عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-05-2009, 08:46 AM
 
قرأت لك - الخير والشر

بسم الله الرحمن الرحيم


{وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً }الإسراء11

الخير او الشر ليس خيرا في نفسه ولا شرا في نفسه، ونذكر في هذا الصدد قول شكسبير: لا شيء خير او شر ولكن الفكر هو الذي يجعل الشيء كذلك، وفي قانون العقوبات شاهد على ذلك، فقد كان السارق في انجلترا اذا سرق ما قيمته ربع دينار يشنق.. فصار اليوم كل سارق لا يشنق.
والعرب في هذا المضمار لهم شأن كما يقول الباحث الموسعي حسن الكرمي في كتابه (الثنوية في التفكير) فقد اعتبروا ان الخير في عمل الصالحات، وان الشر في عمل السيئات، ولكنهم ربطوا ذلك في اكثر ابحاثهم بالناحية الدينية من حيث الصلاح والطلاح.
ومما يجلب الانظار ان القرآن الكريم خاصة جمع بين الايمان والعمل الصالح وسوى بينهما، ولم يفضل واحدا على الآخر. ومن ذلك الآيات الشاهدة على ذلك، وهي تقرب من خمسين آية اقترن فيها الايمان بعمل الصالحات، هذا بالاضافة الى الأحاديث النبوية.
وقد فرق العرب والمسلمون بين الخير المحض والشر المحض، وفرقوا بين الخير بالذات والخير بالعرض.. فاطعام المسكين خير محض او خير بالذات لأنه عمل صالح في نفسه، لكن اطعام المسكين اتباعا لعادة جارية عند الناس في اطعام المسكين في يوم معين كيوم الخميس مثلا فان هذا الاطعام لا يكون خيرا ولكنه اطعام بالعرض، واطعام المسكين تباهيا بالاحسان لاكتساب الشهرة فهو خير بالعرض، وقد تتدرج الحالات في العمل الصالح الى ان يبطل ويصبح الخير بحكم عدم الخير.
ومثال ذلك ان بعض الدول الغنية تقدم اعانات لبعض الدول الفقيرة فان كانت هذه الاعانات المالية وغير المالية في سبيل الله فهي خير محض. ومثل ذلك المرأة اليهودية في الزمان القديم المعروفة بصاحبة الرمان فكانت تزني وتتصدق، حتى قال عنها اسماعيل بن عمار في معرض الهجاء لرجل سرق مالا وبنى به مسجدا: بني مسجدا بنيانه من خيانة (0) لعمري لقدما كنت غير موفق (0) كصاحبة الرمان لما تصدقت (0) جرت مثلا للخائن المتصدق (0) يقول لها أهل الصلاح نصيحة.
لك الويل لا تزني ولا تتصدقي.
وقالوا عن الشر المحض بأنه شر في ذاته، كقتل النفس من غير حق، او العدوان من غير حق او البغي او قهر اليتيم وغير ذلك، وقد يكون الشر بالعرض او الشر بالذات قليلا في هذا العالم بالنسبة الى الخير، لأن الخير بحكمة الهية غالب على الشر، فالمطر مثلا الذي ينزل على الارض قد تنهدم بسقوطه دور وبيوت، ولكن منافعه وخيره اكثر.. فانهدام الدور والبيوت شر ولكنه قليل، وهذه الفكرة بالطبع تنزيه للخالق عن عمل الشر.
ويذكر عن الروائي الروسي دستويفسكي انه كان يرى عظمة الخالق في عظمة هذا الكون، الى ان وقف على ما يجري للأطفال من عاهات وادواء وامراض فيها لهم عذاب طويل وآلام مبرحة ولا ذنب لهم.. حينئذ تزعزع ايمانه بالعدل والرحمة والشفقة، ومال الى الالحاد.
والفيلسوف علي بن سينا من جملة الفلاسفة والحكماء المسلمين الذين بحثوا مشكلة الخير والشر.. لكن ابن اسينا نظر الى الأمر من ناحية دينية بحتة.. فهو يقول ما مفاده ان الله سبحانه وتعالى وضع الأوامر والنواهي لتهذيب النفس ولعمل الخير، فالانسان الذي يطيع هذه الأوامر ولا يخالف النواهي يعتاد على حياة الصلاح وان هذه العادة اذا استحكمت منعته عن اعمال الشر وصرفته الى اعمال الخير وهذبت نفسه، ويقول ايضا ان في الانسان ملكات اذا ما تهذبت تسوقه الى تناسي الحياة الاخرى وتذكر حياة واحدة وهي الحياة الدنيا فينصرف الانسان الى ارضاء الشهوات ويرى ان كل شيء ليس له قيمة في جنب الحياة الدنيا. ويقول ايضا ان النفس على سجيتها ميالة الى عمل الخير، ويجب دائما ارشادها الى الطريق السوي وتحذيرها من الملكات المغرية بالضلال، فان هذه الملكات اذا غلبت على النفس حرفتها عن الخط المستقيم، الا اذا تدارك الله النفس وقواها وحجبها عن تلك الملكات الشريرة وذلك بهدايته تعالى وارشاده.
