#126
| ||
| ||
الزهرة السادسة والثلاثون : زَهرَةٌ مِنَ الزُمُرُدِ. " بياتريس : أخيرًا ، وفي هذه اللحظة،، أصبحنا في قلب الشجرةِ العظيمة، صحيح، هُنا حيثُ تنمو غايتنا، ومن كان يتوقعُ أن نُخطأ في تفسير النبوءة خطأ واحد !، الا و هو أنها لم تكن فاكهة " التمعت عينا بياتريس الزرقاء السماوية لتهمس بذهول : إنها.. زهور. فتبعتها روبي تقول : ليس كذلك فحسب.. إنها زهور من الزمرد ! أما جوليا فقد كانت تحدق فيها بذهول و فاه شبه مفتوح، سارحة في عالم كما لو كان آخر تمامًا. " جوليا : لماذا... تبدوا هذه الزهور مألوفة ؟، آه.. صدري فيه شعور من الفراغ الدافئ، كحمل ثقيل لكنه ليس كذلك، قلبي ينبض بشدة، نبضات بطيئة، لكن قوية، كما لو أنه يحثني على الاستفاقة من حلمٍ ما... حلم ؟، بالحديث عن الأحلام.. كان لدي واحد غريب من قبل... حلم لازم طفولتي، بدا و كأنني أتطلع إليه في مكان ما في داخلي... لِمَ، أتذكر شيئًا كهذا الآن ؟، صوت ؟، إنه ينادي باسمي، جوليا، هذا ما يقوله.. صوت من كان مجددًا ؟" -: جوليرين !! شهقت المعنية بخفة و تراجعت بجزءها العلوي إلى الخلف ماكان أقل من إنش فهمست : أه !، هل من خطب ؟، روبي تشان... زفرت الأخرى بقلة حيلة عاقدةَ حاجبيها لتقول : هل من خطب ؟، أتمزحين معي ؟، الزهور !، الزهور !، علينا قطفها لنتمكن من الدخول إلى الداخل ! ابتسمت جوليا و قالت بذهنٍ مشتت : آه !، صحيح !، آسفة شردتُ قليلًا... كانت زهورًا جوريةً في ذروةِ تفتحها، حجمها كبير فتملأ كفي اليد مجتمعين و لونها أخضر زمردي زاهٍ و لماع، تتدلى من الأغصان الألماسية شبه المتبخرة من خلال خيطٍ أبيضَ رفيع من نفسِ المادة عند نصفه العلوي ثم ينحدر ليصبحَ زمرديًا قرب الزهرة، أما وسطه فقد امتزج ألماسًا و زمرد، قربت بياتريس كفي يدها من بعضهما كالكأس ثم رفعتهما إتجاه الزهرة و ما لبثت أن تقترب منها حتى انقطع الخيط تلقائيًا مخلفًا ورائه صوتًا خافتًا و لمعانًا خفيفًا نمّ عن تطاير بعض قطعه في الجو لتستريح الزهرة عند كفيها سعادة طفولية ارتسمت على محياها و ابتسامة عريضة دافئة هيمنت على شفتيها لتهتف : لقد فعلتها !، لقد فعلناها ! ابتسم لها البقية و الذين حصلوا على زهرتهم تمامًا مثلها فتمتم هاري : تمت المهمة ! فتحَ حقيبته بعد سطره ذاك مباشرة و أخفى زهرته داخلها ليدس البقية زهراتهم في نفسِ الحقيبة تحت نظرات الأول المندهشة قال مندهشًا : لكن لِمَ- فقاطعته جوليا : لماذا ماذا ؟، حسنًا و بكل بساطة نحن نعتمد عليك ! هاري : و ؟، أعني.. ما المناسبة ؟ طوقت جوليا رقبته بذراعها وخصرت ذراعها الأخرى تنظر نحو الخمسة البقية : انظر حولك !، جميعنا حفنه من الصاخبين مسببي المتاعب !، لو كانت في حقائبنا لتحلولت إلى ألف قطعه بكل تأكيد !، و هنا مهمتك في رعايتها من أجلنا بما أنك الأهدأ هاري : وماذا عن القائد ؟ ضحكت جوليا بصخب ثم أردفت : راي تشي هو الأكثر خطرًا !، بما أن مار ملتصق به كما تعلم ! تذمر ماركوس قائلًا : مهلًا أتمت الإشارة إليّ بالسوء توًا ؟! جوليا : هذا لأنه صحيح عزيزي مار !