بداية مميزة و حماسية
واصلي ~
النبضة الأولــى - تساقط أوراق الخريف !
2018
وقفت سيارة أسعاف أمام أحد مستشفيات أسطنبول الضخمة ، خرج مجموعة من الأطباء برفقتهم طبيب وهو يصرخ
- بســـــرعة !
أخرج رجال الإسعاف السرير المتحرك من السيارة ملقى عليه جثة المريض الملطخة بالدماء ، كانت المشفى في حالة فوضى ، شتم بغضب وهو يركض بين ممرات المشفى
- ليلة مجنونة ، بحق الجحيم ماذا يجري !
توقف أمام مكتب الأستقبال وهو يطلب من الموظفة ملفاً لمريض ، رن هاتفه ليرفعه على اذنه
- أجل أستاذي لقد أستلمت الملف الآن
ركض متوجهاً نحو السلالم الكهربائية وهو يتصفح الملف و هاتفة مازال في أذنه
- سأجلبها لك الآن لقد أُجريت التحاليل مرتين
فتح باب المشفى الإلكتروني لتدخل مجموعة من الحراس يمسكون برئيسهم المصاب ،أغلق الشاب الهاتف و توجه نحوهم ليرى ما بهم
صرخ أحد الرجال بصوته الجهوري : نحتاج طبيبًا ، ألا يوجد أحد هنا ، ألو !!
سأل الشاب صديقه الواقف يتأمل الموقف : ما الذي يجري هنا ؟
هز كتفه علامة على عدم الفهم ، توجه الحارس نحوهما و قال بغضب وهو يجذب الشاب
- ألست طبيبًا ؟ ، أفعل شيئًا !
- أنا مجرد متدرب !
رفع يده ليضربه : ماذا تعني بمتدرب !
تفاجئ بتلك اليد التي أمسكته ليرى شابة ترتدي معطفًا طبيًا
- أنا الطبيبة هُنا !
نظر أليها الرجل المستلقي على المقعد ثم ألتفت ألى مساعده : أبعدوا هذه المرأة من أمامي
ألتفت المساعد ناحيتها : لا يصلح أمرأة !
قالت بأصرار : أنا الوحيدة المتفرغة هنا أن لم يعجبكما إذهبا إلى مشفى أخر !
اشار له رئيسة بأن يبعدها ، تقدم المساعد ناحيتها و احاط بذراعه كتفيها .
أردف بغزل : ما رأيك بأن تاخدي فترة إستراحة أيتها الطبيبة الجميلة ؟
أبعدت يده عنها بعنف و لوتها له ، تقدم الحراس الأخرون لكنها باشرت بطرحهم واحدًا تلو الأخر ، نظر إليها الشاب المتدرب بعينين واسعتين و كان ينوي مساعدتها ، أحاطها الحراس ليهجموا عليها ، ألتقطت أحد حاملات أغراض التعقيم و ضربتهم بها واحدًا تلو الاخر ، نظر لها الرئيس بعينين مغلقتين و قد أخذ منه الألم كل ما أخذ ، ألقت نظرة على مجموعة الحراس المطروحين على الأرض و هم يتأوهون بصوت منخفض ،رتبت شكلها و وضعت كلتا يديها على خاصرتها
- لا تقلقوا سأعالجكم جميعًا !
نهض المساعد بتثاقل و توجه نحوها رفع يديه بأستسلام
- حسنًا حسنًا أنتي الطبيبة هنا
رمقته بنظرة منتصرة ، و توجهت نحو رئيسه المحاط بـ الحراس
- أبتعدوا لقد أخذتوا من وقتي بما فيه الكفاية أساساً !
