|
أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
رواية (( روبنسون كروزو )) للكاتب دانييل ديفو وأترككم مع الرواية : - من يريدها رابطاً للتحميل : ـ اضغط هنا للتحميل روبنسون كروزو الفصل 1 روبنسون كروزو يذهب إلى البحر ولدت في سنة 1632 في مدينة يورك , من عائلة جيدة . كان أبي قد أصبح ثرياً جداً كتاجر وتزوج أمي التي كان اسم عائلتها روبنسون . كان اسم عائلة أبي كرويتزناور , لكننا ندعو أنفسنا دائماً كروزو . هكذا أصبح اسمي روبنسون كروزو . قدم لي أبي تعليماً جيداً وأراد مني أن أصبح محامياً . كان قلبي قد استقر على أن أذهب إلى البحر , ولم يستطع أي شيء كان باستطاعة والدي أو أصدقائي قوله أن يغير عقلي . ذات صباح , ناداني أبي إلى غرفته وتكلم إلي بجدية عن مستقبلي . أخبرني بأنني إذا بقيت في البيت فإنني سأحصل على كل ما أريده . حذرني من أخطار الحياة في البحر وطلب مني ألا أفكر في ترك الوطن بعد ذلك . لفترة طويلة من الوقت , اتبعت نصيحته , لكن بعد أسابيع قليلة عادت إلي الرغبة في المغامرة . فقررت ذات يوم أن أهرب من البيت . بعد حوالي سنة حللت ميناء هَل البحري . كان أحد أصدقائي سيذهب إلى لندن في إحدى سفن أبيه . أقنعني في أن أذهب معه , قائلاً بأن الرحلة لن تكلفني شيئاً . لم أخبر هذه المرة حتى والدي بأنني سأسافر , لكن في سنة 1651 ركبت السفينة التي كانت ستسافر إلى لندن . لم نكد نخرج من المرفأ حتى بدأت الريح تهب والأمواج ترتفع . لأنني لم أكن في البحر من قبل أبداً , بدأت أشعر بالمرض والخوف . قررت أنني إذا وصلت بأمان إلى البر ثانية , فلن أذهب إلى البحر وسأعود إلى البيت مباشرة . بعد يومين كان البحر هادئاً وخفتت الريح . نمت جيداً أثناء الليل , وفي الصباح شعرت بأنني أحسن وأسعد حالاً . جاء صديقي ليراني ويضع يده على كتفي . سأل : " حسناً يا بوب , كيف حالك ؟ لابد أنك خفت في الليلة الماضية حين واجهنا ذلك القليل من الريح . " أجبت : " تدعوها القليل من الريح ؟ كانت عاصفة رهيبة . " أجاب صديقي : " عاصفة ؟ هل تدعو هذه عاصفة ؟ لماذا , كانت لا شيء على الإطلاق . أعطنا سفينة جيدة وبحراً صافياً ونحن لا نفكر بشيء عن ريح ضعيفة مثل تلك . سرعان ما ستنسى هذا . أنظر أي طقس جيد لدينا الآن . " ظللنا في البحر ستة أيام حين أتينا إلى يارماوث . كانت الريح تأتي من الاتجاه الخطأ , لذلك أُجبرنا على أن ننزل المرساة , وننتظر خارج المرفأ . بعد أن انتظرنا أربعة أو خمسة أيام أصبحت الريح أقوى مرة أخرى , لكن القبطان لم ير أي خطر . في يومنا الثامن في يارماوث كان البحر عالياً جداً لدرجة أن موجات عديدة سعدت فوق جنب السفينة . أمر القبطان أن تنزل مرساة أخرى كي لا ننجرف بعيداً . بدأ الكل يخافون . في المساء أصبحت الأمواج أعلى من أي وقت آخر ووصلت إلى فوق على جانب السفينة كل دقيقتين أو ثلاث . في البداية , كان على البحارة أن يستخدموا فؤوسهم لقطع سارية السفينة الأمامية . عندئذ أصبحت السارية الرئيسية مرتخية وكانت تهز السفينة كثيراً جداً حتى كان يجب أن تنزع وتقطع أيضاً . كانت لنا سفينة جيدة , لكنها كانت تحمل حمولة ثقيلة . إضافة إلى الحمولة الثقيلة كان هناك ثقل الماء الذي صعد إلى جانب السفينة . نزلت السفينة أسفل فأسفل في الماء . وفي منتصف الليل كان هناك خمسة أقدام من الماء في قاع السفينة . أُمر الكل بأن يعملوا على المضخات لضخ الماء وإخراجه , وانضممت إلى العمل بأفضل ما أستطيع . بدأ القبطان في إرسال إشارات طلباً للنجدة . بعد بعض من الوقت أرسلت منارة عائمة قارباً ليحاول مساعدتنا . لم يستطع القارب أن يصل إلى مسافة قريبة منا إلى أن رمى رجالنا حبلاً طويلاً . بالتجديف بجدية أصبح الرجال من المنارة العائمة قادرين على أن يمسكوا بنهاية الحبل . عندئذ أصبحنا نحن قادرين على أن نسحبهم إلى جانب سفينتنا وصعدنا كلنا إلى قاربهم . اتجهنا إلى الشاطئ , لكنها كانت رحلة بطيئة جداً , فقد أخذنا البحر إلى الشاطئ تماماً . أخيراً رسونا قرب بلدة كرومر , وهنا وصلنا كلنا إلى شاطئ البحر بأمان . حالما حططنا على الشاطئ , بدأنا نمشي نحو بلدة يارماوث , عوملنا هنا بلطف شديد وأُعطينا ملابس جديدة ونقوداً كافية لتأخذنا إما إلى لندن أو إلى بيوتنا . لو منت واعياً , لعدت إلى ميناء هَل ومن هناك ذهبت إلى بيتي في يورك . لكن شيئاً دفعني إلى الأمام وجعلني أقرر أن أستمر بمغامرتي . هكذا , ذهبت إلى لندن ... يتبع ... |
#2
| ||
| ||
الفصل الثاني روبنسون كروزو يصبح تاجراً ويؤسر في لندن , كنت محظوظاً تماماً بمصادفة بعض أصدقاء جيدين جداً . كان أحدهم قبطان سفينة تجارية كانت على شاطئ غينيا .كان سيذهب إلى هناك ثانية ودعاني أن أذهب معه . أخبرني أن الرحلة لن تكلفني شيئاً . وإذا أحببت أن آخذ معي أي شيء لأبيعه , يمكنني أن أفعل هذا وقد أكسب ربحاً جيداً . قبلت عرضه وتابعت الرحلة معه , حملت معي ما يعادل حوالي أربعين جنيهاً من الألعاب وبعض السلع الأخرى التي أخبرني القبطان أنه يمكنني بيعها بكل سهولة . جعلت مني هذه الرحلة بحاراً وتاجراً معاً . أحضرت معي إلى الوطن من الرحلة ما يزيد عن خمسة أرطال من تراب الذهب بعتها في لندن بمبلغ ثلاثمائة جنيه . شجعني نجاح هذه الرحلة على أن أذهب مرة أخرى , مع أن صديقي القبطان مات حالما رجعنا , قررت أن أذهب إلى غينيا ثانية بنفس السفينة . تركن مائتي جنيه من ربح الثلاثمائة جنيه في يدي أرملتي القبطان الأمينتين . أخذت معي في الرحلة ما يكافئ مائة جنيه تقريباً من البضائع لأبادلها بالذهب . أملت في هذه الرحلة حتى أن أكسب ربحاً أكبر . أسفرت الرحلة عن كونها أسعد رحلة قمت بها في أي وقت من الأوقات . فيما نحن نذهب نحو جزر الكناري طاردتنا سفينة قراصنة تركية . أبحرنا بأسرع ما أمكننا , لكن سفينة القراصنة كانت أسرع منا وأمسكت بنا خلال بضع ساعات . قتل القراصنة ثلاثة من رجالنا وجرحوا ثمانية آخرين . أُخذنا كلنا كأسرى . جعلني قبطان سفينة القراصنة عبده . عند نهاية الرحلة أخذني إلى بيته , وأملت أنه حين سيذهب إلى البحر ثانية سيأخذني معه . فكرت أنه عاجلاً أو آجلاً سيؤخذ هو نفسه سجيناً من قبل سفينة إسبانية حربية . عندئذ سأصبح حراً . لكن حين ذهب القبطان تركني في بيته لأعتني بحديقته وأقوم بالشغل في منزله . حين عاد ثانية أُرسلت لكي أعيش على ظهر السفينة لأحرسها . هنا بدأت أفكر بطرق هرب , لكن لم تتح لي فرصة على الإطلاق إلى أن مضت سنتان . غالباً ما استخدمني القبطان للذهاب لصيد السمك في الخليج القريب من بيته . كان سيأخذ قارباً من قواربه الأصغر العائدة إلى سفينته . كنت سأذهب معه لأجذف القارب بمساعدة أحد خدمه . أحياناً كان يأتي أحد أقاربه , وهو مغربي , بدل من القبطان . حدث أن استقبل القبطان القرصان ذات يوم بعض الضيوف الآتين إليه . أراد أن يسليهم على ظهر سفينته , ولذلك أرسل كمية كبيرة جداً من الطعام أكبر من العادة . وأعددت كل شيء وانتظرت في الصباح التالي أن يصل القبطان وضيوفه . لكن , حين صعد على ظهر السفينة كان القبطان وحيداً. قال لي بأن ضيوفه لن يأتوا بعد كل هذا . أمرني أن أخرج كما هي العادة مع المغربي ونصطاد بعض السمك . قررت أن هذا هو وقت الهرب ، وهكذا بدأت أعد القارب ، لا لرحلة صيد سمك بل لرحلة بحرية . في بداية الأمر طلبت من المغربي أن يحضر لنا شيئاً نأكله . قلت بأنه لم يكن من الجيد أن نأكل الطعام الذي أرسله سيدنا لضيوفه .