#146
| ||
| ||
الزهرة التاسعة و الأربعون : دَوافِعٌ دونَ إثباتٍ. " راين : بقيتُ أُحدقُ بهِ بدهشةٍ عارمةٍ دونَ أن أقوى على نطق كلمةٍ واحدة... لا أدري أ أردُ على اتهاماتهِ التي لا أساسَ لها أم أقومُ و ألكمهُ ليعودَ إلى رشدهِ فقط... فكرتُ بذلكَ حقًا لوهلةٍ لكن تبخرت كل أفكاري عندما استطرقَ للحديثِ عن القرية، أليسَ هذا ما حدثَ في الماضي ؟، كيفَ استطاعَ أن يعلمَ بأمرٍ كهذا بحقِ خالقِ السماء !!، إنهُ محقٌ بشانِ كُلّ كلمةٍ قالها، لقد كُنتُ السببَ في مقتلهم و تدمير سعادتهم... أنا خُنتُ سارا و إدغار... إذًا ألديّ الحقُ في الاعتراض حقًا ؟!، من أنا و بأي حقٍ أفعلُ ذلكَ ؟، حدقتُ بهِ قليلًا بعدما أنهى كلامهُ و باقي الوقتُ كُنتُ أُحدقُ بالفراغ.. آه.. أنا أتذكرُ كُلّ ما رغبتُ بنسيانهِ.. القرية المحترقة حتى الفحام، وجهُ إدغار الشاحب الذي يطلبُ مني إنقاذَ شقيقته التوأم، عجزي عن إنقاذها، فشلي بمحاولةِ اللحاق بهما، و استيقاظي في عالم البشر...آه.. أتمنى لو أموتُ فقط..." صرخت ميرا بهايدن و صوتها عكسَ كل الغضب الذي تتأججه :بأي حقٍ تتكلمُ و كأنكَ تعرفُ عنهُ كُلّ شيء !، راين قد-- قاطعها صوتُ راين الهادئ المغلف بالحدة : اخرسي ميرا... التفتت نحوهُ و الصدمة قد غزت تقاطيع وجهها غزوًا، يجثو على ركبتيه غرتهُ تغطي تعابيره بالكامل، هيَ كانت تشعرُ بقلبها يتمزقُ لأشلاء و يداسُ ببرودٍ و قسوة، لكن ما كانت تلكَ سوى مشاعر سيدها في هذهِ اللحظة. أردفَ بصوتٍ هادئ يعجزُ الجميع عن تفسيره : ما قالهُ صحيح، أنا كُنت السبب في احراق تلكَ القرية، و مقتل سارا و إدغار... لولايَ لما حدثَ مازحدث.. ضحكَ هايدن ضحكةً قصيرة قائلًا : لقد اعترف !، أرأيتم ! أكملَ راين بنفس النبرة : لكن.. أنا قطعًا لم و لن أكونَ واحدًا من هؤلاء الحثالة الذين يطلقون على أنفسهم نيغرو فينوس !، كوني قاتلًا و خائنًا شيء، و كونيَ منهم شيءٌ آخر ! هتفت روبي فجأة : يستحيلُ على راين أن يكونَ شخصًا كهذا ! عندَئذ قامت بياتريس فجأة بصفعِ راين بقوة و الدموعُ قد تجمعت في عينيها هتفت بصوتٍ مرتجفٍ و هي على وشكِ البكاء : توقف عن كونكَ أحمق ! اتسعت حدقتا عينا راين ليسكن دونَ حراكٍ و لم يشعر إلا بقلبهِ قد حلقَ بعيدًا إثر الصدمة انهمرت دموعها على الأرض لتردفَ بهدوء : إن لم تكن قد غرزتَ وتدًا في قلبيهما عن عمدٍ فعندَئذ أنتَ لم تفعل شيئًا لأحد... توقف عن لومِ نفسكَ !، إنهُ مؤلم للغاية ! سكتت لتشهقَ ثمَ تردف مجددًا : لأنني حينئذٍ.. سأكونُ مَن قتلَ لينا ! أخذَ راين نفسًا عميقًا بارتجافٍ حينها ليحدثَ نفسهُ قائلًا : تبًا !... إنها فعلًا تشعرني بأنني أرغب في البكاء ! خيمَ هدوءٌ قاتلٌ على المكانِ للحظة ليسخرَ هايدن قائلًا : أأنهيتم مسرحيتكم الدرامية الرديئة ؟ التفتَ الجميعُ نحوهُ فيقولَ بهدوء : روبي... سكتَ لتجفلَ هيَ فأردف : إن كنتِ لن تقفي في صفي يا أختي... فأنا مضطرٌ للتعاملِ معكِ بشكلٍ مختلف... هتفَ فجأة : لو ! ظهرَ ثلاثةُ أشخاصٍ غطيت كاملَ أجسادهم و رؤوسهم بمعطفٍ أسودَ من العدمِ ليأمر هايدن : قيد ثلاثتهم.. ما أعتمدُ عليكَ في عرقلةِ فضي الشعر.. و لا تتدخل بيني و بين المدعو براين ! أومأ الذي يقفُ في المنتصفِ بالإيجاب ليقولَ بصوتٍ أقربَ إلى الهتافِ متعمدًا إسماع صوتهِ لأحدهم أو ربما اثنين : أمرك، هايدن ساما ازدردَ راين ريقه بصعوبةٍ متسائلًا أينَ سمعَ ذلكَ الصوت من قبل بينما تمتمَ صاحبهُ بضع كلمةٍ لتصبحَ الأرض سائلةً تزحفُ على أجساد روبي، هاري و ماركوس ثم تعودُ للتحجرِ مجددًا، اندفعَ هايدن بسرعة عالية نحوَ جدار لوكي الجليدي ليهشمهُ بضربة واحدة من سيفه الفائض بالمانا قالَ بهدوءٍ مرعب : سحر التعزيز، بروموفير براثوس *تعزيز الاسلحة نادى ماركوس غاضبًا : مهلا هاي تشان !، ما معنى هذا !، أنى لأحدِ أفراد الزهرة السوداء مناداتكَ سيدي ! أجابهُ هايدن بنبرةٍ بانَ عليها الألم : هُم أنقذوني من الموت، عقدتُ اتفاقًا معهم.. أساعدهم على أسرِ هذا الحثالة و يساعدونني على استعادتكم... هتفَ ماركوس : هاي تشان !، من يتمُ خداعهُ هوَ أنت !، راين لَن يقومَ بشيءٍ كهذا أبدًا ! صرخَ بهِ هايدن : ما الذي يجعلكَ واثقًا هكذا ؟!! ظهرَ أمامهُ فجأة موجهًا لهُ لكمة اخترقت الحجارةٍ حولهُ لتستهدفَ معدتهُ هامسًا : أحتاجُ منكَ أن تهدأ قليلًا... تشوشت رؤية ماركوس الذي تقيء لعابهُ لقوةِ اللكمة و أخذَ يحدقُ بهيأة هايدن المبتعدة، راين غير قادر على النهوض، لوكي اشتبكَ بالفعلِ مع أحدِ أصحاب المعطف الأسود و ميرا المثل صرخت روزماري هاتفة : آلي تشان افعل شيئًا ! قالَ بصوتٍ هيمنَ عليه العجز : آسف، ماتشان.. أنا فعلًا لا يمكنني القيامُ بشيء.. ليسَ بهذهِ الحالة على الأقل... اقتربَ هايدن من راين لتحاولَ بياتريس منعهُ فإذ بها تجدُ نفسها قد التصقت بأقربِ جدارٍ ليرتدّ جسدُها مطلقةً أنينًا عاليًا، أشهرَ هايدن سيفهُ أمامَ راين العاجز عن الحراكِ و إذ بسيلٍ من الدماءِ يلوثُ وجهَ الأولِ بالأحمرِ القاني... |
