عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-12-2015, 03:02 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/12_10_15144460713383153.jpg');border:3px inset darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





الفصل الثالث
في مسرح الجريمة


أعتقد ان اهتمامي بهذا الحادث قد تضاعف عند ذكر دليل برادشو السياحي القائم على تسجيل اسماء المحطات
بالترتيب الأبجدي وكان اهتمامي قبل ذلك لايعدو اهتمام اي شخص غريب بمقتل امرأة عجوز فقيرة في بلدة نائية .
انها جريمة من النوع الذي تنشره الصحف في اصغر اركانها وباصغر
حروف طباعتها وكنت اعتقد في قرارة نفسي ان المسز آسكر ذهبت ضحية زوجها السكير وانه لاشأن
للرسالة الغامضة بهذه الجريمة وان الأمر كله لايعدو ان يكون محض صدفة .اما بعد ما سمعت بامر
هدا الدليل الأبجدي للسكة الحديدية فقد احسست برعدة تسري في كياني وانا اؤمن بان هذا لايمكن ان يكون مصادفة.
لقد اتخدت الجريمة في رايي وجهة اخرى خطيرة.
فمن هو ذلك الشخص الخفي الذي قتل المسز آسكر وترك وراءه الدليل الأبجدي لمحطات السكة الحديدية ؟
وبعد ان غادرنا مرطز الشرطة في اندوفر ذهبنا الى المشرحة حيث راينا المجني عليها جثة هامدة
بشعرها الأشيب والإصابة القاتلة في راسها واسرعنا بالخروج الى مكتب الجاويش الذي قال لنا مواسيا :
- انها لم تعرف من الذي قتلها فان الدكتور كار يقول ان الوفاة حدثت في الحال واني لمسرور لهذا
لأن هذه السيدة كانت طيبة ومسكينة وأحمد الله انها لم تتعذب .
وقال بوارو :
- يبدو انها كانت جميلة في شبابها.
فنظرت اليه مدهوشا وقلت :
- هل لهذا علاقة بالحادث ؟
- حسنا.. سوف نرى..
ثم التقينا بالدكتور كار الذي قال :
- ان رجال المباحث لم يعثروا على اداة القتل بعد ولكن الواضح انها اداة من نوع عادي هراوة
ثقل من اي نوع عصا محشوة بالحديد او كيس رملي كل هذه قد يكون من الأدوات التي تستعمل لإرتكاب الجريمة.
- هل توجيه هذه الضربة كان يستلزم قوة خاصة .
فنظر الطبيب اليه في ارتياب وقال :
- أتعني هل يستطيع رجل مثل آسكر في السبعين من عمره مرتعش اليدين ان يوجه ضربة كهذه.
- نعم .ان هذا ممكن.
- اذن فقد يكون القاتل امرأة ؟
فنظر الطبيب اليه بدهشة وقال :
- امرأة ؟ ان هذا الإحتمال لم يخطر ببالي ولكنه احتمال ممكن الوقوع اما من الناحية النفسية
فيمكنني القول انها ليست جريمة نسائية.
فأومأ بوارو براسه موافقا وقال:
- بكل تأكيد .بكل تأكيد. ان هذا امر بعيد الإحتمال ولكن على الإنسان ان يشمل بنظراته جميع
الأحتمالات وكيف كان وضع الجثة ؟
فذكر الطبيب انه يرجح ان المجني عليها كانت قد استدارت بظهرها للقاتل لكي تأتي اليه بشيء
فأهوى على راسها فتكومت على نفسها وراء منضدة البيع ومن ثم بدا الدكان لعابر السبيل وكانه خال تماما.
وقال لي بوارو بعد انصرافنا :
- أترى يا عزيزي هاستنغز هذه النقطة جديدة في جانب براءة آسكر فلو انه هو الذي ذهب الى زوجته
يسبها ويهددها لوقفت امامه تواجهه..ولكنها كانت عند الوفاة مستديرة بظهرها الى القاتل
الذي جاء ولاشك في هيئة رجل يريد شراء شيء .
