|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
الهدي النبوي في قضاء الحاجة جوانب الكمال والجمال في شريعة الإسلام لا تنتهي ، فأحكامها تتعلّق بجميع جوانب الحياة ومختلف أحوالها ، وآدابها استطاعت أن تقيم واقعاً اجتماعياً فريداً ، عزّ على البشرية أن تجود بمثله ، تلك الآداب التي تحقّق انسجاماً كاملاً مع دواعي الفطرة السليمة وتدعو إليها . والهدي النبوي في قضاء الحاجة ، ما هو إلا مثالٌ يؤكد ما سبق ، فهناك الكثير من الأحكام الذي تعلّقت بهذا الفعل أمراً ونهياً ، وحثّاً وإرشاداً ، وهناك أيضاً العديد من الآداب التي جاء التنبيه إليها ، والتي تعكس نظافة المسلم وطهارته . وأول سمات الجمال في هذه القضيّة ، الطريقة التي تم التعبير عنها في كتاب الله تعالى ، قال عزوجل : { أو جاء أحد منكم من الغائط } ( النساء : 43 ) ، فقد تم التعبير عن إخراج النجاسة من السبيلين بالتلميح ( الغائط) لا بالاسم الصريح المباشر ، والغائط في أصله يطلق على المكان المنخفض من الأرض الواسع ، يقول صاحب مختار الصحاح : " وكان الرجل منهم إذا أراد أن يقضي الحاجه أتى الغائط وقضى حاجته ، فقيل لكل من قضى حاجته قد أتى الغائط.. وقد تَغَوَّط " . وتتنوّع الآداب والأحكام المتعلقة بقضاء الحاجة فنجد أن بعضها تختصّ باختيار المكان ، وأخرى تسبق ذلك الفعل ، وثالثة ينبغي مراعاتها أثناءه ذلك وبعده . فبالنسبة لموضع قضاء الحاجة ، كان هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – الحرص على اختيار الأماكن التي تخفيه عن أعين الناس وتستره عنهم ، ويصوّر لنا عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ذلك فيقول : " كان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هَدَف – وهو البناء المرتفع الساتر - أو حائش نخل - يعني حائط نخل – " رواه مسلم ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا ذهب لقضاء حاجته يسير كثيراً حتى لا يكاد يُرى ، ابتعاداً عن أعين الناس ، وهذا هو المقصود من قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب المذهب أبعد " رواه النسائي . وللسبب ذاته لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - يرفع ثوبه إلا بعد الدنو من الأرض ، كما روى ذلك الإمام الترمذي . وتظهر النصوص النبوية النهي عن قصد مواضع معيّنة لقضاء الحاجة ، كالمقابر - مراعاةً لحرمة الأموات - ، أو قصد أماكن الناس وطرقاتهم ، أو قضاء الحاجة في المياه الراكدة ، وقد جاء في ذلك جملة من الأحاديث ، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق) يعني أنهما في القبح سواء ، رواه ابن ماجة ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد ، وقارعة الطريق ، والظل ) وهي الأمور التي تجلب لعن الناس ، رواه أبو داود ، وقول جابر رضي الله عنه : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد ، رواه النسائي . وتعظيماً لقبلة المسلمين وإعلاءً لشأنها جاء النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ) رواه مسلم . وهناك العديد من الآداب النبويّة الوقائيّة التي تمنع من تعلّق النجاسة بالثياب أو الجسم ، وتسهم في الوقت ذاته في الحماية من وسوسة الطهارة ، ومن ذلك النهي عن التبوّل في المغتسل ، فعن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يبولنّ أحدكم في مستحمه ، فإن عامة الوسواس منه ) رواه النسائي ، والأمر بالتبوّل جلوساً كي لا تتلوث الملابس ، وهكذا كان أغلب حال النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يقضي حاجته وهو جالس ، ولم يُحفظ عنه القيام إلا مرة واحدة ، ومما يدل على أن الغالب في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الجلوس قول عائشة رضي الله عنها : " من حدثكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فلا