عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-21-2018, 05:30 PM
 
رواية مع وقف التنفيذ

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
رواية مع وقف التنفيذ كاملة



للكاتبة دعاء عبد الرحمن

------------------------
المقدمة
--------
فى أحد أحياء القاهرة المزدحمة بالطبقة المتوسطة وما تحتها ...حيث نرى سلاسل البنايات المتراصة دون تناسق..... ملتحمةً بعضها ببعض وكأنها تشد أزرها وتهون عليها أثر هذا الزحام الغير مقصود من التكتلات العائلية والأسرية البسيطه... مع اختلاف الالوان والعقائد والمعاملات.... حيث الاختلاف النوعى البشرى الطبيعى والذى تتميز به بلدنا عن غيرها من البلاد ....نعم تختلف العقيدة واللون والمستويات الاجتماعية منذ سنوات وسنوات ....ولكن أجتمعوا على حب هذه الجيرة القديمة والاثار المترتبة عليها من ود وشهامة وتقارب روحى وصلة لا تنفك ان تنقطع ابدا.... ففيها يطيب السمر بأجتماع الاحبة وتختزل الذكريات الجميلة وتحلو سنوات الطفولة بكل تفاصيلها التى تأبى الذاكرة على محوها يوماً ما.....والتى أنطلق من خلفيتها شباب وفتيات فى عمر الزهور فى مجالات التعليم والعمل المختلفة كلٌ له هدف وأتجاه وطريق يتخذه سبيلاً لتحقيق طموحاته ....ومن هؤلاء الشباب شاب فى مقتبل العمر ذات ملامح مصرية هادئة جذابة تتميز بالرجولة من أول وهلة.. وقف فى ساحة الجامعة ينتظر شخصٌ ما فى قلق واضح ..يدور بعينيه باحثاً عنه وسط التجمعات الشبابية الكبيرة التى تتهافت متلهفة لمعرفة نتيجة أختبارات نهاية العام الدراسى وبالأخص نتيجة الليسانس التى ينبرى من أجلها منذ أربع سنوات جهد ودراسة كخطوة على طريق حلمه الكبير......وأخيراٌ ظهرت * دنيا * من وسط الزحام مبتسمة وأقبلت عليه فى لهفة تهتف به فى سعادة واضحة بعينين لامعتين:



الفصل الأول

---------
- نجحنا يا فارس ..نجحنا نجحـنا


أتسعت ابتسامته وخفق قلبه بشدة وهو يخطو نحوها بخطوات واسعة مضطربة وهو يبادلها الهتاف:


- بتكلمى جد......قوليلى بسرعه تقديرى ايه وتقديرك ايهعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلةً بأبتسامة واسعة :

- تدفع كـامأمسكها من ذراعيها بتوتر هاتفاً:

- قولى بقى أنا خلاص أعصابى باظتأبتسمت فى شغف قائلة:

- مبروك يا سيدى جيد جدا زى كل سنه ...وانا طبعا مقبول زى كل سنهضحك فى سعادة كبيرة وهو يفرك كفيه فى بعضهما البعض قائلا:

- الحمد لله أنا كده حطيت رجلى على أول سلمهضحكت دنيا بينما أقبلت عليهما فتاة أخرى تمشى نحوهما وعينيها مثبتة على فارس وعلى السعادة التى تبدو على وجهه وما أن أقتربت حتى قالت بمرح:

- مبروك النجاح من غير ما أعرف النتيجهألتفت اليها فارس بمرح قائلا:

- الله يبارك فيكى يا عزة ..الحمد لله جيد جدا ..قالت بسعادة بالغه:

- الحمد لله أنا كنت متأكده
أمسكت دنيا بكف فارس ونظرات الغيرة مطلة من عينيها وهى توجه حديثتها ل عزة قائلة:


- الله يبارك فيكى يا عزة عقبال ما تباركيلنا على الخطوبة قريب إن شاء اللهأطرقت عزة براسها وقالت بهدوئها المعتاد :

- مبروك مقدماٌ ... عن أذنكمألتفتت لترحل ولكن تذكرت شىء مهم فأستدارت مرة أخرى وقالت له:

- أنا هروح دلوقتى وأكيد مامتك هتقابلنى وهتسألنى على النتيجه ..تحب أقولها ولا أنت عاوز تكون أول واحد تبلغها خبر النجاح؟؟نظر لها فارس بأمتنان قائلا:

- قوليلها طبعا وهى أصلاً منبهه عليا أول ما أعرف النتيجه أكلمها على طول ..وأردف مبتسما :

- أنتى عارفه بقى خالتك أم فارس مش هتستنى لما أروحلها.....ابتسمت عزة قائلة :

- طبعا عارفاها زمانها قاعده مع ماما فى البلكونه مستنين اللى يوصل فينا الاول ...ضحك فارس وضحكت وهى تلوح مودعة لهما:

- يلا أمشى أنا بقى سلام ..ومبروك مره تانيهلوح لها فأمسكت دنيا يده وهى تقف أمامه وتنظر اليه بشك قائلة:

- طبعا لو قلتلك انا مبحبش البت دى هتقولى دى جارتى ومتربين مع بعض ومينفعش مكلمهاش..مش كدهقبض على كفها ببطء وهو يقول:

- بقولك إيه سيبك من الكلام الفاضى ده وتعالى نروح نقعد فى أى حته
أستقلت معه أحد سيارات الاجرة وهى تهمس بتذمر واضح:


- كده يا فارس بتركبنى ميكروباص .. ده انا عندى أخدها مشى أحسنأشار لها أن تصمت حتى يترجلا من السيارة ...وبعد وقت ليس بقليل ترجلت دنيا من السيارة بمعاونة فارس وقفت أمام الحديقة عاقدة ذراعيها أمام صدرها بحنق قائلة:

- هى دى المفاجأه جايبنى جنينه زى دىأختفت الابتسامه من محياه وهو ينظر اليها بحزن قائلا:

- ما أنتى عارفه يا دنيا انا مقدرش على غير كده ....أنتظرها تجيبه ولكنها ظلت عاقدة حاجبيها حانقة ...فاردف قائلا:

- يعنى هتضيعى علينا الساعه اللى خارجينها مع بعض ..أمشى يعنى؟!قالت وهى تلوح بعدم رضى :

- لا متمشيش.. أمرى لله يلا ندخلجلسا الى مقعد أمام النيل مباشرةً وألتفت اليها ونظر لها بحب قائلا:

- دنيا ..انا عاوز آجى أتقدم بقىألتفتت اليه بسرعة قائلة:

- لالا مش دلوقتى لما مرتبك يزيد شويهفارس:يا حبيبتى الدكتور حمدى وعدنى أول لما أتخرج هيزود مرتبى على طول يبقى نستنى ليه بقى..دنيا:يا حبيبى مش قصدى... أنا قصدى يعنى نصبر شويه ..لما المرتب يزيد ونشوف هنعمل ايهنظر لها بأستنكار وألتفت الى النيل مرة أخرى ولم يتحدث ...شعرت دنيا بغضبه وأستنكاره فهو دائما يظهر فى عينيه ما لا يريد البوح بهفقالت مستدركة:

- يا حبيبى أفهمنى أنا عاوزاك تصبر لما تشوف تعينات النيابه مش جايز حلمك يتحقق وتبقى وكيل نيابه قد الدنيا وساعتها تتقدم بقلب جامد لباباأستدار اليها بجسده دفعة واحدة وقال بعصبيه:

- أنتى كمان عاوزانا نستنى تعينات النيابه يعنى ندخلنا فى سنه كمان...ويمكن أكتر الله أعلمدنيا بتوتر:

- طب وفيها ايه يا حبيبى فات الكتير ما بقى الا القليلهز راسه حانقا وهو يقول:

- غريبه أوى أى بنت مكانك هى اللى تحب ترتبط بالراجل اللى بتحبه ...مش عارف ليه انتى اللى عماله تطولى فى المده وانا اللى مستعجل المفروض العكس يا دنيا...وبعدين انتى كده هتطلعينى عيل قدام مامتك ..انتى ناسيه انى وعدتها أتقدم اول ما اتخرج على طولقالت دنيا بأبتسامه تريد بها أمتصاص غضبه :

- ملكش دعوه بماما انا هفهمها إن التأجيل منى انا مش منك انت ..خلاص يا سيدى ارتحتهز راسه نفيا وقال باعتراض:

- لا مرتحتش طبعا ..انا مش فاهم انتى ليه مصممه على التأجيل انتى عاوزانى وانا وكيل نيابه وبس يعنى غير كده لاءأخذت دنيا حقيبتها بتردد وهى تقول:

- فى ايه بقى أنت كل شويه تقولى كده ليه.. انت عارف كويس أوى انى بحبك ومقدرش أستغنى عنكأبتسم بسخرية وقال هامساٌ:

- اه ماهو باين...ثم نهض واقفاٌ وهو يقول:

- يلا بينا اروحك علشان اروح انا كمان زمان ماما مستنيانى بفارغ الصبر


أقترب فارس من الحى الذى يقطن به وهو ينظر للأعلى فى تسائل وهو يشاهد الزينة والكهرباء المعلقه فى تناغم بين الوانها المبهجه :


- ايه ده هو فى فرح النهارده ولا ايهأستقبله صديقه عمرو وهو يفتح ذراعيه فى الهواء مداعبا:

- فارس باشا ..الف مبروك النجاح ... عقبال النيابه وتبقى باشا رسمى وتشرفنا فى كل حته ونتفشخر بيك كدهضحك فارس لمداعبة صديقه ورفيقه عمرو وبادله المداعبه قائلا:

- نتفشخر !!...ده انت بيئه صحيحصفق عمرو بمشاغبة وقال:

- ايوه هنبدأ بقى من اولها ..ماشى ياعم يحقلك اكتر من كده بكره هنقابلك بالحجز وبدفتر المواعين قصدى المواعيدوضع فارس ذراعه على كتف صديقه وهو يقول:

- ده انت يبنى فضيحه بجد الناس بتتفرج علينا ...قولى بقى هو فرح مين النهاردهقال عمرو وهو يلوح بذراعه :

- فرحك انت يا عريس ..أمك اول ما سمعت الخبر مسكتتش وقعدت تزغرد والحبايب بقى صمموا يعلقوا الكهربا دى علشانك...ورفع يديه بالدعاء قائلا:

- عقبالى يارب لما أتخرج كده وابقى مهندس قد الدنياثم همس فى اذنه أم عزة قاعده مع أمك وشاكلهم كده عاوزين يدبسوكوا فى بعضنظر له فارس باستنكار قائلا:

- هما ايه مبيزهقوش قلت لماما مية مره انا بحب دنيا وهجوزها ومش هتجوز غيرها مفيش فايده...وقف عمرو ونظر اليه بتفحص قائلا:

- انت بتكلم جد يا فارس يعنى عزة مش على بالك خالصنظر له فارس بتأفف قائلاً:

- يابنى ده انت صاحبى يعنى المفروض عارف كل حاجه عنى بتسألنى سؤال زى ده برضه!!وبمجرد ظهورهما عند بداية المنعطف الذى يجاور منزلهما بدأ شباب الجيران فى التهافت عليه وتهنئتة وبمجرد ولوجه الى بوابة منزلهم المتواضع أستمع الى صوت زغاريد الجارات من النساء وأقبلت عليه والدته تقبله وتحتضنه بسعادة بالغه وهى تقول:

- مبروك يا حضرة وكيل النيابه المحترمضحك فارس وعمرو وقال الاخير:

- شكله بالكتير اوى بشكاتبضربته أم فارس على كتفه وهى تقول :

- بس يا واد يا عمرو .. ايه اللى انت بتقوله ده .. طب بكره تشوف فارس ده هيبقى ايهالتفت عمرو الى فارس قائلا:

- شفت ياعم مش لسه كنت بقولك
أنتهت الاحتفالية البسيطة بسرعه وأنصرف المدعوين وما أن أغلق الباب على فارس ووالدته وحدهم حتى قالت له مؤنبة:


- كده برضه تحرجنى قدام أم عزةأقترب فارس من والدته وقبل رأسها قائلا:

- ليه بس يا ست الكل هو انا عملت ايهنظرة له بعتاب وقالت :

- بقى أقولك عقبال ما نفرح بيك انت وعزة ترد تقولى لاء عزة الاول لازم أطمن على أختى الاول..بتستعبط يا فارسجلس فارس على اقرب مقعد وهو يبتسم لوالدته قائلا:

- يا حاجه ما انتى عارفه من الاول ان عزة زى أختى وعارفه انا ناوى أتجوز مين
قالت والدته بأنفعال وهى تجلس على الأريكة بجواره:


- انت عارف انى مبطقش البت دى يا فارس هتجيبها تعيش معايا هنا ازاىتقدم نحوها وقبل كفها عدة قبلات سريعه وقال برجاء:

- ياماما انتى عارفه انى بحبها وهى كمان بتحبنى وبعدين يا ست الكل مش انتى يهمك سعادتى برضه..وانا مش هبقى سعيد مع واحده تانيه..علشان خاطرى يا ماما حاولى تتقبليها علشان خاطرىربتت على رأسه وقالت بحنان:

- يابنى والله يهمنى سعاتك وكل حاجه بس انا اصلا مبحسش ان البت دى بتحبك زى ما بتحبها قلبى مش مرتحلها ابدارفع عينيه اليها وقال مؤكدا:

- لا والله يا ماما انتى ظلماها دنيا طيبه جدا وبتحبنى اوى بس هى مشاعرها مش بتبان عليها بسرعه وبعدين بقى فى حاجه متعرفيهاش
والدته باهتمام:


- حاجه ايه؟التفت حوله وكأنهما ليسوا وحدهما فى المنزل وقال بصوت خفيض:

- عمرو حاطط عينه على عزة بس شكله كده مستنى لما يتخرج هو كماننظرت له تتفحصه وهى تقول:

- بتكلم جد يا فارس هو اللى قالك كدهأومأ فارس براسه وأغمض عينيه فى حركه مسرحيه وقال بثقه:

- مش لازم يقولى يا حاجه...... انا بلقطها وهى طايره فى الهواضربته على كفه وهى تقول:

- تصدق انا غلطانه انى قاعده اتكلم معاك انا هقوم ألحق صلاة العشاء...

لم تلبث ان نهضت واقفة حتى سمعت طرقات خفيفه على الباب فغيرت مسارها اليه وهى تقول :

- ياترى مينفارس :أستنى يا ماما هفتح أنااشارت اليه ان يجلس مكانه وهى تفتح الباب وقالت:

- مين.. أم يحيى .. تعالى أتفضلى يا حبيبتىأرتبكت جارتها أم يحيى وهى تقول بخجل واضح:

- والله اسفه انى رجعت تانى يا ست أم فارس ...

ثم قالت وهى تشير لأبنتها الصغيرة:

- بس البت المضروبه دى صممت أجيبها علشان تبارك للأستاذ فارس ..وراسها وألف سيف لازم تيجى دلوقتى وعماله تعيط وتصرخ ..مقدرتش عليها ياختى
نظرت أم فارس الى الطفله الصغيرة فى يد والدتها وهى تفرك عينيها من اثر النوم وتتثائب وهى تقول بصوت مرتفع :


- فين فارس يا طنطوكزتها أمها فى يدها وهى تقول قولتلك مية مره قولى ابيه فارس ...دخلت الصغيرة دون إستئذان وهى تجذب يد أمها قائله بمشاغبه:

- أحنا متفقين على كده وهو مش بيزعلوقف فارس ينظر اليها وهى تحاول ترتيب شعرها الاشعث وعينيها التى أنتفخت من اثر البكاء والنوم وهى تقول:

- مبروك يا فارس ..ضحك وقال مداعبا:

- بقى ده منظر تيجى تباركيلى بيه برضه
جذبتها أمها مره أخرى بشدة من يدها وهى تقول لفارس باعتذار:


- معلش يا استاذ فارس عيله متقصدشفارس:ولا يهمك يا أم يحيى مُهره صاحبتى وتقولى اللى هى عاوزاهنظرة مُهره الى والدتها فى أنتصار وهى تقول :

- شفتى مش قولتلكأقترب فارس منها ونزل على أحدى ركبتيه وهو يتصنع الغضب قائلا:

- بس انا زعلان منك يا مُهره لسه جايه تباركيلى دلوقتى
قالت بأندفاع طفولى:


- وانا مالى ماما سابتنى نايمه وجات لوحدها ولما صحيت صممت اجيلك شفت بقى انا جدعه معاك ازاىثم نظرة لوالدتها مؤنبة وهى تقول:

- ماشى يا ماما بكرا لما أكبر وانتوا تصغروا هسيبكوا نايمين وهاخرج لوحدىضحكت أم فارس وهى تربت على شعر مُهره وتحاول عبثاً أصلاح غرتها المبعثره على جبينها وتمسح عليه قائله:

- معلش يا مُهره تلاقى ماما مرضيتش تصحيكى علشان عندك مدرسه الصبح بدرىنظرت اليها مُهره بعين مفتوحه والاخرى مغمضة:

- احنا فى الاجازه يا طنطتىفارس :بمناسبة المدرسه يا لمضه درجات سنه رابعه معجبتنيش أعملى حسابك السنه الجايه سنه خامسه وزى ما سمعنا كده هتبقى خامسه وسادسه مع بعض يعنى مش هقبل اقل من الدرجات النهائيه ..ها هاتذاكرى ولا هتقضيها كارتون
لوحت فى الهواء بطفوليه وهى تقول:


- طبعا هذاكر وهبقى أشطر منك كمان وهجيب درجات أكبر من السنه اللى فاتت وماما هتعملى حفله كبييييرة ..وأشارت له محذره :

- وعارف لو مجتشقاطعتها والدتها وهى تقول لها:

- يابنتى عيب كده ..

