عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 02-22-2018, 05:58 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل السابع والعشرون
--------------




عاد الى شارعهم يطوى الارض طياً .. يهرول تارة فينهكة التعب فيمشىتارة أخرى ... وقف عند بداية المنعطف ينظر الى بداية شارعهم الىالبيوت المتلاصقة والقهوة البعيدة وهو يشعر أنه أفتقد دفئهم وحمايتهمورعايتهم لمن حولهم وهو يتسائل فى نفسه لماذا لا تكون الدنيا كلهاشارعهم بقلوب اهله الطيبة ما هؤلاء البشر الذى تعامل معهم وكيفينتمون الى فئة البشر ...أليسوا أقرب الى مصاصين الدماء الذين رآهمكثيرا فى الافلام لا بل مصاصين الدماء لايقتلون بهذه البشاعة التى رآهاأنما هى عضة نتيجة لاحتياجهم للدماء ..أما هؤلاء فهم يشوهون ويقتلونويعذبون لا لشىء الا للمتعه الا للضحك على صرخات وأنين المُعذبين لالشىء الا للقتل ..لا لشىء الا لكره الدين وبمن يمثلونه ..لالشىء الا لكرهالكرامه ومن ينادون بها ..أى بلد هذه التى لا نحيا بها كراماً ..
قطعت أم فارس قرائتها للقرآن ووضعت المصحف بجوارها وهى تنادىعلى مُهرة ... خرجت مُهرة مسرعة من المطبخ فقالت لها أم فارس بوهن:
- شوفى يا مُهرة فى ايه فى الشارع أيه الزيطه دى
تناولت مُهرة اسدال الصلاة وارتدته بسرعة وخرجت الى الشرفة ..أتسعتعيناها وهى تنظر الى عمرو وأهل شارعهم مجتمعين حواليه مهنئين لهفى جلبة شديدة فرحين به وبعودته سالماً ..بحثت بعينيها سريعاً بينالوجوه وقد خفق قلبها بشدة تبحث بين العيون والوجوه لاشىء ..لم يعد.. أنهمر دمعها رغماً عنها ومسحته بيديها وهى تجيب نداء أم فارسوتقول بصوت متقطع :
- عمرو رجع يا ماما ..انهمرت دموعها مرة أخرى وهى تتمتم :
- رجع لوحده
هرولت أم فارس الى الشرفة بلهفة بحثت هى ايضا عن ولدها بين الناسفلم تجده خرجت من الشرفه متوجهة الى باب الشقه مسرعةً .. لحقتهامُهرة وهى تتشبث بذراعها هاتفةً :
- استنى يا ماما هتنزلى كده ازاى أنتى بهدوم البيت وشعرك باين
نظرت ام فارس لملابسها وهى تضع يدها على شعرها لاتعلم ماذا تفعلوكأنها مسلوبة الااردة ..لم تنتظر مُهرة كثيرا أندفعت للداخل وأحضرت لهاعبائة الخروج وحجاب .. ارتدتهم بسرعة وهى واقفة على باب الشقة
ولسانها يلهج بفزع:
- يا حبيبى يابنى ياترى انت فين يابنى
ألبستها مُهرة حذائها سريعاً والتقطت مفتاح الشقة ونزلا سويا يهرولا الىحيث عمرو
.. لم تستطع عزة أن تنتظر كثيرا وهى تراه من النافذه أندفعت تفتح بابالشقة لمقابلته لا تعلم كيف كانت تقفز درجات السلم ... كان قد سبقهاوصعد السلم بقفزات اسرع وأوسع منها .. وأخيرا ألتقيا ... تعانقا ..تعانقا بقوة وأندفاع,, كل منهما رمى بجسده باتجاه الاخر .. البكاء هوسيد الموقف .. كانت تشهق وهى بين ذراعيه وتضمه بقوة وهى تهتفباسمه بقلبها قبل شفتاها ... اما هو فقد ضمها الى صدره واغمض عينيهوهو لا يصدق انه رآها مرة اخرى ... أسرعت أم عزة تتصل بعبيروتخبرها بالامر .. صعد بها للأعلى وهى مازالت متعلقةً به ..دخلا شقتهابين والدها ووالدتها التى هتفت
- حمد لله على سلامتك يابنى
جلس على الاريكة وهو يلف كتفها بذراعه وتنفس بقوة وهو ينظر اليهمبشوق قائلا:
- الله يسلمكم ..
كان الباب مفتوحاً ولم هناك مجالا لطرقه أندفع والده ووالدته وأخيهمحمود نحوه يقبلانه ويعانقانه من بين دموعهما ثم تركوا المجال لاخيهليعانقه بلهفة وشوق لصدر اخيه الاكبر الذى طالما استمع اليه وارشده فىحياته .. دخلت أم فارس بعدهم مباشرة وفى اعاقبها مُهرة .. أطمئنت أمفارس عليه ونظرت له متسائلة وهى تخشى السؤال عن ابنها حتى لايأتيها خبر مفجع ... ولكن مُهرة لم تنتظر كثيراً فهى على يقين أنه بخيرلو كان حدث له شىء كانت قد شعرت بذلك .. فقالت بلهفة :
- فين دكتور فارس ودكتور بلال يا بشمهندس
ابتسم عمرو والجميع محيط به وهو يقول :
- الحمد لله كويسين اوى وبيطمنوكوا عليهم
قالت أم فارس بلهفة بعد أن أطمئن قلبها :
- مخرجوش معاك ليه
هز رأسه نفياً وهو يقول :
- مش عارف مقدرتش أعرف حاجه خالص بس أطمنوا طالما أنا خرجتيبقى هما كان هيخرجوا قريب ان شاء الله ..بس هما كويسين واللهوباعتين السلام ليكوا كلكوا وبيطمنوكوا
قالت أم فارس بجزع :
- ازاى يابنى بس ده الظابط اللى جه خده قعد يقول بتعمل قنبله فى بيتك
طمئنها عمرو قائلا :
- صدقينى يا طنط والله كويسين ومفيش تهمه متوجه لحد خالص وكلاللى عرفناه ان فى حد هو اللى شكنا بلاغ ووصى علينا بس مين هو دهمنعرفوش لحد دلوقتى ..بس متقلقوش أنا هفضل ورا الموضوع ده مشهسيبوا غير لما أعرف
قال كلمته والتفت الى زوجته الجالسة بجواره ومستندة براسها على ذراعهوقال :
- أتصلى بأختك وطمنيها على جوزها
خرجت أم فارس ومُهرة من بيت والد عزة مُطرقين روؤسهما بحزن واسىلا يعلمان ماذا ينتظرهما فى المستقبل ..

**************************************
أستندت عبير الى ظهر سريرها وعينيها تلمع بالدموع ألتفتت الى الوسادة الخالية بجانبها والى الفراغ الذى كان يحتله جسده بجوارها وأرتسمت على جانبى شفتاها أبتسامة حزينة وهى تتذكر الرسالة الشفوية التى ارسلها مع عمرو .. وحشتينى أوى وبضمير ... تناولت وسادته وهى تستلقى على جانبها الايمن وأحتضنتها بقوة وهى ترويها بدموعها هامسة :
- وأنت كمان وحشتنى أوى يا بلال
طرقت والدته باب غرفتها فوضعت الوسادة مكانها ومسحت دموعها وأتجهت للباب وفتحته وعيونها المُعذبة تفضح حزنها ..أخذتها والدته من ذراعها وخرجت بها خارج غرفتها الى الاريكة التى يعتادون الجلوس عليها أجلستها كالاطفال وألتفتت اليها قائلة :
- عارفه يا عبير أول مرة أخدوا بلال فيها .. كنت هموت من الرعب والخوف عليه وكانت دماغى كل ثانيه تودى وتجيب مش عارفه عايش ولا لاء .. لما قعد هناك كام شهر وطلع بعدها .. حسيت أن بلال أتغير أوى ..أتغير للأحسن .. وساعتها قالى كلمة عاجبتنى أوى قالى الدهب لازم يتعرض للنار علشان يبقى نقى .. علشان كده مش عاوزاكى تخافى من المحن دى ... المحن دى اللى بتنقينا وتنضف قلوبنا وتشيل منها أى حاجه غير ربنا ...
أومأت عبير براسها وهى تنظر لها قائلة :
- معاكى حق يا ماما ... ثم قبلت كفها وقالت:
- ربنا يخاليكى لينا ..
ربتت أم بلال على راسها بابتسامه حنونه فقالت عبير :
- بعد اذنك يا ماما المركز مش هينفع يفضل مقفول كل ده ..أنا هتصل بالممرض اللى كان مسؤل عن المركز وأخاليه يرجع تانى وكل الناس اللى جلساتها اتلغت من غير سبب يتصل بيهم يقولهم ان المواعيد كلها أتأجلت علشان بلال مايفقدش المرضى اللى كانوا بيتابعوا معاه واهو يفضل فى المركز يعمل اللى يقدر عليه أكيد بلال كان بيعلمه شغله يعنى ممكن يمشى المركز شويه لحد ما بلال يرجع بإذن الله ..المهم المركز مايتقفلش ابدا

*****************************************
وقف عمرو أمام حجرة مكتب إلهام وتنفس بقوة ثم طرق الباب .. أتسعت ابتسامتها وهى تنهض من خلف مكتبها مسرعة نحوه بلهفة وقالت وهى تمسك بذراعيه :
- حمدلله على سلامتك يا حبيبى
أنزل عمرو يدها بهدوء ثم مد يده أمامها بورقة قائلا :
- ياريت حضرتك تقبلى استقالتى
نظرت الى الورقة ثم رفعت راسها إليه ثانية وهى تقول بإستنكار :
- أستقالتك !! .. ليه يا عمرو ليه كل ما أقرب منك تبعد عنى
أتجه نحو مكتبها ووضع الاستقالة عليه بهدوء والتفت لها عاقدا ذراعيه امام صدره قائلا :
- هكلمك بصراحه .. انا الاول كنت متردد فعلا وكنت بقول مفيهاش حاجه طالما مش بعمل حاجه غلط وبينى وبينك كنت معجب بكلامك ليا ..ابتسم ساخراً وهو يقول :
- راجل بقى وفرحان بشبابى وان فى واحده بتحبنى وعايزانى وبتعمل المستحيل علشان تقربلى
تجهم وجهه وهو يردف بصوت خرج من بين جدران السجون قائلا:
- لكن اللى شوفته يخلينى ابيع الدنيا دى كلها واعرف ان الدنيا دى متسواش حاجه ... ألتفت الى مكتبها وهو يستند عليه قائلا:
- فى عز الوقت اللى كنت فرحان بيه بنفسى وبوسامتى شوفت شباب صغير قد أخويا محمود بيتعذب ويتجلد ويتكهرب وفى الاخر يموت لمجرد أنه بيحافظ على صلاة الفجر لمجرد انه قال لظابط أتقى الله ... ألتفت اليها مرة أخرى وهو يقول :
- فاكره افلام زمان لما كانوا بيدفنوا المسلمين ويعطشوهم ويعلقوهم فى قريش علشان أمنوا بالله وبالرسول .. اهم الكفار دول كانوا بيتعاملوا بآدميه أكتر من الناس اللى كنا معاهم على الاقل محدش كان بيغتصب ست قدام جوزها ولا راجل قدام مراته ...
كل ده وانا كنت عايش مع نفسى ولا أعرف اى حاجه عايش علشان اكل واشرب والبس واشتغل وبس .. معرفش حاجه عن اللى بيحصل فى بلدى معرفش الظلم وصل لحد كده ازاى معرفش حاجه عن الناس اللى بتموت كل يوم من غير حس ولا خبر ولا كأنهم حيوانات ..
هتفت الهام مقاطعه :
- عمرو أنت شكلك اعصابك تعبانه خد أجازة ارتاح شويه
هز رأسه نفيا وقال بتصميم :
- اسف يا مدام أنا مصمم على الاستقاله ..
لمعت عينيها بالدموع وهى تحاول الوصول لنقطة أتفاق قائلة :
- طب اسمع بس يا عمرو خاليك فى الشركه وانا اوعدك انى مش هتكلم معاك تانى كلام يضايقك او يحسسك أنك بتعمل حاجه غلط
نظر لها بترقب وهو يقول :
- مقدرش .. مينفعش أحط نفسى فى الفتنه وأقول انا جدع وقدها وقدود
ابتلعت ريقها وقالت بتماسك :
- طب يا عمرو لو فى شغل بعيد عنى تقبله ؟
قال بشك :
- شغل ايه
ابتسمت بتوتر وهى تقول :
- شركتنا داخله شراكه مع شركة سياحة هنبنى فندق سياحى فى مكان جديد اسمه وادى الريان هنبقى أول فندق فى المكان ده ..المشروع ده ضخم ياعمرو وهيطلعلك منه مكفأة حلوه اوى ممكن تبدء بيها حياتك العمليه وتفتح شركة هندسة صغيره كده على قدك ... ها قلت ايه
صمت قليلاً يفكر فى الامر فقالت :
- متقلقش مش هتبعد عن بيتك كتير هتنزل أجازه يومين فى الاسبوع تلات شهور والمشروع يخلص مش كتير يعنى بالنسبة لشغلك
نظر إليها بتسائل وقال :
- وأشمعنى أنا اللى عاوزانى اشتغل المشروع ده .. ليه مدتيهوش لنادر ولا حد تانى غيرى
عقدت ذراعيها وقالت بخفوت :
- مش هينفع اجاوبك علشان وعدتك انى مش هقولك كلام يحسسك انك بتعمل حاجه غلط ها فهمت ولا اقول بصراحه ؟
صمت قليلاً يفكر ..وجدها فرصة من الممكن يبدء بها حياته بعيدا عنها وعن فتنتها وستضمن له مستقبل جيد بالحلال وأخيرا خرج عن صمته قائلا :
- موافق ... بس محتاج شوية وقت علشان عاوز اتابع موضوع صحابى اللى حضرتك مهتمتيش بأمرهم
ابتسمت وقالت بثقة :
- متقلقش هيخرجوا قريب .. اللى خرجوك هيخرجوهم ..هما بس معرفوش يطلعوهم معاك بسرعه علشان واحد فيهم متوصى عليه جامد والتانى أُعتقل قبل كده ..استدار عمرو بإنفعال قائلا :
- معرفتيش مين اللى وصى عليه بالطريقة دى
تناولت خصلة من شعرها تلفها حول اصبعها وقالت بإستغراب :
- الحقيقة عرفت بس مستغربه اوى
قالت كلمتها الاخيرة ثم توجهت لمكتبها وجلست خلفه وهى تنظر اليه بتأمل وهو يقول متلهفاً :
- مين .. مين اللى عمل كده
مطت شفتاها وهى تقول ببطء :
- مراته
توجه نحوها وأتكأ على المكتب بقبضتيه وهو يقول منفعلاً :
- مرات مين
رفعت حاجبيها وقالت :
- مرات صاحبك المحامى ده
أتسعت عينيه وهو يردد بذهول :
- دنيا
رفعت كتفيها بحيرة وهى تقول :
- مش عارفه ..كل اللى عرفته ان مراته هى اللى بلغت عنه وحطت اساميكم معاه
هتف صائحاً بغضب :
- انتى متأكده من الكلام ده
مالت للأمام وقالت بثقة :
- طبعا يا عمرو المعلومه دى من فوق اوى
تركها وخرج مهرولا للخارج والغضب يعتمل فى صدره والغريب أنه لا يدرى لماذا تفعل زوجة بزوجها هذا مهما كانت بينهما خلافات ومشاحنات كيف تستطيع أن تفعل به ذلك ما الداعى إذن.. ما الداعى...!!!؟؟
****************************************

هبت أم فارس واقفة وهى تهتف به مستنكرة :
- بتقول ايه يا عمرو انت اتجننت ولا ايه
وضعت مُهرة يدها على فمها فزعاً وهى تحدق به وهو يقول :
- زى ما بقولك كده يا خالتى اللى جابلى المعلومه هو اللى خرجنى من هناك قبلهم .. دلوقتى بقى انا عاوز أعرف ايه اللى يخلى زوجه تبلغ عن جوزها وعن صحابه كمان
جلست ام فارس هاوية وهى تقول بشرود :
- والله يابنى ما اعرف ..فارس مكنش بيحكيلى على حاجه خالص تخص حياته معاها
تدخلت عزة وهى تقول بحدة وغضب :
- علشان كده مكنش باين عليها الزعل ولا الخضه الحقيرة ...
كتمت مُهرة بكائها وهى تنظر اليهم غير مصدقة ما تسمع من هذه التى تعاشرة وتتعامل معه ثم تسىء عشرتها له بهذا الشكل الفج حتى وان ضاع الحب أين الانسانية أين الضمير كيف تجرؤ ...شعرت انها أنفصلت عنهم وجدانيا فى دوامة اخرى لا تسمع ولا ترى سوى أنفعالتهم امامها وكأنهم فى غرفة عازلت للصوت ... ظلت هكذا وأخيرا استطاعت أن تسمع هتاف عمرو وهو يقول :
- أنا هعمل المستحيل علشان أطلع تصريح بالزياره لازم اقابله واقوله على كل حاجه
لم تشعر بنفسها الا وهى تهتف برجاء قائلة :
- لا لاء حرام عليك مش كفايه عليه عذاب السجن كمان يعرف كده وهو مش عارف يتحرك ولا يعمل حاجه ولا قادر يعرف هى عملت كده ليه أنت كده هتزود عذابه
نظرت لها عزة نظرة متفحصة بينما قالت أم فارس :
- صح مُهرة معاها حق .. بس الله يخاليك يا عمرو تحاول تخالينا نزوره ..أحنا مش هنقوله على حاجه بس نزوره ونطمن عليه وحشنى أوى
هدأ عمرو قليلاً وجلس بجوار عزة قائلا :
- محدش يجيبلها سيرة اننا عرفنا حاجه ولو اتصلت كلموها عادى ... وأنا هروح للدكتور حمدى وهو ان شاء الله هيقدر يخالينا نشوفهم ونطمن عليهم
قالت أم فارس لوعة :
- ماهى قالتلنا انه تعبان وسافر يتعالج
نظر عمرو امامه بأشمئزاز وهو يقول :
- مش لازم نصدقها فى اى كلمه قالتها ..أنا هدور عليه بنفسى لحد ما الاقيه وبعدين ده اخو صاحبة الشركة اللى انا شغال فيها يعنى سهل أوصله ........

*****************************************

عاوزه أيه يا نورا أنا مش فايقالك ...
قالت دنيا عبارتها تلك وهى تستند الى ظهر مقعدها فى تأفف شديد بينما نظرت لها نورا بإستنكار وهى تقول :
- أنتى بتكلمينى كده ليه يا دنيا هو انا جايه اشحت منك وبعدين متنسيش أنى مديرة المكتب يعنى اسلوبك لازم يكون أحسن من كده معايا
ضربت دنيا سطح المكتب بعصبية وقالت بعصبية :
- مديرة على نفسك ..أنا يا ماما أبقى مرات فارس ودراعه اليمين هنا فى غيابه عارفه كده ولا لاء
عقد نورا ذراعيها بتحدى قائلة :
- الدكتور فارس مدانيش تعليمات بكده ولو حضرتك عاوزه تقعدى فى المكتب ده مكانه يبقى لازم هو اللى يقولى كده فى الاول
زفرت دنيا بقوة وقالت بتعالى :
- قولتلك مسافر مسافر أنتى ايه مبتفهميش
خرجت نورا مباشرة و صفقت الباب خلفها بقوة ودخلت مكتبها ..جلست خلفه بإنفعال وهى تضرب بأناملها بسرعه وتوتر وهى تمتم:
- أنا مش مستريحه ابدا للموضوع ده ..لازم الدكتور حمدى ياخد خبر


***************************************
بعد خروج نورا مباشرة من حجرة فارس التى أحتلتها دنيا زفرت بضيق وغضب ولملمت أوراقها الخاصه لتنصرف ولكن رنين هاتفها أستوقفها وجعلها تنظر الى الرقم الغير مسجل لديها بتفكير ولكنها قررت أن تجيب المتصل وقالت :
- مين
أجابها المتصل ببرود :
- أنا حسن يا أستاذه دنيا
عقد ما بين حاجبيها وهى تقول :
- حسن مين
أجابها بنفس البرود :
- انا حسن اللى كنت شغال فى مكتب الدكتور حمدى معاكوا وبعدين روحت اشتغلت مع الاستاذ باسم
أومأت براسها وقد تذكرته وقالت :
- خير يا حسن فى حاجه
- خير يا استاذه كل الحكايه أنى عاوز سلفيه صغير منك حوالى نص مليون جنيه بس
أتسعت عينيها وهتفت ساخره :
- أنت بتكلمنى علشان تهزر معايا ولا أيه
- أنا مبهزرش معاكى ولا حاجه انا بتكلم جد ودخلت فى الموضوع دوغرى
عقد حاجبيها بشدة وقد شعرت بالخوف وقالت :
- أتكلم على طول
- زى ما قلتلك كده نص مليون
قالت بجمود :
- مقابل أيه
- مقابل اللى سمعته بيحصل بينك وبين الاستاذ باسم يوم ما جيتيله المكتب بالليل لوحدك وخرجتى متبهدله من عنده ومقابل أنك أتفقتى معاه انك تودى جوزك فى داهيه علشان تقسموا انتوا الاتعاب سوا وتهبروا الملايين لوحدكوا.. ها كده كفايه ؟
أتسعت عيناها وصاحت يه بغضب وسبته بشدة رافضة أبتزازة لها ثم قالت:
- وشوف بقى هيحصلك أيه من باسم لما يعرف انك كنت بتجسس عليه

ضحك حسن متهكما وهو يقول :
- بمنتهى البساطه لو قولتى لباسم هفضح حكاية التزوير اللى عملتوها فى القضيه
صاحت متهكمةً :
- شوف يا بابا أنت ..انا مش هجيب سيرة لباسم علشان بس أنا مبحبش أذى حد لكن تنسى حكاية الفلوس دى خالص واللى انت بتهددنى بيه مرمى فى المعتقل ولو ضايقتنى تانى هتحصله .. قالت كلمتها وأغلقت الهاتف بشدة وعنف
نظر حسن الى الهاتف وقال بغضب :
- ماشى يا استاذه لما نشوف .....

************************************
ضحك باسم ضحكات رنانة فى ذلك المكان العام المُطل على كورنيش النيل ثم قال :
- بقى فى حد فى الدنيا يقعد يتكلم فى قضيه على البحر كده معقول لسه بتخافى مني ده أنتى قلبك اسود أوى يا شيخه
مالت للامام وقالت بإنفعال :
- وطى صوتك شويه يا أخى الناس بتبص علينا
هدأت ضحكاته أخيراً وتحولت ملامحه للجدية مباشرة ثم قال :
- خلاص خالينا فى المهم ... الجلسة اللى فاتت كانت جلسة أجراءات شكليه بس زى ما أنتى شوفتى كده مجرد تسجيل أوراق وحضور المتهم وكلام من ده
الجلسة بتاعة بكره هى اللى لازم تبدعى فيها لازم تترافعى وأنتى واثقه من نفسك وعارفه بتقولى ايه ,, فاهمانى
أومأت برأسها بأنصياع وهى تقول :
- فاهمه ..هاخد المذكره اللى كتبتهالى دى أحفظها صم من النهارده لبكره
أخذ رشفة من القهوة التى وضعت أمامه وقال :
- برافوا عليكى ..عاوزك تصميها صم
نظرت اليه نظرة خاطفة ثم قالت :
- طب ممكن تدينى فكرة صغيره بس علشان تسهل عليا حفظها
تناول أخر رشفة قهوة من الفنجان ثم أزاحه جانباً وقال شارحاً:
- شوفى يا ستى دلوقتى المتهم أنكر معرفته بيها اصلا وقال أنها هى اللى ظهرت قدامه فجأة وملف القضية مفيهوش أقوال الشهود ولا محضر أثبات الواقعة الاصلى اللى عمله ظابط الشرطة .. اللى موجود دلوقتى قدام القاضى محضر الشرطة اللى أحنا مظبطينه واللى بيقول نفس كلام المتهم وده اللى بيثبت خطأ المجنى عليها وأنها هى اللى أندفعت فجأة قدام السيارة و المتهم مقدرش يتفاداها ... وده كان السبب فى موتها .. ومحامى المجنى عليها معهوش الورقة الاصليه اللى بثبت ان الحادثة كانت مقصوده ولا حتى صوره منها
ثم ظهرت نظرت خبيثه على جانبى شفتيه محاها سريعاً وهو يقول :
- وفى الحاله دى المحكمة مش هيبقى قدامها حاجه غير أنها تحكم بالبراءة ..

******************************************
نهض الدكتور حمدى من مقعده وهو يتناول مفاتيح سيارته ويقول ل عمرو مسرعاً :
- تعالى معايا يا بشمهندس
توجها الى المكتب مباشرة بعد ان علم من عمرو ماذا حدث لفارس وماذا فعلت دنيا والبلاغ الذى قدمته ضده فى مباحث أمن الدولة وأكدت له أخته ألهام ماحدث وما عرفته من معلومات ...
تفاجأ جميع المحامين بدخول الدكتور حمدى بصحبة عمرو ..أبتسم البعض وغضب الاخر وهم ينظرون اليه وهو متجه لمكتبه فى عجلة من أمره ..فتحه بقوة متوقعا وجودها ولكنه لم يجدها ...
حضرت نورا فورا ونقلت بصرها بينهما بقلق بينما قال الدكتور حمدى بغضب :
- ليه يا نورا مكلمتنيش لما فارس أختفى فجأة كده
حدقت به بقلق وهى تقول :
- أختفى أزاى يا دكتور دى مراته قالتلى أنه مسافر
قال عمرو بحنق :
- مسافر .. اه يا بنت ال .. ولا بلاش ابوها كان راجل غلبان
هز الدكتور حمدى رأسه بقوة غير مصدق ما حدث فى غيابه وقال لها :
- لا يا نورا فارس مش مسافر ..فارس فى المعتقل ومراته هى اللى بلغت عنه وقدمت شكوى بالكذب ضده
عقد حاجبيه بغضب ثم قال لها محذرا:
- البت دى لو دخلت المكتب تانى تطردوها فورا فاهمانى ولا لاء
أومأت براسها موافقة وقد لمعت الدموع فى عينيها وقالت :
- طب ليه تعمل فى جوزها كده
نظر عمرو للدكتور حمدى وقال :
- طب وموضوع فارس والدكتور بلال هنعمل فيه أيه
شبك الدكتور حمدى يديه وهو يستند الى المكتب قائلا :
- الاول نعمل تصريح لوالدته تطمن عليه وتشوفه وبعدين نشوف هنعمل ايه علشان نطلعه منها هو وصاحبه
****************************************

بكت مُهرة بقوة وأنسابت الدموع فى عينيها وهى بين ذراعى أم فارس التى قالت:
- خلاص بقى هدى نفسك شويه ..والله يا بنتى كان على عينى كان نفسى تيجى معايا بس عمرو بيقول مينفعش غير للقرايب بس
أنسابت دموعها أكثر وهى تقول :
- كان نفسى اشوفه حتى من بعيد من غير ما أكلمه
مسحت أم فارس على راسها وتمسح دمعها بيدها وتقول :
- أنا هقوله أنك بتسلمى عليه وانك كنتى عاوزه تيجى
هتف عمرو فى عجلة منه :
- يالا بقى يا جماعه لازم نتحرك دلوقتى الدكتور حمدى مستنينا بالعربيه تحت
تشبثت مُهرة بها وهى تقول برجاء :
- طب مش هدخل هستنى بره
نظرت لها أم فارس بإشفاق وقالت لعمرو :
- مينفعش يا عمرو يابنى تيجى معانا وتستنى بره
مطت عمرو شفتيه وهو يقول :
- ماهو انا كمان هستنى بره ..طيب يالا تعالى معانا ..قولتى لوالدتك
أومأت براسها وهى تقول :
- ايوا قلتلها... ثم أندفعت للداخل وهى تقول :
- ثوانى هجيب حاجه وأطلع على طول
دخلت مُهرة فتحت مكتبه وأحضرت أحد الصور لهما معاً وهى طفلة صغيرة ... ينظران الى بعضهما البعض ويخرج كل منهما لسانه للآخر بشغف طفولى ... وأخذت قلما وضعتهما فى حقيبتها وخرجت على الفور هاتفه :
- أنا جاهزة يالا بينا
نزلت خلفهم تهبط الدرج بسرعة ...أتصطدم عمرو بعلاء الذى كان صاعدا إليها .. وقال :
- معلش يا كابتن مخدتش بالى أصلى مستعجل
نظر له علاء بريبة وقال :
- هو مش أنت كان مقبوض عليك برضه طلعت أمتى
تغيرت نظرت عمرو له وقال بلهجة عدوانية :
- متكلم كويس يا اخى طب قول حتى حمدلله على السلامه
نظر له علاء نظرة متعاليه ثم نظر لمُهرة قائلا :
- أنتى رايحه فين مش أنتى عارفه أنى جاى دلوقتى خارجه كده على فين
نظر له عمرو بغضب ثم نظر الى مُهرة قائلا :
- خلاص يا مُهرة خاليكى أنتى يالا سلام
هتفت مُهرة وهى تستوقف أم فارس وتمسك بذراعها قائلة :
- لاء .. أنا جايه معاكوا
اشار لها علاء بالصعود قائلا :
- تروحى معاهم فين أتفضلى على فوق
تدخلت أم فارس قائلة له برجاء :
- معلش يابنى علشان خاطرى سبها تيجى معانا دلوقتى وابقوا أتكلموا بعدين ..
هبطت مُهرة درجة من السلم فتقدم نحوها يحذرها قائلا:
- بتكسرى كلامى يا مُهرة أنا اقولك أطلعى وانتى تنزلى معاهم عادى كده
نظرت له بتحدى وقالت :
- ايوا بسمع كلامهم اصل انا مش زيك عايشه علشان نفسى وبس مرضتش تتوسطلهم وتدخل اهو ربنا وجدلهم اللى يدخل ومن غير احنا منعرف اصلا
نظر لها نظرة ناريه وقال :
- لو كسرتى كلامى ونزلتى معاهم وسبتينى هطلقك ومش هسأل فيكى تانى فاهمانى
تدخلت أم فارس وقالت لها :
- خلاص يابنتى أطلعى مفيش داعى للمشاكل
هزت مُهرة راسها بعنف ونظرت له بتحدى وهبطت درجات السلم بثقة
وهى تقول لأم فارس :
- يالا بينا يا ماما هنتأخر
مرت بجواره وهو مصدوم من رد فعلها كان متوقع أن تهديده سيأتى ثماره معها وسترجع معه رغماً عنها ..شعر بالغضب الشديد واستدار اليها وهى تهبط درجات السلم امام نظرات عمرو وأم فارس المصدومه فناداها بغضب شديد ..ألتفتت إليه ببرود فقال بجمود :
- أنتى طـالـق
أبتسمت وكأنها لم تسمع شيئاً نظرت لعمرو وأم فارس قائلة :
- يالا يا جماعه هنتأخر

تحركت السيارة فى أتجاه حلوان نحو سجن طرة ... جلست مُهرة فى السيارة فى الخلف بجوار أم فارس وأم بلال وعمرو فى المقدمة بجوار الدكتور حمدى الذى كان يجلس خلف عجلة القياده وهو عاقد جبينه فى تركيز محاولا التفكير فى مخرج ما لتلميذه النجيب الذى طالما أعتبر نفسه اباه واستاذه وموجهه ...
ساد الصمت على الجميع داخل السيارة .. حتى قال الدكتور حمدى .. خلاص يا جماعه كلها ربع ساعه ونوصل .. قال كلمته ونظر لعمرو الذى كان ينظر الى الطريق قلقا لا يعرف لماذا راوده هذا الشعور كلما اقتربت المسافه كلما أضطربت نبضات قلبه وكأنه يقترب من الموت كلما اقتربت المسافه كلما راى وسمع ما حدث داخل السجون ورآه بعينيه وسمعه باذنه ونجاه الله تعالى منه بقدرته ...
بينما فى الخلف أخرجت مُهرة الصورة الصغيرة من حقيبتها وقلبتها على الوجه الاخر الابيض وأخرجت قلمها وهى تنظر الى أم بلال وأم فارس وهما منهمكتان فى الحديث ... أخذت نفساً عميقاً وكتبت بخط صغير منمق يعرفه جيداً ..
- الحب الحقيقى هو الذى يرسم لك طريقاً تتلمس فيه ..أجمل الذكريات ..أفضل العطاء .. حُسن الاخذ .. سكن البُعد ...مودة القرب ... فإن لم تجد فيه غير الشقاء فاعلم أنه ألم متنكر .. أنزع عنه قناع الحب وأتركه وارحل ...بلا اسف ...
أمضاء
الفارس الصغير
--------------
الفصل الثامن والعشرون
----------------




عانق كل منهما والدته فى لهفة وشوق كبيرين وقبلا راسيهما وأيديهما بدموع العيون ..كانت كل منهما تنظر إلى ولدها غير مصدقة أن الله سبحانه وتعالى قد مد فى عمرها حتى رأت ولدها حى يرزق من جديد .. كان العناق بالقلب والعيون أكبر شوقاً من عناق الاجساد .. جلسوا بجوار بعضهما البعض غير مصدقين هذه اللحظة التى جائتهم منحة من الله عزوجل فى عز أزمتهم المظلمة بين جدران السجون ... صافح الدكتور حمدى ، بلال ، وهو ينظر إليه بإعجاب شديد بينما ربت على كتف فارس مشجعاً وهو يقول بتاثر :
- أنا عارف أنك راجل يا فارس وهتتحمل الازمة اللى بتمر بيها وهتخرج ان شاء الله انت وصاحبك قريب أوى
أومأ فارس برأسه ممتناً وهو يقول :
- متشكر أوى يا دكتور على اللى عملته معانا
ربت حمدى على يديه وهو يشد عليها قائلا:
- هو أنا لسه عملت حاجه يا راجل ...أجل الكلام ده لما تطلعوا ان شاء الله من هنا
مال بلال على والدته قائلاً :
- عبير والولاد عاملين ايه يا ماما ... كويسين ؟
عانقت يدها يده وهى تقول بإشفاق :
- كويسين يابنى وزى الفل متقلقش عليهم أبداً .. وبيسلموا عليك أوى وعبير بتقولك رسالتك وصلتها وأنت كمان وحشتها أوى ومستنياك على نار
شرد قليلاً وهو ينظر امامه بوجوم قائلاً :
- وحشونى اوى ..... ثم أعاد النظر اليها قائلاً :
- كلكوا وحشتونى أوى يا أمى
لمعت الدموع فى عينيها وهى تقول :
- عبير كانت عاوزه تيجى معانا بس أنا مرضتش أجيبها معايا علشان عارفه رايك فى الحكايه دى كويس
قبل يدها وقال بحنان:
- كويس يا أمى أنك عملتى كده أنا محبش مراتى وولادى يجوا مكان زى ده ولا حد من اللى هنا عينه تقع عليها
نظر الدكتور حمدى لفارس وقال بأهتمام:
- فى حد حقق معاكوا يا فارس
هز فارس رأسه نفياً وهو يقول :
- لا يا دكتور مشوفتش أى محقق خالص من ساعة ما روحت أمن الدوله لحد دلوقتى ..
ثم مال عليه قليلاً وقال :
- مفيش غير واحد صاحبى ربنا بعته لينا هناك وهو اللى جابنا هنا من كتر خوفه علينا من اللى كان هيحصلنا هناك
نقل الدكتور حمدى بصره بين فارس ووالدته وقال موجهاً حديثه لفارس :
- هو أنت فى عداوة بينك وبين حد معين يا فارس
أعتدل فارس وهو يفكر بتركيز شديد ثم قال :
- أنت عارف شغلنا يا دكتور ممكن يبقالك أعداء مش راضين عن طريقة شغلك لكن حتى لو فى عداوة معتقدش حد يفكر يبهدلنا بالشكل ده
نظر الدكتور حمدى لوالدته نظرة ذات معنى ثم قال :
- غريبة
حاولت أم فارس تغير مجرى الحديث قائلة :
- على فكره عمرو ومُهرة بره وبيسلموا عليكوا أوى
نظر بلال إلى أم فارس قائلاً :
- أيه ده بجد وعمرو جاله قلب يرجع هنا تانى
نظر له فارس وأبتسما سويا فى وقت واحد ولكن فارس تغيرت ملامحه وأنتبه فجأة وهو يلتفت لوالدته متفاجأً
وقال :
- وأيه اللى جاب مُهرة هنا يا ماما إزاى تجيبيها معاكى يا ماما بس
تابع بلال الحديث بأهتمام عندما قالت أم فارس :
- والله يابنى أنا وعمرو غلبنا فيها وأتحايلنا عليها كتير تستنى فى البيت بس هى اللى كانت مصممه تيجى تشوفك وتطمن عليك حتى لما عرفت أنها مش هينفع تدخل علشان مش من قرايبك برضه صممت تيجى وقالت هستناكوا بره ..
ثم نظرت إليه نظرة ذات معنى وهى تقول :
- حتى علاء معرفش يمنعها
ألتفت بلال الى فارس الذى ظهر الضيق على وجهه وهو يقول :
- مكنش ينفع تيجى يا ماما كان لازم انتى اللى تمنعيها مش الواد اللى اسمه بتاع ده
أبتسمت والدته وهى تقول قاصدة :
- اذا كانت مخافتش من تهديده بالطلاق وصممت تيجى معانا حتى لما طلقها ولا همها حاجه ونزلت وسابته واقف يرن
عقد فارس ما بين حاجبيه وهو ينظر فى عينيها التى كانت تحمل معانى كثييرة وقال ببطء :
- طلقها .... ؟!!
نظرت الى عينيه وهى تقول :
- ايوا طلقها ... ثم قالت مؤكدة :
- كل ده علشان تجيلك
ألقى بلال نظرة سريعة على فارس ثم أعاد راسه الى والدته وأكمل حديثه الخاص معها تاركاً فارس فى حيرته ...أمسكت والدته يده بشكل تلقائى حتى لا يلاحظ أحد ووضعت الصورة المطوية فى راحت يده ثم همست له وهو ينظر ليده بدهشة :
- وباعتالك الصورة دى
قبض فارس على الصورة المطوية داخل قبضته ثم تابع حديثه مع الدكتور حمدى بشكل طبيعى ولكن عقله كان يعمل فى أتجاه آخر ...