، أنتَ و بكل بساطة كارثة متنقلة أجل ! هتف بها منزعجًا : هيي !!! و هنا انفجرت بياتريس ضاحكة بصخب هي الأخرى فأردف الأول : حتى أنتِ بياتشان !، جميعكم أشرار ! ابتسامة خفيفة رسمت على شفتي راين و هو يحدق ببياتريس، جوليا و ماركوس، و بالأخص بياتريس دون أن يشعر تحول لوكي الذي يقف قربه إلى سنجاب ثم قال ساخرًا : هوووه، يبدو أن أحدهم قد بدأ يبتسم كثيرًا في الآونة الأخيرة ~ أجفل راين فزعًا ثم التفتَ إلى لوكي و كاد ينهال عليه بالشتائم لولا هيأته السنجابية اللطيفة فتذمر قائلًا راين : أقسم أنكَ أكثر مكرًا من الشيطان نفسه ! فضحك المقصود ساخرًا : نياهاهاهاها روبي التي كانت تستمع إلى كل هذه الفوضى بدأ حاجبيها المقطبان بالرفرفة غضبًا لتقول كابتةً إياه : إذًا ؟، و كيف تنوون النزول يا سادة ؟ التفت راين نحوها سريعًا ليوافقها قائلًا : صحيح !، داخل الشجرة هو مكان مجهول و على الأرجح فهو خطر أيضًا !، لذا علينا توفير ما نستطيع توفيره من المانا إلى حين ندخل، و بالتالي لا يمكنني إنزالكم كما صعدتُ بِكم... حوط هاري ذقنه بإصبعيه الإبهام و السبابة قائلًا بجدية : ماذا عن القفز الحر ؟ تسائلت بياتريس ببلاهة : ايه ؟ ليبتسم ماركوس ببلاهة بدوره فسأل : تمزح صحيح ؟ ابتسم هاري بهدوء ثم قال : يمكننا الهبوط حتى منتصف الطريق ثم يقوم القائد بتخفيف سرعتنا برياحه حتى نهبط بسلام ! فجأة اجتاح بياتريس الحماس لتهتف تزامنًا مع جوليا : موافقة !!، الأمر يبدو ممتعًا بحق !! نظر لها راين بذهول و فاه مفتوح فهو كان على وشك الرفض توًا بينما قالت روبي : جوليا محبة للأمورِ الغريبة لذا يمكنني تقبل حماسها لكن بياتريس !، حقًا ما كان عليّ أن أتركك تقضين وقتكِ معها ! تنهد راين مغمضًا عينيه ثم ابتسم قائلًا : إذًا ؟، أية اعتراضات ؟ ساد الصمت تمامًا فأردف بجدية : أأنتم متأكدون ؟، أنتم تضعون حياتكم بين يدي شخص التقيتم به قبل شهران فقط ! ضحكت جوليا بصخب و خصرت ذراعها اليسرى بينما أخذت تضرب ظهر راين باليمنى بقوة قائلة : هاهاهاها، ما الذي تقوله يا رجل !، أولم نفعل المثل عند صعودنا ؟!، أعني كان يمكنك التوقف عن رفع ذلك الشيء في أي لحظة و الإكمال بمفردكَ لا ؟! لا تقل لي أنكَ لم تدرك الأمر حتى ؟!!! حدق راين بها بتفاجئ و قد كان واضحًا عليه الإدراك توًا فحدّثَ أليكسي نفسهُ قائلًا : بربكَ راين !، أقسم لكَ أنكَ أحمق ! توقفت جوليا عن الضحك بينما حافظت على ابتسامتها و نظرات التفاجئ لا تفارق عينيها لتقول بارتباك : مهلًا.. أحقًا لم تلاحظ ذلك ؟ أشاح راين بوجهه إلى الجهة الأخرى و ردّ مرتبكًا : لا.. ليس كذلك.. إ.. إنه فقط.. الأمر هو... تمالك نفسه ليهتف : عـ على أي حال، لا نريد تضييع الوقت لذا.. فلننطلق.. اقتربت بياتريس لتقف قريبًا من لوكي فابتسمت و قالت بهدوء : راين حقًا شخصٌ جيد.. أتسائل لِمَ يبدو و كأنه يعتبر نفسه شخصًا سيئًا... فردَ لوكي موافقًا : معكِ حق.. إنه طيب لحد الغباء !، لا اعلم حتى كيفَ شككتُ بهِ في بادئ الأمر ! أحنت رأسها إلى الجانب متسائلة : عمّ تتحدث ؟ فردّ بمرح : لا !