ثم نظرة الى أم فارس قائله:

- البت لسه مكملتش العشر سنين ومفتريه اومال لما تكبر هتعمل فينا ايهضحك فارس قائلا لها:

- يا ستى إنجحى انتى بس وليكى عندى هديه معتبرهقالت وهى تمسك بيد والدتها:

- ماشى لما نشوف يلا يا مامتى..تصبحوا على خير كلكوا


دخلت دنيا فراشها وتدثرت وهى تتذكر ملامح فارس وكلماته الحانيه فأبتسمت وهى تغمض عينيها ....ولكن الابتسامة سرعان ما تلاشة عندما تذكرت لقائهما الاخير..طرقت والدتها الباب وأطلت برأسها وهى تقول:


- نمتى يا دنيا ولا لسهأدارت رأسها تجاه الباب وهى تقول لوالدتها:

- لا لسه يا ماما ..فى حاجه ولا ايهدخلت والدتها وجلست على طرف فراشها وهى تقول:

- عاوزه أتكلم معاكى فى موضوع مهم وكنت مستنيه لما باباكى ينامأعتدلت دنيا فى فراشها وقالت :

- بأهتمام خير يا ماماوالدتها:بصراحه كده انا مش عاجبنى حالك كده ...والكلام اللى قولتيه لفارس النهارده ده ولا هيقدم ولا هيأخرزفرت دنيا بضيق وهى تقول:

- انتى كمان يا ماما وانا اللى فاكراكى فاهمانىوالدتها:بصراحه بقى انا مش فاهمه تمسكك بيه ده كله ليه ...ده فى الاخر هيتجوزك مع أمه فى شقتها فى مكان مش من مقامك ..انتى لسه فى اول العمر والدنيا فتحالك ايديها ليه تدفنى نفسك معاه


تنهدت دنيا وهى تنظر للفراغ وكأنها تنظر للمستقبل قائلة:


- يا ماما فارس عنده عزيمه قويه انا عارفاه كويس ومش هيفضل حاله كده ....هيفضل يحارب لحد ما يبقى وكيل نيابه ثم ابتسمت وهى تقول:

- وانا هبقى مرات البيه وكيل النيابه
مطت والدتها شفتيها وقالت:


- ولحد ما يبقى وكيل نيابه هتقبلى انك تعيشى معاه عند أمهرفعت دنيا كتفيها وهى تقول:

- لاء طبعا انا قولتله كده بس فى الاول لكن انا عماله اهو أجل فى الارتباط على قد ما اقدر لحد ما ياخد وضعه ....حتى الخطوبه عاوزه أجلها لحد ما يتعينثم نظرت لوالدتها فى ثقه قائله:

- ياماما متخافيش عليا انا مش مراهقه ...انا اه بحبه بس برضه مش هارتبط بيه غير لما احس ان المستقبل بقى مضمون وهيجيبلى شقه تانيه فى مكان تانى وساعتها كل حاجه هتتغير للأحسنقالت والدتها بعدم تصديق:

- عموما متخطيش خطوة الا لما تتأكدى الاولعادت الابتسامة اليها مرة أخرى وهى تقول بعينين لامعتين:

- متخافيش عليا انا عارفه انا بعمل ايه كويس ...



يُتبع





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #2  
قديم 02-21-2018, 05:35 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل الثاني
-------


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


الفصل الثانى







فى الصباح أستيقظ فارس على صوت والدتة وهى توقظة وتهتف به:

- قوم يا فارس تليفون علشانك

نظر اليها بصعوبة وهو يحاول فتح عينيه قائلا:

- مين يا ماما

والدته بتأفف:

- السفيره عزيزة بتاعتك

ابتسم وهو ينهض من فراشة وأتجه مباشرة الى الهاتف:

- ألو

:صباح الخير يا حبيبى

:لسه فاكره

:هو انا لحقت ده انا لسه سيباك امبارح

:سايبانى طول اليوم وانتى عارفه انى مضايق منك وجايه تتصلى تانى يوم

:خلاص بقى يا حبيبى متبقاش حمقى كده...يالا بقى البس وانزل عاوزه أشوفك

:أبتسم ولكنه صبغ صوته بنبرة جدية قائلا:

-لا مش قادر انزل

:كده برضه يعنى موحشتكش

:أنتى فين دلوقتى

:انا فى البيت

:طيب خلاص نتقابل فى المكان بتاعنا بعد ساعه

:زفرت بقوة وهى تقول:

- يا حبيبى مش هنغير بقى المكان ده تلاقى مامتك أدتلك حلاوة النجاح

قال بحدة:

- جرى ايه يا دنيا هو انا عيل ولا ايه ايه حلاوة النجاح دى

:طب خلاص متتعصبش كده..خلاص اوكى ساعه وهكون هناك..يلا مع السلامه

:سلام

أغلق فارس الهاتف وأتجه الى الحمام توضأ وصلى الظهر ...بدل ملابسه وأتجه الى المطبخ وجد والدته تعد طعام الغذاء عندما رأته قالت بعبوس:

- يعنى مقولتش أنك خارج النهارده..اومال انا بعمل الغدا ده لمين ان شاء الله

قبلها على وجنتها وهو ينظر للأوانى ويلتقط منها بعض الطعام ليأكله فى سرعه وهو يقول:

- معلش يا ماما مش هتأخر ساعه ولا اتنين بالكتير وهتلاقينى هنا ..بس أتغدى انتى متقعديش جعانه لحد ما أرجع

ضربته على ظهر يده وهو يعبث بالطعام وتقول:

- قولتلك مية مره متحطش ايدك فى الاكل كده أستنى أحطلك فى طبق

تناول كوب مياه ليشربه ثم قال:

- لالا لما اجى بقى ..مش عاوزه حاجه اجيبهالك معايا

والدته :لا مش عاوزه حاجه بس خلى بالك من نفسك

طبع قبلة اخيرة على راسها وقال مودعا:

- طيب سلام بقى يا ست الكل

هبط الدرج قفزا كما يفعل دائما وخرج من باب البيت وما ان خطى خطوتين حتى سمع صوت طفولى من الاعلى يصيح به

- فااااااارس يا فاااااارس

نظر للأعلى مبتسما وقال بهتاف وهو يلوح :

- عارف عارف مش هنسى العسليه

ضحكت مُهره بينما نهرتها والدتها التى كانت تقف بجوارها فى الشرفه:

- يابنت عيب كده هو خلفك ونسيكى

أخذت مُهره دميتها ولم تجيبها ودخلت لتكمل لعبتها ببراءة تارة وتضايق أخيها يحيى تارة أخرى

خرج عامر من ورشته عندما سمع صوت فارس وأتجه إليه فى خطوات واسعة مهنئا:

- مبروك يا أستاذ فارس معلش ملحقتش اكلمك امبارح كان عندى زباين وأتحرجت اطلعلك فوق

أبتسم فارس متفهما وقال:

- الله يبارك فيك يا عم عامر ويارب عقبال مريان ومينا ما يتخرجوا وتفرح بيهم

عامر مبتسما:

- طيب مش هاعطلك بقى يا سعادة المستشار

ضحك فارس بعذوبة قائلا:

- يسمع من بؤك ربنا يا عم عامر ..ثم قال معتذرا:

- عن اذنك انا بقى علشان مستعجل

عامر :أتفضل يابنى مع السلامه

وقبل أن يتحرك سمع جلبة من خلفه وهتاف يعرفه جيدا:

- يا أستاذ فارس أستنى

ألتفت وهو يرفع حاجبيه بمرح للحاج عبد الله الذى اقبل عليه بجلبه كبيره قائلا:

- مبروك يا أستاذ فارس يابنى والله والله انا فرحان زى ما يكون ابنى هو اللى أتخرج وبقى باشا قد الدنيا

ضحك فارس مداعبا:

- لسه مابقتش باشا يا حاج عبد الله أدعيلى انت بس

وضع الحاج عبد الله يده على كتفه وتكلم بهتاف كعادته :

- داعيلك يابنى والله ربنا يكتبلك الخير ماطرح ما تروح يابنى

ربت فارس على يده بأمتنان قائلا:

- ربنا يتقبل منك يا حاج عبد الله..ثم تنحنح قائلا:

- طيب تؤمرنى بحاجه ..اصلى عندى مشوار كده

أفسح له الحاج عبد الله الطريق قائلا:

- لا يا بنى أتفضل متعطلش نفسك ربنا يجعلك فى كل خطوة سلامه

أكمل فارس طريقه بصعوبة فكلما خطى خطوة أوقفه أحد جيرانه مهنئا وداعيا له بالتوفيق ...نعم هذه هى القلوب المحبة التى تمتاز بها أحيائنا المصرية البسيطة


وقفت دنيا تنتظر ظهور فارس وهى تنظر لساعتها اليدوية فى قلق حتى ظهر اخيرا قادما من بعيد بأبتسامتة المشرقة الجذابه ..وعندما رأها اسرع الخطى نحوها ووقف معتذرا :

- اسف والله يا حبيبتى بس أعمل ايه الناس عندنا ماكنتش عاوزه تسيبنى كل شويه حد يوقفنى يباركلى ويدعيلى

عقدت ذراعيها بغضب قائله:

- يعنى الناس دول اهم مني

قطب جبينه بمرح قائلا:

- انتى عارفه ان مفيش حد اهم منك عندى ..صح ولا لاء

وأمسك يدها وأجلسها على مقعدهم المفضل أمام النيل مباشرة قائلا:

- يعنى مردتيش

ألتفتت اليه قائلة:

- عارفه يا سيدى ..ارتحت...

ثم اردفت قائله:

- فارس انا ليا عندك طلب

أومأ براسه قائلا:

- أؤمرينى يا حبيبتى

قالت بدلال:

- انا عاوزه أجى أشتغل معاك فى المكتب

زفر بضيق قائلا:

- مش أحنا أتفقنا قبل كده ان انا بس اللى هشتغل..انتى عارفه يا دنيا شغل المحاماة متعب ازاى وبصراحه كده بحس انه بهدله للبنات

قالت بعناد:

- بس انا عاوزه أشتغل..وبعدين مانا هبقى معاك يا سيدى ايه اللى هيبهدلنى

رفع حاجبيه بدهشه قائلا:

- ياسلام يعنى لما تيجى تشتغلى والاستاذ يديكى شغل تعمليه هتقوليله طب اخد فارس معايا ولا ايه مش فاهم يعنى...انا مش حابب يا دنيا كل يوم تقعدى تتنططى ما بين الاقسام والنيابات والمحاكم والموظف ده يرزل عليكى والموظف ده يبصلك..لاء انا مش موافق

قالت بعناد أكبر:

- بص يا فارس انا كده ولا كده هشتغل انا مخدتش الشهاده علشان افضل قاعده فى البيت...فقولت أشتغل معاك أحسن ما اروح أشتغل فى مكتب تانى وعلى فكره جايلى مكتب كويس اوى لكن انا فضلت أشتغل معاك ...

نظر الى البحر متأملا وقال بهدوء:

- يعنى رأيي مش مهم عندك للدرجه دى

لمست كتفه وقالت بخفوت:

- ياحبيبى ازاى بس تقول كده ...بس انت عارف يا فارس انى لازم أساعد فى تجهيز نفسى وبابا مش هيقدر على الحمل ده كله لوحده ده انا لسه مجبتش قشايه فى جهازى

مط شفتيه متبرما وشعر بالاختناق وهو يقول:

- انا لو عليا مخليكيش تجيبى حتى القشايه دى...لكن مفيش فى ايدى حاجه غير مرتبى وأنتى عارفه

قالت بهدوء:

- عارفه يا حبيبى وبكره الدنيا هاتتغير وحياتنا هاتتغير وهانبقى من طبقة الهاى كلاس وبكره تقول دنيا قالت





وقف الأستاذ حمدى مهران أمام فارس وهو يربت على كتفه قائلا:

- بس كده يا سيدى خلاص أعتبرها أشتغلت خلاص ..خاليها تيجى من بكره لو تحب

قال فارس بأمتنان:

- متشكر اوى يا دكتور

أبتسم الاستاذ حمدى وهو يقول باهتمام :

- علشان تعرف بس انى نظرتى ثاقبه دايما..قولتلك هتنجح وبالتقدير اللى انت عاوزه

قال فارس بسعاده:

- طبعا يا دكتور وربنا ميحرمناش من توجيهاتك ابدا

أعتدل الاستاذ حمدى فى مقعده وهو يقول:

- بس أنا عاوزك تسعى فى الماجيستير من دلوقتى يا فارس ده هيخدمك جامد فى المستقبل..وعندك يا سيدى المكتبه بتاعتى هنا فى المكتب أستعين بيها زى ما انت عايز يعنى مش هتحتاج تشترى كتب من بره

قال فارس فى تفكير:

- ان شاء الله يا دكتور بس انا دماغى مشغول دلوقتى بحكاية النيابه دى عاوز استنى لما اعرف راسى من رجلى فيها

الاستاذ حمدى:

- فكر تانى فى الموضوع ده حكاية النيابه دى لسه قدامها وقت وانت لسه هتاخد دبلومه قبل الماجيستير ..استغل الوقت ده وخد الدبلومه لحد ما نشوف موضوع النيابه

بدا عليه التكفير فى الامر وهو ينظر للأمام قائلا:

- خلاص يا دكتور انا حطيت الموضوع فى دماغى وان شاء الله هابتدى اسأل على الاجراءات وايه المطلوب بالظبط

أومأ الأستاذ حمدى براسه مبتسما وهو يقول:

- خلاص ولو أحتاجت اى حاجه ماتترددش تعلالى على طول

فارس:طيب عن أذن حضرتك

أشار له ان ينصرف بابتسامه فأنصرف فارس الى مكتبه وجلس الى مقعده وأخرج بعض الملفات وبدأ فى العمل ولكن عقلة مازال يدور ويبحث الامر ولا يجرؤ ابدا ان يتطرق الى نقطة معينة وهى أحتمال عدم قبوله فى النيابة ..هو ليس حلمه وحده أنما هو حلم والدته ووالده قبل ان يتوفاه الله بل وجيرانه واصدقائه جميعهم ..ودنيا ..دنيا التى تحلم بأن تصبح زوجة وكيل نيابة وان تصعد من طبقتها الى طبقة أخرى .. دنيا التى لا تتوقف عن أحلامها وطموحها ابدا ولا تقف أمامها اى حدود من أجل تحقيقها

فى اليوم التالى وعند الخامسة مساء كانت دنيا تقف أمام باب مكتب الاستاذ حمد مهران وتخطو فيه أول خطواتها العمليه تمت المقابله مع الاستاذ حمدى بنجاح وبدأت فى الاطلاع على القضايا وملفاتها فى المكتب المجاور لمكتب فارس فى نفس الغرفه

نهض فارس من مكانه وأقترب من مكتبها مبتسما وجلس على المقعد المقابل لها قائلا:

- ها ايه رأيك فى الشغل ..فى حاجه مش فاهماها؟

قالت وهى تنظر بحيره الى الملفات التى أمامها:

- قول فى حاجه فاهماها

كتم ضحكاته وهو يقول:

- معلش بكره هتفهمى كل حاجه

ظلت تنظر الى الاوراق بعينين زائغتين وهى تقول:

- انا ماكنتش فاكره الشغل العملى كده

قال بجديه:

- متقلقيش انتى هتنزلى معايا بكره المحكمه والشهر العقارى وواحده واحده هتتعلمى

مطت شفتاها وهى تقول :

- بس المجهود ده كله على المرتب ده بس

نظر لها باستنكار قائلا:

- ده انتى لسه متخرجه وبصراحه المرتب ده ميحلمش بيه حد لسه متخرج ده الدكتور كرمك علشان خاطرى

قالت بحده:

- اه هو ياخد على قلبه الألوفات واحنا الملاليم

تعجب فارس من طريقة حديثها وهى التى لم تبذل اى جهد حتى الان وقال:

- فى ايه يا دنيا ده انتى لسه بتقولى يا هادى وبعدين بصراحه وبشهاده محاميين كتير الدكتور حمدى بيدى أعلى مرتبات فى مكاتب المحامين كلها...وبعدين خلى بالك احنا مش بناخد مرتب وبس لاء احنا بناخد كمان خبرته الطويله ودى متتقدرش بفلوس

عبثت فى الاوراق وهى تقول بلا مبالاه :

- والله انت طيب يا فارس يلا بقى قولى المفروض بكره هنعمل ايه بالظبط

قال بجديه :

- قبل ما اقولك على الشغل عاوز اقولك انى قررت حاجه مهمه جدا

الفتت اليه باهتما قائله:

- حاجة ايه قول

فارس:انا قررت ابدأ فى الدبلومه ان شاء الله

ظهرت الدهشه على وجهها وقالت:

- دبلومه؟! طب والنيابه

فارس:ياستى النيابه لسه قدامها سنه ويمكن أكتر وانا زى ما انتى عارفه مابحبش أضيع وقت..انا بقى هاستغل الوقت ده وأحضر الدبلومه ولو النيابه جات مش هاتخسر بالعكس دى هاتزيدنى خبره فى شغلى

أومأت برأسها بتفكير قائلة:

- مش مشكله أى حاجه تخلينا نقب بسرعه معنديش فيها مانع

قاطعهم دخول باسم أحد المحامين العاملين فى المكتب وهو ينادى على فارس بصخب ولكنه توقف عندما وقع بصره على دنيا الجالسة خلف مكتبها...فنهض فارس فى سرعه واقفا وهو يقدمها له قائلا:

- الاستاذه دنيا أول يوم معانا النهارده

أبتسم باسم أبتسامة واسعة وهو يتقدم نحوها وقال مرحبا وهو يمد يده ليصافحها:

- اهلا وسهلا نورتى المكتب

صافحتة بابتسامة رقيقة فبدأ فى تقديم نفسه قائلا:

- أنا باسم صفوت محامى هنا وابن خالة الدكتور حمدى

نظر لها فارس نظره حاده لتسحب يدها من يده فارتبكت وهى تسحب يدها بهدوء قائلة:

- أهلا بحضرتك

لاحظ فارس نظراتة المتفحصة لها والتى أشعلت مصافحته لها بداية فتيل الغيره فى قلبه فلم يعد يحتمل نظراته هى الاخرى فقال بعصبيه واضحه:

- خير يا أستاذ باسم حضرتك كنت عاوز حاجه

ألتفت اليه باسم متعجبا من عصبيته المفاجأه ولكن الموقف لم يكن يحتاج الكثير من الذكاء فعلم على الفور ان دنيا تخصه بشكل أو بآخر

فقال بهدوء:

- خلصت الملف اللى أديتهولك امبارح قبل ما تمشى

كان يحاول السيطره على أعصابة ولكنه لم ينجح فكانت كل خلجة من خلجات وجهه تنطق بالغيره فاستدار ليتناول الملف من فوق سطح مكتبه وناوله اياه قائلا:

- أيوا خلصته أتفضل

قلب باسم صفحاته سريعا واشار اليه ليتبعه قائلا:

- طب تعالى معايا مكتبى عاوز أناقشك فى شوية نقط فيه

ألقى عليها فارس نظرة حاده قبل ان يترك الحجره وتبع باسم الى حجرة مكتبه

فركت يدها فى توتر فهى تعلم ماذا ينتظرها من شلال جارف من الغيره الساخطة يجرفها بحدة لتصبح وحيده لا يراها غيره ولا يلمسها غيره فهكذا هو دائما

فى هذه الاثناء دخل محامى آخر كانت قد ألتقت به من قبل قبل دخولها لمقابلة الاستاذ حمدى فأبتسم لها قائلا:

- ها أخبار المقابله ايه..انا شايف اهو ماشاء الله بدأتى شغلك

قالت بارتباك :

- اه الحمد لله متشكره اوى يا استاذ حسن

جلس الى أحد المكاتب واشار الى المكتب الرابع والخاوى بجواره :

- ده بقى مكتب الاستاذه نورا..هى مجاتش النهارده بس لما هاتتعاملى معاها هتحبيها أوى

قالت بأهتمام:

- هى شغاله معاكوا من زمان

أومأ براسه قائلا:

- اه بس مش من زمان أوى أصلها بتشتغل من وهى لسه بتدرس زى فارس كده

رسمت ابتسامه مصطنعه وقالت بهدوء:

- تمام... ان شاء الله أستفاد من خبرتها

تصنعت الامبالاه وهى تنظر للملفات امامها قائله:

- واضح ان الاستاذ باسم قديم هنا فى المكتب

قال بسرعه:

- طبعا قديم ده بقالوا عشر سنين هنا ده غير أنه ابن خالة الدكتور حمدى وهو اللى ماسك أدارة المكتب تقريباً

تابعت حديثها بتسائل:

- طب وده ايه خلاه كل ده ميفتحش مكتب خاص بيه

أعجب حسن بفضولها الذى يشبع رغبته فى الحديث فى شئون زملاءه ..نظر حسن بأتجاه حجرة باسم المغلقه وقال بصوت خفيض:

- ده ذكاء منه...لو فتح مكتب هيضطر يجيب محامين وموظفين ويديهم مرتبات ده غير النور والايجار وخلافه لكن كده بيشتغل فى القضايا الخاصه بتاعته واللى بياخد أتعابها كامله لافى ضرايب ولا يحزنون

دنيا:طب والاستاذ حمدى ميعرفش كده

حسن:عارف طبعا بس ميفرقش معاه كتير وبعدين زى ما قلتلك الاستاذ باسم هو اللى بيدير المكتب ...اصلا الدكتور حمدى مش فاضى ومبيجيش كتير

خرج فارس من مكتب باسم فوجدها تتحدث مع حسن أتجه الى مكتبه وجلس خلفه وهو ينظر اليها بتوعد مما جعلها تخفى وجهها بين أوراقها حتى لا تنظر اليه

لم يستطع حسن كتم فضوله أبدا فقال بسرعه:

- هى الأستاذه دنيا تقربلك يا استاذ فارس

نظر له فارس بحده وقال:

- خطيبتى...ليه ؟

أرتبك حسن بسبب عصبية فارس الواضحه وقال:

- لا ابدا مفيش بسأل بس..ألف مبروك

وبعد أنتهاء مواعيد العمل فى المكتب أنصرفت دنيا بصحبة فارس الذى ظل صامتاً وهو يمشى بجوارها وهى تحاول اللحاق بخطواته الكبيرة فقالت وهى تحاول جاهدة ألتقاط أنفاسها :

- يا فارس براحه شويه أنا بجرى علشان الحقك

أبطأ من سرعته قليلا وظل محتفظا بصمته فقالت :

- أنا عارفه أنك زعلان مني بس أنت مش ملاحظ أنك مكبر الموضوع شويه يا فارس

توقف فجأة والتفت اليها وضغط على أسنانه بغضب وهو يقول:

- يعنى انتى مش شايف انك عملتى حاجه غلط؟

ارتبكت وقالت بتلعثم :

- يعنى كنت أقوله ايه هو اللى سلم وفضل ماسك ايدى

حاول كتم غضبه بقوة وهو يقول:

- يلا علشان أوصلك انا مش عاوز اتنرفز فى الشارع وصوتى يعلى ...ثم نظر لها بحده قائلا:

- خلى بالك انتى مبتراعيش مشاعرى ولا وجودى خالص وانا مش هستحمل كده كتير

حاولت ان تدافع عن نفسها مرة أخرى ولكنه لم يعطيها الفرصه وأوقف سيارة أجرة لتستقلها لمنزلها

فى اليوم التالى صباحا كان ينتظرها عند باب المحكمة رافقته فى رحلته اليوميه من المحكمه للشهر العقارى فى صمت لم تحاول التحدث الا بالقيل وهو لم يتحدث فى العمل فقط ..وهو يشرح لها وهى تحاول حفظ لاجراءات وأماكن المكاتب وأدوارها حتى يسهل عليها التوجه لها مباشرة عندما تقوم بالعمل بمفردها ...علمت قدر التعب والجهد المبذول فى عملهم فى مهنة المحاماة وخصوصا فى بداية الطريق ...فالنهار ينقضى هكذا تحت وطأة درجة الحراره الشديدة فى الصيف بين التنقل بين المحاكم واقسام الشرطة والشهر العقارى وغيرهم وفى الليل خلف مكاتبهم يبحثون الاوراق ويدققون بها بالاضافة الى كتابة المرافعات والمذكرات وغيرها..علمت ان العمل ليس بسهل او يسير على الاطلاق فهى ليست موظفه عاديه كما كانت تظن ...علمت الان لماذا كان يقول لها دائما هذا العمل غير مناسب للنساء ..عندما كان يقول لها ذلك كانت تشعر بالأستياء وبأنه يهمش دورها ويقلل من شأنها ولكن بعد ان رأت بعينيها علمت انه كان محقاً ...فهل تعود الى بيتها وتقبع به الى ان يتم تحديد مصيرها مع فارس؟!



يُتبع


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #3  
قديم 02-21-2018, 05:38 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]

مع وقف التنفيذ


الفصل الثالث
------------

كان فى طريقه إلى المنزل شارداً غارقاً فى تفكيرة لا يجد حصى أمام قدميه إلا وركلها يمينا أو يساراً وكأنها كرى يسددها فى أحضان مرماها ...المشوار طويل والجهد ليس قليل ..يا ترى هل يا فتاتى هل تستطيعى الصبر؟ .. ماذا سيكون مذاقه على لسانك هل سيحلو لكى أم ستنفرى منه ومني

سأقدم لكى ما تريدى ولكن أنتظرينى فقط ...فأنتى تعلمى أننى لست برجل كسول أو قليل الطموح ولا آبه بالمصاعب بل تحلو لي وأتسلقها فى هدوء دائما وثبات حتى أصل لمرادى ...ولكن عندما أصل إلى القمة هل سأجدك فى أنتظارى ...هل تعشقينى بما يكفى

لست متأكداً مع الأسف

مر بالمنعطف المؤدى الى بيته وأتجه إليه فى بطء وهو يحاول أخفاء مشاعره حتى لا تقرأها والدته فى عينيه فهى تجيد ذلك...ولكنه لم يلاحظ الفتاة التى كانت تقف فى نافذة حجرتها الصغيرة ترمقه وتتفحصه وكأنها كانت تنتظره وقد جفاها النوم وأستعصى عليها

ورفض التسلسل إلى عينيها حتى تطمئن بعودته...تنهدت فى قوة وهى تراه يلج باب منزله وألتفتت للداخل لتطمئن أن أختها مازالت غارقه فى نومها كما كانت تظن فأغلقت نافذتها وأسدلت أستارها ....وأتجهت لفراشها وما أن سكنت راسها إلى وسادتها وأغمضت عيينيها حتى سمعت أختها تقول بخفوت:

- خلاص أطمنتى أنه رجع

فزعت عزة وحدقت فى أختها فى سريرها المجاور تحاول أكتشاف عينيها فى الظلام وقالت:

- أنتى لسه صاحيه يا عبير

نهضت عبير وفتحت المصباح الصغير والذى ينبعث منه أضاءة ضعيفه وضعت الوساده على رجليها واستندت إليها وقالت:

- أنتى بتعذبى نفسك على الفاضى وهو ولا هو هنا

زفرت عزة بضيق وهى تقول:

- بطلى الاوهام اللى فى دماغك دى يا عبير أنا مكنتش مستنيه حد..انتى عارفه أنى مش بستحمل الحر وكنت واقفه بتهوى شويه فى الشباك

شبكت عبير أصابع كفيها وقالت:

- على فكرة أنا أختك ها... يعنى مش عدوتك ولا حاجه يعنى هترتاحى لما تتكلمى معايا

نهضت عزة وأغلقت المصباح الصغير وعادت لفراشها وهى تقول:

- نامى يا عبير نامى وياريت تشيلى الاوهام دى من دماغك

وضعت عبير وسادتها مكانها وأسترخت على فراشها وهى تقول بهمس:

- ياريت يا عزة تكون أوهام فعلاً

فى الصباح وهو فى عمله أكتفى بأن يتحدث معها فى العمل فقط رغم محاولتها للتقرب منه ولكنه مازال صاداً لمحاولتها..وقفت فى الطريق فجأة وقالت بأجهاد:

- خلاص مش قادره تعبانه أوى

ألتفت إليها بقلق قائلا:

- أستنى أوقفلك تاكسى واروحك وابقى ارجع انا اكمل الشغل

وقبل ان يشير لسيارة أجره أستوقفته بيدها وهى تقول :

- استنى بس انت ايه معندكش تفاهم هتشاور للتاكسى على طول كده

نظر إليها يتفحصها فى صمت ثم مط شفتيه قائلا:

- بتمثلى يا دنيا عامله فيها تعبانه

أبتسمت وهى تتلمس أصابعه وهى تقول:

- أعمل ايه بقى ما أنت مخاصمنى ومش عاوز تدينى ريق حلو خالص

حاول أن يخفى ابتسامه ظهرت على شفتيه بصعوبه ثم تنحنح ليخفيها وقال بجديه:

- خلاص يبقى يلا نكمل الشغل اللى ورانا

أمسكت ذراعه لتوقفه عن التقدم وقالت بدلال:

- طب انا عطشانه ممكن تشربنى الاول

أشاح بوجهه عنها ولأخذ يتلفت حوله الا ان قال :

- تعالى نعدى الشارع

عبرا الطريق وأذا به يدخلها أحد المحال ثم ابتاع كوبين من العصير وقدم لها واحداً قائلا:

- أتفضلى

نظرت الى الكوب بيده ثم نظرت اليه قائلا:

- ايه ده

نظر اليها بدهشه قائلا:

- ايه مش عارفاه...عصيرقصب

قالت بأستنكار :

- منا عارفه أنه عصير قصب..بس انا بقولك تعبانه وعطشانه تقوم تجيبلى عصير قصب ثم تابعت بحنق:

- كنت فاكراك هتقعدنى فى مكان هادى استريح فيه شويه مش تدخلنى محل عصير قصب

ظهر الحزن فى عينيه ونطقت به ملامح وجهه وقال بيأس:

- هو ده اللى عندى يا دنيا

مطت شفتيها بأمتعاض وتناولت منه الكوب وشربت منه قليلا لتروى ظمأها فقط

وصل فارس الشارع الذى يقطن به وقت أذان الظهر فغير وجهته الى المسجد الذى يبعد قليلا عن منزله توضأووقف يصلى السنن وبعد أن أنتهى وجد شخصا يربت على كتفه بحنان قائلا:

- ايه يا عم انت مخاصمنا ولا ايه

التفت فارس الى صاحب الصوت والابتسامه تعلو شفتيه ليصطدم بأحب الوجوه إلى قلبه منذ سنوات كثيرة فهو صديق قديم له وهو من أيده الله تعالى لفارس ليجعله مداوما على صلاته منذ ان كان فى الثانويه العامه ....صافحه بحراره مرددا:

- مش معقول شيخ بلال واحشنى جدا ...

نهض الرجلين وتعانقا طويلا ثم قال فارس بشغف:

- انت كنت فين كل ده يا شيخ ده انا روحت سألت عليك فى بيتك الوالده قالتلى انك مسافر

أنحنى بلال على أذنه قائلا بمرح:

- كنت فى ألمانيا

أتسعت عينيى فارس لبرهه فضحك بلال بصوت خفيض قائلا:

- ايه مالك اتخضيت كده ليه

أقترب منه فارس هامساً:

- ليه يا شيخ بلال ده انت يا أما فى المسجد يا أما فى شغلك يا أما فى البيت ياخدوك ليه

رفع بلال كتفيه قائلا:

- ما انت عارف بقى أخوانا البعدا يا فارس طالما ملتحى وبتخطب فى مسجد لازم يتحط تحتيك مليون خط أحمر ويبقى ليك ملف عندهم

قطب فارس جبينه وهو يقول:

- حسبى الله ونعم الوكيل بياخدوا عاطل على باطل كده

ابتسم الشيخ بلال وهو يقول :

- سيبك مني انا خلاص جسمى نحس ...ها قولى بقى انا سمعت أنك أتخرجت ...اولا ألف مبروك ...ثانيا ناوى تعمل ايه بعد التخرج هتكمل فى المكتب ولا هتستنى حلمك الكبير

كاد فارس أن يتحدث ولكن الامام أقام الصلاة فوقفا فى الصف وكبرا ليدخلا فى الصلاة

بعد أنتهاء الصلاة جلس كل منهما يتلو الاذكار ثم خرجا سويا من المسجد أخذ فارس ينظر للشيخ بلال بحب وهو يقول:

- والله انا مش مصق انى شوفتك تانى يا بلال ده انت واحشنى جدا والله...

قال بلال مداعباً:

- وأنت والله يا فارس .. ها ياعم مش هتبقى وكيل نيابه بقى علشان تبقى تحقق معايا أنت اهو بدل الغريب برضه

لم يستطع فارس ان يضحك أو حتى يبتسم وهو يقول:

- أنا لو ربنا كرمنى عمرى ما هبقى ظالم زى اللى بيحققوا معاك ومع غيرك يا بلال

بلال:اه يبقى أنت لسه على عهدك يا فارس وبتحلم بالنيابه يعنى شغال مع الاستاذ حمدى ولا سبته

فارس: لا لسه طبعا شغال معاه وفى نفس الوقت هستنى التعينات وربنا يكتبلى اللى فيه الخير يا بلال أدعيلى أنت بس

وقف بلال والتفت الى فارس ووضع يده على كتفه قائلا بهدوء:

- ربنا يكتبلك اللى فيه خير ليك يا فارس سواء فى دنيتك او أخرتك ..أسعى وأجتهد وأحلم بس لو محصلش نصيب أفتكر دايما ان الله سبحانه وتعالى لا يأخذ منك الا ليعطيك...أفتكر دايما الكلام ده

أومأ فارس براسه وهو يقول بأبتسامه:

- والله وحشنى كلامك يا بلال

كانا قد اقتربا من منزل فارس كثيراً وهما يتحدثا ويتذكران ايامهما السابقه بينما وقف العم عامر على باب ورشته ينظر اليهما فى ترقب وهو يقول:مين اللى مع الاستاذ فارس ده

خرج من ورشته وأقترب منهما وهو يتفحص بلال ثم وقف على مقربة منهما ونادى فارس قائلا:

- أستاذ فارس..أستاذ فارس

ألتفت له فارس بأبتسامه فقال عامر:

- تعالى لحظه بس

قال بلال وهو يصافح فارس :

- طب أسيبك انا بقى يا فارس وأشوفك بعدين أوقفه فارس بلهفه قائلا:لا والله لازم تطلع معايا ونشرب الشاى مع بعض ثوانى أشوف عم عامر وارجعلك

توجه فارس الى عامر ووقف أمامه قائلا :

- خير يا عم عامر فى حاجه ولا ايه

قال عامر بقلق:

- مين ده يابنى

فارس بأبتسامه:

- ده صاحبى من زمان بس كان مسافر

تابع عامر بنفس القلق: تعرفه كويس يعنى

فارس:اه طبعا بقولك صاحبى من زمان بس مكنش بيجى الشارع هنا كتير كنا بنتقابل فى المسجد ...لاحظ بلال نظرات القلق فى عينيى عامر فنظر له وابتسم ابتسامه ودوده

وبرد فعل تلقائى وجد عامر نفسه يبتسم هو الاخر بدون سبب واضح من وجهة نظره وقال لفارس شكله طيب صاحبك ده

ضحك فارس وهو يربت على كتف عامر قائلا :

- و أنت كمان طيب يا عم عامر وألتفت الى بلال وناداه قائلا:

- شيخ بلال

أقترب بلال منهما محتفظاً بأبتسامته فقال فارس:

- عم عامر بيسأل عليك يا بلال أصله عم عامر ده بقى زى شيخ الحاره كده لازم يعرف اللى داخل واللى خارج

أومأ بلال برأسه قائلا:

- طبعا عارفه من زمان يا فارس انا اه مكنتش باجى كتير بس انا مبنساش الوشوش بسرعه وخصوصا وشوش الناس الطيبه

ومد يده ليصافحه.... صافحه عامر بود وقد زال قلقه بسرعه وقال :

- تعالوا بقى اشربوا معايا الشاى

فارس بسرعه:

- لا الشاى ده عندى المره دى ...ان شاء الله هنبقى نعدى عليك بعدين يا عم عامر...بحث بلال فى جيبه عن شىء ما ووجده أخيراً ...أخرج من جيبه زجاجة مسك صغيره وقبل أن ينصرف مد يده بها الى عامر قائلا:أتفضل يا عم عامر دى هديه بسيطه كده

نظر لها عامر بدهشه قائلا:

- ايه ده ريحه

ابتسم فارس قائلا

- ده اسمه مسك يا عم عامر بس حلو اوى هيعجبك

قال عامر وهو يتفحص بلال:

- بس بمناسبة ايه ده

قال بلال بهدوء وعينين يشعان صدقاً:

- بمناسبة انى أتعرفت على راجل طيب زيك يا عم عامر وبعدين الرسول عليه الصلاة والسلام قال تهادوا تحابوا ..وانا نفسى تحبنى زى فارس كده

أبتسم عامر وهو يتناول زجاجة المسك من بلال قائلا :

- متشكر يابنى ربنا يحميك لشبابك ...هديتك مقبوله....

طرق فارس باب شقته ففتحت والدته وهى تقول :

- بتخبط ليه ما أنت معاك مفتاح يا فارس

فارس:معايا واحد صاحبى يا ماما

وضعت والدته حجابها على شعرها وهى تقول ببساطه:

- أهلا وسهلا يابنى أتفضل

تنحنح بلال وهو غاضاً لبصره قائلا:

- أهلا بيكى يا حاجه معلش أزعجناكى

أفسحت الطريق وهى تقول بأبتسامه طيبه:

- لا يابنى البيت بيتك أتفضلوا..

أخذه فارس الى غرفته وأغلق الباب خلفه وجلس أمامه مبتسما وهو يقول:

- والله زمان يا بلال ...ها أحكيلى بقى

تنهد بلال وقال:

- أحكيلك ايه بس ربنا ما يكتبها عليك ولا على حد أبدا ..سيبك مني أحكيلى أنت وصلت لحد فين فى الدنيا

بدت علامات التوتر على فارس وكأنه يبحث عن بدايه مناسبه لحديثه ويختارها بعنايه وبدأ يقص على بلال ما يشعر به قائلا:مش عارف يا بلال من ساعة ما أتخرجت لحد دلوقتى فى حلمين مش متأكد انهم هيتحققوا ..النيابه ودنيا

رفع بلال حاجبيه بأهتمام قائلا:

- طب النيابه وعرفناها ..مين دنيا

قال فارس بحرج:

- دى بنت أتعرفت عليها فى سنه رابعه و..وحبيتها

أبتسم بلال وهو يقول:

- طب ومحرج كده ليه انت فاكرنى هقولك الحب حرام يعنى

زاد حرج فارس وخجله من صديقه وهو يقول:

- لا أصل أنا مش بحبها من بعيد لبعيد يعنى ..انا ..أنا بقابلها وبنخرج سوا ثم بدأ فى الدفاع عنه نفسه بسرعه قائلا:

- بس والله انا قابلت والدتها ووعدتها أنى هتقدملها بعد التخرج لولا دنيا هى اللى رفضت وقالت نأجل الحكايه لبعد النيابه

أطرق بلال لحظات ثم رفع راسه بهدوء وقال:

- كمان هى اللى رفضت وطلبت التأجيل

نظر له فارس بصمت ولم يتكلم فتابع بلال حديثه:

- وأنت فاكر لما تخطبها هتبقى خلاص تحللك يا فارس

ظهرت علاات عدم الفهم على وجه فارس وهو يقول:

- يعنى ايه يا بلال

دلك بلال لحيته وهو يتفحص علامات التوتر على وجه فارس ثم قال بهدوء:

- التوتر اللى على وشك ده حاجه كويسه..ده دليل على أن متأكد انك بتعمل حاجه غلط..فارس يا حبيبى لو بتحبها سيبها

رفع فارس رأسه اليه باستنكار قائلا:

- أسيبها ازاى ..انا بحبها يا بلال وناوى على الجواز مش بلعب بيها ولا بعمل حاجه غلط معاها

بلال:وهو أنت بتعمل معاها ايه صح يا فارس

فارس:مش فاهمك

نهض بلال واقفا وجلس بجوار فارس وقال بجديه:

- أنت بتقابلها يا فارس مش كده؟

فارس :أيوا

بلال:يعنى بتبصلها مش كده ولا بتكلمها وانت باصص الناحيه التانيه

قال فارس بارتباك:

- ايوا ببصلها

بلال:طب أذا كان ربنا سبحانه وتعالى قال:

- قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ يبقى أنت كده بتعمل حاجه غلط ولا لاء

أطرق فارس برأسه وقال بخفوت:

- ايوا غلط

أستطرد بلال حديثه قائلا:

- هسألك سؤال كمان...طبعا بتمسك ايدها

فارس :ايوا

بلال:مع انك يا فارس اكيد سمعت حديث النبى عليه الصلاة والسلام(" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " ) يعنى النظره حرام واللمسه حرام فاضل ايه تانى يا فارس

وأكيد طبعا وأنتوا بتحكوا مع بعض ممكن تضحكوا وأكيد ضحكتها بتحرك مشاعرك وممكن وهى بتكلمك وبتحكى معاك ممكن تقول كلمه بصوت ناعم شويه ليه يابنى تحط نفسك فى الفتن دى كلها وتشق على نفسك بالشكل ده .. ده الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء".

