاجه يا عمرو
عمرو وهو يبتلع قطع الشيكولاته بصعوبه:
- خايف من ايه؟
مط فارس شفتيه وهو يقول:
- لو المقابله دى على اساسها عزة هتحدد هى هتوافق ولا لاء يبقى فى خوف كبير بصراحه ..اصلك هتفضحنا انا عارفك
لم يلحظ عمرو نبرة المزاح فى عبارة فارس فقال بجزع:
- ليه يا فارس ..طب قولى بسرعه اعمل ايه الله يخليك
أكمل فارس طريقته المصطنعه وهو يقول:
- بص أنت تحاول ..تحاول يعنى تبقى مؤدب كده ومحترم وذوق وظريف وهادى وعاقل ..كده يعنى ..انا عارف أن موضوع هادى وعاقل ده صعب عليك بس معلش حاول
فرك عمرو راسه وهو يقول :
- هحاول...!!

-يلا يا عبير كل ده بتلمعوا الصالون...كانت عبير منحنيه تزيل بعض أثار التراب فى غرفة الاستقبال فأعتدلت وهى تجيب والدتها:
- خلاص يا ماما أنا خلصت أهو
أقبلت والدتهم مسرعه وهى تنهرهما قائلة:
- معقوله كده الناس زامنهم جايين ولسه مخلصتوش ..ونظرت الى عزة وقالت بعتاب:
-, انتى كمان لسه مجهزتيش نفسك هايجوا يلقوكى بترابك كده ؟؟؟؟؟
زفرت عزة بضيق وهى تهتف ساخطه:
- يا ماما يعنى اقطع نفسى يعنى وبعدين فى ايه ما الشقه نضيفه أهى ..
قالت والدتها وهى تدفعها للخارج:
- طب روحى يا فالحه جهزى نفسك بسرعه خلاص زمانهم جايين
خرجت عزة وهى تتمتم ببعض الكلمات معترضه بينما نظرت الام الى عبير وهى تجتهد فى أبراز جمال الغرفه وهى تصلح من شأنها بأهتمام فأقتربت منها وقالت برفق:
- عقبال يومك يا عبير يا بنتى
أستدارت لها عبير وهى مبتسمه فوجدت نظرة مشفقه تطل من عيني والدتها غاصت تلك النظرات فى قلب عبير حتى شعرت أنها شجته نصفين ..قاتلت حتى تستطيع رسم ابتاسمة عذبه على شفتيها وقالت تداعبها:
- أيه بقى يا ست ماما أنتى عاوزه تخلصى مننا كلنا علشان الجو يخلالك انتى وحبيب القلب ولا ايه
ضحكت أمها وقد تلاشت نظرة نظرة الحزن من عينيها وقالت :

- انتى بس لو تعقلى كده وتشيلى البتاع ده من على وشك وانتى خارجه كده والعرسان تشوفك بدل ما انتى مخبيه نفسك كده محدش عارف انتى حلوه ولا وحشه
قالت عبير بثقه وهدوء:
- يا ماما اللى هيجى يتقدملى علشان انا حلوه ولا اللى هيخاف يتقدملى احسن اكون وحشه..الاتنين ميلزمونيش وقلتهم أحسن ومش طالباهم بصراحه
فقالت أمها وهى تدفعها هى الاخرى للخارج:
- طب يالا روحى شوفى أختك بتعمل ايه يا أم لسانين

تجهز البيت وتزين لاستقبال جيرانهم الاعزاء عمرو ووالده ووالدته
وبعد الترحيب والاستقبال الحار وعبارات الود والمحبه جلس الجميع فى غرفة الاستقبال حيث قال أبو عزة بترحاب شديد:
- واحشنى والله يا ابو عمرو الواحد مبقاش يشوفك غير كل فين وفين
شد والد عمرو بيده على يد والد عزة وهو يقول بمرح:
- بكره تزهق مني يا ابو عبير ما احنا هنبقى نسايب بقى
ضحكا الرجلان بينما قالت والدة عمرو أومال فين عروستنا يا ام عزة مكسوف ولا ايه
نهضت الام واقفةَ وهى تقول بابتسامه واسعه :
- هروح أندهلها حالا
دخلت الام فوجدت عزة تكاد تبكى وهى تقول لعبير مش عاوزه اخرج يا عبير طب خلى مامته هى اللى تيجى هنا
قاطعهم والدتها وهى تهتف بها بصوت خفيض:
- تيجى هنا فين يا بت أنتى
حاولت عبير دفع عزة تجاه والدتهما وهى تقول بتشجيع:
- يابنتى أطلعى أومال هتكلمى معاه ازاى هو مش أنتى اللى طلبتى تقعدى معاه الاول
أخذتها والدتها من يدها كالاطفال وخرجت بها وهى خافضة راسها الى الارض خجلا من الموقف وقفت والدة عمرو وأحتضنتها وقبلتها بشدة وهى تضغط على ساعديها مره وعلى ظهرها وكتفيها مرة أخرى وتقول:
- ماشاء الله ماشاء الله أزيك عروستنا عامله ايه
أجابت عزة بخفوت:
- الحمد لله يا طنط
أجلستها بجوارها ...حيث قال والد عمرو:
-والله كبرتى يا وزه بقالى كتير مشوفتكيش عامله ايه يا بنتى
ابتسمت عزة فى خجل وهى تقول بصوت غير مسموع :
- الحمد لله
كان عمرو مسلط نظره عليها يريد منها ألتفاته واحده فقط ولكنها لم تفعل لم تنظر اليه ابدا حتى عندما تجرأوقال لها:
- أزيك يا أنسه عزة
أومأت براسها ولم ترد ..لاحظ ذلك والدها أنها لم ترفع عينها لعمرو قط ولم تجبه ايضاَ على سؤاله ....فنهض وهو يقول موجهاَ حديثه لزوجته:
هاتلنا بقى يا حاجه العصير هنا وخدى الولاد بره فى الصاله يقعدوا يتكلموا مع بعض شويه
نهض عمرو من فوره فى سرعة وسعاده بينما وقفت عزة على مضض وخرج ثلاثتهم ...
جلست عزة على المقعد المواجه لغرفة الصالون حيث يقع عليها نظر والدها كما تم الاتفاق مسبقاَ معه وجلس عمرو على المقعد المجاور وذهبت والدتها للمطبخ لاحضار العصير التى كانت عبير قد أتمت أعداده وأعطته لوالدتها على الفور
خرجت من المطبخ ووضع أكواب العصير امام عزة وعمرو وعادت لغرفة الصالون مرةأخرى
ظل عمرو يعصر ذهنه ليتذكر وصايا فارس ولكنه لم يتذكر شىء على الاطلاق فقرر أن يتصرف بنفسه ..فألقى نظرة على غرفة الصالون ثم نظر إليها يتفحصها وقال بصوت تسمعه هى فقط:
- أزيك يا وزه
ألتفتت اليه باستنكار فشعر أنه ارتكب جرماَ فقال بتلعثم:
- قصدى أزيك يا أنسه عزة
خفضت نظرها مرة أخرى وهى تقول:
- الحمد لله كويسه
مسح عمرو راسه وقال بتردد:
- طيب انا سامعك لو فى حاجه عاوزه تسالينى فيها
ألقت عليه نظرة خاطفه أنهتها سريعاَ وقالت بجديه:
- أنا كنت عاوزه أعرف بس أنت عاوز تجوزنى ليه واشمعنى أنا يعنى ؟؟
باغتته بالسؤال ..شعر بالارتباك وصمت قليلا وهو ينظر اليها ...فقالت :
- ايه مش لاقى أجابه ولا محرج تجاوب
رفع حاجبيه بدهشة وقال:
- يعنى ايه محرج أجاوب
أرتسمت على جانبى شفتيها ابتسامة سخريه صغيرة وهى تقول:
- يعنى محرج تقولى أنك زيك زى شباب كتير عاوز يتجوز وخلاص ومش فارق معاك انا بالذات يعنى .. علشان كده محرج تجاوب ...صح؟
زال الارتباك الذى كان قد شعر به كلياَ وشبك اصابع كفيه امامه وهو يتكأ الى ركبتيه وقال بثقه:
- لا مش صح
فقالت بسرعه :
- أومال سكت ليه مكنتش محضر أجابه
هز راسه نفياَ وقال بثقة أكبر:
- لاء مش علشان مكنتش محضر اجابه ...علشان خايف اجابتى تسببلك أحراج
رفعت كتفيها وأخفضتهما سريعاَ وهى تنظر إليه قائلة:
- لا عادى ..مفيش أحراج ولا حاجه
نظر فى عينيها بعمق وقال بهدوء:
- علشان بحبك
أحمرت وجنتيها تلقائياَ وخفضت عينيها فتابع حديثه:
بحبك من زمان ..من زمان أوى ...من واحنا لسه فى الثانويه العامه..بالتقريب كده من ساعة ما مشاعرى ابتدت تتحرك أساساَ وأعرف الحب
كانت تستمع اليه فى توتر وحياء وتكاد تقطع شفتاها من كثرة الضغط عليها بدون وعى
فقال وهو مازال ينظر اليها ويتابعها حركاتها وسكناتها:
- عرفتى بقى مكنتش عاوز اجاوب ليه
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا ...كلماته ونظراته أخترقت خجلها وشعرت انه يرى قلبها من خلف ضلوعها وهو ينبض بعنف ويتابع أندفاع دماء جسدها كله من خلف شراينها ألى وجهها وراسها ...لامت نفسها على السؤال الذى طرحته والذى كان السبب فيما قال
كانت تعرف ان عمرو جرىء ومندفع ولكن لم تكن تعلم انه من الممكن ان يقول ما قال بهذا الشكل المفاجىء والصريح لابعد الحدود بل وكأنه كان يود أن تسأله هذا السؤال ليفصح عن مكنون قلبه ومشاعره تجاهها
فنهضت وقد تحشرج صوتها وهى تقول:
- طب عن أذنك
ودخلت فى سرعه فى أتجاه غرفتها وهى ترى ما حولها باللون الاصفر أو هكذا يبدو...
استقبلتها عبير وهى تنر لوجهها بدهشه قائلة:
- جيتى بسرعه كده ليه هو أنتى لحقتى تتكلمى معاه
وضعت عزة كفيها على وجنتيها تتحسس حرارتهما وهى تقول باستنكار:
- لو كنتى سمعتى كلمه واحده من اللى قالهالى كان زمانك قمتى من بدرى
أبتسمت عبير وقالت بشغف:
- قالك ايه
نظرة لها عزة بخجل وقالت بخفوت:
- سألته سؤال واحد بس وياريتنى مكنتش سألت أحرجنى اوى يا عبير ووقالى..قالى بحبك من زمان
ضحكت عبير ثم وضعت كفها فوق فمها لتكتم ضحكتها وقالت:
- مش بقولك رخم ......
نظرت لها عزة بعتاب وقالت:
- فرحانه فيا يا عبير ماشى
عبير:أبدا والله بس مستبشره خير ..ها رايك ايه بقى
قالت عزة بشرود:
- مش عارفه يا عبير محتاره اوى ومش عارفه اقرر لسه
عبير:طب بقولك ايه أنتى تستخيرى الاول وبعدين تقررى وان شاء الله خير

غادر عمرو واسرته منزلهم وجلست والدة عزة وزوجها فى غرفتهم وهى تقول:
- ها يا ابو عبير رايك ايه
قال بتاكيد:
- مانتى عارفه انى معنديش مانع يا ام عبير المهم راى عزة كلميها وشوفى نرد عليهم نقولهم ايه
قالت بلهفه:
- لا كلمها أنت هى بتسمع كلامك
هز راسه نفياَ وقال :
- لاء هتكسف مني...انتى امها..كلميها واعرفى منها بالظبط رايها ايه ولو عاوزه وقت تفكر براحتها خالص الولد اصلا لسه قدامه شويه

دخلت والدة عزة غرفة بناتها وجلست بجوارهم لتعرف رايى ابنتها ولكنها وجدتها مرتبكه ولم تحدد رايها بعد ومازالت متردده فقالت لها عبير:
- خلاص يا ماما أحنا اتفقنا أنها تستخير الاول وبعدين نشوف
نظرت عزة الى والدتها وقالت برجاء:
- ماما انا عارفه انك انتى وبابا متحمسين لعمرو وبتحبوه بس من فضلكم متغطوش عليا وسبونى افكر على مهلى
قالت والدتها بدهشه :
- ومين قالك انى جايه اضغط عليكى..انا جايه اعرف رايك بس مش أكتر
عزة:يعنى بابا مش هيغط عليا علشان اقول رأى بسرعه؟
الام:لاء بالعكس ده هو اللى قالى أسيبك تفكرى براحتك وقالى انه مش مستعجل علشان عمرو لسه قدامه شويه على ما يجهز
نظرت لها عزة باستنكار وقالت بحنق:
- اومال لما هو مش مستعد دلوقتى مستعجل ليه وكان عمال يزن على بابا كل شويه
استندت والدتها الى ظهر السرير ورفعت حاجبيها وهى تقول مداعبه:
- أصله خايف حد تانى ياخدك منه.....
ضحكت عبير من اسلوب والدتها وطريقة القائها للعباره وشعرت عزة بالدماء تتصاعد لوجنتيها مرة اخرى...تباَ لهذا العمرو الذى يدفع الدماء الى راسها بين الحين والاخر بكلماته سواء ألقاها هو ام ارسلها لها عن طريق غير مباشر


******************


أنطفأت الانوار وخلد كلً الى فراشه وقد سكنت العيون ولكنها لم تستطع النوم جافاها النوم وعصتها عيناها فلم تستجب لها ظلت مفتوحةَ طوال الليل ...عبير...ولكن من هو الذى سيستنشق عبيرها المقيد بداخلها ومتى سيخرج للنور

...مابكى يا عبير لماذا تعانين ما هذه المرارة التى تشعرين بها ...بل وتتذوقينها على شفتيكِ ..لعلها مرارة الوحدة ..نعم هى ذاك..الوحدة التى تشعر بها رغم كل البشر حولها والاهل والجيرة الطيبه ..ولكن..هى أمرأة..أنثى رغم كل شىء..بداخلها طاقة حب لا تعرف كيف توجهها والى من تمنحها .هى أنثى أتمت الثلاثون من عمرها ومازال فراشها بارداً خالياً.. بل ومتجمد ولو أن لم تكن أختها تشاركها نفس الغرفه لشعرت انها ملقاة بالصحراء تكاد وحوش وحدتها تلتهمها وهى فريسة وحيدة...بلا مأوى ..فاين هى المأوى واين هو المستقر الدافىء ..نعم ملتزمه ومنتقبه ولكنها ليست متبلدة المشاعر ..متجمدة الحس..ليست جماد..ولكن ايضاَ ترفض أن تكون ريشة بمهب الريح لتحركها الشهوات كيف تشاء فتذهب مترنحه وتعود خاوية...فتتلمس ركعتين فى جوف الليل تناجى ربها ..يارب عجلى الخلاص والمفر.....
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]


__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #7  
قديم 02-21-2018, 05:58 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل العاشر ( مع وقف التنفيذ )

-----------------

وقف عمرو أمام هذا المبنى الكبير الكائن فى أحد الأحياء الراقيه فى القاهرة وتنقلت عيناه بين اللافتات الكثيرة فى ذك المبنى ما بين لافتات عيادات أطباء كبار وبين شركات متنوعه أستيراد وتصدير ومقاولات وشركات هندسيه وهنا توقف نظره على أحدى الافتات الكبيرة والتى من الواضح أنها تحتل أكثر من ثلاثة طوابق فى المبنى الكبير ...مشى ببطء داخل ردهة الشركة الهندسه الخارجيه يتأمل الفخامه والديكور المميز الذى يدل على ذوق رفيع وبذخ فى الانفاق..ظل يجول ببصره حتى سمع صوت أنثوى يقول بلباقة :
- أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى ؟؟
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأَ وقال:
- هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله :
- البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه:
- أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله:
- أهلا وسهلا يا بشمهندس ..أتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة:
- أنا البشمهندسه إلهام مديرة الشركة
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالساَ..كانت أمرأة فى العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المُتكلفة التى هى سلاحها الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت نظرته إليها استكشافيه لم تخلو من الفضول ولكن نظراتها هى قد تبدو مختلفة ومتباينة أكثر وذات معنى لم يفهمه عمرو للتو...
وأخيراً تكلمت وهى تتصفح ملفه الخاص الذى بين يديها قائلة:
- ملفك عاجبنى أوى يا بشمهندس ..ماشاء الله تقديراتك حلوه أوى وخصوصا فى العملى..مش ناقصه غير الخبره بس ..ودى سهله اوى ..هنا هتتعلم كل حاجه وخبرتك هتبقى أكبر مما تتوقع
قال عمرو بتلقائية:
- أن شاء الله يا فندم ..أنا اصلا بتعلم بسرعه والشغل معاكوا هنا مكسب لاى حد لسه متخرج زيى
أبتسمت فى رضا وضغطت أزرار هاتفها قائله وهى عيناها لا تفارق عمرو :
- أبعتيلى البشمهندس صلاح بسرعه
أغلقت الهاتف وهى مازالت تتفحصه بابتسامتها العذبه ..شعر عمرو بالحرج فقال:
- طيب أنا ممكن استنى بره مش عاوز أعطل حضِرتك اكتر من كده
أنتبهت لعلامات الحرج التى ظهرت على ملامحه فعادوت النظر الى ملفه مرة أخرى وهى تغلقه قائلة
- البشمهندس صلاح هيجى دلوقتى علشان يوريك مكتبك ويعرفك على زمايلك فيه...طرق الباب ودخل المهندس صلاح ...رجل فى أواخر العقد الخامس من عمره يظهر عليه الوقار والنشاط فى نفس الوقت ..دخل وهو يرمق عمرو بنظرات خاليه من أى تعبير وقال موجهاً حديث لألهام:
- خير يا بشمهندسه
قالت بترفع وهى تشير الى عمرو:
- البشمهندس عمرو مهندس مدنى هيبدأ معانا من النهارده وهيبقى تحت مسؤليتك يا بشمهندس
أومأ براسه لها ثم نظر الى عمر بأبتسامه ودوده قائلاً:
-أهلا بيك يا بشمهندس أتفضل معايا
نهض عمرو شاكراً أياها وتوجه فى سرعه للخارج وكأنه يهرب من وحش نظراتها الملتهمه
دخل حجرة مكتبه بصحبة المهندس صلاح الذى قال :
- إن شاء الله الشغل معانا هيفيدك كويس اوى فى بدايتك يا بشمهندس ..رفع الزملاء نظرهم إلى القادم الجديد فأشار المهندس صلاح إليه قائلاً:
- البشمهندس عمرو هيبقى معاكوا فى المكتب من النهارده
ثم قام بتعريفهم لديه قائلا:
- البشمهندس أحمد،البشمهندس نادر
صافح عمرو زملاءه فى ترحاب شديد شعر به مع أحمد ولكنه شعر بعكسه تجاه نادر الذى صافحه ببرود وهو يبسم له بتهكم ..لم يوله عمرو أهتمام وجلسه خلف مكتبه وهو ينظر له وللكمبيوتر الخاص به بنشوة وسعادة ..كانت هذه هى المرة الاولى التى يشاهد فيها الكمبيوتر خارج أسوار الجامعه فهو لم يكن قد أنتشر فى هذا الوقت ليصل للجميع بعد......