*******************************************
أنتهت الزيارة وتفرق الاحرار فمنهم من خرج لعالمه ومنهم من عاد لجدران سجنه الكئيبة ... جلس فارس على فراشه وأخرج الصورة من راحته وفتح طياتها بهدوء ...نظر الى الصورة وأبتسم ..كانت ملامحهما المشاكسة فى الصورة كفيلة بجلاء صدرة من أى هم وحزن يعتمل به... طفلة وصبى يتشاكسان بطريقتهما الخاصة ... أتسعت ابتسامته وهو يتأمل فى الصورة ..
جلس بلال بجواره وهو ينظر لأبتسامته الواسعة التى أحتلت شفتيه ثم مال عليه وقال بخفوت :
- مش هتقرى الرساله اللى ورا الصورة دى
قلب فارس الصورة على الجانب الابيض منها ومرر عينيه بين سطور كلماتها وهو يتمتم هامساً بما خطت يدها الصغير ...قرأها مرة ثانية وثالثة فى صمت ما إن تصل عينيه إلى آخر كلمة فيها حتى تعود إلى أولها من جديد محاولاً فهم ما بين سطورها بصعوبة شديدة
وضع بلال يده على ذراع فارس وهو يقول بخفوت :
- ها يا فارس
رفع رأسه إليه وقال بعينين حائرتين :
- نعم
أقترب بلال منه أكثر وقال هامساً:
- أنت قولتلى من كام يوم أنك هتنفصل عن مراتك بس مقولتش أيه السبب ساعتها
حاول فارس أستجماع شتات نفسه الحائرة وهو يقول:
- مشاكل يا بلال ... مشاكل مالهاش دوا ومش هينفع يبقى ليها حل غير الانفصال وعموما أحنا متفقين على كده من زمان وهى موافقة ومرحبه كمان .. الموضوع منتهى خلاص
نظر بلال الى عينيه بعمق وقال بجدية :
- مُهرة ليها علاقة بالمشاكل دى ؟
رفع فارس حاجبيه متعجباً من سؤاله وهو يقول :
- وأيه علاقة مُهرة بالموضوع ده
حرك بلال راسه بلامبالاة وهو يقول :
- يعنى ممكن تكون مراتك أصلاً مضايقة من أهتمامك بمُهرة وأهتمام مُهرة بيك
تبسم فارس ساخراً ثم قال :
- لالا الموضوع مش كده خالص الحكاية أكبر من كده بكتير
ثم نفض رأسه وهو يقول بثقة :
- وبعدين يعنى أهتمامى بمُهرة شىء عادى ده انا اللى مربيها وهى بتعتبرنى مثلها الاعلى فى الحياة
نظر الى التوقيع واشار إليه بأصبعه وهو يقول له :
- شايف موقعه أيه تحت ... الفارس الصغير
أبتسم بشرود وهو يقول بإعجاب :
- طول عمرها بتحب تقلدنى من وهى عندها سنتين
وأردف ضاحكاً وهو يكمل حديثه :
- عارف يا بلال لما بقى عندها تلات سنين كانت بتشد التيشرت بتاعى من دولابى وتقعد تلبس فيه ساعه لحد ما تنجح تلبسه فى الاخر ويبقى طويل عليها وتقعد تتكعبل بيه وهى ماشيه ..وتبسم ضاحكاً وهو يقول :
- أصلها طول عمرها أوزعه ... وبرضه مكنتش بتحرم أبدا ترجع تاني تلبس قمصانى وهدومى
أبتسم بلال رغماً عنه بتأثر وهو يخفى ضحكاته الخافته ويستمع الى نبع ذكرياته المتدفق قائلا:
- مفيش يوم كنت برجع فيه من بره الا وألاقيها واقفالى على السلم مستنية العسليه والحلويات بتاعتى
ألتفت الى بلال وهو يقول مؤكداً:
- ولعلمك هى رغم حبها للحلويات والعسلية لكن عمرها ماخدتها من حد غيرى ابداً
ثم شرد مرة أخرى ناظراً للفراغ وقال :
- هى كده على طول فى كل حاجه .. مبتسمعش كلام حد غيرى مبتستناش هدايا غير مني عمرها ما فرحت بهدية قد ما تكون هدية انا اللى جايبهالها علشان كده لما كانت تعبانه بعد ما أتجوزت دنيا كل اللى فكرت فيه ساعتها أنى أجيبلها هدية علشان افرحها بيها ... ساعتها مجاش فى بالى خالص أنى مينفعش أجيبلها هدية دلوقتى كل اللى كان فى بالى أنى أدخل السعادة على قلبها وبس ...
ظهر الضيق على ملامحة فجأة وقال حانقاً :
- المره الوحيدة اللى مخدتش رأيى فيها فى حاجه تخصها هى المره اللى وافقت فيها على الواد اللى اسمه علاء ده .. ومش عارف ليه عملت كده .. يمكن بقى أتكسفت مش عارف
حرك بلال رأسة بتعجب شديد ومال للأمام وهو يضع يده على الصورة بين يدى فارس قائلاً:
- أنا مش عارف أزاى راجل ناضج زيك عنده 28 سنة ومش قادر يحكم على مشاعره ويفهمها صح ..
ونظر إلى عينيه بثقة واردف قائلاً :
- شوف يا فارس أنا واخد بالى من الحكاية دى من ساعة ما مُهرة تعبت يوم جوازك وأنت مكنتش عاوزنى أدخل أشوفها ولا أنا ولا الدكتور اللى كان معايا ومن ساعة ما كانت واقف قدام قاعة المناسبات وعروستك قاعدة فى العربية مستنياك وأنت مش عاوز تسافر وتسيبها تعبانه لوحدها .. وحكاية ضربك لعلاء على السلم مكنش علشان شوفته بيتعامل معاها وحش وبس لاء ..قال كلمته الاخيرة ونظر بعمق داخل عينيه وهو يقول :
- أنت كنت غيران منه ومستنى أى فرصة علشان تعمل فيه كده وتفش غلك فيه ..
أتسعت عينيى فارس وهو يستمع الى بلال الذى تابع قائلاً :
- وأنا من وقت ده ما حصل وأنا كنت بفكر أقولك بس كنت متردد أنى أفتح معاك الموضوع ده .. أولا لانى مكنتش أعرف حكاية الطلاق اللى أنت ومراتك كنتوا متفقين عليها دى وخصوصا كمان أنها مجاتش النهارده مع والدتك وأنت مسألتش عليها كمان .. ثانياً أنها كانت وقتها متجوزه هى كمان ومكنش ينفع بأى حال من الاحوال نجيب سيرة واحدة متجوزة فى كلام زى ده ... رغم أنى كنت متأكد من مشاعرها ناحيتك ...
هتف فارس قائلاً بحيرة ممزوجة بلهفة واضحة :
- يعنى أيه عرفت مشاعرها ناحيتى وعرفت أزاى ومن مين
أبتسم بلال وهو يرفع حاجبيه قائلاً :
- هقولك يا سيدى .. يوم فرحك لما كانت تعبانه وسخنه وانا دخلت أشوفها هى حمى ولا سخونيه عاديه ..كانت بتهلوس باسمك وبتقول متسبنيش يا فارس بس صوتها مكنش باين وأمها من كتر العياط اللى كانت بتعيطه مكنتش واخده بالها لكن اللى أنا متأكد منه أن والدتك خدت بالها هى كمان زيى بالظبط ...
أخذ بلال نفساً عميقاً يملىء به رأتيه وقد شعر أنه بلغ جهداً مضنياً وهو يحاول أن ينتقى كلماته وفى نفس الوقت يقرأ ملامح فارس وردود فعله السريعة الواضحة التى كانت تظهر عليه على اثر كلماته ثم زفر ببطء وقال :
- وأظن بقى بعد ما كل اللى حصل ده وبعد ما هى أطلقت وأنت كمان هتسيب مراتك زى ما قولتلى يبقى مينفعش بعد كده غير الحلال ..
شد على يده وهو يقول بجدية :
- عجل بالحلال يا فارس أول ما تخرج من هنا إن شاء الله ...أنا لولا أنى عارفك وعارف أخلاقك أنا مكنتش قلتلك كل ده وكنت خفت عليك من تصرفاتك ومشاعرك معاها.. لكن انا علشان عارفك كويس وعارف أنت هتعمل أيه لما اصارحك بمشاعرك دى ..قولتلك ونبهتك وعارف أنك هتاخد الخطوة الصح
نظر فارس لبلال بدهشة وهو يتابعة بعينيه وبلال ينهض واقفاً ويقول مداعباً :
- أصلاً أنتوا بصراحه حالتكوا صعبه أوى أنتوا الأتنين مينفعش فيها غير الحلال
تركة بلال وأتجة إلى فراشة وفارس مازال يتبعه بعينيه فى حالة ذهول شديدة يقاومة عقلة بشدة وهو يتردد داخلة كلمات بلال ..
خفض رأسة إلى الصورة مجدداً ومرر عينية على حروفها ثانيةً لتتسلل إلى عقلة وتفتح أبوابة المغلقة ليهرع قلبة إلى أجراس عقلة يدقها فى صخب عنيف منادياً مستصرخاً ثائراً قائلاً:
أيا عقلى فصدقه حبيساً بين قضبانى ... أنا المسجون لو تعلم وأنت الآن سجانى
ضممتُ حبيبتى دوماً سنيناً بين جدرانى .. فكيف الآن تأمرنى بكبح جماح وجدانى
فدعنى أنطلق شوقاً إلى سكنى وعنوانى ... ودعنى أرتوى عطشاً وأسكن نهر بستانى
فلا تعجب على قلبٍ كنتُ أظنه ينسانى ... فرسم اليوم لى نبضاً فأصبح كل ألحانى
و خط اليوم لى شعراً فأطربنى وأشجانى ...وأرسل لى بصورتة فأيقظنى وأحيانى

**********************************************
صُفعت صفعة قويةً أردتها إلى صدر أمها وهى تبكى بشدة ووالدها يصرخ بها مهدداً :
- أطلقتى يا مُهرة ..أتطلقتى .. وعلشان أيه علشان عاوزة تمشى كلامك على جوزك علشان دماغك ناشفة وعاوزة تتكسر ستين حته ..أنا بقى هكسرلك دماغك دى وهرجعك لعلاء غصب عنك
هتفت أمها باكيةُ وهى ترجوه قائلةً :
- مش كده يا ابو يحيى حرام عليك البت هتموت فى أيدك
صرخت مُهرة وهى تشهق بقوة وتلتقط أنفاسها بصعوبة:
- مش هرجعله حتى لو قطعتنى مش هرجعله حرام عليك يا بابا أنا بكرهه بكرهه حرام عليك
جذبها من شعرها إليه بقوة جعلتها تصرخ بشدة من الالم ونظر الى عينيها بتحدى هاتفاً بغضب :
- ماهو يا ترجعيلة يا هحسبك هنا فى البيت ..مش انتى أمتحاناتك بعد كام يوم .. مفيش دروس ولا مراجعات ولا خروج ولا أمتحانات كمان ولا مدارس تانى وأبقى شوفى بقى دماغك الناشفه دى هتوديكى لفين ..لم يكتفى بألقاء توعده لها فقط وأنما ألقاها هى الاخرى بعنف وقوة جعلتها ترتطم بالجدار لتسقط مغشياً عليها فى الحال ...

****************************************
كانت الساعة الثامنة صباحاً وبدت قاعة محكمة الجنايات خاوية إلا من بعض المنتظرين لقضاياهم التى سوف تُنظر اليوم .. وكان من بين هؤلاء الأستاذ أسامة محامى المجنى عليها الذى جلس فى الصف الأمامى وقد شرد بعقلة قليلاً وهو يتذكر اليوم الذى دخل فيه على سكرتير المحكمة وأطلع على أوراق القضية وقام بتصويرها وقد أكتشف أن محضر الشرطة تم تزويرة ومن بينهم اقوال الشهود حول الحادثة وقد تأكد لدية دون شك أنه تم تزويرة عمداً ولكنه تأكد ايضاً أن لكل مجرم لابد أن يترك خلفه أثراً ما يدل على جرمه وأبتسم ابتسامة أنتصار وقد وقعت عينيه على مقدمة محضر تحقيقات النيابة أو صدر محضر تحقيقات النيابة كما يقولون والذى كانت هناك فيه جملة تشير إلى الأقوال الحقيقة للشهود ولكن المزور لم يلتفت إليها ...
أستفاق من شروده على صوت والد المتهم وهو يحادث دنيا بنبرة قلقة مضطربة وهو يقول لها :
- أومال فين الاستاذ فارس يا استاذة مش قلتى انه هو اللى هيحضر ويترافع
قالت دنيا بفتور وهى تجلس أمامه وبجوارها وائل وتقول :
- الأستاذ فارس تعب جدا أمبارح بالليل ومكنش ينفع خالص أنه ينزل النهاردة وبعدين مالك حضرتك خايف كده ليه هو أنا هترافع من دماغى هو اللى كاتب المذكرة وأنا هقول اللى فيها وخلاص يعنى مش هجيب حاجه من عندى متخافش ...
قالت كلمتها وهى تنظر إلى الاستاذ اسامة محامى المجنى عليها وإلى لحيته نظرات ساخرة فظهرت على شفتيه ابتسامة متهكمةً وهو يهز رأسه سخريةً منها وهو يتمتم بخفوت :
- متآمر وأهبل ..الأتنين !!!!!
حضر القاضى وهيئته القضائية وبدأت وقائع الجلسة بأثبات حضور المتهم ودفاعة واثبات حضور المحامى الموكل عن المجنى عليها وسمحت المحكمة لمحامية المتهم بالحديث وبدأت دنيا فى سرد ما حفظته عن ظهر قلب من المذكرة التى اعطاها اياها باسم . حتى وصلت إلى نقطة أقوال الشهود وأكدت على أن اقوال الشهود أثبتت خطأ المجنى عليها وأنها هى المتسببة فى الحادث وعندما أنتهت من مرافعتها سمحت المحكمة بدفاع محامى المجنى عليها
وبدأ الأستاذ اسامة بمرافعته وقال بأن أوراق المحضر قد تم تزويرها وإخفاء أقوال شهود الإثبات وانه قد حدث تزوير متعمد فى أقوال الشهود .. ثم قدم الدليل الدامغ على صدق إدعائه بأن فجر قنبلته فوق رأس دنيا مباشرة حينما ذكر للمحكمة بأنه قد ورد في صدر محضر تحقيقات النيابة إشارة إلى أقوال الشهود الحقيقية المخالفة لأقوالهم الذي حواها المحضر المزور ...
وأثبت وقوع تناقض بين ما ورد في صدر محضر تحقيقات النيابة بخصوص أقوال الشهود التى تدين المتهم وبين المحضر المزور الذى بين يدى عدالة المحكمة الآن بخصوص أقوال الشهود التى تدين المجنى عليها بأنها هى المتسببة فى الحادث ...
وأكد على أنه قد تم أستبدال المحضر الحقيقى بآخر مزيف وطلب فى نهاية المرافعة إستدعاء ضابط الشرطة محرر محضر إثبات الواقعة وشاهدي الإثبات للإدلاء بأقوالهم وإستجوابهم بشأن الحادث ...
كما أكد على أننا أمام جريمة أخرى إنبثقت من داخل الجريمة الأصلية ألا وهي جريمة تزوير في أوراق رسمية
إستجابت المحكمة لطلباته وأجلت القضية أسبوعين لإستدعاء الضابط والشهود ...
وقعت المفاجأة مدوية على دنيا وزلزلت أركان خطتها كاملة وتبادلت النظرات الحائرة مع وائل وخرجت مهرولة من القاعة وهى تجرى إتصالا هاتفياً بباسم تستنجد به مما حدث .. أجابها باسم ببرود :
- ومالك قلقانه كده ليه مفيش مشكله ...أنا هجيبلك أرار الظابط ده هو والشهود وهبعت وائل يتفاوض معاهم زى ما حصل قبل كده ...
هتفت به وهى تتلفت حولها قلقاً :
- ونفرض بقى الظابط ولا حد من الشهود مرديش يغير كلامه ... أنت شكلك كده حاطط إيدك فى الميه البارده علشان اسمك بعيد عن كل حاجه
قال بثقة :
- اللى ميرضاش بالذوق هيرضى بالعافيه ..أنتى باين عليكى لسه متعرفنيش كويس .. بكره هبعتلهم وائل يخلص معاهم هما التلاته علشان نعرف مين معانا ومين ضدنا ونتصرف على الأساس ده
شعرت بالتوتر الشديد والخوف وهى تقول بإضطراب :
- يعنى أيه اللى ميرضاش بالذوق يرضا بالعافيه دى فهمهالى
صمت قليلا ثم قال بجمود أرعبها :
- هو بالظبط اللى أنتى فهمتيه ده مالهاش معنى تانى .. يا أما يحضروا ويقولوا اللى أحنا عايزينه يا اما تتقدم شهادات وفاتهم للقاضى ...
****************************************************
وضعت عزة رأسها على صدر زوجها وقالت بحزن :
- يا عمرو أنا مصدقت أنك رجتعلى بالسلامة تقوم تسيبنى وتسافر تانى
مسح على شعرها بحب وقال :
- مش سفر زى ما أنتى فاكرة يا حبيبتى ده أنا هاجى يومين فى الاسبوع وبعدين كلها كام شهر والفندق يخلص ونطلع بمبلغ كويس نبدأ بيه حياتنا
رفعت رأسها من على صدره ونظرت إليه وقالت بغيرة واضحه :
- طب وأشمعنى بقى صاحبة الشركة مهتمية بيك أنت بالذات بالشكل ده
نظر إليها وقال بحذر :
- تقصدى أيه
رفعت كتفيها وهى تقول بتبرم :
- قصدى أنها سألت عليك ولما عرفت اللى حصلك فضلت ورا الموضوع لحد ما طلعتك وطلعتك لوحدك كمان وبعدين قالتلك أن دنيا هى اللى بلغت عنكم وبعدين تديك شغل مهم وفيه فلوس كتيرة كده ..كل ده ليه ؟ !
مسح على وجنتها بظهر يده وهو يقول بمرح :
- أنت بتغير ولا أيه يا جميل
أمسكت بيده بين راحتيها وقالت بخفوت :
- أه طبعاً بغير مالها مهتمية بيك كده
ضحك ضحكة هادئة ونظر الى عينيها وقال :
- أنتى عارفه اللى بتغيرى منها دى عندها كام سنه ؟! وبعدين أنتى عارفه كويس أوى أن محدش بيملى عينى غيرك ..صح ولا لاء
نظرت إليه بشك وهى تقول:
- مش عارفه يا عمرو هدوئك ده مش مطمنى خالص
ضحك مرة أخرى وظهر عليه الاستمتاع بالحديث وهو يقول :
- ليه بس يا حبيبى
أستندت الى ظهر الاريكة وعقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت :
- أصل أنت من عوايدك يعنى أنى لما بقولك حاجه غلط بيبان عليك أنك مضايق وبتقعد تدافع عن نفسك لكن دلوقتى هادى كده زى ما تكون بتأكدلى أحساسى
ضرب كفاً بكف وهو يحرك راسه متعجباً منها وقال :
- والله أنتى مجنونة يا حبيبتى
نظرت إليه بدهشة فأومأ براسه مؤكداً وهو يقول بمرح :
- اه والله مجنونة صدقينى .. يعنى أنا أتعصب تقوليلى أنت عصبى وبتتخانق أبقى هادى وارد بهدوء تقوليلى هدوئك مش مريحنى ..اعمل فيكى أيه دلوقتى
نظرت إليه وقالت بجدية :
- شفت بقى أنت بتوهنى ازاى وبتهرب من الكلام
لف ذراعه حول كتفها وجذبها إليه وقال :
- طيب أنا هريحك .. أولا الست دى أكبر منى بكتير جدا ومتجوزة راجل أعمال و ملياردير ومديها الشركه دى تديرها بما أنها مهندسة يعنى وانا واحد من مئات المهندسين اللى شغالين عندها زيى زى غيرى ..كل اللى يميزنى أنها عارفه أنى أهم الدكتور حمدى أخوها علشان كده لما الاستاذ صلاح سأل عنى لما غبت وده طبيعى طبعا أى موظف يغيب لازم يعرفوا غايب ليه ... وعرف منك اللى حصلى قالها وهى علشان عارفه انى أهم الدكتور حمدى أدخلت فى الموضوع بمعارفها الكتير وطبعا كده ولا كده كانت هتعرف بموضوع دنيا والست كتر خيرها قالتلنا علشان ناخد بالنا منها ...أما بقى موضوع الشغل فترشيحها ليا للسفر فدى حاجه تشكر عليها هى عارفه انى فى بداية حياتى وعاوزه تخدمنى علشان خاطر أخوها برضه .. ها اقتنعتى ولا لسه ..؟
نظرت إليه بعيون غير مطمئنة ولكنها لم تجد ما تقوله .. أستطاع أن يسكتها ولكنه لم يستطع أن يقنع نفسه بما قال دارت الشكوك براسه مرة أخرى ولكنه نفضها جميعا عندما سمعها تقول :
- عمرو أنا بجد متشكرة اوى
التفت إليها متعجبا وهو يقول :
- متشكره على ايه
قالت بابتسامة رقيقة :
- علشان وافقت انى اروح لدكتورة واشوف موضوع الحمل ده اللى اتأخر ..
نظر أمامه بشرود ثم قال :
- أنا كنت غلطان يا عزة أنا كنت بفكر فى نفسى وراحتى وبس مفكرتش فى مشاعرك أنتى ورغبتك فى انك تبقى أم زيك زى أختك تمام ,, نفسك يبقى عندك ولاد كده زيها تربيهم وتهتمى بيهم وتشبعى غريزة الامومه فيهم ...لكن الحمد لله انى أنتبهت لخطأى ده بدرى ..اللى شوفته فى المعتقل ده خلانى اراجع أمورى فحاجات كتير أوى فى حياتى واحس انى تافه وانانى ومبفكرش غير فى نفسى
لاحظت عزة الوجوم الذى ظهر على قسمات وجهه وأحتلها بضراوة مما غير ملامحه كثيراً .. شعر باناملها تعبث بوجنته وهى تقول هامسة:
- أنا بحبك فى كل حالاتك
أبتسم وهو يلتفت إليها وقد عادت إليه روحه المرحه وقال :
- وبعدين الحمل متأخرش ولا حاجه أنا اللى مكنتش هنا
ضحكت بدلال وهى تقول :
- عمرك ما هتتغير أبداااااااا ......

****************************************

جلست أم فارس بجوار مُهرة على طرف فراشها وأخذتها بين أحضانها ومسحت على شعرها بحنان ثم نظرت الى والدها وقالت بغضب شديد :
- أنت أزاى تعمل كده فى بنتك يا ابو يحيى مش حرام عليك
لوح والدها بيده وهو يقول بعصبية :
- معلش بقى يا ست أم فارس دى بنتى وأنا حر فيها اضربها أموتها محدش له عندى حاجه
أطلت من عينيها نظرات غاضبة ولاول مرة تخرج عن شعورها وتتكلم بعصبية شديده وأخذت تهتف به قائلة :
- بنتك؟! .. تعرف ايه أنت عن بنتك .. بنتك دى أنا اللى مربياها كانت بتقعد عندى أكتر ما كانت بتقعد فى بيتك كانت بتلجألى وتحكيلى مشاكلها أكتر من أمها نفسها لما كانت بتتعب ونوديها للدكتور ويكشف عليها ويسألنا عن أسامى الادويه بتاعتها ولا تعبت أمتى أمها مكانتش بتعرف أنا اللى كنت برد مفيش دكتور روحناله الا لما افتكر أن أنا اللى أمها مش مراتك يا ابو يحيى .. ابنى كان بيعلمها ويوجهها ويذاكرلها وأنت حتى متعرفش هى فى سنه كام ... أنت كنت بتخرج الفجر ترجع بعد نص الليل وأمها كانت بتخرج بتشتغل علشان تكفى طلباتها هى ويحيى وكنتوا بتسيبوها لوحدها فى البيت وهى عيله لسه صغيرة أتربت فى حضنى وكبرت فى حضنى .. بكت أم يحيى كثيرا وهى تستمع لكلمات أم فارس ولقد كانت تعلم أنها محقة ..
تابعت أم فارس وهى تشير إلى مُهرة وتقول :
- بصلها كده بعد ما كبرت وبقت عروسه وشوف لبسها وأخلاقها وطريقة تعاملها مع الناس علشان تعرف أنى عرفت اربى صح وشوف كده لو كانت فضلت قاعده لوحدها وأنتوا سابينها مع اخوها وصحابه والمدرسين الرجاله اللى كانوا داخلين خارجين لما كان يحيى فى الثانويه العامه وشوف كانت ممكن يحصلها ايه ..
وكل ده وأنت بعيد متعرفش عنها حاجه ... ضمت مُهرة أكثر الى حضنها وهى تصرخ بهما ... حد فيكوا عمره سألها مالك .. حد فيكوا عمره عرف حتى أسامى اصحابها ايه واصحابها شكلهم أيه .. حد فيكوا عارف قلبها فى ايه بتحب ايه وبتكره ايه ... محدش فيكوا يعرف عنها زيى أنا ...
جاى دلوقتى وتقولى بنتى وأنا حر فيها أموتها واضربها أنا حر ..
وهبت واقفة بصرامة وجذبت مُهرة من يدها وأخذتها تحت ذراعها وقالت لهما بقوة لا تعرف كيف واتتها حينها :
- البت دى بنتى انا وهاخدها عندى ومحدش فيكوا هيقربلها والواد اللى اسمه علاء ده لو هوب ناحيتها هخلى عيال الشارع يطلعوه من هنا بفضيحة ..
جذبتها خلفها وهى تقول بحسم :
- يالا يا مُهرة
أنصرفت بها أم فارس أمام أنظارهم المبهوتة ينظران لبعضهما البعض وكل منهما يحاول أن يحمل الاخر مسؤلية أهماله وسوء تصرفه ...
*********************************************

أستطاع باسم الحصول على رقم هاتف الضابط محرر محضر القضية وأتصل بــوائل وأعطاه رقم هاتفه وطلب منه أن يقابله فى مكان عام ولا يذهب إليه فى قسم الشرطة ... بالفعل قام وائل بالاتصال بالضابط وأتفق معه على مقابلة سريعة فى مكان عام ...
ذهب الضابط لمقابلة وائل وجلس أمامه وهو ينظر إليه نظرات جامدة خاليه من أى تعبير وقال :
- خير يا استاذ وائل ايه الحاجه المهمه أوى اللى كنت عاوزنى فيها
نظر له وائل بخبث وحاول أن يتكلم بمرح قائلا :
- طب مش تقول حضرتك تشرب ايه الاول
أعاد الضابط كلامه مرة أخرى بنفس الملامح الجامدة وقال :
- خير يا استاذ وائل أنا سامعك
بحث وائل عن كلمات مناسبة وهو يشعر بالاضطراب الشديد برغم أنه له خبرة فى المساومة ولكنه يشعر برهبة غريبة أمام هذا الرجل وأخيرا قال :
- تخيل يا فندم عاوزين يضيعوا مستقبل شاب فى عز شبابه ويتهموه أنه كان يقصد يخبط البنت اللى عدت الشارع قدامه فجاة فى القضية اللى حضرتك كنت متابعها من شهر ونص تقريبا ..
عقد الضابط حاجبيه وهو ينظر الى وائل الذى قال بنبرة خبيثة :
- ده ابوه والله هيموت علشان يطلعه منها اصله متأكد من أخلاقه ومربية كويس أوى ومتأكد أن القضيه متلفقة للواد ... تخيل يا فندم عنده استعداد يدفع أى مبلغ للى يطلعه منها
شبك الضابط اصابعه امامه وهو يستند بمرفقيه على الطاولة وقال بهدوء :
- مش فاهم أنت عاوز ايه بالظبط
قال وائل مرواغاً :
- ولا حاجه يا فندم أنا قلت بس أنت أولى من غيرك فى المبلغ اللى ابو الواد المتهم ناوى يدفعه ده أصل حضرتك طيب وابن حلال
أستند الضابط بذقنه الى راحته ونقر بانامله على الطاولة وهو ينظر الى عينيى وائل وهو يقول ببرود :
- أنت مين يابنى اللى قالك عليا أنى بشهد زور
رجع وائل بظهره الى الوراء وابتلع ريقه وهو يقول :
- مين اللى قال زور يا فندم منا لسه بقول لحضرتك أن التهمه متلقفة للواد الغلبان ده
خبط الضابط على الطاوله بجديه فزعت لها نظرات وائل وارتعشت اوصاله وهو ينظر الى عينيه الصارمه وقال :
- على آخر الزمن عاوزنى اشهد زور ..أنت ايه يابنى مبتخافش من ربنا ولا ايه متعرفش عقوبة الشهادة الزور عند اللى خلقك ...
ابتسم وائل بصعوبة وهو يقول :
- تصدق أن حضرتك مش ناقصك غير الدقن وأنت بتكلم الكلام ده
هب الضابط واقفاً ومال للأمام وجذب وائل من ملابسه وقال وهو ينظر لعينيه بقوة قائلا :
- تعرف انى ماسك أعصابى عنك بالعافيه يابنى آدم أنت وهو اللى يخاف من ربنا لازم يبقى شيخ يا متخلف
ثم اشار الى ذقنه وهو يعتدل واقفاً ويقول :
- واذا كان على الدقن هتتربى ان شاء الله ..بس مش دلوقتى
تركه الضابط وأنصرف بحدة ووائل يتابعه بنظراته القلقة الخائفة وأخرج الهاتف على الفور وهاتف باسم وأخبره بما حدث ..فقال باسم :
- خلاص سيبك منه هو اللى عاوز يروح لقبره برجليه ... دلوقتى بقى تروح تقابل الشهود وتشوف مايتهم هما كمان وبعدين تبلغنى باللى حصل بينكوا بالظبط ..
قال وائل بارتباك :
- بس دلوقتى يا استاذ باسم نص الفلوس معاك هندفعلهم منين
قال باسم بابتسامه متهكمة :
- ملكش دعوه روحلهم بس واتفق معاهم وسيب الباقى عليا
****************************************************

حاول وائل اقناع الشهود بالاستجابه لطلبه واغرائهم بالمال ولكنهما كانا مذبذبين بشدة وقال واحدا منهما :
- يا استاذ وائل بقولك الراجل اللى اسمه اسامه المحامى بتاع البنت القتيله لسه نازل من عندنا قبل أنت ما تيجى على طول وهددنا أننا لو غيرنا اقوالنا ومقولناش الحقيقة هيفضحنا قدام المحكمة ويحبسنا بتهمة التزوير ....
مال وائل للأمام وقال بثقة :
- ولا يقدر يعملكوا حاجه أنتوا هتقولوا اللى شفتوه وضيق عينيه وهو يقول مؤكدا:
- مش كده ولا ايه
نظرا الرجلين الى بعضهما البعض بقلق وخوف وقال الاخر :
- طيب يا استاذ وائل سبنا نفكر فى الموضوع ده مع نفسنا
نهض وائل وهو يضع امامهم ارقام هاتفه وقال :
- كده نبقى متفقين .. تكلمونى بعد يومين علشان نقعد مع بعض ونتفق على كل حاجه
غادرهم وائل سريعاً وهو يبتسم بثقة وأغلق الباب خلفه ... نظر احداهما للآخر وقال :
- هنعمل ايه دلوقتى الراجل ده شكله شرانى أوى وفى نفس الوقت المحامى التانى هددنا بالحبس بتهمة التزوير ..
قال الاخر :
- طب وبعدين ...
وقبل أن يجيبه سمعا طرقاً على باب الشقة فنهض أحدهم وهو ينظر للآخر مترقباً وفتح الباب ونظر إلى القادم بتسائل ورهبة وهو ينظر الى حلته العسكرية وهو عاقداً ً ذراعيه امام صدره ويقول بهدوء
ولكن بلهجة صارمة :
- ها اتفقتوا على المبلغ ولا لسه ........
***************************************

وبعد أسبوعين مرتقبين كانت تجلس فى قاعة المحكمة وهى تنظر إلى أسامة محامى المجنى عليها يحمل وجهها قسمات أنتصار واثقة بعد أن أكد لها باسم أن الشهود سيغيرون أقوالهم و عدم حضور الضابط الذى يستند إليه محامى المجنى عليها فى أثبات جناية التزوير ..
بدأت الجلسة وأمر القاضى حاجب المحكمة بالنداء على الشهود الثلاث .... نظرت دنيا الى الاوراق امامها وهى تشعر بأن كل شى قد أنتهى فبمجرد أن يشهد الشهود بنفس الشهاده التى امام القاضى فى المحضر فسوف يحكم بالبراءة كما قال لها باسم ..وأخذت ترسم أحلام وردية فى دنياها الخاصة وترى اسمها يسطع فى سماء الشهرة كنجمة متلألأة بين النجوم ..ولكن شعرت بزلزال شديد يفتت أحلامها وينثرها لتسقط من السماء الى الارض فى خسف شديد وهو تستمع الى صوت الضابط الذى وقف امام المحكمة بهئيتة وقد القى عليها هى ووائل نظرة استخفاف ثم التفت الى القاضى قائلا:
- حاضر ..يا فندم
بدأ القاضى بسؤاله عن أقواله وبدا هو فى سرد الوقائع الحقيقة التى حدثت بالفعل وعندما ناقشة القاضى فى الاقوال التى بين يديه فى التقرير المزيف أجاب الضابط بالنفى وأنه لم يكتب هذا المحضر وأن اقوال الشهود فيه مزيفه عن الاقوال التى أدلوا بها من قبل ...
أنهى القاضى مناقشة الضابط ثم استدعى الشاهدين اللذان أكدا اقوال الضابط و أنكروا بشدة الاقوال الموجودة فى المحضر المزيف ... شعرا كل من دنيا ووائل بأن الارض قد ضاقت عليهما وأن السماء قد سقطت كسفاً على رأسها ودرات بها الدنيا وهى تهمس لوائل أن يقوم ويناقش الشهود ويحاول تضليل المحكمة
ولكن الصدمات تاتى تباعاً دائماً,, فجأة سمع الجميع هتاف هانى من خلف القضبان فى أنهيار شديد وبكاء حار وهو يعترف بجريمتة ويشهق كالنساء ويرتجف خلف قضبانه بعد ان أدلى باعتراف مفصل وظل يهتف صارخاً :
- مكنش قصدى اقتلها مكنش قصدى كل ده يحصل مكنش قصدى
سقطت دنيا مغشياً عليها عندما سمعت القاضى ينطق بالحكم قائلا:
- حضرت المحكمة حضورياً بالاتى :
أولاً : أحالة أوراق المتهم هانى عبد القادر سعيد الى فضيلة مفتى الديار المصرية
ثانياً : أمرت المحكمة بنسخ اوراق القضية وأرسالها إلى النيابة العامة لتحقيق فيها بتهمة تزوير فى أوراق رسمية وتقديم المتهم الفعلى فيها ......
رُفعت الجلسة ...
-----------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #17  
قديم 02-22-2018, 06:06 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل التاسع والعشرون
--------