أنت بقى بتحط نفسك فى الفتنه بأيدك يا فارس وترجع تقول انا مبعملش معاها حاجه غلط طب ازاى

أطرق فارس وقد شعر بكل كلمه قالها بلال ورغم صعوبتها الا إنها وضعته على بداية الطريق الصحيح فقال :

- معاك حق يا بلال ..لكن

قاطعه بلال:لكن بتحبها ومش عارف تعمل ايه

أومأ فارس برأسه موافقا وقال :

- بالظبط كده اعمل ايه

أبتسم بلال وهو يربط على يده قائلا:

- كلمها بصراحه وقولها انك مش هتخلف وعدك معاها لكن فى نفس الوقت مش هينفع تغضب ربنا بالحب ده

فارس :والحل

بلال:الحل أنها تبقى زميلتك فى المكتب وبس لحد ما ربنا يكرمك وتتقدملها وتعقد عليها وتبقى مراتك

وأشار له محذرا:

- وانا بكررها تانى يا فارس وتعقد عليها ..يعنى تكتب كتابك عليها مش تروح تلبسها دبله وتقول خطيبتى بقى أخرج و اعمل اللى كنت بعمله لا يا فارس الخطوبه دى كأنها لسه غريبه بالظبط

أومأ فارس برأسه فى سكون وصمت وهو يستعر المعان الايمانيه التى دخلت قلبه لتوها ولم تغادره وسمع بلال يقول له مرةأخرى:سيبها مؤقتا وعرفها انت هتسيبها لامتى وهتسيبها ليه ..سيبها علشان يكرمك بيها فى الحلال يا فارس بدل ما ربنا يغضب عليكم ويحرمكم من بعض طول العمر..ده لو كنت بتحبها فعلا..تخيل يا فارس لو ماتت وهى قاعده جنبك بتغضب ربنا هتروح تقول لربنا ايه ولو انت مت وانت قاعد جنبها وماسك ايدها هتروح تقول لربنا ايه هتقوله كنت بتغضبه ليه وعشان ايه

هو حد ضامن عمره هيخلص أمتى يا فارس


دخل فارس المكتب بعد صلاة المغرب وألقى التحيه على الجميع ثم توجه الى حجرة مكتبه هو وزملائه وجد دنيا ونورا يتحدثان ويتعرفان الى بعضهما البعض وسمع دنيا تسأل نورا عن باسم قائله:

- وأستاذ باسم متجوز من زمان ولا لسه قريب ...

نورا:لا من زمان وعنده ولد وبنت

بمجرد أن رأته نورا نهضت واقفه بأبتسامه قائله:

- حمدلله على السلامه ازيك يا استاذ فارس

حاول فارس ان يتجنب النظر اليها هى ودنيا وهو يقول بود وأحترام:

- الله يسلمك يا استاذه حمد لله على السلامه

نورا :الله يسلمك
أقتربت دنيا خطوات منه قائله :

- ايه مفيش أزيك يا دنيا ولا ايه

وضع عينيه فى الاوراق وهو يقول:

- ازيك يا أستاذه دنيا

أتكأت على المكتب وهى تقول بخفوت:

- انت عارف انى مبقدرش على زعلك انا اسفه يا سيدى فكها بقى

هز راسه نفيا وهو يقول:

- مش زعلان من حاجه وياريت نأجل الكلام ده لبعدين

قالت بدلال :

- تبقى لسه زعلان

وضع القلم على الاوراق بعصبيه وحاول خفض صوته وهو يقول:

- دنيا من فضلك أجلى اى كلام دلوقتى واحنا مروحين هنتكلم زى ما انتى عاوزه لانى عاوزك فى موضوع مهم جدا ..محتاج أتكلم معاكى فيه ضرورى

خرج باسم من حجرته وهو يقول لدنيا من فضلك يا استاذه دنيا عاوزك شويه ودخل حجرته مرة أخرى وهو يقلب عدة ملفات بين يديه

نهض فارس واقفا بحده وقال لها:

- لما تدخلى متقفليش الباب وراكى

تركتهم دنيا ودخلت حجرة مكتب باسم وتركت الباب كما أمرها فارس فنظرت نورا اليه قائله:

- مالك يا استاذ فارس فى حاجه مضايقاك قلقان من حاجه

هز راسه نفيا وهو يقول:

- ابدا يا أستاذه مفيش حاجه دنيا خطيبتى وانا محبش يتقفل عليها باب أوضه مع اى حد حتى مع الدكتور حمدى نفسه

ابتسمت قائله :

- هى برضه لسه كانت بتحكيلى عنك وعن غيرتك عليها ..ربنا يتمملكم على خير يارب

أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام لا يدرى من اين يبدء معها وكيف سيكون وقع كلماته عليها وهل ستتقبل هذا الامر بسهوله أم ستظن انه يتملص من زواجه منها بهذا القرار المفاجىء

وكيف سيستمر يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط وكيف سيستطيع كتم مشاعرها تجاهها وهل سيقدر على ذلك كله هل ستكون تلك المشاعر مثل الامواج الثارة التى تتحطم عند ارتطامها بصخرة الحلال والحرام هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت منه ومن بين اصابعه دون ان يدرى لتندفع الى منسوبها الاول كما كانت بل واقوى

كانت كل تلك التساؤلات تموج بها راسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة ولم تتركه الا وعينيه كانت تنطق بالحيره فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط..أيها الانتظار لو كنت رجلا لقتلتك....

يُتبع
[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #4  
قديم 02-21-2018, 05:43 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]
مع وقف التنفيذ (الفصلى الرابع والخامس )

------------------[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]






الفصل الرابع





أخذ فارس يقلب الصفحات فى شرود تام لا يدرى من اين يبدا معها وكيف سيكون وقع كلماته عليها وهل ستتقبل هذا الامر بسهوله أم ستظن انه يتملص من زواجه منها بهذا القرار المفاجىء

وكيف سيستمر يراها ويتعامل معها وهى زميلته فقط وكيف سيستطيع كتم مشاعرها تجاهها وهل سيقدر على ذلك كله هل ستكون تلك المشاعر مثل الامواج الثارة التى تتحطم عند ارتطامها بصخرة الحلال والحرام هل سيستطيع الصبر عليها وكبح جماحها ام ستتفلت منه ومن بين اصابعه دون ان يدرى لتندفع الى منسوبها الاول كما كانت بل واقوى

كانت كل تلك التساؤلات تموج بها راسه بعنف ويخفق قلبه لها بقوة ولم تتركه الا وعينيه كانت تنطق بالحيره فى وجوم تام تنتظر ما سيحدث ولا تملك غير ذلك وفقط..أيها الانتظار لو كنت رجلا لقتلتك

***************************
أشار باسم إلى دنيا بالجلوس فى المقعد المقابل له دون أن ينظر إليها وهو يتأمل الورقة فى يده ....ثم مد يده بها إلى دنيا وهو مازال ينظر للورقة وهو يقول بأهتمام:

- عاوزك تقرأى المذكره دى كويس وتكتبيلى ملحوظاتك عليها

مدت يدها لتمسك بها وهى تقول:

- أيوا بس أنا لسه ..ولكنها شعرت بيده وهى تتلمس أصابعها من تحت الورقة وهو يبتسم لها بهدوء وكأنه شىء عادى تلعثمت فى عباراتها وجذبت يدها فى أرتباك ولم تتكلم...ألتفتت إليه فوجدته يتفحصها ويتأمل ردود أفعالها الصامته على محاولته التى كانت عينة أختبار لها ليس إلا والنتيجة كانت مشجعه ...قالت فى أرتباك:

- حضرتك أنا لسه جديده ومش هافهم فى حكاية المذكرات دى دلوقتى

كانت كلماتها مشجعه بشكل أكبر بما أنها لم تنهره أو حتى تظهر أنزعاجها من تصرفاته ونظراته فنهض واقفاُ ودار حول مكتبه وتلمس ظهر مقعهدها وهو يقول:

- معلش كل حاجه فى الاول صعبه بكره تتعلمى

شعرت بأصابعه تتلمس ظهرها وكتفها فنهضت فى أرتباك وقد أحمرت وجنتها وقالت بتلعثم دون أن تنظر إليه :

- من فضلك يا استاذ باسم كده ميصحش

تبسم وهو يرى رد فعلها المتهالك وقال:

- هو ايه ده اللى ميصحش هو انا عملت حاجه...

قالت بتوتر:حضرتك لمست كتفى وظهرى

باسم بخبث:مكنش قصدى يا ستى ..متزعليش

ثم أستدرك قائلا :

- هو الاستاذ فارس خطيبك فعلا زى ما سمعت مش شايفك يعنى لابسه دبله

تنحنحت وقد زاد توترها وهى تقول:

- ايوا أحنا مخطوبين بس لسه ملبسناش دبل

رفع حاجبيه فى تصنع وقال بسخريه :

- مممممم يعنى لسه مش رسمى يعنى

ثم اردف بمكر:يا شيخه سيبك جواز ايه وبتاع ايه

رفعت راسها إليه وقالت :

- ليه بقى هو حضرتك مش متجوز برضه وعندك اولاد

أتسعت ابتسامته وكاد أن يضحك وهو يقول:

- ايه ده وكمان متابعه أخبارى

قالت بسرعه:

- لا ابدا انا عرفت صدفه ثم تناولت الاوراق وهى تقول طيب حضرتك انا هقرأها وهحاول أفهم الموضوع

سحبها منها ببطء وهو ينظر لعينيها بجرأة قائلا:

- لا خلاص خليها بعدين

زاغ بصرها وقالت وهى تتجه نحو الباب:

- طب عن أذن حضرتك

شعرت بنظراته تخترق ظهرها وهى تدلف للخارج نعم فهى مثلها مثل كل أنثى تستطيع أن تشعر بنظرات الرجل وتلميحاته والامر يعود اليها من الممكن ان تصده فى البدايه وان تجعله يفكر ألف مره قبل ان يتفوه بكلماته ومن الممكن أن تعطيه بتساهلها الضوء الأخضر ليمرر عباراته ونظراته وقتما يشاء

أما هو فقد علم طبيعة الفتاة التى أعجب بجمالها هى مرتبطة عاطفيا ورغم ذلك لا تريد أن ترسم حدودا قوية لا يتعداها الرجال معاها بل تفسح المجال لذلك فهى تمسك العصا من منتصفها وكأنها تبحث عن فرصة أخرى أيسر وافضل وفى نفس الوقت لا تريد فقد ما تملكه فعلا بيدها

جلست خلف مكتبها وهى تختطف نظرات شعواء بين الحين والاخر إلى فارس القابع خلف مكتبه فى شرود تام ......

وقبل أنتهاء العمل بحوالى الساعه استأذن فارس من الاستاذ حمدى لينصرف مبكرا هو ودنيا ...خرج معها من المكتب وسارت بجواره فى سكون وكأنها تشعر أنه رآها ورأى ردود فعلها المتهاونه مع باسم وتصرفاته وأنتظرته ليتحدث

صمت قليلا ليستجمع كلماته والمنطق الذى سيتحدث به بكل حال من الاول كان لا يريد فقدها أبداً كان سيقرر تأجيل الحديث فيما بعد ولكنه أستجاب لطبيعته التى تكره التسويف والتأجيل فى الامور الحاسمه فقال بسرعه وقبل أن يتراجع:دنيا عاوز أتكلم معاكى فى موضوع مهم

ألتفتت إليه وقد أنتشلها من شرودها قائله: هه ..موضوع ايه

أخذ نفساً عميقاً وقال:

- دنيا... تفتكرى ربنا راضى عن علاقتنا بالشكل ده كده

توقفت فجأة عن السير وكأنه افرغ عليها دلو من المياه البارده شعرت بمشاعر مختلطه بين الحيرة ومحاولة الاستنتاج وقالت:

- مش فاهمه ..تقصد ايه بالكلام ده يا فارس

هربت الكلمات منه حاول جمع شتاتها مرة أخرى وقال بصدق:دنيا أنتى عارفه ومتأكده أنى بحبك ولا لاء

نظرت إليه تحاول سبر أغواره وقراءت ما يدور فى خلده وقالت:

- أيوا متأكده ..ليه

وبحكم العاده أستعمل كلتا يديه فى الحديث هو يقول:

- دنيا ...أنا عاوز ربنا يبقى راضى عن علاقتنا وانا عرفت ان علاقتنا بالشكل ده تغضب ربنا وممكن يعاقبنا ويحرمنا من بعض بسبب الحاجات الحرام اللى بتحصل

حدث ما كان يتوقعه تماماً وقالت بسخريه لازعه:

- عاوز تسيبنى وتنهى علاقتنا يا فارس... لو عاوز كده قول على طول مفيش داعى للفه دى كلها

نظر لها بحده قائلا:

- أنتى أكتر واحده فى الدنيا عارفه أنى مبحبش اللف والدوران وانى دوغرى فى كلامى مع كل الناس وانتى أولهم

عقدت ذراعيها قائله بنفس النبرة الساخره:

- أومال ايه اللى جد فى علاقتنا علشان تقولى حرام وحلال ومن أمتى يعنى

حاول رسم ابتسامه على شفتيه وهو يحاول شرح الامر بصدق قائلا:

- دنيا أنا عرفت أن نظرى ليكى ووكلامى معاكى حرام وأنا عاوز يبقى ربنا راضى عننا وعلشان متفهميش غلط تانى أنا عاوز أتقدم رسمى ونكتب الكتاب على طول

أتسعت عينيها بدهشه وقالت :

- أفندم تكتب الكتاب...بس أحنا متفقين تستنى لما نشوف التعين بتاع النيابه وبعدين نتخطب

زفر بضيق وهو يقول:

- بصى بقى أنا مش عارف أنتى عاوزانى أنا ولا عاوزه فارس وكيل النيابه ..وانا مش هديكى فرصه تسيبينى وتمشى زى كل مره بنتكلم فى الحكايه دى...لو بتحبينى وعاوزانا نكمل مع بعض باقى حياتنا زى ما بتقولى دايما توافقى انى أتقدم دلوقتى وقدامك أختيارين يأما نتخطب بس وده لحد ما تيجى تعينات النيابه ومش هينفع برضه لا نتكلم ونخرج مع بعض ولا اى حاجه من اللى كانت بتحصل واللى عرفت انها حرام ومش هعملها تانى

يا أما أتقدم ونكتب الكتاب على طول وساعتها مش هيبقى فى حاجه حرام فى علاقتنا وفى كل الاحوال هنستنى النيابه

ها قولتى ايه ..وخلى بالك دلوقتى الكوره فى ملعبك علشان نحدد بقى مين اللى عاوز يتهرب من التانى

شعرت دنيا بأنه اربكها ووضعها أمام الاختيارين لا تستطيع أن تختار ثالثا لانه لم يكن هناك ثالث إن كانت تريد الابقاء عليه ....ولكن بالتأكيد هناك أختيار ستكون فيه الخسائر أقل

حاولت ان تماطل ولكن هيهات لم يكن هناك مجالا هو يريد معرفة رايها حالا

نظر إليها بجديه وهون يقول:

- ياه..قد كده قرارارتباطك بيا صعب عليكى

تنفست بعمق وهى تحاول رسم السعاده على وجهها وقالت:

- طب ممكن يا حبيبى تستنى لما أخد رأى ماما .....مش دى الاصول برضه.

قال بسرعه وبجديه:

- هستناكى تردى عليا النهارده مش هنام غير لما تكلمينى وتردى عليا .....ولو متكلمتيش النهارده هعرف أنك أخترتى الاختيار التالت ..أنك مش عاوزانى اصلا.

رأت الجديه والحسم فى عينيه وهو يتحدث وهى تعلمه جيدا أنه لا يحب المزاح فى الامور الجديه ابدا ولا يقبل به ولا يخلط بينهما...... وهذا ما يزيده رهبة فى عينيها وهو يتحدث بمثل هذا الحسم

أومأت برأسها وهى تقول:حاضر ..هتكلم مع ماما وهرد عليك النهارده........ حاولت أن تمزح وهى تستدرك قائله:

- بس ماليش دعوه بقى لو أتصلت وأنت مردتش.. قال بجديه وهو يشير لسيارة أجره:

- مش هنام ..هستناكى ان شاالله للفجر

هتفت بها والدتها :

- أنتى بتستعبطى ولا ايه ..هو ده اللى عارفه بتعملى أيه هو ده كلامى ليكى أنا مش قلتلك متخطيش خطوة الا لما تحسبيها كويس ده جواز يابنتى عارفه يعنى ايه جواز

زفرت دنيا بضيق وهى تقول بنفاذ صبر:

- يا ماما خلاص بقى نعمل خطوبه وخلاص وجلست على فراشها وتردف:

- أصلا انا وهو بنحب بعض وكده ولا كده كنا هنتخطب خلاص طالما مصمم نعمل خطوبه

ضربة والدتها كفاً بكف وهى تقول بغضب:

- وبعد سنه يجى يقولك عاوز أكتب الكتاب ويمكن عاوز نعمل دخله وتروحى تقعدى فى الحاره مع امه مش كده وساعتها برضه هتعملى زى دلوقتى تقوليلى هعمل ايه يا ماما ماهو مش سايبلى اختيارات تانيه

عقدت دنيا ذراعيها وقالت بحنق:

- طب قوليلى اعمل ايه ..وقبل ما تقولى أى حاجه لازم تعملى حسابك انى بحبه ومش ناويه اسيبه انا بس كنت بأجل لما ياخد وضعه مش أكتر

تفحصتها والدتها برهه ثم قالت:

- انا أمك وعارفاكى كويس أنتى مش متمسكه بيه علشان بتحبيه انتى بس شايفاه أحسن واحد لغاية دلوقتى ومتأكده ان لو حد غيره عجبك هتسبيه وترميه ورا ضهرك

رفضت دنيا حديث والدتها بشده وقالت:

- لا يا ماما غلطانه أنا بحبه وعارفه طموحه كويس ممكن يوصله لفين وانا عاوزه أوصل معاه يا ماما للى هيوصله ومش عاوزه أخسره وبعدين دى خطوبه ولا هتقدم ولا هتأخر..