ثم أردف قائلا وهو ينظر في ساعة يده :
- أعتقد ان اوفرتون ليست بعيدة عن هنا ..ما رايك في ان نسرع اليها الآن ونقابل ابنة اخت المجني عليها ؟
- الا يحسن ان نمضي اولا الى مسرح الجريمة ؟
- افضل ان افعل هذا فيما بعد لأسباب خاصة.
وبعد لحظات قليلة كنا نندفع بالسيارة في طريق لندن متجهين نحو بلدة اوفرتون ..وكان العنوان
الذي اعطاه لنا المفتش ينطبق على بيت كبير الحجم يبعد نحو ميل على الجانب " اللندني" من القرية .
واستجابت لرنين جرسنا فتاة شابة في ملابس سوداء جميلة الوجه متورمة العينين من فرط البكاء.
قال بوارو لها برفق :
- آه أعتقد انك المس ماري دراور ؟
- أجل يا سيدي انني ماري يا سيدي
- هل استطيع ان اتحدث معك بضع دقائق بعد اذن سيدتك ؟ ان الموضوع يتعلق بمقتل خالتك المسز آسكر.
- ان سيدتي في الخارج يا سيدي وهي لن تمانع في ان تتفضل بالدخول.
ثم فتحت بابا لغرفة استقبال صغيرة وبعد ان جلسنا بجوار النافذة رمق بوارو الفتاة بامعان ثم قال :
- لقد سمعت طبعا بما حدث لخالتك ؟
فأومأت الفتاة براسها وقالت والدموع تنساب من عينيها :
- علمت هذا الصباح يا سيدي عندما جاء احد رجال الشرطة واخبرني بالحادث .آه..ان الأمر فظيع
يا خالتي المسكينة أتعيش بائسة طيلة حياتها ثم تكون هذه هي النهاية.
- ألم يعرض عليك رجل الشرطة الذهاب الى اندوفر ؟
- قال لي يجب ان احضر جلسة التحقيق التي ستعقد يوم الإثنين التالي اما الآن فكيف اذهب
واين اقيم هناك ؟ انني لن اطيق الإقامة في غرفة خالتي التي تقع وراء الدكان .وزميلتي في العمل هنا
غائبة عند اهلها واعتقد انه لا يجوز ان اترك سيدتي بمفردها في مثل هذه الظروف.
فقال بوارو برفق :
- كنت تحبين خالتك ؟
- جدا يا سيدي لقد كانت عطوفا علي دائما ..هكذا كانت دائما منذ وفاة امي .وقد بدأت أعمل بالخدمة
في البيوت منذ كنت في السادسة عشرة من عمري ولكنني كنت حريصة على قضاء يوم عطلتي
الأسبوعية لديها وكان ذلك الألماني اللعين سببا في شقاء حياتها .انه لم يتركها تنعم يوما بالراحة والهدوء.
وكانت الفتاة تتحدث بحماس .فقال بوارو :
- ألم تفكر خالتك يوما في طلب الطلاق منه ؟
- لايا سيدي ..ان خالتي لم تكن من النوع الذي يبرر الطلاق لأي سبب.
- وهل سمعته يهددها يا ماري ؟
- أوه ..كثيرا..وما افظع ما كان يقوله لها .كان يقول انه سيذبحها يوما وسيحرقها يوما وسيدق عنقها
كان لايكف عن السباب بالإنجليزية والألمانية ومع ذلك كانت خالتي تقول انه كان في شبابه رجلا لطيفا جميلا مهذبا.
- اذن فأنت لم تدهشي كثيرا حين سمعت بمصرع خالتك واتهام رجال الشرطة اياه بانه القاتل ؟
- على العكس يا سيدي ... لقد دهشت جدا لأنه لم يخطر ببالي قط ان مثل هذا الرجل العجوز السكير المهدم يستطيع ان يقتل نفسا بشرية ..بل اكثر من هذا كنت اراه يتراجع عنها كالكلب المذعور عندما تستدير اليه وتبدأ في معاملته بالمثل .أجل لقد كان يخشاها.