صرخت دنيا فى وجه وائل وصاحت بعصبية شديدة :
- أنت بتستهبل يعنى أيه مش لاقيه هيكون راح فين أختفى يعنى
تبادل معها الصراخ وأخذ يصيح بأنهيار :
- وأنا هستهبل ليه هو انا مش رايح معاكى فى نفس الداهية ولا أيه بقولك أختفى أختفى لا تليفون ولا مكتب ومعرفش بيته عاوزانى أعمل أيه اضرب الودع ولا افتح الكوتشينه
جلست ودفت راسها بين كفيها وهى تنوح وتبكى ثم تنهض وتدور حول نفسها فى المكان هائمةً على وجهها وهى تقول بهيستيرية :
- يعنى ايه .. وقعنا فى المصيبة دى وسابنا وخلع ..ده أحنا قدامنا أقل من شهر والتحقيقات تبدأ معانا وساعتها هنتحبس على ذمة التحقيق وياعالم هنطلع تانى ولا لاء .. ألتفتت إليه صارخه بجنون :
- ما ترد عليا يا بنى آدم هنعمل ايه
أتجه نحوها ودفعها من كتفها وهو يصيح :
- معرفش معرفش .. ياريتنى ما كنت سمعت كلامه ياريتنى ماكنت بصيت لفلوس القضيه دى أدينى هتحبس معاكى ومستقبلى هيضيع
نظرت له بذهول وهى تقول غاضبة :
- طب ليه عمل كده ليه .. كان قصده أيه من كده ياخد الفلوس ويحبس فارس ويضيع مستقبلى ويحبسنى وخلاص طب ليه
ضرب وائل قبضته فى الجدار وهو يقول بخزى :
- هو أنتى لوحدك .. منا كمان ضيعلى مستقبلى وهيحبسنى بسببه ..قالى مكلش دعوه أنا هوقف الظابط عند حده ومش هيروح المحكمه وطلع بيضحك علينا .. زى ما يكون كان قاصد يعمل فينا كده من الاول وكان بيلاعبنا بصوابعه زى عرايس الخشب ..يخلينا نروح نتفق مع سكرتير النيابه وندفعله الفلوس وهو بعيد ويخالينى اروح للظابط اساومه هو الشهود وهو بعيد ضربالجدار بقبضته مرة تلو مرة وهو يهتف حانقاً :
- غبى أنا غبى كان لازم أخد بالى
لمعت فكرة فجأة فى رأسها وهى تقول :
- لاء أنا مش هسمح بكده .. أنا هجدد جواز سفرى وهخرج بره مصر باقصى سرعة مفيش وقت
ألتفت إليها وقد واتته نفس الفكرة ولكنه قال :
- وأنا بقى لو سافرت وهربت .. أسيب مراتى وعيالى لمين هنا
تقدمت نحو الباب وفتحته بعنف وهى تصرخ فيه :
- أطلع بره يا وش النحس أنت أطلع بره
خرج وهو ينظ إليها نظرات محتقرة بإزدراء فصفعت الباب خلفه بقوة وأخذت تتنفس بصعوبة وهى تفرك يديها بتوتر وخوف وتدور حول نفسها ذهاباً وأياباً وهى تفكر فى كيفية أنجاز جواز السفر سريعاً لتستطيع الهرب وفى خضم أفكارها المتلاطمة المتناثرة غفلت شىء مهم جدا وهو أنها لاتستطيع السفر دون أذن الزوج ...
**********************************************
أجتازت مُهرة أمتحانات الثانوية بصعوبة بعد كل تلك الظروف التى كانت تحيط بها قرب وقت أختباراتها لم تكن النتيجة مرضيه بالنسبة لها بشكل كبير ولكنها كانت كافية لتدخلها عالمه الكبير الذى كانت تنظر إليه من بعيد منذ صغرها ... فتحت أم فارس الباب لتجد مُهرة واقفة أمامها والابتسامة الواسعة على شفتيها ورفعت أمام عينيها خطاب كبير نوعا ما وقالت بشغف كبير :
- كلية الحقوق جامعة القاهرة
ضحكت أم فارس وهى تجذبها للداخل وتقول :
- والله أنتى مجنونة حقوق أيه يابنتى هو أ،تى تنفعى فى الحقوق
رفعت كتفيها وهى تقول بطفولة مخلطوة بالخجل :
- مش مهم المهم أنى دخلتها أخيرا
حركت أم فارس رأسها بدهشة يمنة ويسرا وهى تقول :
- طب وأنتى فين أحلامك لنفسك
ألفت مُهرة بجسدها على الاريكة وهى تقول بتلقائية :
- هو ده حلمى وأدينى حققته خلاص
كادت أم فارس أن تتابع حديثها لولا أن سمعت طرقات أخرى على باب الشقة .. عدلت مُهرة من جلستها بينما أتجهت أم فارس لتنظر من الطارق .. فتحت الباب فوجدت شاب لم ترى من قبل ولكنه أبتسم وقال بأحترام :
- السلام عليكم يا حجه
نظرت إليه بتسائل وهى تقول :
- وعليكم السلام يابنى
قال بأهتمام :
- مش دى شقة الدكتور فارس سيف الدين
قالت وهى تومىء برأسها :
- أيوا يابنى هيا
مد يده لها بخطاب قائلاً :
- الجواب ده للأستاذ فارس
وقبل أن تتكلم قال بسرعة :
- أنا عارف أنه مش موجود دلوقتى بس لو سمحتى الجواب ده مهم جدا من فضلك تحاولى توصليه ليه بأى طريقه عن أذنك
حاولت أن توقفه ولكنه لم يعطيها الفرصة وهبط درجات السلم سريعاً
أغلقت الباب وهى تقلب الخطاب بين يديها بدهشة متسائلة :
- ياترى من مين الجواب ده
نهضت مُهرة وتوجهت إليها وهى تنظر الى الخطاب بين يدها وقالت :
- من مين الجواب ده يا ماما
- معرفش يا بنتى بس بيقولى أنى لازم أوصله لفارس ضرورى
قالت كلمتها وهى تفتحه وتقول :
- لما نشوف فى أيه ده كمان
حاولت أن تدقق النظر فيه ولكن الخط كان صغيرا فلم تستطع أن تقرأه بوضوح فدفعته لمُهرة وهى تقول :
- خدى أقريهولى يا مُهرة لحسن الخط صغير أوى
أخذته مُهرة من يدها ونظرت فيه وبدأت فى القراءة بصوت مسموع ... عزيزى دكتور فارس مش مهم تعرف أنا مين المهم انى عندى معلومات مهمه جدا ليك .. أنا مش عارف أنت أتخدعت بسهوله كده أزاى لكن أنا أحب أنى اشيل الغمامه دى من على عينك وأقولك أن مراتك بعد أبوها ما مات على طول راحت لباسم مكتبه بعد ما حطت لامها منوم و........ لم تستطع مُهرة القراءة شهقت وهى تضع يدها على فمها .. حثتها أم فارس على المتابعه وهى تمسكها من ذراعها وتقول بجديه :
- كملى يا مُهرة سكتى ليه
تلعثمت مُهرة وهى لا تعرف ماذا تفعل فقالت :
- ماما الجواب ده مش لازم يوصل فارس أبدا
شدت أم فارس على ذراعها وقالت بتصميم :
- هتكملى ولا أنده حد تانى يكملهولى
أعادت مُهرة قراءة الخطاب فى ترتت وبصوت مضطرب ... بينما أخذ وجه أم فارس متقع وهى تحدق فى الراغ حتى أنهت مُهرة قراءته فرفعت وجهها إلى أم فارس وربتت على كتفها قائلة :
- ماما الله يخاليكى أهدى شويه أنتى الضغط بيعلى عندك بسرعة
لمعت الدموع فى عينيها وهى تقول :
- يا حبيبى يابنى وكنت كاتم فى نفسك كل ده وساكت طب ليه يا فارس سكت ليه
نظرت لها مُهرة بعدم فهم وقالت متسائلة :
- يعنى أيه الكلام ده هو فارس كان عارف
عقدت حاجبيهاوهى تقول غير مصدقة :
- مش عارفه اذا كان عارف ولا لاء بس كل تصرفاته بعد رجعوا من اسكندرية كانت بتقول أنهم مش كويسين مع بعض .. مع أنهم مكانش لسه بقالهم اسبوع متجوزين جديد .. وهو شكله كان كأنه شايل هم كبير أوى ومش عارف يا حبيب أمه يتكلم مع حد .. دمعت عينيها وهى تقول بتاثر :
- أتاريه مكنش عاوز يفضحها ..ز تقوم فى الاخر تعمل فيه كده .. بقى يسترها ويخبى سرها وفى اخلار تبهدله البهدله دى وكل ده علشان انت طمعانه فى القضيه وفلوسها ..
وضعت مُهرة الخطاب بجوارها ولفت ذراعيها حول ذراع أم فارس واسندت راسها على كتفها وقد أنزلفت دمعتين من عينيها فى صمت .. ثم قالت :
- مش لازم يشوف الجواب ده يا ماما أحنا لازم نقطعه ده ممكن يتهور ويعمل فيها حاجه
قالت كلمتها ومدت يدها للخطاب وقبضت عليه فى راحتها تريد بقوة ونهضت لتلقى به فى القمامه ولكن أم فارس أوقفتها وجذبت الخطاب منها وقالت بتصميم :
- مش هنسترها تانى لا انا ولا أبنى خلاص .. لازم يشوف الجواب ولام تاخد جزائها علشان نارى تبرد شويه وأنا عارفه انه مش هيأذى نفسه بس كفايه انه يبرد ناره شويه ويعرف اللى حواليه عملوا فيه كد ليه ...
مسحت مُهرة دموعها براحتيها عندما سمعت رنين هاتف المنزل وتوجهت لتجيب المتصل وهى تقول :
- السلام عليكم
أتاها صوتاً محملاً بالفرحة واللهفة .. صوتاً كان ولا يزال محملاً بالحنان الجارف دائماً ..سقطت السماعة من يدها المرتعشة على اثر المفاجأة الغير متوقعة عندما سمعته يقول بشوق :
- مُهرة ...
ألتقطت السماعة سريعاً ووضعتها على أذنها غير مصدقة وأم فارس تنظر إليها متعجبة منها ولكن دهشتها زالت وقفزت فرحاً من مكانها عندما سمعتها تقول بأنفاس متقطة :
- فارس ...
أخذت أم فارس سماعة الهاتف من يدها ووضعتها على أذنها تمسكها بيدها الاثنتين فى شوق ولهفة وهى تقول :
- فارس أبنى أنت بتتكلم منين
وضعت مُهرة يدها على صدرها وهى تشعر أن قلبها سيقفز من مكانه فرحاً وأحتقن وجهها بشدة وهى تستمع لأم فارس تقول من بين دموعها :
- يعنى أنت طلعت يا فارس ؟..بجد يابنى طلعت طب أنت فين
ثم أخذت تقبل السماعة وهى تبكى قائلة :
- تعالى بسرعة يا فارس تعالى بسرعة نفسى أخدك فى حضنى يابنى وحشتنى أوى
أنهى فارس المكالمه وهو يمسح دموعه ويد الدكتور حمدى تربط على كتفه قائلا بمرح :
- أيه ده هو أنت لسه شوفت حاجه أومال لما تروح بقى هتعمل أيه
ثم مد يده بالهاتف الى بلال قائلاً :
- يالا خد أنت كمان التليفون وكلم والدتك وبلغها أنت خرجت
ابتسم بلال وأستنشق الهواء النقى خارج جدران المعتقل حتى أمتلى ء صدره به ثم زفر بهدوء وقال :
- لا يا دكتور معلش أنا عاوز أعملهم مفاجأة
ضحك الدكتور حمدى وهو يقول :
- حرام عليك يلاقوك قدامهم كده فجأة
ضحك فارس ثم قال :
- طول عمره بتاع مقالب يا دكتور هو كده من زمان
ضحك ثلاثتهم وهم يستقلون سيارة الدكتور حمدى فى طريقهم الى منازلهم ...
كان الدكتور حمدى يقود السيارة وهو ينظر الى فارس الجالس بجواره نظرات خاطفة ورأسه يدور لا يعلم ماذا يفعل .. لابد أن يخبره بأمر زوجته التى قدمت ضده بلاغ وزجت به فى معتقلات الاهوال تلك ظلماً ولكن هل يخبره الان أم ماذا ؟... قطع فارس عليه تفكيره وقال متسائلا :
- معرفتش يا دكتور مين اللى عمل فينا كده ؟
ألتفت اليه الدكتور حمدى ثم أعاد النظر للطريق وقد حسم أمره ثم قال :
- فارس .. لازم تعرف الدنيا دى كلها فيها الكويس وفيها الوحش فيها اللى بيعمل خير لوجه الله من غير سبب وفيها برضه اللى بيأذى الناس من غير سبب ولو الاذيه جاتلك من اقرب الناس ليك أوعى تزعل نفسك ابدا واعرف ان ربنا بيكشفلك اللى حواليك علشان متفضلش عايش موهوم ومخدوع فيهم .. أستدار فارس بجسده إليه ونظر للخلف الى حيث بلال ألتقت نظراتهما فى تسائل صامت قطعه فارس وهو يلتفت الى الدكتور حمدى قائلا :
- الكلام ده معناه ان حضرتك عرفت مين
أومأ الدكتور حمدى برأسه وهو يقول :
- أيوا عرفت ... بس كنت محتار اقولك دلوقتى ولا لما تروح بيتك وترتاح شويه من اللى شفته
أعتدل بلال فى جلسته وقد شعر أن الدكتور حمدى يقصد شخصاً قريب جدا من فارس بينما قال فارس سريعاً :
- مين يا دكتور قولى مين
أضطرب صوت الدكتور حمدى وهو يقول ببطء :
- مراتك دنيا
أتسعت عين فارس هلعاً ونظر إلى بلال الذى لم تكن الصدمة عليه اقل من فارس .. حدقا فى بعضهما البعض بينما هتف فارس :
- دنيا مراتى .. أزاى وليه .. حضرتك متأد يا دكتور متأكد أنها مراتى اللى عملت فيا كده
ظهر الاسف على وجة الدكتور حمدى وهو يقول بإشفاق :
- هو ده اللى أنا عرفته ولعلمك محدش هيقدر يجاوب على سؤال ليه ده.. الا أنت بس .. أنت بس اللى ممكن تقولنا ليه هى عملت كده
أعتدل فارس فى جلسته مصدوماً واستند بظهره الى مقعده وقد أحتق وجهه غضباً وحنقاً وضرب باب السيارة بقبضة بقوة وهو يهتف :
- سؤال ايه اللى اجاوب عليه .. هو فى حاجه بين راجل ومراته مهما كانت تخاليها تعمل كده فيه .. ليه يا دنيا تعملى فيا كده ليه ده أنا .. بتر كلمته وابتلعها قبل أن يكملها .. كان سيقول ده انا سترتك ومرضتش افضحك .. ولكن فروسيته المعهودة أبت ذلك ... ربت بلال على كتفه من الخلف ثم قال :
- أستنى يا فارس لما تقابلها وتتكلم معاها بهدوء شويه أحنا لسه مش عارفين حاجه أستنى لما تسمعلها الاول
ألتفت إليه فارس غاضباً وهو يقول :
- هتقولى ايه يا بلال هتقولى بلغت عنى وعن صحابى ليه .. ليه
ربت على كتفه مرة أخرى وهو يدعوه للهدوء مرة أخرى وأن ينتظر حتى يسمع منها حتى هدأ فارس بعض الشىء وصمت غضبه خارجياً ولكن قلبه كان مشتعلاً .. كيف تفعل فيه ذلك بعد كل ما فعله من أجلها ...
**************************************
أقتربت سيارة الدكتور حمدى من منزل بلال الذى شعر بنشوة وأنتشاء حينما لاح جانب المنزل من بعيد فقال سريعاً :
- كفايه هنا يا دكتور معلش تعبناك معانا
أبتسم الدكتور حمدى بوقارحيث قال :
- تعب أيه بس هو أنا اللى أتعلقت ...
قال كلمته وضحك بينما أنفجر بلال ضاحكاً ثم قال :
- بعد اللى شوفته فى المعتقل ده بيتهيألى مفيش مصرى متعلقش
ضحكا هما الاثنان بينما كان فارس واجماً شارداً فى عالمه الخاص ... ترجل بلال من السياره وأنحنى بأتجاه فارس وضع يده على كتفه قائلا :
- الهدوء هو اللى هيعرفك السبب مش الغضب أهدى وتوكل على الله
أومأ له فارس برأسه بينما شرع الدكتور حمدى فى الانظلاق بالسيارة الى حيث منزل فارس
صعد بلال درج منزله بهدوء ومر بجوار باب المركز الخاص به ونظر نظرةً فى الخفاء متعجباً .. المركز خاوى ولكنه مفتوح وكأنه يعمل وكأنه لم يُغلق يوماً وفى هذه اللحظة شعر بمن يضع يده على كتفه من الخلف قائلا بخشونه :
- مين حضرتك
ألتفت إليه بلال وأبتسم فى وجه الممرض المساعد له فى المركز والذى ما أن رآه حتى كاد أن يهتف متفاجأً بأسمه لولا أن وضع بلال يده على فمه وكممه حتى هدأ ثم رفع يدهعنه وهو يشير له بالصمت .. هتف المساعد بسعادة:
- دكتور بلال أنت رجعت من السفر أمتى وأيه المفجأة الحلوه دى
أبتسم بلال وهو يجيبه بصوت خفيض :
- الله يسلمك ها أخبار المركز أيه
رفع المساعد كتفيه وهو يقول :
- حضرتك مشيت من غير ما تقولى وطبعا الناس ابتدت تضايق من سفرك المفاجىء.. قفلنا شويه بس زوجة حضرتك فتحته تانى ورجعنا كلمنا الناس وبلغناهم ان سبب سفرك كان ضرورى ومسألة حياة أو موت والناس تفهمت الوضع وبلغناهم أننا هنتصل بيهم تانى لما المركز يرجع يشتغل تانى
ظهرت البشاشة على وجه بلال مقدراً لمجهود زوجته فى الحفاظ على سمعته كطبيب فلم تكن عبير تطمح فى أن ينتظره المرضى فالمرض لا يمكن الصبر عليه ولكن كل طموحها كان فى الحفاظ على سمعته طبيب حتى لا تتأثر بهذا الاختفاء المفاجىء وأنتقطاعه عن متابعة المرضى ... ألتفت إلى مساعده وقال متسائلا:
- وأنت كنت فاتح ليه دلوقتى
قال المساعد :
- مش أنا دى زوجة حضرتك وأنا كنت نازل أشترى شوية أدوات نظافة للمركز
رفع بلال حاجبيه قائلا:
- يعنى هى جوه دلوقتى ؟
أومأ المساعد برأسه ثم قال :
- قالتلى اجيب الحاجات دى ولما أنا أرجع هى هتمشى على طول
أخذ بلال الادوات من يد المساعد وقال :
- خلاص أمشى أنت النهارده أجازة بمناسبة رجوعى
كانت عبير تجلس على مقعده خلف مكتبة وهى تقلب أوراقه وتحاول فهم ما بها برغم صعوبتها ولكنها شعرت بمقبض الباب يفتح فعقدت جبينها وأنزلت النقاب على وجهها ونهضت واقفة بتوتر .. عقدت جبينها بقوة وهى لا تعلم أنها سترى أحب الوجوه إليها على الاطلاق .. فُتح الباب ولكن أحداً لم يدخل ولكنها سمعت صوته يقول :
- خايف أدخل فجأة تتخضى
صرخت عبير ووضعت يدها على فمها وجرت بأتجاه الباب وفتحته بلهفة لتنظر إليه والى أبتسامتة التى زينة وجهه وابتبعت ريقها وهى تحدق به غير مصدقة أنه يقف امامها .. لم تمضى عليها ثوانى حتى دارت رأسها وسقطت مكانها ولكنها لم تفقد الوعى ... حملها بلال وأغلق الباب خلفه بقدمه وتوجه بها الى مقعد الكشف الكبير ووضعها برفق ورفع النقاب من على وجهها وهو يقول بلوعة :
- عبير أنتى كويسه
نظرت إليه بعيون دامعة وهى تقول بوهن :
- أنت بجد ولا حلم
أبتسم وهو يمسح على وجنتها ويمرر أنامله على وجهها وهو يقول هامساً :
- بجد يا حبيبتى ..أنا طلعت النهارده وقلت أعملكم مفجأة بس أظاهر انى غلط
وضعت يدها على وجهه تتحسسه بإضطراب وهى مازالت غير مصدقة وتقول :
- يعنى أنا مش بحلم .. قالت كلمتها وبدأت فى بكاء مرير ولفت ذراعيها حول رقبته وعانقته بقوة وهى تتشممه وتبكى وتنتفض وتقول هاتفة :
- يارب مكنش بحلم يارب تكون حقيقى يا بلال يارب تكون رجعتلى اخيرا يا حبيبى
عانقها بلال وضمها إليه بقوة وهو يمسح على ظهرها برقه وقد أغرورقت عيناه بالدموع من فرط تأثرة بكلماتها وهو يقول مطمئناً :
- أطمنى يا حبيبتى أنا هنا والله أنا بجد والله أطمنى ... وحشتينى وحشتينى أوى
رفعت راسها من صدره ونظرت إليه مرة أخرى وهى تمسك بوجهه بن راحتيها وقالت :
- شفت الولاد وماما ولا لسه
هز راسه نفياً وهو يقول مبتسماً :
- لاء أنا لما عرفت أنك هنا مقدرتش أروح فى حته تانيه دخلتلك على طول
أنتبهت عبير وهى تقول :
- هو بره ؟
هز رايه نفياً مرة أخرى وتلمس وجنتها وهو يتأملها قائلاً بشوق :
- متقلقيش أنا مشيته وقفلت باب المركز من جوه .. يعنى أحنا لوحدنا دلوقتى
نرت له وابتسمت بحب فقال بمرح :
- فاكرة الكرسى ده لما قعدتى عليه أول مرة وكنتى خايفه أحسن أكشف عليكى
ضحكت وهى تحيط عنقه بيدها قائلة :
- فاكره


نهض من على مقعده وجلس جوارها قائلا بخفوت :
- ألا هى رجلك عامله ايه دلوقتى !!!!
ضحكت عبير برقة وحب وشوق كبير .. ها قد استعادت الزهرة عبيرها وشذاها الخلاب وكأنها عادت للحياة من جديد بلمسة من بستانيها الخبير لتتفتح وتزدهر على ألحان قلبه وهو يسقيها بعذب كلماته التى ينتقيها دائما لها كما ينتقى البستانى زهوره بحب وأهتمام ورقة ... وضمير .
*************************************
هتفت أم فارس وهى توجه كلامه لأم يحيى قائلة :
- يالا بسرعه يا أم يحيى زمانهم على وصول
وضعت أم يحيى القدر على النار وهى تقول :
- مش كانوا بلغونا من بدرى كنا عاملنا اصناف كتير
مسحت مُهرة العرق من جبينها بظهر يدها وهى تقول :
- كده خلاص الرز كمان خلص .. يعنى قربنا نخلص الاكل بس يستوى وخلاص كده
قالت أم يحيى لمُهرة :
- تصدقى يا بت يا مُهرة أول مرة أعرف أنك بتعرفى تطبخى
قالت أم فارس بسرعه معاتبة :
- وهتعرفى منين متخاليناش نتكلم بقى
ضحكت مُهرة وهى تضع قبله صغيرة على وجنة أم فارس قائلة :
- خلاص بقى المسامح كريم
غيرت أم يحيى مجرى الحديث قائلة :
- طب ايه رأيكوا أنزل أجيب شويه ملوخيه بالمره اصلى حاسه أن الاكل ده قليل
قالت مُهرة مبتسمة وهى تنظر تقطع خضروات السلطة بحماس :
- اصلاً الدكتور فارس لما بيكون مبسوط مش بياكل كتير علشان كده متتعبيش نفسك المهم بس السلطه جنب الاكل علشان بيحبها أوى كده
توجهت أم يحيى خارج المطبخ وهى تقول :
- أنا سامعه دوشه تحت هروح أشوف خناقه دى ولا أيه
خرجت أم يحيى بينما أنتفض قلب مُهرة وهى تقول بخفوت :
- شكلهم وصلوا


نظرت لها أم فارس متسائله بينما خرجت مُهرة تهرول متوجهة الى غرفة أم فارس وبدلت ملابسها التى كانت ترتديها فى المنزل وارتدت ملابسها المحتشمة ووضعت الحجاب على راسها وخرجت مسرعة الى المطبخ فلم تجد أم فارس وسمعت صوتها وصوت والدتها آتى من الشرفة فخرجت إليهم سريعاً وهى تلتقط انفاسها بصعوبة والابتسامة الواسعة مرتسمة على شفتيها وقد ايقنت أنه قد جاء .. وقفت بجوارهما فى الشرفة لتنظر الى جيرانهم وأهل شارعهم البسيط وهم ملتفون حوله والدكتور حمدى يقف بجواره مبتسماً وسعيداً بهذا الحب الذى يحظى به فارس من الجميع ... شعرت أن قلبها سيخرج من صدرها ويقفز من الشرفة إليه وضعت يدها على صدرها تمنعه وتصده عن الجنون وأحمر وجهها بشدة وتسللت الدموع من مقلتيها رغماً عنها مختلطة بابتسامتها التى ملئت وجهها ... رفع فارس وجهه للشرفة وهو يحاول تخطى الجميع بصعوبة ليستطيع أن يرى والدته التى كانت تهتف باسمه وتدعوه للصعود بسرعة .. كانت تلك النظرة كفيلة أن يراها ولو لثوانى ويرى تعابير وجهها ودموعها .. تراجعت مُهرة خطوة للوراء وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة وشعرت أنها لن تستطيع أن تحتمل هذا اللقاء .. خرجت من الشرفة تجرى الى باب الشقة فتحته وصعدت بسرعة وهى تسمع وق اقدامه على السلم يصعد بسرعة أكبر من التى تصعد هى بها ولكن خوفها من لقاءه جعلها تسرع أكثر حتى وصلت لباب شقتها .. أختفت بعيدة عن السلم واستمعت لوقع اقدامه وهو يقترب من شقته ويتبعه الدكتور حمدى .. وسمعت والدته وهى تبكى وتهتف باسمه ... عانقته والدته بلهفة وحنان وضمته الى صدرها بقوة وهى تبكى .. جعل يمسح على رأسها وظهرها وهو يقول :
- وحشتينى أوى يا أمى .
دخل شقت وهو يلف ذراعه حول كتفها وهو يقول للدكتور حمدى :
- أتفضل يا دكتور أتفضل
ثم نظر الى أم يحيى التى كانت تقول بفرحة :
- ألف حمدلله على سلامتك يا دكتور
أبتسم فارس وهو يومىء براسه قائلا:
- الله يسلمك يا ست أم يحيى
تجولت عيناه فى المكان سريعاً ... كان يتوقع أن يراها ولكنها غير موجوده .. تحول بنظرة الى المطبخ فربما تكون هناك وهنا قالت والدته وهى تضيق عينيها بمكر :
- بتدور على حد ؟
ألتفت برأسه إليها وقال متلعثماً :
- ها لالا مفيش ..أنا بس هموت من الجوع وحشنى أكلك اوى يا ماما
قالت وهى تشير لعينيها :
- من عنيا يا حبيبى
سمع أم يحيى وهى تقول موجهة كلامها لأم فارس :
- هى البت مُهرة مش كانت واقفة معانا فى البلكونه أختفت فين البت دى فجأة
قالت أم فارس مبتسمة :
- شكلها طلعت فوق


ظلت مُهرة واقفة أعلى الدرج أمام باب شقتها لا تعرف ماذا تفعل تخاف من مواجهته وان ينظر إليها بعد الخخطارة التى كتبتها على ظهر الصورة وأرسلتها إليه قاصدة أن تخفف عنه وتلهمه الحل وهدوء النفس فى حالة معرفته بما فعلت زوجته به .. وضعت أم فارس الطعام على المائدة بمساعدة أم يحيى التى قالت :
- معلش بقى يا دكتور لو لقيت الاكل فيه حاجه متعيبش عليا أصل مُهرة هى اللى عامله معظمه تقريبا .. جلس الى المائدة هو والدكتور حمدى وهو يقول لها :
- تسلم ايدها وايدك يا أم يحيى .. تنتحنح ثم قال :
- هى عامله ايه صحيح .. فى الامتحانات يعنى


قالت أم يحيى بتلقائية:
- الحمد لله يا دكتور نجحت بالعافيه بس معذورة والله دى بتذاكر جامد أوى وشاطره بس ابوها لما ضربها ومنعها من الدروس والخروج نفسيتها تعبت
أعتدل فارس وقطب جبينه وقال بضيق :
- وابوها يضربها ليه يعنى
وضعت أم فارس يدها على كتف أم يحيى وقالت :
- خلاص بقى يا أم يحيى سيبيهم ياكلوا
كرر فارس جملته مرة أخرى بتصميم فقالت أم يحيى :
- أصله كان عاوز يرجعها للواد اللى اسمه علاء ده وهى رفضت ونشفت دماغها قام ابوها أتغاظ منها شويه كده ومد ايده عليها وكان هيمنعها من الامتحانات كمان لولا الست أم فارس جات خدتها بالعافيه من فوق وقعدتها معاها هنا لحد ما خلصت امتحانات
نظر فارس لوالدته التى قالت على الفور للدكتور حمدى :
- معلش يا دكتور وجعنالك دماغك .. ونظر الى فارس وقالت :
- يالا بقى أتغدوا أنتوا على ما نعملكوا الشاى
لم يأكل الدكتور حمدى الا القليل ثم نظر الى فارس الذى كان شارداً فلم يأكل الا القيلي هو أيضا ثم قال :
- بقولك ايه يا فارس لما تقرر تروح لمراتك قولى علشان اجى معاك مش هينفع اسيبك لوحدك لتتهور عليها ولا حاجه
هز فارس رأسه وهو واجم وقال بامتنان :
- متخافش عليا يا دكتور أنا همسك أعصابى على الاخر معاها
رفع فارس وجهه من الخطاب الذى قدمته اليه والدته بعد أنصراف الدكتور حمدى وأم يحيى وكان وجهه محتقناً بشدة وصدره يعلو ويهبط بجنون ثم هب واقفاً وأتجه نحو الباب بغضب شديد حاولت والدته منعه ولكنها لم تستطع ...
أتجه الى بيتها فى غضب شديد وبمجرد أن اقترب أخرج سلسلة مفاتيحه الخاصه لسوء حظ دنياكان مازال محتفظ بمفتاح شقتها منذ ان كان معها هناك بعد وفاة والدتها .. وبدون مقدمات فتح الباب ودخل فلم يجد الا الهدوء والسكون .. دار فى الشقة سريعاً وقسمات وجهه تنطق ضيقا وغضبا فلم يجدها دخل غرفتها مرة أخرى وأخرج ملابسها من الخزانة بعصبية وقذف بها فى كل مكان باحثا عن أى شىء آخر يدينها أمتلئة أركان غرفتها بملابسها وأنقلبت الغرفة رأساً على عقب .. وأخذ مقعد وجلس ينتظرها والشرر يتطاير من عينيه .. مرت ساعة من الوقت وأذا به يسمع المفتاح يدور فى الباب من الخارج فعلم أنها قد حضرت أخيراً .. فتحت دنيا الباب بارهاق واضح ووضعت بعض الاطعمه التى أحضرتها على الطاولة ثم توجهت الى غرفة نومها لتبدل ملابسها ولكنها تسمرت مكانها بمجرد أن فتحت الباب لتجد ملابسها مبعثرة فى كل مكان حدقت فى الغرفة لبرهة قبل أن تشعر بيد تمتد إليها من خلف الباب لتجذبها من شعرها بقوة وتطرحها ارضاً ... سقطت دنيا على الارض وهى تصرخ ولكن صرختها تحاشت فى حلقها عندما نظرت الى وجه مهاجمها .. وقالت بفزع :
- فارس !!!!
تقدم نحوها وعينيه ينبعث من الشرر والغضب تراجعت للخلف وكأن لسعات غضبه تطولها فتحرقها .. نظر لها بأحتقار ورفع يده وصفعها بقوة على وجهها وهو يهتف بها :
- حقيييييرة
وقعت على المقعد الصغير وقبل أن تنهض تقدم منها بسرعة وقبض على شعرها بقوة وهو ينظر إليها بتقزز واشمئزاز قائلا بصوت مُخيف :
- قبلتى تتجوزينى ليه لما انتى مش عاوزانى من الاول .. روحتى لباسم علشان يخلصك منى ها ..


صرخت من قبضتة التى تمزق شعرها وهو يهزها منه بعنف متابعاً :
- وتضحكى عليا وتقوليلى سواق تاكسى خطفنى وأغتصبنى .. وكمان عملتى عملية علشان تخدعينى أكتر لولا أن ربنا كشفك وعمليتك باظت ... وبعد ما سترت عليكى ومفضحتكيش تسجنينى أنا واصحابى علشان القضيه يا حقيرة ... دفعها بقوة الى الفراش وهى تصرخ وتنظر اليه بفزع .حاولت أن تتبث بالفراش لتنهض ولكنه جذبها إليه ووضع يده حول رقبتها وهو يحدق بها بنظرات لم تراها منه و من غيره طيلة حياتها .. نظرات مُميتة ...
وسمعت صوته التى كان يأتى من بئر سحيق وهو يقول بصوت أرعبها :
- كنتى عاوزاهم يقتلونى فى أمن الدوله وتخلصى منى .. كنتى مستعجله على الفلوس أوى كده .. بتحبى الدنيا اوى كده يا دنيا .. طالما بتحبيها كده أنا بقى هحرمك منها ودلوقتى .. حالا .. وبدا يقبض على رقبتها بقبضته بقوة وهى تنتفض بين يديه وتحدق به مزعورة وقد أحتق وجهها وبدأت دماء الحياه تفارقه .. وشعرت انها ستموت فى هذه اللحظه وتنتهى .. ولكن فجاة شعرت أن الدماء بدأت تعود إليها من جديد والهواء يعانق رئتيها وشعرت بأرتخاء اصابعه حول رقبتها ونظرت إليه وهو يقول لها :
- أنتى خسارة فيكى الواحد يضيع نفسه علشانك .. وأرتطمت وجنتها بصفعة أخرى وصرخ فيها قائلا:
- بس مش هطلقك واريحك خاليكى مرميه هنا علشان وقت ما يجيلى مزاجى وأعوز اقتلك ابقى عارف طريقك
بصق عليها ونظر إليها بإختقار وغادر المكان وهو يشعر بالتقزز والنفور وأغلق الباب خلفه بقوة ارعبتها وأنتفضت لها جسدها الذى لم يعد يستطع أن يتحمل كل هذا الرعب والخوف والفزع فأغمضت عينيها وابتلعت ريقه وهى ترتعش وبدات فى بكاء هيستيرى .. كانت تريد كل شىء ففقدت كل شىء حتى حياتها كادت أن تفقدها ...فى لحظة غضب
**************************************


عاد الى منزله مساءا وهو يشعر أنه قد فقد جميع قواه وبذل مجهوداً نفسياً مضياً .. هبت والدته منتفضةً وأتجهت إليه متلهفةً وقالت :
- كده يا فارس تعمل كده فيا انا كنت هموت من الخوف عليك
تنفس بعمق ثم ربط على كتفها مطمئناً وهو يقول بإرهاق:
- معلش يا أمى أنا آسف كان جوايا شحنه وعاوز أطلعها فى مكانها اللى يستهالها
نظرت إليه متفحصة بقلق وهى تتسائل :
- روحتلها مش كده ؟ عملت فيها حاجه ؟
هز رأسه نفياً وهو يقول بأبتسامة واهنة :
- متخافيش عليا انا فشيت غلى فيها وخلاص.. هو أنا مجنون أضيع نفسى فى واحده زى دى
أخذته من يده كالاطفال وذهبت به الى غرفته وأجلسته الى فراشة قائله :
- نام شويه طيب ..شكلك تعبان أوى ده أنت حتى مستريحتش من ساعة ما رجعت
خرجت وتركته يهوى بجسده المنهك فوق فراشه وهو يفكر فى زوجته وما فعلته به منذ أول يوم زواجهما وحتى هذه اللحظة ويتسائل عن سبب واحد فعله معها جعلها تنكر كل شىء وتقذف به خلف ظهرها وتخطوا فى طريقها على جثتة بهذا الشكل القبيح .. فلم يجد شىء الا دنائتها .. نعم فالشخص الدنىء لا يؤثر فيه معروف ولا يستقبح مُنكراً ..لقد اخطاء منذ اللحظه الاولى عندما قبل الارتباط بفتاة بيعدة كل البُعد عن دينها ومنهجها لم يعطى بالا وهو يقرر الارتباط بها لحديث النبى صل الله عليه وسلم أظفر بذات الدين تربت يداك...وكانت هذه هى النتيجة غطى الطمع عينيها ولم تجد ديناً يُردعها فما كان منها الا الخيانة ... أغمض عنينيه فى سكون وهو يشعر فيهما بألم شديد وكأن نغزات شوك شديده تنغزة من كثرة الارهاق والتعب والجهد ورغم انها الليلة الاولى التى سينامها على فراشه بعد كا ما مر به الا أنه لم يرتاح ابدا وظلت راسه تدور حتى سقط فى نوم عميق فجأة وكأن النوم بئر قد أُسقط فيه رغما عنه على حين غرة...
***************************************
فى الصباح أستيقظ على صوت رنين الهاتف فنهض وهو يشعر بألم فى عظامه شديد .. نهض بتاكسل وتثاقل وعندما فتح الباب سمع والدته تتحدث فى الهاتف قائلة :
- لاء لسه مصحيش .. يابنتى أطمنى قى ايه القلق اللى انتى فيه ده قلتلك امبارح أنه جه كويس ودخل نام .. لاء متخافيش لو كان حصل حاجه كان هيبان عليه يعنى ..... طيب ماشى خلاص مع السلامه
أنهت المكالمه واستدارت لتجده يقف بجوار باب غرفته عاقداً ذراعيه أمام صدرة والابتسامة على وجهه وهو يقول :
- كانت بتطمن عليا مش كده ؟
أبتسمت والدته بمكر وهى تقول بلامبالاة :
- هى مين دى قصدك مين
اقترب منها وقبل وجنتها وهو يقول بمرح :
- مش عارفه مين يا ست أم فارس
ضحكت وهى تتجه للمطبخ فدخل خلفها وهو يقول بأصرار :
- ممكن بقى تحكيلى كل حاجه مكنتش واخد بالى منها
ألقت عليه نظرة وهى تعد الافطار ثم قالت :
- وأنا مالى اسأل صاحبة الشأن
تنهد بقوة وهو يقول :
- اسألها ازاى بس مش هينفع أكلمها اصلا
وضعت والدته طبقين فى يديه ثم أخذت بقية الاطباق وخرجت من المطبخ وهو يتبعها وقالت :
- والله لو دخلت البيت من بابه هينفع تكلمها ونص كمان
جلس على المقعد خلف المائدة وهو يقول بلؤم:
- أنتى شايفه كده يعنى
نظرت له نظرة جانبية وضربته على كتفه وهى تقول :
- يا واد بطل تتلائم عليا .. ده أنت عاوزها النهارده قبل بكره
ضحك وهو يمسك يدها التى ضربته بها وقبلها ثم قال :
- هو أنا معرفش أهزر معاكى شويه يا حجه علطول فقسانى كده
ابتسمت فى سعادة وقالت :
- تحب احددلك معاد أمتى
أخرج هاتفه من جيبه ووضعه امامه على المائدة قائلا:
- دلوقتى
نظرت الى الهاتف ثم نظرت إليه بدهشة وقالت :
- أنت بتكلم جد يا واد
أخذ الهاتف وضغط رقم منزلها وأعطاها الهاتف وهو يومىء براسه :
أخذت الهاتف مبتسمة بدهشة من تصرفاته الصبيانية وكأنها ترى ولدها لاول مرة .... نظرت أم يحيى الى مُهرة التى كانت تفرك يديها بتوتر بالغ وقد أحمرت وجنتيها بشدة بعد أن أخبرتها بطلب فارس وقالت لها :
- يعنى مردتيش عليا يا مُهرة ولا أوعى تكونى مستغربة زيى انا وابوكى
لم تستطع أن ترفع وجهها كان الخبر كفيل بان يفقدها وعيها ويلجم لسانها .. ها هو حبيب العمر يتقدم طالباً الزواج منها ثانى يوم تحرره من الاسر وكأنه لم يكن فى اسر السجون فقط .. هزتها أمها من كتفها وهى تقول :
- يابنتى ردى على أبوكى
رفعت مُهرة راسها الى والدها الذى قال :
- هتعملى فيها مكسوفه ما تردى على طول ها اقوله ايه موافقه ولا رافضه
همهمت فى خفوت فلم يسمعها أحد منهما ...هتف والدها بصوت عالى أنتفضت له وهو يقول :
- متعلى صوتك
جلست والدتها بجوارها وهى تقول :
- حبيبتى المرا دى مش هنجبرك على حاجه أنتى حره متخافيش أنا عارفه أنه أكبر منك بعشر سنين وأنتى بتعتبريه زى أخوكى الكبير و........
قاطعتها مُهرة فجأة وهى تقول بسرعة :
- موافقة
***************************