#147
| ||
| ||
الزهرة الخمسون : أَخَوان. اقتربَ هايدن من راين لتحاولَ بياتريس منعهُ فإذ بها تجدُ نفسها قد التصقت بأقربِ جدارٍ ليرتدّ جسدُها مطلقة أنينًا عاليًا، أشهرَ هايدن سيفهُ أمامَ راين العاجز عن الحراكِ و إذ بسيلٍ من الدماءِ يلوثُ وجهَ الأولِ بالأحمرِ القاني... تعابيرُ الدهشةِ هيمنت على وجهِ المهاجم بقوةٍ بينما أغمضت روبي عينيها محاولةً تفادي رؤية ما يحصل أما ماركوس و هاري فلم يستطيعا منعَ حدقتاهما من الاتساع و فاهاهما من الانفغارِ هولًا لما يريانه أمامهما !، جوليا تقفُ بينَ راين و هايدن و قد صُبغت ملابسها أحمرًا، هوت إلى الأرضِ خائرة القوى ليلتقطها راين مصدومًا و جسدهُ يرتجفُ أكثر ممايفعلُ جسدها حتى طأطأ راين رأسهُ محدثًا ذاته : آه، إنهُ يحدث مجددًا، يموتون أمامي.. و أعجز عن حمايتهم... أجفلَ ماركوس فقط حينَ تذكرَ شيئًا في غاية الأهمية لينظر نحو هاري بقلقٍ شديد خوفًا من ردة فعله همست جوليا لمن يمسكُ جسدها : نحنُ متعادلان أخيرًا... لا أدين لكَ بشيء، و لا تدين لي بشيء.. راي. فتحت روبي عيناها على صوتِ هاري الذي قامَ يصرخُ باسمِ جوليا مرارًا و تكرارًا لتصدمَ بهولِ ما ترى، و ما زادَ الطين بلة سوى شحوبُ بشرةِ هاري لتصبحَ بيضاء تمامًا، شعرهُ صُبغَ بالأسودِ إبتدائًا من جذورهِ و حتى أطرافهِ أما عيناهُ فقد تحولَ لونهما العسلي الدافئ إلى آخر رمادي بارد، و بقوته الجسدية فقط حطمَ طبقات الحجارة التي كانت تلتفُ حولَ جسدهِ متجهًا نحو هايدن بخطى هادئة تبعث شعورً كما الهدوء ما قبل العاصفة تمتمَ ببرود : لادرون ماجيكو * سحر السارق و في لمح البصر اختفى السيف بين يدي هايدن يصبحَ في يدِ هاري بالمقابل، نظرَ هايدن نحوهُ ببرودٍ قاتلٍ سألَ : ماذا تفعل هاري ؟، أتغضبُ إلى هذا الحدِ إن مسها مكروه... اخذَ خصمُ ميرا نظرة خاطفة لما يحدثُ مع هايدن لتتشبثَ بهِ أسواط نباتية من صنع الأخيرة و تتجهُ كتلة منها نحوه في محاولة لاختراقه، ابتسمَ مستهزئًا ليهمس : كانسيلاسيون *إلغاء تلاشى سحرُ ميرًا فجأة لتتسعَ ابتسامته فقال : بييدرا إسكلافو *عبد الحجارة كتلٌ من الصخورِ طارت نحوَ ميرا لتسحقها تمامًا فتسقطُ بلا وعيٍ هي الأخرى، و على الجانب الآخر فقط حينَ كانَ كل من هاري و هايدن على وشكِ التصادم قالَ ماركوس بقلقٍ امتزجَ بالغضب : روبي.. فقط حطمي هذا الشيء بطريقة أو بأخرى لأحطم رأسيهما و أعيدهما إلى رشديهما بلكمة ! تجمعت الدموعُ في عيني روبي لكن و دونَ ان تترك لها الفرصة في الانهمار همست روبي : نيغرو ويذو : أكتيفار *الارملة السوداء **تفعيل هجمَ خصمُ ميرا على هاري قبلَ أن ينقض على هايدن كاشفًا عن وجهه الشاحب، عيناه الحمراوتان و شعرهُ الفضي الكثيف، اشتبكَ الاثنان جسديًا بشكلٍ متساوٍ مما دفعَ راين ليحدقَ بهاري بصدمة لم تقلَ عن الصدمة التي اعترتهُ فقط حينَ لمحَ لونَ عيني فضي الشعر و آلاف الأفكار تجولُ رأسه أما روبي و ماركوس فقط أحاطت بهما خيوط العنكبوت بكميات مهولة و هي تحطمُ كُل ما تقتربُ منه فتحولت أكوام الحجارة التي تحيط بهما إلى غبار همسَ ماركوس : اعتمدُ عليكِ في اعادةِ هاري إلى رشده في تلكَ الأثناءِ كانَ لوكي يضعُ خصمهُ في موقفٍ حرجٍ بالفعلِ فمعَ أنّ سحرهُ يرتدّ إليهِ لسببٍ ما إلا أنه متفوق من ناحية القوة الجسدية غيرَ أنّ لحظةَ شللٍ مجهولة السبب أودت بهِ إلى هاوية الخسارة غارقًا في ظلمةٍ من اللاوعي، غابت شمسُ الغسقِ ليخيمَ الليلُ أخيرًا، وذلكَ كانَ حينَ فتحت بياتريس عينيها ، جوليا بينَ يدي راين و الدماءُ تملأها، لوكي ممددٌ على الأرض الباردة، هاري كشخصٍ.. لا، هاري شخصٌ مختلفٌ تمامًا، يقاتلُ بدموية شديدة و يبدو عليه الاستمتاعُ على غير عادتهِ اللطيفة الهادئة و المسالمة المعتادة، و روبي تقفُ محدقة بالفراغِ بينما يهتفُ ماركوس بأحد أصحاب المعطف الأسود ليبتعدَ كما لو كانَ ليسَ هوَ غايته، و فعلًا تنحى صاحب المعطف الأسود متجهًا نحوَ بياتريس لتحاولَ ميرا النهوض أخيرًا لكن دونَ جدوى مدت يدها في الهواء بصعوبة لتهمسَ بعناد : و كأنني سأسمحُ لكَ بالاقترابِ منها ! ساقُ زهرةٍ شائكةٍ دونَ زهرتهِ توجهَ نحو صاحبِ المعطف الأسودِ ذاكَ ليمزقَ معطفهُ أشلاءً كاشفًا عن شكلهِ، شعرٌ أبيض، عينان حمراوتان، كنبوءة بياتريس تمامًا، وقفَ خصمُ لوكي بعيدًا