- ومع ذلك كانت تعطيه مالا ؟
- طبعا يا سيدي..ألم يكن زوجها .
- أجل ..أجل..
ثم اردف بوارو بعد لحظة صمت :
- لنفرض انه ليس قاتلها...
فحملقت في وجهه بدهشة وتمتمت :
- ليس قاتلها ؟
- أجل ..لنفرض ان الذي قتلها شخص آخر فهل لديك اية فكرة من يمكن ان يكون ؟
- لا ياسيدي مطلقا ان هذا غير محتمل .فمن هذا الذي يسعى الى قتل امرأة عجوز مسالمة مثل خالتي ؟
- ألم تسمعيها تذكر اسم اي شخص غاضب منها او ساخط عليها :
- أبدا يا سيدي ...
- الم تستلم قط رسائل بتوقيعات أشخاص مجهولين ؟
- لااظن يا سيدي..
- اليس لخالتك اقارب غيرك :
- لا اظن ياسيدي لقد كنت واحدة من عشر بنات وابناء ولكن لم يعش منهم سوى ثلاثة غيرها
هي وخالي توم الذي قتل في الحرب وخالي هاري الذي رحل الى اكريكا الجنوبية
ولم نعد نسمع عنه شيئا اما امي فقد ماتت وانا طفلة ..وهكذا لم يبق لها من الأقارب غيري .
- هل كانت خالتك تدخر مالا ؟
- كانت تدخر في بنك التوفير مبلغا بسيطا يكفي لنغطية نفقات جنازتها اما فيما عدا ذلك
فقد كانت تجاهد حتى تقيم اودها فضلا عن المبالغ التي كان ذلك الشيطان يبتزها منها .
فاومأ بوارو براسه ثم نهض وهو يقول :
- اذا احتجنا اليك في اي وقت يا ماري فهل نكتب اليك في هذا العنوان ؟
- الواقع انني لن انكث هنا طويلا ..لقد آثرت العمل في البلدة لأكون قريبة من خالتي.
ثم طفرت الدموع من عينيها وهي تردف قائلة :
- اما وقد ماتت فاعتقد ان مكان العمل الملائم لفتاة مثلي هو المدينة "لندن".
- أرجو عندما ترحلين الى لندن ان ترسلي لي بعنوانك الجديد وهذه هي بطاقتي .
فقالت بعد ان نظرت في البطاقة :
- اذن فانت لست من رجال الشرطة يا سيدي ؟
- اني اعمل لحسابي الخاص .
فوقفت ونظرت اليه برهة ثم قالت بصوت خافت :
- هل ثمة شيء خاص في هذه الجريمة يا سيدي ؟
- أجل يا ابنتي وسوف تعرفين كل شيء في حينه ونرجو ان تبذلي جهدك في مساعدتنا اذا احتجنا اليك .
- هذا ما ارجوه يا سيدي..
وبعد لحظات كنا في طريق العودة الى اندوفر....
كان مسرح الجريمة في شارع جانبي يتفرع من الشارع العام بالبلدة وكان دكان المسز آسكر
يقع في منتصف هذا الشارع الجانبي في الجهة اليمنى
وفيما نحن ندخل هذا الشارع رايت بوارو ينظر في ساعته ...وعندئذ ادركت لماذا ارجأ زيارة مسرح
الجريمة حتى هذا الوقت لقد أراد ان يصل اليه في نفس الفترة المماثلة التي وقع فيها الحادث اي
في الساعة الخامسة والنصف مساءا
وكان ثمة بعض الدكاكين المتناثرة بين بيوت الطبقة الدنيا في ذلك الشارع الجانبي وكان المعتاد في
ذلك الوقت من اليوم ان يرى فيه بعض السكان وهم عائدون من اعمالهم الى بيوتهم او بعض الأطفال
وهم يلعبون اما عندما ذهبنا نحن فقد كان المنظر جد مختلف كان هناك جمع كبير من سكان البلدة الذين
دفعهم الفضول الى مسرح الجريمة راحوا من بعيد يقفون جماعات جماعات يتبادلون الأحاديث والتعليقات عن الحادث.