- فارس أنت بتهزر ولا بتكلم جد
ضحك فارس وهو يجيب عمرو عبر الهاتف النقال ثم قال :
- هى الحاجات دى فيها هزار يا عبيط أخواتك أنت .زلاء طبعاً مبهزرش
قال عمرو بمرح :
- أصل مش معقول .. أنت عارف أنت أكبر منها بكام سنه ولا ناسى .طب وهى وافقت ازاى


تنحنح فارس وهو يقول :
- ايوا عارف انا أكبر منها بعشر سنين وايه المشكله يعنى شوف الرسول كان أكبر من السيدة عائشة بكام سنه ورغم كده كانت أحب زوجاته لقلبه وهى كمان كانت بتحبه جدا عليه الصلاة والسلام .. ده الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيأخذ منها الاناء بعد ما تشرب ويدور على مكان موضع شفتيها ويشرب من نفس المكان شفت انت حب أكتر من كده
تنهد عمرو وقال :
- طب وهى قالتلك ايه وافقت على اساس ايه يعنى


أبتسم فارس ابتسامة واسعة وهو يقول :
- بينى وبينك أنا كنت هموت وأشوفها اتكلم معاها لما طلعت عندهم فى البيت لما كنت بتفق مع والدها على التفاصيل بس هى بقى مرضيتش تخرج وأمها قالتلى أنها لو خرجت دلوقتى هيغمى عليها من الكسوف ..
ضحك مرة أخرى وهو يقول :
- حتى لما اتلككت وقلتلهم طيب لو هى عاوزه تسألنى على حاجه هتعمل ايه ولا انا لو عاوز اسالها على حاجه هعمل ايه ... مامتها دخلت كلمتها وخرجت تقولى .. بتقولك لو عاوز تسألها على حاجه قول لماما وماما هتقولى وأنا هرد عليك عن طريقها ..وانا مش عاوزه اسأله على حاجه علشان أنا عارفه كل حاجه
ضحك عمرو ضحكات رنانه قال :
- يا سلام للدرجادى مكسوفه منك سبحان مُغير الاحوال ... قولى بقى الخطوبة امتى كده
رفع فارس حاجبيه وقال :
- خطوبة ايه يا عم الحج هو انا بتاع خطوبه ..تفتكر يعنى لسه هخطب بقى وأغض البصر وكده وبعدين هى كمان بقت تكسف منى أوى وأنا عاوز اخاليها تاخد عليا شويه .. أحنا أتفقنا على كتب الكتاب على طول
- طب قولى أمتى بقى علشان أجى احضر
- كنا هنخاليها الخميس بس علشان سيادتك بقى هنخاليها الجمعه
قال عمرو مداعباً :
- تصدق يا فارس انا عمرى ما شوفتك كده ابداً حتى فى جوازتك الاولى مكنتش فرحان اوى ,,كده للدرجادى بتحبها؟


زفر فارس بقوة محاولا أخراج جميع انفعالاته وقال :
- بحبها ايه يا أخى أنا مش لاقى كلمة توصف أحساسى بيها .. انا لما بلال كلمنى فى السجن ونبهنى حسيت بعدها أنى عاوز أكسر حيطان الزنزانة وأخرج اشوفها كان نفسى اشوفها أوى يا عمرو ساعتها حسيت بالسجن فعلا كان هو ده سجنى الحقيقى .. انا مش عارف أنا ازاى مخدتش بالى العمر ده كله...
------
الفصل الثلاثون
-------------



فى مساء اليوم التالى دخل فارس مكتب الدكتور حمدى بعد أن هاتفة وطلب منه الحضور على الفور لأن والد هانى الذى قد حكم عليه بالاعدام قد جاء الى المكتب وينتظره هناك ... طرق فارس باب حجرة مكتب الدكتور حمدى ودلف إليه وهو ينقل بصره بين الدكتور حمدى ووالد هانى الذى كان يقبع أمام حمدى وقد ظهر حول عينيه السواد من شدة الارهاق والأكتئاب الذى يعانيه منذ ان حُكم على ولده بالاعدام ..
بمجرد أن رأى فارس هب واقفاً وهتف فيه بحدة :
- حرام عليك أنت ومراتك تعملوا فى ابنى كده حرام عليك ضيعتوا مستقبله وضيعتونى معاه
نظر فارس للدكتور حمدى الذى وضع يده على كتفه قائلا :
- يا استاذ عبد القادر هو مش أنا فهمت حضرتك ان فارس مالوش ذنب وأنه كان عنده ظروف منعته من متابعة القضيه
صاح عبد القادر ببكاء :
- ولما عنده ظروف معتذرش عن القضيه ليه ضحكوا عليا ليه
ثم نظر الى فارس ورفع يده بأتجاه لحيته قائلا بحدة :
- أنا عارف اللى مربين دقنهم دول كلهم نصابين وبيتاجروا بيها
أمسك فارس يده الممتدة الى لحيته ونظر له بحدة وقال :
- أقعد وأفهم اللى حصل الاول قبل ما تتهمنى بالنصب
نظر له الدكتور حمدى نظرة ذات معنى وقال :
- مش وقته يا فارس
هز فارس رأسه نفياً وقال بأصرار :
- لاء لازم يعرف كل حاجه
جلس عبد القادر يستمع الى فارس وهو يقص عليه ما حدث معه منذ أن دخل مكتبه اول مرة وطلب منه الدفاع عن ابنة هانى فى قضية القتل ولقد كان يستمع إليه وهو محدق به تتسع عينيه شيئاً فشيئاً غير مصدق ما تسمعه أذنه حتى أنتهى فارس قائلا:
- يعنى مش ابنك لوحده اللى أترمى فى السجن بسبب القضيه دى .. انا كمان اترميت ظلم وده الفرق بينى وبين ابنك
ضاقت عينيى عبد القادر وهو يقول بذهول :
- يعنى مراتك هى اللى عملت كل ده لوحدها بعد ما رميتك فى السجن هى و وائل
أومأ فارس براسه وقال باسى :
- أيوا مراتى ووائل
وفجأة صاح عبد القادر مرة أخرى :
- يعنى مراتك تتمتع بالفلوس وأنا ابنى يتعدم وأخسره
رفع فارس رأسه إليه وقال بجدية :
- ومين قالك أنها هتتمتع بالفلوس .. دى زورت أوراق رسميه يعنى هتتحبس هى واللى ساعدها فكده
دفن عبد القادر وجهه بين كفيه وهو يبكى هتفاً :
- وابنى يا ناس أبنى هيروح مني ظُلم
مال فارس للأمام وقال بهدوء:
- أهدى يا استاذ عبد القادر .. أولا الحكم ده مش نهائى يعنى أى محامى يقدر يعمل استئناف والحكم يتخفف وينزل للمؤبد والمحكمة هتراعى أنه أعترف على نفسه وهتراعى سنهُ الصغير .. والمؤبد احسن من الاعدام
رفع عبد القادر رأسه ونظر إليه وهو يضرب كفيه بحسرة :
- يعنى كل التعب اللى تعبت فيه ده كله وأنا بربيه وبكبره وبصرف عليه وبعمله اللى هو عايزة وفى الاخر ياخد مؤبد .. ليه كده يا هانى انا قصرت معاك فى ايه يابنى
تبادل فارس مع الدكتور حمدى النظرات المشفقة على الرجل وأنحنى فارس بأتجاهه وربت على كتفه قائلا:
- التربية يا استاذ عبد القادر مش معناها أنك تديله فلوس وتخليه مش عاوز حاجه .. أنت كنت بتشوفه بيخرج مع بنات وكنت بتشوف بنات فى عربيته وكنت مخصصله شقه بتاعته يروحها وقت ماهو عاوز مع اللى هو عاوزه من غير رقيب ولا حسيب على تصرفاته .. أنت أديته فى أيده الاداه اللى دمر بيها نفسه وأنت فاكر أنك بتسعده ومش مخليه عايز حاجه
مسح الرجل دموعه وهو يقول بحزن:
- أنا كنت بقول ده راجل مش بنت علشان أخاف عليه
ربت فارس على كتفه وقال :
- الحلال والحرام مفيهوش راجل وست .. وأنت لو كنت ربيته على الحلال والحرام كنت كسبت راجل فى ضهرك دلوقتى يقف جنبك ويساندك.. لكنت أنت سبته للبنات والعربيات والخروجات والفسح ونسيت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :
( ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع مسئول عن رعيته )
أعتدل فارس فى جلستة وقال:
- يعنى حضرتك أنت وأمه هتتسئلوا عن تربيتكوا ليه وعن الحال اللى وصله علشان معلمتهوش دينه وأنه حرام اصلا أنه يبص لبنت مش كمان يعمل معاها علاقة وتركب عربيته ويقعدوا يحبوا فى بعض وكل ده حرام فى حرام
نهض الرجل بتثاقل وقد شعر أن جبلاً قد وُضع على ظهره فلم يعد يحتمله وقال بوهن :
- متشكر يا دكتور فارس بس أنا فوقت متأخر أوى بعد ما ابنى ضاع مني وماليش حيلة خلاص
ياريت كل اب وأم ينتبهوا على ولادهم وبناتهم قبل ما يضيعوا من أيديهم وساعتها مفيش رجوع
وقبل أن يخرج من حجرة المكتب تبعة الدكتور حمدى مربتاً على كتفه مطمئناً له وقال :
- متقلقش حكم الاعدام هيتخفف ان شاء الله
أومأ الرجل برأسه حزناً وهو يشعر بالضياع .. لم تنفعه امواله فى أن ينشىء رجلا حقيقياً يعتمد عليه فى مراحل عمره المتقدمة ومرضه الذى بدا يزحف إليه رويداً رويدا ...
بعد خروج الرجل من مكتبة أخرج فارس جواب استدعاء من النيابه وقدمة للدكتور حمدى قائلا:
- الآستدعاء ده جالى النهارده الصبح علشان قضية التزوير
قرأ الدكتور حمدى جواب الاستدعاء وهو يومىء براسه ثم قال :
- ده كان متوقع يا فارس طبعا .. متنساش أن اسمك فى التوكيل أول اسم ..
مط شفتيه قائلا:
- عموما متقلقش فى أكتر من اثبات أنك مكنتش شغال القضية دى
تنهد فارس بعمق وقال :
- أنا مش قلقان يا دكتور أنا عارف انى هطلع منها بسهوله ان شاء الله .. أنا هروح بكره وأحط أقوالى وربنا ييسر الامر والموضوع يخلص على كده
نظر له الدكتور حمدى بإشفاق قائلا:
- معلش يا فارس أنا عارف أن اللى حصل مش سهل عليك وصدمتك فى مراتك مش قليلة بس أنت قدها ان شاء الله وهتتجاوز الازمة دى بسرعه زى عادتك دايما .. ثم ابتسم قائلا :
- وبعدين عندى ليك خبر حلو هينسيك كل ده
نظر فارس إليه بفضول فقال حمدى على الفور بمرح :
- هو أنت يابنى مش معاك الدكتوراه ولا ايه
أومأ فارس براسه وهو ينظر إليه بفضول كبير فأردف الدكتور حمدى قائلا:
- طب استعد بقى علشان تستلم شغلك فى الجامعه يا دكتور
حدق فارس به غير مصدق وعلى وجهه ابتسامة وقال بسرعة:
- بجد يا دكتور
ابتسم الدكتور حمدى وقال بخشوع:
- قال الله عزوجل ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً )

*********************************************
كانت عبير تضع الأطباق على المائدة وقد ارتسمت ابتسامة رضى على شفتيها ثم ضحكت ضحكة صغيرة وهى ترى بلال يمرح مع الاولاد ويداعبهم ويقوم بتعليمهم الملاكمة وهم يتدربون فيه ,,فمنهم من يلكمة فى معدته ومنهم يلكمة فى وجهه ومنهم من يقفزون على ظهره ويلكمونه فى ساعديه وهو يصرخ بمرح ويصيح :
- ألحقينى يا عبير ولادك هيموتونى
ضحكت وهى تقول :
- أحسن ..أنت اللى علمتهم
ثم صفقت بيدها وهى تقول للاولاد:
- يالا يا ولاد أدخلوا صحوا تيتة علشان نتغدى سوا
ولكنهم لم يعبأوا ظلوا يلكمونه ويضربونه ولكنه استطاع أن يفلت منهم جميعاً ويهرول بأتجاه عبير وهو يصيح بمرح ألحقونى هيموتونى وهم يجرون خلفه ويضحكون بشدة .. جرى بلال حتى وصل عند عبير ولف خلفها وأحاط خصرها من الخلف وهو يحتمى بجسدها منهم وكلما جاؤه عن يمينه أدارها ناحية اليمين واذا جاؤه عن شماله أدارها بأتجاههم وكأنها دمية يلعب بها وهى تضحك ولا تستطيع الفكاك من ذراعيه المحيطة بها من الخلف .. خرجت أم بلال من غرفتها على اصوات الضحك ونظرت إلي بلال محدقة به وهو يحيط عبير من الخلف ويضمها الى صدره والاولاد يضحكون وهى تضحك ..
نظر بلال الى والدته وقال :
- لا ارجوكى يا أمى متفهمنيش غلط
حاولت عبير فكاك يده من حولها وهى تشعر بالخجل وهو مازال مطبقاً عليها بقوة لا يريد تركها فصاحت فى والدته :
- ألحقينى يا ماما خاليه يسيبنى
جلست والدته على الاريكة وهى تهتف به :
- سبها وبطل استعباط
نظر الاولاد الى بعضهم البعض وكأنهم يقررون خطةً ما لفك اسر والدتهم ... أندفعوا بقوة نحوهما وسقط الستة أرضا وسط ضحكات عالية .. استطاعت عبير أن تتحرر وتنهض مسرعةً تجرى باتجاه المطبخ وهى تصيح :
- حرام عليكوا الاكل هيتحرق
دخل بلال خلفها بعد أن أعطى والدته دوائها ووقف خلفها ينظر إليها وهى تُعد الطعام والعرق ينبت على جبينها من الأبخرة المتصاعدة فى وجهها وهى تزيل غطاء القدر وتقلب فيه بهمة وتتذوقه لتشعر بالرضا تجاهه .. وضعت الغطاء مرة أخرى وألتفتت لتجده واقفاً يشاهدها قالت وهى تضيق عينيها :
- نعم يا فندم جاى تكمل هزار هنا ولا أيه
ضحك وهو يقول :
- لا والله مش قصدى
ثم تقدم منها ومسح حبات العرق التى تجمعت على جبينها وقال :
- أنتى بتتعبى اوى يا عبير ربنا يخاليكى لينا يارب أنا مش عارف من غيرك كنت هعيش أزاى
نظرت له بحب وقد تناست تعبها تماماً على اثر كلماته العذبة المُقدرة لمجهودها وقالت :
- ما أنت كمان بتتعب فى شغلك بره البيت
هز راسه نفياً وقال :
- لا أنا لازم اساعدك قوليلى اعمل ايه وأنا هتلاقينى فوريره على طول
قالت بخجل :
- ممكن تحضر الاكل معايا بس
رفع حاجبيه قائلا بدهشة :
- بس كده
أومأت براسها فأنحنى بخفة أمامها وهو يقول بأحترام :
- تحت أمرك يا مولاتى
ضحكت وضربته بخفة على كتفه ثم أعطته أحد الاطباق فى يده قائلة :
- أتفضل بقى للخلف دور
ألتفوا جميعاً حول المائدة وشرعوا فى تناول الطعام ولكنه فجأة ترك الملعقة من يده لتصدر صوتاً عاليا وهى ترتطم بالطبق امامه وعقد جبينه هاتفاً :
- ايه ده يا عبير ايه الاكل ده
نظر الجميع إلي وقالت عبير بتوتر :
- ايه ماله
عقد جبينه أكثر وقال بصرامه:
- طبيخ ده ولا بسبوسة
تذوقت والدته الطعام وقالت :
- ماهو كويس أهو يابنى
بينما قالت عبير بإضطراب :
- بسبوسة ازاى يعنى
ألتفت إليها بنفس الصرامة وقال :
- المعلقه يا هانم اللى دوقتى بيها الاكل ولمست بؤقك حطتيها فى الحلة تانى علشان كده الطبيخ بقى مسكر
رفعت عبير حاجبيها بينما نظرت له والدته ثم ضحكت وقالت :
- والله أنت عاوز علقة
ثم نظرت لعبير وقالت :
- الله يعينك عليه يا بنتى أنتى مستحمله رخامته دى أزاى
زفرت عبير وهى ترى ضحكاته وقالت :
- الله يسامحك يا بلال خضتنى انا قلت حطيت سكر بدل الملح
ضحك وهو يمسك بيدها ويقبلها وهو يقول :
- مش انا قلتلك قبل كده اى حاجه بتمسكيها بتبقى مسكره
قاطعه أحد الاولاد قائلا:
- أبى أنا عاوز حته من الفرخه دى
نظر له بلال وقال لعبير :
- الواد ده طالعلى بياكل بضمير أوى

بعدما هدأت الضحكات قالت عبير وقد تبادلت النظرات مع أم بلال :
- بقولك ايه يا بلال أنا عندى فكره كده يارب توافق عليها
ابتلع الطعام وقال :
- خير يا حبيبتى
- ايه رايك تعلمنى الحجامه زى ماما كده ونعمل جزء فى المركز للستات .. الحجامه ابتدت تنتشر والستات مش لاقيه واحده ست تعمل عندها ..
فكر بلال قليلا ثم قال :
- طب والبيت والولاد
تدخلت والدته قائلة :
- انا هساعدها وهنتبادل الشغل وبعدين يعنى مش هتبقى زحمة ... الناس لسه لحد دلوقتى ميعرفوش فوايدها ومش هيبقى فيه اقبال كتير وخصوصا فى الاول كده ..
اردفت عبير قائلة :
- حتى لو بقت زحمة ممكن نجيب ممرضة تساعدنا
نظر بلال اليهما وقال :
- شكلكوا متفقين وانا اخر من يعلم
تبادلت مع أم بلال النظرات القلقه فقال بهدوء :
- بصى يا عبير أنا مش ضد شغل الستات بالعكس الست ممكن تفيد الست اللى زيها واللى مش عاوزه تعرى نفسها قدام دكتور راجل .. علشان كده أنا نفسى الدكاتره الستات يبقوا اكتر من كده ويبقوا فى كل التخصصات
قالت بفرحه :
- يعنى موافق
اشار بيده قائلا:
- موافق بشرط أن ده مياثرش على بيتك وولادك
أومأت براسها بفرحة وهى تنظر الى والدته التى ابتسمت بسعادة وهى تنظر الى عبير بأمتنان فلقد كانت هذه رغبتها هى ولكنها خشيت من رفض بلال للفكرة خوفا على صحتها وسنها المتقدم ولكنها كانت تشعر أنها لابد أن تفعل شىء يخدم دينها لن تظل هكذا حبيسة الجدران تهتم باحفادها وفقط لابد أن يكون لها دور فى المجتمع مفيد ويخدم دينها بدون أختلاط وهى وسط النساء بجوار زوجة ولدها التى تعتبرها أبنتها منذ أن رأتها فى بيت والدها ... فهناك أُناس يموتون فنشعر بعد موتهم بفقد الكثير والكثير وهناك أُناس يموتون فنتفاجىء بأنهم كانوا لايزالون أحياء
*****************************************

وقف فارس ماثلاً أمام النيابة يدلى باقواله فى القضية وهو يذكر كل تفصيلة مرت به فى هذه الاثناء وقدم الدكتور حمدى ما يفيد بأنه كان معتقلاً فى هذا التوقيت وبعد أدلاء سكرتير النيابة بأعترافاته وأنه فعل ذلك بعد تحريض من وائل وأنه استلم المال من دنيا يداً بيد بشكل مباشر وأنه لم يتقابل مع فارس ولم يراه من قبل .. خرج فارس من هناك دون أن توجه له تهمة واحدة ..
وهو فى طريقة فى الرواق أمام مكتب النيابة تقابل مع دنيا ووائل وهم فى حالة مذرية ومن الواضح أنهم قد تم حبسهم على ذمة التحقيق .. نظر لها فارس بأزدراء وأطرقت هى براسها ارضاً تخشى من مواجهته وحثة الدكتور حمدى على عدم التوقف والحديث معها ولكنه لم يفعل ..
وقف امامها قائلا :
- أنا عمرى ما عملت فيكى حاجه وحشة ومغصبتكيش علشان تتجوزينى ليه وافقتى على كتب الكتاب وانتى رافضانى بدل ما كنتى تهربى من أمك كنتى كلمينى وقوليلى مش عاوزاك صدقينى كنت هحترم ده وأنسحب من حياتك بهدوء كنتى وفرتى علينا سنين ضاعت فى لاشىء ..
صمتت وأطرقت الى الارض تريد أن تبتلعها الارض فى أحشائها ولا تقف أمامه مثل هذا الموقف .. سمعت صوتا من الخلف يقول :
- حمدلله على سلامتك يا دكتور
ألتفت فارس ودنيا ليجدا حسن الذى اقترب منها وقال :
- مش كنتى وفرتى على نفسك البهدله دى
حدقت به وقالت صارخه :
- يعنى انت اللى قلتله مش كده يا ندل
ابتسم حسن وقال لها :
- مش انتى اللى مسمعتيش الكلام وكنتى عاوزه تاخدى نص الفلوس لوحدك أديكى هتصرفيها على المحامين
ثم نظر الى فارس وقال بزهو :
- انا اللى بعتلك الجواب يا دكتور فارس علشان أعرفك الحقيقة
أحتقن وجه فارس وهو يسمتع الحديث الذى يدور بين حسن ودنيا وشعر أنه سيتقيأ ما فى معدته من فرط التقزز الذى يشعر به تجاهمها وتجاه ما يقولون ..
دفعها أمين الشرطة تجاه مكتب وكيل النيابة لتدخل اليه تستكمل التحقيقات بينما ألتفت إليها فارس وناداها قائلا :
- دنيا
ألتفتت إليه بنظرات متسائله وعيون باكيه .. فقال بهدوء :
- أنتى طالق
وأستدار بجسده الى حسن الذى كان ينظر إليها بشماته .. فأمسك بتلابيبة ودفعه بالاتجاه الاخر وهو يصيح به :
- أمشى من هنا يا ديل الكلب أنت
نظر الدكتور حمدى إليه متسائلا وهو يقول :
- ايه علاقة حسن باللى بيحصل يا فارس
أطرق فارس برأسه وهو يحركها يمينا ويسارا قائلا بأسف:
- معلش يا دكتور أنا تعبان ومحتاج أروح دلوقتى
وضع حمدى يده على كتف فارس وقال متفهماً :
- روح أنت أرتاح ... ثم أبتسم وهو يقول :
- بس أعمل حسابك بعد كتب كتابك على طول هتنزل الشغل ..ماشى
- ماشى يا دكتور
*******************************

وقبل عقد القران بيوم واحد كانت عزة وعبير فى زيارة مُهرة التى كانت كانت تظن ان شمس اليوم التالى ستشرق من أجلها وأن القمر سينطصف السماء من أجلها لا لينير الارض كما يفعل كالعادة ولكن سيحذو حذو الشمس وسيفعل ذلك لها وحدها ...
قبلتهم مُهرة وهى ترحب بهم فى منزلها بسعادة وجلست أمامه وهى تلاعب الاطفال وعزة تنظر اليها بدهشة بينما قالت عبير بمرح :
- علشان تعرفى بس أن قلبى كان حاسس ها
ضحكت مُهرة بخجل وهى تدفن وجهها بين الاطفال حياءا منها وقالت عزة متسائلة :
- بصراحه يا مُهرة انا مستغربة أوى محدش كان يفكر ابدا ان العلاقه بينك وبين فارس تبقى أكتر من علاقة بنت باخوها الكبير
نظرت لها عبير معاتبه بينما قالت مُهرة بخفوت :
- مش عارفه يا عزة بس أنا عمرى ما شوفت فارس أخويا الكبير كنت دايما بشوفه قدوتى وأنى نفسى ابقى زيه حتى ساعات كنت بتمنى ابقى شبهه فى الشكل من كتر منا كنت بحب اقلده فى كل حاجه ..عارفة العلامات اللى بتبقى مرسومة على الطريق علشان ترشد الناس أهو كان بالنسبالى كده ,,لاء ده أنا كنت بحس انه هو الطريق نفسه اللى من غيره اضيع وأتوه ...
تبادلت عزة مع عبير النظرات وهما ينظران إلى مُهرة وهى تتحدث بعيون حالمة وهائمة فقالت عبير على الفور :
- بصى يا مُهرة أنا بكره إن شاء الله هبقى عندك من أول اليوم وهجيبلك الكوافيرة هنا فى البيت وهجيبلك الاخوات اللى هيعملولك فرح أسلامى محصلش زى فرحى بالظبط مش أنتى فاكراه ولا نسيتى ..
كانت عبير تحدثها وهى مازالت حالمة ومحلقة فى عالمها ولكنها عادت فجأة إلى ارض الواقع وهى تقول بمرح مفاجى وكأنها تذكرت شيئا لا يحتمل التأجيل وقالت :
- شفتى يا ابله عبير فارس بعد ما بقى عنده لحيه بقى أمور أزاى
ضحكت عبير وأستجابت لدعابتها وقالت :
- من غير ما أشوف انا متأكده من كده أصل يابنتى اللحيه دى بتدى الراجل وسامة كده ورجولة
نظرت عزة إليهما وقالت بحيرة:
- تصدقوا بالله أنا عمرى ما تخيلت عمرو باللحيه ومش عارفه هيبقى أمور فيها ولا لاء
قاطعتها عبير قائلة بشغف:
- تعالى ياختى شوفى لما بنخرج أنا وبلال نتشمى ونتفسح فى حته البنات بتبقى هتاكله بعنيها أكل .. بيبقى هاين عليا أجيبهم من شعرهم وأخرملهم عنيهم دى
ضحكت مُهرة وهى تضع كفيها على وجهها فتابعت عبير بحماس وهى تتحدث الى عزة :
- وبعدين يا عبيطة اللحية بتزود قدرة الراجل ال ..... بترت كلمتها وأحمر وجهها وهى تنظر الى عزة التى كانت تحدق بها ..تنحنحت عبير بينما قالت مُهرة ببراءة :
- ال أيه ؟
ضحكت عزة وهى تنظر لمُهرة التى تسألها ببراءة وقالت لها :
- ابقى اسألى فارس ياختى
قالتها وتبادلت الضحكات العاليه مع عبير ومُهرة تنظر إليها بغيظ وحيرة ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت متبرمة :
- بتضحكوا عليا طب ايه رايكوا هسألوا
زادت ضحكات عبير وعزة وكل منهما تضع يدها على معدتها من كثرة الضحك وهما ينظران الى مُهرة التى زادت غضبا وتبرما كلما أزدادوا ضحكاً .........

**********************************************
نظر إلى سترته فى المرآة متمماً عليها بقلق ثم خرج إلى والدته التى كانت تنتظرة بالخارج ودار حول نفسه ببطء مستعرضاً حلته أمامها وقال متسائلاً:
- ها أيه رأيك يا ست الكل
أبتسمت والدته وأقبلت عليه وقبلته بعينين دامعتين وقالت :
- زى القمر يا حبيبى
قال على الفور :
- تفتكرى هعجبها كده
ضحكت وهى ترفع كتفيها وتنزلهما قائلة :
- أنت ياخويا عاجبها من زمان من ساعة ما كانت فى اللفة
قبل يد والدته ولف ذراعه حولها قائلا:
- تصدقى يا أمى مشوفتهاش من ساعة ما رجعت غير مرة واحده لما كانت فى البلكونه ومن ساعتها مش عارف اشوفها ولا حتى صدفة مش عارف مكسوف منى كده ليه كأنى غريب عنها كأنها متعرفنيش مش عارف أخاليها تاخد على الوضع الجديد ده أزاى
أجلستة والدته على الاريكة وجلست بجواره وقالت بجدية :
- أنا عاوزة اقولك كلمتين يا فارس تحطهم حلقة فى ودنك ..
أعتدل وبدا عليه الاهتمام وهو يستمع لها وهى تقول :
- مُهرة يابنى بالنسبالك مش هتبقى مراتك وبس .. دى كمان هتبقى بنتك ولازم تاخد بالك من كده وأنت بتتعامل معاها ... أنا عارفه أن فارق السن بينكوا مش كبير ولا حاجه ,,أنا بينى وبين ابوك الله يرحمه 15 سنه وطول عمره وأحنا متفقين الحمد لله لحد آخر لحظه .. عارف ليه يا فارس ,, علشان ابوك طول عمره كان حنين ومكنتش بحس أنه جوزى وبس كنت بحس أنى بنته بيدينى حنان الاب زى ما بيدينى حب الزوج ,, فاهمنى يا فارس
أومأ برأسه وهو يحاول استيعاب نصائحها فقالت متابعة:
- لو عملت كده مراتك هتحبك أكتر وأكتر وهتبقى أغلى حاجه فى حياتها ومش هتقدر تزعلك ابداً
أبتسم ونهض يقبل رأسها قائلا:
- ربنا يخليكى ليا يا أمى ممكن بقى نطلع أحسن من ساعة ما قولتليلى كلمة مراتك دى وأنا عاوز أطلع مش عارف ليه
ضحكت والدته بشدة وهى تضع يدها على قلبها وتقول :
- سبحان الله كأنى أول مرة اشوفك بتتجوز فيها كأنك واحد تانى خالص
أخذ بيديها يساعدها على النهوض وأتجه بها نحو الباب وقد ملئت نظرات الحب عينيه وهو يقول :
- صدقينى يا ماما أنا كمان حاسس أنى أول مرة بتجوز وأول مرة بحب
******************************************

تزينت مًهرة حتى أصبحت تبدو أكبر من عمرها الحقيقى ووقفت تنظر لزينتها بالمرآة وهى تستغرب شكلها الجديد وهيئتها شردت بعقلها بعيداً وتذكرت يوم عقد قرانها على علاء ذلك اليوم الذى لم تنظر لنفسها فيه فى مرآتها أبداً ولا تعرف كيف كان يبدو شكلها وقتها ..
لم ترى الا فستانها وهى تنظر اليه وهى مطرقة براسها حتى لا تراه وهى تجلس بجواره مطرقةً براسها حزناً...... تذكرت كيف ابدت موافقتها على الزواج منه بدون عقل واعى رغم النفور الذى شعرت به تجاهه عندما تقدم لخطبتها ..
نطق لسانها بالموافقة رفض عقلها وقلبها .. حدقت بوجهها فى المرآة أكثر وقد تذكرت الطريقة التى كانت تتعامل بها مع علاء لم تعتبره يوما زوجها حتى أنها لم تظهر أمامه الا بالملابس المحشمة وبالحجاب ..
لم يرى شعرها رغم الحاحه الدائم كانت ترفض دائما لشعورها انه غريب عليها لا تعرفه ولا تطيقه .. كانت تعتبر رفض قلبها له دليل على عدم صحة زواجهما لذلك هو ليس زوج ولا حتى خطيب ...كان طلاقها تحصيل حاصل سيحدث فى أى وقت ولكن فى اى حال من الاحوال ما كانت ستكمل معه مشوار حياتها أبدا ..
كانت تراه مُختطف قد أختطفها من بيئتها التى نشأت بها يريد أن يقذف بها فى مجتمع آخر غريب عليها خالى من دفء المشاعر التى أعتادت عليه فى مجتمعها الصغير مجمتعها التى تربت ونشأت فيه وأحبته بكل ذرة فيها .....
أنتفض جسدها فجأة عندما هزتها أمها بقوة هاتفة بها :
- مالك يا مُهرة سرحانه فإيه كل ده
أنتبهت الى والدتها بعيون شاردة ولكنها عادت الى ارض الواقع سريعاً وهى ترى عبير وعزة ووالدة فارس يدخلون غرفتها وقد ملاءت الضحكات عيونهم وعبير تقول :
- الفرقه داخله يا مُهرة أجهزى ببدلة الرقص
ضحك الجميع وبدأت البنات فى الدخول إليها وجلست هى كالملكة بين الجميع تنظر إليهم وتضحك ببراءة وهم ينشدون وعبير وعزة يرقصان ويرتطمان فى بعضهما البعض ويضحكان فى سعادة وبعد قليل أخذوا بيد والدة فارس لترقص معهم ولكنها خجلت وأحتضنتهم وخرجت من حلبة الرقص وجلست بجوار مُهرة وهى تربط على قدمها بسعادة وحب ضحكت مُهرة اكثر بخجل عندما أخذت عبير الدُف من احدى الاخوات وبدأت تنشد وهم يرددون ورائها

فارس حلم بتتمنيه
واللى حلمتى فى يوم تلاقيه
بيكون وصفه يا مسلمة ايييه
يلا قوليلنا ..يلا قوليلنا ..يالا قوليلنا واحكى عليه

* ما تشوف عينه الا حلاله
ولا غير ربه بيشغل باله
ويطاطى ويراضى الوالد
والوالدة بتبات داعياله
ومصلى والمولى هاديه
آدى اللى حلمت انى الاقيه

قولى كمان يا صبيه عليه
فارس حلم بتتمنيه
بيكون وصفه يا مسلمة ايه
يلا قوليلنا ..يلا قوليلنا ..يالا قوليلنا واحكى عليه

*يتعب جسده ويعرق اكتر
ليرتاح قلبه الاخضر
وبيرجعلى بايده نضيفة
نفسه عفيفة وزى السكر
وطيابته بتبان فى عينه
آدى اللى حلمت انى الاقيه

قولى كمان يا صبيه عليه
فارس حلم بتتمنيه
بيكون وصفه يا مسلمة ايه
يلا قوليلنا ..يلا قوليلنا ..يالا قوليلنا واحكى عليه

* بتمناه انه يقدرنى
يبقى ولى القلب وأمرى
والليل لو بتطول اوقاته
يبقى ونيسى ونجمى وقمرى
وانا عمرى عمرى ما اعصيه
آدى اللى حلمت انى الاقيه

قمر العاطى انك تلاقيه
زى ما كنتى بتحلمى بيه
واهو جالك دلوقتى الفارس
يسعد قلبك ويهنيه
يسعد قلبك ويهنيه

قمر العاطى انك تلاقيه
زى ما كنتى بتحلمى بيه
واهو جالك دلوقتى الفارس
يسعد قلبك ويهنيه
يسعد قلبك ويهنيه