هتفت أم يحيى بصوت اشبه للبكاء قائلة بلوعة:
- أنا خايفه على البنت يا ست أم فارس ..أنا حاسه كده أن مخها متأخر عن سنها ..مش زى زمايلها فى المدرسه ابدا
نظرت لها أم فارس بدهشة كبيرة وقالت :
- ما تصلى على النبى كده يا أم يحيى أيه الكلام اللى بتقوليه ده..مُهره ذكيه وكنت بشوفها وفارس بيذاكرلها بتجاوب لهلوبه
تكلمت أم يحيى بحنق شديد وقالت بأنفعال:
- أومال ليه كل ما اقعد أقولها سمعى ولا أخلى أخوها يسألها سؤال مبترضاش تجاوب ..وغير كده البت زى ما تكون عبيطه كده وشعنونه مش عارفلها حاجه
وضعت أم فارس يدها على صدرها وقطبت جبينها قائله:
- عبيطه!!! بقى مهره عبيطه..لاء ده انتى شكلك متعرفيش بنتك كويس بقى....قاطعها ان سمعت صوت قرع جرس باب الشقه فنهضت وفتحت الباب وقالت بترحاب شديد:
- أهلا يا عزة يابنتى تعالى
وقفت أم يحيى لمصافحة عزة ثم قالت بحرج :
- طب استأذن أنا بقى يا ست أم فارس
جلست أم فارس بجوار عزة وقالت بحنو:
- ها يا حبيبتى تشربى معايا قهوة ولا اجيبلك حاجه تانيه
تمسكت عزة بذراعها قبل أن تنهض وقالت بسرعه:
- لا يا طنط أنا مش غريبه وبعدين انا ماشيه على طول ..ثم تنحنحت بحرج قائله:
- أنا بس كنت عاوزه أخد رايك فى حاجه كده
- خير يا عزة شكلك كده فى حاجه مهمه
شعرت عزة بأضطراب شديد أبتلعت ريقها بصعوبه وقالت:
- بصراحه يا طنط أنا جايه أخد رايك فى عمرو..أصلك ياعنى أتعاملتى معاه عن قرب اكتر مننا بحكم انه صاحب فارس من زمان يعنى
أبتسمت أم فارس وهى تنظر لعزة المطرقة براسها لاسفل..فهى تعلم أنها ما ارادت رايها وأنما أرادت راى فارس ..مازالت متعلقة بلأمل مازالت ترغبه ...تود أن يقول لها لا تتزوجيه أرفضيه فسأصبح لكى فى يوم من الايام ..
أفاقت أم فارس من شرودها على صوت المفتاح يدور فى باب الشقه ورأت فارس يدخل ويغلق الباب خلفه مبتسماً لهما وهو يقول:
- السلام عليكم ..أزيك يا عزة
أبتسمت عزة وهى تنهضت واقفةً فى حرج وقالت:
- وعليكم السلام أزيك أنت يا فارس أخبارك أيه
تعجبت عزة أنه لا ينظر إليها وهو يحادثها ولكن قلبها خفق بشدة واصفر وجهها حينما سمعته يقول:
- ولا بلاش يا ستى أناديكى بأسمك كده لعمرو يزعل ولا حاجه ..أنا بعد كده هقولك يا مدام عمرو بقى وأخلص ..
أخذت حقيبة يدها بضيق وهى تعلقها على كتفها وتقول بتبرم:
- أنا لسه مبقتش مراته علشان تقولى مدام عمرو ..ثم أنحنت وقبلت أم فارس بسرعه وقالت لها وهى على عجلة من أمرها:
- معلش يا طنط اصلى أفتكرت حاجه مهمه عن اذنك
وخرجت سريعا وكأنها تهرول من بيته ..لا بل تهرول من صدى صوته التى مازال يتردد على مسامعها بكلماته التى أغضبتها وجعلتها تحسم أمرها سريعاً ..فلم تعد فى حاجه الى أن تستمع لرأيه فى شأن خطبتها من عمرو ..لقد أجابها دون سؤال
نظر فارس إلي والدته وهو يقترب منها متسائلا وقال:
- فى أيه يا ماما مالها عزة ؟!!
قالت والدته وهى تربت على كتفه :
- مفيش حاجه يابنى أدخل أنت غير هدومك على ما أحضرلك الغدا
دخل فارس غرفته ليبدل ملابسه ويلتقط انفاسه قليلا من عناء العمل بينما دخلت والدته المطبخ لتعد طعام وهى واجمة وتحدث نفسها قائلة فى شرود:
- وبعدهالك يا عزة هتفضلى متعلقه بحبال الهوا الدايبه لحد أمتى يابنتى ..والله لو كان عليا ماكنتش أسيبك ابداً لكن النصيب بقى
***************************
فى اليوم التالى وفى المساء صدح رنين الهاتف فى منزل عمرو ..قامت والدته للرد على الهاتف ..تحدثت فى سعاده كبيرة وبعد أن أنهت المكالمه أتجهت الى حيث يجلس عمرو ووالده وأخيه محمود وقالت بابتهاج تبشرهم:
- مبروك يا عمرو يا حبيبى عزة أستخارت ربنا ووافقت وعاوزنا نروح علشان نتفق على معاد الخطوبه والذى منه
أتسعت عيني عمرو فرحاً وهو ينظر لوالدته قائلاً:
- بجد يا ماما عزة وافقت عليا
قالت والدته بزهو:
- هما كانوا هيلاقوا أحسن منك فين يا بشمهندس
ربت والده على كتفه قائلاً:
- مبروك يابنى
ألتفت عمرو أليه وعانقه بشده وهو يقول:
- يا حبيبى يا بابا
تأوه والده من عناقه المؤلم ودفعه عنه قائلاً:
- فى ايه يا بنى هو حد قالك انى مش أبوك ولا ايه
ضحك أخيه محمود وهو يقول بعبث:
- ومالك فرحان كده ليه ده أنت هتخش القفص برجليلك يا حلو
أمسكه عمرو من خديه مداعباً هو يقول:
- خاليك فى الثانويه الجملى بتاعتك دى
ثم قبض كفيه وهو يشبكهما فى بعضهما البعض وينظر اليهم جميعا بسعاده ويقول:
- الحمد لله ربنا حققلى أغلى حاجه كنت بتمناها
ثم جلس بجوار والده وهو يقول بحرج:
- بابا حضرتك عارف طبعا انى أستلمت شغلى الجديد وأن شاء الله مرتبى هيبقى كويس أوى البشمهندس صلاح طمنى من الناحيه دى
قاطعه والده وهو يتفحصه قائلا:
- عاوز تقول ايه هات من الاخر
قال عمرو بسرعه:
- والله يا بابا هردهوملك أول ما اقبض
ألتقت نظرات والده بوالدته الحائرة فقال فى ثقه :
- متقلقيش يا أم عمرو أنا عامل حسابى ...
ثم نظر الى عمرو وقال مطمئناً
- متحملش هم أنا كنت عامل حساب اليوم ده من فتره وشبكة عزة عندى
*****************************
كان الجميع يعمل فى صمت كلُ يرتب أوراقه ويدون ملاحظاته عليها حتى وضع فارس قلمه على مكتبه وأغلق أوراقه ثم مسح وجهه بكلتا يديه مزيلاً لآثار التعب والارهاق البادى على وجهه وقال موجهاً حديثه ل حسن:
- يالا يا حسن علشان ننزل نصلى العشاء
رفع الجميع راسه إليه وقال حسن:
- هبقى أصليها لما أروح البيت يا فارس متحبكهاش كده العشاء ممدوده
نهض فارس وأتجه إليه واغلق الملف أمامه وقال باصرار:
- افضل وقت العشاء قبل الثلث الاول ما ينتهى وبعدين أنت كده هيفوتك ثواب الجماعه يالا بقى نلحق الاقامه فى المسجد
نهض حسن على مضض وهو يقول:
- أمرى لله أدينى قايم يا سيدى
قالت نورا بأبتسامه رقيقه:
- طب وأحنا يا أستاذ فارس مش المفروض نصليها دلوقتى ولا ايه
قال فارس دون أن ينظر إليها :
- لو قفلتوا الباب وضامنين محدش يدخل عليكم صلوا لكن لو ممكن حد يدخل ويشفكم وأنتوا راكعين ولا ساجدين يبقى تستنوا لما تروحوا البيت أحسن ...على رأى الشيخ حسن العشاء ممدوده...
نظرت لها دنيا بغيرة واضحه مخلوطه ببعض التهكم وأنتظرت حتى خرج فارس وحسن ثم قالت:
- بقيتى تهتمى أنتى يا نورا بمواعيد الصلاه وكده
التفتت إليها نورا بدهشه قائلة:
- أنا بهتم بيها من زمان ..أنا بصلى من زمان الحمد لله
أبتسمت دنيا ابتسامة صفراء وهى تعيد نظرها للأوراق مرة أخرى
كان باسم يعلم ميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لاداء فريضة العشاء فى المسجد ..أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه..حضرت إليه كما أراد فاشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلاً:
- كل سنه وأنتى طيبه يا دنيا مش عيد ميلادك النهارده برضه
نظرت إليه بدهشه قائله:
- وحضرتك طيب بس عرفت ازاى أن عيد ميلادى النهارده
قال بثقه زائدة:
- اللى بيهتم بحد ..بيحب يعرف عنه كل حاجه
أخرج علبه متوسطة الحجم من درج مكتبه وقدمها لها قائلاً:
- أتفضلى هديتك
نظرت إلى العلبه مندهشه ولمعت عيناها من المفاجأة وقالت:
- ايه ده تليفون محمول مره واحده
علت الابتسامه شفتيه وهو يقول:
- ده اقل حاجه ممكن تتقدملك...قال عبارته هذه وهو يتفحصها بجرأته المعهوده
شعرت بالخجل من نظراته وقالت بأرتباك :
- بس انا اسمع أنه بيبقى مع رجال الاعمال بس علشان شغلهم يعنى ..أنا بقى هعمل بيه أيه
- لا ده كان أول ما نزل مصر بس دلوقتى أبتدى ينتشر شويه وبعدين يا ستى علشان لما أحب أطمن عليكى ...أصلك لسه مردتيش عليا فى موضوع الشغل وأنا خلاص يومين وماشى من هنا وعاوز أعرف أكلمك وقت ما أحب
لم تكن كلماته تحمل معنى آخر نظرت الى العلبة بين يديها سعيدة بها وحائرة هل تقبلها أم لا إنها هدية ليست بالبسيطه وفى نفس الوقت ماذا ستبرر ذلك لفارس ...وكأنه قرأ أفكرها التى ظهرت جلية فى عينيها وهى تنظر للعلبه فقال باصرار:
- أنا مش هتنازل عن أنك تقلبيها ..ألتفتت أليه فقال:
- وبعدين يا ستى لو خايفه من الاحراج مش لازم تقولى أنى أنا اللى ادتهولك ..وكأنه أعطاها المخرج من تلك الورطه فابتسمت وهى تقول:
- متشكره أوى يا أستاذ باسم على الهدية القيمه دى الحقيقه دى أغلى هديه جاتلى فى عيد ميلادى
مد يده ليصافحها قبل أن تخرج وضغط على كفها بين كفه برقه وقال:
- دى حاجه بسيطه بالنسبه للى جاى لو وافقتى تشتغلى معايا
أبتسمت بأرتباك وتوتر وهى تسحب يدها من يده ببطء قائله بخفوت:
- هشوف كده ربنا يسهل
خرجت دنيا من حجرة مكتب باسم مسرعة وهى تخشى أن يكون قد عاد من صلاة العشاء ولكنها أسترخت وهى لا ترى فى الحجرة سوى نورا فقط والتى كانت منكبه على عملها بأهتمام
حشرت العلبة فى حقيبه يدها عنوه ووضعتها تحت مكتبها الخاص حتى لا تلفت الانتباه بأنتفاخها وواصلت عملها بنظرات زائغه وكأن شيئا لم يكن
عاد فارس وحسن من صلاة العشاء وجلس كل منهم خلف مكتبهم ولكن نورا لم تنسى تحيييه بابتسامه قائله:
- تقبل الله
- منا ومنكم
نظر حسن الى الجميع بأهتمام وقال وكأنه سيدلى بمعلومه سرية:
أنتوا عرفتوا يا جماعه أن الاستاذ باسم هيسيب الشغل هنا ويفتح مكتب خاص بيه
قال فارس دون أن يرفع نظره إليه وكأن الامر لا يعنيه:
- أيوا عارفين ربنا يصلح حالنا جميعا
قالت نورا بأهتمام :
- تفتكروا مين اللى هيمسك أدارة المكتب مكانه يا جماعه
أكمل حسن حديثه وكأنه لم يستمع إليها قائلا:
- طب عارفين أنى هروح معاه
نظر له فارس بأستنكار وقال:
- ليه يا حسن أنت هنا بتاخد خبره أكبر وبتتعلم من الدكتور حمدى
قال حسن بتهكم وهو يشير الى حجرة باسم:
- وهناك هاخد فلوس أكتر
ردت دنيا بحماس وكأنها قد وجدت من يعينها ويفكر مثلها:
- برافو عليك ده تفكير منطقى جدااااا
ألتفت فارس بأستنكار وقال بضيق:
- تفكير منطقى أزاى يعنى ..الفلوس مش كل حاجه
أومأت نورا موافقه لكلامه وقالت:
- ده صحيح الخبره مستقبلها اكبر من المرتب بكتير ..ثم ألتفتت الى حسن وهى تتابع حديثها:
- وبعدين يعنى الفرق مش هيبقى كبير
عقد حسن ذراعيه أمام صدره وقال مخالفا:
- ولو جنيه واحد زياده هيفرق معايا...وبعدين أنتوا مش ملاحظين ان الشغل هنا ابتدى يقل ..وأخفض صوته وهو يستطرد قائلا:
- والدكتور كمان مبقاش يجى كتير
قال فارس بأنفعال:
- ده علشان الدكتور مبيقبلش قضايا المخدرات والقضايا المشكوك فيها يعنى على الاقل يا أخى ضامن ان مرتبك من فلوس حلال
أبتسم حسن بسخريه وهو يفتح ذراعيه قائلا:
- أهلا الشيخ فارس وصل
هب فارس واقفا بغضب واشار له محذرا وقال:
- ألزم حدودك معايا يا حسن وأتكلم باسلوب أحسن من كده
وقفت نورا مسرعه وهى تقول منفعله:
- أيه يا أساتذه صلوا على النبى كده وأهدوا ..كده صوتنا هيوصل للدكتور
أسندت دنيا رأسها الى كفيها وهى تنظر إليهم مشتتاً أفكارها وهى تقول فى نفسها:
- أومال لو قلتله أنى عاوزه أروح أشتغل معاه هيعمل فيا أيه

أوت إلى فراشها ليلاً وهى تمسك بالهاتف النقال فى يد وبالكتالوج فى اليد الاخرى محاولةً فك طلاسم هذا الهاتف وهى تتمتم بسخريه:
- ايه الجهل اللى أنا فيه ده
وفجأه صدح رنينه بين يديها تفاجأت وهى تنظر لاسم باسم تضى به شاشة هاتفها وهمهمت قائله:
- انا مسجلتش اسمه ..معقوله يكون مديهولى وهو مسجل اسمه عليه
ترددت لبرهه ثم قررت الرد وقالت بصوت متلعثم:
- الو
- ها التليفون عجبك
- اه جميل بصراحه..ميرسى اوى
- مبروك عليكى ...طيب يا ستى أنا قلت بس أقولك تصبحى على خير
- وأنت من أهله
أغلقت الهاتف وهى تنظر له وتقلبه بين يديها وهى واجمةً وتفكر فى الخطوة القادمه
كيف ستفاتح فارس فى الامر وكيف ستكون ردة فعله تجاهها
************************************************
أستيقظ فارس قبل الفجر بساعه وهو يمد يده ويطفىء ساعته المنبهه التى تصدح يوميا فى مثل هذا الموعد معلنةً عن وقت صلاة القيام ...تململ فارس فى فراشه وهو يشعر بأجهاد شديد وكأنه لم ينم الا منذ لحظات قليله معدودة ولكنه جاهد نفسه وهب واقفاً بدون تفكير حتى لا يفكر فى العودة الى النوم مرة اخرى ويغلبه كسله وأجهاده ...توضأ وعاد الى غرفته جلس وهو ممسكأ بالمصحف وقرا ورده الليلى منه ولكنه شرد بعقله وهو يفكر فى عمله ولا يعلم لماذا راودته صورة وهو فى حجرة مكتبه بين دنيا ونورا..فشعر بالاستنكار لهذه الصورة وبانقباض قلبه لها ..كيف أجلس كل هذا الوقت بين فتاتين وخصيصا أن حسن هو الاخر سوف يترك المكتب للعمل مع باسم هذا سيكون مدخل من مداخل الشيطان ومدعاة للفتن ..كيف لم يفكر فى هذا الامر من قبل لماذا لم يطلب من الدكتور حمدى سابقا ان يفصل بين النساء والرجال فى مكتبه
كيف تجلس النساء كل يوم كل هذه الساعات من العمل بصحبة الرجال الزملاء فى العمل ..من الاكيد سيحدث أعتياد وألفه وترى المرأة زميلها فى صورة متالقه غير التى ترى بها زوجها فى البيت يوميا وكذلك سيفعل الرجال سيرون زملايتهم فى ابهى صورة يوميا.. من الملابس وطريقة المعاملات واسلوب الكلام غير التى يرى بها زوجته فى المنزل رغم أن الفارق كبير ..فهذه فى عملها وهذه بأطفالها ومسؤلياتها ولكن
الشيطان لن يقول لهما هذا... أنما سيجمل زميلته وزميلها فى عينيهما وسيصور لهما أنهما الافضل والاجمل وسيطفى عليهما صفات خياليه أخرى تجعل الالفه والاعتياد لهما مفهوما اخر
وضع المصحف جانباً ووقف يصلى القيام واطال فيه حتى ركع وأطال فى الركوع حتى سجد ولاول مره يشعر بسجود قلبه مع سجود جبهته أطال السجود وهو يشعر بحلاوته التى يتذوقها بقلبه وجوارحه أغمض عينيه وهو يدعو لا يريد ان يفارق تلك السجدة التى وجد حلاوتها ابدا فهى له الدنيا بما فيها ووجد نفسه يدعو..اللهم جنبنى الفتن ما ظهر منها وما بطن ،اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ،اللهم خذ بيدى إليك أخذ الكرام عليك
لم يستطع أن يرفع راسه ابدا الا عندما سمع صوت أذان الفجر ينتشر فى الارجاء ..أنهى فارس صلاته وقد قرر ان يفاتح الدكتور حمدى فى امر فصل الرجال عن النساء حين عودتهم للعمل

***********************************************

دخلت والدتها لتوقظها فى الصباح فوجدت الهاتف النقال بجانبها فأخذته وظلت تنظر إليه بأمعان وتتفحصه وباليد الاخرى توقظ دنيا وتهزها هاتفتاً بها:
- قومى يا دنيا ايه اللى جاب التليفون ده معاكى
نهضت دنيا متكاسله وهى تتثائب فتحت عيونها فوجدت امها تمسك هاتفها النقال بين يديها وتقلبه متسائلةً:
- بتاع مين ده يا دنيا
أنتزعته من يد والدتها وهى تقول برجاء:
- الله يخليكى يا ماما مش عاوزه بابا يعرف ليقعد يحقق معايا وجبتيه منين ومجبتيهوش منين
نظرت لها والدتها بشك وقالت:
- وانا يعنى مش هسألك
قبلتها دنيا على وجنتها وقالت :
- انتى مامتى حبيبتى مش هتعقديلى الدنيا زى بابا
أبعدتها والدتها عنها قليلا وبرفق قالت:
- طب جاوبينى مين اللى أدهولك
- أستاذ باسم مدير المكتب اللى حكتلك عنه قبل كده أنه عاوز ياخدنى معاه مكتبه
- وجابهولك بمناسبة ايه ده
- بمناسبة عيد ميلادى يا حبيبتى
صمتت والدتها قليلا فقالت دنيا متوتره:
- ايه يا ماما سكتى يعنى
- مش عارفه مش مرتاحه
عانقتها دنيا وقبلتها مرة أخرى وهى تنهض من الفراش قائله بثقه:
- متقلقيش يا حبيبتى انا عارفه انا بعمل ايه كويس وبتعامل مع الناس أزاى
نظرت والدتها إليها وقد خرجت من الغرفه ثم ألتفتت الى الهاتف الملقى على الفراش وشردت تماما ولاول مره تشعر بالقلق حيال تصرفات ابنتها
****************************************
ويوم الخميس وفى المساء كان منزل عزة مهيأ لتلك المناسبه المبهجة للأسرتين حفلة خطوبة عزة وعمرو
كانت الحفله بسيطه ينعزل فيها الرجال عن النساء نوعا ما فالنساء فى الصالون والرجال فى الخارج يفصل بينهما بابا لا يكاد ينغلق من كثرة الحضور..لذلك أحتفظت عبير بنقابها حتى لا يراها احد دون أن تشعر
لم يكن هناك شخص أسعد منه فى تلك اللحظه..اللحظة التى طوق خاتم خطبته اصبعها وأخيرا اصبحت خطيبته واخيرا اصبحت له...لم يكن بحاجه الى التعبير عن سعادته فلقد تكفلت عيناه بهذا الامر مما جعل عزة تشعر بتأنيب الضمير لانها لا تبادله نفس مشاعره ولا حتى جزء منها غير الاحترام وفقط
كان فارس يجلس مع الرجال فى الخارج وفجأة شعر بمن يهزة من الخلف نظر خلفه فوجد مُهره ابتسم كعادته كلما رآها واستدار إليها فى جلسته ودون ان يقف فأقتربت من اذنه وهى تشير الى محمود أخو عمرو وهى تقول :
- ألحق يا فارس الواد الرخم ده بيضايقنى
نظر فارس إلى حيث تشير ثم نظر إليها مرة أخرى متعجباً وقال:
- بس هو شافك أزاى اصلاً علشان يضايقك
نظرت له بغضب ومطت شفتاها وقالت:
- انت كمان بتتريق عليا ماشى يا فارس
قال مداعباً:
- طب متزعليش بقى خلاص انا هقوم أكسرلك عضمه ..ثم حك ذقنه وهو يقول:
- بس قوليلى هو ضايقك ازاى يعنى خد منك حاجه
حركت راسها نفيا وقالت:
- لاء بيقولى شعرك حلو اوى
نظر لها بدهشه ثم تصنع الجديه والغضب وهب واقفا وهو يقول:
- طب استنى هنا انا هروح أكسرهولك
تقدم فارس من محمود أخو عمرو وهى تتبعه كظله وقال مداعباً له :
- أنت يا أخ أنت بتعاكس خطيبتى ليه
ضحك محمود وهو يقول:
- خطيبتك ايه يا ابيه فارس بقى الاوزعه دى خطيبتك
صاحت مُهره من جواره بغضب:
- بس متقولش أوزعه
أمسكه فارس من شعره كما يفعل به دائما كلما رأه وقال له:
- عارف لو شفتك بضايقها تانى هعمل فيك ايه ..هحلقلك شعرك اللى فرحان بيه ده زلبطه
ثم ألتفت الى مُهره واشار لها آمراً وقال بجديه :
- اتفضلى يا هانم اقعدى جوه مع الستات ايه اللى مطلعك وسط الرجاله
أستدارت مُهره وهى تنظر الى محمود بانتصار وشماته ودخلت عند النساء كما أمرها فارس
قال فارس لمحمود:
- أنت من صغرك كده هتقعد تعاكس البنات اومال لما تكبر شويه هتعمل ايه ..وبعدين ملقتش الا مُهره يعنى دى تجرسك فى كل حته يابنى
قال محمود : بصراحه يا ابيه فارس أنا ناوى اخطبها لما تكبر
-والله ..وانت بقى هتستناها لما تكبر
- وفيها ايه يا ابيه انا رايح تانيه ثانوى وهى رايحه تانيه أعدادى يعنى قريبين من بعض
أمسكه فارس من كتفه وقال بجدية:
- بقولك ايه يا محمود أنت فى مرحله حرجه دلوقتى يعنى تركز فى مذاكرتك أحسن يابنى علشان تعرف تدخل كليه محترمه..وبعدين يعنى اشمعنى مُهره دى شعرها أطول منها
- ماهو ده اللى عاجبنى فيها يا ابيه
كتم فارس غيظه وهو ينظر إليه شاعرا بتفاهته وقال:
- هو انا واقف معاك ليه اصلا ..ودفعه قائلا :
- امشى يلا من هنا


وقفت أمرأة بجوار عبير عن قصد وقالت بتشفى :
- عقبالك يا حبيبتى
نظرت لها عبير بود وقالت :
- جزاكى الله خيرا يا طنط عقبال بناتك يارب كده لما تفرحى بيهم
ضحكت المرأة وهى تنوى أغاظتها وقالت:
- بناتى ..انا بناتى أتجوزوا من زمان يا حبيبتى مفيش واحده فيهم قعدت لبعد العشرين ..عقبالك انتى بقى
صمتت عبير ولم ترد فقد شعرت فى نبرة المرأة شىء غير مريح فآثرت الصمت حتى لا تحدث مشكله تعكر صفو خطبة اختها ولكن المرأة لم تصمت ولم تتوقف وقالت:
- الا أنتى عديتى التلاتين ولا لسه يا عبير
بدون شعور منها وجدت العبرات طريقها الا عينيها حاولت منعها حتى لا تشمت بها تلك المرأة أكثر فرفعت يدها وأنزلت البيشه على عينيها فوق النقاب وهى تقول:
- لا لسه يا طنط عن أذنك
مرت بهدوء لتخرج من غرفة الصالون ولكن والدتها نادت عليها قائله :
- اطلعى يا عبير هاتى صندوق حاجه ساقعه من بره البقال باعتهم على السلم
خرجت بسرعه فى طريقها للباب الخارجى للشقه وهى تحاول دفع دموعها للتراجع ولكن بلا جدوى حتى أنعدمت الرؤيا تماما لديها وأختل توازنها وهى تحاول حمل الصندوق ولم تشعر بشى ألا وهى تسقط من اعلى درجات السلم وفقدت الوعى تماما ..
******************************************
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #8  
قديم 02-21-2018, 06:03 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل الحادي عشر ( مع وقف التنفيذ )
--------------