قال المغربي بأن هذا كان صحيحاً وذهب ليحضر بعض البسكوت والماء الطازج . بينما كان بعيداً , خبأت في القارب كمية كبيرة من طعام القبطان . خبأت أيضاً بندقية وفأساً ومنشاراً ومطرقة . مع الطعام الذي سيحضره المغربي , سيكون في القارب طعام وفير لرحلة طويلة تماماً . حين أعد كل شيء انطلقت في رحلتي لصيد السمك مع المغربي وخادم واحد . مررنا من المدخل إلى المرفأ وتابعنا حتى أصبحنا على بعد حوالي ميل من الشاطئ . اصطدنا السمك لبعض الوقت , لكننا لم نمسك بأي شيء . قلت للمغربي : " ذلك لن ينجح . لن نمسك أبداً بأي شيء هنا . يجب أن نذهب أبعد في البحر . " وافق وخطوت إلى الأمام في القارب إلى حيث كان يجلس المغربي . اعتقد أنني كنت سأبدأ في التجذيف . انحنيت كأنني سألتقط المجذافين , لكن بدلاً من هذا فاجأته ودفعت به بسرعة خارج القارب في البحر . ارتفع إلى السطح على الفور وبدأ يسبح نحو القارب . كان سيصل إليه بسرعة كبيرة , لكنني أحضرت البمدقية التي خبأتها وصوبتها نحوه . أخبرته : " يمكنك أن تسبح جيداً لتصل إلى الشاطئ من هنا . إذا فعلت هذا لن أؤذيك , لكن إذا اقتربت أكثر من القارب سأطلق النار عليك . "حدق المغربي بي لبعض الوقت وكأنه لم يصدقني لكنني أبقيت البندقية مسددة عليه . أخيراً استدار وبدأ يسبح نحو الشاطئ . حين ذهب , استدرت إلى الخادم الذي كان يدعى قصوري . وعدت : " قصوري , إذا أصبحت مخلصاً لي سأجعل منك رجلاً عظيماً . لكن إذا لم تقسم أن تكون صادقاً معي سأرمي بك في البحر . " ابتسم قصوري لي ووعد بحماسة أن يكون مخلصاً حتى أنني أبقيته في القارب كرفيقي . حالما حل الظلام رفعت الشراع وأبحرت إلى أسفل الساحل . تبعت خط الشاطئ , ومع بحر هادئ وريح تالية أحرزت تقدماً جيداً جداً . في حلول الساعة الثالثة في فترة بعد الظهر من اليوم التالي عرفت بأنني كنت على بعد يزيد عن مائة وخمسين ميلاً عن بيت القرصان . أردت أن أتأكد تماماً من أنني كنت آمناً , ولذلك لم أذهب إلى الشاطئ أو أنزل مرساة إلى أن أبحرت لمدة خمسة أيام . اعتقدت أنه لو كانت أي سفن تتبعني لكانت الآن قد تخلت عن المطاردة . ذات مساء , رسوت في مرفأ نهر صغير . كانت خطتي أن أنتظر إلى أن يحل الظلام ومن ثم أبحر إلى الشاطئ . حين حل الظلام , انطلقت ضجة عالية لحيوانات مفترسة نابحة ومزمجرة . خاف قصوري خزفاً شديداً وتوسل إلي ألا أذهب إلى الشاطئ في تلك الليلة . كان علينا أن نرسو على الشاطئ في مكان ما لأنه لم يتبق لدينا المزيد من الماء العذب في القارب , وهكذا انطلقنا في الصباح . أراد قصوري أن يذهب إلى الشاطئ وحده بينما حرست أنا القارب . فكرت أن من الأفضل أن نذهب نحن الاثنين معاً , وفي النهاية ذهبنا إلى الشطئ , وكل منا يحمل بندقية وجرتين للماء الطازج . حين حللنا على الشاطئ , افترقنا أنا وقصوري . ذهبت مباشرة إلى داخل البر , بينما سلك قصوري طريقه إلى أعلى الساحل . كان من اللازم أن يجد واحد أو الآخر منا جدول ماء عذب . بعد وقت قصير جداً عاد قصوري جارياً على طول الساحل بأسرع ما استطاع . ظننت أن حيواناً مفترساً كان يطارده , فذهبت إليه بأسرع ما استطعت . حين اقتربت أكثر , وجدت أنه كان يحمل على كتفه حيواناً صغيراً أطلق عليه النار واصطاده . سررنا جداً في أن يكون لدينا لحم طازج نأكله ثانية . كان علينا في مرات عديدة خلال رحلتنا أن نرسو طلباً للماء الطازج . ذات مرة في وقت مبكر من الصباح , حين كنا لصق الشاطئ , لاحظ قصوري أسداً . قلت : " يمكنك أن تذهب إلى الشاطئ وتطلق عليه النار . " قال قصوري وهو يبدو خائفاً : " لست أنا . ذلك الأسد سرعان ما سيأكلني . " لم أقل المزيد , لكن بعد أن رفعت بندقيتي صوبت أفضل تصويب ممكن . لسوء الحظ كسرت طلقتي الأولى رجل الأسد , نهض على ثلاثة أرجل وأطلق أعظم زئير مثير للخوف . أطلقت النار مرة أخرى , فأصبته هذه المرة في الرأس . مع أن الأسد لم يكن ذا نفع للطعام , فكرت بأن جلده قد يكون ذا قيمة لنا . لذلك انطلقت أنا وقصوري للعمل على سلخ جلده . عملنا طيلة اليوم كله وأنهيناه أخيراً . فردنا الجلد في الخارج ليجف في القارب , وبعد يومين كان جاهزاً ليخدمنا كساجدة أتمدد عليها . إلى الامام أبحرنا إلى الجنوب لمدة ثلاثة أسابيع أخرى . فجأة , صاح قصوري ذات يوم بصوت عال : " سيدي , سيدي , سفينة كبيرة ! " نظرت إلى حيث أشار ورأيت سفينة برتغالية . أدرت قاربنا في اتجاهها . كانت سريعة جداً إلى درجة أنني خفت أن تمر عنا قبل أن أتمكن من أطلق أي إشارة . لحسن الحظ , رآنا شخص على ظهر السفينة من خلال منظاره المقرب , فأبطأت السفينة البرتغالية . استغرقت ثلاثة ساعات من الإبحار الشاق لألحق بالسفينة وأصل إلى جانبها . أخيراً وصلت إليها وأمسكت بالحبل الذي رماه أحد البحارة إلى الأسفل . حين ربط ربطاً آمناً , تسلقت أنا وقصوري وصعدنا إلى ظهر السفينة الشراعية الكبيرة . الفصل الثالث تحطمت السفينة بروبنسون كروزو كنت سعيداً جداً في أن أتحرر من جديد , فعرضتُ على قبطان السفينة كل شيء كلن لدي مقابل سلامتي . أجاب بأنه لن يأخذ أي شيء مني . كانت سفينته تتجه إلى البرازيل , ووعد أنني حين أرسو هناك فإنه يمكنني أن آخذ كل ممتلكاتي معي . قال : " لقد أنقذتُ حياتك , بنفس الشروط التي سأريد أن أُنقذ بها أنا نفسي . في وقت ما قد أكون في نفس الحاجة كما كنت أنت . " أراد القبطان أن يشتري قاربي وسأل كم أريد مقابله . أجبت بأنني لن أستطيع أن أسمي بأي سعر , لكنني سأقبل بأي عرض يتقدم به . عرض علي ثمانين قطعة من الفضة مقابل القارب وستين قطعة من الفضة أيضاً مقابل قصوري . في البداية لم أرد أن أفترق عن قصوري بعد أن ظل مخلصاً لي إلى هذا الحد خلال رحلتنا . مع هذا , وعد القبطان أنه سيحرر قصوري خلال عشر سنين من الزمن , وكان الولد راغباً في أن يذهب , لذلك وافقت على أن أبيعه . أمضينا رحلة جيدة جداً إلى البرازيل ووصلنا بعد ثلاثة أسابيع من انضمامنا إلى السفينة . ما كان القبطان سيقبل أي نقود مني لرحلتي البحرية وأعطاني كل ما وعدني به . وأعطاني أيضاً أربعين قطعة من الفضة مقابل جلد الأسد . حين تركت السفينة كان لدي مائة وثمانين قطعة من الفضة . طيلة الأشهر القليلة الأولى التي عشتها مع مزارع سكر , تمتعت بالحياة كثيراً جداً حتى أنني قررت أن أحاول أيضاً حظي كمزارع . لأجل هذا احتجت إلى أن أحصل على باقي نقودي من لندن . وعدني صديقي الطيب , قبطان السفينة البرتغالية , أن يساعدني على فعل هذا . قال : " إذا أعطيتني رسالة يا مستر أنجلشمان , سآخذها من أجلك لأرملة التي لديها نقودك في لندن . حين آتي إلى البرازيل ثانية , سأُحضر بضاعتك التي ستكون قادراً على بيعها بربح جيد . " بينما كنت أنتظر عودته , اشتريت قدر ما في إمكانياتي من أرض . كان لدي جار في الوضع نفسه تماماً كوضعي . في البداية , زرعنا الأرض لطعامنا الخاص بنا . فيما بعد , نظفنا ما يكفي من أرض لنكون قادرين على زراعتها بالتبغ . أعددت أيضاً حتى قطعة أرض أكبر استعداداً لليوم الذي سأتمكن فيه من زراعة قصب السكر . الآن , وقد أصبح لدي الكثير جداً من الأرض جاهزة للزراعة , أدركت بأنني سأحتاج بعض المساعدة في أرضي . كنت آسفاً لأنني افترقت عن الولد قصورس . كان القبطان جيداً قدر ما كانت كلمته كذلك . أخذ رسالتي إلى الأرملة في لندن التي كانت تعتني بنقودي . أرسلت مائة جنيه لعدد من التجار الذين أرسلوا بضاعة بتلك القيمة إلى القبطان في لشبونة . أحضر لي مجموعة من قماش وبضاعة قيمة أخرى كنت قادراً على بيعها بسهولة . بالربح الذي كسبته , أصبحت قادراً على أن يصبح لدي ثلاثة خدم , ساعدوني في منزلي وفي حقولي . خلال الوقت الذي عشت فيه في البرازيل طيلة ما يزيد عن أربعة سنين , عرفت اللغة جيداً . أصبح لدي العديد من الأصدقاء المزارعين وأيضاً تجار سان سلفادور . غالباً ما أخبرتهم عن رحلاتي التجارية إلى ساحل غينيا . وأخبرتهم أيضاً كم كان سهلاً أن أتاجر بالخرز والمقصات والألعاب مقابل تراب الذهب والعاج . أُثير اهتمام التجار جداً لسماع أنه من الممكن أيضاً الحصول على عبيد سيعملون في الأراضي . بعد بعض الوقت أتى ثلاثة مزارعين ليروني . أخبروني بأنهم في حاجة ماسة إلى عمال أكثر لأراضيهم . أرادوا مني أن أبحر معهم في سفينة إلى ساحل غينيا . وعدوا مقابل مساعدتي أن يكون لي حصة مكافئة من العبيد الذين سيحضرونهم بعودتهم ، وأن الرحلة لن تكلفني شيء . كان هذا عرضاً جيداً جداً قبلته . رتبت أن يعتنى بضيعتي وأنا بعيد ، وانطلقنا مبحرين حالما كان كل شيء جاهزاً . عبرنا خط الاستواء بعد عشرة أيام . وبعد فترة قصيرة جداً من الزمن قابلتنا عاصفة بعنف لمدة أسبوعين حتى أننا لم نستطع أن نفعل شيئاً بل أن أذهب إلى حيث تأخذنا الريح . حين هبطت الريح نظرنا إلى خرائطنا البحرية ووصلنا إلى استنتاج أن أقرب أرض كانت جزيرة من جزر الهند العربية . امتدت هذه الجزر إلى شمالنا الغربي فأطلقنا أشرعتنا في ذلك الاتجاه . قبل أن نستطيع أن نصل إليها , واجهتنا عاصفة ثانية أبعدتنا عن مسارنا . كانت الريح لا تزال تهب بقوة شديدة جداً ذات صباح حين صاح أحد رجالنا في مركز المراقبة بصوت عال : " يابسة أمامنا . " جرينا كلنا على ظهر السفينة لنلقي نظرة . فيما نحن نفعل هذا حصل تهشم مكتوم وارتجت السفينة بعنف . غُرزنا في ضفة رمال . كانت الأمواج تتكسر على جوانب السفينة , وكان لاماء ينصب على الأسطح . لن يمر وقت طويل قبل أن تتكسر السفينة إلى قطع في هذا البحر . لحسن الحظ هدأت الريح قليلاً , وفكرنا أننا سنحاول أن نطلق أحد قوارب سفينتنا . كان القارب في المؤخرة قد تهشم إلى قطع بفعل الأمواج , لكن كان لدينا قارب آخر على ظهر السفينة كنا قادرين على إنزاله من الجانب