أما فى الخارج وعند الرجال جلس فارس أمام والد مُهرة وبدا المأذون فى أجراءات عقد القرآن .. نظر فارس حوله نظرة سريعة فلم يجد أثر ل عمرو رغم وجود والده ووالدته وزوجته بالداخل ولكنه لم يأتى حتى الان ..
كان يريد أن يكون عمرو أحد الشهود على الزواج ولكنه تأخر جدا عن الموعد المتفق عليه ... لاحظ بلال نظرات فارس فنهض من مكانه وذهب الى فارس وأنحنى يحدثه فى اذنه
قائلا :
- يتدور على ايه عاوز حاجه
همس له فارس :
- عمرو أتاخر أوى
أخرج بلال هاتفه وأتصل به ولكن الهاتف مغلق .. أنحنى مرة أخرى وقال لفارس:
- التليفون مقفول .. بس متقلقش يمكن الشبكه واقعه ولا حاجه وبعدين ده جاى من سفر يعنى يمكن السوبر جيت أتأخر على ما طلع ولا حاجه
أومأ فارس براسه بقلق وأنشغل مع المأذون فى الاجراءات حتى أنتهى العقد وبدات رحلة الامضاءات الطويله أنهى فارس آخر توقيع له وارتسمت على وجهه علامات السعادة والفرحة والشوق والحب قد عبرت تسللت وأنطلقت مرتحلة أخيرا من بين قضبانها بداخل قلبه ولتنطق بها قسمات وجهه معلنةً عن شوقها البالغ لزوجة العمر وشريكة الطفولة والصبى ..
خرجت والدة فارس وأخذت الدفتر الكبير ودخلت الى مُهرة لتوقع هى الاخرى موافقةً على أهداء عمرها وقلبها وكيانها له بدون منازع ولا شريك كما كان دائما ولكن هذه المره يرتبطان برباط مقدس لا ينفك بينهما أبدا ..
كانت توقع على العقد ويديها ترتعش وجسدها ينتفض لا تستطيع تفسير هذه الحالة ولن نستطيع نحن ايضا تفسيرها ولكن من الجائز ان نقول عنها .. حالة حب
أغلق المأذون دفتره وهو يدعوا لهما بالبركة والرزق وبدأ الجميع فى ترديد الدعاء لهم خلف بلال الذى كان يردد .. بارك الله لهما وبارك عليهما وجميع بينهما فى خير...
غادر المأذون وبعد قليل وقف بلال فى المنتصف بين الجميع وقال بصوت عالى .. ودلوقتى جه وقت الامتحان وده للكل ها
نظر له الجميع بتسائل فقال :
- انا هسأل سؤال واحد ولازم الكل يجاوب عليه
بدأت الابتسامات تعلو الوجوه وبلال يقول :
- هو سؤال واحد ... كل واحد فيكوا أتجوز ليييييه؟
نظر له الجميع وبدأوا بالضحك فاشار لهم أن يصمتوا وقال :
- مبهزرش انا عاوز أجابه
بدأ الجميع فى الهتاف بمرح :
- ايه يا عم ده بنتجوز علشان نتجوز
- بنتجوز علشان نخلف ويبقى عندنا عيال
- بنتجوز علشان أهالينا يرتاحوا
- بنتجوز علشان أمهاتنا دعوا علينا فى ساعة عصارى
ضحك الجميع من اجابات بعضهم البعض فتوجه بلال الى فارس وأخذ بيده يوقفه وقال :
- وأنت بقى يا عريس بتتجوز ليه
أبتسم بلال وقال :
- علشان أفتح بيت مسلم وأخلف عيال أربيهم تربية اسلاميه أنفع بيهم الدنيا والدين من الانسانه اللى أخترها قلبى
صفق بلال بيديه فاستجاب له الجميع وصفقوا وهم يضحكون
بينما قال بلال :
- هى دى الاجابه النموذجيه يا جماعه ... ثم نظر الى أبو مُهرة وقال متعجبا:
- ينفع بقى البنت اللى أخترها قلبه تبقى قاعده جوا وهو قاعد مع الشنابات دى
ضحك الجميع مرة أخرى ونهض والد مُهرة مبتسماً وهو يقول :
- طب استنى لما أدخل أشوف الطريق
دخل والد مُهرة وطرق على الباب فخرجت له أم يحيى فقال لها :
- خلى البنات تلبس علشان العريس عاوز يقعد مع عروسته شويه
ابتسمت ودخلت على الفور وقالت بصوت عالى :
- يالا البسوا يا بنات العريس عاوز يدخل
أحتقن وجه مُهرة وهى تبحث عن ملابس او حجاب أو اى شىء
فضحكت عزة وهى تقول لها :
- يابنتى ده خلاص بقى جوزك أنتى أتهبلتى ولا ايه
أرتدت النساء ملابسها ووضعت عبير نقابها على وجهها وقبلت مُهرة وأنصرفت ..
بدأت النساء فى الانصراف ونهض فارس ليدخل لحبيبة قلبة ليراها لاول مرة دون محاذر أو قيود او خجل ولكن تأتى الرياح دائما بما لا تشتهى السفن .. دخل والد عمرو وأخيه محمود وهو يهتف موجها حديثه لفارس :
- أحلقنا يا فارس يابنى عمرو أتقبض عليه وهو جاى فى السكة
حدق به فارس وابتلع ريقة وهو يصيح به :
- أتقبض عليه يعنى ايه وليه
صاح والد عمرو وهو يلتقط انفاسه بصعوبه
_ وهو جاى فى السكة طلعت حمله تفتش السوبر جيت ولقوا فى شنطته حتة آثار فرعونى
تمتم فارس بذهول :
- آثــار فرعـونـى !!!!!
---------
يًتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #18  
قديم 02-22-2018, 06:17 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل الحادي والثلاثون

--------






عانق فارس عمرو وربت على ظهره مطمئناً وأجلسه وجلس بجانبه ممسكاً بذراعة وهو يقول :
- متخافش يا عمرو أن شاء الله هتطلع منها بس أحكيلى كل حاجه حصلت معاك وأزاى حتة الاثار دى دخلت شنطتك ؟!
أستند عمرو برأسه بين كفيه وهو يهزها نفياً قائلاً بإنهيار:
- مش عارف يا فارس مش عارف
ثم رفع راسه إليه وقد بدا فى عينيه الرجاء وهو يقول :
- أنت مصدقنى يا فارس مش كده أنت مصدق أنى ماليش دعوه بالحاجات دى ولا أعرفها
أمسك فارس ذراعه وهو يشد عليه مطمئناً ويقول :
- مصدقك طبعاً يا عمرو أنت صاحبى وأخويا وأنا عارفك كويس .. بس براحه كده علشان نفهم أزاى ده حصل .. أحكيلى كل حاجه .. فى حد فى شغلك مضايق منك ولا بيكرهك ؟
ضرب عمرو كفيه فى بعضهما البعض وهو يقول :
- انا دماغى متشتته يا فارس مش عارف أجمع أى حاجه ..أنا علاقتى بزمايلى فى الشغل علاقة كويسه اوى ..
ثم تنبه فجأة وهو يقول بإضطراب :
- يمكن بس واحد هو اللى كان بيكرهنى فى الاول بس من فتره كده بقى كويس معايا خالص وبقينا اصحاب
عقد فارس بين حاجبيه وقال مكرراً :
- مين ده وكان بيكرهك ليه وبقى كويس معاك من أمتى بالظبط ؟؟؟
مسح عمرو وجهه بيديه بقوة نافضاً عن نفسه التشتت الذى يشعر به وقال :
- بص يا فارس أنا هحكيلك كل حاجه بس الكلام ده يبقى بينا وبين بعض علشان الكلام مايوصلش لمراتى بأى حال من الاحوال ..
أومأ فارس برأسه وهو يشعر ان المشكله أكبرمما كان يظن .. مال عمرو للأمام مستنداً على قدمية وبدأ يقص على فارس ما حدث له فى هذه الشركة منذ أول لحظة وطأت قدمه فيها وحتى هذه اللحظة كان فارس يستمع إليه مشدوهاً مما يقول ..
كيف تكون المهندسة إلهام بهذه الاخلاق وهى أخت الدكتور حمدى !!.. الرجل الذى لا يقبل قضية مشبوهة ابداً ومبادئة غير قابلة للمساومة أو التجزئة .. ماهذه العائلة الغريبة التى تحيط بالدكتور حمدى ألايكفى فى عائلتة شخص مثل باسم ابن خالته لتصبح إلهام أخته أيضا بهذا الانحدار الاخلاقى الذميم ..
أنتهى عمرو من سرد قصته على فارس الذى تمتم بحيرة :
- سبحان الملك .. سيدنا نوح كان نبى وأبنه كان كافر وسيدنا ابراهيم كان نبى وابوه كان مشرك بالله يبقى المفروض مستغربش من اللى بسمعه ده ..
ثم نظر إلى عمرو بريبة وهو يقول :
- علشان كده أهتمت أنها تطلعك بسرعه أنت لوحدك وقالتلك أن دنيا هى اللى قدمت البلاغ ضدنا مش كده ؟
قرأ عمرو الشك فى عينيى فارس فقال مدافعاً عن نفسه:
- متفهمنيش غلط يا فارس أنا متجاوبتش معاها أبداً فى اى حاجه أنت عارف أنا بحب مراتى قد ايه ومش ممكن أخونها
فارس:
- ولما هى الحكاية كده يا عمرو ليه وافقت أنك تكمل شغل معاها وتسافر تشتغل مشروع كبير زى ده لشركتها وكمان مع نادر اللى أنت عارف كويس أنه بيكرهك وعاوز يأذيك
قال عمرو مُطرقاً برأسه :
- دى غلطتى الوحيدة يا فارس واللى أنا مُعترف بيها .. بصراحة أنا كنت مصمم على الاستقاله علشان أبعد عن أى مصدر للفتن لكن لما لقيت نفسى هشتغل بعيد عنها وكمان الشغل هيجيب مبلغ كويس اقدر ابدأ بيه حياتى طاوعت نفسى وقلت وماله وياريتنى ما كنت وافقت
وضع فارس يده على قدمة مشجعاً وقال :
- أحكيلى بقى بالراحة كده ايه اللى حصل من أمبارح للنهاردة
مسح عمرو على شعره ثم قال بتركيز يحاول أن يتذكر كل شىء وقال :
- أنا المفروض كنت هاجى يوم الخميس بالليل بس طبعا زى ما قلتلك نادر كان صلح علاقته بيا من اسبوع تقريبا وبقينا اصحاب ..قابلنى يوم الخميس وقالى أنه مضطر يرجع القاهره علشان ظروف فى البيت عنده وهيجيلى الجمعه على بعد الظهر كده ويستلم هو الشغل مكانى واسافر أنا الجمعه بعد الظهر ..
انا طبعا كنت عارف أن كتب كتابك هيبقى بعد العشاء فقلت هلحق مفيش مشكله ... وفعلا نادر سافر يوم الخميس بالليل ... جهزت أنا شنطتى بالليل والصبح خدتها معايا الموقع وحطيتها فى كشك الراحه بتاع المهندسين اللى بنتغدى فيه فى مكان الموقع ..
وقلت علشان أول ما نادر يرجع أخد الشنطة وأمشى على طول من بره بره .. وفعلا جالى فى معاده بعد الظهر على طول وأخدت الشنطة وركبت السوبر جيت
وأنا جاى فى الطريق طلعت حملة تفتيش عاديه بس حسيت أنهم بيدوروا عليا أنا بالذات لانهم أهتموا اوى بشنطتى ولقيتهم مطلعين منها تمثال صغير شكله كده فرعونى مش عارف دخل شنطتى أزاى يا فارس.. ومن ساعتها وأنا هنا ...


********************************************


عاد فارس إلى بيته قُبيل الفجر بوقت قليل وهو يحمل هم الدنيا فوق راسة حزناً على صديق عمره ورفيق دربة .. كيف سيخرجة من هذه الورطة فهو لم يعمل فى مثل هذه القضايا من قبل ولكن كلام عمرو وحديثة أشعراه بأن نادر هو الفاعل هو من وضع قطعة الاثار فى حقيبة عمرو الخاصة عندما تركها عمرو فى مكان استراحة المهندسين اثناء العمل فالقاعدة تقول أذا أردت أن تؤذى أحدا فإقترب منه وأكتسب ثقته وأصبح صديقه لتعلم عنه ما يستحيل عليك أن تعلمه وأنت عدوه ..
من الواضح أن نادر هو من قام بترتيب كل شىء ليوقع عمرو فيما وقع فيه ...أستلقى فارس على فراشة بعد أن ابدل ملابسه .. نظر الى ساعة الحائط أمامه وزفر بضيق وهو يقول بحنق :
- طبعاً زمانها نامت مش معقول تفضل صاحيه لحد دلوقتى
سمع طرقاً خفيفاً على باب غرفتة فألتفت تجاه الباب وقال :
- أتفضلى يا أمى
فتحت أمه الباب ودلفت وقد بلغ القلق منها مبلغه .. أعتدل على فراشة فاقتربت منه وجلست بجوارة قائلة :
- عمرو عامل ايه يا بنى طمنى عليه
قال وهو يومىء براسة مطمئناً :
- متقلقيش عليه يا ماما عمرو كويس وموضوعه ده أن شاء الله يخلص على خير .. زمان والده وأخوه روحوا البيت وطمنوا مراته وأمه عليه..
قالت والدته بأسى :
- دى مراته يا عينى قطعت نفسها من العياط عليه وفين وفين لحد ما أمها هدتها وعرفت تاخدها معاها البيت .. وكلنا روحنا معاها حتى مُهرة ..
ألتفت فارس إلى والدته وقال متسائلاً بإنفعال :
- ومُهرة نزلت بقى بفستان الفرح كده فى الشارع
هزت رأسها نفياً وأردفت قائلة:
- مُهرة برضه هتعمل كده يا فارس .. دى غيرت هدومها ياعينى وفضلت مع عزة لحد ما هديت ورجعنا كلنا من عندها من ساعه كده ..وفضلت واقفة جانبى لحد ما اتصلت بيك وأنت قلتلى أنك جاى فى السكه ..
وجدت الابتسامة طريقها أخيراً الى شفتيه وهو يتسائل:
- تفتكرى زمانها نامت ؟
قالت بحيرة :
- مش عارفه يابنى .. ثم ربتت على قدمه قائلة:
- عموما أنت كمان شكلك تعبان أوى .. نام دلوقتى والصباح رباح
أومأ براسه موافقاً لها فتركته ونهضت وفتحت باب غرفته وخرجت وهو يتتبعها بعينيه الحائرتين .. يريد أن يتحدث معها على الاقل فى الهاتف ولكن يخشى أن تكون قد نامت فيوقظها ويقلقها بعد كل هذا العناء الذين عاشوه فى يومهم هذا ..
لم يستطع النوم تململ فى الفراش كثيراً دون جدوى نهض منه وجلس على طرفة وهو يفكر فى يوم عقد قرآنه الذى أنتهى بهذا الشكل المأساوى تركها وذهب دون أن ينظر لها نظرة واحده ..
نهض من فراشة ووقف أمام الفراش وهو يمسح على شعره متردداً .. هل يجازف أم ينتظر للغد ولكن فى الصباح سينطلق إلى عمرو مرة أخرى وبالتالى فلن يراها ايضا ألا أذا سمحت له الظروف فى المساء .. زفر بقوة وأتجه الى النافذة يفتحها ويستنشق بقوة لعله يتخلص من التردد الذى أعتمل بصدره ..
كان الشارع مُظلماً الا من بقعة صغيرة أمامه تعكس ضوئاً لغرفة عُلوية .. نظر للأعلى وقلبة قد استعاد الامل من جديد فتأكد أن غرفتها هى مصدر الضوء ..تيقن من كونها مازالت مستيقظة.. أتجه فوراً بأتجاه مكتبة وأخذ هاتفه النقال من فوقة وطلب رقمها الخاص بشوق كبير ..
أغلقت الكتاب التى كانت تقرأ فيه وألتفتت الى الهاتف الذى تضىء شاشتة بأسمه ويهتز مع أنتفاضة قلبها لا تعلم أيهما أسرع وأقوى .. تناولت الهاتف بأبتسامة كبيرة فهذه هى المرة الاولى التى سيتحدث معها بعد ان أصبحت زوجته ..
ظلت تنظر للهاتف بتوتر شديد والعرق يتصبب من جيهتها وقلبها يقفز بجنون يكاد يخرج من حلقها وفجأة توقف الرنين وأظلمت الشاشة مرة أخرى كما أظلمت الابتسامة التى كانت تنير ثغرها منذ قليل ..
حاولت أن تهاتفة هى ولكنها شعرت بخجل شديد وأمتنعت عن ذلك وأكتفت أن ترسل له رساله صغيرة تقول فيها :
- أنا صاحية
بعد ثوانى وجدت الهاتف يعلن أسمه بأصرار من جديد .. تنفست بعمق وأبتلعت ريقها وضغطت زر موافق
وضعت الهاتف على أذنها بإضطراب شديد فسمعت صوت أنفاسة المشتاقة وتسلل صوته الحانى بهدوء وخفوت الى أذنها ومنه الى قلبها وهو يقول :
- صحيتك ؟؟
هزت رأسها نفياً كأنه يراها وحاولت أن تُخرج صوتها بصعوبة فقالت بصوت مبحوحاً :
- لاء منمتش
أبتسم وهو يستمع لصوتها الذى غلفة الخجل فخرج مضطرباً وقال :
- كنتى بتعملى أيه
مضت تبحث عن حروفها فلم تجدها تبعثرت وتاهت فى سماء صوته الرخيم ..أعاد سؤاله مرة أخرى على مسامعها ..
فتماسكت قليلاً وقالت بإرتباك :
- كنت مستنياك
تنهد بقوة وهو يتكأ على فراشة وقال بهمس:
- أنتى كده على طول مبتعرفيش تنامى وأنتى قلقانه عليا ؟
مرت بها سحابة الخجل وأخذت بيدها الى سماء الحياء فأمطرت صمتاً له صوت كصوت الندى يقطُر على قلبة فينبت فيه الشوق الهائل والحنان البالغ وجد لذته على لسانه كما وجدها فى قلبة وكيانة وهو يقول أسمها بحب كبير :
- مُهرة
أختلج قلبها وهى تستمع الى اسمها يخرج منه بهذا الدفء وأجابته :
- نعم
أغمض عينيه يضم صوتها الخجِل إليه وقال ببطء :
- وحشتينى
لم تجبه على الفور فقال دون تردد :
- بحبك
تدرجت وجنتيها بحمرة الخجل وهى تبتسم بحب وقد خفق قلبها لكلمتة وللطريقة التى نطقها بها تشعر أنها تراه الان وتشعر بدفء كلماته التى أختلفت عن كل الكلمات ..أما هو فلا يعلم كيف أستمع إلى دقات قلبها وهو يطرق باب قلبه منادياً
مهلاً حبيبى مهلاً ..قد أنتظرتك دهراً
ذاب قلبى فى شفاهك فـ بهِ اليوم رفقاً
*************************************************


فى الصباح الباكر كان فارس يقف بجوار عمرو أمام النيابة ويتابع معه سير التحقيقات ...طلب فارس من النيابة تقريراً لمفتش أثار متخصص من هيئة الاثار للوقوف على صحة هذه القطعة الاثرية من زيفها...
وهل هى أصلية أم لا كما طالب بالافراج عن عمرو بضمان محل أقامتة لحين ورود التقرير المطلوب ... وبالفعل تمت الاستجابة لطلباتة وتم تحويل القطعة الاثرية لهيئة الاثار للكشف عنها وتم الافراج عن عمرو بضمان محل أقامتة ...
بعد خروجهما من النيابة وقف عمرو ينتظر فارس الذى كان يتحدث فى الهاتف مع الدكتور حمدى ويخبره بآخر التطوارات ويقول:
- بس أنا مش مطمن يا دكتور ممكن التقرير يجى بأن الحته الفرعونى دى سليمة وكده عمرو هيروح فى داهية
قال الدكتور حمدى مطمئنأ :
- أنت مش بتقول زميلة فى الشغل هو اللى أنت شاكك فيه وأن فى بينهم ضغائن خلاص سيبلى الحكاية دى هتكلم مع إلهام أختى واشوف ممكن تساعدنا أزاى
قال فارس بتوتر:
- لا بلاش يا دكتور
قال الدكتور حمدى متسائلاً :
- ليه يا فارس
حاول فارس البحث عن شىء آخر يقول غير الذى بداخله فقال:
- يعنى انا لسه مش متأكد مش عاوز نتهم حد ظلم
- ملكش دعوة أنت أنا مش هاتمه أنا هحاول أعرف بس أى حاجه عن شغله منها يمكن يكون بيشتغل فى حكاية الاثار دى من وراها ويوديها فى داهيه هى وشركتها .. ماهى الاثار دى محدش بيلاقيها فى الشارع كده الموضوع شكله كبير يا فارس
أنهى فارس مكالمتة مع الدكتور حمدى ونظر الى عمرو الذى كان يقف بجواره ويتحرك بشكل عشوائى بإضراب فقال فارس :
- ما تهدى شويه يا عم أنت خيالتنى
مسح عمرو على شعره بتوتر بالغ وهو يقول :
- أنا مش مطمن يا فارس القضية ممكن تلبسنى كده
حاول فارس تهدئته وقال :
- طب ايه رايك نعملهم مفجأة ونروح دلوقتى أنا كنت كلمتهم من ساعه وقلتلهم هنتأخر لو روحنا دلوقتى هتبقى مفجأة حلوه دى مراتك هتموت من القلق عليك
قال عمرو فى شرود :
- لاء انا عندى مشوار ضرورى لازم اروحه حالا قبل ما اروح
أمسكة فارس من ساعده وقال متسائلا :
- رايح فين يا عمرو
ربت عمرو على كتفه وقال مسرعاً :
- هقولك بعدين متقلقش عليا روح دلوقتى ومتخاليش حد يشوفك من عندى وانا ساعه وهاجى وراك على طول
قال عمرو كلمته ولم يعطى فرصة لفارس للمناقشة والسؤال وأنما أنطلق على الفور فى طريقة
**************************************


تناولت أم فارس قطعة قماش كانت بجوارها وقالت لام يحيى وهى تشاهدها بدقة :
- القماشة دى حلوة اوى يا أم يحيى تصدقى أنا عندى عباية من نفس نوع القماش ده وكنت بدور على واحده زيها لانها مريحانى أوى ..أنا هاشتريها منك وابقى هاتى غيرها
نظرت لها أم يحيى بعتاب وقالت :
- ده كلام برضه يا ست أم فارس دى هدية منى ليكى وبقولك ايه هاتيلى العبايه اللى بتقولى عليها وانا أفصلك أختها بالظبط .. ده أنا بقيت لهلوبة فى التفصيل
هزة ام فارس راسها نفياً وهى تقول بتصميم :
- انا ماليش دعوة بالكلام ده هادفع تمنها يعنى هادفع تمنها ثم ألتفتت إلى مُهرة وقالت وهى تمد يدها إليها بمفتاح الشقة :
- خدى يا مُهرة مفتاح الشقة وأنزلى هاتيلى العباية الكحلى بتاعتى علشان أمك تشوفها
وقفت مُهرة تنظر إلى يدها الممدودة بأرتباك فقالت أم فارس ضاحكة :
- متخافيش فارس مش جاى دلوقتى أتصل وقال هيتأخر
ضحكت أم يحيى وقالت :
- فاكره يا أم فارس لما قلتلك على مُهرة وهى صغيرة الله يكون فى عون جوزها من اللى هتعمله فيه
تبادلت معها أم فارس الضحكات وهى تحرك راسها موافقةً لها وقالت وهى تنظر ل مُهرة :
- هو حر بقى مش هو اللى مستعجل على الجواز
أحمرت وجنتها وألتقطت المفتاح سريعاً من يد أم فارس وقالت وهى تهرب من أمامهم :
- أنا هنزل بدل ما تتسلوا عليا
فتحت مُهرة باب الشقة ودلفت للداخل وعلى وجهها ابتسامة كبيرة .. أنطلقت على الفور تجاه غرفتة ودخلتها وأغلقت الباب خلفها ووقفت فى المنتصف تنظر لها بشوق كبير وكأنها تبثها حبها لساكنها وترجوها أن تنقل مشاعرها له عنده حضوره ..
جلست على فراشة ومسحت عليه برفق تتلمسه لمساً وتستشعر دفئة بعينين هائمتين .. أخذت وسادته وضمتها إلى صدرها برقة ونعومة وقبلتها بحب كبير .. حانت منها ألتفافة الى خزانة الملابس الخاصة بدنيا ..روادها شعور بالغيرة وأتجهت إليها وهى تدعو من قلبها أن تجدها خالية حاولت أن تفتحها ولكنها وجدتها مغلقة بالمفتاح فعلمت أنها مازالت محتفظة بملابس صاحبتها بداخلها ..
اشتعلت نار الغيرة بقلبها لمجرد وجود ملابسها معه بنفس الغرفة شعرت ان الدماء تصاعدت إلى رأسها بقوة وشعرت بحرارة جسدها التى أرتفعت بشدة وفى تلك اللحظة فُُتح باب الغرفة فجأة فصرخت وسقطت مغشياً عليها على الفور .. أنتابه الهلع الشديد عليها وهرول نحوها وهى ملقاة أمام الخزانة وحملها ووضعها على فراشة برفق وأخذ يبحث فى الغرفة عن زجاجة عطرة فوجدها أخيراً وأخذها وحاول أن يجعلها تشمها حتى تستفيق من غيبوبتها وأخيراً استجابت للرائحة النفاذة التى تسللت إلى عقلها فتحت عيونها ببطء واصدمت بوجهه وهو جالس بقربها على الفراش يمسح على وجنتها برفق وينادى عليها بقلق شديد جلست على الفراش فجأة وهى تنظر إليه بخجل وأضطراب وقالت :
- انا آسفة
أبتسم وهو يتأمل وجهها وشعرها ويمسح عليه برفق وقال بمرح :
- يعنى أول مرة اشوفك فيها يغمى عليكى كده
شعرت بارتفاع آخر فى درجات حرارتها ولكن هذه المرة من الخجل مسحت على وجهها وهى مطرقة بوجهها وقالت بخفوت :
- آسفة أنى خضيتك
رفع وجهها إليه ونظر إليها متأملاً :
- دى تانى آسفة على فكره .. طب آسفة التانيه وعرفناها آسفة الاولى ليه بقى
اشاحت بوجهها بعيداً تخفى أحمرار وجهها عن عينيه
وقالت وهى تضع خصلة من شعرها خلف اذنها :
- آسفه انى دخلت أوضتك كده
أعاد وجهها إليه مرة أخرى بأنامله وقال هامساً :
- أنتى مراتى يعنى تدخلى أوضتى براحتك وبعدين أنتى بتدخليها من زمان أوى ولا نسيتى
هربت الابتسامة من شفتيها عندما تذكرت خزانة الملابس فاشاحت بوجهها مرة أخرى ونهضت من فراشة مسرعةً وقالت بحنق :
- لازم أنسى طبعاً لانها فى وقت من الاوقات كانت متحرمه عليا وأظاهر ان الاوقات دى غالية عندك أوى
عقد حاجبية وهو ينظر إليها بتسائل وقال :
- أيه اللى خلاكى تقولى كده
أشارت للخزانة وقالت بضيق :
- علشان لسه محتفظ بهدومها فى الدولاب شكلها كانت هدوم غاليه عليك أوى ..ثم عقدت ذراعيها أما صدرها وقالت بغيرة واضحة :
- شكلها ليها معاك ذكريات كتير علشان كده مقدرتش تفرط فيها
رفع حاجبية ووضع يديه فى جيبيى بنطالة واقترب منها حتى وقف أمامها مباشرة وقال وهو ينظر فى عينيها:
- بس الدولاب مقفول بالمفتاح عرفتى منين أن هدومها لسه فيه
أستدارت وهى ترفع كتفيها وقالت متبرمة :
- باينه أوى مش محتاجه فقاقه يعنى
أبتسم وهو يكرر ورائها :
- فقاقة ؟!... وحشتنى اللغة بتاعتك أوى
أتجه نحو مكتبة وأخرج منها مفتاح صغير وعاد إلى الخزانة وفتحها بالمفتاح وقال وهو يشير إليها :
- اتفضلى شوفى الذكريات اللى بتقولى عليها
ألتفتت مُهرة إلى الخزانة فوجدتها خاوية فنظرت إليه بدهشة متسائلة فأومأ براسة وهو يقول :
- أيوة فاضيه .. علشان أمى كانت عاوزه تعلق البدل الزياده اللى زحمة دولابى فيها وأنا قفلتها بالمفتاح علشان أمى متعملش كده عارفه ليه .. علشان مش عاوز هدومى تتحط مكان هدومها من كتر منا بقرف كل ما افتكرها
وضعت راحتها على جانب رقبتها وهى مطرقةً براسها لأسفل فى خجل فقال بحنان وهو يداعب وجنتها قائلا:
- أنا ماليش ذكريات مع حد غيرك يا عبيطة .. ولا نسيتى أجمل الذكريات اللى قولتيلى عليها فى رسالتك وأنا فى السجن
رفعت نظرها إليه بتأثر وقد لمعت عينيها وهى تستمع إليه وهو يقول :
- الحب الحقيقى هو الذى يرسم لك طريقاً تتلمس فيه .....أجمل الذكريات
فرت دمعة من عينيها وهى تتذكر تلك اللحظات المريرة عندما أبتعد عنها غدرا وظالماً ..شعرت بيده وأنامله تمسح دمعتها فأغمضت عينيها واستمعت لصوته
وهو يقول لها همساً وبشوق كبير :
- من ساعتها وأنتى وحشانى أوى ومن ساعتها وأنتى بتهربى مني ومش عارف أشوفك ..شعرت بقربة ودفئ يديه المحيطة بوجهها وعمق عينيه .. رحلت فى عالم آخر لم ترد العودة منه ابداً بل قررت فيه الرحيل والعودة منه بغير دليل تنسج بيديها دروباً يحفها أريج الازهار بلاشاطىء بلا عنوان ولا رغبة سوى التعمق أكثر والإبحار...
أنتفض جسدهما على صوت والدته وهى تنادى عليها بعد أن اغلقت باب الشقة خلفها ... أبتعدت عنه سريعاً وهى تمسح وجهها بيدها بأرتباك وهو ينظر إليها نظرة جديدة عليها لم ترها فى عينيه من قبل ولكنها فهمتها فأخفضت نظرها خجلاً وأتجهت صوب باب الغرفة مهرولة وفتحته فوجدت والدته تبحث عنها فى الشقة عندما رأتها نظرت إليها بقلق وهى تقول :
- خضتينى عليكى يا مُهرة كنتى ... بترت كلمتها عندما رأت فارس يظهر خلفها .. نظرت إليه من خلف كتفها وابتسمت وهى تقول له بمكر :
- هو أنت هنا ..يبقى أنت بقى اللى أخرتها
اتجهت مباشرة إلى باب الشقة وهى تحاول تحاشى النظر فى عيني والدته
وهى تقول بخجل :
- أصل لما شفت فارس فجأة أتخضيت وأغمى عليا ..ثم قالت بإرتباك :
- انا طالعه بقى
فتحت باب الشقة ولكنه عقد بين حاجبية وهو يناديها فتوقفت ولم تلتف فتوجه إليها ووضع يده على الباب وهو يقول بجدية وهو يشير الى ملابسها وشعرها :
- هو أنتى نازله كده اصلا
نظرت إلى ملابسها وقالت بتلقائية :
- آه وفيها ايه
قال بضيق:
- يعنى ايه وفيها ايه .. خارجه من شقتك ونازله لحد هنا بهدوم البيت دى وشعرك كده يا مُهرة
تنحنحت مضطربة وقالت على الفور:
- منا قلت هنزل بسرعه وأطلع بسرعة مفيهاش حاجه
اشار إليها وهو يقول حانقاً :
- أنتى محجبة ولا لاء ..
نظر إليه بتسائل وحيرة فقال :
- محجبة يعنى شعرك ده وهدوم البيت حدودهم باب الشقة وبس .. لا سلم ولا بلكونه ولا شباك ..فاهمانى
أبتلعت ريقها وببلت شفاها وهى تقول بخفوت :
- حاضر بس أنا متاكده أن محدش هيشوفنى
وضع يده على كتفها وقال بجدية :
- متأكده منين مش يمكن تخبطى فى حد طالع ولا نازل صدفة ..ساعتها هتعملى ايه .. على ما تجرى بقى هيكون شاف جسمك وشعرك يا هانم
تدخلت والدته وقالت على الفور:
- هى اصلا مبتنزلش كده دى أول مره تعملها .. ثم نظرت الى مُهرة وقالت :
- أدخلى يا مُهرة خدى العبايه بتاعتى وطرحه البسيهم قبل ما تطلعى
دخلت على الفور لترتدى العباية وتضع على راسها الطرحة بينما قالت له والدته بخفوت :
- براحه عليها شويه يا فارس ..لما تخرج بقى ابقى صالحها .. أنا داخله اشوفها لتكون بتعيط ولا حاجه
دخلت والدته فوجدتها تلف الطرحة وتكاد ان تنتهى فربتت على كتفها وقالت مبتسمة :
- متزعليش ده بيحبك وبيغير عليكى
ابتسمت وهى تقول :
- منا عارفه
ضحكت أم فارس وهى تضرب يدها فى بعضهما وهى تقول لها :
- الواد كان بعقله يا عينى جننتيه فى يومين


************************************


خرج فارس من بيته فى المساء متوجهاً إلى مكتب الدكتور حمدى وفى الطريق صادف عمرو متوجهاً إليه تفاجأ عمرو به فى الطريق وقال :
- كويس أنى قابلتك يا فارس أنا كنت جايلك دلوقتى
وضع فارس يده على كتف عمرو وسار به فى طريقة وهو يقول :
- تعالى نتمشى سوى ونتكلم وأحنا ماشين
قال عمرو على الفور وهو يمشى بجوار فارس :
- الدكتور حمدى أتصل بيك النهارده ؟
هز فارس رأسة نفياً وهو يقول :
- لاء مكلمنيش بتسأل ليه ؟
ظهر التوتر على ملامح عمرو وهو يقول :
- أصلى قابلته النهاردة فى مكتب إلهام فى الشركه
ألتفت إليه فارس وتوقف عن السير وقال :
- فى ايه يا عمرو أتكلم على طول قلقتنى
قال عمرو على الفور :
- لما سبتك قدام النيابة ومشيت روحت الشركة وأنا مخنوق من إلهام ونادر وحاسس أن نادر عامل فيا كده علشان خايف أحسن أخدها منه .. دخلت عليها وأنا ثاير جدا وقعدت أزعق وجبتلها القديم والجديد كله وقلتلها أن نادر عمل فيا كده علشان خايف أخدها منه واتكلمت كلام كتير أوى وهى واقفة مش عارفه ترد عليا وواقفة تبصلى بذهول وكل اللى طالع عليها أزاى نادر يعمل كده ...
خلصت كلامى من هنا ولقيت الدكتور حمدى دخل علينا وبصلها بإحتقار بعد ما سمع كل حاجه وعرف اللى اخته بتعمله وقالها أنسى أن ليكى أخ اسمه حمدى ..
سبتهم ومشيت على طول لما شفت الالم فى عينه وحسيت أنه محرج منى ومش عارف يبص فى وشى علشان كده افتكرت أنه كلمك وقالك حاجه ..
أستمع فارس إليه بدهشة كبيرة وهو عاقداً لحاجبية وقال ببطء ثقيل :
- وطبعا تلاقيه توقع انى انا كمان عارف عن أخته الكلام ده ..
نظر إلى عمرو وقال بألم :
- وأنت بقى متوقع أنه يكلمنى .. طب هيكلمنى يقولى ايه
صمت فارس يفكر فى الحال الذى وصل إليه الدكتور حمدى وكيف ستعامل مع هذا الموقف المحرج فقال عمرو على الفور :
- فى حاجه كمان حصلت يا فارس
ألفت إليه فارس فقال عمرو :
- طلعت بعدها على هيئة الاثار من كتر منا كنت قلقان وعاوز أطمن ..قلت اسأل وأشمشم كده حوالين الحتة اللى راحتلهم من النيابة .. وقبل ما أدخل شفت نادر خارج منها ومعاه واحد كده معرفوش
أثارت كلماته حفيظة فارس وحواسة فقال بسرعة :
- تفتكر كان رايح ليه ومين اللى كان معاه ده
رفع عمرو كتفية بحيرة وهو يقول :
- معرفش يا فارس مش عارف انا هتجنن خلاص
وضع فارس يده على كتف عمرو قائلا:
- طب أنا دلوقتى هروح المكتب يا عمرو وهحاول أتكلم مع الدكتور حمدى وهشوف الحكاية وصلت لأية
ولما أرجع بالليل هبقى أكلمك تانى يالا روح أنت دلوقتى
دخل فارس حجرة مكتب الدكتور حمدى بشىء من الخجل وقال:
- حضرتك طلبتنى يا دكتور
أشار له الدكتور حمدى بالجلوس أمامة وقد بدا عليه الالم والاستياء ثم قال:
- أنا كنت متوقع برضه أنك هتتكسف تدخلى أول ما توصل علشان كده نبهت عليهم أول ما توصل تدخلي على طول
حاول فارس أن يحتفظ له بماء وجهه وقال:
- مش فاهم حضرتك تقصد أيه
أبتسم الدكتور حمدى بأسى وهو يقول :
- لاء أنت فاهم بس مش عاوز تحرجنى
صمت فارس ولم يجيبه فقال حمدى :
- لو سمحت يا فارس أنا مش عاوز أى كلام عن القضية دى فى مكتبى تانى ..أنا خلاص أتبريت من أختى ومش عاوز أى حاجه من ناحيتها تانى
رفع فارس رأسة إليه وقد فهم ما يرمى إليه فأومأ براسه وحاول أن يُخرج الكلمات منه بشكل تلقائى وقد حضرته فكرة وليدة اللحظه حتى يرفع عنه الحرج وقال :
- بعد اذن حضرتك يا دكتور أن كنت بفكر افيد أهل الشارع بتاعى ..والناس الغلابه اللى فيه وافتح مكتب خاص بيا هناك وتبقى الاتعاب على قد مصاريف القضية بس .... لان فى ناس كتير هناك أحوالهم المادية ضعيفة جدا وأصلا المرتب يدوب بيكفى اكل وشرب بالعافيه...
أعتصر الالم قلب لدكتور حمدى وهو يستمع إلى فارس واقتراحه وهو يعلم جيدا أن هذا الاقتراح ماهو الا محاولة منه لرفع الحرج الذى استشعره فارس بعد ان علم عن أخته الذى تفعله وهى متزوجة ... ولم يكن فارس مخطىءً فى ظنه لذلك قال حمدى وهو يومىء برأسه متفهماً :
- ربنا يوفقك فى حياتك يا فارس أنا مش هقدر أمنعك أنك تحقق ذاتك بعيد عني رغم أنى مش هقدر أستغنى عنك ولا عن مجهودك فى الشغل أبداً
قال فارس مبتسماً وقد أيقن أنه كان محقا :
- أنا تلميذ حضرتك يا دكتور أتعلمت منك أخلاق المهنة قبل ما أتعلم الشغل فيها ومن غير ما أكون بشتغل فى المكتب هنا أنا تحت أمرك فى أى حاجه سواء كان شغل أو غيره أنا مش هنسى فضلك عليا بعد ربنا
نهض حمدى وعانق فارس بمشاعر الابوة التى يشعرها تجاهه دائماً وربت على كتفه قائلا بمرح :
- هتنافسنى فى المحاكم يعنى وهتاخد مني الزباين
ضحك فارس وهو يشد على يده قائلا بتواضع :
- ده انا يدوب تلميذك يا دكتور