أمسكت رأسه لتفحصه ، أخرجت كشاف صغير من معطفها الابيض لترى عينيه ، ألتفتت إلى الشاب المتدرب و قالت له بلهجة آمره : خذوه إلى غرفة الفحص
حدق بها بأعجاب وهو يرد : حاضر أستاذتي
غادرت المكان بخطوات سريعة متوجهه نحو السرير المتحرك الذي أقتحم المشفى منذ لحظات ، اقترب منه صاحبه
- أو هــا ! ، هل رأيت ؟
- أجل رأيت ! ، لكن من تكون ؟
- إنها الطبيبة الجديدة
- ما اسمها ؟
حدق بطيفها الذي يتلاشى بين رجال الأسعاف : اسمها !؟
2007 سبتمبر
تُركيــا تٓحديدًا في أسطنبول
8:00 مساء
كانت تقف مسندة جسدها الرشيق على الحائط ترتدي سروالًا قصيرًا من الجينر و كنزه صوفيه زٓرقاء داكنة بذات لون عينيها اللتان تحملان في داخلهما أمواج البحر الهائجة ، رمقت الرجل اللذي يقف أمامها بنظرة غير مباليه فكل ما يهمها الآن هو الخروج من هذا البيت و التسكع في شوارع أسطنبول المزدحمة في ساعات الليل الأولى
صاح الرجل بغضب : لن تخرجي !
ردت عليه بعناد : بل سأفعل
ظهرت مرأة من خلف الباب و هي ترمقهما بنظرة مستمتعه لطالما أحبت شجارهما أو كما تسميه " حوار بسيط" و ليست كأنها السبب في جعل كل تلك المشاكل تسقط على رأس فيليز ! ، قررت التدخل و هي تتجه نحو زوجها بخطوات متغنجة
- هون عليك عزيزي دعها تخرج مازالت شابة
رمقتها فيليز بنظرة حاده و في أعماقها تمنت لو تمسك عنقها و تخنقها بأصابعها حتى تخرج روحها
أكمل الرجل صراخه وهو يشير إليها بأصبعه بإحتقار : و لما تخرج ! ، أنها تسبب المشاكل و حسب في أخر مره جلبت لنا العار بين سكان الحي ،جعلت الشرطة يأتون و يأخذونني من البيت لأخرجها من النظارة ، لقد تمنيت للحظة أنك لست أبنتي !
صاحت فيليز بغل : كل هذا كان بسبب زوجتك اللعينة ، في الأصل متى أعتبرتني إبنتك !
تهاوت يد الرجل على وجنة فيليز ليسقط جسدها على الأرض و تغطي خصلات شعرها السوداء المموجه وجهها الأبيض
- عِديمة التربية !
هذا ما نطق به الرجل وهو يوجه نظراته المستحقرة لفيليز اللتي باشرت بالنهوض و الوقوف على قدميها لتجري نحو الباب ملتقطة حذائها الرياضي الأبيض و حقيبة ظهرها السوداء الصغيرة
صاحت المرأة : يا أسفي على الأيام اللتي مكثت أربيك بها!
توقفت أمام عتبة الباب عندما لامس مسامعها تلك الكلمات ، تربية ؟ أي تربية ! ، على ما يبدو أنها تقصد عندما أخذتني بسيارتها على مضض وقتما كنت مريضه و رمتني لأقرب ممرضة أمام باب المشفى و ذهبت ! ، هذا ما كان يدور في رأس فيليز ، تفاجئت بيد والدها تجرها نحو الخارج .
صرخت بذعر :إلى أين ستأخذني !؟
فتح باب السيارة و دفعها إلى الداخل : إلى الجحيم !
أغلق الباب بعنف مما أفزع روحها و هي تلقي عليه الشتائم ، ليفتح باب السائق و يركب ليتولى القيادة
- أرتدي حذائك لا أريد أن أظهر خجلي منك أمام الملأ !
- أساسًا منذ متى و أنت تفتخر بي أنت و تلك الساحرة هل ستبرحني ضربًا و تعذبني حتى تقتلني مثل ما فعلت بأمي هـــا !!