قالت والدتها :

- وبعدين خلاص تبقى خطيبته وتدخولوا وتخرجوا مع بعض وأى حد أحسن منه تعجبيه يقول بس يا خساره دى مخطوبه خلاص.. وسوقك يقف على كده ..صح

ابتسمت بسخريه وقالت:

- لا متقلقيش ولا خروج ولا دخول هو اصلا مش عاوز كده ده داخلى فى موال حلال وحرام ...ومينفعش أبصلك ومينفعش اقابلك والكلام ده ....هو بس عاوز يطمن أنى عاوزاه وموافقه على الارتباط بيه قبل ما يبقى وكيل نيابه

زفرت والدتها بضيق وهى تقول:

- استغفر الله العظيم ..اعملى اللى أنتى عاوزاه..





كان يقف فى شرفته الصغيره يحتسى القهوة ببطء ويدور فى عقله الف سؤال وسؤال ومليون أجابة لكل سؤال حين سمع رنين الهاتف ورأى والدته تخرج من غرفتها فقال بسرعه :

- خليكى يا ماما التليفون ده ليا

وقف والدته أمام باب غرفتها وهى تراه يلتقط سماعة الهاتف بلهفه ويقول:

- ألو ..

صمت قليلا وأرتسمت على وجهه ابتسامة صغيره وهو يقول:

- يعنى والدتك وافقت على الخطوبة بس

كانت دنيا على الطرف الاخر تنظر لوالدتها وهى تقول له عبر الهاتف :

- ايوا يا حبيبى معلش بقى حاولت معاها كتير توافق على كتب الكتاب بس رفضت جدا وقالت لاء خطوبه بس فى الاول كده زى كل الناس وبعدين بقى لما نجهز نبقى نكتب الكتاب

أبتسم فارس وهو يقول :

- خلاص مش مشكله نعمل الخطوبه زى ما كنا متفقين قبل كده..هتحدديلى معاد مع باباكى أمتى

دنيا:بكره لما ارجع من الشغل على بالليل كده

ابتسم وهو يقول:

- بكره الخميس المكتب أجازة يا دنيا

قالت بمرح :علشان تعرف بس أنك بتنسينى نفسى...عموما استنى مني تليفون بكره واول ما أخد معاد من بابا هكلمك على طول..أوك

أغلق الهاتف وقد علا وجهه ابتسامة رضا كبيرة وألتفت ليجد والدته تقف خلفه تنظر له بحزن وقالت:

- برضه هتخطبها يا فارس

تغيرت ملامحه وقد شعر بحزن والدته الذى يطل من عينيها واقبل عليها يقبل راسها قائلا بخفوت:

- والله يا ماما دنيا بتحبنى مش زى ما انتى فاكره وبكره تعرفى كده لما تلاقينى سعيد معاها

أومأت براسها باستسلام وهى تقول:

- خلاص يابنى اللى يريحك

قبل يدها وهو يقول برجاء:

- مفيش حاجة هتنفع من غير رضاكى يا ماما

حاولت ان تبتسم لكنها فشلت وقالت :

- انا عمرى ما غضبت عليك وانت عارف كده وانا مش عاوزه غير سعادتك يابنى وربنا يوفقك فى حياتك ويخلف ظنى يارب

ضم راسها فى صدره برفق وطبع قبلة عليه وهو يدعو لها بطول العمر ووافر الصحه والعافيه

فى اليوم التالى طرقت دنيا باب غرفة والدها دخلت وأنتظرته حتى ينهى صلاة العصر وما أن أنتهى من صلاته حتى ابتسم لها وهو ينهض ..أقتربت منه قبلت كتفه وقالت حرماً يا بابا

ضحك بوقار وقال يابنتى أسمها تقبل الله هقولك كام مره....

ضحكت وهى تقول:

- ماشى يا حاج تقبل الله...

قال وهو ينظر إليها بأبتسامه حانيه :

- والدتك قالتلى على حكاية العريس دى هو محامى ولا وكيل نيابه ولا ايه بالظبط

قاطعهم دخول والدتها التى قالت:

- يلا الغدا جاهز تعالوا كملوا كلامكوا واحنا بنتغدى

ألتفوا حول مائدة الغذاء حيث قال والدها:

- ها أحكيلى بقى

وضعت دنيا الملعقه وهى تقول:

- هو بيشتغل فى مكتب الاستاذ حمدى مهران من قبل ما نتخرج وان شاء الله سنه ويبقى وكيل نيابه

أومأ برأسه وهو يقول:

- ممتاز ..يعنى شاب مكافح

قالت بحماس :

- ايوا يا بابا وعنده اصرار يبقى حاجه كبيرة

قاطعتهم والدتها وهى توجه حديثها لزوجها:

- بقولك ايه يا سمير أحنا معندناش غيرها يعنى مش هنرميها كده وخلاص...عاوزاك تشد عليه شويه لما يقابلك وتطلب براحتك أحنا بنتنا حلوه وألف مين يتمناها

ألتفت سمير لزوجته وقال:

- الموضوع مش موضوع حلاوة يا ام دنيا انا بدور لبنتى على راجل يشيل مسؤليتها وابقى مطمن عليها معاه ولو الولد جد ومكافح وأخلاقه كويسه زى ما سمعت يبقى الطلبات دى تيجى بعدين وعلى مهله

قالت بغضب:

- يعنى ايه الكلام ده انت ناوى تتساهل معاه ولا ايه

تدخلت دنيا وقالت بسرعه :

- يا ماما مش أحنا أتفقنا هتبقى خطوبه بس كده لما نشوف هنعمل ايه

نظر اليها والدها بتساؤل:

- يعنى ايه الكلام ده يعنى ايه خطوبه بس كده

ارتبكت دنيا وقالت:

- قصدى يعنى يا بابا هنعمل خطوبه لحد ما يكون نفسه يعنى مش أكتر

هزر راسه وقال وهو يكمل طعامه:

- خلاص خليه يجى بكره بعد العصر ان شاء الله

تدخلت والدتها مرة أخرى وقالت بحده:

- مفيش كلام فى كتب كتاب يا سمير ...خطوبه بس فاهمنى

التفت الى دنيا ينظر إلى ردود افعالها تجاه كلام والدتها فوجد علامات الارتياح على وجهها فعلم أنها موافقه على ما تسمع فهز رأسه وقال:

- اللى فى الخير يقدمه ربنا

بعد الغذاء هاتفته وابلغته بمعاد مقابلة والدها تلقى منها الخبر بسعاده كبيره وهو يشعر بمشاعر مختلفه بين القلق والسعاده..قلق من مقابلة والدها وسعاده بأقتراب تحقيق حلم قلبه الذى طالما أنتظره طويلا...نعم كانت مشاعر السعاده ناقصه نظراً للحزن الذى يراه فى عينين والدته منذ أن أبلغها بمعاد تلك المقابله ولكنه كان يمتلىء بالامل فى أن يسود بينهما جو من الالفه والحب بعد أتمام الخطبه

رفضت والدته الذهاب معه ولكنه أصر بشدة أن تصحبه فى هذه الزياره وقد كان

توقفت والدته تحت البنايه التى تسكن بها دنيا ووقفت تنظر حولها وتقول :تصدق انا كنت فاكره أن فى فرق كبير بينكم ...طريقة كلامها لما شوفتها أول مره خلتنى افتكر أنهم ياما هنا ياماهناك لكن طلعوا أهو ناس عاديه الفرق مش كبير يعنى ولا حاجه

أبتسم فارس وهو يحثها على دخول البنايه وقال :

- شوفتى بقى علشان تعرفى انها مش هتتكبر عليا زى ما كنتى فاكره يا ست الكل

كان أستقبال والدة دنيا لهما بارداً جدا شعرت به والدته منذ اللحظة الاولى التى وطأت بها باب بيتهم

أقبل عليهم والدها فى ترحاب شديد وبعد لحظات من الحديث مع فارس ووالدته شعر بالارتياح تجاهه وبمدى أحترامه لوالدته وتوقيره لها وهنا اقبلت دنيا بكامل زينتها ورحبت بهما وشعرت والدته ببعض البرود ايضا تجاهها وقد كان متبادل بينهما بمعنى أصح

تشجع فارس كثيرا عند حديثه مع والدها وهو يرى علامات الارتياح على وجهه وبكلماته المشجعه الداعمة له فقال:

- عاوزين يا عمى بعد اذنك نحدد معاد الخطوبه ان شاء الله

أبتسم والدها وهو يقول:

- أدينى بس يومين تلاته كده اسأل عليك وانا هكلمك بنفسى أحدد معاك المعاد ان شاء الله

تدخلت والدتها قائله:

- بمناسبه الخطوبه ..عندك استعداد تجيب شبكه بكام

تدخل سمير قائلا:

- مش وقته الكلام ده دلوقتى لسه فى قاعده تانيه وبعدين الشبكه دى هدية العريس لعروسته

نظرت له زوجته بحده تتوعده بنظراتها وقالت بعصبيه :

- أزاى يعنى لازم نحدد من دلوقتى ولا نيجى نلاقى الحكايه كلها دبلتين وخلاص

شعر فارس بالحرج من الحوار الدائر بينهم وقال :

- ان شاء الله مش هنختلف على حاجه اللى دنيا تطلبه فى حدود أمكانياتى مش هتأخر بيه

كادت والدتها ان تهتف بعصبيه مرة أخرى ولكن دنيا كانت تجلس بجوارها فضغطت على يدها وهى تظهر السعاده على وجهها وقالت بسرعه :

- مش مهم تمن الشبكه المهم معناها والتفتت الى والدتها وقالت وهى تضغط على يدها مرة أخرى :

- مش كده يا ماما

زفرت والدتها وقالت وهى تنهض أنا هقوم أجيب الشاى أحسن

أنتهى اللقاء بتحديد موعد بعد ثلاثه ايام ينهى فيهم والدها سؤاله عن فارس ويعلمه بالنتيجه...كان فارس يشعر بالاطمئنان من لقاءه بوالد دنيا فلقد رآه رجل حكيم ويعرف كيف يحكم على الرجال ولكن والدته قالت وهى تدلف من باب منزلهم وتغلق الباب بعصبيه خلفها :

- سبحان الله البت طالعه لامها نسخه طبق الاصل صحيح على رأى المثل أكفى القدره على فمها تطلع البت لامها

ضحك فارس قائلا:

- مرحباً بيكى يا ست أم فارس فى عالم الحموات

ضربته على كتفه وقالت:

- انا حما يا فارس ..تبقى انت لسه متعرفنيش

ضحك وهو يقبل يدها:

- عارفك والله يا ست الكل بس معلش أستحملى أمها شويه ولما دنيا تبقى فى بيتى هتاخد على طبعنا ومع العشره هتحبيها بأذن الله

شعرت والدته بالضيق التى تشعر به دائما كلما ذكرها بأن دنيا ستعيش معها فى مكان واحد فى يوم من الايام....

مر يومان وهاتفه والدها كما وعده وأخبره بأنه ينتظره لمقابلة أخرى للأتفاق على ميعاد الخطبه وبقية التفاصيل

لم تكن المقابله باقل توتر من المقابلة السابقه بل على العكس زادت عن المرة الاولى لما فيها من تفاصيل ماديه ولقد كان فارس يتوقع ذلك لذلك لم يأخذ معه والدته حتى لا تسمع كلمة تحرجها أو تشعر معها بقلة الحيلة ولقد كان محقاً فلقد أستشاطت والدتها غضباً عندما علمت المبلغ الذى حدده فارس للذهب المطلوب للشبكه وكادت أن ترفض الارتباط من قبل ان يبدأ لولا محاولات والد دنيا التى هدأتها قليلا ولكنها لم تنتهى عن عباراتها المؤلمه حتى نهض فارس واقفاً بحزم وهو يقول:ده اللى عندى ودنيا عارفه كده كويس

تدخلت دنيا لحسم الامر بشكل نهائى وقالت بلهجه قاطعه:

- وأنا موافقه يا ماما وزى ما قلت قبل كده الشبكه بمعناها مش بتمنها

وتم تحديد موعد نهائى للخطبة بشكل رسمى بعد أسبوع وأنتهت معركة الذهب وهو يحمد ربه على عدم حضور والدته مثل هذا المزاد الرباعى وما قيل فيه من ألفاظ جارحه

عاد ليخبر والدته بالموعد النهائى الذى تم الاتفاق عليه لم تكن تعلم هل تشعر بالسعاده لخطبة ولدها أم تشعر بالاسى لاجله فقلبها ينبأها بفشل هذه الزيجه من قبل أن تبدأ ...قامت توضأت وصلت ..سجدت لربها وهى تدعو بحراره قائله :

- يارب لو فيها خير يسرله أمره ولو غير كده ابعدها عنه ومتكسرش قلبه ياااااارب

------
الفصل الخامس


كانت عزة تعد الطعام فى المطبخ بصحبة عبير أختها وهما يتضاحكان ويمزحان حين دخلت والدتهما وقالت:

- أعملوا شاى يا بنات لخالتكوا أم فارس

قالت عزة بهمه :

- هعملوا أنا يا ماما حاضر ..ثوانى بس

ضحكت عبير وهى تقول :

- اه طبعا هتعمليه جرى النشاط حل عليكى دلوقتى

نظرت لها عزة بحده وارتباك وهى تضع براد المياه على الشعله ...أقتربت والدتها منهما وهى تقول بتردد :

- فارس هيخطب يوم الخميس اللى جاى....أرتعشت يدها وسقطت المياه على الشعله فأطفأتها

على الفور أقتربت منها أختها بلهفه وهى تنظر ليدها وتقول:الحمد لله الميه كانت بارده لسه

زاغت نظرات عزة وهى تشعر ان المياه كانت ساخنه لا انها فعلا كانت شديده السخونه ولكنها لم تسقط على يدها وأنما سقطت على قلبها نعم ستحرقها بحرارتها المرتفعه ولكنها فى النهايه ستطفىء النبته التى كانت تنبت بداخله من مشاعر يتيمه من طرف واحد

قاومت دمعة كانت ستقفز من عينيها وقالت بأنفاس متقطعه :

- معلش يا ماما هعمل غيرها حالا ...أخذت عبير براد المياه من يدها وقالت بشفقه :

- أستنى يا عزة انا هعمل الشاى

جاهدت عزة لترسم ابتسامه مصطنعه وهى تقول:

- أنا نسيت اصلى العصر هروح اصلى واى بسرعه

توجت الى الحمام ..دخلت بسرعه وأغلقت الباب خلفها توضأت فأختلطت الدموع بماء الوضوء خرجت وتوجهت لغرفتها وبدأت فى الصلاة..وقفت وركعت وسجدت بغير هدى لم تنتظرها العبرات للسماح لها بالقفز على وجنتيها بل أنسابت بأنهمار وبهدوء لا يشعر بها أحد ولا يستطيع ان توقفها اى كلمات عزاء او مواساة

نعم كانت تعلم أنها ستسمع هذا الخبر يوما ما ان آجلا او عاجلا ولكنها كانت تمنى نفسها بأنه لن يحدث بل كان الامل لديها يزداد كلما تذكرت شخصية دنيا المختلفه تماما عن فارس ........لماذا تمنيت ونسجت خيوط الامل حول أمنيه بعيده لا يراها سواى ...ألقى قلبى فى بحر الاحلام فاستيقظ لاجد نفسى وقد غرقت قدماى فى لجة مظلمه لا أكاد أن أرى يداى من شدة ظلمتها أصرخ فلا يسمعنى أحد

أستغيث ولا مغيث لى الا الله وحده...امن الممكن ان يكون عقابا من الله ؟!.....نعم ولم لا ...لقد ملك علي قلبى أكثر مما يجب ...كنت أنتظره وأنسى صلاتى وأخرها لاجله...أحرص على رضاه ولا احرص على رضى خالقى....أبيت الليل فى سهود أحترق بحبه ولا أقوى على القيام لربى ركعتين فى جوف الليل...أعتمدت على الاسباب ونسيت مسبب الاسباب....نعم والله كان حقا على الله يعذب قلبى بمن شغله عنه نعم انا فى الظاهر فتاة صالحه اقوم بفرائضى ولكن وقود قلبى ليس حب الله وطاعته وأنما هو الهوى وحظ نفسى والدنيا فكنت أشقى بشقاؤه وأفرح لسعادته لذلك شقيت به وسأظل أشقى ان لم أفيق الى نفسى سريعا وأنظر لماذا خلقت.......قفزت المزيد من العبرات على وجنتيها ولكن هذه المره كانت دموع من نوع آخر لها مذاق آخر...مذاق محبب

*****************************************************

وقف فارس أمام المرآه يتأنق ويتألق فى حلته السوداء وهو لا يصدق نفسه ....أخيرا سيرى دنيا بعد ساعه أو يزيد ويزين أصبعها بخاتم الخطبه لتكون له وحده ارتسمت ابتسامه لا اردايه على شفتيه فى سعاده وهو يربط ربطة عنقه بدقه وأناقه ثم ينظر نظرة أخيرة فى رضا تام عن مظهره ألتفت ليجد والدته تقف على باب غرفته مبتسمه فى حنان وهى تقول:

- ماشاء الله زى القمر ...ياما كان نفسى أشوف اليوم ده من زمان وبدموع الامهات الحاضره دائما أختلطت أبتسامتها بدموع سعادتها به

توجه فارس اليها مسرعها ووقال بلهفه:

- ايه ده يا أمى هو انتى تزعلى تعيطى تفرحى تعيطى وضم راسها وهو يقبله فى حب قائلا:

- ربنا يخليكى ليا يا ست الكل

أبعدها عنه برفق وهو يقول ببهجه:

- الواد عمرو جه ولا لسه

أنتبهت فجأه وكأنها قد نسيته فى خضم مشاعرها المختلطه والمتلاطمه وقالت:

- صحيح والله ده انا نسيته....ده بره مستنيك

خرج فارس ليجد عمرو جالسا امام التلفاز يقلب قنواته واضعاً ساقاً فوق الاخرى فهتف به وهو يضربه على كتفه:

- ايه يابنى انت قاعد على القهوة يلا أتأخرنا....قاطعته والدته وهى تقول :

- هنروح احنا التلاته بس يا فارس

التفت لها قائلا:

- يا ماما دى خطوبه على الضيق كده يدوب اهلى واهلها بس مفيش حد..يلا بينا يا جماعه هنتأخر كده

ضحك عمرو وهو ينزر لوالدة فارس:

- مستعجل اوى على ايه بكره تندم يا جميل

ضربه فارس على كتفه وقال:

- طب بكره نتفرج عليك يوم خطوبتك يا أمور

ثم تابع بمكر :

- اه صحيح ساعتها مش هتبقى مستعجل ده البيت لزق فى البيت

ضحكت أم فارس بينما لكزة عمرو فى يده وهو يقول :