ويظهر ان ابن سينا يربط بين الحياة الصالحة والهداية الربانية.. ولعل في هذا شيئا من عقيدة اسلامية وهي ان الانسان منذ ان عصى الله في الجنة محتوم عليه الضلال والخطيئة، ولا ينجيه من ذلك الا الله بلطفه ورحمته، والله يؤتي فضله من يشاء.. فالناس بين مهتد وضال وصالح وطالح وفاعل للخير وفاعل للشر، وذلك بارادته سبحانه وتعالى.. وقد لا ينفع الانسان صلاحه كما انه لا يضره طلاحه، لأن الأمر بيد الله.
غير ان ابن سينا لا يذهب في ذلك الى هذا الحد لأنه يرى ان عمل الخير من صنع الانسان ما دام الانسان على سجيته، وابتعد ابن سينا عن الفكرة المسيحية القائلة بأن الخطيئة الاولى التي صدرت عن آدم انتقلت الى جميع ابناء آدم فأصبحوا خاطئين.. وانقذهم من خطئهم، هذا ان الله ارسل عيسى الى الارض فصلب فداء للبشر.. وهي النظرية الدينية لم يقبل بها المسلمون وقالوا: لا تزر وازرة وزر اخرى، وان الانسان مكلف بعد ان بين له الله الطريق الحق من طريق الباطل وهداه الى عمل الخير ونهاه عن عمل الشر. فاذا ضل الانسان بعد هذه الهداية فهو ملوم ومعاقب.
وابن سينا يؤمن بالقضاء والقدر، لكنه لم يذهب الى الحد الذي ذهب اليه (لوثر وكالفن) من المصلحين المسيحيين في قولهما ان الناس منذ الازل مقدر لهم ان يكونوا صالحين او طالحين، أي ان يكونوا بين رابح وخاسر، او بين ضال ومهتد، او بين مرضى عنه ومغضوب عليه.. ومن أهل الجنة او من أهل النار، والانسان في كل ذلك لا يعلم مصيره ولا يدري ما قدر له، ويبقى في حيرة مستديمة.. وهذا ما دعا الفلاسفة الوجوديين المسيحيين امثال كير ليغورد وهايدجر الى النظر الى الحياة الدنيا بأنها كبد وعناء وحيرة وترقب، وساقهم الى فكرة خطيرة وهي ان الانسان يجب ان يخطئ لأنه من غير الخطيئة لا يصبو الى الله.
فالله تعالى خالق لكل شيء بنص القرآن الكريم.. فيعم خلقه الخير والشر، والخير والشر أمران اضافيان بالنسبة لأعمال الانسان، فلا خير محض ولا شر محض، وانما يدركان بخبر الشارع أي الأشياء هو خير وأي الأشياء هو شر، وقال تعالى: ''وهديناه النجدين''، واعطى الله تعالى الانسان المشيئة للاختيار بين الخير والشر، ولما كان الله تعالى عالما بما سيختار العبد ومريدا لما يريده العبد، ليس معناه ان العبد مجبور لا اختيار له لأن المجبر هو نفي الارادة مطلقا من العبد، وهذا لا يوجد منه ابدا في شرع الله تعالى لقوله سبحانه : «'وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين''»، فأثبت الاختيار للعبد ورتب جل وعلا الثواب والعقاب على هذا الاختيار، ولا يجوز القول ان ارادة العبد خارجة عن قدرته وارادته وعلمه سبحانه والا لما كانت هذه الصفات كاملة في تعلقاتها.


__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة قصيرة بعنوان ( هنيئاًلك يا فاعل الخير اقبل ) فوزية بني ملحم أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 12-24-2012 05:26 PM
أصل الحجر الاسود كحل العين نور الإسلام - 11 06-27-2011 01:49 AM
إلى من أدرك رمضان ,,, 150 بابا من أبواب الخير بــو راكـــــان أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 4 10-05-2006 03:34 AM


الساعة الآن 09:56 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011