بأمان . ركب أحد عشر رجلاً منا فيه وبدأنا نجذف على أفضل وجه نستطيعه نحو الأرض . قبل أن نذهب بعيداً جداً , أتت موجة هائلة من خلفنا . رفعت القارب كأنه كان ريشة ودفعته للأمام . خلال ثانية كنّا كلنا نكافح في البحر . الفصل الرابع روبنسون كروزو يرسو على الجزيرة أنا سباح جيد , لكنني كنت عديم القوة في بحر مائج كهذا . حملتني موجة للأمام وتركتني على الشاطئ نصف ميت من كمية الماء الذي ابتلعته . كان لدي ما يكفي من نفس لأنهض , وأترنح نحو الأرض , قبل أن تحلق بي موجة أخرى . سرعان ما وجدت أن من المستحيل أن أتجنب لحاق البحر بي . رأيت موجة أخرى عالية علو تلٍ تتقدم نحوي . أردت أن أحاول السباحة معها حتى إلى مكان أبعد على الشاطئ . حين وصلت إلى دُفنت إلى عمق عشرين قدماً . حبست أنفاسي وحُملت إلى الأمام بسرعة عالية . حدث هذا عدة مرات إلى أن وصلت أخيراً إلى قاع جُرف . تمكنت من التسلق إلى القمة , وهناك جلست متحرراً من الخطر . نظرت حولي لأرى إذا كان من الممكن أن أرى أي أثر لأصدقائي . لم يكن هناك أي أثر منهم يُرى في أي مكان , فاستنتجت أنه لابد وأن يكونوا قد غرقوا . كان قلبي مليئاً بالعرفان بالجميل لنفسي , وفي الوقت نفسه كنت آسفاً على رفاقي . أسفت أسفاً شديداً على أن أحداً من أصحابي لم يظهر بأنه أُنقذ من السفينة . كان كل ما رأيته منهم في أي وقت ثانية طاقية , وثلاث قبعات وفردتي حذائين مختلفتين . في الوقت نفسه كنت شاكراً جداً بأن الله قد أبقى عليّ . مشيت إلى الأمام والخلف , رافعاً يدي في صلاة وتأمل في رحمة اله الواسعة لي . سرعان ما بدأت أتعجب ما الذي كنت سأفعله بعدئذٍ . كنت مبللاً تماماً , ولم يكن لدي ملابس يمكنني التغيير بها . لم يكن لدي أي شيء آكله أو أشربه , كان كل ما لدي سكين , وصندوق تبغ يحتوي على قليل من التبغ . مشيت مسافة قصيرة في اليابسة لأرى إذا ما كنت أستطيع أن أجد أي ماء طازج , لأنني كنت عطشاً جداً . في طريقي قطعت عصى قوية أدافع بها عن نفسي ضد أي حيوانات قد تهاجمني . بعد أن مشيت لبعض الوقت وجدت نبعاً صافياً , وبعد أن شربت كثيراً منه , شعرت بأنني في حال أفضل كثيراً . بدأ الظلام يخيم , لذلك كان علي أن أجد مكاناً أقضي فيه الليل . قررت أن آمن مكاناً للنوم سيكون بين فروع شجرة . وجدت شجرة مناسبة , تسلقتها ونمت مستريحاً قدر ما أمكنني ذلك . حين استيقظت كان الصباح قد طلع , والعاصفة قد توقفت والسماء صافية . اندهشت لرؤيتي أن سفينتنا , وخلال الليل , كانت قد رفعتها الأمواج من ضفة الرمل , حيث كانت قد وصلت إلى الأرض , وحُملت إلى قاع الجروف . كانت تستقر على بعض الصخور تحت الماء وبدا أنها تقف قائمة . بعد وقت قصير من منتصف النهار , اختفت حركة المد , ووجدت أنه يمكنني أن أمشي ضمن ربع ميل من السفينة . كنت مصمماً على أن أصعد إلى ظهرها لأرى إذا ما كان يمكنني أن أجد أي شيئاً سيكون نافعاً لحياتي في الجزيرة . خلعت ملابسي وسبحت إلى السفينة . حين وصلت إليها وجدت حبلاً يتدلى إلى جانبها . بمساعدته أصبحت قادراً على التسلق إلى ظهر السفينة . كان هناك الكثير جداً من الماء في مخزن السفينة , بينما كانت مقدمات السفينة منخفضة جداً حتى أنها استقرت تحت الماء تقريباً . كانت المؤخرة خارج الماء تماماً , وكان كل شيء عند نهاية السفينة جافاً . سررت في أ ن الكثير من الطعام على ظهر السفينة لم يكن قد مسّه ماء البحر المالح . ولأنني كنت جائعاً , ملأت جيوبي بالبسكوت الذي أكلته وأنا أذهب متجولاً في أنحاء السفينة . رأيت أنني كنت سأحتاج إلى قارب لأحصل على كل ما أحتاج إليه في الشاطئ . وجدت بعض السواري الالإضافية وبعض ألواح الخشب . ربطت هذه في حبل وعكلت منها طوفاً قوياً قوة كفاية لحمل حمولة ثقيلة . في بداية الأمر , وضعت على طوفي كل ألواح الخشب التي أمكنني أن أجدها . ثم ملأت صندوقاً خشبياً كبيراً بالخبز والجبن والأرز , وبعض اللحم المجفف . في دكان النجار وجدت صندوقاً مليئاً بالأدوات . كانت هذه في تلك اللحظة أنفع لي من كيس ذهب , فوضعتها بعيداً على ظهر الطوْف . احتجت إلى بندقية وبعض الذخيرة الاي وجدتها في مقصورة القبطان . كانت هناك بندقيتان ومسدسان , أخذتها مع بعض قرون مسحوق البارود , وكيس طلقات صغير وسيفين صدئين قديمين . عرفت أنه في مكان ما في السفينة يوجد ثلاثة براميل من مسحوق البارود , وبعد البحث وجدتها . كان برميلان منها جافين , لكن الثالث كان قد تبلل وأصبح بلا نفع . وضعت البرميلين الجافين على ظهر الطوف مع البنادق والمسدسات . كان لدي الآن ما يكفي من حمولة على ظهر الطوف لرحلة واحدة , فبدأت أفكر في العودة إلى الشاطئ . وجدت أنه بلا أي شراع أو دفة توجيه لم يكن من السهل بأي وسيلة السيطرة على الطوف . كان كل ما لدي , لأوجه الطوف به , مجذاف مكسور يستقر على ظهر السفينة .؟ كنت أبحث عن خليج صغير يمكنني استخدامه كميناء . بعد وهلة , وجدت خليجاً , ومن حسن الحظ أن حركة المد والجزر أخذت طوفي إلى داخله . من سوء حظي أنني وأنا أسلك طريقي إلى منتصف الخليج , ضربت ضفة رمل وانغرز الطوف . لم يكنن هناك من شيء سيمكنني من تحريك الطوف إلى حين يحل المد داخل الخليج. بينما كنت أنتظر أن يحدث هذا ، نظرت بإمعان إلى الشاطئ على كلا جانبي الخليج. احتجت إلى امتداد شاطئ منبسط رملي أرسي عليه حمولتي . وأسفر أول مكان اخترته أنه لم يكن مناسباً عند الفحص المدقق . كان هناك منحدر قد يقلب حمولتي الغالية التي جمعتها من المخازن إلى داخل الماء . على مسافة أبعد في الخليج لاحظت قطعة منبسطة على الشاطئ ظننت أنها ستغطيها حركة المدحين يصل إلى داخل الخليج . بعد بضع ساعات كان هذا ما حدث ، وحالما غطى الرمل دفعت طوفي إلى الشاطئ. ثبته بغرز المجذاف المكسور في داخل الرمل وانتظرت إلى أن ابتعدت حركة المد . بقي طوفي وكل حمولته سالماً على الشاطئ . على بعد حوالي ميل واحد مني كان هناك تل عال , وبعد أن أخذت واحدة من بندقياتي , انطلقت لأتسلق إلى القمة . أردت أن أرى أي نوع من المكان كان هذا الذي أتيت إليه . حين وصلت إلى القمة رأيت أنني كنت في جزيرة , وأنه لم يكن هناك أي أرض في مجال البصر . عدت إلى طوفي وأحضرت حمولته إلى الشاطئ بأسرع ما أمكنني , حين كان الوقت يقترب من المساء , استعلمت الصناديق وألواح الخشب التي أحضرتها لأعمل لنفسي مأوى بسيطاً لليل . قررت أن أحاول الحصول على ما يمكنني الحصول عليه من السفينة قبل أن تحطمها عاصفة أخرى وتكسرها إلى قطع . في زيارتي الثانية , تسلقت إلى سطح السفينة كما في السابق وبنيت طوفاً آخر . بعد تجربتي في اليوم السابق كان الطوف أخف كثيراً جداً , ولم أضع فيه الكثير جداً من الحمولة . أحضرت بعض المزيد من المسامير وبعض المزيد من الأدوات من دكان النجار . وجدت المزيد من المسدسات , والطلقات ومسحوق البارود وبعض الملابس . وضعت هذه الأشياء على الطفْو مع أشرعة إضافية , وشبكة نوم وبعض الملاآت . حين بلغت الشاطئ , بدأت أعمل لنصب خيمة صغيرة بالشراع وبعض الأعمدة التي قطعتها لهذا الغرض . حين أنهيت هذا , جلبت إليها كل شيء عرفت بأنه سيتلف من المطر والشمس . رتبت الصناديق الفارغة في دائرة حول الخيمة , وعملت فراشاً على الأرضية . حين أتمدد مستلقياً , يكون لدي مسدسان قرب رأسي وبندقية إلى جانبي لحمايتي . كنت تعباً , وكنت مشغولاً طيلة النهار , وسرعان ما نمت . في كل يوم من الآن , حين تكون حركة المد قد انحسرت عن الخليج , ذهبت وصعدت إلى ظهر السفينة . تدريجياً حضرت كل الأشرعة والتجهيزات , حتى أنني أحضرت بعض كوابل الحديد , لكن هذه أسفرت عن أنها أثقل من أن يحملها طوفي . في طريق العودة إلى الشاطئ , انقلب الطوف وسقطت الكوابل في البحر . مع هذا , حين خرج المد أصبحت قادراً على استعادة الكوابل واحداً فواحداً . في واحدة من رحلاتي , سررت لاكتشاف بعض المزيد من الطعام , بما فيها السكر والخبز والدقيق . سرعان ما ضللت الجزيرة مدة أسبوعين وقمت بإحدى عشر رحلة إلى السفينة . في رحلة أخيرة من كل هذه الرحلات لاحظت خزانة كنت قد أهملتها في السابق . كان فيها ثلاثة أمواس حلاقة , ومقص كبير ودزينة من سكاكين جيدة وشوك . كانت هناك أيضاً بعض النقود الأوروبية والبرازيلية , تعادل حوالي ستة وثلاثين جنيهاً في المجموع . حتى الآن , كنت قد أخذت من السفينة كل شيء ذا قيمة لي , وبدأت أدرس أين أعيش في الجزيرة . كانت خيمتي على أرض منخفضة إلى حد ما قرب البحر , ولم أفكر بأنه سيكون من الصحي أن أعيش هناك لمدة طويلة جداً . كانت هناك أربع نقاط كان لابد أن أضعها في عقلي في اختيار