- خفيف اوى ياخويا

وما أن فتح الباب وكأنه قد فتح شلال ضرب وجوههم فجأه ...أندفعت مهره تجاههم تدفعهم تاره وتختبأ خلف فارس تارة أخرى وتتعلق بقدمه حتى كاد ان يسقط وهى تصيح ماليش دعوه هاجى معاكوا الفرح ..ووالدتها تجرى خلفها مسرعه وهى ممسكه بعصا صغيره وتهتف بها بغضب:

- يابت تعالى هنا بقولك والله هتضربى يا مهره لو ابوكى عرف بعمايلك دى هكسر عضمك

وضع فارس يديه بين مهره والدتها وهو يقول :

- فى ايه بس ايه الحكايه

قالت الام بأحراج شديد :

- والله أسفين يا أستاذ فارس البت دى مش عارفه مالها كده مجننانى من يومها معلش متزعلش انا هقول لابوها ماشى يا مهره والله لقوله على اللى بتعمليه ده

صرخت مهره من خلف فارس :

- انا معملتش حاجه انا عاوزه اروح الفرح بس

تدخلت والدة فارس قائله بحنان:

- خلاص علشان خاطرى يا ام يحيى متضربيهاش ..أقولك خليها تيجى معانا مفيهاش حاجه

أم يحيى:

- ازاى بس يا ست أم فارس هو أنتوا خلفتوها ونسيتوها

قاطعتها فارس بعتاب:

- لاء كده أزعل منك أوى يا أم يحيى أنتى عارفه ان مهره أختى الصغيرة ..طب ايه رايك بقى هاخدها معايا

أم يحيى:

- مينفعش يا استاذ فارس مش شايف منظرها

ألتفت عمرو وفارس ووالدته ليروها بوضوح لاول مره منذ دخولها عليهم كالعاصفه :

- هى كما هى بشعرها الاشعث دائما وغرتها المبعثرة على جبينها بغير هدى ولكن زاد عليها شىء واحد جعلهم يضحكون بغير توقف ...كانت تضع أحمر شفاه على شفاهها بطريقه مضحكه جعلها مثل مهرجين السيرك

وقفت تضع يديها فى خصرها وتقول بحنق:

- بتضحكوا على ايه

قال عمرو وهو مازال يضحك:

- ايه اللى انتى حاطاه على بؤك ده

تلمست مهره أحمر الشفاه بزهو وهى تقول بثقه كبيرة فى مظهرها:

- ده روش أنت متعرفش المكياش ولا ايه

ضحك الجميع وهم ينظرون الى بعضهم البعض وقال فارس لعمرو :

- كسفتنا يا جاهل فى حد ميعرفش المكياش

هجمت والدتها عليها وأخذت بشعرها وجذبته منه وهى تقول :

- والله ما هسيبك يا مهره لازم تضربى النهارده

أبعدتها أم فارس عنها وخلصت شعر مهره من بين يدى والدتها وقالت بحسم:والله لتسبيها انا حلفت بالله...وايه رايك بقى هتيجى معانا...يالا خديها ولبسيها حاجه كويسه وسرحيلها شعرها

هتفت مهره بسعاده وهى تحتضن أرجل أم فارس حاولت والدتها الاعتراض ولكن أم فارس حسمت الامر وأغلظت الايمان عليها فأضطرت بالقبول

خرجت أم يحيى بصحبة مهره لتبدل لها ملابسها

نظرعمرو الى فارس مداعبا وقال:

- كنت مستعجل أديك هتقعدلك نص ساعه على الاقل ثم اردف قائلا:بقولك ايه احنا ممكن نهرب من مهره ولا دى محدش بيعرف يروح منها فين

ضحكت أم فارس وقالت:

- طب والله البنت دى زى العسل محدش يعرفها أدى انا هدخل اعملكوا شاى لحد ما تنزل ان شاء الله مش هتتأخر

جلس فارس أمام التلفاز وهو يقول :

- وأدى قاعده ..منك لله يا مهره هتبقى السبب فى طلاقى فى يوم من الايام

ضحك عمرو وهو يقلب قنوات التلفاز فقال له فارس هامساً:

- مش ناوى بقى تتقدم انت كمان ولا ايه يا عم المهندس أنت

جلس عمرو وظهرت علامات الشرود على وجهه قائلا:

- مش عارف يا فارس والله

فارس :

- ليه يا عمرو

ثم اشار له قائلا:

- أوعى تقولى انى فهمت غلط

أشاح عمرو بوجهه وقال :

- لا مش غلط بس اولا لسه فاضلى سنه فى الكليه ثانيا مش متأكد منها خايف ترفضنى

ربت فارس على كتفه وقال بابتسامه :

- خلاص كلها سنه وتتخرج وهتبقى مهندس قد الدنيا وبعدين احنا جيران ومحدش يعرف عنك غير كل طيب هترفضك ليه بقى

زفر عمرو بضيق وهو يقول:

- مش عارف يا فارس قلقان بس مش أكتر

هتف فارس مداعباً:

- أنت هتعملى فيها بقى عندك دم وبتحب وكده

قفز عمرو من مكانه ووضع يده على فم فارس ليسكته قائلا:

- اسكت يابنى انت ..انت ايه عاوز تسيحلى وخلاص

خرجت أم فارس من المطبخ تحمل أكواب الشاى فتصنع عمرو انه يهندم ملابس فارس قائلا:

- لالا مظبوط متقلقش

بعد نصف ساعه كانت مهره تطرق باب الشقه بقوة وأزعاج أنتفض فارس ليفتح الباب وهو يقول:

- ايه يا بنتى ده ده انتى خبطتك ولا خبطت المخبر

نظرت أم فارس لها بأعجاب وهى تقول :

- ماشاء الله ايه الفستان الحلو ده وايه الشعر الحلو ده

دارت مهره حول نفسها بأعجاب ليدور معها ذيل فستانها الوردى الرقيق وهى تقول:

- ده فستان العيد يا طنط واشارت الى حذائها بشغف وهى تقول:ودى جزمة العيد

قاطعها عمرو مداعبا :

- وطبعا ده شعر العيد مش كده

ضحك فارس ووالدته التى قالت :

- أخيرا شفتك مسرحه شعرك يا مهره ..

هتفت مهره بصياح:

- يلا بينا بقى أتأخرنا على الفرح

ثنى فارس ركبتيه بمرح وهو يمد يده اليها قائلا بصوت طفولى:

- يلا بينا يا عروستى

ضحكت بسعاده وهى تضع يدها فى يده بيد وتمسك بطرف فستانها باليد الاخرى وتقول:

- يلا يا عريسى

بالفعل كانت حفلة الخطبة صغيرة وبسيطه وكأنها مقابله عادية باستثناء الاغانى والموسيقى المرتفعه فى البيت وبعض باقات الورود فى أركان المنزل ودنيا بفستانها الذهبى وزينتها الكامله مما جعل فارس يشعر بالحرج بسبب وجود عمرو ورؤيته لها بهذا الشكلكان فارس يجلس فى المنتصف بين والد دنيا ومهره وكان يلتفت الى والد دنيا ويتحدث معه بأهتمام بينما نهضت دنيا وجلست بجوار مهره وقالت بابتسامه صفراء قومى يا حبيبتى اقعدى جنب ماما

رفعت مهره راسها ونظرت لدنيا وهزت راسها نفياً ولم ترد .......حاولت دنيا كتم غيظها وهى تعيد أمرها مره أخرى:بقولك قومى يا شاطره اقعدى فى اى حته تانيه

هذه المره لم تنظر لها مهره من الاصل وقالت ببرود:

- مسميش شاطره ومش قايمه

شعرت دنيا بالدماء تغلى فى راسها وصاحت بعصبيه:

- بقولك قومى

ألتفت فارس على صوت دنيا وقال بتساؤل:

- فى ايه يا دنيا

قالت بعصبيه البنت دى بتعند معايا ومبتسمعش الكلام انا كنت فاكراها مؤدبه زى ما كنت بتقول عنها

صاحت مهره بصوت يشبه البكاء :

- انا مؤدبه والشتيمه حرام واللى بيشتم الكلمه بتلف تلف وترجعله

والتفتت ل فارس وهتفت به :

- مش انت قولتلى كده يا فارس

لف فارس ذراعه حول كتف مهره وهو يقول:

- ايوا يا حبيبتى صح بس وطى صوتك شويه ممكن؟

صاحت دنيا :

- أنت بتنصرها عليا يا فارس وكمان بتستأذنها

نظرت أم دنيا لمهره بحده وقالت بغضب:

- أسمعى الكلام يا بنت

فركت مهره عينيها وهى تصيح :

- كده حرام ماما قالتلى عيب نشخط فى الضيوف

نهضت أم فارس وأخذت بيد مهره وهى تقول لدنيا:

- معلش يا دنيا هى متقصدش ونظرت لمهره وهى تجذبها اليها قائله:

- تعالى يا مهره اقعدى جنبى يا حبيبتى

تشبثت مهره بذراع فارس وقالت ببكاء :

- عاوزه اقعد جنب فارس

نهض والد دنيا ليحل المشكلة ويفض النزاع وأخذ بيد ابنته قائلا:تعالى اقعدى مكانى يا دنيا تعالى

جلست دنيا بجوار فارس على الجهة الاخرى وهى ترمق مهره بنظارت ناريه

نهض عمرو وجلس بجوار مهره وأنحنى على اذنها قائلا:

- تيجى نتفرج من البلكونه شويه

حركت كتفيها برفض وهى تمد شفتاها بغضب وهى تتشبث بذراع فارس أكثر ...ظلت على هذا الوضع فترة من الوقت ومن الحين للآخر يربط فارس على شعرها أو يدها ليبعث الطمأنينه فى نفسها..حتى وضعت راسها على ذراعه المتشبثة بها وأغمضت عينيها نامت ببراءة ...مما جعل دنيا تستشيط غضبا من الصغيره وشعرت انها أنتصرت عليها

أقبلت هيام صديقة دنيا وجلست بجوار عمرو بخجل وبحثت عن كلمات تستطيع بها ان تتحدث اليه وتجذب أنتباهه ولم تجد افضل من مهره للحديث عنها فقالت:

- هى البنوته دى أختك ولا اخت فارس

ألتفت عمرو اليها وقد تفاجأ بحديثها اليه وقال بابتسامه صغيره :

- لا دى جارتنا بس متعلقه بينا اوى يعنى زى اختنا الصغيره كده

أومأت برأسها باهتمام وأسترسلت فى الحديث قائله:

- واضح أنكم أصحاب اوى انت وفارس

قال باقتضاب محاولا أنهاء الحديث:

- اه فعلا

صمتت لبرهه ثم قالت:

- غريبه

شعر بالفضول والتفت اليها مرة اخرى قائلا:

- هو ايه اللى غريب

ابتسمت وقد لفتت انتباهه مرة أخرى وقالت:

- قصى يعنى غريبه انكوا اصحاب وجيران وانت تدخل هندسه وهو يدخل حقوق

أبتسم قائلا:

- اه .....بس مفيهاش حاجه غريبه يعنى كل واحد ليه اهتمامات غير التانى.... عادى

قالت بتلقائيه:

- معاك حق ماهو انا ودنيا اصحاب ورغم كده هى دخلت حقوق وانا دخلت أداب

بس هى بقى لقت نصها التانى لكن انا لسه

ابتسم بمجامله ولم يرد وكان قد استشعر سخافة الحوار فوجدها تقول متسائله:

- أومال مجبتش خطيبتك معاك ليه

ابتسم ساخراً فى نفسه فالعبارة مباشرة جدا بعكس ما كنت تتصور هى وقال:

- لا انا مش خاطب

ثم أستدرك قائلا:

- انا لسه بدرس وبعد التخرج لسه هشتغل واكون نفسى ومبفكرش فى الحكايه دى دلوقتى لسه قدامى كتير اوى عليها

شعرت بالاحباط من كلماته وهذا ما كان يريده تماما ولكنها لم تستطع ان تقاوم جاذبيته وخفة ظله التى أعطت للحفل جو مرح ومبهج ظلت جالسه بجواره ....حاولت ان تقاوم هذا الشعور فكلماته واضحه وضوح الشمس ولكنها لم تستطع

فى اليوم التالى حدث أول تنازل منه ووافق على طلب دنيا التى هاتفته وطلبت منه التنزه سويا قليلا ...رفض فى البدايه ولكنه لم يستطع مقاومة ألحاحها المتكرر وحزنها الذى ظهر فى كلماتها وهى تتهمه بالتقصير تجاههاوعدم سعادته بارتباطهما أخيراً

التقى بها فى أحدى المتنزهات التى أعتادا اللقاء فيها وجلسا على المقعد المعتاد لهما أمام النيل مباشرة ألتفتت اليه وهى مبتسمه وقالت برقه:

- متقدرش تتصور وحشتنى ازاى من امبارح للنهارده

أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات الشيخ بلال أنها مازالت غريبة عنه فالخطوبه ليست الا وعد بالزواج فقط لا يحل له شيئا منها .....حاول السيطره على مشاعره فهو يعلم ان هذا لا يجوز حاليا وقال :

- منا علشان كده يا دنيا كنت عاوز أكتب الكتاب علشان اعرف اعبرلك عن مشاعرى براحتى

نظرت اليه بجرأه وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقه وهى تتلمس ذراعه بأطراف اصابعها :

- يعنى انا موحشتكش

أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده غلبه شيطانه وهواه وحظ نفسه من متعها وهو يستمع لكلماتها الرقيقه التى تلقيها بدلال :

- زمان يا فارس لما كنت بتمسك ايدى كنت بحس انى ملكة الدنيا وما فيها ...ياه لمستك وحشتنى اوى

قالت عبارتها الاخيره بطريقه لم يتحملها أنهارت معها كما تنهار أبواب السدود لتغمر الارض العطشه بالمياه وأنساه الشيطان كل ما كان يحذره منه صديقه بلال كان محقاً..لقد وضع نفسه موضع فتنه كبيرة وهو بشرى وغير ملتزم بطريقه صحيحه فكانت النتيجه الحتميه هى التنازل واتباع الشهوات

أمسك كفيها ببطء وهو ينظر لعينيها وتعانقت اصابعهما بعضها ببعض ورفع كفها لشفتيه وقبل كفها قبله طويله أذابت ما بقى بداخله من مقاومه

ومــــــر عـــــــــــــــــام

------

يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
  #5  
قديم 02-21-2018, 05:50 PM
 
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]





مع وقف التنفيذ ..الفصل السادس
----------------------------[/align]
[/cell][/tabletext][/align]
[align=center][tabletext="width:100%;background-image:url('https://f.top4top.net/p_772ibz7i5.png');"][cell="filter:;"][align=center]




ومر عام يحمل فى طياته الكثير ...تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم.. كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره ...هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تكثر الا وتنقص ..يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياة....ولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده.. تعلو وجهها ابتسامه.. ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيه...وقد تكون ساخره
مارس ابطالنا حياتهم كما هى بين العمل نهارا وليلا ولقاءا يوم العطله لا يخلو من التجاوزات والمحرمات مع بعض السعاده احيانا والكآبه وتأنيب الضمير أحيانا أخرى... وقرار عدم العوده ثم العوده بلا أدنى مقاومة.

.

أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقاً بل كان جبلاً يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح ..أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالباً ولكن يشوبه بعض الامل

وبعد ظهر أحد الايام عاد فارس الى بيته ليجد الباب مفتوحاً وسمع من الخارج صوت جارتهم أم يجيى وهى تطلق الزغاريد قرع الجرس ودخل على أثره ليجد مهره فى استقباله هاتفةً بسعاده وهى تسرع إليه مقبلة عليه :

- أنا نجحت يا فارس نجحت وجبت درجات كبيييره أوى اوى وهروح أولى أعدادى

لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عدها به فى هذه المناسبات ...ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول:

- الف مبروك يا مهره الحمد لله انها خلصت على خير

توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت :

- مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه

ثم قالت بتردد:

- هى نتيجة التعين طلعت؟!

أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد:

- متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ....ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أسيعاد روحه السابقة معها قائلا:

- ها يا ستى عاوزه هدية ايه

أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن:

- مش عاوزه حاجه ....أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله:

- طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أمفارس قائله بحرج:

- عن أذنك يا ست ام فارس

خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله:

- أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها

أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال:

- يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح

أم فارس:

- مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه

أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول:

- معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله

دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها:

-لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان


أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقرأبدا ...والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما ...لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه

يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماء....لا يريد التفكير فيما بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا

فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا:

- حاضر يا ماما هصالحها ان شاء الله

ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور

أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجيستير ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه

مر شهرين آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحه..حتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءاً......

طرق الباب ودخل بعد الاستأذان نظر الى الدكتور حمدى نظرة متفحصة وهو يقول ببطء:

- فى حاجه يا دكتور

نهض الدكتور حمدى ووقف قبالته وتنحنح قائلا:

-نتيجه النيابه طلعت يا فارس

ظهرت الدهشه على وجهه وقال بسرعه :

- ظهرت؟! أزاى دى المفروض بكره

قال الاستاذ حمدى بجديه :

- انا عرفتها النهارده الصبح بس قلت لما اشوفك بالليل ابقى ابلغك

خفق قلب فارس وزادت نبضاته بقوة وشعر بألم فى جميع أجزاء جسده ومرت الثوانى عليه ساعات

وهو ينظر فى عينيى الدكتور حمدى اللتان كانتا خاليتان من اى علامات البشرى وهو يقول:

- كل شىء نصيب يا فارس وان شاء الله تلاقى نفسك فحاجه تانيه

أصابه التبلد وعدم التصديق للحظات وهو يكرر:
- ايوا يعنى قبلونى ولا لاء

ربت الاستاذ حمدى على كتفه مشجعاً داعماً له وهو يقول:

- أنت أنجزت الدبلومه بسهوله وهتكمل الماجيستير ان شاء الله وبعديها الدكتوراه ومش هتحتاج النيابه دى خالص...انت ليك مستقبل كبير فى المحاماه وانا اصلا كنت مستخسرك فى حكاية النيابه دى ..