وقفت عزة فى حضن والدتها تبكى بمراره ولم تكن أمها بها من القوة ما يجعلها تخفف عنها كل ما استطاعت أن تفعله هو أن تدعو الله بقلبها ألا تكون عبير قد اصابت بسوء ...أقترب عمرو منهما وقال لعزة بعتاب :
- مش كده يا عزة المفروض أنتى اللى تقوى مامتك وتخففى عنها
بكت عزة بقوة أكبر وهى تقول :
- مش قادره أمسك نفسى يا عمرو خايفه على عبير أوى
خرج الطبيب من حجرة الكشف وتبعته الممرضه تدفع الترولى أمامها التى رقدت عبير فوقه ما بين النوم واليقظه قال الطبيب فى عجلة من أمره
- مش كده يا جماعه وسعوا شويه لازم أعملها اشعه على رجلها حالا
تشبث والدها بالطبيب وقال بصوت متهدج وهم يسرعون خلفه:
- طب طمنا عليها طيب قولنا أى حاجه
طمأنهم الطبيب قائلاً:
- متقلقوش هى كان مغمى عليها من اثر الوقعه وانا فوقتها والالم كله فى رجلها هنعمل الاشعه ونشوف
ربت فارس على كتفه من الخلف مطمئنا وقال :
- متقلقش ان شاء الله خير ..ثم اشار الى الجميع قائلا:
- تعالوا طيب اقعدوا فى أستراحة المستشفى لحد ما تخلص الاشعه
قالت الام بعصبيه:
- استراحه ايه ومين ليه نفس يستريح ودونى عند أوضة الاشعه دى عاوزه أعرف بنتى مالها
أومأ فارس براسه متفهما وقال محاولا أحتواء الموقف:
- طيب مفيش مشكله تعالوا نستناها هناك
أسرعت الام السير وهى مازالت متشبثة بذراع عزة التى كانت تحث الخطى بجوار أمها ووالدها ...أنحنى عمرو على أذن فارس خلفهم وقال بأعتذار:
- متزعلش يا فارس أنت مقدر طبعا الحاله اللى هى فيها
نظر له فارس معاتبا وقال:
- ايه اللى بتقوله يا ده عمرو ...طبعا مقدر وفاهم الله يكون فى عونهم
أنتظر الجميع فى الخارج حتى خرج إليهم الطبيب وهو يحمل صور الاشعه وقد ظهرت على وجهه علامات البشرى وقال:
- متقلقوش يا جماعه الموضوع مش خطير الحمد لله
قال الاب بلهفه:
- يعنى مفيهاش حاجه يا دكتور طمنا الله يخليك
وقف الطبيب امامهم يحاول ان يخفف من وقع كلماته وقال:
- بصوا يا جماعه وقعه زى دى كانت ممكن تأذى العمود الفقرى لكن الحمد لله العمود الفقرى كويس محصلش كسور غير فى الرجل اليمين
ضرت أمها على صدرها وشهقت وهى تقول:
- بنتى رجلها أتكسرت
ربتت عزة على كتفها وهى تكفكف دموعها قائله:
- الحمد لله يا ماما أنها جات على قد كده بيقولك العمود الفقرى كان ممكن يتاذى
تابع الطبيب قائلا:
- أحنا دلوقتى هنحط الجبس ومش أقل من 3أسابيع علشان نشيله وبعديه كمان هنبدأ فى العلاج الطبيعى برضه مش اقل من شهر
شعر الاب بوهن شديد ووخذ فى صدره ولكنه تماسك وقال بضعف:
- يعنى دلوقتى هى هتتجبس ونروح على البيت ولا ايه
الطبيب: لازم تبات هنا يومين على الاقل وبعدين تاخدوها وتروحوا بالسلامه
خرجت الممرضه تدفع عبير أمامها وما أن رأتها والدتها ملقاه على الترولى وهى مستقيظه حتى أندفعت أليها وأوقفت الممرضه وهى تقول لها بلوعه:
- حمد لله على سلامتك يابنتى ياريتنى ما كنت قلتلك اطلعى هاتى الصندوق من بره
كانت عبير تشعر بالالم فى جميع انحاء جسدها من اثر السقطه التى سقطعها من أعلى السلم حاولت أن تخرج صوتها متماسك ولكنها لم تنجح بشكل كامل فى ذلك وقالت :
- متقلقيش يا ماما انا كويسه قدر الله وماشاء فعل أدعيلى أنتى بس..لم تلاحظ عبير وجود عمرو وفارس لم تكن ترى الا امامها فقط فقالت لوالدها
- بابا فى حد شافنى
قالت عزة حانقه:
- انتى فى ايه ولا فى ايه يا عبير دلوقتى
أعادت عبير سؤالها مره اخرى على والدها فقال :
- متقلقيش يا بنتى وشك كان متغطى لحد ما جيتى المستشفى ودخلتى اوضه الكشف
قالت الممرضه وهى تدفع الترولى مرة اخرى :
- يا جماعه كفايه كده الدكتور مستنى لما تخلص ابقوا أتكلموا زى ما أنتوا عاوزين
سار الجميع خلفها مرة اخرى وسمعوا عبير تسأل الممرضه قائله:
- هو انا كان مغمى عليا ؟؟
قالت الممرضه وهى تسير بسرعه:
- ايوا
- مين اللى فوقنى ..؟؟
- الدكتور
- كشف وشى ؟؟
- طبعا أومال هيفوقك ازاى
شهقت عبير وهى تضع يدها على وجهها وبدأت فى البكاء وهى تسترجع قائله:
- إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة الا بالله
تقدمت والدتها وقالت بلهفه:
- مالك يا بنتى حاسه بألم ولا حاجه
قالت عبير من بين دموعها:
- ياريت تيجى على ألم رجلى يا ماما الدكتور شاف وشى ولسه طبعا علشان يجبس رجلى لازم هيشوفها ويمسكها لا حول ولا قوة الا بالله اللهم أنك تعلم اننى لا ارتضى وذلك ولكنى مكروهه عليه
تركت الممرضه الترولى وفتحت باب غرفة الطبيب ثم عادت مره اخرى لتدفع الترولى داخلها ولكن عبير استوقفتها قائله :
- والدى هيدخل معايا
تقدم والدها وهو يقول:
- متقلقيش يا بنتى انا جاى معاكى
قالت الممرضه بأصرار:
- مينفعش حد يكون موجود وبعدين ما انا معاكى يا ستى
قالت عبير بحسم:
- لو والدى مدخلش معايا مش هدخل ومش هجبس رجلى
خرج الطبيب الذى كان يستمع إليهم وقال:
- طيب خلاص سبيه يدخل معاها مش مشكله
دخلت هى ووالدها وأغلق الباب جلست عزة بجوار والدتها وقد تحسنت حالتهما كثيرا
ووقف عمرو بجوار فارس الذى كان يستمع الى كل تلك الحوارات وشعر بالاعجاب الشديد حيال عبير وتصرفاتها ...سار قليلا الى آخر الممر حتى وصل للنافذة المطله على حديقة المشفى
وأتكأ إلى السور فراى بعض أهالى المصابين يخرجون من المشفى متوجهين للخارج ومن بينهم بعض الفتيات الاتى يرتدين الملابس الضيقة منها والمفتوحة نوعا ما فشعر بالدهشه وهو يغض بصره عنهن وقال:
- سبحان الله واحده رجلها مكسوره وبتتألم ألم محدش يعرفه غير اللى حصله كسر قبل كده ورغم كل ده حريصه على ان محدش يكون كشف وشها ولا شافها ومضايقه ان الدكتور هيشوف رجلها المسكوره وهيجبسها وبتعيط ..رغم انها فى حالة ضروره ومفيش قدامها حاجه تانيه...وبنات تانيه نازلين من بيتهم بارادتهم ايديهم ورجليهم مكشوفين سواء بالعريان او الضيق اللى مجسم جسمهم ..وعادى جدا مش حاسين بأى حاجه ولا بأى مشكله ثم ابتسم بسخريه وهو يتمتم:
- لا و الواحده منهم لما تيجى تكلمها تقولك منا محجبه أهو.. زى ما يكون حد قالها الحجاب أنك تغطى شعرك وتعرى جسمك ..صحيح والله هناك نساء وأشباه نساء .....فى هذه اللحظه تذكر خطيبته دنيا وعزم على أمر ما بداخله
*****************************************
أنهى باسم جميع متعلقاته فى مكتب الدكتور حمدى مهران وتركه نهائياً وأخذ معه حسن للعمل معه فى مكتبه الخاص وفى نفس اليوم دخل الدكتور حمدى المكتب ولكنه لم يذهب مباشرة الى مكتبه وانما مره بالحجرة الاخرى الخاصه فارس ونورا ودنيا ..أطل براسه وقال موجهاً حديثه لفارس:
- تعالالى يا فارس شويه عايزك
نهض فارس واقفاً وذهب خلف الدكتور حمدى وترك دنيا ونورا تنظران اليه وعلامات الاستفهام تطل من اعينهما بوضوح..دخل حجرة مكتب الدكتور حمدى خلفه وسمعه يقول وهو يجلس خلف مكتبه:
- اقفل الباب وراك يا فارس
أغلق فارس الباب خلفه وجلس قبالته وهو ينظر إليه بأهتمام وهو يتوقع التكليف بقضية مهمه من ضمن القضايا التى يكلفه بها ولكنه فوجىْ به يقول:
- أنت هتمسك ادارة المكتب مكان الاستاذ باسم
أتعست عيناه دهشة فهو لم يكن يتوقع ابدا أن تسند إليه مثل هذه المهمه فى هذا التوقيت المبكر
وقال:
- ايوا يا دكتور بس ..
قاطعه الدكتور حمدى قائلا بجديه :
- انت طلعت كارنيه ابتدائى ولا لسه ؟؟
أومأ فارس براسه وقال:
- ايوا طلعته
فقال الدكتور حمدى:
- مبروك يا سيدى عقبال الاستئناف والنقض كمان..ثم اردف متابعاً:
- متقلقش من حاجه الموضوع اصلا مش محتاج حاجه يعنى مش مسؤليه زى ما انت فاهم وبعدين القضايا مبقتش كتير زى ما أنت شايف
أطرق فارس براسه لبرهة من الوقت صمت خلالها يفكر ثم رفع راسه وقال:
- بس أنا مش اقدم واحد فى المكتب فى ناس أقدم مني
ابتسم الدكتور حمدى وهو يقول بثقه:
- بس انا بثق فيك أنت...
ثم نظر امامه وكانه شرد قليلا وهو يقول:
- وبعدين انا بحضرك لحاجه كبيره بس مش دلوقتى
حاول فارس أن يتكلم متسائلا عن الامر ولكنه قاطعه مرة اخرى قائلا:
- رسالة الماجيستير قدامها قد ايه وتخلص
فكر فارس قليلا وكأنها يجمع الاوراق امام عينيه وقال:
- ان شاء الله كام شهر وأنتهى منها
هز راسه مبتسماً وهو يقول:
- طب يالا بقى على مكتبك الجديد..
خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى بمشاعر مضطربه ما بين السعادة والخوف من المسؤليه الكبيرة التى ألقاها أستاذه على كاهله ووجد نفسه يهتف داخله متضرعاً:
- يارب وفقنى أنا محتاجلك اوى يارب
دخل حجرته فنهضت دنيا على الفور تقول متسائله:
- خير يا فارس الدكتور كان عاوزك ليه
ابتسم فارس وهو يأخذ نفساً عميقا ثم قال:
- الدكتور كلفنى بأدارة المكتب بدل الاستاذ باسم
شهقت دنيا فرحاً وهى تضع كفيها على وجنتيها وهتفت بسعادة:
- معقوله ..ألف مبروك يا حبيبى
نظرت إليه نورا بعينين لامعتين ما بين الفرحة والاسى فهو لم يعد يشاركهم نفس الحجرة مستقبلا فلن تراه الا عندما يطلبها فقط للعمل وقالت:
- مبروك يا استاذ فارس تستاهلها والله ..بس خلى بالك بقى الناس القدام اللى هنا مش هيعجبهم
قال فارس بجديه:
- انا قلت كده للدكتور لكن هو مصمم
قالت دنيا بحماس :
- ولا يهمك محدش يقدر يعملك حاجه
كان قد أنتهى من جمع بعض أوراقه فأنصرف قائلاً:
- طيب عن اذنكم يا أساتذه ..سلام عليكم ..وقبل أن يخرج توقف وكأنها قد تذكر شىء ذات اهميه وقال:
- لو سمحتى يا دنيا تعاليلى كمان ساعه كده عاوزك ضرورى
أبتسمت دنيا وهى تتابعه وهو يخرج من الحجرة ثم نظرت إلى نورا بغرور ..تجاهلت نورا نظرات دنيا وعادت لعملها وهى تشعر بالقهر تجاهها لم تستطع نورا حبس مشاعرها اكثر من ذلك وهى تشعر بنظرات دنيا الثاقبه ...وبرد فعل عكسى نهضت واقفه ونظرت إليها نظرات مشابهه وتوجهت لحجرة مكتب فارس الخاصه ..طرقت الباب ودخلت عندما سمعته يعطى الاذن بالدخول..وقفت فى حيرة من أمرها لا تدرى ماذا تقول ..فقال فارس بهدوء لا يخلو من الدهشه:
- فى حاجه يا استاذه نورا
وبحركة تلقائيه كادت ان تغلق الباب ولكنه أستوقفها قائلا:
- لو سمحتى سيبى الباب مفتوح
دلفت للداخل وجلست قبالته وقالت بتوتر:
- استاذ فارس ..أنا عارفه أنك مشغول أوى بس أنا...أنا بجد مخنوقه أوى ومحتاجة أتكلم معاك
ترك فارس مافى يده من ملفات وقال ببطء متسائلا:
- خير فى حاجه مضايقاكى ..فى الشغل...قال كلمته الاخيره تلك وهو يضغط حروفها جيدا وهو يعلم ماذا يقول وماذا يقصد
فرفعت نظرها إليه متعجبه وقالت باستنكار:
- غريبه اوى أنت كنت بتسمع لمشاكلى كلها وبتحاول تلاقيلى حل مهما كانت نوع المشاكل دى
أستند فارس إلى سطح المكتب وهو ينظر لكفيه ويقول :
- عارف يا استاذه نورا..بس أنا عرفت أن ده كان غلط ..مش غلط انى أحللك مشاكلك ..لاء..لكن الغلط فى حد ذاته أنى أخلى زميله ليا تشوفنى على أنى سوبر مان اللى مفيش مشكله بتقف قدامه ...وأنتى أغلب مشاكلك متعلقه بخطيبك وبعلاقتكم مع بعض وخصوصا المشاكل العاطفيه ومع الاسف انا مكنتش منتبه لما كنت بقعد اقولك ان خطيبك غلطان فى كده وكان لازم يعمل كده ومكنش المفروض يتصرف بالشكل ده فى الحكايه دى وكلام زى ده كتير كان بيتقال..وده طبعا كان ممكن يبقى باب فتنة ليكى كبيرة أوى..
بيتهيألى لو حكيتى لبنت زيك هيكون افضل وهنسد باب الفتن دى من أولها لاخرها
قطبت جبينها وقالت فى حرج :
- بس يا استاذ فارس حضرتك عمرك ما قلتلى كلمه وحشه علشان تقول كلمة فتنة دى
ابتسم فارس وهو مازال غاضا بصره عنها:
- ايوا مكنتش بقول ..بس الشيطان مش هيسيبك فى حالك هيفتحلك الف باب وباب ويهيألِك انى محصلتش.. والحقيقه انى بشر زى اى بشر بغلط وباتوب بتكلم حلو ووحش زى كل الناس لكن لما بنشوف المشكله من بره بيبقى حكمنا وطريقة كلامنا غير اللى عاشها فعلا
وقفت وهى تقول بحنق وقد شعرت بكلماته تغوص بداخلها لتخرج ما به من انفعالات وقالت بضيق شديد:
- متشكره اوى يا استاذ فارس على تنبيهك ده ..عن اذنك
خرجت من حجرته حانقةَ عليه وعلى نفسها دخلت لتتوضأ وعادت لحجرتها فى المكتب لتصلى فى أحد اركانه وتلكأت فى جلستها حتى نهضت دنيا ودلفت إلى مكتب فارس
وبنفس الطريقه اشار لها أن تبقى الباب مفتوحا
جلست امامه فى سعادة بالغه وهى تقول:
- مبروك مره تانيه يا حبيبى تستاهلها بجد
أخذ نفساً عميقا وهو يغمض عينيه وزفر فى بطء وهدوء ثم قال:
- دنيا أولا مينفعش تقعدى تقوليلى يا حبيبى والكلام ده ..متنسيش أننا لسه مخطوبين
مطت شفتاها بتبرم وهى تقول:
- وثانيا ؟؟؟؟؟؟؟
قال بسرعه:
- وثانيا بقى ياريت يعنى علشان خاطرى تغيرى طريقة لبسك دى ومتنسيش أنى كلمتك كتير فى الحكايه دى
- يوه بقى يا فارس أنت كل شويه هتطلعلى حاجه شكل مش عاجباك فيا
- يعنى أنتى شايفه ان لبسك ده صح
قالت بعناد وضيق:
- ايوا صح وبعدين دى الموضه
- حتى لو كانت الموضه دى مترضيش ربنا
- يعنى عاوز ايه دلوقتى يا فارس
- عاوز لبسك تنطبق عليه صفات الحجاب الشرعى لا يصف ولا يشف ومش ملفت للنظر
صاحت فى غضب وهى تهب واقفه:
- ما تقولى البسى خيمه أحسن
- أنتى زعلانه انى باغير عليكى وعاوزك تبقى ماشيه فى الشارع مستوره وربنا راضى عنك
تبرمت فى حنق وجلست مره اخرى ولم ترد أو بمعنى اصح تقلب الامر فى راسها فهى معتاده على ذلك لا ترفض ولا توافق قبل أن تفكر ايهما يأتى بأقل الخسائر..صمتت قليلا ثم قالت:
- طيب سيبنى بس لما اقبض علشان اعرف اشترى لبس جديد علشان انا معنديش لبس غير اللى مش عاجبك ده
أبتسم لموافقتها وقال:
- بسيطه كلها كام يوم ونقبض ...شعرت أنه يحاصرها وقالت فى نفسها بضيق :
- كام يوم..
قاطع حديثه الخاص وقال بابتسامه اكبر:
- وعلى ما الكام يوم دول يخلصوا مش هينفع طبعا أسيبك تمشى كده فى الشارع ..
ثم أخرج بعض المال وقدمه لها قائلا:
- معلش ده مبلغ بسيط بس هيكفى ان شاء الله تجيبى طقم بسيط كده على ما نقبض
نظرت للمال ثم نظرت إليه بضيق وهى تقول:
- حتى الكام يوم مش عاوز تسيبنى براحتى فيهم وبعدين شكرا يا سيدى هاخد فلوس من بابا
- أومال ليه بتقوليلى استنى لما اقبض
زفرت فى غضب هاتفةً:
- يووووووه بقى يا فارس ....حاضر حاضر حـــاااااااضر

******************************
جلست نورا على مقعدها خلف مكتبها وهى تدفن راسها بين كفيها وتستعيد كلمات فارس الذى ألقاها عليها منذ قليل كمن يلقى دلواً باردا فى ليل الشتاء القارص على قلبها بلا رحمه أو شفقة
ولم تعد تدرى اهو يقصد صالحها كما قال أم يتهرب منها ومن مشاكلها التى غطت اذنيه منذ عملهما معاً...كانت تريد أن تختلى بنفسها قليلا بعيد عن أعين الناس ..نهضت وأخذت حقيبتها وبدون أن تستأذن للأنصراف خطت بسرعه خارج المكتب مسرعة لا تعبأ بالسؤال عنها حين ملاحظة غيابها ..بل لم تعبا بالدنيا كلها كانت مرتبكة قلقه تتردد كلماته على قلبها قبل عقلها فتحث السير أكثر كأنها شبحا يطاردها
****************************************
تقوقعت نورا فى فراشها وهى تحتضن قدميها إلى صدرها وهى تفكر فيما قاله لها اليوم وتفكر فيه بعمق وتحادث نفسها قائله
- مش عارفه معاه حق ولا لاء ..بس ..بس أنا فعلا فى الاول كنت بتكلم معاه على أنه زميلى وبس لكن مع كل مشكله كان بيحلهالى كنت بحس أنه هو ده اللى بدور عليه ..وكنت بندم على أنى مقابلتوش قبل خطيبى قبل ما نكتب الكتاب ..
أستلقت على أحدى جنبيها وهى تقول:
- مقدرش أغلطه ..لانه للاسف معاه حق ..انا فعلا من كتر من اتعودت عليه وعلى طريقة كلامه اللى كانت بتفتحلى السكك المقفوله لقيت نفسى بحبه من غير ما اقصد وبقارن بينه وبين خطيبى من غير ما اقصد وقلبى بيبعد عنه برضه من غير ما اقصد وبيقرب من فارس غصب عنى ...ألقت راسها على الوسادة وهى تفكر فى حل لما وقعت فيه بدون ارادة منها وقالت بضيق :
- ياريتنى كنت حكيت لبنت زيى على الاقل كنت هفضفض معاها من غير ما يحصل اللى حصل ده جوايا....تململت فى الفراش كتململ العصفور المبلل بماء المطر حتى استسلمت للنوم وقد قررت أن تقف مع نفسها بحسم وتصرف عن قلبها صورة فارس الهُلاميه التى صنعتها له بيديها ... صورة الرجل المتكلم الذى لا يخطىء أبدا ...وتضع مكانها صورة خطيبها وحبه لها لتستطيع أن تعيد حياتهما كما كانت سابقا لتجعل منه مددا لها لعلها تفيق مما هى فيه وتشعر بهذا الرجل الذى أهملته كثيرا بأوهامها السابقه.....
************************************
طرق عمرو باب مكتب ألهام ودخل وأغلق الباب وكالعاده رأى ابتسامتها الواسعه المرحبه به بشكل دائم وفى كل الاوقات ..وقفت أمامها وهو يقول:
- خير يا بشمهندسه حضرتك بعتيلى
أشارت إليه بالجلوس وهى تقول :
- تشرب أيه الاول
نظر إلى ساعته وهو يقول بحرج:
- أنا اسف مش هينفع أصل عندى شغل هخلصه وهمشى على طول عندى ارتباطات مهمه
نظرت إليه متفحصه بجرأة وقالت بهدوء:
- أيه عندك معاد غرامى ولا أيه
رفع نظره إليها بدهشه من جرأتها وتدخلها فى شؤنه الخاصه بها الشكل السافر وقال على الفور:
- لا معاد غرامى ايه أنا مش بتاع الكلام ده ..ثم اردف سريعاً:
- خير يا بشمهندسه فى حاجه فى الشغل
تابعت وكأنها لم تسمعه وقالت:
- أومال رايح فين
زادت دهشته من اهتمامها الزائد به وقال :
- ابدا رايح أجيب أخت خطيبتى من المستشفى مع والدها
أتسعت عيناها ونظرت ليده فلم تلحظ الدبله الفضيه فى يده قبل ذلك وقالت متوتره:
- ايه ده هو أنت خاطب من امتى أنا مشوفتش دبله فى ايدك أول مره جيت هنا
زفر بطريقة لم تلحظها وقال بضيق :
- أنا لسه خاطب من يومين بس
هزت راسها بعصبيه وهى تنقر على سطح مكتبها وتقول:
- ده أنت كنت مستنى لما تشتغل بقى علشان تخطبها ..ايه قصة حب ولا ايه
تحرك من مقعده قليلا وهو ينظر لساعة يده ويقول :
- حاجه زى كده ...طيب انا مضطر استأذن دلوقتى
نظرت إليه بحده وهى تقول بجديه:
- ساعات العمل الرسميه لسه مخلصتش يا بشمهندس ..ثم ابتسمت ابتسامه صفراء وهى تقول:
- لسه نص ساعه
أستند الى ظهر مقعده وظل صامتا فقالت بحنق:
- هو أنت متعود تمشى قبل المواعيد ولا أيه
حاول أن يغلب الغضب بداخله وقال دون ان ينظر اليها:
- انا مكنتش همشى قبل مواعيدى يا بشمهندسه ..أنا قلت لحضرتك فى الاول انى ورايا شغل عاوز أخلصه قبل ما أمشى
هبت واقفة وقالت بتعالى:
- طب اتفضل خلص شغلك يا بشمهندس أنا عندى أجتماع
نظر إليها متعجبا من تصرفاتها المتناقضه فهو لم يطلب الدخول إليها أو الجلوس معاه من الاساس فلماذا تفعل ذلك ولكن على كل حال تنهد فى أرتياح وهو يغادر إلى مكتبه
كسرت القلم بين يديها فى غضب وهى تنظر للفراغ الذى كان يحتله منذ دقائق
**************************************
دخل عمرو مكتبه وتوجه على مكتبه الهندسى الخاص به تحت نظر زميله نادر الذى كان يرمقه متبرما لاستدعائها المتكرر له فى مكتبها الخاص ووجد نفسه يقول بسخريه:
- أتأخرت ليه يا روميو
نظر له كل من عمرو وزميلهم الثالث أحمد وقال عمرو فى أنفعال:
- بتكلمنى انا
قال نادر متهكما:
- هو فى روميو تانى هنا
ترك عمرو ما فى يده وقال له محذرا فى غضب شديد:
- أنا بحذرك تكلم معايا بالطريقة دى تانى أنت فاهم ولا لاء
كان يتوقع أن يهاجمه نادر ولكنه وده يقول بسخريه وهو ينظر لاحمد:
- شفت يا عم أحمد طبعا ما هو مسنود من فوق بقى
صاح عمرو بغضب مرة أخرى قائلا:
- بقولك اتكلم معايا كويس أحسنلك
حاول أحمد تهدئة الوضع بينهما ووقف يهتف بهما:
- ميصحش كده يا جماعه ثم نظر لنادر معاتبا وقال بضيق:
- وبعدين معاك يا نادر ده احنا زمايل وفى مكتب واحد يا أخى مش كده
نظر لهما نادر بسخرية وأعاد نظره الى عمله مرة اخرى دون ان يتفوه بكلمة أخرى وكأنه كان يختبر أعصاب عمرو هل هو سريع الغضب أم لا
ربت احمد على كتف عمرو قائلا بهدوء:
- معلش يا بشمهندس خاليها عليك المره دى
قال عمرو وهو يرمق نادر بعينيه ياريت الناس كلها فى أخلاقك يا بشمهندس أحمد ..دقائق من الهدوء سادت فى المكتب وكل منهم يتابع عمله حتى ينتهوا منه قبل مواعيد الانصراف
***************************************
قطع عمرو بوابة المشفى مسرعا الى الممر ثم الى المصعد ومنه الى غرفه عبير وعندما وصل وجد والدها فى الخارج ينتظر خروجهم من الغرفه وفارس يقف خلفه يحمل حقيبة ملابس صغيره لعبير كانت بصحبتها فى المشفى
فقال بأنفاس متقطعه وهو يلهث:
- انا اسف والله أتأخرت غصب عنى ربنا ينتقم من اللى كان السبب
قال والد عبير بحنو:
- براحه يابنى خد نفسك وبعدين أحنا لسه ممشيناش أهو
جلس عمرو الى المقعد القريب منهم وهو يقول:
- هو الدكتور جوه ولا ايه
ابتسم والد عبير وهو يقول:
- هو لو الدكتور جوه كنت أنا هبقى هنا ليه يا بشمهندس
قال فارس بمزاح:
- طول عمرك ناصح على فكره
تابع والد عبير وهو يضحك على كلمات فارس قائلا:
- عزة ووالدتها معاها بيجهزوها علشان نمشى
أقتربت الممرضه وهى تدفع الكرسى المتحرك امامها ودخلت غرفة عبير وبعد دقائق قليله
خرجت تدفع الكرسى فهب عمرو واقفا وهو يقول مشفقاً:
- حمدلله على سلامتك يا انسه عبير
وكذلك قال فارس :
- حمد لله على السلامه
قالت عبير وهى تخفض نظرها عنهما:
- الله يسلمكم جزاكم الله خيرا
************************************
عادت عبير إلى منزلها بصحبة عزة وعمرو ووالدها ووالدتها بينما استأذن فارس للعوده الى عمله مرة أخرى ....دخلت غرفتها بصحبة والدتها وأختها عزة ..استراحت على فراشها وسمعت عزة تقول:
- أجيبلك تاكلى يا عبير ولا هتنامى
- لا يا حبيبتى انا هنام شويه اصلى مكنتش عارفه انام فى المستشفى خالص
- منا عارفه مبتعرفيش تنامى بره البيت يا حبيبتى
تدخلت والدتها قائله:
- سيبى اختك تنام وأطلعى اقعدى مع خطيبك شويه ميصحش كده
نظرة عزة إلى عبير تستنجد بها فقالت عبير بسرعه:
- يا ماما مينفعش تقعد معاه لوحدها ده لسه خطيب مش زوج
نهضت والدتها وجذبت عزة من يدها وهى تدفعها تجاه الباب وتقول:
- أبوكى قاعد معاه بره مش هتقعدى معاه لوحدك يالا ياختى وخدى معاكى كوباية عصير فى ايدك الراجل واقف معانا من بدرى
خرجت عزة وهى تنظر تحت قدميها ان صحت العباره.. نظر عمرو اليها بطرف عينيه وشعر بخفقان قلبه كما يحدث له دائما عند رؤياها ...وضعت الكوب على الطاوله امامه وهى تقول بخجل:
- أتفضل ...تابعها بعينيه حتى جلست على مقعد آخر يبعد عنه بعض الشىء فقال والدها:
- اختك عامله ايه دلوقتى
- الحمد لله يا بابا ..سبتها تنام وترتاح
قال الوالد وهو يهز راسه راسه بأسى :
- والله منا عارف هتقعد فى الجبس 3 اسابيع ازاى وبعديهم كمان علاج طبيعى وشغلانه
تدخل عمرو قائلا:
- متقلقش يا عمى ان شاء الله خير وبعدين متقلقش من حكاية العلاج الطبيعى دى ..فارس يعرف دكتور كويس اوى وقريب من هنا جدا
خفق قلبها عند سماعها أسمه واشاحت بوجهها بعيدا حتى لا يرى أحد علامات تاثرها بادية على وجهها ..ساد الصمت للحظات قطعه والدها قائلا :
- منور يا بشمهندس
تنحنح عمرو بحرج وقال وهو ينهض واقفا :
- ده نورك يا عمى ..طيب أستأذن انا بقى
وقفت عزة ووالدها الذى قال بتصميم:
- لا والله ما ينفع ده أنت لسه داخل حتى ملحقتش تشرب حاجه
ابتسم عمرو بمودة وهو يقول:
- معلش يا عمى مره تانيه ان شاء الله
نظر إليها والدها وقال آمراً:
- وصلى خطيبك يا عزة
أحمر وجهها بشدة وهى تنظر لوالدها وكادت أن ترفض ولكنه وجدت علامات الجديه على وجهه فتراجعت عن الرفض وقالت وهى تشير لعمرو :
- اتفضل يا بشمهندس
توجه والدها للداخل وتركهم عند باب الشقة المفتوح وقف عمرو بالخارج وهى بالداخل تنظر الى الارض كانت تتصور ان يلقى السلام ويغادر ولكنه لم يفعل...وقف ينظر اليها وكل خلجه من خلجاته تنطق بالحب ليس نظراته فقط وما كانت عيناه الا مرآة يمر الحب خلالهما وينساب بدون أن يشعر ليسكن فى عينيها عندما رفعت عينيها اليه لترى سبب صمته الذى طال فأخفضت عينيها حياء منه ومن نظراته وهى تقول بخفوت :
- فى حاجه يا بشمهندس
قال بنفس خفوتها وابتسامته تملىء وجهه :
- على فكره أنا اسمى عمرو ..هه
قالت دون ان تنظر اليه :
- فى حاجه يا عمرو
خفق قلبه لنطقها اسمه وابتسم فى سعاده و ...قاطعت نظراته وافكاره ورفعت راسها فجأه وقالت بجديه:
- على فكره مينفعش تبصلى كده ..عن اذنك
تراجع للخلف بدهشه وأغلقت هى الباب وسمعته يقول من خلفه
- يخرب عقلك قطعتى لحظه رومانسيه بنت لذينه
وخبط كفا بكف وينزل درجات السلم وهو يهتف:
- ايه شغل الجنان ده
أبتسمت رغما عنها وأتجت للداخل ..لا تعلم لماذا تزداد أعجابا به يوما عن يوم رغم أنهما لم يتقابلا الا مرات معدوده ولكنه فى كل مره يثبت انه أهلا لها ولتحمل المسؤليه عن جداره تستحق الاحترام رغم صغر سنه بالمقارنه ببعض الرجال الذين تعدوا الثلاثون ولكنهم لا يشغلهم من الحياة الا أنفسهم ورغباتهم فقط ..فالايام لا تغير البشر ولكنها فقط تنزع القناع عنهم