موقع بيتي . في بداية كل شيء , احتجت إلى أن أجد مكاناً سيكون صحياً وقرب بعض الماء العذب . ثانياً , يجب أن تكون هناك حماية من حرارة الشمس . ثالثاً , يجب أن أكون آمناً من هجمات المتوحشين أو الحيوانات المفترسة . وآخر ما في الأمر , إذا صادف أن أتت سفينة قرب الجزيرة بالصدفة , لن أغفل عنها . الفصل الخامس روبنسون كروزو يبني منزله أخيراً وجدت مكاناً مناسباً أعيش فيه . كان سهلاً صغيراً على سفح تل . كان السهل يرتفع من التل حتى أن شيئاً لم يكن يمكن أن يهبط عليّ من أعلى . كانت الأرض المنبسطة على مسافة حوالي مائتي ياردة طولاً ومائة ياردة عرضاً . انحدرت النهاية الأقرب من البحر إلى الأسفل بلطف نحو الأرض المنخفضة المؤدية إلى الشاطئ . كان السهل على جانب التل , الذي كان محمياً من الشمس حتى المساء . قبل أن أنصب خيمتي , وقفت وظهري إلى سفح التل , مواجهاً البحر . خطوت عشر خطوات للأمام ووضعت علامة . ثم عدت إلى موضعي السابق وخطوت عشر خطوات , أولاً إلى اليسار وبعدئذٍ إلى اليمين . جمعت هذه العلامات بحبل لتكوِّن نصف دائرة . حول طرف نصف الدائرة , وضعت صفين من أوتاد قوية . وقفت على بعد خمسة أقدام من الأرضية وكانت لها حافات حادة . ثم أخذت أطوال الكوابل , التي أخذتها من السفينة , ووضعتها في صفوف الأوتاد . أخيراً , قطعت بعض الأوتاد الأصغر ودفعت بها في داخل الأرض مكونة زاوية , حتى أنها تصرفت كدعائم لأوتاد أكبر . كان السياج الآن قويً جداً حتى أنه لم يكن أي إنسان أو أي حيوان يستطيع أن يصل من فوقه أو من خلاله . خلفي , كوَّن جانب التل المنحدر دفاعاً طبيعياً . لم أضع فتحة باب كي أدخل إلى داخل الأوتاد , بل استعملت سلماً قصيراً لتسلق قمة السياج . حالما كنت أصل إلى الداخل كنت أرفع السلم ورائي , حتى أصبح محاطاً بالسياج وسالماً بالكامل . أحضرت إلى الداخل كل ذخيرتي , وطعامي وخزيني . عملت خيمة كبيرة من شراع القنب ووضعت خيمة أصغر بداخلها , لكي أظلّ جافاً تماماً مهما كان المطر قاسياً . في الليل , كنت أنام مستريحاً جداً في شبكة نوم معلقة كانت تعود ذات مرة إلى أحد الضباط . اعتدت كل يوم أن أخرج ببندقيتي , وسرعان ما اكتشفت أن هناك ماعزاً في الجزيرة . كانت خجولة جداً , تجري بسرعة , مما جعل من الصعب إطلاق النار عليها . لاحظت أنها لا تهرب بسرعة كبيرة , إذا كانت تتغذى في الوديان وأكون أنا على الصخور فوقها . بعد ذلك تسلقت دائماً الصخور أولاً . كانت الماعز الأولى التي أطلقت النار عليها وأصبتها ماعز أنثى إلى جانبها جدي صغير هو ابنها . حملت الماعز الصغير إلى بيتي على كتفي وحاولت أدجنه . لسوء الحظ لم يكن ليأكل أياً من الطعام الذي قدمته إليه , لذلك كان علي أن أقتله . زودني الماعزان بلحم طازج لبضعة أيام . أدركت أنني سأفقد كل عدٍ للزمن إلا إذا عملت نوعاً ما من روزنامة . صنعت صليباً كبيراً من الخشب ووضعته على الشاطئ حيث رسوت . عليه نقشت الكلمات : " حللت على الشاطئ هنا في شهر أيلول الـ 30 في سنة 1659 " . على جوانب العمود القائم قطعت حزاً بسكيني كل يوم . في كل يوم سابع كنت أقطع حزاً بضعف طول هذا الطول . في اليوم الأول من كل شهر كنت أحز حزاً ضعف هذا الحز ثانية . على هذا النحو علمت مرور الزمن . كانت هناك الكثير من الأشياء الأخرى أحضرتها من السفينة كان يجب أن أذكرها في وقت سابق . كان لدي الآن إمداد من أقلام حبر وورق . ثم أحضرت كل معدات إبحار السفينة , مثل البوصلات والخرائط البحرية . وجدت أيضاً ثلاثة أناجيل جيدة جداً أتتي مع حمولتي من إنجلترا . ولابد ألا أنسى أن أخبركم بأنني أنقذت قطتين وكلباً من السفينة . حملت القطتين إلى الشاطئ , بينما قفز الكلب في البحر وسبح حتى الشاطئ . كانت هذه المجموعة أصحابي في حياتي الموحشة . جعل افتقاري للأدوات الصحيحة لأعمال أردت إنجازها عملي بطيئاً جداً . كانت قد مضت سنة قبل أن أكون قد أعددت بيتي كما أردته . بعد أن أكملت السياج أعددت نفسي لصنع طاولة وكرسي . ثم عملت بعض الأرفف على الصخرة في خلفية خيمتي , وأخيراً عملت حاملاً يمكنني تعليق بندقياتي عليه . حين انتهيت سررت سروراً عظيماً في أن أرى كم من الأشياء الضرورية كانت لدي , وكيف رتبتها كلها على نحو جيد . في حوالي هذا الوقت بدأت أحتفظ بمذكرات لما أفعله كل يوم . أُعيقت مهمتي في الكتابة بحقيقة أنه لم يك لدي أي شموع . حالما يحل الظلام , في حوالي السابعة عادة , كان علي أن آوي إلى الفراش . بعد بعض الوقت اكتشفت بأنني , بإبقائي بعض الدهن من أي ماعز أصيده , كان يمكنني أن أصنع مصباحاً , باستعمال قطعة صغيرة من حبل كفتيلة . قدم إلي هذا ما يكفي من نور لأصبح قادراً على أن أرى لأكتب مذكراتي , مع أنه لم يكن هناك في أي مكان تقريباً ما هو ساطع النور كشمعة . ذات يوم , حين كنت أبحث عن شيء , عثرت صدفة على كيس صغير . في رحلتنا كنا قد حملنا بضع دجاجات , وكان هذا الكيس قد حمل الذرة لها لتأكلها . بدا أن معظم الذرة التي بقيت في الكيس قد أكلتها الفئران , لكن بعضها بقي في القاع . هززت البواقي على العشب خارج سياجي . كان هذا قبل أن يبدأ الموسم الممطر تماماً . بعد حوالي شهر لاحظت بعض الشتلات الخضر تبرز من الأرض . بعد وهلة قصيرة , اندهشت بأن رأيت بعد مدة تلك الشتلات تحولت إلى سوق شعير . حين نضج الحب فيما بعد احتفظت به بعناية وخططت أن أزرعه في السنة التالية . فعلت هذا لمدة سنين عديدة ومن ثم وجدت بأن لدي ما يكفي من الشعير لأصبح قادراً على استعمال بعضه لأغراض الخاصة . فعلت نفس الشيء مع بعض الرز الذي وجدته , ومع الشعير أصبحت قادراً على صنع بعض الخبز وبعض كعك الرز . يتبع ... : |
#3
| ||
| ||
الفصل السادس روبنسون كروو يبدأ في اكتشاف جزيرته في الخامس عشر من حزيران , بعد أن ظللت الجزيرة عشرة أشهر , بدأت أستكشف جزيرتي . في البداية ذهبت إلى أعلى النهر حيث كنت قد أحضرت طوفي إلى الشاطئ لأول مرة . يصبح النهر على مسافة ميلين من أعلى التيار , أصغر كثيراً والماء ندياً وصافياً . وفي اليوم التالي قطعت حتى مسافة أبعد داخل الجزيرة ووجدت أن المنطقة قد أصبحت مكسوة بالأشجار . كانت تنمو أنواع متنوعة من الفاكهة , بما في هذا البطيخ والأعناب . أكلت بعض هذه الفاكهة ووفرت بعض الأعناب , على نحو خاص , لآكلها فيما بعد . جففت بعض الأعناب في الشمس , حتى أحصل على زبيب آكله حين لا تكون هناك فاكهة طازجة في الجوار . لم أعد للبيت في تلك الليلة لكنني نمت , كما نمت في ليلتي الأولى في الجزيرة , على شجرة . في الصباح التالي مشيت حوالي أربعة أميال وحللت في أجمل الوديان . هنا كان يوجد ينبوع صغير وبدا كل مكان أخضر ومبهجاً للنفس . بدا تقريباً مثل حديقة زُرعت خصيصاً بالفاكهة والأزهار . أحببت المكان كثيراً جداً حتى أنني غالباً ما عدت هنا حخلال شهر تموز . فكرت تقريباً بالعيش هنا على نحو دائم , لكنني قررت ضد هذا حيث أن الوادي كان بعيداً جداً عن الشاطئ . بدلاً من هذا , قررت أن أبني مأوى صغيراً حتى يمكنني أن آتي وأبقى حينما أحب . بدأت العمل على الفور , بانياً إياه حسب تصميم بيتي الأول . كان له سياج حوله كله وكنت أدخل إليه عن طريق سلم . بحلول بداية شهر آب كان العمل قد انتهى . كانت الأعناب التي جنعتها في وقت مبكر قد أصبحت الآن جافة تماماً , وأنزلت الكتل من على الشجرة حيث كانت معلقة . حين عدت إلى بيتي على الساحل أخذت معي بعض الزبيب . كنت مسروراً جداً بأنني فعلت هذا لأن السماء بدأت تمطر مطراً غزيراً بعد أسبوعين . أمطرت كل يوم بعد ذلك إلى منتصف شهر تشرين . أحياناً أمطرت بغزارة شديدة حتى أنني لم أستطع طيلة أيام بلا انقطاع أن أترك بيتي . حالما توقفت الأمطار وأصبح الطقس مستقراً , قمت برحلة مرة أخرى إلى أعلى النهر . في الوادي وجدت كل شيء تماماً كما تركته . كانت الأوتاد , التي غرستها داخل الأرض , قد امتدت جذورها وحلت الشتلات الخضر في كل مكان يرى . مع مرور الأيام , أصبحت قادراً على تقليمها حتى أن بيتي أصبح محاطاً بسياج طويل أخضر . قررت أن أقطع بعض المزيد من الأوتاد لأعود بها إلى الساحل معي , لأرى ما إذا كان يمكنني أن أزلاع سياجاً مشابهاً حول بيتي الأول . استعلمت الفروع الأصغر من هذه الأوتاد لحبك سلاسل . كانت محاولاتي الأولى في هذا خاماً إلى حد ما , لكن بعد وقت أصبحت قادراً على أن أصنع سلة خدمت غرضي جيداً إلى حد كاف . أردت أن أرى كيف يبدو الجانب الآخر من الجزيرة . لذلك أخذت بندقيتي , والفأس والكلب , وكمية من الطعام وانطلقت . حين كنت قد سافرت لبعد كافٍ لأرى الساحل , رأيت بأن هناك جزيرة أخرى على بعد حوالي عشرين ميلاً . عند لالوصول إلى الشاطئ الآخر من الجزيرة , سرعان ما وصلت إلى استنتاج أن هذا سيكون أفضل جانب للجزيرة للعيش فيه . هناك بدا أنه يوجد عدد كبير من السلاحف على الشاطئ . على جانبي من الجزيرة رأيت ثلاث سلاحف فقط طيلة إقامتي كلها .