هوى فارس الى اقرب مقعد وهو يشعر انه يهوى من فوق سبع سموات وكأن روحه فارقت جسده وكأنه فى حلم جميل واستيقظ على واقعه المرير.... زاغت عيناه بدون هدى وهو يتصور انه هتف داخله ولكنه هتافه د اصاب شفتاه وهو يقول:

- طب ليه...ليه ..انا جايب التقديرات المطلوبه وجاوبت كل الاسئله اللى اتسألتها فى المقابلات من غير ولا غلطه..يبقى ليه طيب ليه

جلس الاستاذ حمدى بجواره وهو يشعر بالاسى لاجله وقال بشفقه:

- يابنى انت مش عايش فى البلد دى ولا ايه...بصراحه يا فارس انا من الاول وانا متأكد من النتيجه حتى من غير ما تدخل الامتحانات...مفيش حد بيتعين فى المهنه دى الا اذا كان ليه واسطه جامده

يا اما عم او خال او قريب وكيل نيابه ...وكمان مش اى وكيل نيابه ده لازم يبقى وكيل نيابه مرضى عنه يابنى

ألتفت اليه فارس بحده قائلا:

- مرضى عنه من مين

نظر اليه الاستاذ حمدى قائلا:

- يعنى مش عارف لازم يكون مرضى عليه من مين يا فارس...اللى هيصدق على قرار تعينه طبعا....وأستدرك قائلا:

- وانا يابنى لو كان مرضى عنى كنت اتوسطلك بس انت عارف انى طول عمر راجل دوغرى ومش تبع حد وهما عاوزين حد تباعهم ..علشان كده كانت وسطتى هتضرك مش هتنفعك

وضع فارس وجهه بين كفيه وهو غير مصدق ما يسمع ..ها قد أنهارت أحلامه على صخرة الفساد المتفشى فى المجتمع والذى توارثناه جيلاً بعد جيل حتى اصبح شىء طبيعى جدا فالعين عندما تعتاد على القبح لم تعد تراه قبيحا بل لو رأت جمالاً بعده نفرت منه وأستنكرته وقبحته

بدون ارادة منه وجدت العبرات طريقها لعينيه أخيراً فزفر زفرة ساخنة يائسه وقال بصوت متحشرج:

- ليه يا دكتور مفهمتنيش كده من زمان

قال الاستاذ حمدى وهو يتطلع للفراغ بحزن:

- كان عندى أمل يابنى ,,كان عندى أمل مكنتش عاوز احبطك كنت فاكر ان ممكن حاجه تتغير لكن مع الاسف بالعكس ده الفساد بيزيد يوم عن يوم

ثم اردف قائلا:
- تعرف أن أتعمل عليك تحريات فى مكان سكنك..وكام من ضمن اسباب الرفض أنك ساكن فى مكان شعبى

توقفت الدموع دفعة واحده ونظر اليه مندهشاً قائلا باستنكار :

- طب وده يخليهم يرفضونى حتى لو كنت كفأ

أبتسم الدكتور حمدى ابتسامه خلت من اى تعبير حتى من معنى السعاده وقال بتشاؤم:

- هو انت فاكر ان التعين بالكفاءه ده انت غلبان اوى...وأستدرك قائلا:

- يالا يابنى قوم كده وأنسى كل حاجه وابدأ حياتك من جديد وايه حلم يضيع ووراه احلام تانيه كتير يمكن تكون افضل منه ..أنتبه لرسالة الماجيستير هتلاقى نفسك نسيت كل حاجه

نهض فارض واقفاً بوهن وقال بصوت بعيد:

- ممكن أخد باقى اليوم ده اجازه يا دكتور انا مش هعرف اركز فى شغل النهارده

أومأ الاستاذ حمدى وهو يربت على كتفه بعطف قائلا:

- طب خلاص روح أنت أرتاح ومتشلش هم

خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى واجماً يتحاشى النظر لزملاءه فى مكتبه وهو يجمع بعض أوراقه الخاصه وهم يتابعونه بنظراتهم المتسائله ....نهضت دنيا من خلف مكتبها وأتجهت اليه وعلامات التساؤل والفضول تشع من عينيها ..اقتربت منه متسائله:

- مالك يا فارس ايه اللى حصل جوى عند الدكتور

هز رأسه نفيا وهو يقول:
- مفيش حاجه يا دنيا ...

دنيا بأصرار:
- لاء..شكلك فى حاجه

زفر بضيق وقال بعصبية:
- بقولك مفيش..طوى أوراقه وهو يقول:
- لما ارتاح شويه هبقى اكلمك فى التليفون ..سلام

وقفت تنظر اليه بدهشه وأتجهت لتعود لمكتبها ولكن نورا لم تنتظر أكثر من هذا

تبعته للخارج ولحقت به عند المصعد وقبل أن يستقله قائله:
- أستنى يا أستاذ فارس

أستدار اليها بدهشة كبيرة ونظر اليها بصمت فقالت بسرعه:

- الدكتور قالك حاجه زعلتك

هز راسه نفيا لا يخلو من التعجب وقال:
- متشكر على سؤالك يا استاذه محصلش حاجه انا بخير الحمد لله...وكاد ان يفتح باب المصعد ولكنها استوقفته مرة أخرى قائلة:

- موضوع النيابه مش كده؟؟؟

كبرت دهشته ولكنها لم تغطى ألمه بعد ...فقال حانقاً وهو يغادر :
- عن أذنك

أخذ المصعد طريقه للهبوط وهو بداخله وظلت هى تتابعه ببصرها فى حيرة منه ومن أندفاعها هكذا وأخذت تلوم نفسها بشدة وهى مازالت واقفة فى مكانها فى شرود وصمت أخرجا منه صوت دنيا التى قالت بشك:

-هو فى ايه

ألتفتت نورا أليها بعدم انتباه ولكنها ما استعادت وعيها سريعاً وقالت بلامبالاة وهى تعود أدراجها الى المكتب مرة أخرى

-مفيش حاجه يا دنيا ..عن أذنك

تابعتها دنيا ببصرها وهى تضيق عينيها بارتياب وتنقل بصرها بين نورا والمصعد ولكنها سرعان ما نفضت عن عقلها تلك الافكار وعادت لعملها من جديد ولكنها لم تستطع ان تنفضها من قلبها

لم يشعر الى اين تأخذه قدميه ولكنه سار فى استسلام شديد لا يعلم كم قضى من ساعات ولكنه كان يمشى فقط فى اتجاه اللاشىء ..فقد الاحساس بالزمن وبمن يمر امامه وحوله وخلفه لا يسمع لشىء ولا يرى شىء

لم يرى الا نظرات والدته المكسورة وهى تستمع للخبر لم يسمع الا شهقات اصدقائه وجيرانه دهشةً ولوعةً عند معرفتهم بالخبر...ماذا سيقول لهم...هل يقول لقد رفضونى من أجل حياتى بينكم وحبكم لى وحبى لكم..ماذا سيقول لصورة والده المحتفظ بها فى غرفته تنتظر النتيجه بفارغ الصبر

هل يقول له عفواً والدى لقد رفضونى لانهم لا ينظرون للكفاءه هل يقول لقد رفضونى لانك يا والدى لست قاضياً أو ومستشاراً أو وكيل نيابه ..أو أنك ليس لك أخ أو قريب موالياً لهم يتوسط لى عندهم

وجد نفسه عائداً لمنزله كيف ومتى لا يعلم ولكن من الواضح ان قدميه قد حفظت الطريق عن ظهر قلب فأشفقت عليه وحملته الى بيته بدون توجيه منه

كان الوقت قد تعدى منتصف الليل فحمد الله أن الجميه نيام ولم يراه أحد وقرأ ما كتب على جبينه من شقاء

دخل غرفته فى خفوت ولم يجرؤ على النظر لصورة والده التى يحتفظ بها بجانبه خاف أن ينظر اليها فيرى العبرات تقفز منها لتبلل وجهه وتخنقه وتغص حلقه وتشقيه...فلقد شقى بما يكفى اليوم

ظل يتقلب فى سهاده طوال الليل حتى كاد ان يلفظه فراشه ويطرده بعيدا عنه ليظل خاليا للابد فذلك افضل له من هذا الحانق الغاضب الذى يرقد عليه دائما

بالكاد أستطاع أن ينام بعد أذان الفجر بل ويغط فى نوم عميق ...ولكن أحلامه وكوابيسه طاردته حتى فى النوم ولم تتركه ينعم به

أستيقظ فزعاً على صوت والدته التى كانت واقفه بجوار فراشه توقظه وتهتف به:

- قوم يا فارس قوم يابنى أتأخرت على شغلك الساعه بقت تسعه

تقلب على فراشه وقال دون أن يفتح عينيه :
- معنديش شغل النهارده يا ماما

جلست على طرف فراشه بدهشه ممزوجه بالقلق وهى تقول:

- من أمتى بقى انت بتاخد اجازات...انت مالك تعبان ولا ايه

وضع الوسادة على وجهه وهو يقول:

- مجهد بس شويه ...سبينى اصحى براحتى لو سمحتى يا ماما

تركته والدته ..خرجت وأغالقت الباب خلفها ..توضأت وصلت الضحى ثم ابدلت ملابسها وذهبت للتسوق ..عادت وكانت تظن أنها ستجده قد استيقظ ولكنه وجدته مازال نائما كأنه يهرب من شىء ما فهى تعلمه جيدا...فهو لا ينام هكذا الا ليهرب من شىء يؤلمه ويؤلمه بشده

صلت الظهر ودخلت المطبخ لتعد طعام الغذاء لم يكن عقلها فيما تعمل بل كان مصاحباً له فى رحلت هروبه وهى تتسائل ..ياترى ماذا حدث له جعله هكذا

وفجأه أستمعت لصوت زغاريد يأتى من خارج الشرفه ..أنهت ما تفعله بسرعه وتوجهت للشرفه لتنظر ماذا يحدث فى شارعهم البسيط....كانت والدة عمرو صديق فارس تطلق الزغاريد بين الحين والاخر وهو يقف وسط بعض الشباب والجيران يهنئونه ويباركون له النجاح والتخرج من كلية الهندسة

أبتسمت بأثر رجعى وهى تتذكر لحظة تخرج ولدها وكأن المشهد يعيد نفسه مرة اخرى

أستيقظت من شرودها على صوت قرع جرس الباب فى صخب نظر الى الوضع الذى كان عمرو يقف فيه فلم تجده فايقنت أنه هو صاحب هذا الصخب توجهت الى الباب مسرعه وفتحته بسرعه وهى تقول بابتسامه:

- بالراحه يا عمرو.. فارس نايم

نظر لها عمرو بدهشه مصحوبه بابتسامه كبيرة ارتسمت على وجهه وهو يصيح:

- انا مالى ومال فارس انا جاى للرز بالبن اللى وعدتينى بيه يا بطه

قالت بسعاده وهى تفسح المجال له ليدخل وتشير باصبعها لعينيها:

- من عنيا يا حبيبى هيكون عندك النهارده أنت والشارع كله بأذن الله

ضحك بصخب كعادته وقال بمرح:
- بس انا اللى اوزع يا خالتى الله يخليكى..انتى عارفه انا خلاص بقيت مهندس رسمى وهقسم بالعدل ان شاء الله

أم فارس:
- لا يا عمرو انا متأكده انك لو انت اللى وزعت.. الناس كلها هيوصلها الاطباق نصها فاضى

قال بدهشه مصطنعه:
- نصها!!!.. طيبه اوى على فكره

فى هذه اللحظه خرج فارس من غرفته غير مستوعب لما يحدق وقال بضيق:

- ايه الدوشه دى...مين اللى ...ولكنه بتر عبارته وهو ينظر لصديقه عمرو والفرحه التى تعلو وجهه والابتسامه المرسومه على شفتيه فى سعاده بالغه فذهب ضيقه فى لحظه وقال بشك:

- نجحت ولا عامل دوشه على الفاضى

ضحك عمرو وهو يقترب منه قائلا:

- طبعا نجحت وأتخرجت علشان تبطل تقولى يا تلموذ

بادله فارس ضحكاته وهو يقول:

- برضه هتفضل تلموز مفيش فايده

نظر عمرو الى فارس نظرات متفحصه ورغم ضحكات فارس الا ان عمرو استطاع ان يخترق تلك الابتسامات الواهنه والضحكات المتستره أقترب منه وقال بهدوء:

- مالك يا فارس شكلك زى ما يكون فى حاجه مضايقاك

قاطعتهم والدته قائله :
- طب انا هروح أنقع الرز بتاعك يا بشمهندس علشان نلحق نوزعه بالليل

تركتهم والدته ودخلت المطبخ وعاد فارس أدراجه الى غرفته يتبعه عمرو سئلا بألحاح:
- ماهو هتقولى مالك يعنى هتقولى مالك قول بقى بالذوق أحسنلك

أبتسم فارس وهو ينظر لصديق عمره الذى لم يتغير ابدا مازال طفلا متشبثاً بما يريد دائما ولكنه استطاع ان يغير مجرى الحديث بسؤال مباغت:
- هتروح أمتى تخطب عزة

توتر عمرو وشحب وجهه وهو يقول:

- مش عارف يا فارس خايف ترفضنى .. متردد اوى فى الحكايه دى

وضع فارس يده على ساقه مشجعاً وقال:

- أسمع يا عمرو انت متعرفش هى رايها فيك ايه بلاش تقولى هترفضنى والكلام الفاضى ده...أنت خلاص أتخرجت وبقيت مهندس قد الدنيا وكلها شهر ولا حاجه وتبتدى شغلك ..وعزة ممكن يكون حد حاطط عينه عليها ويتقدملها قبلك وترجع تندم وتقول ياريتنى كنت خدت قرارى بدرى شويه

نظر له عمرو حائراً وقد شعر بكلمات فارس تغزو قلبه بشدة وتمزقه وهو يردد:

- حد تانى ياخدها مني..تفتكر يا فارس

أومأ فارس براسه وقال مؤكداً:
- ايوا طبعاً..وليه لاء ..بقولك ايه انا مش هسمحلك تأجل الحكايه دى أكتر من كده..بلغ والدتك وخليها تروح تجس النبض علشان البنت وأهلها يعرفوا أنك عاوزها

فرك عمرو جبهته بتوتر وهو يقول بأرتباك:

- خلاص هقولها وربنا يستر بقى..بس الشغل يا فارس هتقدم ازاى من غير ما أشتغل

فارس:يا سيدى ده هيبقى ربط كلام بس لحد ما ربنا ييسرلك شغلك وانا أصلا كنت مكلم الدكتور حمدى عليك علشان عارف ان أخته عندها مكتب ديكور وهو وعدنى وقالى اعتبر الحكايه تمت

أطلت نظرات الامل المختلطه بالقلق وهو يحاول طمأنة نفسه وهو يقول:
- هو أه انا مهندس مدنى مش ديكور بس ممكن الاقى شغل معاهم مش كده يا فارس

ابتسم فارس أبتسامه صغيره وهو يحاول رسم التفاؤل على شفتيه قائلا:

- أومال كليه ايه اللى أتخرجت منها دى ..تصدق اللى نجحك ظلمك يا أخى

ثم أدرف بحسم:
- خلاص أتفقنا هتمشى فى الموضوع؟؟

دب انشاط فى عمرو مرة أخرى وعاد اليه مرحه وتفائله ونهض هاتفاً بمرح :

- ربنا يخاليك ليا يا سبعى ههههههههههههههههه

خرجا من الغرفه يتضاحكان واقبلت عليهما والدته قائله بابتسامه :
- أنا قلت برضه محدش هيظبك غير عمرو

وقبل أن يجيب فارس سمع رنين الهاتف يقاطعه فى اصرارأخذ سماعة الهاتف ليجيب المتصل الذى كان يتوقع منه هو وقال:ألو

- ايوا يا فارس أنت فين

-أنا فى البيت يا دنيا

- ده أنت تعبان بجد بقى !

قال بتردد:
- لا أنا كويس بس ....نظر الى عمرو ثم الى والدته وركز بصره عليها وهو يخشى من ردة الفعل وقال:

- الدكتور حمدى بلغنى انهم رفضونى فى شغل النيابه

شهقت والدته وهى تضع يدها على صدرها وأتسعت عينيى عمرو وهو ينظر اليه مدهوشاً

وهتفت دنيا غير مصدقه:
- بتقول ايه يا فارس

قال مؤكداً وقد لمعت عيناه بالدموع وهو ينظر الى والدته التى بدا عليها عدم الاتزان وأستندت الى ساعد عمرو الواقف بجوارها :

- بقولك رفضوا يا دنيا رفضونى

هتفت دنيا صارخه :
- بتقول أييييييييييييه....وسقطت والدته مغشياً عليها





**********************************
الفصل السابع





"ها يا دكتور ماما عامله ايه"

نطق فارس هذه العباره وهو يفرك يديه فى توتر بالغ و ينظر الى الطبيب بقلق

دَون الطبيب أسماء بعض الادويه فى ورقة من دفتره ثم فصلها وأعطاها لفارس قائلاً:

- متقلقش يا استاذ فارس والدتك كويسه الحمد لله ..الضغط بس علي عليها شويه..بس مفيش حاجه خطر الحمد لله

ألقى فارس نظرة على الورقة بيده وقال :

- اومال الادويه دى ليه يا دكتور

ابتسم الطبيب وهو يضع أدواته فى حقيبة الطبيه ويقول:
- دى أقراص بسيطه كده للضغط لازم تواظب عليها واللى مكتوب ورا الروشته ده تحليل عاوزك تعمله ضرورى وياريت النهارده

نظر الى اسم التحليل دون فهم وقال وهو يحاول استيعاب الامر:

- تحليل ايه ده

الطبيب :ده تحليل سكر فاطر وصايم

أنزعج فارس وقال بسرعه:
- سكر..هى عندها سكر

الطبيب:انا طلبت التحليل ده علشان نطمئن بس مش أكتر...وان شاء الله يطلع معقول زى ما انا متوقع

خرج فارس بصحبة الطبيب وهو يقول متسائلاً:
- طب هى هتفوق أمتى يا دكتور

نهض عمرو واقفاً هو ووالدته وهو يستمع لحديث الطبيب الذى كان يجيب فارس قائلاً:

- انا ادتها حقنه تنزل الضغط وهتفوق دلوقتى ان شاء الله ..متقلقش

خرج الطبيب من المنزل وأغلق فارس الباب خلفه واستدار فى مواجهة عمرو الذى قال بلهفه:

- خير يا فارس؟؟

جلس فارس وهو يقلب الروشتة بين يديه وكأنه فى عالم آخر وقال بشرود:

- الدكتور بيقول ضغط...كنت متأكد أنها مش هتستحمل الصدمه

توجهت والدة عمرو داخل الغرفه التى كانت أم فارس ترقد بها وهى تقول بتبرم:

- ضغط ايه وبتاع ايه ...هو حد يصدق كلام الدكاتره

شد عمرو على يده قائلا:
- بسيطه يا فارس ان شاء الله... متشيلش نفسك اكتر من كده انت ملكش ذنب فحاجه ..انت كمان اتصدمت..بس ولا يهمك يابنى انت مجال شغلك مفتوح وانت شاطر ....مش هتقفل على حكاية النيابه دى يعنى..ركز بقى فى الماجيستير وبعده الدكتوراه وفى جوازك

أنتبه فارس لعبارة عمرو الاخيرة وتذكر دنيا التى تركها تصرخ على الهاتف وهرع الى والدته ولم ينتبه حتى ان يعيد سماعة الهاتف كما كانت

ألقى نظرة على الهاتف فقال عمرو مسرعاً:
- انا اللى حطيت السماعه ..قلت علشان لو اتصلت تانى ولا حاجه

رفع فارس راسه لعمرو متسائلاً وقال:
- وأتصلت؟؟

هز عمر رأسه نفيا ولم يرد ...وسمعا صوت والدته تناديه بوهن :

- فارس يا فارس

نهضت أم فارس من فراشها بمساعدة والدة عمرو فى اثناء دخول فارس وعمرو الذى قال يداعبها:

- الف سلامة عليكى يا بطه بس برضه مش هتنازل عن الرزبلبن بتاعى

حاولت أن تبتسم وهى تنظر الى فارس ولكنها لم تستطع ساعدها فارس على الجلوس مره أخرى على الفراش وجلس بجوارها ..قبل راسها وقد لمعت عيناه بالدموع وهو يقول أنكسار:

- أنا آسف يا أمى أنا السبب فى اللى حصلك ده..لو كان بايدى كنت

قاطعته والدته وهى تحاول صبغ صوتها بنبرة حاسمه:

- مش عاوزه اسمع منك الكلام ده تانى كل شىء نصيب انا كل اللى يهمنى أنك تبقى مبسوط ومرتاح ومش عاوزه حاجه تانيه من الدنيا وانا يابنى لو كنت حاطه أمل على الشغلانه دى فده كان علشان كنت شايفاك متمسك بيها وبتحلم بيها لكن انا عن نفسى مفيش حاجه تفرق معايا ولا تريحنى غير سعادتك انت وبس سواء كنت محامى ولا مستشار

أنحنى فارس مقبلاً كفها وقد أعطته أمه دفعه لان يتماسك أكثر وتتراجع دموعه وتجف قبل أن تظهر مرة أخرى وقال:

- ربنا يخليكى ليا يا ست الكل ربنا يديكى الصحه والعافيه يارب

سمع عمرو طرق خفيف على باب الشقه فقال وهو يخرج من الغرفه :

- أنا هروح اشوف مين ده أكيد حد من الجيران

توجه عمرو الى الباب وفتحه ...نظر إليها غير مصدق وقال بدهشه:

-عزة!!