--------------------------------
الفصل الثاني عشر
----------
كان فارس يجلس بمكتبه حين سمع جلبة بالخارج حرك جسده قليلا وهو يحاول النظر من الباب المفتوح امامه فرأى رجلا يصيح بعصبيه قائلا:
- ده مش اسلوب معامله اومال مكتب كبير واسم كبير وخلاص وكل ده على الفاضى ومش عارفين تخلصولى حتة قضيه يخلصها محامى صغير
هب فارس ناهضا وأثناء خروجه وجد الدكتور حمدى يدخل حجرة مكتبه ويغلق الباب فى وجه الرجل بحده مما جعل الرجل يشتعل غضبا أكثر ودنيا ونورا يتابعان ما يحدث عن كثب وبعض المحامين يحاولون التحدث للرجل للرحيل بسلام ودون اثارة المشاكل ولكن كان منفعلاً بشدة فلم يستجب لأحد .. حاول فارس تهدأته وعرض عليه الجلوس فى مكتبه ليتفاهم معه ومحاولة اصلاح الامر بصفته مدير المكتب ..أستجاب الرجل ودخل حجرة فارس
جلس فارس أمامه على المقعد المقابل له ولم يجلس خلف مكتبه ليستطيع التعامل معه ومع أنفعاله وهو يقول :
- أهدى بس حضرتك وقولى ايه الحكايه بالظبط
هدأ الرجل قليلا ثم قال متهكماً:
- ابدا يا سيدى حتة قضيه شرعى صغيره قد كده يخلصها اى محامى صغير ..جيت للدكتور بتاعكوا وقلت اسم وسمعه وهيخلصها قوام قوام لقيته بيرمى الملف ويقولى شفلك محامى غيرى وطردنى من مكتبه
قام فارس بتهدأته مره أخرى ثم قال:
- ورينى كده الملف ده
أعطاه الرجل الملف ..استند فارس لظهر مقعده وهو يقلب فيه سريعاً ثم قال بأستغراب:
- والدكتور رفض القضيه ليه دى قضية طلاق عاديه جدا
قال الرجل متهكما:
- ايوا يا سيدى اديك قلت قضية طلاق عاديه جدا ..
مال فارس للأمام وهو يتفحص الرجل وقال بجديه وهو يتكأ بمرفقيه على رجليه والملف بين يديه:
- ممكن حضرتك بس تحكبلى الموضوع من الاول كده علشان افهم واقدر افيدك
- ولا حاجه ...طلقت مراتى وراحت بيت ابوها بالعيال ..رفعت عليا قضية نفقه ليها وللعيال ومؤخر بقى وقايمه والذى منه
حثه فارس على المتابعه قائلا:
- وبعدين
- ولا قابلين ..واحد صاحبى ليه تجربه فى الموضوع ده قبل كده ...شار عليا أنى لو قلت عليها انها ماشيها بطال وجبت شهود وأدله على كده كل حقوقها هتسقط ومش هيبقى ليها حاجه عندى غير نفقة العيال بس
قطب فارس جبينه بشدة وقال مستفهماً:
- وأنت فعلا عندك شهود على كده
ضحك الرجل بسخريه ثم قال:
- أهم مرمين على القهوه قدام المحكمه مش لاقين شغلانه ..كل واحد عشرين جنيه و تحفظه كلمتين وخلصت خلاص
شعر فارس بالدماء تغلى فى راسه ولكنه حاول ضبط أعصابه والتحكم بها وهو يقول:
- شهود زور يعنى ؟؟!!!
- زور ولا مش زور المهم الوليه دى متخدش منى حاجه الا بمزاجى
صمت فارس قليلا ثم قال بعد تفكير:
- وتقبل أن مراتك أم عيالك سمعتها وشرفها يبقى في بؤ كل واحد شويه وانت عارف ومتأكد أنها ست شريفه وكل ده علشان ايه ..علشان خاطر أنت مش عاوز تديها حقوقها اللى ربنا أمرك بيها وأستحلتها كزوجه بعد ما وافقت عليها ومضيت على كده
زفر الرجل فى ضيق وهتف به:
- بقولك ايه يا استاذ انا مش جاى هنا أسمع مواعظ ..هما كلمتين هتظبطلى القضيه دى ولا مش هتعرف ...
ثم اردف بسرعه ..
- ولو وافقت ليك عليا هتعامل معاك من بره بره من غير الدكتور بتاعك ما يعرف وأتعابك هتبقى ليك لوحدك ...ها قلت ايه
أبتسم فارس وهو يقول:
- قلت أن حضرت مقرتش اليافطه اللى على المكتب بره كويس ...ده مكتب محاماه مش شقة دعاره
نظر له الرجل بدهشه وقد بدت علامات العبوس على وجهه فتابع فارس قائلا:
- أه والله مش مصدق ولا ايه ...ماهوأنا لو وافقت على اللى بتقوله يبقى مراتك دخلت عندنا شريفه وطلعت من عندنا مشيها بطال ...تبقى شقة دعاره ولا لاء
ثم هب واقفاً وهو ينظر للرجل بأحتقار وقال بهدوء:
- أتفضل حضرتك شوفلك حد تانى يلوث سمعت مراتك ولو كمان كسبت القضيه تبقى علمت على عيالك انهم ولاد حرام وفضحتهم قدام الناس كلها وضيعت مستقبلهم وكمان بقى عندك بنات شوف مين اللى هيبصلهم بعد كده...بس خلى بالك أنت كده بتقذفها فى شرفها وكمان بشهود زور...يعنى حسابك عند ربنا مش بس عقوبة القذف لالا دى كمان شهاده زور وتحريض على شهاده الزور ...
ثم غمزله بعينيه وهو يقول:
- يعنى حسابك هيتقل اوى يا باشا وبلُغة القانون الوضعى ..أعدام ...والاعدام بتاع الاخره ..على جنهم عدل
ظل الرجل ينظر لفارس ويحدق به وهو يتحدث حتى أنتهى من حديثه ثم جذب الملف من يده وهو يشعر بالتوتر من كلماته والارتباك وقال متلعثماً وهو يغادر بسرعه :
- أنا مش فاهم ,,مكتب محاماه ده ولا جامع
أنصرف الرجل وجلس فارس خلف مكتبه وهو يضع راسه بين كفيه قائلا باسى:
- لا حول ولا قوة الا بالله معقوله توصل للدرجادى
دخلت دنيا مسرعة وقالت بلهفه:
- أيوا كده يا فارس هو ده الشغل ..ها ظبطت الراجل وهتشتغل انت القضيه دى لحسابك صح ..؟؟
رفع رأسه إليها وهو يقول بحزن:
- لاء طبعا يا دنيا اصلك متعرفيش الراجل ده كان عاوز ايه
قطبت جبينها وقالت بغضب:
- ليه يا فارس ليه دى فرصه جات لحد عندنا كنت هتطلعلك منها بكام ألف
أبتسم ساخرا وهو يقول:
- حتى لو كانوا كام ألف حرام
صمتت وهى تنظر إليه بدهشه ودخلت نورا لتخبره أن الدكتور حمدى يطلبه ولكنه لم ينتبه لها وهو يقول:
- الراجل طلق مراته وعاوز يدعى عليها انها ماشيها بطال علشان ميديهاش حقها لاء وكمان هيجيب شهود زور على كده ..
وهز راسه متهكما وهو يقول:
- لاء ويقولى خد القضيه لحسابك ...فاكرنى على اخر الزمن هاكل حرام
صمتت دنيا تفكر فى كلماته فبرغم شعورها بالحنق تجاه رفضه للقضيه الا أنها لم تستطع أخفاء شعورها بالأعجاب تجاهه ..لم تكن هى الوحيده التى أعجبت به بل كانت نورا ايضا التى كانت تقف تنظر إليه بأحترام شديد ..حانت منه ألتفاته إليها أنتزعتها من أفكارها وقالت بسرعه:
- الدكتور حمدى عاوزك فى مكتبه..وأنصرفت على الفور
***********************************************
نظر فارس الى وجه الدكتور حمدى فوجده مازال محتقنا بالدماء من كثرة غضبه وأنفعاله فقال:
- أهدى يا دكتور الراجل مشى خلاص
قال الدكتور حمدى بعصبيه وهو يضرب سطح المكتب بقبضته :
- شفت الراجل الوقح ده كان عاوز ايه
أومأ فارس مجيبا وهو يقول:
- أيوا يا دكتور وعموما أنا أديته اللى فيه النصيب ومشى
نظر إليه حمدى مستفهما فقال فارس:
- أديته كلمتين فى عضمه يمكن يفوقوه ويفكروه ان فى آخره وعذاب وحساب من ربنا
ضرب حمدى كفيه ببعضهما وهو يهتف متعجباً:
- لاء المصيبه يا فارس أنى كنت فاكر انى مشغل معايا ناس عندهم ضمير لكن للأسف الكام محامى اللى شفتهم بره بيهدوه كانوا موجودين ويقولولى وفيها ايه يا دكتور ده شغل ..تخيل يا فارس انا على أخر الزمن اشتغل بالطريقه دى
نهض فارس واقفا بقلق وهو يقول:
- أنا هروح اجيب لحضرتك كوبايه مايه
أشار إليه حمدى مستوقفاً أياه وهو يقول:
- لا متقلقش يا فارس..أنا خلاص هديت وبقيت كويس متقلقش
ثم زفر وهو يعيد ظهره الى الوراء ويستند إلى ظهر كرسيه وهو ينظر لفارس قائلا :
- الحمد لله أنا كده أتأكدت أنى أخترت صح من الاول
******************************
أنتهت نورا من عملها وأنصرفت من المكتب وما ان هبطت للاسفل حتى وجدت خطيبها رامى ينتظرها امام البنايه داخل سيارته الصغيرة..أبتسمت ابتسامة صغير وأستقلت السيارة بجواره فأنطلق بها وهو يقول:
- وحشتينى يا نورا شكلك مرهق أوى النهارده
نظرت له وقد بدا عليها الارهاق بشده وهى تقول:
- ما أنت عارف يا رامى شغلنا متعب أزاى
- أنا مش عارف ايه اللى جابرك على كده منا قلتلك كفايه بقى من زمان بس أنتى اللى مصممه تشتغلى مش عارف ليه ..كان يتوقع أن تتكلم بحدة كعادتها عندما تأتى سيرة عملها ولكنها هذه المره قابلت الحديث بصمت وهى تستند براسها للخلف وتقول:
- هبقى افكر فى الموضوع ده تانى
أغمضت عينيها بأسترخاء ولكن فجأه فتحتهما وكأنها تذكرت سيئا وقالت بأهتمام:
- عاوزه اخد رأيك فى حاجه مهمه
- قولى يا نورا انا سامعك
قصت عليه ماحدث فى المكتب اليوم من شد وجذب مع هذا الرجل ولكنها لم تذكر له رد فعل فارس وأكتفت بما فعله الدكتور حمدى ثم قالت تختبره:
- أنت ايه رايه يا رامى لو كان الراجل ده عرض عليا القضيه أشتغلها لحسابى اوافق ولا لاء ؟؟
قال بسرعه وبدون تفكير:
- لاء طبعا ده راجل معندوش دم ولا ضمير ده كويس أن الدكتور حمدى طرده بس ده لو كنت انا كنت طبقت فى زمارة رقبته
- حتى لو كان هيدفعلى الفلوس اللى أنا عاوزاها
قال بغضب:
- حتى لو كان هيدفع مال قارون دى هتبقى فلوس حرام
أبتسمت نورا وهى تسترخى بجسدها بالكامل للوراء وتسائلت ...لماذا اذن لم تكن ترى خطيبها يحمل تلك المشاعر النبيله والضمير اليقظ من قبل ...هل لانها لم ترى ألا فارس فقط أم لانها كانت تحكم على رامى مسبقا دون ان تعرف شيئا عنه او تحتك به عن قرب كما كان يحدث هذا يوميا مع فارس تعددت الاسباب والحكم واحد فى النهايه ..لا تعلم لماذا بدت صورة فارس أمام عينيها تتلاشى لتحل محلاها صورة رامى الجالس بجانبها خلف عجلة القيادة ..حانت منه ألتفاته إليها فرأى نظرات الحب التى لم يرها ابدا فى عينيها منذ أن عقد قرانها ..فأوقف السياره جانبا وظل ينظر إليها بحب وشوق لتلك النظرة المطلة من عينيها ..فقالت :
- وقفت العربيه ليه يا رامى
- ابتسم وهو يقول:
- اصل أنا معرفش أحب وأسوق فى نفس الوقت بصراحه
************************************************

عاد فارس لمنزله فى اليوم التالى سريعاَ بعد صلاة الظهر ليلحق بميعاد الغذاء مع والدته حتى لا تأكل وحدها وهو ما يزال مشدوها مما حدث يوم أمس فى المكتب ومما سمع من هذا الرجل ..ربتت والدته على راسه بحنان وهى تهم بالجلوس بجواره حول مائدة الطعام ...نظر لها بابتسامته العذبه فقالت:
- مالك يابنى من ساعة ما رجعت وأنت سرحان وبالك مشغول
ما كادت أن تنهى عبارتها حتى سمعت طرقاً على باب الشقة ..نهض فارس سريعاً وأتجه ليفتح الباب فوجد أم يحيى أمامه ويبدو عليها علامات العجلة والتوتر وقالت:
- أسفه والله يا استاذ فارس هى الست أم فارس موجوده
نادتها أم فارس من الداخل :
- تعالى يا أم يحيى أتفضلى
أفسح لها فارس المجال للدخول ولكنها أكتفت بأن تطل براسها وهى تقول :
- معلش يا ست أم فارس مش هقدر اصل أختى تعبانه شويه ولازم اروحلها دلوقتى
نهضت أم فارس واقتربت منها وهى تقول مستفهمةً:
- خير مالها
أم يحيى: لا ابدا حاجه بسيطه أنا هروح أطل عليها وارجع على طول ..ثم قالت بحرج:
- بس لو مكنش فيها رزاله مني ممكن بس لو مُهرة نزلتلك تخليها عندك لحد ما ارجع اصلها عليها واجبات كتير النهارده ومكنش ينفع اخدها معايا
تدخل فارس قائلا:
- هى لوحدها فوق ولا يحيى معاها
قالت بحرج:
- لا اصل يحيى عنده درس دلوقتى ومعاه زمايله فوق وأنا سبتها معاهم لحد ما ارجع بس ممكن تضايق لوحدها ولا حاجه فلو نزلت معلش يعنى استحمليها لحد ما ارجع ,,أنا مش هتأخر ان شاء الله ....قاطعها فارس مرة اخرى وقال مؤنباً أياها:
- معقوله يا أم يحيى سايباها مع شباب لوحدها فوق وكمان المدرس اللى معاهم كده ينفع يعنى
ضحكت أم يحيى وهى تقول:
- شباب ايه بس يا استاذ فارس دول شوية عيال فى تانيه ثانوى وهى مقروضه زى ما انت عارف وبعدين مفيش حد غريب ده يحيى معاه محمود أخو البشمهندس عمرو ومعاهم أتنين من زمايلهم فى المدرسه
رفع فارس حاجبيه وقال متهكماً:
- شويه عيال والله انتى غلبانه يا ست أم يحيى ده محمود ده بالذات عاكسها قدامى فى خطوبة عمرو وجيت أكلمه مهموش وعاد نفس الكلام قدامى مابالك بقى بالاتنين التانين ثم اشار إليها بأتجاه السلم وهو يقول:
- لو سمحتى أطلعى هاتيها دلوقتى ..أهى تقعد معانا لحد ما ترجعى
قالت ام يحيى وهى تهم بالرحيل:
- مينفعش والله ده انا يدوب ألحق اروح وارجع وبعدين دى مُهرة هتشلنى على ما تلم كتابها وكراريسها وهتأخرنى
قالت أم فارس :
- خلاص روحى أنت وأنا هبقى أطلع أجيبها
أنصرفت أم يحيى سريعاً وهبطت الدرج على عجلة منها وهمت أم فارس أن تغلق الباب ولكنه استوقفها قائلا:
- استنى يا ماما لما أطلع أجيبها الاول
- أتغدى طيب وبعدين انا هبقى أطلع أجيبها
قال وهو يخرج من الباب ويتجه الى السلم :
- معلش يا ماما هجيبها الاول وأهى تتغدى معانا بالمره
- طيب يابنى على راحتك
صعد فارس للطابق التالى لهم وطرق الباب ففتح له يحيى وابتسم عندما رآه قائلا:
- أبيه فارس أتفضل
دخل فارس وهو يضع ذراعه على كتفه بود قائلا:
- ها عامل ايه فى المذاكره
- المستر لسه مجاش أتأخر النهارده وانا قاعد أهو بخلص الواجب اللى كان مديهولنا فى المدرسه
نظر فارس حوله وهو يحدثه فوجد الولدان الاخران يقلبان فى قنوات التلفاز ويتضاحان بشكل عشوائى ويدفعون بعضهما البعض ومحمود يقف فى الشرفه يضايق مُهره كالعاده وهى تلعب بدميتها المفضله باربى هدية فارس لها....أشار له فارس بأتجاه محمود وقال بغضب:
- أزاى أمك تأمنك على أختك وسايب صاحبك واقف يكلمها كده ويضايقها
سمعت مُهرة صوت فارس فأقبلت مسرعة باتجاها ضاحكه بينما كان يحيى يقول:
- مانا مخلى بالى منها يا ابيه هو انا عملت حاجه وبعدين يضايقها ايه دى تضايق بلد بحالها
زفر فارس بضيق وقال ليحيى :
- طب خلص الدرس بتاعك وبعدين هبقى اقعد أتكلم معاك فى الحكايه دى بعدين وافهمك
ثم ألتفت لمهُرة قائلا:
- يالا روحى هاتى شنطتك والواجب بتاعك علشان تنزلى معايا
أخذها فارس وهبط بها لشقته ووجد والدته تعد لها صحنها التى تحب أن تأكل فيه فأبتسمت عندما رأتها بصحبته وقالت :
- أزيك يا مُهرة تعالى يالا علشان تاكلى معانا
ألتف ثلاثتهم حول المائدة وهو يقول :
- كويس أنى طلعت على طول
نظرت له والدته متسائله فقال:
- بعدين هبقى اقولك ..وعايزك تبقى تفهمى مامتها علشان تخلى بالها منها أكتر من كده
بعد أنتهاء الغذاء أعد فارس الشاى ووضعهم امام والدته على الطاوله وأتكأت ومُهرة امام كراساتها على الارض وهى تحل بعض المسائل الحسابيه..فقالت لها أم فارس:
- يابنتى ما تقعدى على الترابيزة حد يذاكر وهو نايم على بطنه كده ..كده هتتعبى
قالت مُهرة دون أن تنظر إليها مبعرفش اذاكر غير كده يا طنط
ألتفت فارس إلى والدته وقال:
- سيبيها يا ماما ما أنتى عارفاها دماغها ناشفه
نظرت له والدته وقالت:
- على فكره أنا منستش أنك كنت سرحان وبالك مشغول وأنت خدتنى فى دوكه فى موضوع مُهره ده ..ها قولى بقى مالك
تناول فارس كوب الشاى الخاص به وأخذ منه رشفة صغيرة وقال فارس متعجباً :
- تخيلى يا ماما واحد جالنا المكتب النهارده ..ومش هتصدقى كان عاوز ايه
قالت والدته بفضول وأهتمام وهى تضيق عينيها:
- كان عاوز ايه يابنى
قص عليها تفاصيل ماحدث بينه وبينه الرجل والحوار الذى دار بينهما وما سمعه من الدكتور حمدى عقب خروج الرجل من عنده فقالت وهى تهز رأسها بحزن :
- ومالك يابنى مستغرب كده ليه ده بقى عادى خلاص ..الناس بقت تاكل فى بعضها
- عمرى ما قابلت شخصيه زى دى ابدا . دى مراته وأم عياله ازاى يعمل فيها كده أزاى ضميره يسمحله يجيب عليها شهود زور يقولوا عنها كده..طب بلاش ضمير ..طب معندوش ذرة دين طيب
مطت والدته شفتاها وهى تقول:
- أومال يابنى لو سمعت اللى أنا بسمعه فى طابور العيش ..تبقى واحده وبتكلم جارتها على أختها وعماله تقطع فى فروتها ..أبقى مستعجبه وأقول سبحان الله ازاى تبقى أختها وبتتكلم عليها كده ..ده حتى المثل زمان كان بيقول انا وأخويا على بن عمى وانا وبن عمى على الغريب..دلوقتى بقى العكس والله يابنى وسيرة الناس بقت لبانه فى بؤ كل واحده شويه من غير خشى ولا ضمير بالكدب بقى بالباطل مش هتفرق
هز فارس راسه نفيا وهو يقول:
- حتى المثل ده كمان غلط يا ماما مفيش حاجه فى الدين اسمها كده ...الرسول عليه الصلاة والسلام بيقول:
- أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ...فالصحابه سألوه ننصره مظلوما يا رسول الله لكن كيف ننصره ظالما ..فقال الرسول صل الله عليه وسلم :ترده عن الظلم ...يعنى نقوله أنت غلطان يا ماما ونبينله أنه غلط
تابعت والدته قائله:
- عموما يابنى انا مبرضاش أدخل وبحاول على قد ما أقدر مسمعش كلامهم رغم ان بؤهم بيبقى فى ودنى
- أنتى يا ماما برضه حاولى تذكريهم ان ده حرام واو مستجابوش ليكى خلاص ..اقعدى سبحى واستغفرى بصوت عالى أهو منه متسمعيش كلامهم اللى بيقولوه ومنه يمكن واحده فيهم تخلى عندها دم وتفتكر أن ليها رب مطلع عليها وعلى كلامها
قالت والدته مردفة:
- والله يابنى كنت اجى أتكلم الاقى اللى تطلع فيا وتقولى هو أحنا بنقول حاجه غلط ما اللى بنقوله ده فيها فعلا يعنى مش بنجيب حاجه من عندنا
تنهد فارس وأخذ نفسا عميقا وهو يقول:
- ماهو ده من الجهل بالدين يا ماما ..ميعرفوش أن اللى يجيب سيرة واحد بكلام هو فيه فعلا يبقى ده اسمه غيبه ولو كلام مش فيه يبقى اسمه بهتان ونميمه والاتنين من كبائر الذنوب
والرسول عليه الصلاة والسلام قال : - لا يدخل الجنة نمام
رفعت مُهرة راسها من بين كتبها وقالت:
- يعنى لو واحده صاحبتى قالت عليا لواحده صاحبتى تانيه ان انا أوزعه يبقى كده حرام صح يا فارس
نظرا إليها كل من فارس ووالدتها متعجبين وقالت أم فارس :
- ايه ده أنتى واخده بالك من الكلام وانا اللى فاكراكى غلبانه أه منك أنتى
ضحك فارس ووجه كلامه لمُهرة قائلا:
صح يا مُهرة وهحكيلك بقى حكاية علشان تفضلى فاكره الموضوع ده فى دماغك على طول بما أنك بتحبى الحكايات يعنى
جلست مُهرة فى أنتباه وهى تستمع إليه فقال:
- بصى يا ستى كان مرة الرسول عليه الصلاة والسلام ماشى وكان فى ناس ماشيين وراه بيتكلموا على واحد مش موجود كلام مش كويس بعد شويه الرسول عليه الصلاة والسلام شاف حمار ميت مرمى فى الطريق ...عمل ايه بقى الرسول علشان يعلمهم براحه
شاور على الحمار الميت ده وقالهم ياكلوا منه...وبعد ما الناس أستغربت وقالوا ..ازاى هناك حمار ميت ..أم الرسول بقى قالهم لو كنتم أكلتم لحم الحمار الميت ده أهون من أنكم تتكلموا على أخيكم وتتكلموا عليه كلام هو ميحبش حد يقولوا عليه
يعنى يا مُهرة لو لقيتى حد بيتكلم على حد بحاجات هو ميحبهاش فى نفسه أتخيلى كده أنهم قاعدين ياكلوا لحم حمار ميت
وضعت مُهرة يدها على فمها متقرفه ... وهى تقول :
- طب لو انا عملت كده أعمل ايه طيب
ضحكت أم فارس من طريقتها وأبتسم فارس وقال:
- قولى استغفر الله وأستغفرى كتير ليكى وللى اتكلمتى عليها
*******************************************
صلى فارس الجمعة ووقف يبحث بعينيه عن الشيخ بلال وأخيرا وجده فاقبل عليه مسرعاً وصافحه بحراره فقال بلال:
- هو انا يابنى مش هشوفك غير فى المصايب ولا أيه
ضحك فارس لداعبته وقال مدافعاً:
- لا والله مفيش مصيبه المره دى ..دى خدمه بس
ضحك بلال وقال:
- أنا برضه بقول عليك بتاع مصلحتك..ها خير
- شوف يا سيدى الحكاية بأختصار ..أخت خطيبة عمرو صاحبى وقعت من على السلم ورجلها أتكسرت والدكتور قال لازم علاج طبيعى بعد ما تفك الجبس وأهى فكته من يومين ومن ساعتها وأحنا دايخين على دكتورة ست ..مش لاقين التخصص ده ستات خالص وبما أنك بقى دكتور علاج طبيعى يبقى مفيش قدامنا غير سيادتك
حاول بلال أن يتكلم رافضاً ولكن فارس قاطعه بسرعه
أولا انا عارف أنك ملكش فى علاج الستات وبتتعامل مع الرجاله بس ..لكن والله غصب عننا ومفيش حل تانى يا أما ست يا أما دكتور نضمن خلقه وامانته
ثانيا انا عارف أنك شهم ومش هترضى نوديها عند أى دكتور منضمنوش ده غير أنها رافضه تروح لدكتور لانها منتقبه ومش عاوزه راجل يلمسها يرضيك بقى يحصلها مشكله فى رجلها
أطرق بلال برأسه قليلا ليفكر فى الامر لقد كان الامر شبه مستحيل بالنسبة له أن يتعامل مع النساء وخصوصا فى هذا المجال الذى يتطلب بعض اللمسات المباشرة ..فرقع راسه وقال متسائلا:
- قلتلى أنها رافضه تروح لدكتور راجل ؟؟
- أه والله يا بلال ده حتى لما رجلها أتكسرت وراحت المستشفى بدل ما تعيط من الالم كانت بتعيط أن راجل شاف وشها وصممت ان والدها يدخل معاها عند الدكتور علشان يجبسها وكل اللى كان مضايقها انه هيلمس رجلها
قال بلال بعفويه :
- هى منتقبه من زمان ؟
نظر له فارس بدهشة وقال:
- افتكرتك هتسألنى على حالتها الصحيه
أنتبه بلال لسؤاله وقال مستدركاً:
- طب ماهى هترفض تجيلى برضه مش بتقول رافضه تروح لدكتور راجل
أبتسم وهو يقول:
- لو وافقت هقول لباباها وهو هيتصرف ..وبعدين لما هتعرف أنك ملتزم أكيد هتوافق مفيش قدامها حل تانى ماهو الدكتور خوفها بعد ما فك الجبس وقالها لو معملتيش علاج طبيعى هيحصل تيبس للعضلات وضمور ومش هتعرفى تتحركى تانى
قطب بلال جبينه وهو يعقد ذراعيه امام صدره قائلا:
- قصدك يعنى ان انا اقل الضررين
وضع فارس يده على ذراعه قائلا بنفس الطريقه :
- بالظبط كده يا دكتور
أبتسم بلال قائلا:


- هاتهالى المركز بكره ..بس يكون والدها معاها
---------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #9  
قديم 02-22-2018, 04:32 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل الثالث عشر
-------------------



كانت عزة تجلس بجوار أختها عبير صباحاً وهى تساعدها فى أرتداء أسدال الصلاة فسمعت صوت رنين الهاتف فقالت عبير:
- روحى شوفى مين يا عزة خلاص هلف الطرحه واصلى
تركتها عزة وأتجهت للهاتف بعد أن ربتت على كتفها وأجابت على المتصل:
- السلام عليكم
أبتسم عمرو بتلقائيه وهو يقول:
- وعليكم السلام ..هى النمره غلط ولا ايه
قالت عزة باستغراب:
- لا يا عمرو النمره مش غلط انا عزة
أتسعت ابتسامته أكثر وأخفض صوته وهو يضع اصابعه على سماعة الهاتف قائلا :
- لما رديتى عليا وسمعت صوتك افتكرت انى أتصلت بمحل العصافير
أنتبهت عزة أنه يداعبها فلم تستطع أن تمنع نفسها من الابتسام ولكنها قالت بنرة جديه:
- خير يا عمرو فى حاجه
زفر عمرو بقوة شعرت بها عزة على الطرف الاخر وقال:
- أه فى طبعا أومال بتصل علشان أقولك وحشتينى مثلا لا يا ماما ده بُعدك
أحمرت وجنتها وقالت بنبرة اكثر جديه:
- لو سمحت يا عمرو قول عاوز ايه والا هنادى ماما تكلمك هى بقى
قال بسرعه :
- لالالا على ايه يا ستى ..بصى احنا الحمد لله لقينا دكتور علاج طبيعى كويس أوى ومحترم جدا ومتدين وعلى فكره هو مش بيتعامل مع ستات بس لما فارس قاله ان عبير مش عاوزه تروح لدكتور والكلام ده .. وافق طبعا بس عاوز والدك يروح معاها
قالت عزة بتلقائيه وبدون تفكير:
- معرفتك ولا معرفة فارس ؟
تغير صوت عمرو وقال بضيق:
- هتفرق معاكى مش كده ..؟؟
شعرت بالارتباك وندمت على كلمتها ولكنها قالت بتماسك :
- لا مش قصدى ..قصدى يعنى اصلك بتقول متدين و...محتــ....قاطعها بغضب وغيرة واضحه:
- وأنا معرفش حد متدين ومحترم لكن فارس يعرف مش كده مش ده قصدك ؟
..حاولت ان تتكلم ولكنه قاطعها مرة أخرى قائلا:
- عموما هكلم والدك لما أرجع من الشغل وأديله التفاصيل والعنوان..سلام
أنهى عمرو المكالمه فى عصبية ومسح رأسه بعنف ..حاول أن يعود إلى عمله أمسك القلم وشرع فى اعادة الرسم الذى بين يديه ولكن افكاره جميعها تشتت وغلب عليها عدم التركيز فترك القلم مرة أخرى ووضع راسه بين يديه وأغمض عينيه وأستسلم لشيطانه الذى أخذ يوسوس له ويؤكد له الفكره التى زرعتها هى بكلمتها تلك ..
تناول القلم مرة أخرى ودون عنوان الدكتور بلال عليه ..وضع الورقه فى جيبه وغادر المكتب وأتجه إلى المهندس صلاح قائلا بضيق:
- لو سمحت يا بشمهندس ممكن استأذن دلوقتى أنا اصلى مرهق شويه ومش عارف اركز خالص ومحتاج ارتاح
نهض صلاح وهو يتامله ويتأمل علامات التوتر والعصبية البادية على وجهه بوضوح ثم ربت على ذراعه قائلا:
- مالك يا بشمهندس تعبان ولا حد ضايقك
- ابدا يا بشمهندس مرهق شويه بس وعموما لو فى مشكله ممكن أستنى
ابتسم له صلاح بحنو وقال:
- لا يابنى مفيش حاجه وعموما مبقاش فاضل الا ساعه يعنى مش هتفرق يلا انت أتوكل على الله روح استريح
أبتسم له عمرو أبتسامه خاويه باهته وغادر وهو يحاول السيطرة على أعصابه ولكنه لم يستطع
وصل إلى منزل عزة وصعد بسرعه ... طرق الباب وأنتظر بعيدا حتى فتحت والدتها الباب وقالت بترحاب لا يخلو من الدهشه:
- اهلا يا بشمهندس ..أتفضل يابنى
أخرج عمرو الورقه من جيبه ومد يده بها إليها وهو يقول:
- معلش يا طنط وقت تانى ان شاء الله ..ده عنوان دكتور علاج طبيعى كويس صاحب فارس مش صاحبى ..فارس كلمه على حالة الآنسه عبير وهو مرحب بيها فى أى وقت بس لازم يكون والدها معاها..والاشعه كلها ..مدت يدها لتأخذها وهى تقول:
- يابنى تعالى مينفعش على السلم كده
قال وهو يتجه للسلم مسرعاً:
- معلش اصلى مستعجل شويه ..سلام عليكم
عادت والدة عزة للداخل وهى تنظر امامها متعجبه وتقول:
- سبحان الله ...!!
خرج زوجها من غرفة نومه بعد أن انهى صلاته وقال وهو ينظر إليها:
- مين يا ام عبير
قالت زوجته وهى تنظر لعزة الجالسه أمام التلفاز شاردة :
- ده عمرو يا حاج
أنتبهت عزة وألتفتت إليها وقال والدها متعجباً:
- ومدخلش ليه ؟
نظرت الام الى عزة مرة اخرى باستفهام وقالت:
- مش عارفه يا حاج شكله كده مضايق من حاجه ..وأعطته الورقه وهى تقول:
- كان جايب عنوان دكتور علاج طبيعى لعبير وبيقولى انه صاحب فارس مش صاحبه هو
أخترقت الكلمه أذن عزة وشعرت ان الدماء ستنفجر من رأسها وقالت بداخلها وهى واجمة:
- يارب ميكنش أفتكر حاجه كده ولا كده ..لا .. بس طالما زعل وعمل كده يبقى أكيد أفتكر أن فى حاجه ..يارب استر يارب
هتفت عبير مستنكره:
- أنا مش هروح يا بابا مش هروح لدكتور راجل ابدا..
نظر لها والدها بحده لم تعتدها منه وقال:
- هتروحى يا عبير يعنى هتروحى ..ولا عاوزه يحصلك زى ما الدكتور اللى فكلك الجبس ما قال ..عاوز يحصلك ضمور ومتتحركيش تانى
شعرت بالعبرات تقتحم مجال رؤيتها لتعيقها عنه وهى تقول:
- يا بابا حضرتك عارف يعنى ايه علاج طبيعى ..يعنى ممكن يقول تدليلك وكلام فاضى يرضيك يعنى يا بابا واحد يقعد يدلك رجلى
تدخلت عزة وقالت بخفوت وكأنها تخشى أن يخرج صوتها من حلقها قائله بأرتباك:
- عمرو لما أتصل قال انه متدين ومحترم ومش بيتعامل مع ستات اصلا لكن لما ..وشعرت بغصه وهى تقول على مضض ..لما فارس قاله أنك مش عاوز تروحلى لدكتور راجل وان احنا مش لاقين دكتور مضمون نعرفه وافق بصعوبه
نهض والدها وقال موجهأً حديثه لعبير :
- جهزى نفسك هنروح بكره على طول
وقبل أن تتكلم قال آمراً:
- ومش عاوز كلمه زياده
****************************************
دخلت عبير مركز العلاج الطبيعى وهى تستند لذراعى والدها ووالدتها نظرت إلى الآفتة التى تحمل أسم المركز واسم الطبيب المعالج شعرت بالدهشة وهى تقرأ أسمه ...الدكتور بلال ..جلست تنتظر دورها بجوارهما فى قلق ..المكان حولهم ملىء بالرجال لا يوجد امرأة واحده فى المركز شعرت بألم فى معدتها وحاولت أن تذكر الله مراراً حتى تهدأ ..نهض والدها وتحدث الى الممرض ثم عاد وجلس بجوارهما مره اخرى ومال عليهما قائلا:
- خلاص قدامنا حالتين بس الحمد لله
همست عبير مستنجدة به:
- بابا انا عاوزه اروح البيت
نظر لها محذرا وقال:
- عبير ايه شغل العيال ده اصبرى بقى خلاص قربنا ندخل أهو
وأخيرا جاء دورها فى الدخول له ..ولم تكن تطأ إلى غرفته حتى أتسعت عيناها دهشة وهى تنظر إلى بلال ولحيته وسمته الظاهر ولكنها غضت بصرها سريعاً عنه وسمعت والدها يلقى السلام وسمعته يرد عليه السلام بود وأحترام ..ثم هب بلال واقفاً ووضع مقعد الكشف فى وضع مريح لها وابتعد حتى تجلس بأريحية وعاد ليجلس خلف مكتبه مره اخرى
جلس والداها على المقعدين المقابلين امام مكتبه وهو ينظر إلى الاشعه بأمعان وتأمل دقيق.. ثم رفع راسه بابتسامه عذبة وبشاشة قائلا:
- ماشاء الله نتيجة الاشعه ممتازة ..باذن الله كده الموضوع مش صعب خالص على فكره ...متقلقوش يا جماعه خير إن شاء الله
قالت والدتها وقد لانت تعابير وجهها قليلا:
- ان شاء الله .. تسلم يا دكتور والله أنت وشك فيه القبول
أردف زوجها بسرعه :
- اه والله يا حاجه معاكى حق
ابتسم بلال وهو ينظر للزوج قائلا:
- جزاكم الله خيرا والله ده من ذوقكم بس ..تناول أحد الملفات الفارغه وهو يقول:
- انا هعملها ملف بحالتها فى الاول كده علشان نبقى متابعين التطورات اول بأول
لمعت عينيه بنظرة ذات مغزى وهو يدون البيانات .. تظاهر بالاستغراق فى كتابة البيانات ووالدها يمليه اسمها والعنوان ورقم التليفون وتوقف فجأه عن الكتابه وسأل بشىء من الامبالاة قائلا:
- أكتب آنسه عبير ولا مدام عبير
قالت والدتها سريعاً:
-آنسه عبير يا دكتور
دون بلال البيانات فقال والدها:
- هو العلاج الطبيعى ده بيبقى ازاى ..معلش يا دكتور اصلها بصراحه قلقانه أوى ومكنتش عاوزه تيجى علشان يعنى مش عاوزه حد يشوفها
قال بلال وهو ينهض ويتجه إليها قائلا:
- متقلقش يا حاج وتناول مقعد صغير ووضعه بجوار مقعد الكشف الذى تجلس عليه عبير وما أن جلس عليه امامها مباشرة وما أن شعرت عبير باقترابه حتى هتفت فجأه:
- مش هكشف ..مش هكشف انا عاوزه امشى ..روحنى يا بابا
هب والدها واقفاً واقترب منها يهدأها بينما قال بلال له:
- لو سمحت يا حاج استنى حضرتك شويه ..عاوز أتكلم مع الآنسه عبير
أومأ والدها براسه موافقاً له فأستند بلال بمرفقيه على قدميه وقال لها دون أن ينظر إليها:
- آنسه عبير لو سمحتى أهدى علشان أعرف افهمك طبيعة العلاج ...غشيت الدموع عينيها ولم ترد .. شعر بالشفقة تجاهها وهو يرى دموعها تنساب من عينيها لتبلل غطاء وجهها وقالت بصوت متقطع:
- أنا عندى أموت ومفيش راجل يلمسنى
قال بجديه :
- يعنى أنتى عمرك ما روحتى لدكتور خالص ؟
قالت بأنفعال الحمد لله عمرى ما تعبت الا ولقيت دكتوره ست إلا المره دى
قال مختبراً :
- اه بس ليه تتكسفى من الدكتور ده شغله يعنى مش أى راجل كده وخلاص
قالت بصوت متقطع من اثر البكاء:
- السيده عائشه كانت بتشد ملابسها عليها وهى داخله الحجره اللى ادفن فيها الرسول عليه الصلاة والسلام علشان عمر بن الخطاب كان مدفون جنبه.. يعنى كانت بتستحى من واحد ميت حضرتك بقى مش عاوزنى استحى من راجل عايش لمجرد أنه دكتور
أطرق بلال براسه ولاحت أبتسامة رضا على شفتيه ثم قال بصوته العذب مطمئناً:
- وانتى حالتك اصلا مش محتاجه كشف يعنى أنا مكنتش هكشف عليكى اصلا
.. زى ما قلتلك حالتك واضحه من الاشعه جدا وكويسه اوى وأحب أطمنك العلاج الطبيعى مش هيطول ومش هيحتاج ان راجل يلمسك ...ممكن تهدى بقى علشان نعرف نتفاهم ..
هدأت عبير قليلا وتبادل والدها ووالدتها النظرات القلقه من المرحله القادمه ...نهض بلال واقفاً وأبعد مقعده قليلا وقال بحزم:
- قومى اقفى لو سمحتى
نظرت إلى والدها الذى كان يقف بجوارها ومدت يدها له ليساعدها ولكن بلال أوقفها قائلا:
- لالالا محدش هيساعدك انتى هتقفى لوحدك
حاولت عبير النهوض وأخيرا نهضت بصعوبه وهى تتألم فقال بأبتسامه :
- ماشاء الله مكنتش متوقع تجيبيها لوحدها فى الاول كده ..ثم اشار إلى أحد الاجهزة بعيدا وقال:
- شايفه الجهاز ده روحى اقعدى على الكرسى اللى جانبه....كانت تمشى بصعوبه بالغه وهى تكتم آلامها بداخلها وأخيرا وصلت اليه وجلست بصعوبة وحدها أقترب منها وضغط أحد أزرار الجهاز وهو يقول:
- ده جهاز ممتاز اوى لحالتك ..يالا أرفعى رجلك وحطيها هنا تحت النور ده بالظبط ..فعلت كما أمرها ثم قالت بتوتر:
- على فكره لو هتقولى تدليك مش هعمله
أبتسم وهو يتجه لمكتبه وقال:
- تدليك ايه بس ده موضه قديمه فى العلاج
جلس خلف مكتبه وهو يكتب فى ملفها ميعاد أول الجلسات فقال والدها:
- هو العلاج ده هياخد كام جلسه يا دكتور
بلال :
- السؤال ده لسه شويه عليه يا حاج...الجلسه دى هتبقى بالاشعه بس ومن الجلسه الجايه ان شاء الله هنبدأ التمرينات ألقى نظر سريعه على عبير ثم تابع حديثه قائلا:
- يعنى لازم الآنسه عبير تشد حيلها معانا بقى علشان تخلص بسرعه وترجع زى الاول بأذن الله وأحسن ..متستعجلش وأطمئن مش هيطول ان شاء الله
**********************************************
خرجت والدة دنيا من غرفتها ليلا وهى فى طريقها إلى الحمام مروراً بغرفة ابنتها سمعت صوت يشبه الهمس آتى من الداخل .. نظرت للباب بأنتباه ودهشه واقتربت ببطء ووضعت أذنها عليه لتستمع لما يدور بالداخل ..خفق قلبها وهى تستمع لابنتها تقول بتوتر :
- لا يا استاذ باسم مينفعش كده حضرتك كده زودتها أوى ..أنا قلتلك كتير قبل كتير أنى محبش الكلام ده....وبعدين انا كل ما احاول أفاتحه فى الموضوع بتراجع ..أنا متأكده أن فارس مش هيوافق وهيعملى مشاكل كتير.. إذا كنت متجرأتش أقوله على حكاية الموبايل دى لحد دلوقتى
وقفت الام تفكر ماذا تفعل :
- هل تدخل تسألها ماذا يحدث أم تتركها للصباح ..ترددت قليلا ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها حينما سمعتها تقول:
- لا يا أستاذ باسم انا عمرى ما أرضى أبقى زوجة تانية ابدا وكمان عرفى ليه يعنى أعمل فى نفسى كده ليه
فتحت أمها الباب فجأة فوقع الهاتف من يدها وهى تنظر إليها بخوف .. أقتربت منها أمها وقالت بسخط:
- مين باسم ده يا دنيا
ارتبكت دنيا وتلعثمت وهى تقول :
- فى ايه يا ماما مالك كده
أقتربت أمها منها أكثر وتناولت الهاتف قائلة بغضب:
- انا مش هلوم عليكى أنا اللى معرفتش أربيكى من الاول ..وأخذت الهاتف معها وخرجت من غرفة دنيا ..دخلت غرفتها وأطمئنت ان زوجها نائماً نظرت للهاتف بحيرة ممزوجه بالغضب ثم وضعته فى خزانة ملابسها الخاصه وأحكمت غلقه بالمفتاح الخاص به وجلست على طرف الفراش بجوار زوجها الذى قد سكن جسده بجوارها...
جلست دنيا منكمشة فى فراشها تفكر فى رد فعل والدتها وماذا ستفعل بها ولم تمضى الساعه حتى دخلت عليها والدتها مرة اخرى ولكنها كانت فى حالة أنهيار شديد ودموعها تملىء وجهها وهى تصرخ بها :
- ابوكى مات يا دنيا..ابوكى مات
*************************************
وقف فارس أمام باب شقة دنيا يأخذ عزاء والدها بجوار خالها ودنيا ووالدتها تجلس مع النساء فى الداخل ..أنتهى العزاء وغادر المعزيين وجلس فارس أمامه لا يدرى ما يقول الموقف فى منتهى الصعوبه لا يحتمل اى كلمات ...فهو يرى دنيا تدفن راسها بين أيديها وتذرف العبرات من عينيها ووالدتها تجلس فى حزن وكأنها قد زاد عمرها أضعافاًً وأنحنى ظهرها وكأنه يستعد لحمل المسؤلية من بعد والدها وعينيها شاردة وملامحها واجمة تستمع الى كلمات المواساة من أخيها وعمة دنيا وأبنائهم ولا يظهر عليها اى رد فعل تجاهها ..رفعت رأسها ببطء ونظرت إلى فارس نظرة طويلة أنهدش لها فارس قليلا ولكنه تعجب أكثر حينما نهضت بوهن وقالت وهى تشير له:
- من فضلك عاوزاك لحظه يا فارس يابنى
أبتعدت قليلا عن الجالسين معهم وتبعها هو فى صمت ثم ألفتت إليه بجسدها كله ونظرت إليه بشرود وهى تقول:
- أنا يابنى عاوزه منك خدمه وعارفه أنك مش هترفضلى طلب
ثم اردفت فى حزن:
- انا عارفة أن الكلام ده مش وقته ولا مكانه ومش عاوزاك تستغرب ..نظر إليها بأهتمام فتابعت برجاء:
- أنا عاوزاك تكتب كتابك على دنيا فى اقرب وقت
*************************************
نظرت له والدته بدهشة وهتفت :
- بتقول ايه ..ازاى أمها تطلب طلب زى ده يابنى وجوزها لسه مدفون
قال فارس بحيرة كبيرة:
- مش عارف يا ماما .. بتقول أنها خايفه على دنيا وخصوصا انها قرايبهم طول عمرهم بعيد عنهم يعنى لو حصلها حاجه دنيا هتبقى لوحدها
نظرت له والدته بتمعن وقالت بشك:
- مش عارفه يابنى مش مطمنه للموضوع ده ...طب كانت تستنى للاربعين حتى
ابتسم فارس وهو يقول :
اربعين ايه بس يا ماما ..مفيش حاجه فى السنة الصحيحه اسمها اربعين وخميس وسنويه كل ده بدع
أتسعت عيناها وهى تقول:
- ازاى يابنى لا فى طبعا ...طب حتى اسأل صاحبك الشيخ بلال
ابتسم فارس مرة أخرى وهو يربط على يد أمه بحنان ويقول:
أنتى تعرفى يا ماما الناس جابت حكاية الاربعين دى منين...؟؟
- منين يابنى ؟

- زمان الفراعنه كانوا بيقعدوا يحنطوا الميتين بتوعهم اربعين يوم وفى اليوم الاربعين بيقفلوا عليه وبيفتكروا أن روحه رجعتلوا تانى ودخلت جسمه وهو قام بقى ولبس الدهب بتاعه وكل الاكل اللى سابينه جانبه اصلا وبعدين بقى روحه تلف على حبايبه واهله فلازم يشوف عزا وحداد والا هيغضب عليهم ويتحول لروح شريرة
قال فارس كلمته الاخيرة وضحك بشدة وهو يقول:
- كويس أن مُهرة مش موجوده وتابع ضحكاته الخافته وهو يردف :
والحكايه بقى دخلت بعد كده فى خرافات والناس نقلوها لبعض جيل ورا جيل لحد ما بقت حاجه عاديه ...وميعرفوش أن اصلها كفر والعياذ بالله لان أحنا كمسلمين دينا بيقول أن الميت بيقوم فى القبر يتحاسب على عمله فى الدنيا مش بيقوم يلبس دهب وياكل ويشرب وروحه تخرج تتفسح شويه
مطت والدته شفتاها وقالت باستغراب:
- والله يابنى ما كنت أعرف بس كويس أنك نبهتنى وعموما يعنى دور كلام أمها فى دماغك كويس وأستخير ربنا
نهض فارس بارهاق وهو يقول:
- حاضر يا ماما ..انا كده ولا كده مستنى رد دنيا لانها لسه متعرفش .. أمها قالتلى أنها لسه مفتحتهاش فى الموضوع
*******************************************
وضعت عزة سماعة الهاتف فى يأس ونظرات الحزن تطل من عينيها وتفصح عن نفسها ..جلست والدتها بجوارها وهى تقول :
- مش عاوز يكلمك ليه؟؟
ألتفتت عزة لها متعجبةً وقالت بسرعه:
- هو مين ده يا ماما
- خطيبك
- مين اللى قالك كده يا ماما ده انا لسه كنت ...كنت بكلمه أهو
أمسكتها أمها كتفها ونظرت لعينيها قائله:
- ماهو لو مقولتيش هروح أقول لبوكى وهو بقى يقررك بمعرفته
قالت والدتها هذه الكلمه وهمت بأن تنصرف ولكن عزة أمسكتها من يدها وأنحنت تقبل كفها قائلة برجاء:
- لا يا ماما الله يخليكى بلاش تدخلى بابا فى الحكايه
أعتدلت أمها فى جلستها وهى تقول:
- قولى يا عزة ايه اللى حصل بينكوا ..أصلا اللى جه يدينى العنوان ده مش عمرو اللى احنا نعرفه ده كأنه واحد تانى وانا متأكده أنك عملتى مصيبه
أطرقت عزة برأسها وقالت بخفوت:
- بصراحه يا ماما أنا شكلى ضايقته جامد بس والله ما كنت اقصد ومش عارفه هو فهم ايه
- أحكى خلصى
روت لها عزة ما حدث وما قالت فى المكالمة الهاتفية التى كانت بينها وبين عمرو ..نظرت لها أمها بضيق وقالت بغضب:
- أنتى يابت غبية ولا مبتفهميش وضربت على قدمها بأنفعال وهى تقول:
- والله أعلم بقى فهم ايه دلوقتى ويمكن يروح يقول لأمه على كلامك وأمه تيجى تتكلم هنا وتبقى مشكله..
قالت عزة متبرمة:
- هتقول ايه يعنى وبعدين هو اللى فهم غلط
قالت أمها بعصبيه:
- لاء مفهمش غلط يا عاقله يا كامله أى عيل صغير يفهم أنك بتبصى لفارس نظرة غير اللى بتبصيها لخطيبك يا فالحه.. ويارب يكون فهم كده وبس والشيطان ميكونش لعب بعقله وفهمه حاجه تانيه
هبت واقفة وأمسكتها من يدها بقوة وهى تقول آمره:
- أتفضلى روحى ألبسى علشان نعملهم زياره ونشوف ميتهم ايه يلا بسرعه..واسمعى متجبيش سيرة عن حاجه قدام امه أتعاملى عادى كان مفيش حاجه
************************************
رحبت والدة عمرو بعزة ووالدتها وعانقتهما بحرارة مما جعل والدة عزة تطمئن ان عمرو لم يتكلم معها فى شىء ..نهضت والدته وهى تقول بترحاب شديد:
- ثوانى هعمل الشاى وأشوف عمرو صاحى ولا نايم لسه
تبادلت عزة النظرات مع والدتها التى همست لها:
- كده يبقى مقالش حاجه لأمه اصل أنا عارفاها اللى فى قلبها على لسانها مبتعرفش تخبى
خرج عمرو من غرفته فوقع نظره على عزة ووالدتها تجلس بجوارها حاول رسم ابتسامة على شفتيه وهو يقول:
- اهلا وسهلا أزى حضرتك يا طنط ثم قال بسرعه وكانه يجبر نفسه للحديث معها قائلا:
- ازيك يا عزة
أبتسمت والدتها وهى تقول له :
- أزيك أنت يا حبيبى أخبار شغلك ايه
جلس دون أن ينظر إليهما وهو يقول:
- الحمد لله تمام
لكزتها أمها فى يدها لتتكلم معه ونظرت لها بحدة فقالت عزة على الفور بصوت ضعيف:
- أزيك يا عمرو
هب واقفاً وهو يقول بجفاء:
- الحمد لله .. طب عن اذنكم بقى علشان عندى مشوار مهم
أوقفته والدتها وهى تقول واقفةً:
- استنى يا عمرو عزة عاوزه تقولك كلمتين نظرت الى عزة بضيق وهى تقول :
- قولى لخطيبك اللى أنتى عايزاه على ما أدخل أعمل فنجان القهوة بتاعى مع خالتك يا عزة
تبعتها بنظرها حتى دخلت المطبخ خلف والدته وقالت بأسف :
- عمرو انا اسفه أنت والله فهمت غلط
اشاح بوجهه بعيداً ولم يرد...كانت مشاعره متضاربه كالأمواج الممتلاطمة يريد أن يسامحها ويبتسم لها ويمزح معها كما أعتاد ويزيل نظرات الحزن من عينيها ولكنه لم يستطع .. طال صمته فقالت بحزن:
- والله ما كان قصدى انا كده متسرعه فى كلامى ومبفكرش فيه الاول قبل ما أقوله
ألتفت إليها حانقاً وقال:
- أنتى فعلا مفكرتيش فيه أنتى قلتى اللى فى قلبك يا عزة ..أنتى عمرك ما هتشوفنى راجل محترم وطبعا بما أنى مش محترم فأستحاله أعرف حد محترم عارفه ليه علشان عنيكى مش شايفه غير واحد بس .. قاطعته بلوعه:
- أرجوك أسكت متقولش كده أنت غلطان والله غلطان
- ماشى أنا غلطان بس أنا هسألك سؤال واحد ..أنتى وافقتى على خطوبتى ليه
شعرت بالارتباك وهى تقول متلعثمة:
- علشان أنت شاب كويس ومحترم وجارى وأخلاقك كويسه
قال بحده وبلهجة حاسمه:
- وفين الحب فى كل ده ..أنتى عمرك ما حبتينى ولا هتحبينى......
نظر إلى عينيها بحدة وأشار إلى خاتم الخطبه فى اصبعها وهو يقول:
- الطوق اللى خانقك ده تقدرى تقلعيه فى أى وقت براحتك .. ومتقلقيش محدش هيعرف حاجه .. أحنا كده خلاص ..
قفزت دمعة من عينيها رغماً عنها وهى تقول بصوت متقطع :
- مش هقلعها يا عمرو