وُجد أيضاً كثيراً من الطيور هنا , بما في هذا بعض ما منها ميزت كطيور بطريق . كان هناك المزيد من الماعز أيضاً , لكن , ولأن المنطقة كانت منبسطة , كان من الأصعب علي أن أصيدها بإطلاق النار عليها . استكشفت الشاطئ لمسافة اثني عشر ميلاً قبل أن أعود . نصبت عموداً كبيراً في الرمل لأحدد بعلامة أين كنت قد وصلت , وقررت أن أمشي حول الجزيرة في الاتجاه الآخر في تاريخ لاحق إلى أن أقابل عمودي . أخيراً سلكت طريقي عائداً إلى بيتي الذي سررت كثيراً جداً في أن أراه ثانية . كنت الآن في الجزيرة لمدة سنتين دون أن تظهر علامة تدل على منقذ . كنت أتوق للحصول على محصول جيد من الشعير والرز بعد موسم المطر . كان علي أولاً أن أتعامل مع نمطين من الأعداء . عدد من مخلوقات طويلة الأرجل , بدوْ مثل أرانب برية ظهرت وكانت ستأكل كل الشتلات الخضراء . سرعان ما عملت سياجاً أحاط بالمحصول , وفي الليل ربطت كلبي به . أبعد هذا الأرانب البرية , وما كدت أن أنهي السياج حتى بدأت أسراب طيور في الهجوم على الحب قبل أن ينضج . كان التعامل معها أصعب بكثير من التعامل مع الأرانب البرية . حين أطلقت نار بندقيتي ابتعدت , لكن إلى مسافة تصل إلى الأشجار . ما كان ظهري يستدير حتى تعود كلها طائرة إلى الحقل . قررت أنني سأعلق أجسام الطيور التي أصطادهل على الحقل . أملت أن يخيف هذا الطيور الأخرى ويبعدها . لدهشتي وفرحتي هذا ما حدث ولم أعد أنزعج من الطيور ثانية . لذلك , وفي نهاية شهر كانون الأول أصبحت قادراً على حصد غلتي وجمعت في كيسين رزاً في كيسين ونصف كيس شعيراً . كنت راضياً جداً من هذا المحصول . خلال موسم المطر أبقيت نفسي منشغلاً بكل أنواع التجارب . كانت واحدة من هذه التجارب صنع قوارير وجرار أخزِّن فيها الطعام والماء . فكرت أنني إذا وجدت مزيداً من الصلصال فسأتمكن من صنع بضع جرار . أملت أن الجرار , حين تحمَّص , ستكون قوية قوة كافية وقاسية تماماً لأستعملها . في البداية , تفتت الثير من جراري , فلم يكن الصلصال قاسياً إلى حد كافٍ لحمل ثقلها نفسه . تشققت جرار أخرى لأنني أبقيتها في الخارج في الشمس مدة طويلة جداً . بعد شهرين من العمل الشاق تمكنت من صنع جرتين كبيرتين . كانتا غير جيدتي الشكل وقبيحتين , لكنني كنت قادراً على استخدامها لخزن الحبوب . لكنهما لم تستوعبا الماء . كيف يمكن فعل هذا ؟ فكرت بالمشكلة لمدة طويلة من الزمن وبعدئذٍ توصلت إلى الحل بالصدفة . ذات يوم أشعلت ناراً كبيرة لأتمكن من طبخ بعض لحم الماعز . بعد أن أنهيت الطبخ لاحظت قطعة مكسورة من الفخار في النار . كانت قد احترقت وتقسّت وأصبحت كحجر وكانت حمراء كطوبة . جعلني هذا أفكر كيف يمكنني أن أفكر كيف يمكنني ترتيب ناري حتى أحمص الفخاريات كلها . في المرة التالية التي حاولت فيها صنع الفخار رتبت ناري حولها . ظللت أضع المزيد والمزيد من الخشب على النار إلى أن رأيت بأن الفخار أصبح ساخناً إلى درجة الاحمرار . أبقيتها في تلك الحرارة لخمس ساعات ثم وببطء تركت النار تخمد . راقبت الفخار طيلة الليل حتى لا تخمد النار بسرعة أكثر من اللازم . في الصباح وجدت أنني في هذه المرة صنعت بعض أوعية طبخ فخارية جيدة جداً , وإن لم تكن جميلة . كنت مسروراً جداً بعملي حتى أنني بالكاد انتظرت حتى بردت الأوعية الفخارية قبل أن أختبرها . ملأت واحدة من الأوعية الفخارية بالماء حالما بردت , وغليت الماء . لم يتسرب الماء من الوعاء , فأضفت بعض اللحم ووجدت أنني يمكنني أن أصنع حساءً جيداً جداً . الآن وقد أصبح لدي الكثير جداً من الحبوب أصبحت قادراً على أن أصنع خبزاً . احتجت إلى هاون لسحب الحبوب . لم أستطع أن أجد حجراً مناسباً لذلك استعملت كتلة من خشب قاس جداً . عملت تجويفاً صغيراً في وسطها بحرق الخشب وصنعت مطرقة من خشب معروف بخشب الحديد . كانت مشكلتي التالية هي فصل القشرة عن الدقيق . أخيراً وجدت بعض القماش المصلي بين رزمة القماش التي أحضرتها من السفينة . وقامت هذه بعمل منخل لعدة سنين . كنت الآن مستعداً تماما لأبدأ الخبز ، لكن كان علي أولاً أن أضع تصميم فرن . هذا ما فعلته . صنعت مدفأة من آجر خبزته بنفسي . ثم صنعت بعض الأغطية الفخارية بطول حوالي قدمين وعرض تسعة بوصات . أشعلت ماراً عللى الآجر إلى أن أصبحت ساخنة حقاً . ثم كنست النار وأبعدتها ووضعت خبزي على الآجر وغطيتها كلها . ثم أشعلت النار حولها لها وتركت الخبز يُخبز . وجدت أنني يمكنني , بهذه الطريقة , أن أصنع لا خبزاً فقط بل معجنة أيضاً . الفصل السابع روبنسون كروزو يبني قارباً بدأت ملابسي تتساقط قطعاً متناثرة . كان لدي الوفير من القمصان لكنني كنت أفتقر إلى البناطيل وسترات قصيرة . حل الوقت الآن كي أحاول مهارتي كخياط . كان لدي عدد من جلد الماعز أخذته من الحيوانات التي قنصتها بطلق النار عليها . مططت هذه الجلود وجعلتها تجف في الشمس . كان أول شيء صنعته هو قبعة , قم سترة وبنطالاً , ناسبتني هذه على نحو سيئ جداً لكنها أبقتني بارداً في الطقس الحار وجافاً في المطر . أنفقت الكثير من الوقت والجهد في صنع مظلة . كنت قد رأيتها تُصنع في البرازيل لكنني قمت بعدة محاولات قبل أن أنجح . المشكلة كانت أن أصنع مظلة تُطوى على الفور حين تُرفع . أخيراً أصبحت قادراً على صنع إطار سيهبط بها , وغطيته بجلد ماعز . أمكنني الآن أن أخرج , ليس فقط حين كانت تمطر , بل أيضاً في الضقس الأكثر حرارة . طيلة هذا الوقت لم تبتعد فكرة الهرب من الجزيرة أبداً عن عقلي . تمنيت لو ظل قصوري معي وقارب الصيد بالشراع الطويل . كنت قد أبحرت تقريباً مسافة ألف ميل على طول الساحل الإفريقي فيه . ذكرني هذا بأحد قوارب سفينتنا الذي اكتُسح ودُفع إلى الشاطئ في جزء آخر من الجزيرة . فكرت بأنني سأذهب وأُلقي نظرة لأرى إن كان يمكن أن يُصلح . كان القارب لا سزال في الرمل حيث كانت العاصفة قد تركته . كان قد قُلب وفيه ثُقب كبير في أحد جوانبه . سرعان ما رأيت أنه يمكن أن يُستخدم بعد وقت قصير . لذلك قلبت أفكاري في صنع ( كانو ) من جذع شجرة كبيرة . كنت متلهفاً جداً في صنع هذا الكانو حتى أنني لم أكف عن النفكير بالصعوبات التي قد تواجهني . لم يخطر ببالي أنني قد لا أكون قادراً على تنفيذ التصميم . ولم أفكر كيف يمكن أن أوصل قارب الكانو إلى داخل الماء حين أُنهيه . وجدت شجرة أرز هائلة الحجم بعرض ستة أقدام عند قاع الجذع . بالأدوات البسيطة التي كانت لدي , استغرقت وقتاً طويلاً في قطع الشجرة وقطع كل الفروع . حين فعلت ذلك كانت لا تزال هناك مهمة تشكيل الجذع إلى شيء مثل القارب . بعد أسابيع من عمل شاق صنعت قاربي الكانو كبيراً إلى حد كاف ليستوعبني ويستوعب أي حمولة أريد أن أحملها معي . كانت مشكلتي التالية هي كيف أصل به إلى الماء . كانت المسافة حوالي مائة ياردة من حيث صنعت قارب الكانو حتى البحر . خططت أن أحفر الرمل لأسمح للماء بالتدفق حو الكانو , فيطفو خارجاً إلى البحر بنفسه . بدأت أحفر قناة صغيرة بعرض ستة أقدام تقريباً وعمق أربعة أقدام . مع أن القناة استغرقت وقتاً طويلاً في حفرها , لم أضن على نفسي في الوقت والطاقة المبذولة في الحفر , بسبب أن لدي الآن قارب أستطيع أن أذهب إلى البحر به . أخيراً انتهت القناة وأصبحت قادراً على طفو قاربي الكانو في الخليج . صنعت سارية وشراعع أيضاً من بعض شراع السفينة القديمة , ووجدت بهذه أن قاربي الكانو يبر بشكل جيدٍ جداً . صنعت أيضاً بعض الخزائن الصغيرة لأتمكن من أخذ ما يكفي من طعام لرحلات أطول إذا رغبت في هذا . ثبَّتُّ مظلتي في القارب الكانو لتعطيني ملاذاً من الشمس وأنا أوجهه . كان هناك أيضاً رفٌّ لبندقيتي حيث كان من السهل الوصول إليها , لكن دون أن تتعرض لخطر إصابتها بالبلل . حين جهزت كل شيء احتجته في قاربي الكانو , قررت أن أبحر حول الجزيرة . مأت خزائني بالطعام وانطلقت برحلتي في السادس من تشرين الثاني . كان علي أن أُبحر إلى مسافة أبعد مما توقعت , لأن الصخور في النهاية الشرقية من الجزيرة تمتد بعيداً داخل البحر . حين وصلت إلى أمام هذه الصخور رأيت أمامي خليجاً حيث كان الماء سلساً . وجهت قاربي الكانو نحو هذا الخليج , وعند الوصول إليه أحضرت قاربي لصق الشاطئ . ربطته إلى الشجرة , وأمضيت الليلة بين فروعها . في الصباح