، لا شيء البتة ~ اتجه لوكي إلى حيث الجميع حيث كانوا يستعدون للقفز و لحقته بياتريس، راين الذي أخذ نفسًا عميقًا إستعدادًا لذلكَ لمحَ ماركوس قربه فابتسم بتعالٍ ليدفعَ الآخر فجأة، أما ماركوس فدون أن يدركَ ماذا حصل وجد نفسه في الهواء و الرياح تلفحُ ظهره و تضغط عليه بقوة فهتف ماركوس : لِمَ فعلت ذلك !! حوطَ راين فاه بكفاه ثم هتف : من أجل أن لا تنعتني بالسنجابِ ثانيةً ! ليهتف الآخر بإنزعاج : أمازلت تذكر الأمر ؟، كما أن روبي هي من نعتتكَ بهذا !! ابتسم راين ثم رد : و أنتَ من بدأ الموضوع ! ماركوس : ماهذا المنطق بحقك راين !! قهقه راين بصوتٍ مرتفع ثم قفز ليتبعه البقية |
#127
| ||
| ||
الزهرة السابعة والثلاثون : negro Venus - الزَهرة السوداء حيث كان أبطالنا يعبرون السلسلة الجبلية المؤدية إلى وادي الشجرةِ العظيمة، و في مكانٍ مختلف تمامًا لم يعرف له موقع أو زمان، في تلك الغرفة ذات الأرضية و الجدران الطينية بنية اللون، تلك العواميد الداعمة التي انتشرت يسار ؛ يمين تلك السجاد الحمراء التي توسطت الغرفة، و.ذلك العرش أسود اللون نهايتها ذو الجماجم الحمراء الذي تستريح فوقه هيَ بكل كبرياءٍ و ترفع، حيث أسندت مرفقها يد عرشها و خدها إلى قبضتها المرتخية و تلك الابتسامة الواثقة ؛ الماكرة ؛ الفائضة بالكبرياء ترتسم على شفتيها، و حيث وقفَ أمامها أربعة شبان بان على أحدهم الاستياء و من الصعب تمييز ملامحه، بينما الثلاثة الآخرون يستمعون إلى مايجري بهدوءٍ شديد، كان أحد هؤلاء الثلاثة بشعرٍ أبيض طويل عند المقدمة و بقصةٍ رجالية عند مؤخرته، عيناه حمراوتان و جفناه مرتخيتان تبينان مللًا للمقابل على عكسِ الشوق الذي يحترق داخله في هذه اللحظة، آخر بشعرٍ فضي مال إلى الرمادي أكثر، بقصة شعر متوسطة فلا هي طويلة أو قصيرة و تسريحة مبعثرة بالكامل، عيناه حمراوتان فقط كالواقف قربه بنظراتٍ مستمتعة و شبح ابتسامة على شفتيه، أما ثالثهم فقد كان بشعرٍ ذهبي طويل حتى رقبته تمامًا كعينه اليسرى ترك الجزء السفلي منه منسدلًا بينما رفع أعلاه، عينه اليمنى بنفسجية ببؤبؤ شبه متطاول يستمع إلى الحديث من حوله بكل اهتمامٍ و جدية صرّ الغاضب على أسنانه بقوة فإن انكسرت لن يكون أحدٌ متفاجئًا أبدًا لشدة ضغطه عليها همس بصوتٍ مترنح حاول أشد ما يملكُ أن يكبتَ ما في داخله من غضب حينَ نطق به : إذًا.. أنتِ تقولين أن شخصًا كهذا يقوم باستغلالهم ؟... لترد عليه ملكة العرش بهدوء : هذا ما قلته بالضبط... شددَ على قبضته محاولًا بذلكَ تمالكَ أعصابه فأخفض رأسه مطأطئًا إياه و حدقتا عيناه الخضراوتان المائلتان إلى الصفرة بشكلٍ كبير متسعات على آخريهما ترتجفان بشدة فهمس لنفسه : لكن.. هذا مستحيل.. أمر كهذا.. يستحيل أن.. يكون صحيحًا... رفع رأسه هاتفًا في وجهها : و لِمَ عليّ تصديقُ ما تقولينه حتى !! تفاجأ أشقر الشعر و قطب حاجبيه ثم هتف به بسخط : إياكَ و الصراخ في وجه ملكتي !!! التفتَ المعني إليه بنظرةٍ ساخطة تأججت غضبًا بينما أغمضت ملكة عرشها عينيها الحمراوتين و رفعت كفها الأخرى في الهواء طالبةً من أشقر الشعر التوقف قالت : لا بأس زاك.. اهدأ التفت إليها أشقر الشعر المدعو بزاك هاتفًا برجاء : لكن إيلينا ساما ! نظرت إيلينا إلى الآخر ثم قالت : التصديق من عدمه حريتك الشخصية ، أتظن أني سأكذب عليك ؟