واستدارت وغادرت المكان كله نظر إلى الفراغ الذى كان يحتله جسدها منذ قليل وهو غير مصدق الكلمات التى خرجت من فمه ... والدموع التى أنسابت من عينيها بسببه كل شىء كان له سبب فى عقله كلامها ورجائها وغضبه منها الا شىء واحد .. عبراتها !... دخل غرفته وأغلق الباب بقوة وهوى إلى فراشه غضبان أسفا ...يلعن القلب الذى مازال يحبها رغم علمه أنها تحب غيره ...ضرب الفراش بقبضته ومد يده يخلع الطوق الذى يحيط بأصبعه والذى شعر أنه يطوق عنقه ويخنقه هو أيضا ويمنع عنه الهواء
------------------
الفصل الرابع عشر
--------------





دخلت دنيا غرفة والدتها ودلفت إليها فى حذر وهى تنظر لوالدتها التى كانت تجلس على طرف فراشها وهى ممسكة ببعض الصور التى كانت تجمعها بزوجها وشريك عمرها فى بداية زواجها وقد لمعت العبرات فى عينيها ولكنها تظاهرت بالتماسك أمام ابنتها وهى تقول بجدية:
- اقفلى الباب وراكى مش عاوزه حد يسمع فضايحنا
خفق قلب دنيا وهى تغلق الباب وتقف خلفه وهى تنظر لوالدتها بخوف وأرتياب فقالت أمها بصرامه :
- اسمعى ..أنتى عارفه أنى مبحبش أكرر الكلام مرتين ...ومش عاوزه أسمع نفسك ..عمتك بره ومش عاوزاها تسمع
وقفت دنيا متربصة فى صمت وبعينين زائغتين تنتظر حديث أمها التى يظهر من بدايته أنه غير مبشر على الأطلاق ..فتابعت والدتها بحسم :
- أنا أتكلمت مع فارس وأتفقنا على كتب الكتاب قريب أوى وهو وافق بس مستنى رايك
أتسعت عينيى دنيا دهشة وهتفت بأستنكار:
- بتقولى ايه يا ماما
هبت أمها من مجلسها وتقدمت منها وجذبتها من يدها بعنف وابعدتها عن الباب أتجهت بها إلى الفراش ولفتها إليها وأمسكتها من ذراعيها ونظرت إليها نظرات مخترقة وهى تقول بغضب:
- أسمعى يا بت أنتى أقسم برب العزه لو قلتى لاء ولا فتحتى بؤك بكلمه لكون بعتاكى مع عمتك على البلد وهتقعدى هناك ومش هترجعى هنا تانى وهناك بقى يا عين أمك يبقوا يجوزوكى بمعرفتهم
بكت دنيا بين يدى أمها وهى تتضرع لها قائلة:
- ليه كده يا ماما هو انا عملت ايه علشان كل ده
دفعتها أمها على الفراش وقالت بحزم:
- أنا مش هسيبك لما عيارك يفلت وتعتمدى على أنك ابوكى خلاص مبقاش موجود وسطينا
دفنت دنيا وجهها فى الفراش وهى تبكى بحرقة وتقول بصوت مختنق:
- يا ماما والله ما عملت حاجه الراجل ده كان بيعرض عليا الجواز وأنا رفضت والموضوع أنتهى
أم دنيا :
- هو انتى يا بت مش كنتى بتقولى أنك بتحبى خطيبك ..مش عاوزه تجوزيه ليه ..هه فهمينى
مسحت دنيا دموعها بكفيها وهى تقول بصوت متقطع:
- يا ماما والله عاوزه أتجوزه بس مش عاوزه أعيش فى الحاره مع أمه
أم دنيا :
- خلاص بسيطه نكتب الكتاب لحد ما نلاقى شقه ايجار كويسه تعيشوا فيها واهو مرتبه زاد كتير بعد ما أترقى فى المكتب
قالت دنيا بحنق وهى تجفف دمعها:
- ايجار يا ماما ..أنتى عمرك ما وافقتى على الاقتراح ده قبل كده
نظرت والدتها أمامها وقالت بوجوم:
- كنت غلطانه ..كل حاجه كانت غلط ..لكن دلوقتى خلاص مينفعش أغلط تانى ...أبوكى سابك أمانه فى رقبتى وانا مش هخزله ابدا وافرط فيكى واسيبك تضيعى وتضيعينا معاكى
ثم ألتفتت إليها وقالت محذرة:
- أمه هتيجى تعزينا النهارده وهو هيسألك عن رايك وطبعا أنتى موافقة ..مش كده ولا ايه
قالت دنيا باستسلام :
- حاضر يا ماما هوافق
نهضت أمها واقفة وهى تلقى نظرة على صور ابيها وتقول بشرود:
- ابوكى كان بيقول على فارس راجل وقد المسؤليه ..يارب بس يقدر يستحمل بلاويكى
وأعملى حسابك أنتى مش هتخرجى من البيت قبل كتب الكتاب فاهمه ولا لاء
أطرقت دنيا برأسها أرضاً فى تفكير وهى تقول بشرود :
- فاهمه ..
*************************************
أنهى بلال صلاة المغرب وتوجه الى المركز العلاجى سريعاً وما أن دخل وألقى السلام حتى قال الممرض الذى كان ينتظره خارجا:
- وعليكم السلام يا دكتور والدة حضرتك مستنياك جوه
عقد بلال ما بين حاجبيه مندهشاً وهو يدلف إلى حجرة الكشف ورأى والدته وهى تجلس على المقعد بجوار مكتبه الخاص تنتظره...أقبل عليها وأنحنى بأبتسامة يقبل يدها وهو يقول مرحباً:
- يا اهلا يا أمى منوره الدنيا كلها
أبتسمت والدته وقالت:
- ربنا يخاليك ليا يا حبيبى ..
أستحى أن يجلس خلف مكتبه أمامها ..جلس على المقعد المقابل لها وهو يقول:
- خير يا امى ايه اللى نزلك وأنتى لسه تعبانه
أبتسمت بلؤم وهى تقول:
- جايه اشوف عبير مش هى برضه جايه النهارده
ضحك بلال ضحكة رنانه وقال:
- ينهار ابيض يا امى طب أنا غلطان أنى حكتلك
ضحكت ثم قالت:
- هو انت يعنى كنت عاوز تقول ده أنا اللى سحبت الكلام منك سحب
مال إلى الامام وهو يقول بأهتمام:
- أمى الله يكرمك الناس زمانها جايه وأنا مش عاوز أحرجهم
ضربته أمه على قدمه وهى تقول:
- هو انا جايه أحرجهم يا واد ...ده انا هسلم وأمشى بس كانى كنت قاعده معاك عادى يعنى ولما هم جم مشيت على طول
أبتسم وهو يضيق عينيه ناظراً إليها وهو يقول:
- طب وايه لازمتها لما هتمشى على طول
رجعت للخلف وهى تستند الى مقعدها قائله:
- نفسى اشوف مين دى اللى لفتت نظرك يا بلال ..ده أنت أتعرضت عليك بنات كتير مفيش واحده فيهم لفتت نظرك..وبعدين عاوزه اشوف أهلها وطريقة كلامهم انا برضه ليا نظره
طرق الممرض الباب ودخل ووضع الملف أمام بلال على مكتبه قائلا:
- أدخل الحاله يا دكتور ولا استنى شويه
قالت والدته بسرعه :
- دخلهم يابنى انا ماشيه على طول
نهض بلال وجلس خلف مكتبه ..دخل والد عبير وهو يبتسم له ويمد يده للمصافحه قائلا:
- السلام عليكم أزيك يا دكتور
صافحه بلال بحراره مرحباً:
- وعليكم السلام ..نظرت أم بلال إلى والد عبير تتصفحص هييئته وطريقة حديثه ثم نظرت سريعا إلى الباب وهى تتابع دخول عبير متكأة على يد والدتها بنظرات متأمله متعمقة وتبادلت النظرات معهما ..ثم قالت لوالدتها :
- ألف سلامه ربنا يقومهالك بالسلامه يارب
قالت أم عبير بابتسامة متسائله:
- الله يسلمك يا حبيبتى
قالت والدته وهى تعرف نفسها :
- انا أم الدكتور بلال ...صافحتها أم عبير بابتسامة واسعه وهى تقول:
- تشرفنا يا حجه والله
قال والد عبير :
- اهلا وسهلا يا حجه اتشرفنا بمعرفتك
ردت أم بلال وهى تنظر إليهم قائله:
- الشرف لينا يا حج ..أنا مش هعطلكوا على الجلسه انا أصلى نسيت الادوات بتاعة الحجامه بتاعتى عند بلال وقلت أنزل أخدها وطالعه على طول أصل أحنا شقتنا فوق المركز على طول
قالت ام عبير بانتباه :
- هو حضرتك بتعرفى تعملى حجامه ..ده انا وعبير بنتى كنا دايخين على حد بيعرف يعملها
نظرت عبير لوالدتها بدهشه فهى لم تسمعها يوما تسأل عن هذا الامر مسبقاً ولكنها آثارت السكوت ..وسمعت أم بلال تقول :
- تشرفينى فى أى وقت يا حجه انتى وعبير زى ما قلتلك انا ساكنه فوق المركز على طول وقاعده فى البيت مبخرجش الا للشديد القوى ..تنورونى فى أى وقت .. ولا اقولك أطلعولى بعد الجلسه لحد ما الحج يروح يصلى العشا ويرجع نكون خلصنا
نظرت عبير ووالدها إلى والدتها وهى تقول بموافقة وحماس :
- خلاص أتفقنا هنطلعلك بعد الجلسه على طول واهو لحد ما الحج يروح يصلى العشاء مع الدكتور بلال
أبتسمت أم بلال وهى تنظر لأم عبير التى بادلتها النظرات وكأن كل منهما يتبادلان النظرات المٌشفرة التى لا يعلم معناها الا هما فقط
خرجت أم بلال تودعهم وأغلقت الباب خلفها بابتسامة كبيرة وهى تشعر انها قد حققت هدفاً فى مرمى حياة ولدها المستقبليه
جلست عبير على الكرسى التى جلست عليه فى المرة السابقة وهى مازالت تنظر للأمها متعجبة من امر حديثها لوالدة الدكتور بلال عن الحجامة
نهض بلال وأخذ نفس المقعد الصغير ووضعه قريب منها كما فعل فى المرة السابقة وهو يقول بجدية مفاجأةً:
- أنتى مبتسمعيش الكلام ليه ؟؟
نظرت له نظرة خاطفة وقالت بقلق :
- هه يعنى ايه
تابع بنفس الجديه:
- انا مش قلت عاوزك تعتمدى على نفسك فى الحركه ومحدش يساعدك
تدخلت والدتها قائله:
- والله يا دكتور ماشين على التعليمات وبتعتمد على نفسها
ألتفت بأتجاه عبير مرة أخرى وقال:
- ازاى بقى ..أنا شايفها داخله متسنده عليكى يا حجه وحتى لما جات تقعد أتسندت عليكى برضه
قالت عبير بخفوت وهى تنظر للارض:
- ده دلوقتى بس لكن فى البيت لاء
أومأ براسه ونهض من مكانه ..أحضر كرسى آخر له مسند غير الذى تجلس عليه وقال بحزم:
- تعالى اقعدى هنا علشان نبدأ التمرينات
شعرت عبير بصعوبه وهى تنهض بمفردها ولكن ليس هذا ما تشعر به فقط وليس هذا هو سبب توترها ..لا تعلم لماذا ترتجف عندما يتحدث إليها بشكل مباشر هل لانها غير معتادة على أن رجل غريب يتحدث إليها بشكل مباشر ام لشىء أخر لا تعلمه
أتجهت إلى حيث أمرها فابتعد عن مقعدها وتركها تجلس وأتى بمقعده ووضعه أمامها ..جلس عليه وهو يقول :
- كل حركه هعملها لازم تعملى زيها بالظبط
أومأت براسها موافقة ورأته يرفع ساقه ويمدها أمامه ببطء شديد ويعيدها إلى مكانها ببطء مرة أخرى فشعرت أنها لن تستطيع فعل ذلك التمرين يبدو سهلا ولكنه بالنسبه لمن يعانى من كسر جديد فى قدمه فهو صعب للغاية
قال متابعاً:
- يالا هتفردى رجلك ببطء على عشر تسبيحات وترجعيها مكانها تانى ببطء برضه على عشر تكبيرات ..أتفقنا ؟
نظرت له بدهشه وقالت:
- ازاى يعنى
قال بابتسامة عذبه :
- يعنى ياستى بدل ما نقول نرفع رجلينا ببطء على عشر عدات أو عشر دقات أو زى بعض الدكاتره يشغل موسيقى ويقول للمريض ارفع رجلك ونزلها مع المقطع الموسيقى وفى نفس زمنه
لاء أحنا هنعمل التمرينات بس على اللى أحسن من كده هنعملها على ذكر الله وكده التمرينات يبقى فيها بركه وفى نفس الوقت أخدنا ثوابها
أبتسمت عبير من خلف نقابها وتبادلا أمها وابيها النظرات وألتفتوا مرة أخرى إلى الدكتور بلال وهو يقول:
- شوفى زى كده بالظبط
وبدء فى رفع ساقه ببطء قائلاً:
- سبحان الله ...سبحان الله ...سبحان الله ....
ثم أعادها إلى حيث كانت مرة أخرى ببطء ايضا وهو يقول:
- الله أكبر... الله أكبر .... الله أكبر....
جاهدت عبير لفعل ما أمرها به ولكنها كانت خجلة وهى تسبح وتكبر بصوت هامس وخجول
كان بلال يتابعها فى صمت وهو يستمع إلى صوت تسبيحها الهامس وتكبيرها الخفيض شعر بصوتها يسرى بداخله ويتغلل بين جنباته يسبح بين طيات قلبه بأنسيابيه ويسر...أفاق من شروده على صوتها الخجول وهى تقول بأجهاد:
- خلصت يا دكتور أكرره تانى ولا خلاص
رفع راسه لها منتبهتاً ثم قال وهو ينهض مبتعداً :
- لاء هنكرره تانى ...جلس خلف مكتبه وتركها تكرر التمرين وحدها وأخرج بعض الصور الملونه المطبوعة بحرفية وقدمها لوالدتها ووالدها قائلا:
- دى صور لبعض التمارين المهمه ..لازم تعملها بمساعدة حد فى الاول ..نظر إلى والدها قائلا:
- على فكره حضرتك ممكن تساعديها بسهوله فى البيت والورق ده فيه كل الخطوات وهو سهل ان شاء الله
قلبت أمها الورق فى يدها وقالت بابتسامه:
- اه الصور سهله تسلم ايدك يا دكتور
قال بلال بأهتمام :
- من فضلك يا حجه مش عاوزك تساعديها خالص فى الحركه العاديه فى البيت هى لازم تقوم وتقعد وتتحرك لوحدها ولازم تضغط على نفسها ثم ألقى عليها نظرة سريعه قائلا:
- وهى ماشاء الله صبوره وبتتحمل الالم..التمرين اللى عملته دلوقتى ده فى ناس بتاخد وقت فيه على ما تعرف تنفذه لوحدها
شعرت عبير بأنتشاء بداخلها وهى تستمع لتشجيعه وأطراءه عليها مما جعلها تتحمل قدر أكبر من الألآم وهى تحرك ساقها بهمه وتصميم
أنتهت الجلسه على وقت أذان العشاء ..ذهب بلال ووالد عبير إلى الصلاة بينما صعدت عبير وأمها إلى أم بلال التى كانت تنتظرهم فى شقتها وقبل أن يطرقوا الباب قالت عبير هامسه لوالدتها:
- هو فى ايه يا ماما من أمتى وأنتى بتحبى الحجامه
طرقت أمها الباب وهى تضغط على يدها قائلة:
- حبتها مالكيش دعوه
وضعت أم بلال أكواب العصير مرحبة بالزائرتين وبدأت فى وضع الكاسات الهوائية فى أماكن معينه فى جسد عبير وهى تتفحص وجهها وشعرها بنظرات خبيرة قائلة:
- ماشاء الله يا عبير أنتى زى القمر
أبتسمت عبير فى خجل ولم ترد فقالت أمها و قد لمعت عينيها بسعادة :
- عبير طول عمرها حلوه ومهتمه بنفسها بس البتاع اللى حاطاه على وشها ده هو اللى مخلى محدش بيشوفها ولا يعرف شكلها ايه
قالت أم بلال وهى تضغط الكاسات الهوائيه على قدم عبير:
- اللى يستحق يشوفها ويشوف جمالها هو اللى ربنا كاتبله يبقى جوزها مش الناس اللى ماشيه فى الشارع يا ست أم عبير..ثم رفعت راسها لعبير قائله:
- يالا بقى علشان أعملك حجامه على ضهرك كمان بالمره كده
أحمر وجهها وهى تقول بحياء:
- لا معلش يا طنط مش هينفع اقلع البلوزه
نظرت لها أمها بحده وقالت آمره :
- دى ست زيك يا عبير هتكسفى من الستات برضه
هزت عبير راسها وقالت معانده:
- معلش بجد مش هينفع مقدرش والله
كادت أمها أن تنهمر عليها بالنظرات والكلمات الازعه ولكن أم بلال منعتها قائله بحسم:
- خلاص يا بنتى مفيش مشكله معاكى حق أصلك لسه متعرفنيش ..لما نعرف بعض كويس مش هتتكسفى منى
أزالت الكاسات عن قدمها ومسحت بعض الدماء وهى تقول :
- متنسيش يا عبير أن الحجامه دى سنه عن النبى عليه الصلاة والسلام
قالت عبير:
- ايوا يا طنط عارفه
قالت أمها متسائله:
- بس يعنى هو أى حد ممكن يعملها ولا لازم يكون متخصص
قالت ام بلال بأهتمام:
أنا لما جيت أتعلمها بلال هو اللى علمهالى بما أنه دكتور يعنى وكان ساعتها قالى أن فى دورات بتتاخد فيها واللى بيدى الدورات دى دكاتره واللى بياخد الدورات دى بيبقى معاه شهادة معتمده أنه عنده علم بيها لان فى أماكن فى الجسم خطر أى حد كده يقرب منها لازم يكون دارس..ثم اردفت قائله :
- دى سنه للعلاج محدش واخد باله منها بعد ما بتتعمل الواحد بيحس أنه زى ما يكون كان مخنوق وفجأه ابتدى يتنفس والهوا يدخل جسمه من أول وجديد
بعد أنتهاء صلاة العشاء أرتدت عبير ملابسها ووضعت غطاء وجهها وأنتظرت حتى أنتهت الصلاة وأنصرفت بصحبة أمها مودعة أم بلال التى ودعتهم بابتسامة متفائله على وعد باللقاء
***************************************
أحتضنت دنيا أم فارس وهى تقبلها هى ووالدتها وهى تعزيهم فى فقد الزوج والوالد والركن الشديد ومظلة الحماية لعائلتهم الصغيرة ... وبعد وقت قصير باغتتهم والدة دنيا بقولها :
- ها يا فارس حددت معاد مناسب ولا لسه
نظر إليها فارس منتبهاً لكلماتها وتبادل نظرات صغيرة مع والدته ثم نظر إلى دنيا وقال:
- رأيك ايه يا دنيا وأيه المعاد اللى يناسبك
قالت دنيا متلعثمه وهى تتجنب النظر إلى عينين والدتها المصوبة إليها بحده:
- المعاد اللى ماما تحدده
حاول فارس أن يخفى ابتسامته فهى غير مناسبة للموقف تماماً فقالت أمها مرة أخرى:
- شهر كويس ..ونظرت إلى والدة فارس تسألها:
- ولا أنتى أيه رايك يا حجه
قالت أم فارس مرحبة ومندهشة فى نفس الوقت :
- كويس أوى
ظهرت علامات الارتياح على وجه أم دنيا ونظرت لفارس وقالت بصدق:
- شوف يابنى أوعى تفتكر أنى هضغط عليك فحاجه لاء أبدا ...كتب الكتاب هيبقى على الضيق كده فى البيت يعنى متفتكرش أنى طالبه منك فوق طاقتك أنا عارفه أنك لسه فى بدايتك وأنا عن نفسى مش عاوزه غير أنى أطمن على بنتى أنى لو مت وسبتها تبقى مع راجل يقدر يحميها ويتحمل مسؤليتها والحج الله يرحمه كان دايما بيقول عليك قد المسؤليه
لمعت عينى فارس تأثراً وأطرق برأسه حزناً على فقد هذا الرجل الحكيم الذى كان يتمنى أن يمتد به العمر أكثر ليثبت له أنه عند حسن ظنه به بينما قالت والدته:
- الله يرحمه ويحسن إليه
تم تحديد ميعاد كتب الكتاب بعد شهر من هذا اليوم وأخبرته والدة دنيا برغبتها فى بقاء دنيا معها هذه الفتره وبعدم رغبتها فى عودتها للمكتب وطمئنها فارس بموافقته وأن الدكتور حمدى ليس لديه أى مشكله وأنه يقدر ظروف دنيا بعد وفاة والدها
********************************************
جلس بلال إلى والدة بعد عودته ليلاً وعلى وجهه سعاده كبيره لما يسمعه منها عن عبير ووالدتها وقال بلهفه:
- بجد يا أمى يعنى أنتى فعلا حسيتى أنها مرتحالى طيب أفاتحهم فى الموضوع أمتى
ضحكت والدته وهى تقول:
- ومالك مستعجل أوى كده ده أنت يدوب شفتها مرتين ..ثم ضحكت مرة أخرى وهى تستدرك:
- آل شفتها آل
ضحك بلال لدعابة والدته وقال:
- أنتى بتقولى فيها يا أمى ..أنا فعلاً شفتها بس شوفتها بقلبى وعقلى متقدريش تتصورى يا امى هى حييه وخجوله وبتحافظ على نفسها قد ايه ودى أول حاجه شدتنى ليها حتى من غير ما اقابلها اصلاً
ربتت على ساقه وهى تقول مطمئنةً:
- متقلقش سيب الموضوع على الله ثم عليا لو تحب أروح أخطبهالك النهارده قبل بكره
فرك كفيه قلقاً وهو يقول:
- أنا بس عاوز أتكلم معاها علشان أعرف شوية حاجات تهمنى كده وده ان شاء الله يحصل فى الرؤية الشرعيه
- بس يابنى هنروح نتقدم كده مش نستنى لما تخف الاول طيب
ابتسم بلال ابتسامة ذات معنى وهو يتمتم:
- ماهى لما تبقى مراتى هعرف أعالجها بضمير
************************************
وقفت عزه ليلا فى نافذتها تتطلع إلى بداية الطريق عن كثب وتتأمل المنعطف الذى يجتازة عمرو يوميا فى نفس الميعاد عائداً من عمله ..ظلت تنظر لساعة يدها بين كل دقيقة وأخرى فى قلق وهى تتمتم بقلق:
- أتأخر أوى النهارده
سمعت صوت أنثوى من خلفها يقول:
- سبحان الله له فى خلقه شئون
ألفتت عزه إلى عبير وعاودة النظر من النافذى مرة أخرى إلى تلك البقعة الفارغه والتى تنتظر عمروٌ ليمر بها وكانهما على موعد وقالت:
- بطلى التلميحات دى يا عبير
ضحكت عبير وهى تقول:
- صحيح والله الممنوع مرغوب..الراجل كان بيتمنالك الرضا ترضى وكنتى حتى مبتفتكريش اسم الشركه اللى شغال فيها ..أول ما يديكى الوش الخشب تبقى هتموتى عليه وعارفه مواعيد رجوعه بالظبط
قالت عزه بتوتر دون أن تنظر إليها:
- أنا مش هموت على حد على فكره انا واقفه عادى
قالت عبير وهى تومأ براسها ساخره:
- صح وأنا مصدقاكى ...ثم قالت مردفةً:
- على فكره بقى اللى بيحصل ده فى مصلحتك والله
لمعت عينيى عزه بالدموع وهى تقول بهمس:
- من مصلحتى أنه يخاصمنى ومش عاوز يرد على تليفوناتى ويتهرب مني ...من مصلحتى أنه قلع الدبله وقالى اقلعيها خلاص
هزت عبير راسها نفياً وهى تقول:
- لاء من مصلحتك انك تعرفى قيمة الراجل اللى هتجوزيه اياً كان مين الراجل ده من مصحلتك أنك تشيلى من قلبك أى رواسب قديمه كانت هتسبب فى مشاكل بينكوا بعدين وانا شايفه بقى اللى حصل ده هو اللى هيشيل الرواسب دى
قالت عزه بصوت مختنق بالدموع :
- والدبله اللى قلعها
قالت عبير بثقه:
- ولا تسوى حاجه أنتى عارفه أنه بيحبك والدبله اللى أتقلعت تتلبس تانى المهم قلبك أنتى يكون صفى ومستعد لأستبقال البشمهندس اللى هيجننك ده
وكأن عبير قد استدعته بكلامها عنه تعلقت عينيى عزه بمنحنى الطريق ورأته وهو يدلف منه واضعاً يديه فى جيبيى بنطاله ويسير ببطء يركل كل حصى تقابله وكأنه يتعارك معها ويتوعدها ألا تصادفه مرة أخرى وتتنحى أمام قدميه المتحفزتين ...يظهر الحزن على قسماته وتعابير وجهه وكأنه فقد شخصاً أو شيئاً أو قلباً
فى كل مرة كانت تقف هكذا تتمنى أن يرفع راسه ليراها واقفة تنتظره ولكنه لم يكن يفعل ابداً ..ولكن هذه المره وبتلقائيه شديده رفع راسه وكأنه يتوقع أن يرى نافذتها مغلقه فى هذا التوقيت ..ولكنه رآها تطل عليه بعينين زائغتين معتذرتين دامعتين ....تلاقت نظراتهما مع خفقان قلبها وشعوره بالحنين لفقدانها ....دار حواراً سريعاً بين عينيهما كان عنوانه الاول والاخير ...
أعتـذر منـك ..أشتـاقك ..عُـد إلـي
------------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #10  
قديم 02-22-2018, 04:38 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
مع وقف التنفيذ ... الفصل الخامس عشر
---------------