يحدقُ بمجريات الأحداثِ دونَ تدخلٍ و كأنهُ يستمتعُ بالفوضى أمامهُ بينما حاولت بياتريس التراجعَ إلى الخلف لكن إلى أينَ و ما خلفها سوى جدارٍ يمتدُ آلاف الأمتار، أمسكَ معصمها بعنفٍ و سحبها نحوهُ فمن متكأة على الجدار إلى جاثية على ركبتيها أمامهُ و بالطبعِ أطلقت صرخة خفيفة لتجذبَ اهتمامَ راين نحوها و من فورهِ اتسعت عيناهُ غيرَ مصدقٍ لما تريانهما همسَ بهدوءٍ دونما وعي : لوكا.. صرّ أحدهم على أسنانهِ هامسًا : كما توقعت.. من ظهر في نبوءة بياتريس لم يكن عمي إنما لوكا ! صدمة شدت انتباه كُلَ من كانَ يحتفظُ بوعيهِ و حينَ مقارنته بنبوءة بياتريس تكونت لديهم فكرة عن أن هذا الشخص هوَ من كانَ يرهب راين غيرَ مدركينَ أن الواقعَ عكسُ ذلكَ تمامًا، التفتَ لوكا نحوَ راين لتتسع حدقتا عيني الأخير فقط حينَ رأى ذلكَ اللون الأحمر يصبغُ عيني من أمامهُ قالَ لوكا مستفزًا : لقد مرّ وقتٌ طويلٌ حقًا.. أخي الأكبر الأحمق... لا أصدقُ أنكَ تصنعُ وجهًا كهذا من أجلِ مجردِ بشريٍ تافه... سيخيب- لا، لا بدّ أن أملَ روزماري قد خابَ بكَ بالفعل... هتف راين بدهشة ممزوجة بالقلق : أنتَ !، ما الذي جرى لعينيك !! فردّ الآخر ساخرًا : اووه !، لَم يخبركَ أحدٌ بالامرِ صحيح ؟، لا بدّ و أنكَ ظننتَ أن من رأتهُ تلكَ الطفلة في نبوئتها هوَ أبي ألم تفعل ؟.. ما رأيك ؟، هكذا يجب أن يكونَ لونُ عيني الشياطين أليس كذلكَ ؟ صاحَ بهِ راين مهتاجًا : لا تعبث معي !، أنى لكَ الشرب من دماء البشر !! تجمدت روبي و بياتريس مكانيهما حينَ سمعتا هذا الكلام و تشتتَ تفكيرُ هاري و ماركوس تمامًا عما حولهما، كيف لا و ما يتحدثُ عنهُ قائدهم ليس سوى كلام عن أب، أخ، شياطين و دماء البشر، في تلك اللحظات القليلة كل ما شغلَ بالهم هوَ كيفَ لهذه الأمور أن تتصلَ ببعضها و من يكونُ ذلك الشخص الذي وثقوا به حقًا، و ليزدادَ الطين بلة تشوشت رؤية راين تمامًا فجأة و أمسى رأسه يطنُ بجنونٍ ليمسكَ بهِ ويضغطَ عليه بقوةٍ في تلكَ الأثناء كانَ ماركوس قد لكمَ هايدن فعليًا كما قالَ تمامًا فهتف بغضب : استمع إليّ قليلًا أيها الأحمق المتهور حسنًا ؟!! بقي هايدن يحدقُ بالفراغ مصدومًا بما حدثَ قبلَ قليلٍ ليردفَ الأول بنبرةٍ مغمومة : كيفَ لهُ بحقِ السماء أن يوهمنا بشيءٍ و أنا من قامَ بدفنِ جثتكَ بنفسي !، أي وهمٍ يستطيعُ القيامَ بذلك ! عقد لسان هايدن تمامًا ليأخذَ ماركوس نفسًا عميقًا استعدادًا للحديث مطولًا فقالَ بنبرةٍ شابها القليل من العلو : إليكَ ما حدث أيها العنيد الأحمق !، استيقظتُ لأجدَ نفسي في غابةٍ معتمةٍ معكَ وحدنا !، و بالمناسبة فأنتَ كُنتَ تحتضر بالفعل حينها !، لقد أوصيتني بروبي و هاري أثناء غيابك !، و.. حسنًا.. هذا محرج لكنني بكيت حقًا عندها.. أخفضَ نبرتهُ بشدةٍ حينَ قالَ آخر جملة ليعود إلى السابقةٍ مستكملًا : أنتَ متّ دونَ شكٍ بينَ يدي هاتين.. حينَ إجتمعتُ مع روبي كانَ هاري يحتضر بالفعل تمامًا مثلك، و احزر ماذا ؟، راين هوَ الشخص الذي أنقذَ حياته !، حينَ رأتكَ روبي بتلكَ الحال... أخذت تبكي و تنحب أكثرَ من يومِ انتشلها ذلكَ الوغد من قريتها المحترقة !، كما أنّ من تناديهِ بزعيمكَ هوَ الشخص الذي حاولَ قتلنا حرفيًا ! سكتَ ماركوس يلهثُ تعبًا تاركًا هايدن ينظر إليه بصدمة غير مصدقٍ لما سمعه، و كأن كُل ذلكَ لم يكن كافيًا فإذ بهم يسمعونَ حديثَ كُلٍ من راين و لوكا ليتملكَ الأول صداعٌ حاد فجأة و بلا سبب لوكا : إذًا، هَل أعجبكَ سحري ؟، أخي الأكبر... أنا استطيعُ عرقلة وظائف الجسم كذلك ! رفعَ راين نظره نحو المتحدث ينظر إليه بحدة و تساؤل فقالَ مجددًا : كما أنني لن تحتاجكَ بعد الآن أردفَ ساخرًا : هايدن ساما ! أكملَ بجدية : ريغلاس دي اينتيروبتوريس : كونسيلاسيون *كاسر القواعد **إلغاء في تلكَ اللحظة تدفقت صورٌ عدة داخلَ رأسِ هايدن الذي باتَ يصرخُ ألمًا ممسكًا برأسهِ جاثيًا على ركبتيهِ فإذ بماركوس يهتفُ بلوكا بغضبٍ عارم : أنتَ !، ماذا فعلتَ لهُ ! أجابهُ لوكا بعفوية : اوه، كُلُ ما فعلتهُ كانَ وضعهُ في حالةٍ من الموت الكاذب باستخدامِ سحري العزيز كاسر القواعد و من ثم العبث بذكرياتهِ قليلًا... لكن لاداعي للقلق !، هو يستعيدها حاليًا. التفتَ نحوَ بياتريس ليستكمل قائلًا : لا أنصحكَ بالسير على خُطا أخي و التعلق بالبشر كثيرًا يا... حسنًا أنتَ تعرفُ نفسكَ... مدّ يدهُ نحوَ بياتريس موجهًا حديثهُ نحوها : و الآن، كلافيَ، أتعرفين ما الذي يجري حولكِ ؟، أحدُ أصدقائكِ على شفير الموت، ثلاثة محطمون نفسيًا، جنية تحتضر، واحد فقد عقله و وحش سحري مصيره بيدي كما أن رأس أخي الأكبر على وشكِ الانفجارِ في أي لحظة.. أنهي معاناتهم و تعالي معي... اتسعت حدقتا عينيها لتمدّ يدها نحوهُ بترددٍ شديد و تأخذَ نظرة أخيرة إلى وجوهِ من حولها. |