، لماذا ؟، نحن قد التقينا توًا حسب حد علمي ؟ فأجابها المقصود : و كأن ملكة النيغرا فينوس تملكُ سببًا للكذب *نيغرا فينوس : الزهرة السوداء ضحكةٌ مكبوتة هربت من بين شفتيها لتليها أصوات ضحكتها العالية، استمرت تضحك بضع وقت ثم هدأت أخيرًا لتردف باستمتاع : أنتَ حقًا تُعجبني !، لكن... أكملت بنبرة شابها القليل من السخرية : اطمئن #####، مصالحنا متبادلة، أنتَ تحررُ أُسرتكَ من قبضته و أنا احصل عليه حيًا !، بالتأكيد، لا أهتم سواء كسرت بضع أضلاع أو بترت بضع أطراف.. أخذَ نفسًا عميقًا محاولًا بذلك تهدئة نفسه ثم قال بهدوء : حسنًا.. لكِ ذلك !، لكن.. حسبَ حدِ علمي فهو قوي جدًا حتى الزعيم لم يقدر على هزيمته ؟، ما الذي يدفعكِ للاعتقاد أنني ساهزمه ؟ إيلينا : إن كُنتَ قلقًا من هذه النقطة فاطمئن !، لوكا، سيلفر، زاك.. يُمكِنُكَ استخدامهم كما تشاء. هُنا ارتسمت ابتسامة على شفتي كل من أبيض و فضي الشعر بينما زادَ انزعاج ذهبيه فقال رابعهم و الذي هدأ توه أو هذا ما يظنه الجميع : إذًا.. أنا عائد إلى غرفتي.. إيلينا : أمنحُكَ الإذن لذلك.. التفَ المعني إلى الخلف خارجًا من الغرفة فتوقفَ قليلًا حينَ أردفت : أتوقعُ منكَ الكثير، #####... أغمضَ عينيه دون إجابة و استكمل سيره خروجًا من المكان و فقط حينَ أغلق الباب انحنى كل من أبيض الشعر و فضي الشعر لها جاثيان على إحدى ركبهما ثم قالا : ونحن نستأذنُ جلالتكِ أيضًا.. إيلينا : أجل... خرجَ الاثنان بدورهما ليهتفَ ذهبي الشعر معترضًا : لا أستطيعُ تقبلَ ذلك إيلينا ساما !، لماذا تخاطرين بالقيام بأمرٍ كهذا !، يمكننا استخدام سحري فقط ! فأجابته : حسنًا حسنًا اهدأ، زاك.. الأمر لا يستحق منكَ كل هذا الغضب... سيكونُ ممتعًا أكثرَ إن قامَ بالأمر بارادته الحرة، عندها فقط.. سيتحطمُ تمامًا ! زاك :... أردفت إيلينا : و أيضاًا... لا بأس بعدم مناداتي بهذه الرسمية زاك، أعني نحنُ وحدنا تمامًا الآن.. أخذ نفسًا عميًٌا و زفر مغلقًا عينيه ثم قال بقلة حيلة : إذًا، إيلينا، ألم تكوني على وشكِ زيارة غوبر أو أيًا يكن إسمهُ ذاك قبل اقتحام ذلك الأحمق للمكان ؟ انتفضت من على عرشها قائلةً بدهشة : اوه لقد نسيت !، شكرًا على تذكيري زاك !، إذًا !، نكملُ نقاشنا في وقتٍ لاحق. في البناءِ ذاته و في غرفةٍ مختلفة، يستلقي صاحب الجسد الضخم على ذلكَ السرير الفاخر ذا اللون الأسود و البرتقالي بهدوءٍ و سكينة، و لم يمضِ وقتٌ طويل حتى فتحَ عيناه الخضراوتان كالعشب الزاهي فاستقبله صوتٌ أنثوي عذب قائلًا +: استيقظتَ أخيرًا ؟