دوت الزغاريد فى منزل الحج فتحى للمرة الثانية على التوالى ولكن هذه المره كانت العروس مختلفة...كانت عبير ..عبير ذات العبير المعتق فى صدفته ينتظر نصفه الآخر المقدر له أستنشاقه وملىء رئتيه بنسيم العذراء القابعة فى خدرها تحت مظلة الحلال..أحمر وجهها وهى تجذب والدتها من ملابسها لتجلسها مرة أخرى ووالدها يكمم فمها هاتفاً بها:
- أسكتى يا ست أنتى مش وقته الناس تقول علينا ايه
جلست أم عبير وهى تلهث من فرحتها قائلة:
- يقولوا عندنا فرح هيقولوا ايه يعنى
نهرها قائلا:
- مش لما العروسة توافق الاول يا ام مخ مهوى أنتى
نظرت إلى أبنتها وهى تقول :
- عبير موافقة طبعاً هى دى عايزة كلام
قالت عزه بحماس وهى تنظر إلى أختها :
- صح يا ماما
صوب الجميع نظره إليها فى أنتظار كلمتها وبعد فترة من الصمت قالت بأرتباك :
- لما أقعد معاه الاول وأسأله شوية أسئلة وبعدين أستخير...ده جواز يعنى لازم يكون منهجنا واحد والا هيبقى فيه مشاكل كتير بينا بعد كده الحكاية مش حكاية لحيه وخلاص

تم تحديد ميعاد للقاء عبير وبلال للرؤية الشرعية بعد يومين وتم تجهيز المنزل لإستقبال بلال ووالدته ولن نستطيع أن نتهم عبير بالسعادة لانها لم تكن تجرؤ على هذا الأحساس بل كانت تأده كلما حاول الظهور على السطح .. كل ما كانت تشعر به هو التوجس والإنتظار ..لا تعلم لماذا أختارها هى بالذات للتقدم لطلب الزواج بها ..فهى ليست مميزة عن غيرها نعم هى ملتزمة ولكنه بالتأكيد صادف قبلها كثير من الأخوات الملتزمات وبالتأكيد شاهدهن خلال الرؤية الشرعية وكانت منهم الجميلات والأصغر سناً منها ولكنه لم يتزوج بواحدة منهم فماذا يميزها عن غيرها ليختارها هى ..نعم كانت خائفة بل ووجلة .. ليس من تلك الهواجس فقط ولكن خافت أن يكون على غير المنهج الصحيح الذى أختارته لنفسها ووافق السنة الصحيحة ..
دخلت عليها والدتها لتجدها على حالها تلك الذى تركتها عليه منذ قليل جالسة على فراشها ترتدى كامل ملابسها التى تخرج بها إلى الطريق لم يختلف شىء غير أنها قد أزاحت غطاء وجهها عنها ليستطيع رؤية وجهها بوضوح وهي تردد بعض الأذكار لتخفف من توترها وارتباكها وخفقان قلبها ..وقالت تستعجلها:
- يالا يا عبير الضيوف وصلوا ..تبعتها عزه التى دلفت خلف والدتها مباشرة وهى تهتف بها :
- يالا يا ستى مامته بتسأل عليكى
وقفت عبير وهى تشعر بالالم فى ساقها الذى لم يتعافى بعد ورغم أنها رؤية شرعية ولابد أن تكشف عن وجهها ليراها إلا أنها شعرت وهى تخرج أمامه هكذا بوجهها المكشوف كأنها عارية أمامه فزاد حيائها وخجلها وحمرة وجنتيها وإطراق رأسها أرضاً أكثر وأكثر هبت والدته واقفة عندما ظهرت عليهم واقبلت عليها فى ترحاب تقبلها وتعانقها وتساعدها فى الجلوس على اقرب مقعد جواره ..وكما قال رسول الله صل الله عليه وسلم : (الحياء لا يأتى إلا بخير )..هذا الحياء الذى علق قلبه بها فى الأمس هو نفسه من علق عينيه بها اليوم وهو ينظر إليها بشغف ويتأمل أحمرار وجنتيها الصافيه وعينيها الخجولة الناظرة إلى أى شىء وكل شىء إلا هو خوفاً من اللقاء ....ظل يتأملها قليلا فى صمت وعلى ثغره ابتسامة ناعمة تحمل كل الرضا والقبول
أرادت والدته أن تقطع هذا الصمت أو بالأحرى أرادت أن تعطيه طرف الحديث معها فقالت:
- رجلك عامله ايه دلوقتى يا عبير
قالت بصوت لا يكاد يكون مسموعاً :
- الحمد لله يا طنط أحسن شويه
تحرك لسانه أخيراً وتحررمن صمته ووجد نفسه يقول:
- بتعملى التمارين ؟؟
أومأت برأسها إيجاباً ولم تجبه شفاهتاً ..وكما فعلوا مع عزه وعمرو فى السابق فعلوا مع عبير .. تركوها مع بلال فى الخارج وأنتقلوا لغرفة استقبال الضيوف وجلس والدها نفس المجلس فى المرة السابقة ليستطيع رؤية ما يحدث فى الخارج
كان لهذا اثر كبير على بلال الذى تحرر من خجله لمجرد أن اصبح وحده معها ولكنه فى داخله شكر فعل والدها أنه يحرص عليها مع ترك مساحة من الحرية لا تسمح الا بالحديث معها فقط
فكم سقط فى عينيه آباء كُــثر تركوا لهما المجال خالياً تماماً بل ومنهم من وارب الباب عليهما بدعوى حرية الحديث لولا أنه كان يرفض ويأبى كل هذا بل ويكون هذا سبب خروجه من هذا البيت بلا عوده
ظلت عبير صامته مطرقة الرأس ولكنه لم يظل صامتاً ..قال في حنان وهو يتأملها :
- على فكره ..الرؤية دى يعنى احنا الاتنين نشوف بعض كويس مش أنا بس اللى أشوفك
جاهدت على أخراج صوتها من حلقها وكأنه يعبر الاحبال الصوتيه فى مشقة وقالت :
- منا شوفتك قبل كده
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى شفتيه وشعر أن الامر يتطلب جرأة أكثر فقال:
- طيب ممكن ترفعى راسك شويه مش عارف أشوفك كويس
خفق قلبها بشدة وشعرت أنها لو تركت العنان لنفسها لهبت من مقعدها لتجرى إلى غرفتها وتغلقها عليها لتختبىء من نظراته المصوبة إليها ولكنها تعلم أنه من حقه أن يراها جيداً وينظر إليها ..رفعت وجهها ببطء ولكنها لم تقدر على النظر إليه مباشرة ..نظر إليها ملياً ثم قال :
- ماشاء الله ..
شىء بداخلها لا تعلم ماهو جعلها تخطف نظرة إليه ثم تعيد عينيها إلى حيث كانت ..ربما كانت تريد أن ترى رد فعله وهو ينظر لها هل أعجبته أم لا ..لم تكن عبير تلك الفتاة الفاقدة الثقة فى نفسها رغم أنها فتاة عادية ليست بارعة الجمال بل وليست مميزة فى جمالها بل كانت فتاة عاديه بكل المقاييس ولكنها ارادت أن ترى نظرة سابحة فى عالمها منصهرة فى وجودها كانت قد رأتها فى عينيه مرة واحدة حينما كان يستمع لصوتها وهى تسبح وتكبر فى عيادته سابقاً وهى تؤدى التمرين ولقد وجدتها وعثرت عليها للمرة الثانية واستشفت ما وراءها من قبول ورضا ...
أستردت نفسها حينما سمعته يقول:
- والدك كان قالى أنك عاوزه تتأكدى من حاجات معينه ..أتفضلى أنا تحت أمرك
حاولت عبير أن تقذف بخجلها بعيدا بل وترميه خلف ظهرها فهذا زواج لابد أن يكون فيه من المكاشفة ما فيه حتى تستقر سفينة الحياة بهم فى المستقبل على جبل التوافق والرشاد
خرج صوتها بصعوبة وهى تقول:
- ايوا فعلا كنت ..كنت عاوزه أسألك على منهجك ..منهج أهل السنه والجماعه ولا حاجه تانيه
أتسعت ابتسامته واشرق قلبه بسؤالها فهى ليست فتاة خجوله وفقط بل أنها تعرف ماذا تريد فى زوج المستقبل وتعرف أنه ليس كل ملتحى متبعاً للمنهج الصحيح ..أجابها قائلا:
- أيوا الحمد لله انا على منهج أهل السنه والجماعه
قالت تختبره:
- طيب ايه رايك فى الطواف حول القبور والناس اللى بتؤمن أن السيدة زينب والسيده نفيسه والحسين ليهم بركات حتى بعد ما ماتوا وبيروحوا يلمسوا الحديد وبيقولوا انهم كده بياخدوا البركه
أتكأ بمرفقيه على ساقيه وهو يقول:
- طالما قلتلك أنى منهجى منهج أهل السنه يبقى أكيد انا مش من الناس دول أما بالنسبه للناس اللى بتقولى عليهم ربنا يهديهم لانهم كده وقعوا فى شرك وهما مش عارفين
ظلت عبير تسأله وهو يجيب كأنما يجلس أمام محقق يعرف جيدا كيف يستخرج منه الاجابات الوافيه سألته عن شيوخه والأشرطه التى يستمع إليها ودروس العلم التى يحضرها وكيف بدأت حياته الدعويه ورأيه فى الموسيقى والافلام والمسلسلات وغيرها وكيف يستطيع أن يوفق بين عمله كطبيب والدعوه
فقال:
- بغض النظر عن أنى ممكن أخطب خطبة أو أتكلم مع حد ادعوه لكن بجد انا شايف أن الدعوه دى بتكون فى أى مكان وفى أى حته ومهما كان الواحد بيشتغل ممكن يدعوا الناس عن طريق شغله
قالت مستدركه:
- قصدك يعنى عن طريق أخلاقه
هز راسه نفياً وهو يقول:
- مش بس أخلاقه الدكتور والمهندس والمحامي وأى موظف فى أى مكان أو صاحب محل ممكن يحط قدامه كتيبات وشرايط على المكتب والمريض أو العميل أو الزبون اللى يدخل عنده يديله منها ..الست ممكن تشيلها فى شنطتها وتدى منها هدايا لواحده ست قاعده جنبها فى المواصلات أو زميلتها فى الشغل أو جيرانها ...الواحد يجى يوم القيامه يلاقى جبال حسنات مش عارف جاتله منين ممكن واحده تقرا الكتيب وربنا يهديها وتبقى فى ميزان حسناتك وانتى مش عارفه تتفاجئ بيها يوم القيامه فى ميزان حسناتك وهكذا ..علشان كده بقول مفيش حاجه اسمها مش عارف أوفق بين الدعوه الى الله وشغلى مهما كانت طبيعة الشغل ده..
أخذت نفساً عميقاً وهى تشعر بالراحة النفسية الكبيرة وهى تنصت إليه فى أهتمام ..حتى أنتهى من حديثه وأجاباته النموذجية كان ينظر إليها وهو يجيبها وكلما أجاب اجابة ابتسمت ابتسامة صغيرة مما جعله يعرف نتيجة الامتحان سريعاً مما شجعه على أن يقول :
- ها فى حاجه تانيه ولا خلاص .. ؟
هزت راسها نفياً أن لا .. فقال مردفاً بمرح :
- أنا أتعصرت على فكره
أبتسمت أبتسامة صغيرة وهى تشعر بالقبول تجاهه ولكن قلبها خفق مرة أخرى حينما سمعته يقول:
- ممكن اسأل أنا بقى ...؟
أومأت براسها موافقةً وقد كانت تتوقع أن يسألها أسئلة شبيهة بأسئلتها وقد كانت مستعدة تماماً لها ولكنها فوجأت به يقول:
- بتحبى الشعر؟
نظرت له مندهشةً وقالت باستغراب:
- شعر !!
ابتسم وهو ينظر إلى علامات الدهشة التى ملأت قسمات وجهها وأومأ براسه مؤكداً وهو يقول:
- أيوا ...الشعر بتحبيه ؟..
ثم قال هامساً :
- اصل أنا رومانسى أوى وبحب كل حاجه رومانسيه
أرتبكت ولم تدرى ماذا تقول لقد غير مجرى الحوار تماماً وعاد إليها خجلها مرة أخرى غازياً كل خلجاتها مرة أخرى وبعنفوانه أصر على تلوين وجهها مرة أخرى بلونه الوردى بعد أن كانت قد تحررت منه منذ قليل
قاومت فضولها ولكنها لم تستطع ووجدت نفسها تقول:
- وعرفت منين أنك رومانسى هو كان فى علاقات من أى نوع قبل كده
أسند ذقنه على راحة يده وقال مبتسماً :
- لا طبعاً... أنا شايل كل مشاعرى ومحافظ على قلبى لحبيبتى اللى هتبقى مراتى ومراتى اللى هتبقى حبيبتى وبس ...
لم تستطع أن تجلس أكثر من هذا لم تعد تتحمل تلميحاته المتلاحقه والتى جعلت قلبها تتلاحق دقاته هو الاخر ويقفز بجنون بعد أن عاش طويلا يعانى شظف القسوة وتغالب الحرمان .. وجد من يأوى إليه ويستغرقه وينصهر بداخله ليصيرا مكوناً واحداً
وبدأ اللهب يشتعلاً فى مدفأة الحب .... وبعد الاستخاره كانت النتيجة المتوقعة بالموافقة وتم تحديد ميعاد عقد القرآن ... كانت عبير تحاول تأخير الميعاد حتى تكون شفيت تماماً ولكن بلال كان مصراً على العقد بعد اسبوع بحجة أن تعود عبير لممارسة العلاج الطبيعى تحت اشرافه مرة أخرى دون موانع شرعية

*****************************************

فوجىْ عمرو باتصال من والد عزه يخبره بميعاد زواج عبير ويطلب منه حضور العقد والشهادة عليه ولم يستطيع عمرو أن يرفض وأنما وافق على الفور ..
المشهد الأخير الذى رأى فيه عزه واقفة تنتظره فى نافذتها الصغيرة جعل قلبه يرق لها مرة اخرى ويشعر بقيمته لديها
فإن قيمة الانسان الحقيقية تتحدد بمن يعنيهم أمرنا وبمن يمثل رضاؤنا عنهم أو جفاؤنا منهم شيئاً ذا قيمة ..غضب منها لأنه لم يستطع ان ينسى جرحها وكلمتها التى القتها على اذنيه فى الهاتف ...هو دائماً هكذا تغلبه انفعالاته وعصبيته فتثور ثائرته سريعاً لاقل كلمة يشعر أنها تحض من شأنه وتقلل منه ..ولكنه يعود ويتراجع ويلين فإن لم يلن الجانب لحبيبته فلمن يفعل إذن ....
وهو أحبها وأختارها منذ البداية وهو يشك فى مشاعرها تجاه صديقه ولكل أختيار تبعاته التى لابد ان نتحملها ونتعامل معها راضين بها لأنها جزء لا يتجزأ من هذا الأختيار.
**************************************
ضرب نادر بقبضته على مكتب إلهام بعنف وغضب وهو يصيح بها غاضباً:
- انا عاوز أعرف بقى ايه حكاية اللى اسمه عمرو ده معاكى
نهضت إلهام وهى تقول بحدة :
- وطى صوتك يا بنى آدم ..أنت عاوز تعملنا فضيحه ولا أيه وبعدين وأنت مالك أنت ..أنت مجرد حتة مهندس فى شركتى ملكش دعوه بتصرفاتى ولا فاكر نفسك جوزى ! ؟
قال وهو يشير إليها محذراً:
- اسمعى يا إلهام أنا مش هسمح باللى فى دماغك ده أنا فاهمك كويس
أبتسمت إلهام ساخرة وهى تقترب منه وتقف أمامه مباشرة قائلة:
- أنت هتمثل ولا ايه ..عاوز تفهمنى أنك بتغير عليا ...أنا عارفه كويس أوى أنت خايف وقلقان منه ليه... ثم وضعت يدها على ذراعه وقالت :
- ومتقلقش الخير كتير ونصيبك محدش هيلمسه فى أى عمليه ..خلاص أرتاح بقى ومتقعدش تتنططلى كل شويه وتعملى فيها غيران
تركها وجلس على المقعد امام المكتب وهو يستند بمرفقه إلى حافته قائلاً:
- أنا عايز أعرف بس أنتى هتحتاجيه فى ايه هو انا مش مهندس برضه وبخلصلك اللى أنتى عايزاه كله وأحسن ..عاوزه تحشريه ليه وسطنا ده بدل ما نقول يا حيطه دارينا
إلهام بعصبية :
- أيه الالفاظ دى.. حيطة ايه دى اللى تدارينا هو أنت ناسى أحنا بنشتغل مع مين ولا ايه ومالك كده محسسنى اننا بنتاجر فى المخدرات ...
وقفت خلفه ووضعت يدها على كتفه وقالت بحسم:
- اسمع يا نادر أنت متدخلش فى شغلى تانى وملكش دعوه بعمرو وبطل تضايقه فى شغله أما بقى شغلنا الخاص مش عاوزاك تقلق عمرو مش هيدخل فى نصيبك هيبقى ليه نصيب خاص بيه لوحده
هب واقفاً وصاح مرة اخرى:
- وليه كل ده هيعمل أيه زياده
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بجرأة:
- بصراحه ....عمرو ذكى أوى وليه لمحات كده فى شغله بتحسسنى أنه فنان فعلا مش مجرد مهندس كده وخلاص ومن الاخر عاجبنى وعاوزه أكبره
أبتسم نادر بسخرية ممزوجة بالغضب وهو يهتف :
- اه عاوزه تكبريه على قفايا مش كده
قالت متأففه وهى تجلس خلف مكتبها:
- يووه أطلع من دماغى بقى يا نادر أنا جبتلك من الاخر وأنت مش عاوز تفهم
أتكأ على المكتب ونظر لها بتحدى قائلا:
- دلوقتى أطلع من دماغك ..طبعا ما أنتى استغنيتى خلاص
- مش زى ما أنت فاهم على فكره
رفع حاجبيه وقال ساخراً:
- كمان مش زى ما أنا فاهم ..ثم ضحك قائلا:
- يعنى لسه مدوخك ومطلع عينك ..أومال عاجبنى ومش عاجبنى وبعتينى علشانه وهو ولا معبرك
أستندت إلى ظهر مقعدها باستعلاء وهى تضع ساقاً فوق الاخرى وقالت بأستفزاز:
- أنا مش هزعل من كلامك ده علشان مقدره حالتك كويس ..لكن متنساش مين هى إلهام ..انا محدش يقدر يقولى لاء ..لا عمرو ولا غيره ...وأنت مجرب
*******************************************
وفى صباح يوم عقد قرآن عبير وبلال كانت أعمال تعليق المصابيح والكهرباء تجرى على قدم وساق فى شارعهم الصغير وسط مباركه ومشاركه من الجميع الذين ابهجهم خبر زواج عبير ..هذه الفتاة المتدينه التى لا يروها فى الطريق إلا غاضةً لبصرها تحاول أن تمشى بعيداً عن مجالس الرجال قدر استطاعتها رغم أنها لا يُرى منها شيئاً
وحزنوا من اجلها جميعاً عندما سقطت وأرتطمت ساقها وكُسرت ومازالت تعانى من هذه السقطة حتى الان وبينما كان الرجال فى شارعهم يساعدون فى تعليق الزينة والمصابيح
وقفت أمرأه تنظر إليهم شذراً وبجوارها أبنتها وهى تقول:
- ياترى اتجوزت مين دى واحد عنده خمسين سنه ولا عنده عاهه
وضحكت هى وابنتها ضحكة خافته وقالت :
- نبقى نيجى بالليل نتفرج على عريس الغفله
وضحكا مرة اخرى وأنصرفن بأوزارهن التى حُمّلوا بها إلى بيتهن مأزورات غير مأجورات

أبتسمت أم يحيى وهى تفتح بابها عندما وجدت فارس واقفاً أمامها فقالت مرحبةً:
- اهلا يا استاذ فارس أتفضل
قال بسرعة وعلى محياه ابتسامة عذبة :
- لا معلش يا أم يحيى اصلى مستعجل كتب كتاب صاحبى والانسه عبير النهارده انتى مش عارفه ولا ايه
قالت ام يحيى بسعاده:
- لا عارفه طبعا ورايحه كمان شويه هو فى أغلى عندى من عبير دى هى اللى علمتنى الصلاه ونبهتنى ليها
كان واضعاً يديه خلف ظهره وهو يتحدث وقال:
- أومال مُهرة فين مش سامع صوتها يعنى بقالى كام يوم
- بتذاكر بقى الامتحانات قربت
- طب نديهالى ثوانى بس مش هعطلـــ !!! لم يكمل عبارته حتى وجدها تدفع امها من الخلف محاولةً أن تخرج رأسها بجوار خصرها بصعوبه هاتفةً باسمه ..تنحت أمها جانباً لتمر بجوارها وتراجعت هى قائلة:
- ياريتنا كنا افتكرنا شلن ..وأستأذنته قائله:
- طب عن اذنك يا استاذ فارس اشوف اللى على النار
نظر لها بتمعن وقال بمرح:
- ايه ده مش معقول زى ما تكونى طولتى خير اللهم اجعله خير خمسه سنتى
كان يتوقع عاصفه رعديه بعد انهاء كلمته الاخيره ولكن العكس هو الذى حدث نظرت لنفسها ووقفت على اطراف اصابعها وهى تقول بلهفه:
- بجد يا فارس أنا طولت بجد
ضحك وهو يقول:
- أه طبعا طولتى وكبرتى وعلشان كده بقى جايبلك حاجه هتعجبك اوى
وأخرج الشنطة البلاستيكية من خلف ظهره وأعطاها لها قائلا:
- أتفضلى يا ستى ده بقى علشان تلبسيه فى كتب كتاب عبير النهارده
فضت الشنطة فى سرعه شغوفة واخرجت منها فستان وحجاب أعادت الحجاب فى الشنطة مرة ثانية وأمسكت بالفستان بفرح وهى تتامل الوانه الهادئة المتداخله فى أنسيابيه وضعته على جسدها وقالت بتبرم :
- بس ده طويل يا فارس هيكعبلنى
هز راسه نفيا وقال بتصميم:
- لا طبعاً ولا هيكعبلك ولا حاجه ده يدوب واصل لاخر رجلك
ثم اخرج الحجاب من الشنطة قائلاً:
- وده بقى هتلبسيه فوقيه شايفه لونهم حلو ازاى على بعض
قالت وهى تمسك بشعرها:
- بس انا كنت عاوزه أسيب شعرى فى الفرح النهارده
عقد ذراعيه أمام صدره واشاح بوجهه بعيداً عنها ولم يجيبها ...نظرت إليه ملياً وهتفت فجأة:
- طب خلاص متزعلش هلبسه والله ..والله خلاص
ألتفت إليها وقطب جبينه وقال محذراً:
- ولو محمود أخو عمرو ولا أى حد غيره حاول يكلمك مترضيش عليه ومتجيش تقوليلى وسط الرجاله.. لاء... أدخلى عند البنات جوه وده طبعاً اذا اضطريتى تخرجى لكن من الافضل تخليكى جوه على طول فاهمانى
أومأت برأسها بقوة موافقة وهى تقول:
- حاضر يا فارس
تابع حديثه قائلا بأهتمام:
- والحجاب ده متقلعيهوش تانى ومتخرجيش من غيره ولما يكون يحيى عنده درس متخرجيش من اوضتك ابدا الا وانتى لابساه فاهمه
أومأت براسها بقوة مرة اخرى توافقة ولكنها توقفت فجاة وقالت:
- طب وانا نازله عندكم البسه برضه
كان الرد منطقى وطبيعى أن يقول نعم ولكنه لا يعلم لماذا تردد ربما لانه يعتبر نفسه مُربيها وولى أمرها وكأنه ابيها أوأخيها الاكبر سناً ولكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح فقال:
- ايوا طبعاً حتى وأنتى نازله عندنا تلبسيه ..أتفقنا
- أتفقنا ..