ولما وصلنا الى الدكان وجدناه **** المظهر مغلقا وقد وقف امامه احد رجال الشرطة
ووقف بوارو ينظر الى اللافتة ال****ة التي تحمل اسم " آسكر" ثم فجأة قال لي :
- هلم ندخل هذا الدكان يا هاستنغز.
وشققنا طريقنا بين المجتمعين وقدم بوارو بطاقته الخاصة لرجل الشرطة الذي اومأ براسه
وفتح باب الدكان وسمح لنا بالدخول بين دهشة المتفرجين البالغة.
وكان الظلام في الداخل كثيفا فأدار الشرطي مفتاح النور..وعلى هذا الضوء الكهربائي اخذت افحص ما حولي.
كان دكانا صغيرا ****ا ايضا من الداخل على منضدة البيع بعض الصحف والمجلات الرخيصة التي يعلوها
الغبار ووراء المنصة بضعة ارفف عليها علب السجائر والحلوى والتبغ وبعض الدمى الخزفية
الرخيصة وعلى مشجب في نهاية الدكان كان ثمة معطف من الصوف القديم ومطرف
وصديرية نسائية وكانت هذه كل بقايا ملابس المسكينة آليس آسكر .
وقال بوارو وهو يمسك بيدي :
- هلم الى الخارج يا هاستنغز فلن نجد هنا ما يلقي اي ضوء على الحادث.ولما عدنا الى الشارع
وقف بوارو مترددا برهة ثم عبرنا الطريق الى الجانب الآخر حيث كان ثمة دكان فاكهي وخضري
في الجهة المقابلة تماما لدكان المسز آسكر وكان الفاكهي يعرض معظم سلعه على منصات خارج الدكان.
وكان بوارو قد طلب مني بصوت خافت _ونحن نعبر الطريق الى ذلك الدكان_ ان أشتري اية كمية
من الفاكهة اثناء حديثنا مع البائعة ،وراح يتحدث مع البائعة البدينة وهو يشتري منها
كمية الخس بينما طلبت انا شراء رطل من الفراولة وكان هو يقول معلقا على الحادث :
- كان الحادث في مواجهتك تماما..اليس كذلك ؟ أعني مقتل المسز آسكر لاشك انه اثار ضجة كبيرة في بلدة صغيرة كهذه.
ويبدو ان البائعة البدينة كانت قد تعبت من كثرة الحديث عن هذا الموضوع إذ قالت في ضجر واضح :
- انني لا ادري لماذا يتجمع كل هؤلاء الناس ..ماذا يشاهدون وعلى اي شيء يتفرجون ؟
- لاشك ان الشارع امس كان هادئا ..ولعلك لاحظت القاتل وهو يدخل انه رجل طويل اشقر روسي السمت ..او هكذا يقال
- ماهذا ؟ أهو روسي ؟
- علمت ان رجال الشرطة قبضوا على رجل روسي بتهمة قتل المسز آسكر.
- آه حسنا جدا..اذن فهو اجنبي غريب عن البلاد .
- كنت أظن انك لمحته وهو يدخل دكانها.
- الواقع انني لا ألاحظ المارة كثيرا لأنني اكون في مثل هذا الوقت مشغولة بالبيع
ولكن الؤكد انني لم ار رجلا طويلا اشقر البشرة يمر بالشارع امس.
وهنا تدخلت انا في الموضوع وقلت :
- معذرة ايها السيد لكنني سمعت شخصيا ان رجال الشرطة القوا القبض على رجل قصير خمري
اللون له لحية صغيرة. واشترك في الحديث عندئذ صاحب الدكان _وكان زوج البائعة_ وصبي في نحو العاشرة
وقد قال الثلاثة انهم راو أربعة رجال قصار سمر الوجوه ولكن ليس بينهم واحد له لحية صغيرة ..