، غوبر... جالت أنظاره في المكان تبحث عن مصدر الصوت و ما إن وقعت عليه حتى همّ ينهض سريعًا غير أن جسده لم يسعفه في ذلك، و حتى منتصف الطريق صاعقة سرت في جسده لينهض بتباطؤ هامسًا بصعوبة : جلالتكِ... أغمضت عينيها قائلة : يُمكنكَ ملازمة سريركَ.. فجراحُكَ قاتلة فعلًا.. سكتَ ليستريح على سريره مجددًا ثم قال بنبرة امتلأت بالندم : أشد إعتذاراتي عن هذا.. جلالتكِ.. إيلينا : لا عليك... لكن.. هو كانَ أقوى مما توقعنا حقًا.. أعني، كان مصابًا بجراحٍ قاتلة و المانا الخاصة به قد شارفت على النفاذ، و مع ذلكَ كان قادرًا على تلاوة تعويذة بهذه القوة... حقًا.. لقد أمسيتَ قويًا فعلًا... راين.. سألَ غوبر بتعجب وتردد : ملكتي.. مستحيل أن تكوني... أغمضت عينيها و نهضت مقاطعة إياه بسطرها : خذ قسطًا وافرًا من الراحة غوبر... ربما تكون هذه آخر راحة تأخذها في حياتك كما تعلم... اغلقَ المقابل عينيه بهدوء و صمت شديدين حتى خرجت من الغرفة فتمتم لنفسه قائلًا : بعبارةٍ أخرى.. أي فشل آخر سيقابله الموت.. هاه... حقًا.. يالكِ من امرأةٍ قاسية... إيلينا زيس.. - في مكانٍ آخر - في تلك القلعة غريبةِ الطراز ذاتها، و في ذلك الممر ذاته و المؤدي إلى ذات ذلك المكتب، سارت حمراء الشعر قصيرته و العينان البنفسجيتان الواسعتان ترفعُ ثوبها الأسود الحالك ذو الريش الأحمر عند ياقته مفتوح الظهر فلا يغطيه سوى قطعة قماش أحمر شبه شفافة، تنسدل ابتداء من وركها قطعة قماش حمراء من الستن شبه الشفاف ملتفة من الجانب و حتى الخلف إلى الجانب الآخر تاركةً منتصف الجزء الأمامي من فستانها غيرَ مغطى و تنسدل على الأرض متجاوزة طول فستانها، حذائها العالي أحمر اللون يصدر صوتَ نقرٍ تعالى وقعه في أرجاء الممر، و دون سابق انذار إقتحمت تلك الحجرة لتقف أمام ذلك المكتب نفسه تنظر لمن يجلس خلفه بغضب فقال العجوز بصوته العتيق المهيب بينما يرتشف من شايه القليل ويثبت نظراته على الكتاب في يده الأخرى : أولًا لوكا و الآن أنتِ.. لا أذكر أنني ربيتكم على اقتحام غرف الغير و خصوصياتهم بقلة ذوق و أدب.. روزماري... فردت روزماري بهدوء محاولةً كبت غضبها : و ربيتنا على عدمِ السكوت لمن يهدد سلامتنا و مطالبته بالتفسيرات.. أبي.. أغمض عينيه متنهدًا بقلةِ حيلة ثم وضع فنجانه جانبًا لينظر إليها قائلًا : ما الأمر هذه المرة ؟ بدأ صبر روزماري ينفذ فقالت بنبرةِ صوت مترنحة : أحقًا لا تدركُ ماذا فعلتَ أبي ؟! رفعَ الأبُ حاجبه الأيمن مستنكرًا ثم قال : لم أفعل شيئًا يغضبكِ على حسب حد علمي ؟.. روزماري : احقًا !، أتحاول القول أنكَ لم ترسل رِجالكَ لقتل أخي الأكبر ليلة أمس ؟ ضَحِك الأب بصوت عالٍ مستنكرًا ثم قال : و لِمَ قد أقوم بقتل ابني ؟، حَبسهُ داخل هذه القلعة سيكونُ أكثرَ مِن كافٍ !! هتفت بنبرةٍ منكسرة : و من بحق خالق السماء أرسلَ ذلكَ المدعوَ غوبر و المرأة إيلينا للتخلص منه ليلة أمس !! سقطَ فنجان الشاي من يد مقابلها ليغمر الأوراق فوق المكتبِ بلونه البرتقالي المائل إلى الحمرة وقد هيمنت الدهشة على ملامحه فقال بتوتر : ماري، إياك و لفظ اسم هذه المرأة مرةً أخرى !، ستورطين نفسكِ في ما لا أقدر على أن أخرجكِ منه !، لكني أقسم لكِ أني لم أرسل أحدًا غيركِ و أليكسي و لوكا للتقرب من أخيك !، دعي كل شيء لي و أعدك كل شيء سيكون بخير ! تجمعت الدموع في عيني روزماري لتقول بصوتٍ مهزوز : أتعدني أبي ؟ فنهض والدها عن كرسيه متوجها نحوها ليعانقها ماسحًا على شعرها : أقسم لكِ باسم لويدغير ديستيلا !، لن يلمس أحدٌ أخاك و ابني ما دمتُ أنا حيًا ! |