كانت حفل عقد القران بسيطاً ولكنه ممتلىء بالبركة ولا عجب من ذلك فإن لم تكن البركة فى الحلال بعد الصبر الجميل فاين تكون ...أنتهى المأذون من العقد قائلاً :
- حد يودى الدفتر للعروس علشان تمضى
لمح والدها عزه تقف بين النساء فنادى عليها فاقبلت سريعاً وكأنها تنتظر هذا النداء لتلقى نظرة سريعة على عمرو الجالس بجوار فارس وبلال ..راقب عمرو نظرتها فوجدها تبحث عنه وحده.. وابتسمت عندما وجدته ...أعطاها والدها الدفتر الكبير واسرعت هى فى سعادة إلى غرفة أختها التى كانت تحيطها أمها وأم بلال وبعض النساء والجارات المحبات ووضعتها أمامها فى شغف قائلة:
- أمضى يا عروسه يالا ولا رجعتى فى كلامك ؟!!!
ابتسمت عبير وهى تنظر إلى الدفتر وعزه تشير لها على المكان المخصص لتوقيعها وابتسمت أكثر عندما وجدت توقيع بلال وكأنها تراه هو شخصياً وليس توقيعه فقط ..شعرت باضطراب وبخفقان شديد فى نبضها وهى توقع بجانبه ..وساد الصمت حتى أنها شعرت أن الجميع يسمع صوت نبضاتها المتلاحقة تتسارع أيهما ينبض أولاً ...أخذت عزه الدفتر مرة أخرى بعد ان قبلت اختها مهنئةً لها ومباركة لزواجها وسط زغاريد النساء المتعاليه وعادت سريعاً لتلقى نظرة أخرى وهى ترد الدفتر لابيها ولكنها لم تجده مقعده فارغاً بحثت بعينيها سريعاً فى الغرفة فلم تجده...أنتهت الاجراءات بمباركة الجميع وعناق فارس ل بلال فى سعادة كبيرة ..
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير...
عادت عزه أدراجها فلم تجده خارج الغرفه فالمكان مزدحم قليلا ظلت تبحث عنه وهى تتجنب الصدام بالرجال حتى خرجت خارج الشقة ألقت نظرة سريعة على السلم فلم تجده وقبل أن تلتفت لتعود سمعته يقول :
- بتدورى على حد !؟
شهقت وهى تضع يدها على صدرها وألتفتت إليه سريعاً قائلة:
- فزعتنى
عقد ذراعيه أمام صدره وقال بجدية:
- سلامتك
أطرقت للاسفل ثم قالت متوترة:
- سامحتنى ولا لسه
- أنتى شايفه ايه ؟
- أنت لسه مش على طبيعتك معايا
أطل عمرو براسه داخل الشقه ثم عاد كما كان وهو يقول :
- طيب مش وقته الكلام ده ..بعدين نبقى نتكلم تلاقيهم بيدوروا عليا ..كاد ان يدخل ويتركها ولكنه أستدار إليها مرة اخرى وأشار إلى وجهها قائلا:
- مش عاوزك تحطى مكياج قدام الناس تانى
وضعت يدها على وجهها بتلقائية على اثر كلماته وقالت بسرعه:
- انت عارف انى مبحطش مكياج بس علشان النهارده فرح عبير وبعدين الرجاله بعيد عن الستات
أومأ براسه وهو يقول متهكماً:
- اه صح.. يعنى مدخلتيش عند الرجاله مرتين ومخرجتيش دلوقتى بره الشقه مش كده
قالت منفعلة مدافعةً عن نفسها:
- انا خرجت ادور عليك
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى ثغره ولكنه اخفاها سريعاً وقال بجديه :
- عموما يعنى انا ماليش حكم عليكى ... براحتك
قال كلمته ودلف للداخل كادت أن تمسك بذراعه لتوقفه ولكن يدها توقفت فى الهواء ..زفرت بضيق فلم تستطيع استخراج ما بداخله وتركها فى حيرة وكادت ان تظن انه نسيها تماماً لولا أخر كلمه قالها وتعليقه على زينة وجهها
تنهدت فى حيرة ودلفت للداخل دون النظر لأحد وقفت أمام مرآة الحمام وأزالة الالوان العالقة بشفتاها ووجنتها وعينيها وأعادة وجهها الى ما كان عليه فى صفاءه ونضارته الطبيعية
دخلت المراة وابنتها لا تبارك وأنما لتشمت ولتسخر شعرت بالحقد وهى ترى عبير فى أبهى صورها ..قبلتها ببرود وهى تبارك لها بكلمات خاويه غير صادقه ومن العجيب أن عبير كانت قد نسيتها تماماً ولم تتذكرها الا عندما سمعتها تسخر وهى تحادث أمها قائلة :
- والعريس بقى عدى الخمسين ولا لسه
كادت أم عبير أن ترد بعصبية ولكن أم بلال قاطعتها قائلة بزهو:
- ابنى الدكتور بلال لسه مكملش ال34 سنه
وأردفت أم عبير قائله بحده:
- وملتزم ويعرف ربنا
نظرت ابنتها إليها بحقد وهى تردد ...دكتور !!!!
ردت عبير قائلة :
- ده الدكتور اللى عالجنى لما وقعت على السلم ورجلى اتكسرت يا طنط
لا تعلم عبير لماذا قالت ذلك ولكنى أعتقد أنها فعلت ذلك بداعى أنثوى محض لا يعلمه ولم يختبره غير النساء ...
خرجت المرأة مقهورة هى وابنتها وبعد ان شاهدت بلال وسط الرجال زادت قوة سخطها وقهرتها وهى تراه بلحيته المنمقة التى زادته وسامة وجاذبية وضحكته المجلجلة بينهم التى تنم عن سعادته بهذه الزيجة المباركة ...
أنفض الجمع وخلا الحبيب بحبيبه ولكن هذه المرة بعيداً عن الاعين المراقبة ..أعدت أم عبير عشاءً فاخراً لزوج ابنتها وتركتهم وحدهم فى غرفة الصالون وتركت الباب مفتوحاً وأنضمت إلى زوجها فى غرفته بينما كانت عزه تنظف فى المطبخ اثار حفلة زواج أختها فى سعادة وحيرة من أمر عمرو
جلس بلال على المقعد الملاصق لها أمام مائدة الطعام وهو يتأملها فى حب ..كان يتوقع من نفسه غير ذلك فى تلك الليلة التى كان ينتظرها بشغف ولكنه وجد نفسه مرتبكأ أكثر منها ..أخذ يتفحصها فى سعادة كبيرة وفى صمت ايضاً ..قطعت هى ذلك الصمت ولكن بهمس وقالت بخجل:
- مش هتتعشى ؟؟
أنتبه من سُباته وقال بسرعه :
- اه هاكل طبعا ده انا واقع من الجوع
حاول أن يطعمها فى فمها ولكنه خجلت وأمتنعت فقال:
- ايه ده بقى عاوزه تحرمينى الاجر ولا ايه
ألتفت له متعجبةً وقالت:
- أجر أيه
أبتسم وهو يقول :
- متعرفيش حديث الرسول صل الله عليه وسلم : إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك (...شفتى بقى يعنى اللقمه اللى هحطها فى بؤك هاخد عليها أجر عاوزه تحرمينى من الاجر ليه بقى
أبتسمت بخجل وهويمد يده و يضع قطعة صغيرة من اللحم فى فمها ولكن احمرار وجنتها طغى وبشدة
وكادت ان يغشى عليها حينما وضع أطراف أصابعه التى لامست شفتيها فى فمه وهو يتذوقها متلذذاً هو يتأملها قائلا:
- هى صوابعى طعمها أحلو كده ليه
أشفق عليها عندما راى تلون وجهها بعد عبارته فاراد تغير الحديث وقال بجديه :
- اسمعى بقى من هنا ورايح مفيش دلع لازم تخفى بسرعه عاوزين نخرج مع بعض ونفسى أوى افسحك ونتمشى مع بعض كده وأدينا فى ايد بعض زى الحبيبه ...
رأى ابتسامتها فتابع قائلا:
- خلاص اتفقنا من بكره ان شاء الله هنبدأ تمارين مكثفه
قالت عبير بصوت خفيض:
- بس هتكسف أجيلك المركز
رفع حاجبيه متعجباً وقال:
- وتيجى ليه ..أنا اللى هجيلك وهنعمل التمارين هنا ولو احتجتى للجهاز هبقى اخدك على هناك بنفسى
قالت بحياء وهى تضع خصلة شعرها خلف اذنها :
- هنا فى البيت ؟؟؟
مال إلى الامام وهو يتلمس خصلتها التى نامت على كتفها وقال هامساً:
- اه هنا فى البيت هو انتى مش مراتى ولا ايه
ثم جعل صوته أكثر عذوبة وهمساً وهو يقول:
- وبعدين كان فى تمارين مش عارفين نعملها قبل كده افتكر بقى دلوقتى هنعملها بسهوله
وقبل أن تجيب أعتدل فى جلسته وقال بشغف :
- مش أنا أمبارح قرأت شعر حلو أوى وحسيت أنه مكتوب علشانك أنتى قعدت أحفظ فيه طول الليل علشان أقولهولك النهارده
لم يتلقى منها أجابة إلا صمتها الخجول وعينيها الحييه فبدأ فى سرد ما حفظه من شعر يهديه لها بصوت عذب هامس ...

أحبــــك ... واحة هـــــــدأت عليها كــــل أحزاني

أحبـــــك ... نسمة تروي لصمت النــاس ألحانــي

و لو أنساكِ يا عمري ..... حنايا القلب تنسـاني

و لو خٌيِّرتٌ في وطن ..... لقلتٌ هواكِ أوطانـي

إذا ما ضعت في درب ..... ففي عينيكِ عنوانــي
...............


أخذت تنصت إليه وهى تشعر أن المكان غير المكان والزمان غير الزمان وكأن الغرفة الصغيرة تحولت لسحابة هادئة تمضى بهم فى رحلة غير مماثلة تمضى بهم إلى واحة هانئة ينفث الحب فيها عطره الفواح
---------
الفصل السادس عشر
----------

طرق عمرو باب حجرة المكتب الخاص بإلهام ودلف إليها مبتسماً أبتسامة روتينية بعد أن ألقى التحية ...اشارت له إلهام بالجلوس وهى تتأمله متفحصة وأرتسمت على شفتيها الابتسامة المعتادة التى تغزوها كلما رأته ثم قالت بنعومه:
- أيه يا بشمهندس يعنى محدش بيشوفك
لم يستطع أن يغالب المزاح بداخله فوجد نفسه قائلا:
- والله ..وفيها ايه لما يشوفنى يعنى
قطب جبينها وقالت بعدم فهم:
- هو مين ده !!
رفع حاجبيه وهو يقول:
- محدش
أبتسمت وهى تضيق عينيها قليلا ناظرة إليه وقالت:
- ايه ده وكمان دمك خفيف..
وخضعت بالقول وهى تردف:
- مش كفايه ذكى ووسيم وجذاب كمان دمك خفيف لاء كده مش هاستحمل
أبتلع عمرو ريقة وهو حانقاً على نفسه وعلى دعابته هل اصبحت الدعابه تسرى فى دمه لهذه الدرجه فلا يستطيع وضع احاديثه فى نصابها الصحيح ومع الشخص الصحيح .. رآها تنهض من مجلسها وتقف خلفه وقالت :
- عمرو.. انا عاوزه أتكلم معاك شويه بره الشغل ... أنت بيبقى وراك حاجه بالليل
قالت كلمتها الاخيرة هذه وهى تلامس خصلات شعره من الخلف مما جعله ينتفض واقفاً وبحث عن مخرج مناسب لا يتسبب قى أنهاء حياته العمليه من الشركة ولكنها لم تنتظره طويلا وأعتبرت صمته تفكير فى الامر فاقتربت أكثر لتحثه على الموافقه وتعده بما ليس له بل وليس من حقه بدنوها منه إلى هذه الدرجه حتى شعر بانفاسها من خلف أذنيه واشتم رائحة عطرها النفاذ تزكم أنفه رغماً عنه لتوقظ بعض مشاعره الدفينه وشعر بدفء جسدها بملامسة ظهره وسمعها تقول بهمس كالفحيح:
- أيه رأيك نتعشى سوا الليله
وفجأة فُتح الباب ودلف المهندس صلاح فى عجلة من أمره ولكنه توقف أمام ذلك المشهد ..عمرو واقفاً فى توتروإلهام تقف خلفه مقتربة منه بشده ..وقف جامداً ينظر إليهما ولكنها كانت فرصة سانحه وجدها عمرو للهروب بدون عواقب كما كان يفكر قبل دخول صلاح عليهما ..تنحنح وهو يتحرك فى اتجاه صلاح ووقف بجواره قائلا:
- طب أستأذن أنا علشان عندى شغل كتير
بمجرد أن خرج عمرو حتى قامت عاصفة إلهام الرعديه وظلت ترعد وتؤنب صلاح على دخوله بغير أذن وبغير ميعاد ...وضع صلاح الملف الذى كان يحتاج إلى توقيعها امامها على المكتب وأنصرف على الفور وتركها وسط حممها المتصاعدة وعاد لعمله .. فوجئ بوجود عمرو فى مكتبة ينتظره..ألقى عليه نظرة عتاب كبيرة وهو يجلس خلف مكتبة ويتابع عمله بصمت...وقف عمرو مدافعاًعن نفسه وقال:
متبصليش كده يا بشمهندس أنا والله ما عملت حاجه
رفع صلاح عينيه إليه قائلا:
- معملتش اه لكن سكت والانسان اللى يسكت على الغلط يبقى مشارك فيه ومينفعش بعد كده انه يلوم اللى هيطمع فيه بعد كده نتيجة سكوته وزى ما بيقولوا السكوت علامة الرضا
قال عمرو بأنفعال وهو يجلس :
- أنا مكنتش ساكت أنا كنت بدور على طريقة مناسبه أهرب بيها من الموقف
- الحكايه مش محتاجه تفكير يا عمرو أنت بتخاف على شغلك ومستقبلك أكتر ما بتخاف من ربنا . .. وأنا حذرتك كتير ونبهتك كتير بس أنت شكلك مش هتتعلم ببلاش ..اللى بيسيب الباب موارب يابنى مايزعلش لما يدخله منه شر بعد كده
خرج عمرو من مكتب المهندس صلاح يضيق بنفسه ذرعاً ولا يعلم لماذا يتهاون إلى هذا الحد هل كما قال صلاح فعلا هو يخاف على مستقبلة وعمله أكثر من خوفه من خالقه ...نفض الفكرة عن رأسه مستنكراً لها ولكنه لم يستطع أن ينفض تلك المشاعر التى عاشها والتى أستقيظت بداخله منذ لحظات فى مكتب إلهام فمازال يشتم عطرها النفاذ ومالزال يشعر بلمستها ...لم يستطع أن يغالب هذا الشعور الذى يجتاحه فخرج فورا من الشركة عائداً لمنزله تصارعه مشاعر شتى وبدلاً من أن يدخل منزله وجد نفسه يتوجه إلى بيت خطيبته قاصداً اياها ...
****************************************************

دخل والد عزه على زوجته وبناته المجتمعين فى غرفة عبير ينظر إليهم نظرات حائرة فقالت زوجته على الفور:
- خير يا حاج عمرو كان عاوزك ف أيه
نظر إلى عزه قائلا:
- عاوز يكتب الكتاب
تبادلت عزه النظرات مع والدتها التى قالت:
- وايه اللى طلعها فى دماغه فجأة كده مش كنا متفقين هنستنى شويه
قال زوجها موجهأً حديثه لأبنته متسائلاً:
- أنتى رايك ايه يا عزه يابنتى ..
قالت عزه وهى حائرة:
- مش عارفه يا بابا ...حضرتك رايك ايه ؟
- أنا يابنتى قولتله أحنا متفقين نستنى شويه لكن جوز أختك كان قاعد وسامع الكلام وقعد يقنع فيا أنى أوافق
تدخلت عبير قائلة:
- بيتهيالى يا بابا بلال معاه حق نتوكل على الله وأهو أحسن من الخطوبه اللى مالهاش لازمه دى لا بيعرفوا يتكلموا ولا يقعدوا مع بعض خالص زيه زى أى حد غريب
*******************
تم تحديد ميعاد عقد قران عزه وعمرو بعد أسبوع ليصبح فارس هو أخر من يتم عقد قرانه بينهم وفى هذه الفترة كان عمرو يتهرب من اى لقاء يجمعه بإلهام وكان المهندس صلاح يساعده على ذلك ويتصدر هو لاى عمل يتطلب وجود عمرو معها فى مكان واحد وجاء اليوم المنتظر وكان بسيطاً كالذى سبقه تماماً يجتمع فيه الاهل والاحبة والجيران فى منزل العروس ليتم عقد القران بينهم وبحضور الشاهدين فارس وبلال ويالها من مفارقة ...كانت فى يوم من الايام تتمناه زوجاً وها هو اليوم يشهد على عقد قرانها ويزيل عقدها بتوقيعه المميز ..
أجتمعت بعض النساء فى الداخل ينشدون لعزه الاناشيد بقيادة عبير التى كانت قد تحسنت كثيرا بفضل تمارين بلال المكثفه و< بضمير > كما كان يقول ويبدو أن ضميره هذا قد أنعكس على حالتها النفسية كثيراً فقد كانت تبدو كما لو كانت هى العروس وكأنها فى العشرين من ربيعها وهى تغرد بأناشيدها المحببة وتضرب بالدف فى سعادة وقوة وتتنقل بين النساء كالفراشة التى تتنقل بين الزهور فى بستان المودة والرحمه التى نهلت منه منذ أن أصبحت زوجة لـ بلال وحبيبة لقلبه الفياض ...
وأثناء انشغالها سمعت أمها تهمس فى اذنها ان زوجها يريدها فى الخارج ربما قد يكون الامر عاديا لولا أن والدتها أنبئتها أنه يبدو عليه الانزعاج وربما الغضب ..أرتدت ملابسها كاملة وخرجت تبحث عنه فاشارت لها والدتها أنه ينتظرها فى المطبخ ..دخلت بسرعة إلى مطبخها فوجدته فعلا قد بدا عليه الضيق الشديد ..فرفعت نقابها ونظرت إليه بقلق وقالت متسأله:
- مالك يا حبيبى فى ايه
نظر إليها بضيق وقطب جبينه وقال منفعلا:
- مش عارفه فى ايه ..أنتى فاكره نفسك بتنشدى فى الصحرا لوحدك ..صوتك واصل بره عندنا يا هانم
أصفر وجهها وشحب وأتسعت عيناها وهى تضع يديها على وجهها ثم قالت بأحراج:
- ينهار ابيض والله ما كنت واخده بالى ..ثم نظرت له معتذرة وقالت :
- أنا اسفه يا حبيبى بالله عليك متزعلش مني
هدأ قليلاً وهو عاقداً ذراعيه خلف ظهره وقال معاتباً:
- أبقى خدى بالك بعد كده ..ثم مد يده ومسح وجنتها بظهر أنامله وقال بحب:
- ما أنتى عارفه انا بغير عليكى أزاى يا حبيبتى حتى صوتك محبش أن راجل غيرى يسمعه
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت مداعبةً له:
- ده أنت أرهابى بقى
أمسك وجهها بين كفيه وأحتواها بعينيه ..ثم قال:
- لو ده الارهاب فأنا أرهابى أصيل... ثم قبل جبهتها وقال مردفاً:
- ولابس حزام ناسف كمان
أبتسمت فى سكون وهى تمسك بيديه التى تحيط بوجهها فقال :
- أخبار رجلك ايه
نظرت له بدهشه وقالت:
- كويسه الحمد لله بتسأل ليه
مط شفتيه وقال:
- انا بقول نعمل الفرح والدخله بقى علشان نكمل التمارين فى بيتنا براحتنا الواحد يا شيخه مش حاسس أنه بيشتغل بضمير فى العلاج
أزاحت يديه ووضعت يديها حول خصرها قائلة:
- كل ده وضميرك لسه مستريحش
ابتسم وهو يرمقها بنظراته المتفحصه:
- كل ده ايه ده انا حاسس انى مقصر.. يرضيكى يعنى ضميرى يعذبنى
قالت وهى تعيد النقاب على وجهها مرة أخرى :
- مقصر ..لاء خاليك مقصر الله يخليك وأفلتت من يده وعادة الى النساء مرة اخرى أكثر اشراقاُ وجاذبيه فهكذا هى الزهرة كلما لاقت حباً وأهتماماً وعنايةً كلما زادت اشراقاً وتألقاً وتفتحاً وعبيراً...تفيض على من حولها بشذاها
أنتهت حفلة عقد القران وأستأذن بلال والد عبير أن يخرجا سوياً وخرج معها من منزلها اصابعهما متشابكة كما كان يحلم دائماً وهى تقول :
- بلال أنا مكسوفه أمشى فى شارعنا وأحنا ماسكين ايد بعض كده
بلال :
- ليه يا حبيبتى هو انتى صاحبتى ده انتى مراتى
****************
دفعت عزه عمرو بعيدا عنها بهدوء وقالت بارتباك :
- ايه يا عمرو ده مينفعش كده على فكره
نظر إليها بضيق وقال متبرماً:
- ايه يا عزه أنا جوزك دلوقتى
- يا عمرو دى اول مره نقعد فيها مع بعض ارجوك تراعى الحكايه دى
أسند مرفقيه على مائدة الطعام امامه وقال معتذرا :
- حاضر هراعى بس انتى كمان راعى أنى بحبك وأنى شاب زى كل الشباب وطول عمرى بشوف بنات وشباب وعلاقتهم مفتوحه كأنها مراته فى كل حته بمشى فيها فى البلد ورغم كده عمرى ما عملت زيهم عارفه ليه ..وقبل أن تجيب قال :
- علشان بحبك وعمرى ما حبيت أنى ارتبط بواحده غيرك لا فى حلال ولا فى حرام مينفعش بقى تيجى بعد كل ده وتقوليلى مينفعش يا عمرو
كادت عزه ان تبكى وهى تشعر بضغطه عليها بكلماته وأستعجاله للأمور بهذا الالحاح المتواصل ومحاولاته المستمره
*************
سار بلال بجوار عبير بمحاذاة كورنيش النيل متعانقة ايديهما متشابكة اصابعهما نظر لها ليرى بعض علامات الضيق والاضطراب ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال:
- مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك
- مش شايف المناظر يا بلال هى البنات دى مش مكسوفه وهى واقفه بالشكل ده طب مش خايفين من اهاليهم
...بلاش اهاليهم مش خايفين من ربنا طيب
هز راسه باسى وكأن حديثها اثار شجونه وقال:
يعنى انتى من مره واحده وقلتى كده وأضايقتى من المناظر اومال أنا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى ده غير الاشكال اللى كنت بقابلها فى شغلى ايام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى وكان بيورد علينا رجاله وستات والحاجات اللى كانت بتتعرض عليا ساعتها ورغم كده الواحد كان بيستحمل وبيصبر وبيغض بصره عن الحرام
قالت عبير بحنان:
- وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى يا حبيبى
- علشان ربنا يا عبير ...كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى وفى المشى والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى
ثم نظر لها وقال بحب:
- مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجه صالحه زيك
ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف ما أستعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح :
- بس ايه يا عم الكاجوال الخطير ده الناس يقولوا ايه شيخ ولابس كاجوال
نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع:
- لا وكله كوم والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده
ضحك كلاهما وهم يسيرو عكس أتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهم وتركوا خلفهم شباب متسكعه وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياه متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الامواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يُأمل لهم النجاة وقد بعُد المرسى ...........
*******************
أستطاعت دنيا أن تتكيف على عالمها الجديد فلا تدخل ولا تخرج الا بصحبة والدتها وقد اشرفت والدتها بنفسها على شراء ملابسها الجديده فأختارت لها كل ما هو طويل وغير مكشوف وتغيرت طريقة لبس دنيا بالكامل مما جعل فارس يشعر انهما على بداية الطريق الصحيح وأنها من الممكن أن تتغير فعلا وأنه أحسن الاختيار ...ولكنه لم يعرف أنها كانت تجاريهم فقط لتمر الازمة على خير وفى كل الحالات هى تحب فارس ولا باس عندها من الزواج به ..
حاولت والدة فارس أن تجعل حفل كتب الكتاب فى منزلها نظرا لظروف وفاة والدها ولكن والدتها أصرت أن تسير الامور بشكل طبيعى وأن يتم كتب الكتاب فى بيتها للأشهار فى منطقة سكنها ...
حضر عقد القران كل من عمرو وبلال وعبير وعزة ورغم المحاولات الكثيرة التى قام بها فارس لأصطحاب مُهرة معهم ولكنها رفضت بشدة بل وتصنعت المرض لكى لا تذهب معهم ...
بعد كتب الكتاب أصرتا عزه وعبير على المغادرة فى سرعه فلقد كانت دنيا تتعامل معهم ببرود وبابتسامه خاويه من اى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس ...غادر الجميع وتركت والدة دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا على أنفراد بعد ان اصبحت زوجته قبل أن ينصرف هو الاخر بعد أن طبع قبلة رقيقة على وجنتها مودعاً أياها
ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنه تتسابق وتتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لا يشعر بها أحد وماهى الا أعمار تنتهى وأعمار تبدأ وحياة تنتهى وحياة تولد والفائز هو من استغل عمره فى حسن عمله ...
كان فارس قد حصل على الماجيستير وبدأ فى رسالة الدكتوراه فى همة عالية
ورزق بلال من عبير باربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الاقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات وهذه هى البركة التى لا يعلم عنها الكثير فى هذا الزمن
وحاول عمرو اقناع والد عزه بأن يتم الزواج فى شقة والده ولكن والدها رفض نظراً لان لديه أخ صغير وهو محمود والذى كان قد أنهى الثانويه وألتحق بالجامعة هو ويحيى صديقة فكيف ستعيش عزه مع محمود فى منزل واحد فبائت المحاوله بالفشل وبدأ عمرو فى البحث عن شقة ايجار فى مكان قريب منهم
وبدأت مُهرة فى مرحله جديدة وهى مرحلة المراهقه بعد أن أصبحت فى الصف الثانى الثانوى..ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهوله ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى افعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير .... كانت أنوثتها قد لاحت فى الافاق ولكن فارس لم يراها يوماً إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها وبصدعها للحق دائما فى وجه المخطا لا تخاف لومة لائم
-----
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طلب طقم رواية | تم التنفيذ وردة المـودة الطلبات المكتملة والملغية 5 12-10-2016 11:45 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ !!Achlys الطلبات المكتملة والملغية 2 12-01-2016 11:15 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ Stifania الطلبات المكتملة والملغية 2 08-06-2016 01:08 PM
طلب طقم رواية - تم التنفيذ Reuoof__ الطلبات المكتملة والملغية 2 03-09-2016 05:17 PM
طلب طقم رواية#تم التنفيذ ĎĨ₫ϊ.Ǿ الطلبات المكتملة والملغية 2 12-14-2015 11:41 PM


الساعة الآن 12:36 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011