بحثت عن خليج آخر حيث استطعت أن أُرسي قارباً في أمان بينما رُحتُ أستكشف المنطقة الريفية . كنت محظوظاً إلى حد كافٍ في أن أجد مرفأً مناسباً تماماً وليس بعيداً . استقر قاربي فيه , كأنه في رصيف رسو صُنع خصيصاً له . عند الذهاب إلى الشاطئ اكتشفت أنني كنت قريباً تماماً من العمود الذي وضعته منتصباً في الرمل لأحدد بعلامة مكان رحلتي السابقة , ولذلك , كنتُ قرب منزلي في الوادي تماماً . حين وصلتُ إليه , كان من السار جداً أن أرى كل شيء مرتباً . تسبقت السياج , ودخلت المنزل وسرعان ما هيأت نفسي لأكون في بيتي . بعد إقامة ثلاثة أيام اتجهت عائداً عبر الجزيرة . تركت قاربي الكانو في مرفأه , لأنني أردت أن أتأكد من حركت المد والجزر حول الجزيرة قبل أن أحاول أن أبحر عائداً . كنت قلقاً أيضاص في أن أصل البيت بأسرع ما أستطيع , حتى لا تأكل الطيور والأرانب البرية محصولي من الرز والشعير . ذات يوم , ليس بوقت بعيد من هذا , سلكت طريقي إلى ذلك الجزء من الجزيرة حيث الصخور تمتد خارجة إلى البحر . وأنا أمشي فكرت بالمشهد العجيب الذي لابد أن أنظر إليه . حتى الآن , كانت كل ملابسي السليمة قد اهترأت تماماً , وقد صنعت بنفسي كل شيء كنت ألبسه . كانت الطاقية على رأسي مصنوعة من جلد الماعز وليس لها شكل مهما كان نوعه . كان لها رفرف يسقط على رقبتي ويقيني من الشمس والمطر . انسدلت السترة المصنوعة من جلد الماعز إلى أسفل الخصر , ولبست بنطالاً من المادة نفسها , انسدل حتى أسفل الركبتين . لم يكن لدي حذاء ولا جوارب . حول خصري كان هناك حزام مع أنشوطتَيْن جلديتين حملت فيهما فأساً ومنشاراً . ارتفع حزام آخر أضيق فوق كتفي . كان فيه جيبان حيث احتفظت بمسحوق البارود وطلقة لبندقيتي . على ظهري حملت سلتي , وحملت بندقيتي على كتفي , وفوق كل هذا استقرت مظلتي المصنوعة من جلد الماعز . وأنا ألبس عل هذا النحو شققت طريقي إلى الجزيرة وابتعدت عن البيت طيلة ستة أيام . حين بلغت مقصدي , رأيت أن البحر كان هادئاً وسلساً . لو اخترت الوقت اختياراً صحيحاً , وطبقاً لحركة المد والجزر , لما كان هناك سبب لعد إحضاري قاربي الكانو عائداً إلى هنا بأمان مرة أخرى . يتبع ... |
#4
| ||
| ||
الفصل الثامن اكتشاف غريب ذات يوم في حوالي الظهر , بينما كنت أمشي على شاطئ البحر , اكتشفت اكتشافاً غريباً جداً . انزعجت من رؤيتي آثار قدم رجل حافية في الرمل . وقفت كما لو كنتُ قد صُعقت برعد . أصغيت ونظرت حولي , لكن لم يكن هناك أيش شيء يُرى أو يسمع . تسلقت تلاً صغيراً لأرى إلى مسافة أبعد . صعدت إلى أعلى الشاطئ وأسفله , لكن لم يكن هناك أي علامة قدم أخرى تُرى . كيف حدث أن توجد هناك , لم أعرف , كما لم أستطع أن أتخيل هذا . في طريقي إلى البيت توقفت كل خطوتين أو ثلاث خطوات لأنظر خلفي . تخيلت أن كل جذل شجرة في مكان بعيد كان متوحشاً ينتظرني . في تلك الليلة لم أستطع أن أنام للتفكير فيما قد رأيته . كيف وصل أثر ذلك القدم إلى هناك ؟ أي سفينة أتتي إلى الجزيرة ؟ قررت أن بعض المتوحشين أتوا من البر الرئيسي , وقد دفعتهم الريح إلى الجزيرة وأنهم رحلوا الآن . سررت سروراً عظيماً من أنهم لم يروني . ثم قلقت قلقاً كبيراً فيما إذا كانوا قد رأوا بيتي . إذا فكروا بأن شخصاً كان يعيش هناك , فلابد أنهم سيعودون بالتأكيد بأعداد أكبر ليدمروا بيتي ويحملوا حيواناتي معهم . قررت أن أقوم بشيئين اثنين . في البداية كنت سأقوي الدفاعات حول منزلي . كنت سأفعل هذا ببناء جدار آخر خارج سوري الأول . ثانياً : أردت أن أحمي قطيعي من الماعز وأعثر على مكان آمن له ليعيش فيه . بنيت السور الثاني , مستخدماً كل الخشب الإضافي الذي كان لدي . وقويته بباقي كوابل السفينة . خلف السور , حملت تراباً ودككته في موقعه إلى ارتفاع عشرة أقدام . في هذا السور فتحت سبع فتحات حتى أتمكن من أن أطلق النار دون أن أُرى أنا نفسي . حين انتهى السور غرست عدداً كبيراً من الأشجار الصغيرة في الخارج . نَمَت بسرعة كبيرة وكونت غابة كثيفة تماماً . أخفت بيتي عن البصر , حتى أنه كان من الصعب تصديق أن هناك أي شيء أو أي شخص خلفه . لم يكن علي البحث طويلاً عن مكان لماعزي ليعيش فيه . سرعان ما عثرت على قطعة أرض مثالية في منتصف غابة كثيفة . سيَّجتها من جميع الجهات , وقبل مرور وقت طويل وضعت قطيعي ليعيش هناك . ذات يوم , بينما كنت مشغولاً في البحث عن هذا المكان لماعزي , اقتربت من الساحل . نظرت إلى البحر وظننت أني رأيت سفينة . كانت على مسافة بعيدة , ولم أستطع أن أحدد طبيعتها , مع أنه كان لدي مرقاب . لم أعرف ما إذا كانت سفينة أو لا . بينما أنا أبتعد لم أستطع رؤيتها مرة أخرى لذلك كففت عن النظر , لكنني قررت أنني لن أخرج دون أن آخذ مرقابي معي . في طريقي إلى البيت في ذلك اليوم سلكت طريقي على طول الشاطئ . هنا رأيت شيئاً ملأني في الرعب . جماجم وأيدي وأقدام وعظام بشرية كانت منتشرة على الرمل . رأيت أين كانت توجد نار وأين كان يجلس أولئك الذين كانوا يولمون لأكل ضحاياهم البؤساء .خفت خوفاً شديداً مما رأيت حتى أنني أشحت بوجهي بعيداً بعيداً عن المشهد الشنيع وسلكت طريقي إلى البيت بأسرع ما أستطيع . أحسست بالأمان وأنا في البيت وأنا أعرف أن المتوحشين لم يأتوا إلى الجزيرة ليروا مي يمكنهم العثور عليه . بقيت هنا طيلة ثمانية عسشر سنة قبل أن حتى قد رأيت خطى أقدامهم .بوجود بيتي المخفي جيداً كان يمكنني أن أظل هنا لمدة ثمانية عشرة سنة أخرى ولن أُكتشف . مع هذا ظللت حذراً وخفت أن أطلق بندقياتي لبعض الوقت . من الآن فصاعداً لن أخرج دون أن أحمل بندقيتي وثلاث مسدسات . في حزامي حملت خنجراً طويلاً وعلى جنبي تدلى سيف . كنت هكذا جاهزاً لأن أقابل أي شخص يريد أن يهاجمني . لم آخذ قاربي الكانو حول الجانب الأبعد من الجزيرة , فهذا بدا أنه الجانب الذي يستعملونه في أغلب الأوقات . كنت أيضاً حريصاً على النيران التي أشعلها فأنا لم أرد أن يخون الدخان حضوري. اعتدت أن أطبخ طعامي وأخبز خبزي بنيران من الفحم . فعلت هذا في جزء موحش من الجزيرة كما رأيت هذا يجري في إنجلترا . ذات يوم , حين كنت أقطع بعض الخشب لأحرقه ولأكون منه فحماً , رأيت عينان لامعتين تراقبانني من أعماق كهف صغير . أخذت فرعاً محترقاً من النار ورفعته عالياً في الهواء لأرى إلى من تعود هاتين العينين . اطمأننت تماماً في أن أكتشف أنهما كانتا عيني ماعز عجوز جداً أتتي إلى الكهف لتموت . في اليوم التالي عدت إلى الكهف واستكشفته على نحو أكثر اكتمالاً . وجدت أنه سيكوِّن مكان اختباؤ مثالياً إذا احتجت إلى مكان كهذا في أي وقت من الأوقات . أقنعت نفسي أنني , حتى لو كان هناك خمسمائة متوحش يطاردونني , سأكون آمناً هنا . كان الشهر الأول هو كانون الأول في سنتي الثالثة والعشرين في الجزيرة وكان حصادي جاهزاً مرة أخرى . كنت قد خرجت إلى حقولي لمدة طويلة من الزمن في النهار . ذات نهار , خرجت قبل أن يكون نور النهار قد بزغ تماماً ورأيت نور نار على الشاطئ على بعد ميلين . كانت هذه أول مرة يأتي فيها المتوحشون إلى جانبي من الجزيرة . لم أكن سعيداً إطلاقاً باكتشافي . ذهبت مباشرة إلى بيتي وأعددت بندقياتي في حالة ما إذا هوجمت . توقعت أن يأتي المتوحشون في أي دقيقة . بعد ساعتين , حين لم يحدث أي شيء , ثار فضولي إلى حد أنني كان يجب أن أخرج . تسلقت التل خلف بيتي واستلقيت على بطني . رأيت أن هناك تسعة متوحشين يجلسون حول النار . افترضت أنهم يستعملونها لطبخ وجبتهم من اللحم البشري . كان معهما قاربا كانو جروهما جيداً إلى أعلى الشاطئ . فيما كان المد قد ابتعد في البحر عرفت أنه لابد أنهم ينتظرون هذه الحركة لتدخل الجزيرة الثانية . بعد لحظة نهض المتوحشون وبدأوا يرقصون حول النار . استمروا في الرقص مدة ساعة تقريباً , أثناءها تحول المد وبدأ يدخل الجزيرة ثانية . بعد ذلك بوقت قصير انطلقوا بقواربهم الكانو وجذفوا مبتعدين . حالما ابتعدوا هبطت إلى الشاطئ . حولي تماماً ظهر مزيد من دليل سلوكهم المرعب . تناثرت عظام ودم ونتف من أجساد البشر في الرمل . كنت غاضباً جداً لدرجة أنني قررت أن أقضي على المجموعة التالية من المتوحشين الذين يأتون إلى جزيرتي , مهما كانت هويتهم . بعد ذلك لم يزرني أحد من الزوار لعدة أشهر . في حوالي منتصف شهر أيار في السنة التالية حدث حادث أخرج المتوحشين من عقلي مؤقتاً . سمعت ما بدا لي أنه مثل صوت بندقية أطلقت على البحر . تسلقت التل بأسرع ما تمكن ونظرت إلى البحر . بعد وقت قصير انطلق وميض طبقة أخرى . من اتجاهها حددت أن الطلقة أتت من سفينة قرب