#148
| ||
| ||
الزهرة الحادية و الخمسون : فريغوس. هاري أسودُ الشعر يشتبكُ مع فضي الشعر مستعملًا سيفَ هايدن الذي انتشلهُ منهُ توّا و الآخرُ قد أخرجَ سيفهُ النحيلُ من غمدهِ أخيرًا، حركاتهم كانت بالفعلِ سريعة و قوية فلا يُلمحُ منها سوى الشرار و لا يسمعُ سوى صليل السيوف قالَ فضي الشعر : سريعٌ جدًا بالنسبة لمجردِ بشري. ابتسامة عريضة شقت طريقها إلى شفتي هاري ليكشر عن أسنانهِ رافعًا سرعتهُ إلى أقصاها مما صدمَ خصمهُ كثيرًا مجبرًا إياهُ على التراجعِ مع جرحٍ عميق ينزف بغزارة لاحظَ الشخص الذي كانَ يقاتلُ لوكي توًا مايحدثُ لرفيقه فضي الشعر أزالَ قبعةَ معطفهِ عن رأسهِ ليبرزَ شعرهُ الذهبي تمامًا كعينه اليسرى أما اليمنى فقد صبغت بنفسجيًا فريدًا فقالَ ساخرًا : أتودُ بعض المساعدةِ سيلفر ؟ كشرَ المدعو سيلفر عن أسنانهِ بضحكة خبيثة امتلأت بالمتعة و الإثارة هاتفًا : إن تدخلتَ سأفصلُ رأسكَ عن جسدكَ زاك !، لقد بدأت أتحمس حقًا ! رفعَ زاك يديهِ في الهواء مستسلمًا فأجاب : اووه ارحمني !، لا تلمني إن أصبحتَ أشلاءً.. مع أني متأكدٌ أنكَ ستحبُ كونكَ كذلك على أي حال... عاودَ سيلفر الاشتباكَ بهاري و قد تناسيا كونهما ساحران ليركزان على القوة الجسدية فقط، فسيلفر شخصية محبة للدموية و العنف و هاري الحالي لا يبدو مختلفًا عن خصمه أبدًا، كلاهما أصابَ الآخر بجروحٍ مميتة، و كلاهما جسداهما يشفيان بسرعةٍ خارقة نسبةً إلى البشر، وجهَ هاري ركلةً إلى سيلفر جاعلة الأخيرَ يسقط أرضًا فإذ بالأول يغرسُ يمينهُ في صدرِ الأخير رافعًا إياهُ في الهواء ليرميهُ بقوةٍ على زاك فيقعُ الاثنانِ أرضًا، أخذَ هاري يزمجرُ بكلماتٍ غير مفهومةٍ لتقترب منهُ روبي تمسكُ بإحدى وجنتيه همست بهدوء : لا بأس عليكَ هاري.. اهدأ.. نحنُ ما نزالُ هُنا... خبت زمجرتهُ تدريجيًا ليرجعَ شعرهُ إلى لونهِ البني و عيناهُ إلى لونهما العسلي المعتاد، كما و اكتسبت بشرتهُ سمرتها مجددًا ليترنحَ فيجثو خائر القوى يحدقُ في الفراغ فتركعُ روبي بدورها إلى مستواه تربت على شعره و الصمت سيد الموقف، كسرَ ذلك الهدوء المخيم بينهما صوتُ صرخاتِ هايدن يتملك الخوفُ قلبيهما منتشلًا إياهما من كُلِ فكرةٍ غيرَ الاطمئنانِ عليه فهرع الاثنانِ نحوهُ و ماركوس هتفَ الأخير بلوكًا بغضبٍ عارم : أنتَ !، ما الذي فعلتهُ له ! أجابهُ لوكا بعفوية : اوه، كُلّ ما فعلتهُ كانَ وضعهُ في حالةٍ من الموت الكاذب باستخدامِ سحري العزيز كاسر القواعد و من ثم العبث بذكرياتهِ قليلًا... لكن لا داعي للقلق !، هو يستعيدها حاليًا. التفتَ نحوَ بياتريس و مدّ يدهُ إليها قائلًا : و الآن.. تعالي معي... كلافيَ اتسعت حدقتا عينيها لتمدّ يدها نحوهُ بترددٍ شديد و تأخذَ نظرة أخيرة إلى وجوهِ من حولها فاحتدت نظراتها لتصفعَ يدهُ بقوة بقيَ لوكا يحدقُ بها بذهولٍ و صدمة لتهتفَ هيَ قائلة : راين !، تمالك نفسكَ رجاءً !، أنا لَن آخذ بيدهِ كما وعدتك !، لكن.. على هذه الحال فإنّ الجميع سيموت !، أرجوك.. أنقذنا.. صوتُ بياتريس اعادَ راين إلى الواقع فاخذ الاخير ينظر حوله، كانَ الوضعُ كما النبوءة تمامًا، جوليا ممددة على الارضِ تنزف، روبي تحتضن جسدَ هايدن باكيةٍ بحرقة، ماركوس مصابٌ بشدة وهاري يرفعُ راسهُ عاليًا علَ دموعهُ تتوقفُ عن الانهمار، بياتريس اوشكت تاخذُ بيدِ لوكا.. لكن الاهم، هوَ انهُ لم يحترق بنارِ التنين البيضاء بعد. هتفَ راين فجأة : اي فريغوس يا تنين الجليد العظيم !، إبتغيتكَ في شيءٍ فدع قدمكَ تطأ هذه الارض التي شيدتها بنفسكَ ! إستغربَ راين محدثًا ذاته : هذا غريب... لما عسايَ اعرفُ إسمض ذلك التنين وانا لم ارى واحدًا قبلًا... هلعَ لوكا إثر تصرفِ راين المرتجل فاخذَ يشدُ شعرها بقوةٍ رافعًا اياها عن الارض يجبرها على الوقوف محاولًا الانسحاب لكن الرياحَ الباردة قد عصفت بقعرِ البركان بالفعلِ ليرفرفَ تنينٌ هائل الحجم خلفَ راين الذي تحامل على نفسه وبالكادِ وقفَ، حطَ التنين خلفهُ محيطًا كل المخارجِ باجنحتهَ العملاقة، زفرَ في وجهش لوكا ليتجمدَ الهواءُ بنفسهِ فإذ به جدارٌ من الجليد الرقيق يحولُ بين بياتريس ولوكا، ومع إن سمكهُ لم يتجاوز شعرةٍ حتى إلا ان الاخيرض عجز عن تدميره بالسحر او بدونه قالَ التنين : حظرتي تدعى فريغوس، الوالي على تنانين الشمال يومَ كانَ ملكنا دراكوريجيس حاكمًا، افتحُ آذانيَ مصغيًا لجلالتكَ. حدثَ راين نفسهُ مجددًا : لماذا ياترى.. اشعرُ انَ هُناكَ ما هوَ ناقص ؟ هتفَ راين : مبتغايَ منكَ بسيط، أن تنفيَ الشياطين الثلاثة خارج الجزيرة، ان ترسلَ رفاقيَ إلى الشجرة العظيمة، وان تسلمني احدَ حراشفكَ الزرقاء. قالَ محدثًا ذاته : لما... يناديني بجلالتكَ ؟. فريغوس : سمعًا وطاعة !، لذا وبينما انا كذلكَ، إسمح لي بعلاجِ جراحِ جلالتكَ. حدثَ راين ذاته بينما يومئ إيجابًا : لما.. اتصرفُ وكانهُ تحتَ إمرتي... فرضَ فريغوس جناحيهِ مجددًا متسببًا بتيارات هوائية عاتية فنظرَ راين إلى رفاقه قائلًا : سالحق بكم فورًا.. اعتني بالجميع من اجلي... ليكس. إتسعت حدقتا عيني ماركوس وادمعتا حتى أُغرقتا بدموعهِ تمامًا مقاومًا بشدةٍ لاجلِ كبحها عن الانهمار، عقدَ حاجبيه متمالكًا نفسهُ فأومأ بالايجابِ، وفي اللحظة ذاتها إرتفعت اجساد لوكا، زاك وسيلفر عن الارضِ لتندفعَ إلى جزيرة عائمة بعيدة كما وصفها فريغوس والجليد اخذَ يزحفُ حاملًا بياتريس والبقية نحوَ الباب الذي جائوا منه إلى الجزيرة، إلتهبَ جسدُ راين شلةً بيضاء كما نبوئتها تمامًا فأدمعت عيناها تنظرُ إليه بقلق إبتسمَ مطمئنًا اياها : لابأس بياتريس، إنه يقومُ بعلاجِ جراحي.. مدت بياتريس يدها إلى راين بغيةَ التشبثِ بهِ غيرَ ان المسافة بالفعلِ لعبت دورها في حجب هيأة الاخير عن الاولى والعكس |
#149
| ||
| ||
الزهرة الثانية والخمسون : جوليا وَ كاترينا. داخل الشجرة العظيمة. فُتحت البوابة التوبازية سماوية اللون تتوهجُ نورًا امتزجَ بينَ لونها و الأبيض لينبثقَ الثمانيةُ من خلالها مصحوبينَ بأكوامٍ من الجليد استقبلهم صوتُ كاترينا قائلة : لقد تأخرتم في العودةِ حقًا ألم تفعلوا ؟، إذًا ؟، أينَ حرشفتي ؟ دققت النظر إلى حالهم لتنتفضَ واقفةً من على كرسيها تهتفُ بقلق : ما الذي حدثَ معكم بحقِ خالق السماء ! هتفَ ماركوس يلهثُ و القلقُ يكتسي نبرتهُ مترجيًا : رجاءً !، أنقذي جوليا و ميرا على الأقل ! ثوانٍ احتكرها الصمتُ و هيمن عليها التوتر حتى همست كاترينا أخيرًا : لا أستطيع... و معَ أنّ نبرتها كانت بالفعلِ مغمومة إلا أن ذلكَ لم يمنع ماركوس من الهتافِ مستنكرًا : ما الذي تعنينهُ بلا أستطيع ؟ تحولت نبرتهُ إلى الغضب مستكملًا : إنهما تموتان ! أجابت كاترينا دونَ تغييرِ نبرتها : لقد وضعت قاعدة... إن لم تستطيعوا جلبَ حرشفة التنين لا أنا أستطيع الخروج إلى القاعة الإمبراطورية و لا أنتم تستطيعون الدخول إلى قلب الشجرة... ماركوس : ألستِ الملكة هنا ؟، افعلي شيئًا حيالَ الامر ! صرت على أسنانها بقوةٍ مكشرةً عنها فصرخت بهِ بغضب : أوتظنُ أنني بخير و أنا أراهما تحتضران أمامي دونَ أن أقدر على فعل شيء ؟، نحن الكيميائيون نكسر قواعد الصيغ و نبني قواعدًا جديدة لأنفسنا !، حتى أنا لا أستطيع كسرَ تلكَ القواعد التي بنيتها لنفسي !! أمسكَ ماركوس معصمهُ اليسرى مسندًا رأسهُ على قبضتهِ ذاتها هامسًا : رجاءً أسرع... راين.. لم تمضِ مدةٌ طويلةٌ حتى توهجت البوابةُ و فتحت أبوابها على مصراعيها ليظهرَ راين أخيرًا و حرشفةٌ زرقاء تطفو بينَ يديهِ ينبثقُ منها وهجٌ سماوي باهت هتفَ : كاترينا !، لقد أحضرتُ مطلبكِ !، اسمحي لنا بالدخول ! و أخيرًا تشكلَت أمامهم بوابةٌ سوداءٌ من النفطِ المرصعِ ألماسًا و ياقوت مزينٌ بإطارٍ من ذهب فقط كما التاج الذي يعتليهِ تتوسطهُ برسمةٌ رباعية الأوراقِ من الزمرد الأخضر و مقابضٌ من الألماس التفت حولها سلاسل ياقوتية شبه شفافة بقفلٍ يتوسطها، تحكمت السلاسلُ جنبًا إلى جنب مع القفل لفتح البوابة على مصراعيها فإذ بهم بغرفةٍ مختلفةٍ تمامًا كما وصفتها جوليا فإذ بسيدةٍ شقراء فاتنة الجمال تهرولُ نحوهم محتضنةً جسدَ جوليا الذي لم يتوقف عن النزيف قالَت بصوتٍ مرتجف : جوليا !، لا بأس جوليا !، والدتكِ هنا !، ستكونينَ بخير ! مرّ وقتٌ ليسَ بطويلٍ حتى فتحت جوليا عينيها تحدقُ بسقفٍ أحمرَ أملس يعكسُ ضوءً خفيفًا عليهِ بينما تتخللُ مسامعها وشوشاتٌ صاخبةٌ استطاعت من خلالها تمييزَ أصوات رفاقها و أنهم قلقونَ جدًا، كانَ الجميعُ مستفيقًا بالفعلِ عدا هايدن الذي لا يزالُ تحتَ تأثير صدمةِ استعادته لذكرياتهِ دفعه واحدة، مجتمعونَ حولَ جسدِ ميرا الصغير و كاترينا تحاولُ إبعادهم عنها قالت بياتريس بقلق : ميرا، اصمدي عزيزتي، ستتحسنينَ قريبًا... مدّت كاترينا يدها تمسحُ على شعر ميرا و كادت تشرعُ في علاجها غيرَ أن راين قاطعها قائلًا : يستحيلُ عليكِ النجاح !، دعيني أتولى الأمر كاترينا : ما الذي تتفوهُ بهِ حتى ؟، ألا-- قالت بقلقٍ مستغربة : لا يمكنني شفاؤها... و ما الذي يفعلهُ وشمُ متعاقدٍ على كتفها بحقِ الجحيم !! حملها راين بين يديهَ قائلًا : لذلكَ أخبرتكِ أني من سيتولى الأمر تمتمَ راين تعويذةً ما ليتوهجَ جسدُ ميرا لوهلة ثُمَ يعودُ إلى طبيعتهِ فكحت بضعَ مرةٍ لتهمسَ بخبوٍ ميرا : ميرا تشعرُ بالسعادة لسببٍ ما.. نظرت كاترينا إلى راين سائلة : سمحتُ لكَ باستخدامِ السحر من أجلها لكن... لا أظن أن سحرة الرياح يختصون بالعلاج ؟ أجابها دونَ أن يلتفتَ إليها : دموع القمر، أحد التعويذات الخمس المحرمة... كاترينا : و هل أنتَ بخيرٍ مع دفعِ ثمنها ؟ ابتسم راين ليقولَ ساخرًا : ماذا، لديّ العديدُ من السنواتِ لأعيشها حتى الآن.. لا بأس بذلكَ تمامًا. اتضحَ سمعُ جوليا أخيرًا لتنهضَ بنية الجلوس معتدلةً فابتسمت هامسةً بإرهاق : الحمد لله.. الجميع بخير... التفتَ إليها الجميعُ بلهفةٍ لتهمسَ بياتريس : جوليا.. قهقهت المعنية ثم قالت : أعلم أعلم، لقد ظننتُ أنني ميتةٌ بدوري. ابتسمت روبي بلطفٍ لتبعثرَ شعرَ جوليا : لا تتهوري هكذا مجددًا ! بدت و كأنها تذكرت شيئًا ما أخيرًا لتهتف : هذا صحيح !، ماذا عن راي ! أجابَ ببرود : هُنا زفرَ بقلةِ حيلةٍ ليردف : لا أعرف ما الذي بحق الجحيم كنتِ تفكرينَ بهِ حتى، كُنتُ أستطيعُ حمايةً نفسي بدرعٍ من الرياح أكملَ محدثًا ذاته : و ليسَ و كأنهُ كانَ سيقتلني إن أصابني أصلًا... ابتسمت لهُ لتجيبَ بفخر : لا تحاول أن تنكر كونكَ كُنتَ في خطر !، كما أنني سددتُ لكَ دين إنقاذكَ لي آنذاك ! مزحَ ماركوس بنبرةٍ درامية متأسفة : للأسف جوليا تشان !، لو لم يجلب القائدُ حرشفة التنين الزرقاء لما كُنتِ على قيد الحياة ! فزعت جوليا بطفولية لتهتف : مستحيل !، أتقولُ أنني ما زلتُ أدينُ لهُ بالفعل !! أغمضَ راين عينيه قائلًا : أخبرتكِ أنكِ لستِ مدينةً لي بشيء منذ البداية... جوليا : لكن-- قاطعتها كاترينا محتضنةً إياها : أنتِ بخير ؟، جوليا ! أخذت جوليا ترفُ بعينيها محاولةً استيعابَ الموقفِ لتهمسَ بتعجب : أمـ.. ي ؟ سألَ لوكي : أمي ؟، ما الذي فاتني ؟، بيارين.. هزت بياتريس رأسها يمينًا و شمالًا تحدقُ بالموقفِ أمامها بذهول فهمست : على الإطلاق.. أخذت عينا جوليا تذرفان الدموعَ دونَ وعيٍ منها فقالت : لم أعد أفهمُ شيئًا... ابتعدت عنها كاترينا قائلة : هذا صحيح.. لا بدّ أن أشرحَ الأمر منذ البداية أنا أيضًا جوليا : ما ؟، تشرحين ماذا ؟ أجابت كاترينا : قصتنا... سكتت لتدرفَ : كُلُ شيئٍ بدأ قبلَ مائة و عشرونَ عامًا.. لا، مائة و تسعة و عشرونَ عامًا على وجهِ الدقة.. بدأ الجميعُ يحدقُ بها باهتمامٍ و بالأخصِ راين الذي أخذ يزدردُ ريقه مركزًا معها بكل حواسهِ رفعت روبي يدها ببطء لتسأل : عفوًا، مما يعني كم عمركِ على أي حال ؟ كاترينا : لا وجود للوقتِ داخل الشجرة العظيمة، حياة الكائنات هنا تستمرُ حتى خمسمائة إلى ألفِ عام و أجسادنا لا تشيخ، لذا فيزيائيًا جسدي ما زالَ في الثالثة و العشرين. قالَ راين غيرَ واعٍ : أكملي رجاءً. نظرت نحوه كاترينا بتعجبٍ ثم زينت شفتاها ابتسامة قائلة : أنتَ بالذات أكثر المهتمين هاه.. حتى أنكَ قلتَ ما تفكرُ بهِ دونَ وعي. سكت راين يعضّ على شفتهِ السفلية لتردفَ كاترينا : إذًا فلنكمل... كاترينا : نحنُ الكيميائيونَ تقررَ أن نعيشَ على هذا الجانبِ من العالم.. بشرٌ غيرُ قادرون على إنتاجِ السحر إنما نُكسرُ قواعدَ و صيغَ العالم ثُمَ نعيدُ بنائها على أنها صيغنا الخاصة، أي بما يناسبنا، لنفعلَ ذلكَ نحنُ يجبُ أن نفهمَ تشكيلَ المادة التي نودُ إنتاجها و إنشاءُ معادلاتٍ حسابية متسلسلة لنستبدلَ الصيغ الأصلية بصيغنا الخاصة، أي، نكسرُ صيغَ الهواء في الجو مستبدلينَ الفراغ الناتجَ عنها في عالم الصيغ بصيغة الألماس مثلًا فيستبدلُ الهواء في العالم المادي بقطعةٍ من الألماس، نستبدلُ صيغة الخشبِ بالحديد لتحويلِ لوحِ الخشب إلى قالبٍ من الحديد الخ الخ سأل راين : من الذي قررَ عيشكم على هذا الجانب ؟ نظرت إليهِ كاترينا بتعجب : أنتَ لم تدرك بعد ؟، أتعاني من خطبٍ ما ؟، في البداية أنا لم ألاحظ لكن حقًا، أنتَ هُنا معها و قد أخضعتَ تنينًا حتى، و معَ ذلكَ أنت غير مدركٍ لماهية هذا العالم أو حتى من أنت ؟ راين : ما الذي تحاولينَ قوله ؟ أغمضت كاترينا عينيها : لا أستطيع إخبارك، إن لم نتبع تسلسل القدر.. كُل المشقات التي تكبدتها هيَ ستذهبُ مهبَ الريح، و لأكونَ صريحة لم أتوقع يومًا أن تكونَ محقةً. كاترينا : على أي حال، قبلَ مائة و تسعة و عشرون عامًا حدثَ تشوه زمكاني ربطَ الأبعاد ببعضها البعض بشكلٍ شبهِ كُلي لجزءٍ من الثانية، في تلكَ اللحظة، انتقلَ شعبُ أتلانتس إلى البعد المحايد، و نحنُ الكيميائيونَ إلى بعد البشر.. هُناكَ حيثُ قابلتُ والدكِ جوليا. ازدردت جوليا ريقها تسال : أبي ؟ كاترينا : صحيح، عشتُ هُناكَ لعامين اثنين، في قرية صغيرة أقصى الغرب كما وصفها هوَ، و خلالَ تلكَ المدة لقد أنجبتكِ، لكن، التشوه الزمكاني حدثَ مجددًا، عادَ بعضُ الكيميائيين إلى البعد المحايد و البعض الآخر علق في الفراغ، أما انتِ يا من ولدتِ كهجينةٍ بينَ بشرية و كيميائية، سافرتِ عبرَ الزمن إلى هذه الحقبة، حينَ عُدنا إلى هُنا، كانت الجزر العائمة قد ظهرت لتوها لتقسمَ هذا البعد إلى اثنين و مملكتنا الألماسية التي شيدت من قبلِ إمبراطورة الكيميائيين العظيمة ميليان قد اختفت تمامًا، عندَئذٍ فقط أنا قمتُ بتشييدِ الشجرة العظيمة متطلبًا مني الأمر ثلاثَ سنوات، و الهدف منها كان أولًا العبور الى الجانب الآخر من البعد المحايد، و الثاني هوَ لرؤيتكِ. سألت جوليا : رؤيتي ؟ كاترينا : نجحتُ في نقلِ وعيكِ إلى هُنا كُلَ مرةٍ ينامُ فيها جسدكِ المادي، حرصتُ على تعليمكِ الطريقة الصحيحة لاستخدام الكيمياء و أمورٍ أخرى عدة، لكن التماس بين الأبعاد كصدعٍ صغيرٍ في جدارٍ سميك، و نتيجة لذلكَ كنتِ تنسينَ أمري فورَ استيقاظكِ على الأرجح.. مع ذلكَ عقلكِ الباطن قد احتفظَ بكل المعلومات التي تحتاجينها للعيش، بالطبع، لم تكوني الكيميائية الوحيدة في بعد البشر، كُل ما في الأمر أن عددكم كانَ قليلًا جدًا هتفت جوليا بانفعال : ماذا عن أخي ؟، ماذا عن إدوارد ؟ هزت كاترينا رأسها نافية : لم يكن لشخصٍ كهذا وجودٌ منذ البداية جوليا : ماذا تقصدين ؟. كاترينا : لقد كُنتِ تشعرينَ بالوحدة، لذا قامَ عقلكِ اللاواعي بإنشاء شخصيةٍ شبهَ وهميةٍ تلعبُ دورَ أخاكِ، في الأصل ما قمتِ بهِ كانَ مضاعفةَ بعض خلايا جسدكِ و الانقسام إلى جسدٍ شبه مادي بينَ الواقع و الوهم، إنها قدرة مشابهةٌ لذلكَ السحر الذي يستعملهُ الأتلانتسيون، ألم يكن جسدهُ ضعيفًا دومًا ؟، ألم يتدهور كلما تدهورتِ أنتِ ؟، و ألم تكن شخصيتهُ مطيعة لكِ و مشابهةً لشخصيتكِ بشكلٍ كبير ؟ أخفضت جوليا رأسها ترتجفُ محتضنةً نفسها فهمست : إذا كانَ كُل شيءٍ وهما... أهذا يعني أنه لم يعد لديّ سببٌ للاستمرار في رحلتي ؟... كانت غايتي الوحيدة هيَ إحضارُ ماءِ البحيرة السرمدية إلى أخي المريض.. لكن بالتفكير بأنهُ لم يكن لهُ وجودٌ منذ البداية.. ابتسمت كاترينا تمسكُ بكتفِ جوليا : هذا غير صحيح... قرية الزهور ليست مكانًا لتحقيقِ الأمنيات فقط، هيَ البداية و النهاية، هيَ فردوسٌ يحلمُ بهِ كُل كبير و صغير، هيَ الحقيقة المطلقة، إن رغبتِ بالذهاب فقط فهذا سببٌ كافٍ لذلكَ جوليا... |
#150
| ||
| ||
الزهرة الثالثة و الخمسون : الشياطين. بعدَ حوارٍ دام ثلاث ساعاتٍ بينَ جوليا و كاترينا، غطت الأولى في نومٍ عميق أو هذا ما ابتغتهُ على الأقل، عاودت الاستلقاء على سريرها بتعب متمنية الراحة، فحتى و لو عالجتها الأخيرة لا تزالُ الأولى فقدت كمية لا يمكن تعويضها ببساطة من الدماء و على السرير الآخرِ قربها فتحَ هايدن عينيه الخضراوتان اللتان اكتسبتا من الصفارِ شيئًا يجولُ بهما في المكان همسَ بتعب : أينَ أنا ؟ و قبلَ أن يدركَ شيئًا احتضنتهُ روبي بقوةٍ سائلة : أنتَ بخيرٍ الآن ؟، أتشكو من شيء ؟ همسَ الأول : روبي.. اتسعت حدقتا عيناه فورَ تذكرهِ لما جرى بشكلٍ صحيح لينتفضَ معانقًا إياها بدورهِ قالَ بصوتٍ مرتجف : أنا آسف !، أنا حقًا آسف !، لا أعلمُ كيفَ أمكنني فعلُ ما فعلت... روبي : لا بأس، أنت لستَ مخطئًا !، لقد قاموا بتزييف ذكرياتك !، نحنُ الثلاثة خيرُ من يعلمُ كيفَ أنكَ من المستحيلِ أن تؤذيَ حشرة. اجتمعَ حولهُ كُلٌ من ماركوس و هاري بدوريهما ليتمتم ماركوس : أحمق. نظرَ هايدن إلى كليهما فقالَ معتذرًا : أنا حقًا آسف.. حتى أني تسببتُ في هيجانكَ هاري.. أومأ هاري نفيًا بسرعة هاتفًا : لستُ أهتم !، أنا لا أتذكرُ ما حدث على كُل حال !، ما يهمني هوَ كونكما بخيرٍ أنتَ و جوليا ! سألت بياتريس : بالحديث عن ذلكَ ما كان بحق السماء ؟، هاري سان كان كشخصٍ آخر... ارتبكَ ماركوس : هـ هذا.. فأجابَ هاري : إنهُ سببي للذهابِ إلى قرية الزهور لوكي : ماذا ؟ ماركوس : عندما يغضبُ هاري يتحولُ إلى ذلكَ الشكل، ليسَ مظهرهُ فقط إنما حتى شخصيتهُ تتغير، إنهُ فقط يهتاجُ لدرجةِ أنهُ قد يصبحُ عنيفًا لا يميز الصديق من العدو.. و بالمناسبة أنتَ لن تحب الوقوف في وجهه و هو بتلكَ الحالة قالت جوليا بصوتٍ مرهق : إذًا فهي حالة تتعدى انفصامًا طبيعيًا في الشخصية أومأ هاري : هكذا يبدو.. لذا أملتُ لَو أجدُ حلًا بواسطةِ البحيرة السرمدية. ابتسمَ راين لا شعوريًا بينما يحدقُ بروبي و هايدن فسألت بياتريس مبتسمةً بلطف : لِمَ تبتسم ؟