تصدقوه ؛ ما كان يبول إلا جالساً " رواه النسائي . وقد جاء الوعيد الشديد على الاستهانة بإزالة النجاسة وعدم الوقاية منها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( أكثر عذاب القبر من البول ) ، وأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم – مرّ على قبرين فقال : ( إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله) أي : يستبريء منه ، متفق عليه . وكل ما يحقّق هذه الحماية يٌستحب فعله ، فالأمور بمقاصدها ، ومن ذلك اتقاء جهة الريح ، واختيار الأرض الرخوة التي لا ترتدّ منها النجاسة ، ولبس الحذاء أثناء قضاء الحاجة ، إلى غير ذلك من الوسائل . ومن السنّة قبل الدخول إلى الخلاء ذكر الله عزوجل ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله ) رواه الترمذي ، وكان - صلى الله عليه وسلم – إذا دخل الخلاء قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) وهو تعوّذٌ من ذكور الشياطين وإناثهم ، للوقاية من أذاهم . ومن السنّة كذلك الدخول بالقدم اليُسرى وتأخير اليمنى ، مع التنبّه بعدم حمل الأوراق أو الأشياء التي تحتوي على ذكر الله ، صيانةً لاسم الله وإجلاله . وليس الخلاء مكاناً مناسباً للاستئناس أو الحديث ، ولذا فإن من الأدب ترك الكلام مع الناس عموماً ، ومن باب أولى عدم رد السلام وتشميت العاطس ونحوهما ؛ ولذلك امتنع النبي - صلى الله عليه وسلم – عن الردّ على من سلّم عليه وهو يبول حتى توضأ ، وجاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط ، كاشفان عورتهما يتحدثان ؛ فإن الله يمقت ذلك ) رواه أحمد . وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينوّع بين الاستنجاء والاستجمار ، ويجمع بينهما أحياناً ، والاستنجاء هو استخدام الماء في إزالة الأذى ، والاستجمار يكون بالحجارة ونحوها ، ويكون ثلاث مرّات لاستحباب الوتر في ذلك ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتراً ) رواه مسلم . ولا يجوز استبدال الحجارة بالعظام أو الروث ، لأنهما طعام الجن ، ويدل على ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – لأبي هريرة رضي الله عنه : ( لا تأتني بعظم ولا بروثة ؛ فهما من طعام الجن ، وإنه أتاني وفد جن "نصيبين" فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما ) رواه البخاري . وجاء النهي عن مس الذكر باليد اليمنى حال قضاء الحاجة ، أو استخدامها في إزالة الأذى صيانةً وإكراماً لها ، لحديث : ( إذا بال أحدكم فلا يأخذنّ ذكره بيمينه ، ولا يستنج بيمين ) رواه البخاري ، فإن الشريعة قد جعلت لليمين كل الأعمال الحميدة ، وجعلت مباشرة الأذى والنجاسات باليد الأخرى ، فعن حفصة رضي الله عنها قالت : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجعل يمينه لأكله وشربه ، ووضوئه وثيابه ، وأخذه وعطائه ، ويجعل شماله لما سوى ذلك " رواه أحمد . وإذا أراد الخروج من موضع قضاء الحاجة فإنه يقدّم اليمنى ويقول " غفرانك " ، يدل عليه قول عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال : ( غفرانك ) رواه الترمذي . ومن خلال هذه الجولة في هذه الآداب ، نقف على شمولية هذا الدين وعظمته ، فحريٌّ بنا أن نفتخر بخير دين وأعظم ملّة ، والله الموفق |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الهدي النبوي في ذبح الأنعام | .رشا. | نور الإسلام - | 9 | 05-06-2010 05:52 PM |
الطب النبوي | ABUMOHANAD | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 09-02-2007 11:24 AM |
الطب النبوي | ABUMOHANAD | نور الإسلام - | 7 | 08-19-2007 03:30 PM |
الهدي النبوي في التعطر | oays tamim | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 0 | 02-23-2007 10:33 PM |