************************************


هتف عمرو فى الهاتف وهو يتحدث الى فارس قائلا :
- يعنى ايه سبت المكتب يعنى انا السبب
ضحك فارس وهو يقول :
- أنت السبب فعلا بس مش سبب حاجه وحشة أنت السبب فى انى ابدأ أحقق ذاتى وأعملى اسم كويس
هتف عمرو بإنفعال مرة أخرى :
- يعنى أنت هتشتغل القضية لوحدك ولا ايه
قال فارس مداعباً :
- ومالك مرعوب كده متخافش هجيبلك تأبيدة بس
صاح عمرو بضيق :
- يا فارس مبهزرش دلوقتى .. وقولى ناوى على ايه
قال فارس بجدية :
- أنا الاول كنت مستنى تقرير هيئة الاثار لكن بعد ما قلتلى أنك شفت نادر وواحد تانى خارج من هناك قلقت
- قلقت أزاى فهمنى
- مفيش حاجه تخلى نادر يروح هناك غير سبب واحد بس .. أنه يكون عاوز التقرير يطلع بطريقة معينة
عقد عمرو بين حاجبية وقال قلقاً :
- يعنى هيدفع فلوس علشان يثبت أنها سليمة يعنى ولا ايه معنى كده ......
قاطعه فارس قائلاً بثقة :
- بالظبط كده معنى كده أنها مش حقيقة ومزيفة لانها لو كانت حقيقة مكنش راح هناك
قال عمرو بشرود وكانه يحادث نفسه :
- حتى لو كده طب ماهو لو تحليلك ده صح يبقى برضه هروح فى داهيه لان التقرير هيطلع زى ماهو عاوز
قال فارس مطمئناً :
- متقلقش أنا واثق من تحليلى ولو التقرير طلع زى ماهو عاوز هشكك فيه وهطلب أن الحتة تتحال للجنه تانيه
قال عمرو ساخطاً :
- طب ماهو ممكن يرشى اللجنة التانيه برضه
قال فارس وهو يضيق عينيه بثقة :
- متقلقش ساعتها هسبقه بخطوة
تأفف عمرو بضيق وزفر ثم قال :
- طب وهو هيعمل كل ده ليه ما كان يحطها سليمة وخلاص
قال فارس متهكماً :
- أنت عبيط يابنى عاوزه يضحى بحتة سليمة ويخسر فيها ملايين .. لا طبعاً هو أحسنله يدفع رشوة كام ألف لكن يحطلك حتة بملايين لمجرد انه يوديك فى داهية لاء طبعاً...
ثم رفع فارس حاجبية وقال بتفكير عميق :
- وده بقى اللى بيأكدلى أن الواد نادر ده بيشتغل فى حكاية تهريب الاثار دى
استند عمرو إلى سور الشرفة وقال بتركيز :
- وانت جالك الاحساس ده أزاى ؟
جلس فارس خلف مكتبة واستند إليه وهو يعبث بصور مُهرة الخاصة بعقد القرآن والتى وضعتها والدته على مكتبه فقال عمرو بقلق :
- فارس أنت معايا
أنتبه فارس وقد شرد قليلا فى صور مُهرة وقال بسرعة :
- ها معلش يا عمرو انا معاك أهو
أعاد عمرو سؤالة من جديد وهو يقول :
- كنت بسألك أحساسك ده جه أزاى
قال فارس على الفور :
- بص يا عمرو الانسان لما بيحب ياذى حد أول حاجه بتيجى فى تفكيرة الحاجات اللى هو بيتعامل معاها دايما .. يعنى مثلا البنت اللى مش كويسه لما بتحب تبوظ اخلاق صاحبتها ولا جارتها ولا أى وحده تانيه شايفه أنها أحسن منها ..أول حاجه بتعملها أنها تحاول تخاليها تتعرف على رجاله أو شباب ليه عملت كده ؟.. لانها غارقانه فى المستنقع ده وده أول حاجه هتيجى على بالها ..
اللى بيشتغل فى المخدرات أو بيتعاطاها لما بيحب يأذى واحد تانى بيعمل ايه .. يحاول يخاليه يتعاطى معاه ولو صاحبه رفض بيفكر يوديه فى داهيه ويحطله مخدرات ويبلغ عنه .. واحد بياخد رشوة ولما يحب ياذى يعمل للى عاوز ياذيه قضية رشوة ويلبسهالوا ..
واللى حصلك مع نادر بيقول أن نادر ليه فى حكاية الاثار دى علشان كده لما فكر ياذيك فكر يأذيك بنفس الحاجه اللى هو دايس فيها .. فهمت
أعتدل عمرو وقال على الفور وكأنه قد تذكر شيئاً هاماً وقال :
- الله يفتح عليك أنت فكرتنى بحاجه مهمه مكنتش واخد بالى منها
أنتبهت حواس فارس وهو يقول :
- افتكرت ايه
قال عمرو بتركيز :
- فى مرة أخدت أجازة يومين ونادر هو اللى كان ماسك النبطشية بدالى ولما رجعت وبصيت بالنهار على الموقع لقيت اثار حفر على عمق أكتر من العمق المسموح بيه ولما سألته قالى انها غلطت العمال بس هو لحقها
مسح فارس على شعره وقال بقلق :
- أظاهر كده يا عمرو ان الموضوع كبير وخطير وأن نادر مش لوحده فيه ..المكان اللى بتبنوا فيه الفندق ده معروف أنه مكان اثرى واصلا مش عارف التصريح بالحفر والبُنى خرج ازاى للمكان ده ...
زفر عمرو وهو يقول بضيق :
- الموضوع شكله كبير علينا أوى يا فارس ... أنت لو بصيت على الاثار اللى خرجت بره مصر وشفت حجمها وعرضها هتعرف ان الاثار دى مش ممكن تكون أتهربت .. الاثار دى خارجه تحت عين أكبر راس فى البلد وباتفاق كمان
نظر فارس أمامة بعينين حازمتين وقال بأصرار :
- أنا بقى مش هسيب الموضوع ده يا انا يا هما ...


***********************************************
وفى احد الايام وفى الصباح وقف فارس ينتظر مُهرة أمام باب شقته وابتسم عندما وجدها تهبط إليه فى الملابس الجديدة التى اهداها اياها بمناسبة بداية عامها الدراسى الاول فى الجامعة .. نظرت إليه وابتسمت بخجل فقال وهو يتاملها بإعجاب وقال :
- قلتى دعاء لبس الثوب الجديد
قالت بدهشة :
- لاء هو فى دعاء للهدوم الجديدة
أبتسم وهو يومىء برأسة وقال :
- قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): من لبس ثوبا جديدا فقال:الحمد لله الذى كسانى هذا ورزقنيه من غير حول منى ولا قوة غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر)
كررتها خلفة بتلقائية فعقد جبينه وقال بضيق مصطنع :
- لاء مينفعش أطلعى غيريها
رفعت حاجبيها وقالت بأعتراض :
- ليه دى جميلة اوى وواسعه أأهى
صعد درجة من السلم ليقف أمامها مباشرة وقال وهو يداعب وجنتها :
- ماهو علشان كده عاوزك تغيريها اصلها حلوه أوى عليكى وخايف حد يبصلك
ابتسمت وهى ممسكةً بيده التى تداعبها وقالت بخجل :
- يالا بقى هتأخر كده
رفع يديها لشفاه وقبل اناملها وقال بحب :
- أتأخرى براحتك .. أنا اللى هديكى أول محاضرة يعنى هتروحى مع الدكتور
عقدت ذراعيها وهى تقول بعناد :
- انا بقى مبحبش الكوسة واصلا محدش هيعرف علاقتنا
ضحك ضحكات رنانة أهتزلها قلبها عشقاً ثم قال :
- علاقتنا ! هو انتى مش مراتى لا سمح الله
وضعت يدها على لحيته تمسح عليها وتخلل اصابعها برفق داخلها وهى تقول بشغف :
- أنا بحب أوى كلمة مراتى دى منك
تلاشت البسمة من وجهه وزاغت أنظارة وهو ينظر إليها شاعر باحاسيس قوية تجتاحه تجاهها قائلا بصوت رخيم :
- أنتى أتعلمتى الحركة دى من مين
قالت بحياء :
- أبلة عبير هى اللى علمتهالى وقالتلى انها هتعجبك
أبتلع ريقة وهو يقول بتماسك :
- كل اللى تقولك عليه ابقى اسمعى كلامها فيه ماشى
ضحكت وهى تقول :
- ليه بقى
أومأ براسه وهو يغمض عينيه قائلاً بمرح :
- علشان انا عارف أنها هتعلمك بضمير


******************************************
بحث فارس عن مكان يصلح ليأجرة وويبدأ فيه تأسيس مكتبة الخاص ويكون قريباً من شارعهم وأخيرا وجده على مسافة قريبة جدا منهم وبدا فى تاسيسة وحاول البحث عن بعض الاثاث زهيد الثمن ولكنه فى يوم من الايام تفاجا بدخول مُهرة عليه المكتب وهى تقول بسعادة
- يالا بسرعة يا فارس العربية واقفة تحت
نهض وهو ينظر إليها بدهشة وقال :
- عربية ايه يا مُهرة اللى واقفة تحت
قالت على الفور وهى تجذبه من يده :
- يالا بس الناس هتطلع الحاجه تعالى علشان تقف معاهم
وفجأة وجد بعض الرجال يدخلون عليه المكتب كل منهم يحمل قطة اثاث خاصة بالمكتب وبدأوا فى وضعها فى الداخل وهو واقف ينظر إليهم بدهشة .. جذبها من يدها الى أحد الاركان وقال بجدية :
- فهمينى ايه ده وجبتى الحاجات دى منين وازاى متقوليليش
قالت بمرح وأنفعال:
- انا عندى واحده صاحبتى فى الجامعه باباها عنده محل اثاث صغير كده على قدهم قولتلها مرة تجيبلى معاها كتالوج من المعرض ولما شفت الحاجات اللى فيه لقيتها حلوه ورخيصه شويه فنقيت واحد للمكتب هنا وأدتها العنوان وبس ..
قال بحدة :
- أنتى عيله وبتتصرفى تصرفات عيال والفلوس ؟هدفع فلوس الحاجات دى منين يا مُهرة
تألمت من قبضته قليلاً حول ذراعها وقالت بخفوت وهى مطرقةً للأسفل :
- الفلوس أدفعت خلاص متخافش
أرخى قبضته عنها وعقد حاجبية قائلا:
- جبتى الفلوس منين ؟
قالت ببراءة :
- بعت الشبكة بتاعتى اللى جبتهالى
نظر إليها لا يعلم ماذا يقول هل يحتد عليها وعلى تصرفها التى قامت بها دون الرجوع إليه أم يأخذها بين ذراعيه ويعانقها على تضحيتها بالذهب الوحيد الذى تملكة والذى كان عزيزا عليها فقال بنبرة معتذرة :
- بس الشبكة دى كانت غالية عندك أوى ليه عملتى كده
ظلت مطرقة ً براسها وهى تقول بصدق :
- هى كانت غالية عندى علشان هى منك أنت ,,بس أنت عارف انى اصلا مش بحب الدهب ولما لقيتك مزنوق فى فلوس العفش اللى هيتحط فى المكتب ملقتش قدامى حل تانى غير ده ومرضتش اقولك علشان عارفه انك هترفض
أكتسى صوته عذوبة ورقةً وهو يقول بامتنان :
- بس أنتى مكنش عندك غيره يا حبيبتى
نظرت له بعتاب وقال بخفوت دون أن تنظر إليه :
- انا معنديش غيرك أنت يا فارس ...





*************************************
بدأ العمل فى المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع الافتة التى تحمل اسمة .. دكتور فارس سيف الدين المحامى ..
ولكن أين يذهب فارس من اقداره هو مُهرة بعد اسبوع واحد من بداية العمل فى المكتب الجديد وذات مساء زاره أيو يحيى والد مُهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث فى الهاتف مع عمرو الذى كان يخبره أن التقرير قد أُعد أخيرا وذهب الى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا فى الغد على الفور أنهى فارس المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيب شديد ولكن وجههما كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران الى بعضهما البعض شذراً .. فقال فارس على الفور :
- خير يا جماعه ايه الحكاية


نظر ابو يحيى إلى عامر ومينا بثقة وكأنه يعرف الى أى جهة سينضم فارس وبدء فى سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع.......
-------
الفصل الثاني والثلاثون
------------
بدأ العمل فى المكتب على قدم وساق وأخيرا تم وضع الافتة التى تحمل اسمة ..
دكتور فارس سيف الدين المحامى ..
ولكن أين يذهب فارس من أقداره هو ومُهرة ... فبعد اسبوع واحد من بداية العمل فى المكتب الجديد وذات مساء زاره أيو يحيى والد مُهرة ومعه العم عامر بصحبة ولده مينا وقد كان فارس مشغولا بالتحدث فى الهاتف مع عمرو الذى كان يخبره أن التقرير قد أُعد أخيرا وذهب الى النيابة وأنهما لا بد ان يذهبا فى الغد للإطلاع عليه على الفور فقاطعه فارس وأنهى المكالمة سريعاً ورحب بأبو يحيى والعم عامر ترحيبا ً شديدا ً ولكن وجهها كان يعلوه العبوس وخصيصا وهما ينظران الى بعضهما البعض شذراً .. فقال فارس على الفور :
- خير يا جماعه ايه الحكاية
نظر ابو يحيى إلى عامر ومينا بثقة وكأنه يعرف الى أى جهة سينضم فارس وبدء فى سرد ما حدث بينهما من شقاق ونزاع.......
بدء أبو يحيي فى الحديث قائلا :
- شوف يا فارس يابنى من مدة كدة مرات عامركانت عاوزه تشترى مكنة خياطة ومعهاش المبلغ كله لجأت لمراتى التانيه وطلبتهم منها ومراتى أشترطت عليها أنها تردلها المبلغ بعد كام شهر بس بزيادة 500 جنية دلوقتى بقى مراته جايه ترجع المبلغ من غير الزيادة والحريم اتخانقوا مع بعض حاولت أفهمه أن أحنا عندنا فى شرعنا أن العقد شريعة المتعاقدين وهما اتفقوا من قبل ما تاخد الفلوس ,, برضه مش مصدق
ويقولى ده حتى عندكوا فى دينكوا أسمه ربا حاولت أفهمه وأشرحله وأقوله أن السلف ده زى قرض البنك كده بالفايدة بتاعته مش ربا ولا حاجه .. ولا حياة لمن تنادى برضه راكب راسه ومش راضين يدفعوا الزيادة أتفضل بقى أنت فهمه يمكن يفهم منك أصله فهمه على قده شويه
هتف مينا أبن عامر بغضب :
- لو سمحت حسن ملافظك شويه يا عم أبو يحيى ولا يعنى علشان هو جوز بنتك ومتأكد أنه هيحكملك .. أنا اصلا مكنتش مقتنع أننا نيجي هنا ما أنا عارف أيه اللى هيحصل ..
تنهد فارس ببطء وهو يشعر أنه مقدم على مشكلة كبيرة سوف تحدث وقال ل مينا :
- وعرفت منين اللى هيحصل بقى يا مينا
لوح مينا بضيق وهو يقول :
- طبعا هتحكمله هو مش انت جوز بنته وغير كده هتقول ده مسلم ودول مسيحين يبقى احكم للمسلم اللى زيى ثم نظر إليه نظرة ذات معنى وهو يقول :
- مش كده برضه يا شيخ فارس
جذب عامر ذراع ولده ونهره بقوة قائلا:
- عيب كده يا مينا أحترم الدكتور وأنت بتتكلم قصاده
ثم التفت إلى فارس وقال معتذراً :
- أنا آسف يا دكتور أمسحها فيا معلش مينا لسه صغير وميعرفكش كويس زيى
ألتفت فارس إلى مينا وقال بهدوء :
- أيه بقى حكاية شيخ فارس دى تقصد بيها ايه
نظر له مينا بحنق ولم يجبه فكرر عامر أعتذاره ل فارس فقال فارس على الفور وهو ينظر ل عامر :
- أتفضل أحكيلى ايه اللى حصل يا عم عامر
قال ابو يحيى معترضاً :
- منا حكتلك الحكايه كلها يا دكتور هو هيقول ايه يعنى مختلف عن اللى قلته
نظر له فارس مبتسماً وحاول أن يعطيه احساس بأنه ليس ضده وقال :
- معلش يا أبو يحيى أى حد بيحكم بين طرفين لازم يسمع من الاتنين .. ربنا سبحانه وتعالى بيقول فى آيه فى القرآن الكريم وكان بيكلم فى الايه دى سيدنا داوود عليه السلام (﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ والايه دى نزلت بتحكلنا عن سيدنا داوود لما اتنين أخوات راحوله وواحد فيهم اشتكى من التانى فسيدنا داوود شافه مظلوم فعلا فحكم له من غير ما يسمع للتانى اللى هو اصلا كان واقف جانبه وسامع أخوه بيتكلم وعلشان كده سيدنا داوود فكر فى أن لو كان اللى بيشتكى بيقول غير الحق كان التانى أتكلم وقال أنه بيكدب لكن فسر سكوته بأنه عارف أن اخوه بيقول الحق علشان كده حكم بسرعه من غير ما يطلب يسمع من التانى ورغم أنه حكم صح لكن الايه دى نزلت تقولنا أن ده غلط وفيه خوف من اتباع الهوى هنا ...
علشان كده حتى لو انتوا الاتنين قدام بعض لازم اسمع من الطرفين قبل ما اقول أى حاجه ...
هز عامر راسه موافقاً بإعجاب وهو ينظر إلى فارس الذى كان يتحدث بطلاقة شارحاً الاية وسبب نزولها فقال :
- أنا كلامى مش هيختلف فى حاجه يا دكتور فارس هو نفس الكلام .. مراته سلفت مراتى واتفقت معاها على زيادة 500 جنيه بس مراتى خبت عليا موضوع الزيادة دى ومكنتش اعرفها ولما كنت قاعد مع الحج عبد الله وبحكيله قالى أن ده عندكو اسمه ربا يعنى انا مجبتش حاجه من عندى وده كده فى ظلم كبير لينا لاننا معناش المبلغ ده دلوقتى المكنه باظت ومستفدناش منها بحاجه
مال ابو يحيى مستندا بيده على مكتب فارس وهو يقول :
- طب أنا ذنبى ايه العقد شريعة المتعاقدين ومراتك وافقت من الاول
ابتلع فارس ريقة وهو يشعر أنه يقف بقرب فوهة بركان تكاد أن تنفجر فى وجهه فى أى وقت ولكن الحق احق أن يتبع ..سلم امره لله ونظر إلى عامر الذى كان ينتظر كلمة حق ..شعر بسخونه تسرى فى جسده فهو يعلم ماذا سيفعل به أبو يحيى أذا ما نصر عليه غريمه .. لكن هل يقول كلمة تقرب بينه وبين حبيبته وزوجته وتبعده عن الجنة وتلقى به فى الجحيم وبحسبة بسيطة حسم فارس أمره ونظر إلى عيونهم المتعلقة به وأخذ نفساً عميقاً وقال :
- عم عامر على حق ده عندنا اسمه ربا فعلا
ارتسمت ابتسامة رضا على وجه عامر بينما حدق مينا فى فارس بدهشةً وانفجر بركان ابو يحيى فى وجهه كما توقع تماماً وقال صائحاً :
- أنت بتنصره عليا يا جوز بنتى يعنى أنت موافق على اللى بيقوله ده
نهض فارس محاولاً تهدئته وقال على الفور :
- اسمعنى يا عمي بس أنا هافهمك ليه
صاح فيه ابو يحيى قائلا:
- كويس أنى عرفتك قبل ما أديك بنتى راجل بوشين صحيح أومال دقن وعاملى فيها شيخ وكمان بتنصر المسيحى عليا يا عم الشيخ .. ملكش عندى بنات للجواز عن اذنك
لحق به فارس عند باب الحجرة وجذبه من ساعده برفق محاولا إيقافه وتهدئته وهو يقول برجاء :
- هفهمك انا قلت كده ليه .. ده شرع ربنا مش كلامى
دفعه ايو يحيى بثورة عارمة وهو يصيح شرع ربنا ايه أنتوا كل واحد فيكوا يربى دقنه ويتاجر بشرع ربنا يا نصابين ...
قال كلمته بعد ان دفع فارس بقوة وصفع الباب خلفة بعنف
زفر فارس وهو يمسح بكلتا يديه على شعره بقوة وهو يقول :
- لا حول ولا قوة الا بالله ليه كده بس طب كنت استنى لما تفهم
تبادل عامر مع ولده مينا النظرات المتعجبة وأتجه عامر إلى فارس قائلا بأعتذار :
- انا آسف يابنى
رفع فارس رأسة إليه وقال بعدم تركيز :
- لا..لا وانت ذنبك ايه يا عم عامر
أقترب مينا من فارس وقال بإرتباك :
- أنا آسف انا كمان يا دكتور فارس مكنتش أعرف أنك هتيجى فى صف الحق مهما كان هو مع مين
حاول فارس أن يرسم ابتسامة مجاملة على شفتيه ولكنه عجز عن ذلك فعقله يدور ولا يعلم ماذا سيفعل مع والدها وماذا سيحدث بعد ذلك ..

***************************************

ظل والدها يصرخ فى وجهها صائحاً :
- هيطلقك يعنى هيطلقك وأنتى اللى هتطلبى الطلاق منه انتى فاهمه ولا لاء
أنسابت عبراتها وهى تهتف :
- ليه بس يا بابا طب حتى استنى لما تسمع منه
صاح بصوت هادر :
- اللى بقولك عليه تعمليه يا بت انتى والا والله أمك هرميها فى الشارع ومش هتلاقى مكان يلمها
بكت مُهرة بشده وجسدها يرتجف وينتفض بقوة وهى تستغيث بالله ان ينقذها مما تقاسيه ... تدخلت والدتها وقالت له بجمود :
- هو أنت كل ما يحصل حاجه تهددنى بالطرد والطلاق اأنت فاكرنى هترمى فى الشارع يعنى من غيرك
توجه إليها فى غضب عارم ولوى ساعدها خلف ظهرها وهو يصرخ فيها :
- ايوا هتترمى فى الشارع ياختى ولو مش عاجبك الباب يفوت جمل
دفعته بكل طاقتها بعيدا عنها بعد ان شعرت ان يدها ستكسر فى قبضته وهرولت نحو باب الشقة وهى تاخذ محفظتها وتجذب حجابها وتضعه على شعرها وهى تقول بغضب :
- سايبهالك مخضرة ابقى هات مراتك التانيه تعمرها بقى
خرجت وأغلقت الباب خلفها ونسيت أن ابنتها فى اشد الحاجه إليها غضبت لنفسها وانفجر بركان صمتها الذى كان هامداً طوال تلك السنوات والان انفجر ولكنه لم ينفجر فى وجهه وحده وأنما فى وجه مُهرة ايضا ..
فتحت أم فارس باب شقتها عندما سمعت الصوت الصارخ الاتى من شقة مُهرة فوجدت ام يحيى وهى تهرول هابطة للاسفل حاولت إيقافها ولكن عينيها كانت تتطاير منها الشرر وهى تصيح فيه وكأنه مازال يسمعها :
- روح هات الغندورة التانيه تقعدلك فيها أنا مستحملة وصابره بلاويك فى الاخر حصلت تمد ايدك عليا
لم تسمع نداءات ام فارس ولم تعيرها اهتماماً نظرت للاعلى لدقيقة ثم عادت الى شقتها مرة اخرى عندما سمعت صوت رنين الهاتف ... أجابته قائلة :
- السلام عليكم أيوا يا فارس
قال بسرعة :
- ماما مُهرة عندك ؟
قالت متعجبة :
- لاء يابنى ده أنا سمعت صوت خناق جاى من عندهم وشفت أم يحيى وهى نازله تزعق على السلم وبتقول انا سايبه البيت وماشيه شكل جوزها مد ايده عليها
سمعت صوت زفيرة الحار وهو يقول :
- أنا جاى حالا اقفلى دلوقتى
عاد فارس سريعاً الى المنزل فوجد والدته تنتظره على باب الشقة ويظهر عليها القلق الشديد وقالت سرعاً :
- ايه اللى حصل يابنى بينك وبين ابوها البنت كلمتنى ومفحومه من العياط مفهمتش منها حاجه كل اللى فهمته ان ابوها كان هيضرب امها وأنه عاوزها تطلب الطلاق منك
قال فارس بلهفة :
- مد أيده على مُهرة ؟
هزت رأسها نفياً وهى تقول :
- مش عارفه يابنى فهمنى طيب ايه اللى حصل
لم يستطع أن ينتظر أكثر من هذا صعد الدرج قفزاً حتى توقف أمام باب الشقة تنفس بقوة وطرق الباب لحظات وفتح والدها الباب وعينيه ينبعث منها الغضب والحنق قال فارس سريعاً :
- يا عمى عاوز اتكلم معاك الله يخاليك مش كده ...
قال والدها بغضب :
- قلتلك ملكش عندى بنات للجواز وياريت تطلقها بالذوق بدل ما نروح المحاكم
سمع فارس صوت بكائها من الداخل فأستشاط غضباً .. لايستطيع أن يراها أو يطمئن عليها وهى وحيده حتى والدتها تخلت عنها وتركتها معه بمفردها لم يستطع ان يتحكم فى أعصابه أكثر من ذلك فهتف فيه :
- وانا مش هطلقها دى مراتى ومش هطلقها حتى لو هى اللى طلبت الطلاق بنفسها وبعدين ليه كل ده كل ده علشان حكمت بشرع ربنا وأنت حتى مش عاوز تسمعنى لما اقول كل اللى عندى
لم يجد اجابة من ابو يحيى إلا أن صفع الباب فى وجهه مرة واحده بدون سابق انذار .. ضرب فارس سور الدرج بقبضته حتى آلمتة بشدة وهو يهتف بحنق :
- والله ده حرام حرام اللى بيحصل ده
لحقت به والدته وأخذته وهبطت به للأسفل وهى تقول :
- تعالى يابنى أستنى لما النفوس تصفى وبعدين نتكلم معاه تعالى أحكيلى أيه اللى حصل
أما فى غرفة مُهرة فقلد كانت تبكى وتشهق وهى تضع يدها على فمها حتى لا تصدر صوتاً يستفزه من جديد وهو واقف أمامها مصدراً لأوامره وهو يقول :
- مفيش خروج ولا دخول ولا جامعه ولا غيره خلاص وتليفونك هيفضل معايا .. وهجيب مراتى التانيه تقعد معاكى هنا وتحرسك ..ويبقى يورينى نفسه بقى سعادت الباشا الدكتور.. تراجعت فى فراشها حتى ألتصقت بالحائط وضمت ركبتيها إلى صدرها وهى تأن أنين المعذبين وتدفن رأسها بين قدميها وتشكوا بثها وحزنها لله وحده
وبالفعل هاتف زوجته الثانية وأمرها أن تاتى ببعض ملابسها لتكون بجوار مُهرة مراقبة لتصرفاتها فى غيابه وقص عليها ماحدث.. بالفعل كانت زوجته سعيده بما فعل بأم يحيى وأنها أنتصرت على ضرتها وآلمتها وستؤلمها أكثر حينما تنام فى فراشها وتتحكم فى أبنتها وجاءت مسرعة إليه ...
بات فارس ليلته وقد جفاه النوم وذاق السهاد مستلقياً على فراشة ينظر للأعلى يتأمل سقف الغرفة .. غرفتها فوقه تماماً لا يفصلهما عن بعضهما البعض سوى سقف الغرفة فقط ظل مصوب نظراته إليه تكاد أن تخترقه لتراها وترى حالها الان وتعود إليه تخبره عنها .. ماذا تفعل هل تبكى هل تضم قدميها إليها كما تفعل دائماً عندما تشعر بالوحدة ؟..
يود أن يمده يدها لينتشلها مما هى فيه يود أن يأخذها بين ذراعيه ويحتضنها بقوة ليشعرها بالأمان .. أنا هنا يا حبيبتى ..لا تجزعى ... لا تخافى ..لا تفزعى .. لاتحزنى .. أطمئنى وأسكنى صدرى كما سكنتى قلبى دائماً ...
وفى الصباح أخبرته والدته أن زوجة أبيها جاءت لتسكن معهم فى نفس الشقة أستشاط غضبا وهو لا يعرف ماذا يفعل لا يريد أن يتدخل بشكل أكثر قوة حتى لا تفسد العلاقات بين العائلتين أكثر من هذا وكان مضطراً للحاق بعمرو فى النيابه ليتعرف على نتيجة تقرير هيئة الآثار ..
توجه الى النيابة من جديد وهناك كانت النتيجة ليست مفاجئةً له بل كما توقع تماماً .. يقول مفتش الآثار الخبير بأن القطعة الآثرية التى عرضت عليه قطعة حقيقية غير مزيفة .. شكك فارس فى نتيجة الفحص وطالب بفحصها مرة أخرى عن طريق لجنة أخرى .. تم الاستجابة لطلبة وأعيدت لعرضها على لجنة أخرى ..
تقدم عمرو تجاه فارس وهو يقول بقلق :
- هنعمل أيه دلوقتى يا فارس
تنهد فارس وقد ظهرت علامات الأستياء على وجهه وهو يقول :
- زى ما قلتلك بالظبط هنسبقهم بخطوه المره دى
نظر له عمرو متعجباً وقال :
- مالك يا فارس فى حاجه مضايقاك
أومأ فارس براسه وهو يشعر أنه يحمل هماً تنوء منه الجبال وقص على عمرو ما حدث بالأمس مع والد مُهرة .. ما كاد ينتهى من حديثة حتى وجد والدته تتصل به بألحاح أجابها على الفور فقالت بإضطراب :
- مرات حماك التانيه خبطت عليا وقالتلى أن جوزها راح يشوف محامى علشان يرفع قضية طلاق
أغمض فارس عينيه وقال بحزن :
- طيب يا ماما اقفلى دلوقتى معلش وهبقى أكلمك تانى
نظر إليه عمروهو يقول في إضطراب :
- حصل ايه
خالطت ابتسامة متهكمة حزينة شفتيه وهو يقول :
- حمايا شكله كان بيتلكك علشان يطلقها مني راح يدور على محامى يرفع قضية الطلاق
وضع عمرو يده على كتف فارس وهو يقول مطمئناً :
- متخافش مش أنت واثق أنها عايزاك
أطلت نظرات القلق والحزن من عينيه وهو يقول :
- أنا خايف عليها اوى يا عمرو لوحدها فى وسط كل ده

*********************************************
ذهب فارس بصحبة عمرو كما أتفقا مسبقاً لهيئة الآثار ليحاول فارس أستباق نادر بخطوة كما كان يخطط من قبل .. صافحه فارس وهو يعرفه بنفسه ويقدم الكارت الشخصى الخاص به مبتسماً ... نظر مفتش الآثار الى الكارت ثم الى فارس متفحصاً له وهو يضيق عينيه ثم قال متسائلا :
- هو مش حضرتك كنت بتشتغل فى مكتب الدكتور حمدى مهران
أنتبهت حواس فارس وهو يومىء ببطء قائلا:
- ايوا هو حضرتك تعرفنى قبل كده
أبتسم الرجل وهو يهز راسه قائلا :
- سبحان الله الدنيا صغيرة أوى .. هو حضرتك مش فاكرنى ولا ايه يا استاذ فارس
تأمله فارس قليلاً محاولا تذكره ثم قال :
- الحقيقة هو شكل حضرتك مش غريب عليا بس مش فاكر بصراحه
استند الرجل إلى مكتبه وشبك اصابع كفيه فى بعضهما وقال بتاثر :
- مش فاكر الراجل اللى مراته رفعت عليه قضية طلاق وعلشان مكنش عاوز يديها حقوقها جالكوا المكتب بتاعكوا وكان عاوز يتهمها فى شرفها ظلم ويفترى عليها وأنت قعدت تنصحه وتقوله حتى لو هانت عليك مراتك أزاى عيالك يهونوا عليك تلطخ سمعتهم بالشكل ده وميقدروش يرفعوا راسهم قدام الناس بعد كده وفضلت تذكره بالله لحد ما قام مشى من قدامك وهو بيقول أنا مش عارف هو ده مكتب محاماه ولا جامع ..
أنتبه فارس متذكراً وهو ينظر إلى الرجل وقد عرفه وقال بدهشة :
- مش معقول!
أومأ الرجل براسه وهو يقول :
- شفت بقى الدنيا صغيرة ازاى ؟
أطرق فارس مفكراً وقد شعر برفض طلبه قبل أن يطلبه وحاول ان يبحث عن مخرج آخر لعمرو الذى كان ينظر إليهما بحيرة ودهشة لا يعرف ماذا يقول .. قطع مفتش الاثار شروده وهو يقول موجهاً حديثه لفارس :
- أؤمرنى يا أستاذ فارس حضرتك كنت جايلى ليه
رفع فارس رأسه ببط ونظر فى عينيه وهو يقول بأحباط :
- الحقيقة أنا كنت جاى متحمس بس دلوقتى مبقتش عارف هتساعدنى ولا لاء
نظر له الرجل بابتسامة ونهض من خلف مكتبة وجلس على المقعد أمامه ووضع يده على قدم فارس وهو يقول ممتناً :
- أنت ليك جميل فى رقبتى عمرى ما هنسهولك ابداً
علت الدهشة وجه فارس وهو ينظر إليه بصمت فاردف الرجل قائلا:
- أنا بعد ما مشيت من عندك فكرت فى كلامك كويس وضميرى فضل ينقح عليا وأنا بسمع كلامك عمال يدور جوا عقلى وفضلت طول الليل صاحى مش عارف أسمع أى حاجه غير الحوار اللى دار بينا فى المكتب عندك ... حسيت أنى ندل وأنى كنت هلوس سمعت ست شريفه عاشرتها سنين طويلة مشفتش منها غير كل شرف وامانه .. كنت هضيع مستقبل ولادى وسمعتهم علشان العند .. علشان بس أثبتلها أنها مش هتاخد منى حاجه غصب عنى بالمحاكم .. وأكتشفت أنى مقدرش أستغنى عنها وأن الموضوع كله كان عند فى عند .. روحتلها وأعتذرتلها وأتصالحنا ومن يومها وانا شايلك جميلك ده فى رقبتى وبدعيلك ليل نهار ...
رغماً عنه لمعت الدموع فى عينيه وهتف فى قلبه :
- يااااه يا ما أنت كريم يارب .. صحيح اللى عند ربنا مبيضعش ابداً
ربت الرجل على قدمة مرة اخرى وقال مطمئناً :
- قولى بقى أنت عاوزنى أساعدك فى أيه وأنا رقبتى ليك
خرج فارس وعمرو من هيئة الآثار وقد بدت السعادة فى عينيى كل منهما وقال له فارس بحماس :
- شفت بقى مش قلتلك أن ربنا مش هيسيبنا ابدا
رفع عمرو يده للسماء وهو يقول :
- الحمد لله يارب .. ثم نظر إلى فارس متسائلا وهو يقول :
- ودلوقتى المفروض هنعمل أيه الخطوه اللى جايه
أبتسم فارس بمكر وهو يقول :
- الخطوة الجايه هما اللى هيعملوها مش أحنا وساعتها هيبقوا كتبوا نهايتهم بأديهم

بمجرد أن أنتهى مفتش الآثار من وضع الملفات التى بيده فى درج مكتبه حتى سمع طرقات خفيفة على باب حجرته ورأى رجلين يراهما لاول مرة ... مد نادر يده يصافحه وهو يقول :
- أقدملك نفسى مهندس نادر
وأشار إلى صاحبة وقال :
- وده الأستاذ باسم المحامى ..
وأردف قائلاً :
- عاوزين حضرتك فى كلمتين وهنمشى على طول
أبتسم مفتش الاثار إليهما أبتسامة واثقة وقال :
- أتفضلوا .. خير يا بهوات
بدأ نارد فى مساومته فى التقرير الذى سيقدمة للنيابة عن قطعة الآثار ولكن الرجل تظاهر بالتردد قائلا بحنكة :
- بس المبلغ ده صغير أوى على العمليه دى
تدخل باسم وحاول أقناعه بطريقته الخاصه فى الحديث وأنتهت المقابله على وعد منه بالتفكير قائلا:
- أدونى يومين أفكر وبعدين تجولى نتكلم فى التفاصيل
تبادل باسم ونادر نظرات الانتصار وقال باسم :
- يبقى أتفقنا معادنا بعد يومين
خرج نادر بصحبة باسم من عند الرجل الذى تبسم بثقة وهو يخرج هاتفه النقال ليجرى أتصالاً هاماً ....
***************************************

- أيه أنت مش هتروح بيتك ولا ايه ...
قال فارس تلك العبارة وهو يمشى بجوار عمرو الذى كان يسير بجواره فى طريقة الى بيت والدته .. فقال عمرو:
- لا أنا هبات عند أبويا النهارده أصل حماتى تعبانه شويه ومراتى وأختها بايتين عندها
ثم ألتفت إلى فارس وقال متسائلا:
- وأنت مش رايح المكتب
هز فارس راسة نفياً وقد علت قسمات وجهه سحابة حزن وقال :
- ماليش نفس أعمل حاجه خالص يا عمرو ..أنا هروح البيت يمكن أعرف اشوفها ولا أكلمها
ربت عمرو على كتفه وحاول أن يكون مرحاً وقال :
- أنا مكنتش أعرف أنك هيمان أوى كده يا عم فارس
ألتفت إليه فارس بصمت حزين ثم سار فى طريقة ..
ودعه عمرو ثم دخل بيت والدته بينما دلف فارس إلى بنايته المقابلة له صعد الدرج ولكنه لم يطرق باب شقته وأنما صعد درجات عدة أخرى ووقف أمام بابها لا يعرف ماذا يفعل .. أفتقدها بشدة يريد أن يملىء عينيه بوجهها البرىء ولو لمرة واحدة فقط ,, وقف مترددا تدور الافكار برأسه تعذبه وتقتله .. وأخيرا وضع رايته مستسلماً وهبط درجات السلم مرة أخرى متوجهاً الى شقته .. وضعت والدته طعام العشاء أمامه على المائدة وهو شارداً فى وجوم وكأنه فى عالم آخر عاقدا ذراعيه أمام صدره وقد تقابلا حاجبية بشدة ..
وضعت يدها على يده وهى تقول بهدوء :
- مش هتاكل يا فارس
أوما برأسه وأمسك ملعقته وظل يعبث فى طبقة الذى أمامه وهو مطرق الرأس وقد عاد الى وجومة الدائم فقالت :
- يابنى مش كده ده أنت مكلتش من أمبارح ولا بتدوق طعم النوم حتى
تنهد بقوة وقال بأسى :
- مش عارف أعمل أيه يا ماما ياريتنى ما كنت كتبت الكتاب كنا عملنا الفرح على طول
رفع رأسه إليها وهو يقول بضعف :
- ماما أنتى مبتشوفيهاش خالص؟
شدت على يده وهى تقول بسعادة مصطنعة:
- شوفتها النهارده وهى نازله مع مرات أبوها وكان شكلها باين عليه أنها كويسه
نظر إليها بلهفة وقال على الفور :
- كلمتيها
أبتسمت وقالت :
- كلمتها وهى مرات أبوها هتمنعنى أكلمها كمان.. وبتسلم عليك وبتقولك متقلقش عليا
خفق قلبه وضغط على يد والدته دون ان يشعر وهو يقول :
- بجد يا ماما بجد كويسه
أبتسمت والدته وهى تؤكد له ما قالته ثم عادت لتكمل طعامها فى صمت بعد ان رأته قد بدا فى تناول طعامه .. نظرت إليه نظرة خفية بأسى وهى تهتف داخلها ..
- أقولك أيه بس يابنى أقولك الورده دبلت فى يوم وليلة من كتر الهم والبكى ..