آوقف السيارة على جانب الطريق و شدها من شعرها وهو يصرخ عليها و يشتمها و يضربها بينما هي وضعت يدها على وجهها لتحميه من ضربات آبيها العنيفة ، توقف لبرهة وهو يلتقط آنفاسه نظر نحو وجهها الذي تبعثرت حوله خصلات شعرها القاتمة وهي ترمقه بنظرة حادة ثارت بها أمواج البحر الداكن في عينيها !
- حتى أنك لا تبكين ، عديمة أحساس !
ألتفتت نحو النافذة و وضعت سماعات الأذن السوداء على أذنيها و هي تستمع إلى الموسيقى الصاخبة .
***
فتحت عينيها بهدوء وهي تتأمل المكان من حولها ، نزل والدها من السيارة وصفع الباب لـ تلتفت نحوه بفزع و قد أطلقت العنان لشتائمها ، فتح الباب من جهتها و و جذبها نحو الخارج
صاحت بغضب : ببطئ لا تقلق لن أهرب
تأملت المنزل الريفي متوسط الحجم الذي أمامها " منزل الجدة" ، ألتفتت لوالدها بفزع
- لما نحن هنا ، أنا لا أحب هذا المكان
أجابها بإستخفاف : انها مشكلتك ، لقد سئمت منك لم أعد قادرًا على تحمل مصائبك !
قالت بغل : تلك جعلتك ترسلني أليس كذلك ؟
نهرها : لا تتكلمي عن والدتك بهذا الشكل !
ضحكت بإستهتار و أعقبت بحده : إن تلك المرأة القذرة ليست والدتي أو ما شابه ذلك !
ركب سيارته ، و أخرج ظرف رماه عليها ليصطدم بوجهها و يسقط على الأرض .
- لم أعد والدك ولا تحاولي أن تتصلي بي !!
حرك سيارته تارك روحها تتمزق و تحترق ، صرخت بحقد و غل
- -هل انت أب؟ ، هل تسمي نفسك أبًا !!
أعقبت و هي ترى سيارة والدها تتلاشى مع الضباب و قد أجهشت بالبكاء
- - أنا أيضًا سأتركك !
صرخت بألم
- لن أعتني بك عندما تهرم !!
جثت على ركبتيها و قد سالت دموعها بألم يقطع أحشائها و هي تهمس بين شهقاتها
- أمــــــي !!
على الجانب الأخر كانت تلك المرأة تقف خلف الجدار الحجري تسترق النظر لتلك الطفلة المحطمة البائسة
أردفت بحزن : أه عليك يا صغيرتي أه ، ذاك عديم الآنسانية كيف فرط بك ؟
رأتها تقف فسارعت إليها خشية ان ترحل ولا تجدها ، إلتفتت فيليز و هي تمسح دموعها و تكتم شهقاتها لتلك المرأة المسنه التي تقف أمامها .
قالت المرأة بإندهاش : فيليز ما الذي تفعلينه هنا يا أبنتي
ردت عليها بأسلوب فظ : ألا ترين لقد رماني والدي مثل القمامة
ثم صرخت بإنفعال
- أنا لست قمامة !!
أحاطت المرأة بكفيها وجنتي فيليز و هي تهمس : حسنًا يا صغيرتي حسنًا هدئي من أعصابك
أبعدت يديها عنها و هي تحمل حقيبتها : لا أحتاج إلى شفقة أحد
نهرتها الجدة : أه أنظر إلى الوقحة
أشاحت فيليز وجهها و هي تتوجه إلى الداخل : أنا كذلك !
إلتقطت الجدة الظرف المرمي على الأرض لتظهر لها حزمة من المال ، زفرت بتعب : عديم التربية حتى لم يفكر أن يقبل رأس والدته ، ماذا أنتظر من ولد عاق مثله !؟
أترك لكم حرية التعليق بما أنهى مقدمة و لم يتضح شيئ بعد
سأرفق المقتطفات قريبًا لقد اخذ مني تنزيل الموضوع جهد " كسولة :& "
- شكرا لـ الجميلة " Fire" على تحرير النص -