الصخور عند نهاية الجزيرة . فيما أنا أفكر أن لابد أن توجد سفينة في محنة في الخارج , جمعت كل الخشب الجاف الذي أمكنني أن أجده . أشعلت ناراً جيدة على قمة التل وأبقيتها تحترق طيلة الليل . حين عمَّ النور تمكنت من أن أتبين شيئ على بعد طويل في النهاية البعيدة من الجزيرة . كان الطقس مضبباً إلى حد ما ولم يكن مرقابي قوياً قوة كافية لأتمكن من أن أتبين ماذا كانت . خلال النهار نظرت إليها كثيراً , ولأنها لم تتحرك استنتجت أنها سفينة راسية بمرساة . كنت متلهفاً جداً , كما يمكنك أن تتخيل , لأكتشف المزيد عنها , وانطلقت في اتجاهها باقياً قرب الشاطئ . وأنا أقترب وجدت أن السفينة كانت قد تحطمت على الصخور . أي خيبة أمل شعرت بها وأي حزن على أولئك الذين فقدوا أرواحهم شعرت به ! فكرت : " أوه , لو أن واحداً من الرجال أو اثنين أُنقذ من هذه السفينة . كم هو جيد لو كان هناك رفيق أتكلم إليه . " طيلة الوقت كله الذي ظللت فيه في الجزيرة لم أشعر أبداً بالحاجة إلى رفيق إلى هذا الحد من الإلحاح كما شعرت الآن . كما لم آسف في السابق على عدم وجود أي شخص معي كأسفي الآن . بعد بضعة أيام مررت بتجربة حزينة في العثور على واحد من طاقم البحارة , ولد يافع , غريقاً على الشاطئ . في جيبه كانت توجد عملتان معدنيتان وغليون تبغ . أردت أن أزور حطام هذه السفينة . فكرت أنه من الممكن أن أجد شخصاً حياً على ظهر السفينة . حتى إذا لم أجد شخصاً حياً لم يساورني شك بأنه سيكون هناك أشياء ذات نفع لي يمكنني أن أحضرها معي إلى البيت . لكي أُعيد أكبر عدد ممكن من الحطام أخذت قاربي الكانو . كانت التيارات مناسبة وفي أقل من ساعتين وصلت إلى السفينة . كانت ذات مرة سفينة رائعة شُيِّدت في أسبانيا . استقرت الآن وقيدومها غارز بثبات بين صخرتين . كانت كلتا الساريتين مكسورتين وكانت المؤخرة كلها قد حُملت بعيداً . حين اقتربت من السفينة ظهر كلب , نبح وصاح , وحالما ناديت عليه قفز إلى البحر وسبح إلى قاربي الكانو . حين أوصلته إلى ظهر قاربي الكانو وجدت أنه كان جائعاً وعطِشاً جداً . أعطيته بعض الخبز وبعض الماء , أنهاهما كليهما بسرعة بالغة . بعد هذا صعدت إلى الحطام . كان أحد أوّل الأشياء التي رأيتها جسديْ رجلين غارقين في المطبخ . انطرحا حيث كانا قد سقطا وذراعا كل منهما حول الآخر . باستثناء الكلب لم يكن هناك أي شيء حي آخر على ظهر السفينة . كان كل الطعام قد تلف من ماء البحر . كل ما استطعت العثور عليه , مما فكرت أنه قد يكون نافعاً لي , صندوقان أخذتهما إلى قاربي الكانو . حين فتحت الصندوين فيما بعد وجدت في أحدهما بعض النبيذ والحلوى وعدداً من قمصان بيض , ومناديل وبعض الأوشحة الملونة . إضافة إلى هذا , كان هناك ثلاثة أكياس تحتوي على عملات معدنية فضية . لابد أنه كان هناك ما يزيد عن ألف قطعة عملة معدنية في المجموع . كان هناك أيضاً بعض قضبان ذهب صغيرة . واحتوى الصندوق الآخر ملابس . لم يكن لدي من نفع للنقود , لكنكم يمكنكم تخيل كم كنت مسروراً في أن أجد الملابس . الفصل التاسع روبنسون كروزو يكسب رفيقاً ذات صباح رأيت خمسة قوارب كانو في جانبي من الجزيرة . عرفت أن خمسة أو ستة رجال أتوا في كل قارب . لم أرد أن أتعامل مع ثلاثين رجلاً تقريباً , وهكذا عدت إلى بيتي واستعددت أن أدافع عن نفسي في حالة وقوع هجوم . حين لم يحدث أي شيء أخذت بندقيتي ومرقابي وتسلقت التل لأرى ما يمكنني اكتشافه عن المجموعة . رأيت أن هناك أقل من ثلاثين من المتوحشين وأنهم سبق وأشعلوا ناراً . كان لديهم سجينان في أحد قوارب الكانو . فكرت فقط بأنهما سيؤكلان بعد وهلة وجيزة . حتى بينما كنتُ أراقب , جُرَّ أحد السجناء من قارب الكانو وضُرب حتى فقد الوعي . على الفور بدأ اثنان من المتوحشين في قطع جسده بالسكاكين ويرمي قطع اللحم في وعاء فخار على النار . في أثناء هذا تُرك السجين الآخر لوحده إلى أن يستعد المتوحشين لقتله أيضاً . رأى أن لديه فرصة للهرب وبدأ , بعد أن قفز خارجاً من قارب الكانو , يجري بسرعة الرمال باتجاهي . كنت خائفاً جداً في البداية في حالة إذا ما طورِدَ من قبل المتوحشين كلهم . لكن , حين نظرت ثانية , رأيت أن ثلاثة متوحسين فقط يلحقونه . قبل أن يستطيع الوصول إلى بيتي كان يجب عليه أن يعبر الخليج . فعل هذا بسهولة كبيرة فقد كان سباحاً جيداً . ما إن عبر النهر استمر في الجري في اتجاه بيتي . استطاع اثنان فقط أن يسبحا واستدار الثالث ومشى ببطء عائداً على طول الشاطئ . سبح الآخران عبر النهر بأبطأ من السجين الهارب حتى أنه ابتعد عنهما طيلةالوقت. فيما كنت أراقب من التل خطرت ببالي فجأة فكرة . هذه هي فرصتي لا في إنقاذ الرجل المسكين فقط بل أن أكسب خادماً ورفيقاً أيضاً . نزلت إلى أسفل التل ووصلت إلى مكان بين السجين وملاحقيه الاثنين . حين وصل إلي المتوحش الأول أسرعت إليه وطرحته أرضاً بنهاية بندقيتي . لم أرد أن أطلق النار منها , لو أمكنني هذا , حتى لا يسمع المتوحشون الآخرون الطلقة ويهاجمونني . مع هذا عندما أتى المتوحش الثاني كان لديه قوس وسهم . سحب قوسه ليطلقه علي , وهكذا لم يكن لدي أي اختيار سوى إطلاق النار عليه . أطلقت النار وقتلته على الفور . خاف السجين المسكين من تجربته خوفاً شديداً إلى حد أنه وقف ساكناً . مع أنه رأى كلا عدويه يستقران على الأرض لم يتقدم ولم يرجع إلى الخلف . أشرت إليه ليقترب ففهم بسهولة . خطا بضع خطوات إلى الأمام ثم توقف ثانية . وقف مرتجفاً كأنه توقع أن أطلق النار عليه أيضاً . أشرت إليه كل إشارة تشجيع أمكنني التفكير فيها وابتسمت له . أخيراً تقدم مباشرة إلى وركع عند قدمي . قبّل الأرض أمامي وأخذ قدمي ووضعها على رأسه . أخذت هذه بأنها طريقته للقسم على أن يكون خادمي إلى الأبد . حين رفعته على قدميه بدأ يتكلم إلي . لم أفهم كلمة مما كان يقوله , لكنه كان من السار جداً سماعه . كان الصوت البشري الأول الذي سمعته منذ خمسة وعشرين سنة . بدأ المتوحش الأول الذي طرحته يستعيد قواه ويجلس معتدلاً . حين رأيت هذا سددت بندقيتي عليه كأنني سأطلق النار . أشار خادمي , كما سأدعوه الآن , إشارة لي . أراد السيف الذي تدلى من حزامي . حين أعطيته له جرى نحو عدوه وقطع رأسه وفصله عن جسمه . ثم وبابتسامة نصر جرى نحوي ووضع السيف ورأسه عند قدمي . لم يفهم كيف قتلت المتوحش الآخر من هذه المسافة . أشار إليه وأشار إشارات إلي بأن أسمح له بأن يذهب إليه . حين أتى إلى المتوحش بدا مرتبكاً جداً . أدار الجثة أولاً على جانب ثم على جانب آخر ونظر إلى الجرح الذي أصابته به البندقية . ثم جمع القوس والسهم وأعادهما إلي . استدرت لأبتعد وأشرت إليه إشارات بأن يتبعني . لم أرد أن أكون قريباً حين يأتي المتوحشون الآخرون بحثاً عن الرجلين الميتين . أشار خادمي لي بأننا يجب أن ندفن الجثتين قبل أن نغادر . بدأ العمل بسرعة وحفر حفرة في الأرض بيديه وجر الجثة الأولى أولاً . غطاها نهائياً ثم بدأ في حفر حفرة ثانية . عمل بسرعة كبيرة حتى أنه أكمل عمله خلال ربع ساعة . ثم أخذته إلى الكهف الذي وجدته في النهاية الأقصى من الجزيرة . هنا أعطيته بعض الخبز والزبيب وبعض الماء ليشربه . وجدت أنه كان جائعاً وعطشاً جداً . حين أنهى طعامه أشرت إلى بعض القش الذي له بطانية مفرودة على قمته . تمدد وسرعان ما نام . أظن أنه كان منهكاً تماماً من تجاربه . فيما هو يتمدد نائماً أصبحت قادراً على أن أنظر إليه بإمعان أكثر . كان جيد البنيان والمظهر مع رجلين مستقيمتين وقويتين . افترضت أنه كان في حوالي السادسة والعشرين . كان شعره أسود وطويلاً , ليس مجعداً كصوف . كان وجهه مستديراً , وكان أنفه صغير لكنه سمين , وكان له فم جيد جداً بشفتين رفيعتين . كانت أسناه الرائعة جيدة الوضع وبِيض كعاج . حين استيقظ بدأت أتكلم إليه وعلمته كيف يتكلم إلي . أولاً علمته أن يقول اسمه . دعوته جمعة باسم اليوم الذي أنقذته فيه . وعلمته أن يقول : " سيدي . " وتركته يعرف بأن ذلك سيكون اسمي . بقينا في الكهف طيلة الليل , لكن حالما حل النهار انطلقنا إلى بيتي . في طريق العودة مررنا بالمكان حيث كنا قد دفنا المتوحشين الاثنين . عمل جمعة كأنه يحفر مخرجاً الجثتين . بإشاراته بدا لي أنه يريد أن يأكلهما . غضبت غضباً شديداً وأخبرته أن يتقدم ويبتعد عنهما . قبل الذهاب إلى البيت صعدنا إلى التل لنتأكد تماماً من أن المتوحشين كانو قد رحلوا . سحبت مرقابي وبحثت في الشاطئ مدققاً . لم تكن هناك أي إشارة لأي من المتوحشين أو قواربهم الكانو . لابد أنهك كانو قد ذهبوا دون أن يزعجوا أنفسهم بالبحث عن رفيقيم