وقفت مهرة فى الليل فى نافذتها ترجو أن تراه ولو لمرة واحدة تطل برأسها للأسفل بشدة لعلها تلمح ظله فتفاجأت بصوت زوجة أبيها تقول ساخرة من خلفها :
- أدخلى من الشباك يا بت أنتى ابوكى قال مفيش واقفة فى الشبابيك
ألتفتت إليها مُهرة وعادت الى الوراء وأغلقت النافذة بهدوء فهى لا تريد أن تدخل فى مجادلة كلاميه مع هذه المرأة على الاطلاق .. جلست على الفراش بعد أن أغلقت النافذة وتناولت أحد الكتب بجوارها وشرعت فى قراءتها فنظرت إليها زوجة أبيها نظرات ساخرة وعادت أدراجها من حيث أتت ..
بعد قليل دخل يحيى بعد طرق الباب عليها وأطل بوجهه فتبسمت له وقد لمعت الدموع فى عينيها فأقترب منها وجلس بجوارها وأمسك يدها وهو يقول بإشفاق :
- متزعليش نفسك بكره أبوكى يصفى ويرجع فى كلامه
أنسابت العبرات على وجنتيها وهى تقول متسائلة :
- ماما عامله أيه
أومأ برأسه وهو يقول :
- ما أنتى عارفه أنها قاعده عند خالتك وبتسلم عليكى وبتقولك متزعليش منها هى مشيت وسابتك فى ساعة غضب ومعرفتش ترجع تانى من لما أبوكى جاب مراته هنا
أطرقت براسها وقالت له متسائلة :
- وأنت يا يحيى قاعد فين دلوقتى؟
قال مبتسماً :
- عند واحد صاحبى هو مش من هنا أصلا من الارياف .. ومأجر أوضه هنا علشان الدراسه وأنا قاعد معاه ومرتاح متقلقيش عليا
أطرقت براسها ثانية وهى تقول بأسى :
- يارب دايما تبقى مرتاح يا يحيى
نظر إليها بشفقة ورفع وجهها إليه بيده وقال مبتسماً :
- هخاليكى تشوفيه متزعليش
أمسكت ذراعيه بلهفة وهى تهتف به :
- بجد يا يحيى
أشار لها أن تخفض صوتها ثم قال بخفوت :
- اه والله صدقينى بس أدينى يومين كده .. ماشى ؟..
أومأت برأسها فرحاً وهى تمسح دموعها براحتيها وهى تقول ممتنة:
- متشكرة اوى يا يحيى ربنا يخاليك .. بس يومين كتير أوى مينفعش قبل كده
كتم ضحكته وهو يقول بمرح :
- طب أعملى مكسوفة طيب ..
فكر قليلا ثم قال :
- طب أستنى
نهض وأتجه الى الباب ليطمئن أن زوجة أبيه لا تتجسس عليهما وبعد ان أطمئن تماماً أخرج هاتفه وهو يقول لها بخفوت :
- تعرفى توطى صوتك على الاخر وأنتى بتتكلمى فى التليفون ؟
قفزت من فراشها فرحاً كالفراشة وقالت بخفوت مماثل :
- ربنا ميحرمنيش منك يا يحيى
أشار لها أن تفتح النافذة وتطل منها وهى تتحدث حتى لا يظهر صوتها خارج الغرفة بينما وقف يحيى مراقباً من طرف خفى حتى لا يحدث أى هجوم مباغت من زوجة أبيه عليهما وهى تتحدث فى الهاتف ..
أنتفض فارس وهو مستلقى فى فراشة سابحاً فى شروده وذكرياته على صوت رنين الهاتف .. نظر إليه فوجد رقماً غريباً غير مسجل لديه فزفر بضيق ..تركه وعاد الى أسترخاءه وأفكاره من جديد وهو لايعلم أن نصفه الاخر الذى اشتاق إليه ويفكر فيه هو من يهاتفه الآن ...
جذب يحيى الهاتف من مُهرة ووضعه فى جيبه فى اللحظه التى دخلت فيها زوجة أبيه واضعة يدها فى خصرها قائلة :
- أنت هتبات هنا ولا أيه يا يحيى
تنحنح بحرج وهو يقول :
- لا أنا ماشى دلوقتى
قالت بابتسامة صفراء :
- براحتك يعنى أنا مش قصدى أمشيك ولا حاجه
ربت يحيى على كتف مُهرة وهو يقول بنظرة تفهمها :
- هجيلك بكره ماشى
أومأت له مُهرة برأسها وهى تمسك بيده التى على كتفها
خرج يحيى من غرفتها وأتجه الى باب الشقة مباشرة حتى لا يحدث احتكاك بينه وبين زوجة أبيه فينتج عنه مشكله اخرى مع أبيه ..
خرج وأغلق الباب خلفه بينما جلست مُهرة على فراشها محتضنة قدمها كما تفعل دائما وتنظر لأرضية الغرفة وكأنها تناديه وتحاول أن تخترقها لتراه ..
خرج فارس يقف فى نافذة غرفته يستنشق هواء الفجر العليل ويملىء به رأتيه بقوة ويزفر بهدوء وهو يسبح ويستغفر كما تعلم من بلال .. نظر للأعلى مرات عديدة يتلمس ظلها أو ضوء غرفتها سمع صوت هاتفه فهرول إليه ونظر فيه فظفر بضيق عندما وجد اسم عمرو هو المتصل .. كان يعتقد انها هى ولكن أنقطع الامل .. عاد مرة اخرى الى النافذة
وهو يجيب عمرو بحنق :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيه اللى مصحيك لحد دلوقتى يابنى أنت
قال عمرو مشاكساً :
- أنا كنت قلقان شويه وقفت فى الشباك لقيت العاشق الولهان واقف هو كمان عمال يبص لفوق يمكن يعرف يشوف الست جوليت ولا حاجه
نظر فارس الى البناية التى تقبع عن يمين بنايته قليلا فوجد عمرو يقف فى الشرفة ويشير إليه بيده واضعا الهاتف على اذنه وقال :
- معلش بقى شوفتنى أنا طبعا عارف أنك كان نفسك تشوف حد تانى النهارده
تنهد فارس بعمق وهو يقول بشوق :
- وحشتنى أوى يا عمرو
قال عمرو مبتسماً :
- معلش يا روميو أصبر بكره تبقى فى بيتك
هتف فارس بغضب وهو يضرب سور الشرفة بيده :
- أمتى بس يا عمرو وأزاى بعد اللى حصل ده
أنتفض جسدها وهى تجلس على فراشها ضامةً لركبتيها بعد أن سمعت صوته ياتى إليها ويتسلل الى مسامعها فى سكون الليل وقد نامت العيون وخلا الاحبة بعضهم الى بعض .. خرجت سريعاً من غرفتها لتتأكد من أن الجميع نيام ثم عادت الى غرفتها ووضعت حجابها على شعرها وفتحت النافذة وأطلت منها بنصف جسدها تقريباً فرأته وهو يتحدث فى الهاتف بغضب,, أبتسمت وهى تنظر إليه كم أفتقدته كم أشتاقت إليه وإلى نظرة عينيه العاشقة ... تفاجأ فارس بعمرو وهو يقول له بمرح :
- قول لجوليت تدخل جوه شويه لحسن هتقع كده
استدار فارس كليةً بجسده وهو ينظر للأعلى فرآها لم يستطع أن يتبين ملامحها جيدا وعينيها بسبب الظلام ولكن رآها ورأته أبتسم عمرو وعاد أدراجه الى الداخل وأغلق الشرفه ليتركهما وحدهما يخطفا من الوقت لحظات كفيله بأن تعيد إليهما الحياة من جديد..
أرسل لها قبلة فى الهواء بيده أستقبلتها بقلبها الذى عانقها بقوة وضمها داخله ككنز ثمين لا ينفك أن يتركه ابداً ..ضمت يدها الى صدرها وهى تنظر إليه كأنها تضمه هو .. لمحت والدها آتى من بعيد فأشارت إليه وعادت للداخل سريعاً ...... ... عاد فارس للداخل وحاله كحال الظمآن الذى بلل شفتيه بلسانه ........
***********************************************

ها يا حضرة الظابط أيه الاخبار .. قالها فارس وهو يجلس فى المقعد المقابل للضابط الذى قال بثقة :
- كل حاجه ماشيه زى ما أحنا متفقين بالظبط .. باسم ونادر هيتسجلهم ويتقبض عليهم متلبسين بالرشوة
أبتسم فارس بسعادة وهو يقول بأمتنان :
- الحقيقة يا فندم مش عارف أشكر حضرتك أزاى .. ثم تنحنح فى حرج وهو يقول بحيرة :
- هو ليه حضرتك عرضت عليا المساعده فى الموضوع ده رغم أن القضية مكانتش معاك من الاول وكانت مع ظابط تانى
أبتسم الضابط وقال :
- فاكر قضية القتل اللى طليقتك كانت ماسكاها أهو انا كنت الظابط اللى عرضوا عليه رشوة علشان يغير اقواله فيها من يومها وأنا متابع القضية دى وعرفت اللى حصل معاك وأستجدعتك أوى ده غير أنى كنت متأكد إن فى حد تانى بيساعد وائل وبيخططله من بعيد من غير ما يورط نفسه فى الحكايه ...
ثم استند بظهرة الى المقعد وهو يقول بتصميم:
- ولما عرفت موضوعك أنت وعمرو بالصدفه حبيت أساعدك وواحده واحده اتأكدت أن باسم ليه علاقة بالموضوع ده كمان واللى زى باسم ده عاوزله تخطيط جامد أوى وأدله قوية علشان نقدر نقضى على فساده ولا زم نحط أيدنا فى أيد بعض علشان نعرف نحوط عليه كويس أوى وميعرفش يطلع من ثغرات القانون اللى هو حافظها كويس ..
أستدرك فارس قائلا:
- يعنى خلاص مش فاضل غير التسجيل وبعدين نطلع أمر بالقبض عليهم
أومأ الضابط برأسه وقال مؤكدا :
- التسجيل هيتم بكره زى ما أتفقنا مع خبير الاثار فى نفس اليوم بالليل هنقبض عليهم إن شاء الله
نظر إليه فارس بإعجاب وهو يقول :
- نفسى اسألك سؤال بيلح عليا دايما
أومأ الضابط براسه فقال فارس :
- أنت ليه مخفتش لما وائل هددك
ضحك الضابط وقال :
- وائل ده كان شكله يضحك أصلا وبعدين بيعرض الرشوة بسذاجه غريبة كده علشان كده كنت متأكد أن فى حد وراه عاوز يوديه فى داهيه ..
ثم ضحك بشده وهو يتذكر جلسته مع وائل وقال :
- تصدق يا دكتور فارس أنى لما قلتله حرام وهنروح من ربنا فين قالى هو أنت مش مربى دقنك ليه
ضحك فارس وهو يقول :
- هو يعنى محدش بيرفض الرشوة غير اللى ملتحين بس أما حاجه عجيبه اوى
تنهد الضابط وقال بشرود :
- أعذره يا دكتور الناس واخده فكره عن الظباط أن كلهم زى بعض ..ثم استند بيديه على مكتبه وهو يقول بأسى :
- احنا فينا محترمين ومتدينين وأصحابى وأعرفهم شخصيا بس مع الاسف بالنسبه للفاسدين نكاد نكون مش باينين اصلا
شعر فارس بالاسى الذى يكسو نبرة صوته فأراد ان يغير مجرى الحديث بمداعبة وقال :
- بس أنت غيظته وقلتله أنك هتربي دقنك بس مش دلوقتى
ضحك الضابط ضحكات رنانه وهو يقول :
- تصدق والله مكنش قصدى أغيظه انا قلتله اللى فى قلبى
قال فارس بأهتمام :
- وهو شغلكوا يسمح بكده
زفر الضابط بقوة وهو يردف :
- وأيه اللى يمنع اذا كان فى ضباط مسلمين فى دول أوروبا ملتحين ومحدش بيقولهم حاجه وشايفين شغلهم تمام وهما فى دول نصارى أصلا ودين الدوله الاول النصرانيه حتى الدول اللى فيها بوذيين عندهم ظباط مسلمين ملتحين ومحدش بيتكلم معاهم ..
ثم لمعت عيناه وهو يقول بتحدى :
- بس عندى أمل فى بلدنا أنها هتتغير فى يوم من الايام ان شاء الله

*********************************************************
- أهلا أهلا أتفضلوا .. أتفضل يا بشمهندس نادر أتفضل يا استاذ باسم ...
أبتسم باسم وهو يجلس وينظر إلى مفتش الاثار بثقة :
- أفهم من المقابلة الحلوه دى أن التقرير خلاص اتكتب زى ما أتفقنا
هتف نادر :
- طبعاً هى دى عايزة سؤال
فرك الرجل يديه بشغف وهو يقول :
- ولو أنها مسؤلية كبيرة بس أنا مقدرش حد يقصدنى ف حاجه وأرجعه أيديه فاضيه
أستند باسم على مكتبه وهو يقول :
- وأحنا كمان مش هنرجعلك أيديك فاضيه
قال نادر بلا مبالاة :
- مسؤلية أيه بس ياراجل اللى بتتكلم عنها أنت كتبت تقرير زى اللى أتكتب قبل كده من واحد تانى خالص يبقى أنت معملتش حاجه جديده يعنى بالعكس ده أنت أكدت على كلام زميلك
أومأ باسم برأسه وهو يقول مؤكدا :
- بالظبط كده ومتخافش مش هيقدروا يشككوا فى ده كمان
قال الرجل بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيه :
- لمؤاخذه يعنى فى السؤال هو أنتوا ليه بتدفعوا الفلوس دى كلها علشان القضيه تلبسوا أنتوا بتكرهوا أوى كده؟
قال له باسم بحدة :
- الموضوع ده ميخصكش أنت ليك تاخد فلوسك وخلاص
حرك الرجل رأسه وقال مؤكداً :
- معاك حق وأنا مالى خلاص أتفقنا تجولى هنا بكره الصبح ومعاكوا الفلوس وهوريكوا نسخه من التقرير اللى أتكتب
نهض باسم ونادر وهما ينظران الى بعضهما البعض بأنتصار وقالا بثقة :
- تمام أوى كده
*************************************

كان نادر بصحبة باسم فى شقتة الخاصة ليلاً بينما سمع باسم صوت رنين هاتف المنزل فقال نادر بقلق :
- أيه ده مين بيكلمك دلوقتى
نهض باسم متوجهاً إلى الهاتف وهو يترنح ثملاً وضع سماعة الهاتف على اذنه وقبل أن يجيب سمع صوت أنثوى يصيح به :
- أنتوا ايه اللى أنتوا عملتوه ده يا أغبيا
نظر باسم لسماعة الهاتف وهو يعقد جبينه بدهشة ثم أعادها على أذنه مرة أخرى وهو يقول بتشتت :
- أنتى مين يا ست أنتى
صاحت بغضب :
- أنت غبى أنت واللى معاك وهتدفعوا تمن غبائكوا ده غالى أوى
ضحك باسم وهو يقول بترنح :
- أهدى بس يا حلوة
صرخت فيه بشدة :
- بقى علشان أنت بتكره واحد والغبى اللى معاك بيكره التانى تقوموا تلفتوا النظر لينا ولشغلنا والعين تبقى علينا .. اللى عملتوا ده مش هيعدى بالساهل ابدا ... وأنهت المكالمة بعنف .. نظر باسم الى سماعة الهاتف بأستنكار وهو يهوى الى المقعد بجوار الهاتف ويهتف :
- طب متعرفناش طيب
نهض نادر قائلا:
- فى ايه يا باسم من دى
ناوله باسم الكأس فى يده وهو يقول مترنحاً :
- أشرب ياعم أنت خالينا نفرفش شويه أنت مالك رخم كده ليه النهارده

**********************************************************
جلست عزة بجوار عبير فى بيت والدتهما وهى تقول بأستنكار:
- يعنى أيه يا عبير يعنى الراجل المتدين بس هو اللى مش بيتخانق مع مراته
قالت عبير بثقة :
- لاء مش قصدى أنا قصدى أقولك أن الراجل الملتزم هو اللى ليه حدود حتى فى مشاكله يعنى بمجرد ما تقوليله اتقى الله يبتدى يراجع نفسه ويقول اللهم اجعلنى من المتقين ..
لكن الراجل التانى لو قلتيله اتقى الله هيصرخ فيكى ويقولك طب ما تتقيه انتى ياختى ولا ممكن يقولك قصدك ايه يعني ... قصدك انى كافر ..
قصدى ان الملتزم ليه سقف معين بيقف عنده مهما عمل بيخاف من ربنا فى الاخر ويخاف لو ظلمك ربنا يقتص منه فى الدنيا والاخرة
مطت عزة شفتيها وقالت باستسلام :
- فى دى معاكى حق عمرو ساعات لما بقوله اتقى الله يقولى لما تتقيه انتى الاول .. بس بصراحه ده كان قبل ما يدخل المعتقل مع فارس وبلال لكن من بعدها بقى أحسن كتير فى معاملاته كلها ..
ثم قالت بمرح :
- يعنى لو كنت أعرف كده كنت لما جه يتقدملى كنت قلتله لاء اقعد شويه مع فارس وبلال وبعدين ابقى تعالى اتقدم
حركت عبير رأسها وهى تقول :
- اه اه صح علشان كان قطع رقبتك ساعتها ولا انتى ناسيه انه كان حساس قد ايه من اى كلام منك على فارس فاكر لما زعل منك
زفرت عزة وهى تقول بحنق :
- متفكرنيش بالايام دى .. الحمد لله أنها عدت من غير ما حد ياخد باله من مشاعرى دى
رفعت عبير حاجبيها وقالت :
- ومين قالك ان محدش خد باله .. والدة فارس كانت واخده بالها والجديد بقى ان مُهرة كمان كانت عارفه
حدقت عزة بها وهى تقول :
- بتقولى ايه يا عبير .. مُهرة عارفه انى كنت بحب فارس ..
أومأت عبير برأسها مبتسمة وهى تضع ولدها على الفراش بعد أن نام على ذراعها وقالت بخفوت :
- أنتى فاكراها عبيطه ولا ايه ولا ناسيه انها كانت ملازمه لفارس ووالدته من وهى صغيرة وقاعده عندهم فى البيت على طول
أسندت عزة راسها على راحتها وهى تقول بحرج :
- يادى الكسوف .. وانا بكلمها عادى وهى بتكلمنى عادى ولا باين عليها حاجه
ضحكت عبير بخفوت وهى تنهض وتجلس على الاريكة بجوار النافذة فتبعتها عزة وجلست بجوارها وهى تقول :
- ده انا كده هتكسف احط عينى فى عنيها تانى
هزت عبير راسها نفياً وهى تقول :
- بتهزرى ... يابنتى هى عارفه أن الكلام ده كان زمان قبل ما تتجوزى عمرو
عقدت عزة ذراعيها امام صدرها وقالت بتبرم:
- وأنتى عرفتى ازاى اصلا توقع كده ولا هى لمحتلك
رفعت عبير كتفيها وقالت :
- مش هى دى المشكله دلوقتى أنا مش عارفه ايه اللى فتح السيرة دى ..أحنا دلوقتى فى مشكلة مُهرة وباباها لازم أكلم بلال يدخل ويحاول يحلها بطريقته... ياريتك يا عزة قولتيلى أول ما عمرو قالك
لوحت عزة بيديها وهى تقول :
- ياختى نسيت مش شايفه ماما كانت تعبانه ازاى
دفعتها عبير لتنهض وهى تقول بمكر :
- طب أمشى بقى شوفيلك حته تنامى فيها علشان عاوزه أكلم جوزى شويه براحتى
رفعت عزة حاجبها وهى تقول :
- بتطردينى من أوضتى أصلا ماشى يا عبير .. وبعدين أنتى فاكرانى ماليش جوز انا كمان ولا ايه طب انا بقى هروح البلكونه ونقعد نشاور لبعض زى الحبيبة ...
ثم ضحكت وخرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها
أخرجت عبير هاتفها وهاتفت بلال وبمجرد ان اجابها حاولت أن تغير نبرة صوتها وهى تقول :
- مين معايا
كان بلال مستلقياً على الفراش يستعد للنوم فابتسم وهو يتكا على جنبه الايمن وقال :
- حضرتك انتى اللى متصله
قالت عبير بدلال :
- طيب ممكن نتعرف .. اصل صوتك عاجبنى اوى
أعتدل جالساً على الفراش بحماس وقد أعجبته اللعبة وقال :
- بس أنا متجوز
رفعت كتفيها وهى تقول برقة :
- وايه يعنى الشرع محلل اربعة
قال هامساً :
- بس انا بحب مراتى ومفيش واحده غيرها تملى عينى حتى لو كان الشرع محلل عشره
كتمت ضحكتها وقالت بتبرم :
- خلاص بلاش جواز نتعرف بس
هتف ضاحكاً :
- أيه ده يا عبير أنتى أنحرفتى أمتى يا حبيبتى
ضحكت وهى تقول :
- ياسلام يعنى دى اللى وقفت عندها يعنى
قال بحنق :
- كده برضه تضحكى الضحكه دى وأنتى بعيد عنى طب انا هاجى أخدك دلوقتى
حاولت ان تخفض صوت ضحكاتها و تسائلت قائلة :
- ياسلام يعنى هتضحى بوقت نومك وتنزل وتيجى تاخدنى
همس قائلا بحرارة :
- الضحكه دى تخالينى أضحى بعمرى مش بنومى بس
قالت على الفور:
- لالا أنا بهزر معاك أهدى كده علشان احكيلك على حاجه مهمه اوى تخص فارس ومُهرة
أنتبه وأرهف سمعه لها وهى تقص عليه ما قاله عمرو لعزة فى الهاتف عن مشكلة فارس ومُهرة وحتى هذه اللحظة ......

****************************************
أستيقظت مُهرة فزعة على صوت صراخ زوجة أبيها وهى توقظها صائحه :
- قومى معايا ياختى بقولك قومى
نهضت مُهرة بفزع وهى تصيح :
- فى أيه
صرخت بوجهها :
- جيرانى أتصلوا بيا وقالولى أن شقتى أتسرقت قومى يالا تعالى معايا
نهضت مُهرة سريعاً من فراشها وتوجهت للحمام على الفور توضأت وعادت لحجرتها أرتدت ملابسها وزوجة ابيها تصرخ :
- بسرعة ياختى لسه هتقعدى تلفى عشر سنين فى الطرحة دى
قالت مُهرة بارتباك وهى تحاول لف خمارها :
- حاضر حاضر
غادرتها زوجة ابيها وهى ترتدى حذائها وعادت إليها تصرخ بها يالا يالا ...ارتبكت مُهرة اكثر ووضعت دبوس الحجاب فى يد أصبعها فتالمت بشدة وهى تنظر لاصبعها الذى أخذ يقطر بعض قطرات الدم وهى تبحث عن منديل ورقى لتضعه عليه
فصاحت زوجة ابيها بغضب :
- أنا هسبقك وتعالى ورايا يا غندورة متتأخريش ياختى أنتى عارفه البيت كويس
تركتها وهبطت درجات السلم فى عجلة منها ..لفت مُهرة الخمار مرة أخرى ووضعت الدبوس بحرص هذه المرة ثم أرتدت حذائها وهبطت تهرول على درجات السلم .. وفجاة شعرت بيد تجذبها بقوة وتدخلها للداخل ووجدت نفسها فى شقة فارس وبين يديه ...
---------
يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #19  
قديم 02-22-2018, 06:23 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
الفصل الثالث والثلاثون والأخير

-----------

أغلق الباب خلفها على الفور واستندت بظهرها إلى الباب المغلق وحدقت به لبرهة وهو يقف امامها مباشرة محيطاً خصرها بذراعيه وهو يكاد يلتهمها بعينية والصمت محيط بهما لا يجروء أحدهما على شقه ...
تمالك فارس قواه وقال هامساً وهو ينظر فى عينيها متعمقاً بها سابحاً بداخلها بل غارقاً فيها حتى اذنيه:
- وحشتينى
حدقت به فى ذهول غير مدركة لما حدث فجأة ..فاقترب منها وطبع قبلة على جبينها قائلاً :
- لسه مفوقتيش من المفجأة
زاغت نظراتها وهى تحاول ألتقاط أنفاسها بصعوبه وهى تراه ينزع الدبوس المثبت للخمار ونزعه عنها برفق وهو يبتسم بها بشوق وقال :
- بقولك وحشتينى
وأخيراً تكلمت بصوت مبحوح وقالت :
- أنت عرفت منين أنى نازلة دلوقتى لوحدى
أخذ شهيقاً قوياً وهو يحاول أن يبدو هادئاً وقال :
- اصل شقة مرات ابوكى متسرقتش ولا حاجه دى لعبه أخترعتها انا ويحيى علشان هى تتلبخ وتنزل وتسيبك واعرف اشوفك .. بس بصراحه مكنتش أعرف انك هتنزلى وراها انا افتكرت انها هتنزل وتسيبك لوحدك بس اتفاجأت بيكى نازله وراها فقلت اخطفك
حاولت أن تنظر للداخل ولكن كتفيه منعاها وعيناها لا تصل لما بعدهما فقال سريعاً :
- ماما مش هنا ..عند والدة عزة بتزورها
ثم قال بعتاب خافت وهو يرفع راسها إليه باناملة :
- طب مفيش وأنت كمان وحشتنى
مسحت وجهها براحتها بالكاد فهو لايعطيها مساحه للحركة كافيه وقالت بخجل :
- وحشتنى
ضمها إلى صدره وهو يغمض عينيه بقوة مبتسماً بحب وقال :
- أنا خلاص مش هسيبك تانى .. انتى هتفضلى معايا هنا
أبتعدت برفق ونظرت إليه بحيرة ودهشة قالت :
- يعنى ايه هفضل هنا
مسح على وجنتها ثم خلل اصابعه بين خصلات شعرها يداعبه وهو يقول :
- يعنى أنتى مراتى ومش هسمح لحد انه يفرق بينا ومش هسيب ابوكى يبعدك عنى تانى ومش هتخرجى من بيتى بعد كده
بللت شفاهها بلسانها بتوتر غير مستوعبة لما يقول وقالت بتلعثم :
- أزاى يعنى مينفعش يا فارس نقعد مع بعض وأحنا مكتوب كتابنا بس طب هنقول للناس ايه ..
هزت راسها لعلها تستفيق من وقع كلماته وهى تردد :
- طب وبعدين مش فاهمه حاجه
أمسكها من كتفيها ونظر إلى عينيها بقوة وقال بحسم :
- خلاص أحنا مش هنفضل مكتوب كتابنا طول عمرنا .. انتى هتعيشى هنا معايا وهنعلن كده قدام كل الناس أنتى كده كده مراتى وابوكى عاوز يبعدك عنى وبيضغط عليكى علشان تطلبى الطلاق وانا مش هاسمحله لازم أحطه قدام الامر الواقع ..
نظر إلى عينيها بقوة أكبر وقال بهدوء :
- انا هدخل بيكى دلوقتى يا مُهرة وهنا زينا زى أى أتنين متجوزين ويبقى ابوكى بقى يورينى ويبقى ابوكى بقى يورينى هياخدك مني أزاى تانى
شعرت أنها تختنق وأحمر وجهها من فرط حرارة جسدها المتصاعدة وقالت بإضراب :
- أنت أتجننت يا فارس بتقول ايه ..سبنى أمشى
أحكم يديه حولها وهو ينظر إليها بتصميم قائلاً :
- أيوا أتجننت ولو مش بمزاجك هيبقى غصب عنك أنتى مراتى فاهمه يعنى ايه مراتى
.. حاولت أن تتحرر من يده وهى تقول بخوف:
- سبنى يا فارس بقولك سبنى
حملها رغماً عنها ليبعدها عن باب الشقة وأدخلها غرفته وهى تهتف به :
- لا يا فارس لااااا
أغلق باب غرفته وهو يتوقع أن تصرخ أو تحاول الهرب أو تستغيث ولكنها لم تفعل ذلك نظرت إليه بهدوء وهو يغلق باب الغرفة وبمجرد أن عاد إليها عازماً على فعل ما قرره ..أقتربت هى منه بسرعة ولفت يدها حول خصره ودفنت وجهها فى صدره وهى تبكى قائلة :
- أنقذنى منك يا فارس أنقذنى منك بدء صدره يعلو ويهبط بقوة ويديه بجواره وهو ينظر إليها وهى فى هذا الوضع وهى تقول ببكاء ولوعة :
- فاكر لما قلتلى لو اى حد فى الدنيا ضايقك ولا قرب منك تعالى قوليلى وانا هحميكى فاكر لما كنت بتقولى أوعى تخافى من حد وانا موجود أنا ضهرك وانا حماكى فاكر لما قلتلى بعد كتب الكتاب حتى لو انا زعلتك يا مُهرة تعالى أشتكيلى مني وأنا هخدلك حقك مني ..انا دلوقتى عاوزاك تحمينى منك يا فارس وأنت عمرك ما خلفت وعدك معايا أحمينى منك يا فارس أحمينى منك
أغمض عينية بقوة وهو يشعر أن كلماتها خناجر موجهة إلى قلبة بقوة وحسم لم تخطأ هدفها ابداً اصابته فى مقتل تعرفه جيداً وتعرف نبلة وشهامته وقيامة تجاهها بدور الاب والاخ قبل أن يكون الزوج والحبيب هو من رباها وكان يحملها فوق كتفه ولم يجروء أحدا على مسها خوفا منه فكيف الان هو من يؤذيها كيف تلتجأ إليه ويخذلها ...
ظلت تدفن رأسها قوة فى صدره وكأنها تريد أن تختلط بعظامه وتتسلل داخل قلبه ليحيطها ويضمها ويشعرها بالأمان ... وأخيراً وبعد طول أنتظار منها وجدته يلف يديه حول راسها ويضمها اكثر فى صدره ويمسح على شعرها ويقبلة قائلا بحنان :
- متخافيش .. متخافيش
أغمض عينيها وأنسابت عبراتها لتغرق قميصة وتبلل صدره ..شعر بسخونة تلك العبرات فعض شفتيه بألم وقال :
- أنا مش ممكن أذيكى وانتى عارفه كده كويس
ثم رفع وجهها بأنامله ونظر إلى عينيها وهو يقول بابتسامه حزينة:
- أهو ده عيب اللى يتجوز واحده فاهماه كويس
خالطت الدموع ابتسامتها وهى تنظر إليه بلهفة فمد يده ومسح عنها العبرات قائلا:
- كفايه بقى عياط مش عارف اشوف عنيكى من كتر الدموع
أومأت برأسها وهى تبتسم وتمسح عبراتها براحتيها وهى تقول ببراءة :
- خلاص مش هعيط تانى
طبع قبلة على جبينها وقال بهدوء :
- يابنت اللذين .. أنتى بتعملى فيا كده ازاى أنا بحس أنى ببقى واحد تانى خالص وأنا معاكى
وضعت يديها على صدره وقالت بصوت مرتجف من فرط التاثر :
- أنا بحبك يا فارس وعمرى ما هطلب منك الطلاق ابدا الا اذا حسيت ان انت اللى مش عاوزنى اصبر بس شوية مش عاوزينه يعند معانا نفسى العلاقة بينكوا تبقى كويسه زى الاول .. وانا أوعدك انى هصبر على اى حاجه تحصلى فى سبيل أننا نبقى مع بعض فى الاخر واهالينا راضيين عننا مش غصب عنهم ...
أمسك وجهها بيديه ونظر فى عينيها بقوة وهو يقول بحب :
-أنتى بتجيبى الكلام الكبير ده منين
اشارت بأصبعها إلى صدره وقهى تقول :
- منك انت ولا ناسى انى كنت ماشية وراك ولازقه فيك بسمع كل الكلام اللى بتقوله وبخزنه فى مخى ومش بقدر أنسى منه ولا حرف
ابتسم وقال مداعباً :
- طب ما تجيبى أطه كده على الماشى
ضحكت وهى تبتعد عنه وقالت :
- لا يا سيدى أحسن بعدين تتهور ولا حاجه
ارتدت خمارها ثانية وأتجهت بأتجاه باب الشقة فلحق بها ووضع يده على الباب قائلا:
- طب يعنى مش هشوفك ازاى تانى
زاغت نظراتها يمينا ويسارا وهى تفكر ثم قالت :
- قولى معاد رجوعك بالليل امتى بالظبط وانا هبصلك من الشباك واهى تصبيرة كده لحد ما ربنا يفرجها
ضمها إليه مرة أخرى مودعاً وهو يقول :
- ربنا يجمعنى بيكى يا حبيبتى فى اقرب وقت ممكن
لمعت الدموع فى عينيها وهى تودعه وتذهب وتغلق باب شقته خلفها برفق ..ظلت عينيه متعلقة بباب الشقة وهو يشعر بوهن شديد فى جسده وكانه قد تسلق جبلا دفعة واحده دون توقف .. هوى الى اقرب مقعد بجوار الباب واغمض عينيه وهو يدعو الله ان يقرب بينهما ويجمعه بها فى القريب العاجل ....