#129
| ||
| ||
الزهرة الثامنة و الثلاثون : أبصرت شمسًا داخلَ شَجَرة. " بياتريس : وقفنا أمام الشجرةِ العظيمة كلٌ يمسكُ زهرته بين يديه، ننظر نحو الباب الياقوتي بهدوءٍ و ترقب، في هذه اللحظة أنا.. كل ما يشغل تفكيري هو أنني اقتربت أكثر من هدفي، القرية الأسطورة، فلوريس بيوبلو.. و بكل تأكيد.. الجميع يفكر في الأمر ذاته !، لحظة صمتٍ مرت و كأنها دهر، و في اللحظةِ الأخرى كل منا ينظر إلى الآخر مومئين لبعضنا إيجابًا، ثم نخطو خطوةً إلى الأمام معًا، مددنا أذرعنا إلى الباب إذ بسبع سُفُلٍ تُنقشُ بشكلِ زهرةٍ على البوابة فترتفعُ إليها زَهراتنا لتستريح كُلٌ في سُفُل، كُلٌ ألصقَ كفهُ على ملساء الباب إذ بهِ صلبٌ بارد تسلل إلى طرفنا، دفعناه معًا ليتضخم في أعيننا ذلكَ النور الذهبي من الجانبِ الآخر... فتحتُ عَينيّ بعد بضع ثانيةٍ غير أني عجزت عن فتحِ أكثرَ من منتصفها، أخذت أطرفُ بهما بضع مرةٍ ببطءٍ و روية بينما ما تزال رؤيتي مشوشة، لم يمضِ من الوقتِ الكثير حتى تركتهما تتسعان على أوسعهما و أنا أنظر إلى ما حولي بدهشةٍ عارمةٍ أججت في قلبي نارًا و حَلّقت حولها الفراشات، هو فقط لم يكن شعورًا سيئًا البتة بل و على العكس !، ألوانٌ زاهية خلابة تحيط بي من كل ركنٍ و زاوية، كان كما لو أنه برجٌ طويل طويل بلا نهاية، مستدير الجدران أبيضها و تتحلق حولها أسوار من الذهبِ الخالص المرصع بشتى أنواع الجواهر فصل بينها ما بين خمسين إلى ستين مترًا مرتفعًا، نباتاتٌ غريبة الشكل منها الزاحف و منها الطحلب أو المتسلق و حتى ماهو أشبه بالزهور أو ما بينها و بين الفطريات تكتسي لؤلؤ الأرض و تتسلق بعض الجدران الملساء، سُلمٌ زجاجي بسورٍ من الياقوتِ الأزرق فكان الأول شفافًا بالكامل و الآخر شبه شفاف يتلولب حول عمود فيروزي تركوازي اللون صافيه و أملس، و الأهم من كل ذلك، تلك السماء الزرقاء الصافية من كل غيمة عدا بضع وحيدة تخللَ أبيضها أزرقًا و آخر، تلكَ الشمس الساطعة أقربُ إلى البياض منها إلى ذهبي و أصفر تتوسط مركزها تمامًا " عيناها السماويتان المتسعتان تلألأتا بريقًا بقوة حتى بدوتا و كأنهما غارقتان في الدموع، شفتاها اهتزتا بخفة بضع مرة ثم همست و كأنها تحاول تأكيد الأمر لنفسها : أستطيع الرؤية... انتفض جسدها فرحًا لتعانقَ كُلًا من لوكي و راين هاتفةً لهما : لوكي !، راين !، أنا أستطيع الرؤية !! دُهش الجميع من وقعِ جملتها على مسامعهم و بالأخص راين الذي اكتست الحمرة وجهه و أمست عيناه تلمعان بشدة، و لعله كان محظوظًا بكتفِ بياتريس التي حَجبت تعابير وجهه عن من حوله، ابتعدت الأولى ليحاول الأخير تمالك نفسه بإشاحه وجهه إلى الأرض بينما هي لا تزال ممسكةً بمؤخرة عنق كليهما ثم ما لبثت أن فردت يداها في الهواء تدور حول نفسها هتفت : السماء زرقاء !، الشمس بهذا السطوع الفاقع !، الألوان مشرقة !، العالم بهذا الجمال فعلًا !! قالت روبي مستغربة : ما هذا الذي تفعلينه ؟، بياتشان... الأهم هو ما الذي تقولينه ؟ عندئذٍ فقط توقفت بياتريس عن الدوران لتظلم عيناها فتطأطأ رأسها حزنًا، استمرت بالصمت بضع لحظة و كذلك من حولها هَمسَ لوكي لراين : ما رأيكَ لو تدعمها قليلًا ؟ فزفر الأخير بضيق هامسًا للأول : و بأي حقٍ أفعل ؟، أنا.. لا يحقُ لي اخبارها بالبوح بما تخفيه بينما أنا أعجز عن فعلِ ذلك... أغمضت بياتريس عينيها وهمست بصوتٍ مهزوز : أنا آسفة... فردّت روبي باستنكار : لا و لكن كما كنت أقول علامَ ؟ تشبثت قبضتاها بتنورتها و ضغطت عليها بقوة لتقول : أنا.. أنا خدعتُ الجميع... سكتت لتردف بصوتٍ أكثر اهتزازًا و اختناقًا : لكن أقسم أنني لم أكن أقصدُ ذلك !.. أنا.. أنا فقط.. أمسكت جوليا بكتفي بياتريس لتقول مطمئنة إياها مع ابتسامةٍ لطيفة : لا بأس بياتشان.. جميعنا معكِ، اهدأي و اشرحي لنا الأمر بشكلٍ صحيح حسنًا ؟ أومأت بياتريس إيجابًا لتهمس بمرارة : أجل.. ما عادت قدما الأخيرة تحملانها فجثت على ركبتيها مطأطأة رأسها لتقول : في البداية، عند لقائي بغوبر سان.. لم أستطع النطق بحرفٍ واحد خوفًا من أن يتركني خلفه... خلتُ أنني إن أخبرته فإنه لن يأخذني معه لأني سأشكل عائقًا أمامه.. لذا أنا فقط التزمتُ الصمت.. و حتى بعد خروجنا من مقبرِة الجشع.. لقد كُنت قد التقيت بالجميع لتوي فقط، خلتكم ستتخلون عني إن أخبرتكم.. لكن.. أنتم جميعًا أشخاص جيدون تمامًا، عندما وعيت على هذا الأمر.. صار اخباركم أصعب و أصعب.. لدرجةِ أنني لم أعد أعرف ماذا أفعل.. و في النهاية.. أنا فقط... التزم الجميع الصمت بعدها لينظروا نحو لوكي و راين اللذان يقفان خلف بياتريس بهدوء فأكملت الأخيرة : أنا... لا أستطيع الرؤية نهارًا.. صمتٌ قاتل أطبق على المكان كان لهُ ضجيج أشدُ صخبًا من سابقهِ فابتسمت لها روبي بارتباك و قالت : مهلًا بياتريس.. ما الذي تتفوهين بهِ ؟، أأنتِ بخير ؟ لكن المقصودةَ آثرت الصمت على الكلام مما دفع الجميع إلى الارتباك نظرت روبي إلى راين ثم قالت مستنكرة : أنتَ كنتَ تعلم ؟، راي... أغمض راين عيناه بهدوء ثم أجاب : أجل، أعلم... روبي : هاه ؟!، و كيفَ تعلمُ حتى !، لماذا لم تخبرنا !! شهقت بياتريس استعدادًا للكلام لكنَ راين قاطعها قائلًا : في مقبرةِ الجشع.. حوصرنا معًا و ظننا أنها نهايتنا.. و إنقدنا إلى هذا الأمر عن طريق الدردشة.. كما أنه.. لا أظن أن لديَ الحقُ للافصاح عن سرها كما يحلو لي ؟ بياتريس : آسفة.. أنا فعلًا آسفة... هَمت روبي بإحتضانها لولا كون جوليا سبقت الأولى بضربها جبين بياتريس هاتفة جوليا : حمقاء !، لا أصدق أن هذا هو سببكِ لإخفاء الأمر ! فنظرت لها بياتريس بعيونٍ متسعة و نظرات طفولية بينما تمسك جبينها بكلتا يديها فأكملت الأولى بعد أن ابتسمت لها بدفء : مهما كانت ظروفكِ.. نحن سنتقبلك دومًا كما أنتِ !، بياتريس.. استدارت عيناها إلى دوائر مغرقة بالدموع و أمست ترتجفُ بطفولية لتقول : جـ جوليرين.. لتهتف روبي موافقةً لجوليا : هذا صحيح !، انظر إلى ماركوس !، حتى مع أنهُ احمق إلا أنه يبكي بالفعل ! أمسكَ ماركوس بكلتا يدي بياتريس ليقول و الدموع في عينيه : لابد و أن هذا كان صعبًا عليكِ !