، راين. ارتبكَ قليلًا فأخذَ يشتتُ نظراتهِ في الأرجاء ليجيبَ بتردد : لا.. الأمرُ فقط.. لقد ذكراني بأختي الصغرى لا أكثر.. همهمت بياتريس قائلة : إذًا راين لديهِ أختٌ صغرى بالإضافة إلى اخٍ اصغر. عَمّ الصمتُ في المكانِ ليقولَ هاري : هيي جميعًا، فلنتوقف عن اللف و الدوران و نخبرَ بعضنا بالحقيقة.. الحقيقة التي دفعتنا للذهاب في هذهِ الرحلة. سكتَ الجميع فقالَ لوكي : بيارين لأجل عينيها، روبي لأجلِ والديها، جوليا لأجلِ أخيها، هاري من أجلِ هيجانه... قالَ ماركوس : و أنا لأبحثَ عن شخصٍ معين... عَم الصمتُ للحظة ليقولَ راين أخيرًا : من أجلِ أن تتسنى لي الفرصة لأتحدثَ لأحدهم، أن آخذَ بثأريَ من أحدهم. هايدن : من أجلِ رؤية القرية.. نظرَ هايدن نحوَ راين قائلًا : ألا تظنُ أنهُ عليكَ توضيحُ بعضِ الأمور لهم ؟، أنتَ قائدهم ألست ؟ سكتَ راين لوهلة ثُم قال : اسألوا و سأجيبكم، معَ ذلكَ لا أعدكم بإخباركم عن الماضي بعد... باشرَ هايدن في طرح الأسئلة : قد تكونُ حقيقةً أنكَ لستَ جزءً من النيغرو فينوس، لكن هذا لا يعني أن لا علاقةَ لكَ بهم، ما علاقتكَ بأبيض الشعر ؟، و لِمَ فاجأكَ لون عينيه الحمراوتان ؟ أجابَ راين بهدوء : يدعى لوكا، شيطان، و هو شقيقي الأصغر، لقد شهدتُ أمرًا معينًا جعلني على علمٍ بسرٍ معين لهم، و والديّ على الأرجح هوَ زعيمهم.. علاقتنا هيَ أنهم يودونَ أسري لإسكاتي، و أن أعملَ على تدميرهم، هُم في الأصلِ جماعةٌ من الشياطين مبتغاهم الحياة الأبدية، و لأجلِ تحقيقِ ذلكَ عليهم بشربِ دماء البشر.. الشيطان الذي يتجرعُ دمًا بشريًا بكمياتٍ كبيرة، يكتسبُ خلودًا شبه أبدي.. و تتحول عينيه إلى اللون الأحمر. سكتَ ليعم الصمت فأردف : وقتُ الشياطين يمر أبطأ من البشر عشرَ مرات، أي أن كُل عشرةِ أعوامٍ تمرّ على بشريٍ تساوي عامًا واحدًا بالنسبة إلى شيطان.. ازدردَ هاري ريقه ثم سأل بتردد : هَل لي بسؤال ؟ أومأ لهُ راين إيجابًا فأردف : ما هوَ لونُ عيني الشياطين الأصلي بالتحديد ؟ بعد ترددٍ شديد أجابهُ راين قائلًا : بنفسجي... صمتٌ خيمَ عليهم، لم يجرؤ أحد على همسِ كلمة، هُم كانوا قد علموا الإجابة منذُ قدمَ لوكا نفسهُ على أنهُ شقيق راين، لكن ما زالَ سماعُ الأمر مباشرةً صادمًا فقد قتلَ كُلَ أملٍ كانوا يتشبثونَ بهِ علّ راين يكون مثلهم. قالَ راين كاسرًا ذلكَ الجو الراكد : مع أنني قدمتُ نفسي على أنني في الثامنة عشر، فمن منظوركم أنا عشتُ مائة و ثمانونَ عامًا.. سألت روبي : الشياطين لابد لها من شربِ الدم لأجلِ الإستمرارِ بالحياة، إن كنتم لا تشربونَ دماء البشر بطبيعية فكيف... أجاب : شرب دماء البشر ليس محرمًا، نحنُ فقط لا يمكننا الإتصالُ بعالمهم أي لا يمكننا شرب دمائهم، مع ذلك، في عالمنا توجدُ شجرةٌ مميزة وسطَ بحيرة شاسعة من الدماء، نحنُ نسميها شجرة الدم، هيَ تنتجُ دمًا لا نهائيًا شكلَ بحيرة... و هوَ أكثرُ من كافٍ بالنسبة لنا. سألَ هاري : كيفَ أمكنكَ المجيء إلى بعدنا إذًا ؟، كيفَ لهم أن يعبروا الأبعادَ لشرب دماء البشر ؟ راين : التشوه الزمكاني الذي تحدثت عنهُ كاترينا.. سببهُ مجهول لكنه كان السبب في وصوليَ إلى بعد البشر، و ظهور النيغرو فينوس. بياتريس : ألا يعني ذلكَ أنكَ لم تتذوق قطرة دم واحدة طوالَ مائة و تسعة و عشرونَ عامًا ؟، عيناكَ لا تزالان بنفسجيتان... حاولَ راين الابتسام قائلًا : دميَ يفي بالغرض. حلقت ميرا إلى كتفه لتتنهد قائلة : و هذا هوَ السر المزعوم الذي كانَ يخبأه كل تلك المدة.. أحمق أليسَ كذلك ؟ زفرت بياتريس لتقول : بالفعلِ هوَ كذلك. هتفَ بها راين منزعجًا : لا أودُ سماع هذا منكِ أنتِ بالذات ! قهقهت جوليا قائلة : كلاكما أحمق ! فوافقها لوكي : كما تقولين ! التفتت روبي إلى ماركوس لتجفل هاتفة : مار لِمَ أنتَ تبكي ! كانَ ماركوس يذرف الدموع متأثرًا ليقول : أحبُ النهايات السعيدة.. - إرك الشجرة العظيمة : إنتهى - |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية فتيات الزهور | روزماري | روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة | 69 | 02-25-2017 01:41 AM |
رواية الزهور الذهبية (لعنة الحب تنتقل عبر الأجيال) | فارديا | روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة | 11 | 09-30-2015 12:51 PM |
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية | florance | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 02-26-2014 02:28 PM |
رواية نور الكون رواية جديدة من روايات سعوديه رواية نور الكون | الحب الساكن | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 13 | 07-03-2011 03:30 PM |
لمحبي الزهور......مدعويين لكرنفال الزهور....روعة في التصميم..... | samir albattawi | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 24 | 09-12-2007 08:57 PM |