خفضت عزة راسها بخجل وتنحت جانباً ..ظهرت والدتها وأختها عبير من خلفها

حاول عمرو السيطرة على مشاعره وهو ينظر إليها وقال وهو يبتعد عن الباب:

- أتفضلوا

دخلت جارتهم أم عزة يتبعها الفتاتان وهى تقول بقلق:

- فى ايه يا بشمهندس ايه اللى حصل للست أم فارس

عمرو:
- ابداً الضغط على عليها شويه بس بقت كويسه الحمد لله...ثم اشار الى الغرفه قائلاً:

- أتفضلى هى جوى هنا ومعاها فارس

دخلت أم عزة مسرعة ووقفت عبير وعزة تنتظرها فى الخارج

حاول عمرو النظر الى عزة مرة أخرى فخطف نظرة سريعة وهو يقول بابتسامه:

- أزيك يا أنسه عزة

شعرت عزة بالخجل لسؤاله أياها فقط ...بينما قالت عبير بدهشه ممزوجه بابتسامه خفيفه وهى تقول:

- كويسين الحمد لله

لا يعلم لماذا شعر بعاطفة كبيرة تجتاحه تجاهها بدون سابق أنذار وكأن وقوفها بقربة قد حرك مشاعره وزاد لهفته عليها وعلى الارتباط بها لقد تردد كثيراً وهو غير متأكد من سبب تردده كان يظن من وجهة نظرة أنها متعلقه بفارس ولكن لا دليل على ذلك وقد يكون أساء بها الظنون ولكن هل يترك الظن يتلاعب بها أكثر من هذا ..شعر بالخوف عندما تذكر كلمات فارس له منذ قليل أنه ربما يتقدم لها شخصاً آخر وقد يقبله أهلها هل ينتظر لتضيع من بين يديه هكذا بسبب تردده وقلقه من شىء ليس له وجود عندما وصل لهذه النقطه شعر بأندفاع لم يشعر به من قبل ولم لا أحياناً يكون التهور هو الحل الوحيد لانهاء ما يدور من صراعات بداخلنا

كانت الفتاتان ينظران اليه وهو شارداً تماماً وكأنه فى عالم آخر وقد خرجت والدتهما بصحبة والدة عمرو ويتبعهم فارس وأمه التى كانت تستند على ساعده

وقالت لعمرو بأمتنان:

- معلش يابنى تعبناك معانا

نظر إليها وكأنه لم يسمعها وصوب بصرة باتجاه والدة عزة وعبير ..أخذ نفساً عميقاً وقال بسرعه :

- طنط انا بحب عزة وعاوز أتقدملها موافقه ولا لاء

ثم تنفس لاهثاً وكأن وحشاً كان يطارده ......صوب الجميع نظراتهم اليه ما بين دهشة وابتسامة وأستنكار وحياء

وأسرعت عزة بالخروج من الشقه ووجهها كحبة الطماطم وتبعتها عبير التى كانت تبتسم بسعادة ودهشه

هتفت والدته به :

- أنت عبيط يا واد ولا ايه فى حد يطلب طلب زى ده قدام البنات كده ...مش فى أصول ؟!!!

بينما ابتسمت والدة عزة وقالت موجهة كلامها لام عمرو:

- عبيط ليه بس يا أم عمرو هو قال حاجه عيب..هو بس أستعجل شويه

ضحك فارس متناسياً همومه وهو يقول:

- يخرب عقلك يا عمرو أنا كنت أعرف أنك مجنون بس مش للدرجادى

وأخيرا قال عمرو حانقاً:

- يعنى هى دى المشكله دلوقتى خلاص انا اسف بس انا مصمم على طلبى على فكره ومش هتنازل عنه ونظر الى أم عزة قائلاً برجاء :

-أنا صحيح لسه متخرج النهارده بس ان شاء الله هشتغل قريب..انا بس عاوز يبقى فى كلام رسمى يعنى علشان محدش يسبقنى

أكد فارس كلام صديقه وقال بثقه:

- ان شاء الله كام يوم وعمرة يروح يعمل مقابلة الشغل فى مكتب الهندسه بتاع أخت الدكتور حمدى ..ونظر الى أم عزة وقال: الدكتور حمدى أكدلى حكاية الشغل دى يا طنط

تكلمت أم عزة وقد بدت السعاده على قسمات وجهها وهى تقول:

- يا عمرو يابنى أنتوا جرانا من زمان وعارفين اخلاقكوا كويس الموضوع مش موضوع شغل ثم قالت بتردد:

- أنا بس مش عاوزه أكسر قلب أختها أنت عارف عبير هى الكبيرة ولو أختها الصغيرة أتخطبت قبلها هتشيل فى نفسها وتضايق ..عموما قابل ابوها وكلمه وانا عن نفسى معنديش اعتراض خالص

قالت أم عمرو بعتاب :

- كبيرة ايه وصغيره ايه هو لسه فى حد بيعمل كده ده كان زمان يا أم عبير الناس كانت بتفكر كده... لكن كلنا عارفين ان الجواز قسمه ونصيب وكل واحده ليها نصيبها

أومأت أم عزة براسها موافقة لها وقالت:معاكى حق بس والله ده راى ابوها مش رايى أنا..

قاطعهم عمرو بحسم قائلاً:مش هسيبه لحد ما يوافق ان شا الله حتى أطلعله فى كل حته بيروحها لحد ما يزهق منى ويقولى روح خدها وأمشى

قاطعهم صوت جرس الباب المفتوح نظر فارس تجاهه فوجد دنيا تقف بزاوية من الباب وتنقل نظرها بينهم بتوتر

شعر بالدهشه وهو مقبل عليها حتى وقف امامها وهو يشير غليها بالدخول قائلاً:

-تعالى يا دنيا أتفضلى

قالت والدته للمرأتان:
- دى دنيا خطيبة فارس

أستأذن الجميع بالانصراف وجلست دنيا وهى تنظر لوالدة فارس قائله:

- حمد لله على سلامتك يا طنط

أم فارس: الله يسلمك يا بنتى ..

نظر اليها فارس تدور تساؤلات كثيرة بعقله وتظهرها عينيه وقال:

- عرفتى منين ان ماما تعبانه

قالت بتوتر:
- قابلت عزة تحت وانا طالعه وقالتلى

لاحت ابتسامة سخرية على شفتى أم فارس وقد علمت أن دنيا قد أتت لشىء آخر ولاحظت نظرات التوتر فى عينيها فقالت وهى تنهض :

- طب عن اذنك يا بنتى هقوم ارتاح شويه أحسن دماغى لفت تانى

وقالت موجهةً حديثها لفارس:
- قوم يابنى قدملها حاجه وتركتهم وتوجهت لغرفتها

وقف فارس قائلاً:
- هعملك شاى معايا

أشارت اليه وقد نهضت هى الاخرى فى مقابلته وقالت محاولة السيطره على نبرة صوتها:

- الكلام اللى قلتهولى فى التليفون ده صحيح يا فارس

جلس مرة أخرى وقال دون ان ينظر اليها:

- أيوا صحيح هو الكلام حد يهزر فيه

سقطت العبرات من عينيها وقد تأكد لديها الخبر وقد كانت تتمنى ان يكون مازحاً أو ما شابه لقد سقطت أحلامها وهوت وأنسلت من بين يديها كانت تهوى جمع حبها بفارس مع منصبه الرفيع الذى كان يحلم به وقد جعلها تتعلق به معه وتراه ليل نهار وتضع نفسها بجانبه داخل هذا البرواز المزرقش المرصع بالمنصب والمستوى المرتفع والكلمه المسموعه ....قالت بحزن وكأنها تهزى:

- يعنى ايه ....حلم السنين راح خلاص ...كل حاجه راحت من بين ايديا

نظر إليها وقد عاوده شعوره بالندم والانكسار مع كلماتها المؤنبه ..وقال محاولا أضافاء بعض الامل على قلبها:

-لا مش كله ولا حاجه انا خلصت الدبلومه وماشى فى الماجيستير وان شاء الله بعدها الدكتوراه

أستطردت مقاطعةُ ايه قائلة:
- وهتفرق فى ايه ماجيستير ولا حتى دكتوراه ..برضه فى الاخر شغال بمرتب عند الاستاذ حمدى

تنفس بعمق وهو يستمع لكلماتها تشق قلبه بحروفها الحاده وقال :
- لا ما انا فى يوم من الايام هفتح مكتب ان شاء الله وساعتها الدرجات العلميه دى هتنفعنى اوى فى شغلى

لاحت ابتسامة سخريه على شفتيها وهى تقول:

- اه ..فى يوم من الايام

لم يعد قادراً على التحمل وكل كلمة من كلماتها تنغمس بين ضلوعه لترديه يائساً وبعنف فنهض بحدة وقال:

- أنا كنت فاكرك هتقفى جنبى يا دنيا وتشجعينى أواصل طريقى ..أه صحيح كده الطريق هيطول شويه..بس فى الاخر هنوصل ان شاء الله

نظر إليها فوجدها واجمه صامته فجلس بقربها وأخذ كفها بين راحتيه قائلاً:

- انا مش عاوزك تيأسى كده ..فاكره لما كنتى بتقوليلى أنا واثقه أنك هتوصل يا فارس أنت جواك عزيمه توصلك المريخ..فاكره؟؟!

أبتسمت بضعف وهى تومأ برأسها وتقول:

- فاكره

قال مشجعاً:يبقى تقفى جانبى لحد ما نوصل سوا

نظرت إليه بعينين زائغتين وقالت:

- وانت فاكر ان أهلى هيوافقوا اقعد استناك كل ده لحد ما تجيب مكتب وبعدين تجيب شقه ونفرشها بالمرتب اللى بتاخده من مكتب الاستاذ حمدى

قال باستنكار:

- وشقه ليه مش أحنا متفقين هنعيش هنا مع ماما..وهى معندهاش مانع ابدا ...وهنيجى على نفسنا شويه وممكن اوى نأجر شقه تنفع مكتب مش لازم نشترى يعنى كفايه الايجار وبكده يبقى جمعنا بين الجواز والمكتب فى نفس الوقت

صمتت وطال صمتها فحثها قائلاً:

- ردى عليا

مطت شفتيها وقالت بضيق:أنا لازم أمشى دلوقتى انا أتأخرت أوى

صاحت أمها فى وجهها وهى تقول:مش أنا قلتلك الواد ده هيفضل طول عمره فقرى..انتى اللى صممتى تتخطبى ليه مش عارفه ..وفى الاخر كلامى طلع هو اللى صح وعاوز ياخدك تعيشى معاه عند أمه فى الحاره وتستنى بقى لما يبقى يفتح مكتب

بللت العبرات وجنتيها وقالت بأختناق:

- كفايه يا ماما كفايه اللى انا فيه كفايه

دخل والدها غرفتها وهو يتسائل بأنزعاج:
- فى ايه بتزعقوا كده ليه

قصت عليه دنيا ماحدث لفارس فقال:
- وايه المشكله يابنتى هو لو مكنش وكيل نيابه مينفعش يعنى

قالت من بين دموعها:

- مش قصدى يا بابا بس انا كنت متعشمه كده كل حاجه راحت

نظر إليها بجديه قائلاً:

- ازاى يعنى كل حاجه راحت الولد كويس وراجل وبيحبك وعنده عزيمه كويسه وأنا متوقعله مستقبل كويس وبكره تقولى بابا قال ومش لازم يا ستى يعنى المستقبل ده يبقى فى النيابه ......وبعدين أنتى كان لازم تقفى جانبه وتسانديه مش تقعد تقطمى فيه كده

أمسكت والدتها يدها التى تحمل خاتم الخطبه وحاولت نزع خاتم الخطبه وهى تقول بصياح وغضب:

- أسمعى ..أنتى من بكره ترجعيله شبكته مش عاوزين منه حاجه

قبضت دنيا اصابعها وهى تقول ببكاء:

-لا يا ماما انا بحب فارس ومش هسيبه ..

ويوم الجمعة ذهب فارس لصلاة الجمعه فى المسجد الذى أعتاد أرتياده يوم الجمعه والصلاة فيه وكان فى داخله يتمنى لقاء الشيخ بلال ليتكلم معه ويحكى له ما يجيش بصدره لعله يجد لديه الراحة التى يتلمسها فى كلماته دائماً...وبالفعل عقب أنتهاء الصلاة قام يبحث عنه ووجده فى ركن من المسجد يتحدث الى بعض الاخوه ويتمازح معهم بود ويهاديهم ببعض أعواد الاراك وزجاجات المسك الصغيرة التى يحملها دائماً فى جييبه والتى تبعث له دائماً رائحة محببه لكل من يقف بجواره أو يمر بجانبه

وقف ينتظره حتى أنتهى من حديثه معهم وعندما لمحه بلال ابتسم ابتسامته الوضاءه المعهوده منه دائما كلما رآه واقبل عليه فرحاً وصافحه بحراره قائلاً

- واحشنى والله يا فارس أيه يابنى مبقناش نشوفك ليه

لا يعلم فارس لماذا كلما نظر الى وجه بلال شعر بالسكينة والوقار.. .أنسابت عبراته بلطف وهدوءوقال بصوت خفيض :

- أنا محتاجك أوى يا بلال

جلسا إلى أحد اركان المسجد وقال بلال وقد هاله رؤية فارس وعبراته ويستمع الى صوت آلمه وأحزانه ويأسه وأطرق براسه أسفاً وهو يسمع منه تجاوزاته التى كانت تحدث بينه وبين خطيبته دنيا ومخالفته لوعده معه من قبل ..ظل يستمع إليه فى أنصات شديد حتى أنتهى ..

كان فارس يظن أن بلال سيجيبه ببعض الكلمات التى تواسيه وتذكره بأجر الصابرين ولكنه وجده يبتسم قائلاً:

- أنا هحكيلك حكاية يا فارس عاوزك تسمعها بقلبك قبل ودنك أتفقنا

أومأ فارس برأسه وهو يقول :سامعك

بدأ الشيخ بلال فى سرد هذه الحكايه عن أحد التابعين قائلاً

- رجل يُدعى أبا نصر الصياد ، يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد

- مشى في الطريق ذات يوم مهموما مغموما ً، يسأل الله تعالى الفرج والرزق الحلال فزوجته وابنه يتضوران جوعاً .

مر على شيخه أحمد بن مسكين' يقول له أنا متعب يا سيدي ..

وقرأ التابعي في وجه تلميذه ما يعانيه ، فقال له اتبعني إلى البحر


فانطلقا إليه، وقال له الشيخ – راغباً في لجوء مريده إلى الله تعالى : " صلّ ركعتين على نية التيسير" واسأل الله تعالى الرزق الحلال الطيب ...فصلى ، ثم قال له : "سم الله " ، - فكل شيئ بأمر الله .. فقالها . .. ثم رمى الشبكة ، فخرجت بسمكة عظيمة . ... قال له "بعها واشتر بثمنها طعاماً لأهلك ".

فانطلق إلى السوق يبيعها ، واشترى فطيرتين إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يعود إلى الشيخ فيقدم إحداهما له اعترافاً بصنيعه . ..

رد الشيخ الفطيرة قائلاً :
- هي لك ولعيالك ، ثم أردف : " لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة "


وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الفطيرتين في يده

وقال في نفسه هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً فماذا افعل ؟

ونظر إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما، فقدمهما لها قائلاً:

الفطيرتان لكما ..

ظهر الفرح والسرور على محياها ، وسعد ابنها سعادة رقصت لها أسارير وجهه..

وعاد أبو نصر يفكر بولده وزوجته .


ما إن سار حتى سمع رجلاً ينادي من يدل على أبي نصر الصياد؟

فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم فهو مال أبيك .


يقول أبو نصر الصياد

وتحولت غنياً بإذن الله تعالى وكثر مالي ، و ملكت البيوت وفاضت تجارتي ، وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة في شكرالله تعالى ..

ومرت الأيام ، وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!


وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام أن الميزان قد وضع ونادى مناد : أبا نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك ، فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات ..

فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بصنيع كأنه لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، ورجحت السيئات

وبكيَت .. بكيت حتى كادت نفسي تذهب وأحشائي تتقطع . وقلت ما النجاة ؟

وسمعت المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟

فأسمع الملك يقول: نعم بقيت له رقاقتان ...

وتوضع الرقاقتان (الفطيرتان) في كفة الحسنات ، فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات.

فبقيت خائفاً .. وأسمع المنادي مرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء

قلت: ما هو؟ ...

قيل له: دموع المرأة حين أعطيتها الرقاقتين .

فوزنت الدموع، فإذا بها كالحجر الصقيل وزناً .فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فرحاً شديداً ..

وأسمع المنادي كرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟

فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيَت أمُه الرقاقتان ...

وترجح كفة الحسنات...و ترجح ...وترجح..

وأسمع المنادي يقول: لقد نجا ... لقد نجا

فاستيقظت من النوم فزعا أقول ما قاله لي أحمد بن مسكين حين رد إليّ إحدى الفطيرتين : لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة .


أنهى بلال حكايته قائلاً:

- فهمت اللى عاوز اقوله يا فارس

كان فارس يستمع وهو يشعر ابلراحه وكلما سمع وأنصت كلما شعر بالرضا وفهم مالم يفهم من قبل وقال:

- فهمت يا بلال...أنا كنت عايش علشان نفسى وأحلامى وبس وعلشان كده أخدت على قد ما قدمت

--------------

يُتبع

[/align]
[/cell][/tabletext][/align]


__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طلب طقم رواية | تم التنفيذ وردة المـودة الطلبات المكتملة والملغية 5 12-10-2016 11:45 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ !!Achlys الطلبات المكتملة والملغية 2 12-01-2016 11:15 AM
طلب طقم رواية | تم التنفيذ Stifania الطلبات المكتملة والملغية 2 08-06-2016 01:08 PM
طلب طقم رواية - تم التنفيذ Reuoof__ الطلبات المكتملة والملغية 2 03-09-2016 05:17 PM
طلب طقم رواية#تم التنفيذ ĎĨ₫ϊ.Ǿ الطلبات المكتملة والملغية 2 12-14-2015 11:41 PM


الساعة الآن 12:43 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011