الاثنين . هبطنا إلى الشاطئ وأتينا إلى المكان حيث كان المتوحشون . فيما أنا أبحث , غطس قلبي وارتجفت بما رأيت . كان الرمل أحمر من الدم وكانت العظام في كل مكان . وأخبرني جمعة بالإشارات بأنه كانت هناك معركة كبيرة بين قبيلته وقبيلة المتوحشين . كان هو أحد السجناء الذين أُخذوا خلال المعركة . أخذ المتوحشون سجناءهم إلى أماكن مختلفة ليُقتلوا ويؤكلوا . عند العودة إلى البيت فصلت بعض الملابس لجمعة . عملت له بنطالاً ومعطفاً من جلد الماعز . وخطت له طاقية من جلد أرنب بري . سُرَّ سروراً عظيماً بهذه الملابس وسرعان ما تعلم كيف يرتديها ويتجول في الأنحاء وهو يرتديها . في البداية نام في ملجأ أعددته له خارج السور الداخلي . أخذت السلم وكل البنادق إلى الداخل . لم يكن جمعة يستطيع الوصول إلي سوى بالتسلق فوق السور . كان هذا سيثير ما يكفي من الضجة لتوقظني . لكنني ما كان علي أن أقلق . ما كنت أردت خادماً أكثر حباً وإخلاصاً منه . كان سريعاً جداً في تعلم كيف يفهمني وأيضاً كيف يتكلم إلي . كان من السار جداً أن أجد شخصاً أتكلم إليه . بالمساعدة التي قدمها إلي جمعة أصبحت حياتي أسهل وأظن أنني كان يمكنني أن أقيم في الجزيرة إلى الأبد , لولا وجود المتوحشين . أعتقد أن جمعة كان سيعبدني ويعبد البندقية لو سمحت له بهذا . فلبعض الوقت لم يكن ليلمس البندقية بل يتكلم إليها كأنها تجيبه . عرفت فيما بعد أنه كان يطلب من البندقية ألا تقتله . يتبع ... |
#5
| ||
| ||
الفصل العاشر قارب كانو آخر يُبنى بدأت أبهج سني إقامتي في الجزيرة الآن . علمت جمعة أن يسخن الذرة ويخبز الخبز . خلال وقت قصير أصبح قادراً على القيام بالعمل كله تماماً كما استطعت أنا أن أقوم به . بدأ يتكلم جيداً تقريباً ليفهم أسماء كل شيء أردته . كان سروراً عظيماً لي أن أصبح قادراً على الكلام إلى شخص ثانية بعد كل هذه السنين . سألته عن مدى بعد البر الرئيسي عن الجزيرة وعما إذا كانت قوارب الكانو دائماً ما تضيع غالباً في البحر . بدا أن لديه فكرة ضئيلة جداً عن المسافات , لكنه أخبرني أن هناك خطراً ضعيفاً جداً وأن قوارب الكانو نادراً جداً ما تضيع . قال إن هناك , وعلى مسافة قريبة داخل البحر , تياراً وريحاً . في الصباح يتجه التيار في طريق واحد وفي فترة ما بعد الظهر يتجه في طريق آخر . من هذا فهمت أنه كان يتكلم عن حركات المد والجزر . أخبرني جمعة عن شعبه الذين دعاهم بالكاريبيين . قال أيضاً بأنه على مسافة طويلة وراء الشمس الغاربة , عاش رجال مثلي ببشرة بيضاء ولحى . قال جمعة : " إنهم يقتلون كثيراً من رجل . " افترضت أنه كان يتكلم عن الإسبان . فقد كانت قسوتهم في جنوب أميركا معروفة حتى في أوروبا . سألته : " هل ترى أن من الممكن الوضول إلى بلادهم ؟ " أجاب : " نعم , نعم , يمكنك الذهاب إليها في قاربيّ كانو اثنين . " بذلك عنى أن الإنسان يحتاج إلى قارب أكبر بحجم قاربيّ كانو اثنين . بدوري أخبرت جمعة عن شيء من قصتي . وصفت له حياتنا في إنجلترا وكيف أنني تركت وطني وأتيت إلى البحر . وصفت كيف تحطمت السفينة التي كنت أبحر بها . حين سمع هذا جمعة استغرق في التفكير . قال بعد بعض الوقت : " أنا أرى قارباً هكذا يأتي إلى قومي . " في البداية لم أفهم ما كان يحاول أن يخبرني به . ثم أدركت بأنه كان يقول بأن سفينة مثل سفينتنا كانت قد حطمتها عاصفة على شواطئ بلاده هو . وصفها لي ببعض التفصيل ثم أضاف شيئاً أثار اهتمامي إلى حد عظيم . قال : " نحن ننقذ رجلاً أبيض من الغرق . " سألت : " كم رجلاً أبيض كان هناك .؟ " عد على أصابعه ليريني أن هناك سبعة عشر رجلاً في المجموع . تابع جمعة القول بأن الرجال البيض كانوا لا يزالون هناك وظلوا يعيشون من شعبة لمدة أربعة سنوات . سألته لماذا لم يقتل شعبه الرجال البيض ويأكلونهم . أجابني : " عملوا أخاً معهم . شعبي لا يأكلون أي رجل إلا حين يشنون حرباً . " ذات يوم حين كان الطقس صافياً جداً كنت أنا وجمعة على قمة تل في الجانب الشرقي من الجزيرة . نظر جمعة عبر البحر واُثير جداً . دعاني إلى جانبه وأشار بأصبعه . قال : " يا للفرح , يا للفرح . هناك , انظر إلى بلادي . هناك قومي . " سألته ما إذا كان يحب أن يعود إلى شعبه مرة أخرى . أجاب : " نعم , سأكون مسروراً كثيراً لأن أكون عند قومي أنفسهم . " سألت : " ما الذي ستفعله هناك ؟ هل ستتحول إلى متوحش مرة أخرى , تأكل لحم البشر وتصبح متوحشاً كما كنت من قبل ؟ " " لا , لا , جمعة يخبرهم أن يعيشوا جيداً . جمعة يخبرهم أن يأكلوا خبزاً ولحم ماعز وأن يشربوا حليباً . لا يأكلون لحم رجلون ثانية . " قلت : " لماذا ؟ إذن من المؤكد أنهم سيقتلونك . " أجاب جمعة : " لا , هم لا يقتلوني . إنهم يرغبون في التعلم . " حين سألته ما إذا كان سيعود إلى شعبه , قال جمعة بأنه ليس لديه أية قارب كانو وأنه لا يمكنه أن يسبح بعيداً جداً إلى هذا الحد . وعدت أن أصنع قارب كانو له , لكن جمعة لم يرد أن يذهب وحيداً . استغربت : " لماذا ؟ سيأكلوني لو ذهبت معك . " أجاب جمعة : " لا , لا , إنهم لا يأكلونك . إنهم لطفاء معك كما هم لطفاء مع الرجال البيض الآخرين . " كان واضحاً أن جمعة أراد مني أن أغادر الجزيرة لأذهب معه لأنضم إلى قومه . بالرغم من هذا , فكرت أنه من الأفضل أن أبقى في الجزيرة وأن يذهب جمعة بدوني . حين أخبرته بهذا حزن حزناً شديداً جداً وابتعد عني . سرعان ما عاد بعد وقت قصير ومعه فأس . قال : " هاك , خذ . أنت تقتل جمعة . لماذا تُبعد جمعة عنك ؟ أفضل أن تقتله . " حالما قال هذه الكلمات رأيت في عينيه دموعاً . أخبرته حينئذ , وفي مرات عديدة فيما بعد , بأنني ما كنت سأبعده في الوقت الذي يريد هو أن يبقى . وجدت أنه يريد أن يعود للوطن وأنني يجب أن أذهب معه وأساعد قومه . قال : " أنت التعلم الرجل المتوحش ليكون أليفاً , تخبرهم أن يعرفوا الله , أن يصلوا إلى الله . أنت تعلمني خيراً , أنت تعلمهم خيراً . " مع أن جمعة لم يرد أن يتركني , قررت أن أبني قارب كانو آخر , وانطلقت في الأرجاء باحثاً عن شجرة مناسبة لصنع القارب . خططت أن أبني قارباً أكبر من قاربي الأول ووجدت بعض الصعوبة في الحصول على شجرة كبيرة تماماً , كانت أيضاً قرب الماء . أخيراً وجد جمعة شجرة , وبعد أن أسقطها , بدأنا في تجويفها . أراد جمعة أن يحرق داخلها , لكنني أريته كيف أفعل هذا بالأدوات التي كانت لدي . سرعان ما تعلم كيف يستعملها . في حوالي مدة شهر من الزمن أنهينا تشكيل قارب الكانو وأصبح جاهزاً لينطلق . استغرقنا أسبوعان آخران لجر القارب بوصة بوصة إلى الشاطئ إلى أن طفا في البحر . حين حلّ القارب في الماء رأيت أنه سيحمل عشرين رجلاً بسهولة . مع أن القارب كان كبيراً جداً استطاع جمعة أن يوجهه بسهولة تامة بمقذافه . مع هذا , خططت أن أضع سارية وشراعاً , ومرساة أيضاً . استغرقت هذه الأمور الإضافية حوالي شهرين لصنعها وتركيبها . إضافة إلى الشراع الرئيسي أضفت شراعاً أمامياً صغيراً , حتى أن قارب الكانو كان سيدور بسرعة أكبر في الريح . وصنعت أيضاً ذراع دفة , حتى يكون من السهل توجيهه . حين اكتمل هذا العمل كان علي أن أعلم جمعة كيف أبحر بالقارب . مع أنه كان خبيراً بالمجذاف , لم يكن يعرف أي شيء عن الإبحار بالشراع . خلال موسم المطر أبقيت قاربنا الكانو تحت السقيفة . أثناء وجود مد عالٍ سحبناه إلى أعلى لشاطئ . حفر جمعة حوضاً صغيراً كان كبيراً فقط ليستوعب القارب وعميقاً تماماً بالنسبة إليه ليطفو فيه . حين انحسر المد عن الشاطئ بيننا سداً عبر المدخل لتبقي الماء خارجه .؟ ثم غطيناه بفروع من الأشجار وهناك استقر إلى أن توقفت الأمطار . |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصة روبنسن كروزو......قصة حقيقية وجميلة جدا | كورابيكا12 | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 20 | 04-19-2010 03:47 PM |
عائلة العمدة متولى عبد الهادى (الحجارة)عمدة مدينة ارمنت والمراعزة | ابن اصول | خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية | 1 | 12-18-2009 01:20 AM |
كلواحد يحط صور وبغيرها للاحسن ١٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ | majnoon123 | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 22 | 05-14-2009 11:40 PM |
اغرب واجمل مدينة عائمة فى العالم | kنور | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 5 | 10-03-2008 03:42 PM |
عائلة عيون العرب(عائلة شريرة) | حاكم العشاق | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 331 | 01-16-2008 12:44 AM |