، لكن لا بأس بياتريس تشان !، نحن جميعًا معكِ حسنًا !! أومأت بياتريس برأسها إيجابًا بضع مرة بسرعةٍ و ارتباك فقالت : أ أجل ! حدّثَ أليكسي ذاته قائلًا : إنها فعلًا طفلة لا ؟، ماتشان.. ~ تغيرت نبرته الداخلية إلى القلق فأردف : ماتشان ؟.. جوليا : إذًا السبب في ذهابكِ إلى قرية الزهور هو من اجل استرداد بصركِ أيضًا ؟ أومأت بياتريس بالإيجاب لتجيب : أجل.. فسأل هاري : لكن، ما السبب الذي يدفعكِ إلى فقدان بصركِ نهارًا في المقام الأول ؟ بياتريس : هذا ما لا أعرفهُ بنفسي أيضًا... ابتسامة ماكرة زينت شفتا روبي لتقترب من بياتريس و تقول بمكر : هيي، بياتشان.. من ضمن تلك الأحاديث في مقبرةِ الجشع، يستحيل أن تكونا قد تحدثتما عن أسباب توجهكما إلى القرية لا ؟ فردت بياتريس بتردد و ارتباك : لـ لقد فعلنا، لِمَ ؟ حدثَ راين نفسهُ قائلًا : أشمُ رائحة لا تعجبني هنا.. روبي : إذًا إذًا.. هذا مستحيل لكن.. أتعرفين السبب الذي يدفعُ راي تشي للذهاب أيضًا ؟ فهتف راين داخليًا : كما توقعت !! وضعت سبابتها قرب شفتيها بتساؤل بينما تنظر في اتجاه الساعةِ الثانية فقالت : على ما أذكر فالأمر متعلق بطفلة تدعى سارا تشان أو شيء من هذا الـ - قاطعتها حمحمة راين الذي قال : بياتريس تشان، أظن أن هذا يكفي ! ابتسمت بياتريس مرتبكة و ازدردت ريقها لتسكت مجبرة فقالت روبي بنبرةٍ مستفزة : هووه راي تشي أسكتَ فتاةً ما إجبارًا توًا ~ فنهرتها بياتريس مرتبكة : توقفي روبي رين !، عندما يضع راين لقبَ احترام خلفَ اسمِ أحدهم فهذا يعني أنه غاضب بحق !، و هو مخيف عندما يغضب... - في مكانٍ آخر مجهول تمامًا اجتاحه السواد همست امرأة ما من بين شفتاها التي تزينت سفليتهما بأحمرٍ فاقع : هذا هو الأمر إذًا.. كانت تجلس على كرسيها ذو الإطارِ الذهبي و القماش الأحمر المحشو بالإسفنج تراقب تحركات راين و من معه عبر بلورتها السحرية فأردفت قائلة : و الآن، لنرى ما لديكم، لنرى ما لديكِ.. جوليا... |
#130
| ||
| ||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخبارك الرواية جميلة جداً الصراحه انت مبدع ماشاءالله good1 واصل بالتوفيق |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية فتيات الزهور | روزماري | روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة | 69 | 02-25-2017 01:41 AM |
رواية الزهور الذهبية (لعنة الحب تنتقل عبر الأجيال) | فارديا | روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة | 11 | 09-30-2015 12:51 PM |
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية | florance | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 02-26-2014 02:28 PM |
رواية نور الكون رواية جديدة من روايات سعوديه رواية نور الكون | الحب الساكن | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 13 | 07-03-2011 03:30 PM |
لمحبي الزهور......مدعويين لكرنفال الزهور....روعة في التصميم..... | samir albattawi | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 24 | 09-12-2007 08:57 PM |