*******************************************

فى اليوم التالى مباشرة كان بلال يجلس فى بيت فارس ويقول بعتاب موجهاً حديثة ل فارس :
- مقولتليش ليه يا فارس على اللى حصل ده كله هو أنا مش صاحبك ولا ايه
تنهد فارس بعمق وقال بحزن :
- مرضتش اضايقك يا بلال وبعدين انا عارف أنك مش فاضى
شد بلال على يد فارس وهو يقول بلوم :
- كده برضه ده انا افضيلك نفسى مخصوص يا اخى ده أحنا اخوه فى الله مش مصاحبين بعض لدنيا ولا لمصلحه
قاطعته والدة فارس وقالت :
- ربنا يكرمك يابنى بس ابوها مش عاوز يسمع لحد خالص ومش مدى فرصه لحد انه يتكلم ولا يشرح حاجه
أردف فارس قائلاً:
- وبعدين انا قلت اسببه لما يهدى من ناحيتى يمكن يرضى يسمعنى واقدر اشرحله
وضع بلال يده على كتف فارس وقال بثقة :
- سيب الموضوع ده عليا أنا ربنا يقدرنى وأقدر أحله
نظر له فارس بلهفة فقال :
- توكل على الله يا فارس وأدعى وإن شاء الله ربنا هيلين قلبه من ناحيتك وانا هحاول معاه على قد ما اقدر ... يالا هات رقمه
نظر فارس إلى والدته وقال بحرج:
- معلش يا ماما ممكن تعمللنا دور شاى تانى
شعرت والدته أنه يريد ان يتحدث مع بلال على انفراد فنهضت على الفور وهى تقول مبتسمة :
- حاضر من عنيا
توجهت والدته إلى المطبخ وتركتهما وحدهما فألتفت فارس إلى بلال واقترب منه وقال هامساً :
- بلال انا عاوز اسألك فى حاجه مش متأكد منها كده
اشار له بلال بأن يتحدث فقال :
- هو انا لو دخلت بيها من غير اذن ابوها ينفع ؟
أطرق بلال مبتسماً ثم رفع راسة ونظر إلى فارس قائلاً :
- لاء طبعاً مينفعش
عقد فارس حاجبيه وقال حانقاً :
- ليه يا بلال دى مراتى أومال عقد الجواز اللى بينا ده ايه
رفع بلال حاجبيه وقال :
- على اساس انك مدرستهاش فى الكليه مثلا
زفر فارس بضيق قائلا:
- نسيتها يا عم .. هو انا فى ايه ولا فى ايه
ابتسم بلال وهو ينظر إليه وشد على يده قائلاً :
- أنت عقدت عليها والاشهار كان للعقد بس يعنى هى لسه فى بيت ابوها حقوقها وواجباتها دلوقتى غير المدخول بيها وأنت كده هتلغبط الدنيا فى بعض ده غير أن ده مش هيحل حاجه غير أنك هتزود عناد ابوها
هتف فارس صائحاً :
- أنت هتعملى زيها وتقولى ده مش هيحل حاجه وكده ابويا هيعند أكتر .. وبعدين ده لو حصل مش هوديها عند ابوها تانى وهتقعد معايا هنا ويبقى ده اعلان الدخول اللى بتقول عليه
عقد بلال حاجبيه وقال باستنكار :
- هى كمان قالتلك كده .. معناه ايه الكلام ده هو أنت حاولت يا فارس
اشاح بوجهه قائلا:
- اعمل ايه هتجنن عقلى طار مني مش لاقى حل
لانت ملامح بلال وهو يربت على كتفه قائلا:
- ياسيدى قلتلك سيبها على الله وبعدين مش قادر تصبر شويه يعنى خلاص .. ما أنت كده ولا كده مكنتش هتدخل دلوقتى وكنت هتستنى سنه
مسح فارس على شعره وهو يقول بحنق :
- معرفش بقى يا بلال انا كنت بدور على اى حل وخلاص.. الموضوع بالنسبالى مش زى ما انت فاكر انا كنت هعمل كده علشان أحط ابوها قدام الامر الواقع ويبطل يقولى طلقها وكل اللى كنت عاوزه انى اجيبها تعيش هنا وابقى مطمن عليها بدل ماهى قاعدة لوحدها مع مرات ابوها الله اعلم بتعاملها ازاى ..
أخرج بلال هاتفه وقال على الفور :
- طب هات رقم أبوها
**************************************************
- لقوهم مقتولين فى شقة باسم ولقوا سيديهات و صور .. أظاهر أن علاقتهم كانت من زمان اوى
حدق فارس وعمرو فى الضابط وهو يتحدث إليهم من خلف مكتبة وهتف فارس على الفور :
- أمتى حصل الكلام ده
مطت الضابط شفتيه وقال :
- الشغاله معاها مفتاح وكانت بتروح كل يوم الصبح بدرى تنضف الشقة واضح انهم كانوا بيسهروا كل ليلة .. دخلت النهارده الصبح لقيتهم مرمين على الارض ومقتولين .. صرخت طبعا والعماره كلها اتلمت وأتصلوا بالبوليس
نظر عمرو إلى فارس بخوف وقال :
- يعنى ايه الكلام ده طب مين اللى عمل كده
قال الضابط بتركيز :
- البحث الجنائى شغال بس لحد دلوقتى ملقيوش حاجه بصماتهم وبصمات الشغاله بس .. واضح كمان من المعاينه ان الباب متكسرش يعنى القاتل عارفهم وعارف طريقهم ومعاه مفتاح كمان .. ثم اردف قائلاً بأشمئزاز:
- فى الاول كنت مستغرب ان محدش من الجيران سمع صوت استغاثة ولا اى قلق خالص بالليل ... لكن لما عاينت جثثهم بنفسى وشفت السيديهات اللى فى كل حته فى الشقه عرفت ليه..
نظر له الاثنان نظرات متسائلة فقال :
- كان فى بينهم علاقة خاصة وكانوا بيمارسوها وهما سكرانين وشاربين بلاوى وقرف علشان كده محسوش باللى دخل عليهم وفى احتمال ان يكون القاتل ده شريكهم التالت وكان معاهم فعلا فى الشقه بس مفيش دليل على اى حاجه خالص وشكلها كده هتتأيد ضد مجهول .
تقطعت انفاس فارس وهو يشعر انه يختنق وهو ينظر الى عمرو الذى كان ينظر اليه هو الاخر بذهول وهتف :
- معقول باسم ونادر كان فى بينهم علاقه من النوع ده
شعر الضابط بالغثيان ويومىء براسه قائلا:
- مع الاسف ... صحيح من عاش على شىء مات عليه
هتف عمرو بلوعة :
- يعنى القضية كده باظت ولا ايه انا مش فاهم حاجه
شعر فارس بالحنق تجاه دنيا أكثر وهو يتخيلها بين يدى رجل بهذه الدنائة والخسة وشعر بالاسى تجاه الدكتور حمدى وقد اتضحت لديه صورة اخته وابن خالته بهذا الفجور الطاغى
سمع الضابط يقول ل عمرو:
- أنت كده قضيتك خلصت خلاص التقرير هيتقدم انها مزيفة وانت هتطلع براءة والقضية تتقفل
قضية الرشوة هى اللى باظت بموت باسم ونادر ومنعرفش مين اللى وراهم ولا مين اللى كان بيحركهم .. وده اللى مخالينى متأكد أن اللى قتلهم هو اللى وراهم ومش عاوز يتكشف بس هتجنن وأعرف ..عرف منين انهم هيقعوا خلاص وأننا هنقبض عليهم تانى يوم .. تبادل النظرات مع فارس الذى قال باصرار :
- انا بقى مش هسكت والموضوع متقفلش على كده المكان اللى الفندق بيتبنى فيه ده مكان اثرى وانا هقدم بلاغ للنائب العام بالكلام ده وهطلب أنهم يكشفوا باجهزة الدولة اذا كان فيه اثار تحت الحفر ده ولا لاء .. ولازم اجيب اللى ورا نادر وباسم باى شكل ...
مال عمرو للأمام وهو يقول :
- متكبرش الموضوع يا فارس الناس دى ايديها طايله
أستدرك الضابط قائلا:
- بلاش يا دكتور فارس أنا عارف حاجات كتير عن الشغل ده انت متعرفوش وبنصحك بلاش
نهض فارس وهو يقول باصرار :
- انا رايح اقدم البلاغ حالاً
******************************************
هاتف بلال والد مُهرة وأتفق معه على موعد فى المركز الخاص بالدكتور بلال وبالفعل ذهب إليه والدها فى المعاد المتفق عليه نهض بلال من خلف مكتبه مصافحاً أياه بحرارة وجلس قبالته فقال والد مُهرة على الفور :
- انا عارف انت كنت عاوز تقابلنى ليه يا دكتور ووالله لو مكنتش غالى عليا مكنتش وافقت اجى اقابلك علشان عارف أنك عاوز تتكلم فى ايه
أخرج بلال زجاجة مسك متوسطة واعاطها له قائلاً بابتسامة :
- طب مش هتقبل هديتى كمان ولا ايه
أخذها والدها على استحياء قائلا:
- هديتك مقبولة يا دكتور
قال بلال مبتسماً :
- اوعدنى بقى أنك هتسمعنى من غير ما تقاطعنى ولا تتعصب
أومأ والدها براسه موافقاً بغير ترحيب .. فقال بلال :
- أنا عارف انك بتحب النبى عليه الصلاة والسلام وبتحب تسمع كلامه مش كده ؟
قال والدها على الفور :
- عليه الصلاة والسلام
تمتم بلال :
- عليه الصلاة والسلام ..ثم قال بهدوء :
- بص بقى يا راجل يا طيب النبى عليه الصلاة والسلام قال :
- " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية"
وقال كمان عليه الصلاة والسلام
"لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء"
وأنا بحبك يا عم أبو يحيى ومرضالكش ابدا أنك تاكل ربا والكلام ده يطبق عليك وعلشان كده فارس قال ان عم عامر على حق علشان هو كمان بيحبك وميرضاش عليك أنك تبقى ملعون والعياذ بالله أو أنك تاكل ربا
قال ايو مُهرة حانقاً :
- يا دكتور بلال ده مش ربا ده زى قرض البنك كده وليه فوايد وبعدين هما اتفقوا من الاول والعقد شريعة المتعاقدين
قال بلال على الفور :
- بس اللى نعرفة يا عم ابو يحيى أن ما بنى على باطل فهو باطل ولو العقد ده عقد ربا يبقى باطل ويبقى الاتفاق بينهم باطل برضه الكلام ده لو العقد ده بيوافق شرع ربنا لكن لو يخالفه ميبقاش شريعة المتعاقدين ولا حاجه
أما بقى بالنسبة لحكاية أن البنك بيسلف بالفوايد ومين قال ان فوايد البنوك دى مش ربا أصلا ده بغض النظر عن انك مش بنك ولا حاجه أنت جار بيسلف جاره
طرق الباب فقال بلال :
- أتفضل
دخل عامر ومعه ولده مينا ومد يده يصافح ابو يحيى الذى صافحه ببرود وجلسا بجواره
فقال ابو مُهرة متبرماً وفوايد البنوك بقى مالها ما كل الناس بتاخدها دى تجارة البنك بيتاجر بيها وبيردهالنا بفوايدها
قال بلال بهدوء شارحاً كلامه ببساطة:
- هو أنت يا عم ابو يحيى لما بتاجر بفلوس مش الفلوس دى بتبقى ممكن تكسب وممكن تخسر
قال على الفور : - ايوا صح
تابع بلال حديثه :
- بالظبط كده هو ده الفرق بين القرض والتجاره .. القرض يعنى تشترط فايده ثابتة على اللى بتسلفه او اللى بتستلف منه يبقى ده قرض بربا ... لكن التجاره معناه مكسب وخساره يعنى ممكن يطلعلك مكسب وممكن فى شهر تكسب بسيط وشهر تانى تكسب مبلغ كبير واللى بعده اقل مثلا وهكذا هى دى بقى التجاره وعلشان كده ربنا سبحانه وتعالى لما الناس خلطت الربا بالتجاره قال : (وأحل الله البيع وحرم الربا )
ثم مال للامام وقال بأهتمام :
- ده غير اننا منعرفش هما بيتاجروا فى ايه اصلا ياعم ابو يحيى والله اعلم بيبيعوا ايه وبيشتروا ايه
أطرق ابو يحيى براسه وقال بخفوت :
- انا مكنتش اعرف كده أنا فاكر أنها حاجه عادية وتجارة
ربت بلال على ساقه وقال بصدق :
- انا عارف انك مكنتش تعرف بس اديك عرفت الزعل ليه بقى
قال ابو يحيى متبرماً :
- بس برضه مكنش يصح ينصفه على حسابى ده انا حماه وهو ...
بتر كلمته فى الحال كان سيقول أنه نصرانى فهمها بلال ونظر له عامر ومينا بضيق فقال بلال على الفور
بس فارس معملش حاجه غريبة فارس عمل زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام عمل بالظبط .. عقد ابو يحيى جبينه بينما أنتبهت حواس عامر وولده مينا وبلال يقول :
- فى واحد راح للرسول عليه الصلاة والسلام وقاله ان فى دقيق أتسرق منه وأنه تتبع اثره فوجد الاثار موديه على بيت يهودى ولما شافوا بيت اليهودى فعلا لقوا فعلا اثار الدقيق من بيت الراجل صاحب الدقيق لحد بيت اليهودى وكان ده دليل قوى ضد اليهودى لكن الحقيقه ان اليهودى مكنش هو اللى سرق وان واحد تانى مسلم هو السارق الحقيقى وانه خبى الدقيق عند اليهودى لما حس انه هيتكشف ... ساعتها تنزل الوحى على النبى عليه الصلاة والسلام بالايه الكريمه
(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)
الايه دى يا عم ابو يحيى كانت آيه تبرئة اليهودى ... كان ممكن الرسول عليه الصلاة والسلام يسكته ويقول خلاص بقى ماهو يهودى يعنى معقوله أطلع اليهودى شريف والمسلم حرامى ... لكن لاء الرسول عليه الصلاة والسلام أنتصر لليهودى وبرأة وأدان المسلم اللى سرق فعلا.. هو ده الإسلام وهو ده شرع ربنا اللى الناس خايفه منه وبيقولوا مينفعش نحكم بيه ...

*********************************************
لم يصدق فارس نفسه وهو يدخل المدرج فى الكلية ليجد مُهرة جالسة امامه فى اول بنش تنظر له وتبتسم ابتسامة واسعة ... تعلق بصرة بها فى دهشة وألقى محاضرته بسرعة وبمجرد ان انتهى اشار لها بعينيه ان تلحقة .. جمعت مُهرة أشيائها وخرجت مسرعة فى فرحة غامرة أخذها للخارج وهو يقول بلهفة :
- أحكيلى الله حصل بقى وبالراحه كده
قالت بسعادة :
- بابا رجع امبارح من عند الدكتور بلال وقال لمراته تمشى وترجع بيتها وراح جاب ماما ويحيى رجع البيت وقعد اتكلم معايا وهو مسكوف من اللى عمله وكان عاوز يتاسفلك بس محرج .. تنهد بقوة وهو يقول بفرحة :
- بركاتك يا دكتور بلال
ضحكت مُهرة وشرعت فى التوجه الى المدرج مرة اخرى وهى تقول :
- سبنى بقى كفايه عليك كده
جذبها من يدها قائلا بابتسامة سعيدة :
- لاء أحنا هنتغدى مع بعض بالمناسبة الحلوة دى
رفعت حاجبيها وقالت معترضة لاء طبعا مش موافقه أنت مبذر اوى على فكره
قال بحنان وهو ينظر فى عينيها محاولا التاثير عليها قائلا:
- طب لو قلتلك علشان خاطرى نفسى اقعد معاكى شويه
نجحت خطته فقالت على الفور وقد أحمرت وجنتيها :
- موافقة بس نقعد فى حته فيها بحر
عقد حاجبية وهو يقول مداعباً :
- دلوقتى بتتشرطى مش لسه كنتى بتقولى لاء من شويه
عقدت ذراعيها امام صدرها متبرمة وهى تقول بمرح طفولى :
- خلاص مش عاوزه منك حاجه
ضحك وهو يجذبها من يدها ليخرج بها خارج الجامعة ليجلسا وحدهما مرة أخرى لتعود المهرة الاصيلة إلى حضن إلى فارسها المغوار..
*************************************
عادا من نزهتهما بعد صلاة العصر ليجدا حالة من الهرج والمرج داخل شارعهم ودخان كثيف يخرج من أحد المحلات الجانبية الصغيرة فى الشارع .. نظرة إليه مُهرة وهى تقول بقلق :
- ياترى حصل ايه
أخذها إلى بنايتهم ودفع بها برفق داخلها وهو يقول :
- أطلعى انتى لما اشوف أيه اللى بيحصل
توجه فارس إلى الحج عبد الله صاحب محال البقاله ليسأله عن الامر فقال له :
- مش عارفين حصل ازاى ده يا دكتور فارس أحنا فجاة كده لقينا النار طالعه من المحل المقفول ده قعدنا نطفى فيه والناس كلها اتلمت تساعدنا وكانت هوجه فى الشارع بس الحمد لله لحقناها قبل ما تكبر
عقد فارس حاجبية بدهشة وعاد ادراجه إلى بنايته وما ان دخلها حتى وجد مُهرة تتصل به وهى تهتف ألحقنى يا فارس ..لا يعلم كيف صعد تلك الدرجات إليها .. فى لمح البصر كان واقفا امام شقتها المفتوحة ووجد والدته خارجة منها وعلى وجهها علامات الفزع وقالت له :
- تعالى يا فارس شوف أوضة مُهرة
توجه فارس على الفور إلى غرفة مُهرة فوجدها تقف فى منتصفها تنظر إلى ملابسها المبعثرة فى كل مكان وعلى وجهها قد رسم الخوف لوحة ظاهرة للعيان بمجرد النظر إليها ..نظرت إليه وهى تقول بفزع :
- ألحقنى يا فارس
تقدم إليها فوجد فى يدها ورقة مدت يدها بها إليه وهى تقول :
- لقيت الورقه دى على سريرى محطوطه هنا
وأشارت الى كومة ملابس موضوعة بشكل معين ..ليست مبعثرة مثل بقية الملابس ولكن موضوعة فى مكان ظاهر على فراشها بعناية ... كانت كومة من ملابسها الداخلية .. اتسعت عينيى فارس واعاد نظر للورقة سريعاً فوجد بها كلمات قليلة :
- المره دى أوضتها وهدومها المره الجايه هى نفسها ومتلومش غير نفسك
رفع راسه بفزع غلى كومة ملابسها الداخلية .. نعم لقد وصلت الرسالة طرقت عقله بجنون .. تهديد بالاغتصاب ... ولكن من ... من يجروء على هذا ... استدار إلى والدتها صائحاً :
- أزاى ده حصل وأمتى
قالت والدتها وهى تضع يدها على صدرها مكان قلبها وهى تلهث من شدة الخوف :
- انا كنت تحت عند الست ام فارس وفجأة لقينا ناس بتزعق فى الشارع وبيقولوا حريقة . طلعنا انا وهى ووقفنا فى البلكونه ولما لقيناك أنت ومُهرة راجعين من بره سبت الست ام فارس وطلعت شقتى ولقيت مُهرة طالعه ورايا ولقينا باب الشقة مكسور واول ما دخلت اوضتها لقيناها كده على حالتها دى واتصلت بيك...
أخرج فارس هاتفه وأتصل على الضابط صديقة وقص عليه ما حدث فصمت الضابط لحظة بعد ما سمع ما سرده عليه فارس وقرا عليه الرسالة فقال :
- نصيحة مني ابعد عن حكاية الاثار دى خالص يا دكتور فارس
صاح فارس بإنفعال :
- يعنى انت شايف ان قضية الاثار دى ليها علاقة باللى حصل ؟
قال الضابط بثقة :
- انا مش شايف .. انا متاكد ... شوف يا فارس قضية صاحبك خلصت وطلع براءة والحكاية خلصت والبلاغ اللى أنت قدمته اتحفظ حتى من غير ما يحققوا فيه وقضية القتل كمان اتحفظت برضه من غير ما نوصل لحاجه فيها وكل الادله أطمست .. مبقاش فيه دلوقتى غير عنادك واعتقد اللى حصل ده والتهديد ده خطوة ونصيحه مني تبعد وتقفل موضوع الاثار ده خالص
مسح فارس على راسه بعنف وهو يهتف :
- يعنى ايه يعنى فعلا دى عصابة بقى ومش عاوزين اى شوشرة حواليهم ودلوقتى بيهددونى بمراتى
أجابة الضابط بهدوء :
- بالظبط كده واديك شفت نادر وباسم اتقتلوا لمجرد انهم لفتوا الانظار ليهم شوف انت بقى ممكن يحصلك ايه لو مشيت فى الموضوع ده اكتر من كده ... خدها نصيحه من واحد شغال فى مكان ماليان فساد بالشكل ده اقف لحد كده يا فارس لو حصلك حجه انت ولا مراتك محدش هيسأل فيكوا وبرضه القضيه هتتحفظ ...
جمع فارس بلال وعمرو والضابط وقص عليهم ما حدث وما قاله الضابط صديقة فاعاد الضابط كلماته مرة اخرى امامهم فأطرق بلال فى سكون ثم قال دون ان ينظر إليهم :
- حضرة الظابط معاه حق يا فارس أديك شفت لما أتشدينا كلنا على المعتقل محدش حس بينا ولا حد سال علينا واللى خرجنا من هناك هما هما نفس الناس اللى احنا شاكين فيهم دلوقتى والخوف دلوقتى مش علينا احنا الخوف دلوقتى على الحريم اللى ممكن يتبهدلوا معانا لو كملنا
ضغط فارس قبضته فى راحته وهو يقول بغضب :
- عارف لو هددونى بالقتل مكنش همنى حاجه ... المشكله انهم بيهددونى بمراتى .. مراتى يا بلال
وضع عمرو وجهه بين راحتيه وهو يقول موبخاً نفسه :
- ياريتنى ما كنت رحت اشتغلت فى الشركه دى ياريتنى لما قدمت استقالتى صممت عليها ومشيت ولا كنت سافرت ولا اتهببت
هتف فارس بحنق :
- لازم نلاقى حل مش معقول نسيبهم ينهبوا البلد كده وانا خايفين على نفسنا لازم نوصل لاكبر مسؤول فى البلد
نهض الضابط صديقة من مكانه واقفا ً وهو يقول فى شرود :
- أكبر مسؤل اللى انت عاوز توصله ده هو اللى خد اوامر من اللى اكبر منه أن محضر القتل يتقفل والحفر يفضل شغال فى وادى الريان مكان الفندق وأهو نفذ الاوامر وقفل المحاضر وأتحفظ عليها من غير تحقيق .. عارف لما جارك يتعدى عليك وتروح لابوه تشتكيله تلاقى ابوه هو اللى مسلطه اهو هو ده بالظبط .. وضع يده على كتفه وقال باسى :
- شيل ايدك من الموضوع يا فارس الفساد فى البلد دى من سنيييييين كتيره اوى فوق الستين سنه ويمكن أكتر لدرجة ان الناس تعايشت معاه وأتعودت عليه ...... مينفعش تواجهه لوحدك استنى شويه
**************************************
جلست بجوارة حول المائدة وهى تقول بنعومة :
- معلش يا فارس اشرحلى الحته دى تانى أحسن مش فاهماها كويس الجنائى ده صعب أوى
مال عليها وهمس فى أذنها :
- طب خشنى صوتك شوية لحسن انا كده مش هعرف اشرح حاجه خالص
ضحكت بصوت خفيض ثم قالت :
- معلش استحملنى خلاص الامتحانات قربت تخلص
تافف وهو يغلق الكتاب بيده وقال :
- ماانتى لو حنيتى عليا بأطه هستحمل
ضحكت ثانية وأمتزجت ضحكاتها بصوت والدته وهى تعود من المطبخ حاملة أكواب الشاى بيدها ووضعتها امامهم وهى تنظر إليهم بمكر قائلة :
- ايه الدرس اللى كله ضحك ده
أمسك يد والدته وأجلسها أمامهما وقال متبرماً :
- بصى بقى ست الكل انا عاوز اتجوز ماليش دعوه اتصرفى مش انتى امى ومسؤله عنى انا كده هنحرف
تبادلت النظرات مع مُهرة وقالت بلامبالاة :
- استنى بقى لما تخلص الكلية بتاعتها
هتف فارس على الفور :
- نعم هو انا لسه هستنى كمان تلات سنين لالالالالالالا ..أنا يدوب هستحمل لحد الامتحانات السنه دى ما تخلص ...
ثم نظر إلى مهُرة نظرة ذات معنى وقال :
- وبعدها بقى محدش يلومنى واخد بالك يالى فى بالى
قالت والدته على الفور :
- طب اصبر لما نجيب لمُهرة عفش جديد ولا هتدخل على القديم
ظهرت سحابة حزن فى عينيى مُهرة وأمطرت حروف غيرتها الواضحه وهى تقول :
- الحكايه مش حكايه عفش قديم الموضوع ده ميفرقش معايا انا بس مش عاوزه اوضه النوم دى .. مش بتاعتى فى واحده غيرى نامت عليها
ثم نظرت إليه نظرات عتاب ولوم فقال :
- تانى يامُهرة هو مش انا فهمتك الحكايه كلها قبل كده وبعدين يا ستى انا نفسى مش هوافق تدخلى على عفش قديم وهغيرهولك بالقسط
قالت والدته متسائلة :
- أنت ليه يا فارس مرجعتلهاش عفشها مش ده فى القايمه بتاعتها
أخرج فارس ميدالية المفاتيح وقال :
- كويس انى لسه معايا نسخه من مفاتح شقتها هروح بكره انقلها حاجتها فيها ده حقها
هتفت مُهرة على الفور بضيق :
- وانت بقى هتروح شقتها لوحدك لاء انا هاجى معاك ؟
رفع كتفيه مقلداً لها وهو يقول مداعباً :
- هو انا مش قلتلك أنها محكوم عليها بسبع سنين وزمانها قضت منهم سنه فى القناطر خايفه من ايه بقى هتطلعلى من الصورة تاكلنى يعنى
أستندت برأسها على راحتها وقالت :
- برضه هاجى معاك
أنهت مُهرة أختباراتها وبدئت فى اتمام أمر الاثاث الجديد أخذته الى معرض الاثاث الخاص بوالد صديقتها وأنتقيا غرفة نوم جديدة وغرفة أخرى للاستقبال ولقد كانت مُهرة فى غاية السعادة والفرحه وهى تتعلق بيده وهما يتنقلان بين الغرف المعروضة .. اشارت له على غرفة صغيرة الفراش وقالت :
- مش ملاحظ ان الاوضه دى الكومدينو فيها اكبر من السرير
مال على أذنها وقال :
- هو فين السرير اصلا
كتمت ضحكتها وأكملا رحلتهما فى البحث عن اسعار مناسبة وقسط مناسب لحالتهما المادية فى ذلك الوقت وتم تحديد ميعاد الزواج بعد ايام من اتمام تجهيز شقة الزوجية ...
حزمت عزة حقيبتها وهى تقول :
- خلاص يا عمرو كل حاجه جاهزة
دلف الى الغرفة وقال وهو ينظر للحقائب :
- ده أحنا هنشوف بهدله يابنتى
قالت باعتراض ليه بس ده انا بحب اسكندرية اوى وكان نفسى اعيش فيها من زمان كويس أنك لقيت شغل هناك
بدل ملابسه وهو يقول :
- اه طبعا مصائب قوم عند قوم فوائدُ
لفت ذراعيها حول ساعده وهى تقول بابتسامة واسعة :
- يعنى أنت مش فرحان زيى اننا هنعيش فى اسكندرية على الاقل هنقضى شهر عسل جديد مع مُهرة وفارس وكمان بلال وعبير هيسافروا معانا اسبوع
وضع يده على بطنها وهو يقول بمرح :
- شهر عسل ايه بقى ما خلاص أدبست واللى كان كان
دفعته وهى تقول بتبرم:
أمشى كده هو أنت كنت تطول ابقى ام عيالك
دفعها من كتفها برفق وهو يقول :
-أمشى كده وانا متجوزك شفقة ورحمة اصلا

كالعادة كانت زفة اسلامية جميله ـ أحاطت مُهرة الاخوات يحملن الدفوف والشعلات وأطواق الزهور وهى تمر بينهم زهرة يافعه فى مقتبل العمر اذا نظرت فى عينيها ترى الامل والسعادة والتفاؤل والحب .. تصفق وتنشد معهم كالاطفال .. اما فارس فى قاعة الرجال فكان يشعر للمرة اولى أنه فى حفل زفافه كانت السعادة بادية على وجهه وبين الحين والاخر يقترب من عمرو قائلا :
- ما تنهى بقى يا عم أنت مسافر الفجر ولا ايه
اقترب بلال منهما وسمع عمرو وهو يقول ل فارس مداعباً :
- ايه ده هو مش الفرح عندكوا بيبقى اسبوع متواصل ولا ايه
ضحك بلال ضحكات رنانة بينما دفعه فارس من كتفه وهو يقول :
- اسبوع مين يا عم أنا هروح اخد مراتى وأمشى واقعد انت بقى الاسبوع ده براحتك
وضع بلال ذراعيه على كتفيهما وهو يقول مشاكساً :
- لا يا عمرو حرام اسبوع كتير مشيها تلات أيام بس
نظر له فارس بحنق بينما صفق عمرو وهو يقول بمرح :
- العريس هيقتلنا يا شيخ بلال كده وبعدين كلنا مسافرين مع بعض فمفيش داعى نقطع على بعض يعنى ... الليله ليلة هنا وسرور
تضاحكا وهما يدفعان بعضهما البعض فى نشوة ومرح كبير والناس ينظرون إليهم ما بين سعيد ومندهش وبالفعل المندهش كان متعجباً هل الملتحون يضحكون مثلنا !!!!!!!! .. هل هم من كوكبنا أم هجموا علينا من كوكب آخر !!!!!!!!!
سافروا جميعاً الى عروس البحر المتوسط الاسكندرية.. فارس ومُهرة .. بلال وعبير .. عزة وعمرو
كل ثنائى فى شقتة الخاصة المؤجرة خصيصا لهذه الاجازه باستثناء شقة عمرو التى كانت مؤجرة بشكل دائم نظراً لعمله الذى جعله ينتقل للاسكندرية للاقامة الكاملة فيها ...
وضع فارس الطعام على المائدة ثم توجه الى غرفة نومها وطرق الباب بخفة وقال :
- مُهرة العشا جاهز يا حبيبتى
هتفت من الداخل:
- اوعى تدخل لسه مخلصتش
تنهد بسعادة وهو يتجول فى اركان الشقة ينتظرها .. خرجت بعد قليل بعد أن بدلت ملابسها وارتدت بجامة قطنية باللون الوردى ... نظر فارس إليها متعجباً ثم قال :
- ايه يا مُهرة ده انتى رايحه النادى ولا ايه
رفعت كتفيها وهى تقول :
- مش انت قلتلى هاتى هدوم ينفع تقعدى بيها فى البيت براحتك
ضرب كفاً بكف متعجباً وهو يقول :
- انا قلت هدوم تقعدى بيها معايا مش هدوم تقعدى بيها مع أخواتك
قالت بمكر :
- طب مفهمتنيش ليه معلش بقى المره اللى جايه
زفر بضيق ثم اشار لها على المائدة وهو يقول :
- اتفضلى حضرتك العشا جاهز
رفعت حاجبيها وهى تنظر إليه بترفع وخطت خطوات قليلة امامه تتهادى فأوقفها قائلا:
- هو مش احنا صلينا الركعتين
أومأت براسها مؤكده فقال :
- وقلنا الدعاء وعملنا السنن كلها
أومأت براسها مرة اخرى موافقة وقالت متسائلة :
- اه بتسأل ليه
فقال بهدوء :
- يبقى ناجل الاكل دلوقتى أصل انا افتكرت حدوته مهمه أوى عاوز أحكيهالك قبل الاكل
صفقت بيدها وهى تتجه معه نحو غرفة النوم وقالت :
- بجد يا فارس هتحكيلى حدوته
أوما براسه وهو يقول مداعباً :
- لاء وهتعجبك أنا متاكد من كده
تركته وعادت الى المائدة قاصدة مراوغته وهى تقول :
- طب استنى لما آكل اصلى جعانه اوى
تنهد بعمق ثم توجه إليها وجلس بجوارها وبدأ يطعمها فى فمها بعض اللقيمات الصغيرة وهى تأكلها منه بمرح وبعد ان انتهى أخذت يده فى يدها ولعقت اصابعه بمرح وهى مبتسمة له فنظر لها وقد خارت قواه تماما وقال بخفوت :
- أوعى تقولى عبير علمتك دى كمان
أومات براسها وهى تقول :
- أه عبير هى علمتهالى
أمسك يدها وقبلها بحنان قائلا :
- خلصتى أكل ولا لسه ؟
شعر بها ارتجفت فجاة وأنتفض جسدها وتقلصت عضلات وجهها خوفاً فعقد جبينه وقال بقلق :
- مالك خايفه كده ليه
تلعثمت وهى تقول :
- لا ابدا مفيش
شعر بخوفها وسمع طرقات قلبها وكأنه راى خفقانه وقفزاته بجنون وأمتقع وجهها واصفر لونه .. شعر بالشفقة تجاهها ومسح على شعرها وهو يجذبها الى صدره قائلا :
- من أمتى وانتى بتخافى مني .. فاكره اليوم اللى قلتيلى فيه أحمينى منك يا فارس .. رفع راسها إليه قائلا :
- محدش فى الدنيا دى يخاف عليكى قدى صح ولا لاء
أومات براسها وقد شعرت ببعض الهدوء النفسى يغلفها على اثر كلماته الرقيقة ووضعت راسها على صدره بهدوء فمسح على ذراعها بهدوء وهو يقول :
- لازم تتأكدى من كده كويس أوى أنا هفضل طول عمرى حمايتك وأمانك حتى من نفسى أنتى يا مُهرة مش حبيبتى وبس ومش مراتى وبس أنتى بنتى وأختى قبل اى حاجه تانيه وزى ما كنت بخاف عليكى وانتى لسه بيبى بين ايديا هفضل برضه اخاف عليكى وانتى مراتى وحبيبتى وبين ايديا ... اتسعت ابتسامتها ورفعت راسها إليه وطبعت قبلة صغير ممتنة على وجنته ..فنظر إليها بشغف قائلا :
- انتى صدقتى ولا ايه ده انتى عبيطة اوى !......
لم تكن تلك الليلة هى ليلة عاديه فى عمرهما كانت بداية جديدة لعمر آخر ... فارس آخر ومهرة اخرى يطوفان حدائق حبهما فى سكون وصمت يهدى كل منهما رحيقة طواعية وحب أصبح الاخذ هو العطاء والعطاء هو الاخذ أختلفت المقاييس توحدت الانفس اصبحت كياناً واحداً يتنفس برئة واحدة يبتسم بثغر واحد روحاً واحدة و جسداً واحداً ... وقلبان ينتفضان عشقاً .
******************************************
لامست مياه البحر أقدامهما وهما يجلسان على شاطئة ويتأملان شروق الشمس فأسندت رأسها على صدره وقالت :
- أنا جسمى قشعر من جمال وروعة المنظر الخلاب ده .. شفت عظمة ربنا فى أبداعه ..
أجابها فارس بعد أن قبل كفها بحنان :
- اومال لو شفتى الاجمل والاروع من المنظر ده هتقولى أيه
رفعت راسها تنظر إليه فى فضول كبير قائلة :
- فين ده
قال وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين :
- عنيكى
أحمرت وجنتيها خجلاً وقالت بخجل :
- بطٌل هزار يا فارس
قال بحب :
- انا بتكلم جد ..أنا لما بشوف عنيكى بنسى الدنيا كلها وبحس أنى فى الجنة ... أنا معرفتش طعم الحب الا وأنا معاكى .. عشت حياتى قبلك فى وهم وانا فاكر أنى بحب غيرك .. عشت أكبر كدبة فى حياتى .. لكن لما عرفت أنى بحبك دوقت ساعتها طعم الحب الحقيقى ...
أنتى عارفه يا مُهرة أنا عشت حياتى كلها كل ما أدخل محكمة واسمع حكم وراه جملة مع وقف التنفيذ كنت بفتكر حياتى اللى عشتها حقيقى الجمله دى هى تلخيص حياتى كلها ....
من ساعة ما أتخرجت من الجامعه وأنا بحلم ابقى وكيل نيابة وكنت بذاكر وأطلع الاول وكنت عايش دور وكيل النيابه بس مع وقف التنفيذ ...
لحد ما أتجوزت وكنت فاكر أنى بحبها وهى بتحبنى وبعد ما عرفتها على حقيقتها والناس فاكرانا متجوزين ومتفاهمين وبنحب بعض ميعرفوش اننا متجوزين مع وقف التنفيذ ...
حتى لما دخلت المعتقل كنت فاكر أنى هموت ومحضر نفسى للموت لكن كنت بموت كل يوم من الانتظار لكن برضه مع وقف التنفيذ ...
ولما أتجوزتك وابوكى كان هيفرق بينا ومكنتش عارف اشوفك كنتى مراتى مع وقف التنفيذ ..
حتى لما فكرت وأتحمست أنى أطهر البلد دى من الفساد والسرقه اللى بيحصل فيها عرفت ساعتها اننا كلنا شايفين السرقة والفساد لكن مش قادرين نعمل حاجه وفاكرين نفسنا أبطال بس ... بس كلنا ابطال مع وقف التنفيذ ...
كانت تنظر إليه تسمعه بتركيز وأهتمام فقالت :
- تفتكر يا فارس فى أمل بلدنا تتغير ؟
قال بشرود :
- انا متاكد ان ده هيحصل ... بس عشان ده يحصل لازم نكون كلنا إيد واحدة لازم الشعب ده يفوق من الغفلة اللي عايش فيها من سنين طويلة... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسه... ده مهما كان حجم الظلم والطغيان اللي موجود في البلد مش هايقدر يقف أدام ثورة الناس كلها ... بس الخوف كله إن لو الشعب عمل ثورة فعلا وما غيرش نفسه ... يعني فضلوا على نفس أخلاقهم السيئة وفضلوا يظلموا في بعض برضه .. هاتبقى ثورة بس مع وقف التنفيذ وعلشان كده أنا خايف ييجى يوم وحتى الحلم ده يبقى هو كمان مع وقف التنفيذ ...
النهاية
تمت بفضل الله
------

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طلب طقم رواية | تم التنفيذ وردة المـودة الطلبات المكتملة والملغية 5 12-10-2016 11:45 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ !!Achlys الطلبات المكتملة والملغية 2 12-01-2016 11:15 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ Stifania الطلبات المكتملة والملغية 2 08-06-2016 01:08 PM
طلب طقم رواية - تم التنفيذ Reuoof__ الطلبات المكتملة والملغية 2 03-09-2016 05:17 PM
طلب طقم رواية#تم التنفيذ ĎĨ₫ϊ.Ǿ الطلبات المكتملة والملغية 2 12-14-2015 11:41 PM


الساعة الآن 10:05 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011