وقال الصبي انه راى رجلا طويلا اشقر وله لحية .وبعد اصرافنا قلت لبوارو في ضيق :
- ماذا كنت تهدف من هذا اللغو الفارغ ؟
- كنت اريد ان اعرف الى اي حد يمكن ان يلاحظ هؤلاء الناس مرو رجل غريب عن البلدة بهذا الشارع .
- اما كان يمكنك ان تسألهم مباشرة ؟
- لا..ان السؤال المباشر يجعلهم يتحفظون اما هذه الطريقة البسيطة في تبادل الحديث فهي التي تخرجهم
وتجعلهم يتجاوبون معك ويجيبون على اسئلتك دون ان يشعروا بالخوف او الحرج .
ثم اردف
قائلا وهو ينظر الى كيس الفاكهة في يدي : عندما تشتري نوعامن الفاكهة في مثل هذه الظروف
يا هاستنغز يجب ان تختار نوعا من الفاكهة الجافة انظر الآن ان الفراولة قد اوشكت ان تبلل ملابسك
ولاحظت في استياء ان تلك هي الحقيقة ومن ثم انتهزت اول الفرصة واعطيتها لغلام في الطريق
واضاف بوارو اليها الخس الذي اشتراه ثم عدنا الى الجانب الذي يقع فيه دكان المسز آسكر حيث
راينا ان المنزل والدكان الواقعين على يمينه خاليين ومكتوب عليهما للإيجار
اما على الجانب الآخر فكان ثمة منزل صغير **** تنسدل على نوافذه الأمامية ستائر غبراء
من الموسلين .وطرق بوارو باب هذا المنزل الأخير فلم يلبث ان فتحه صبي صغير قذر السمت فسأله بوارو عن والدته .
فأسرع اليها وبعث بها الينا بينما هو في ركن من الردهة يتأملنا في شك وقلق.
واقبلت سيدة حادة الملامح متجهمة الوجه وقالت فورا :
- لافائدة من اضاعة وقتكم في....
ولكن بوارو قاطعها وهو يرفع قبعته ويحييها باحترام :
- طاب مساؤك يا سيدتي انني محرر بصحيفة " الا يفننج فليشر" وارجو ان تقبلي هذه الجنيهات الخمسة مقابل اعطائنا بعض المعلومات الخاصة لكتابة مقال عن جارتك المسز آسكر
فانبسطت اسارير المرأة امام الجنيهات الخمس وقالت :
- تفضلا بالدخول ...تفضلا.
ودخلنا غرفة صغيرة ضيقة مكتضة بالأثاث القديم واستطعنا ان نجلس على نحو ما أمام السيدة التي قالت معتذرة :
- انني آسفة على لهجتي الحادة التي تحدثت بها معكما في اول الأمر والواقع ان ربة المنزل منا
لاتكاد تفرغ من فتح الباب بين الحين والآخر لهذا البائع المتجول او ذاك ، باعة المكانس الكهربائية
والمطهرات والصابون الكيميائي والجوارب والروائح وما الى ذلك
وكلهم يتحدثون برقة ولباقة يحاولون ان يكتبوا الإسم ويقولون " لكي تكوني عملية دائما يا مسز فارلو " وهكذا.
وانتهز بوارو فرصة التعرف باسمها فقال بلباقة :
- حسنا يا مسز فارلو ..ارجو ان تحققي رجاءنا في كتابة المقال عن جارتك المسكينة
فرمقت المرأة الجنيهات الخمسة في بوارو وقالت :
- انني ارجو هذا .ولكنني لااعرف كيف تكتب المقالات .
فاسرع بوارو واكد لها انها لن تكتب بنفسها شيئا وانما يكفي ان تدلي اليه بما تعرفه عن
حياة جارتها الخاصة ثم يتولى هو صياغة المقال.
وتشجعت المسز فارلو واندفعت تحدثنا بكل ما تعرفه عن المجني عليها
كانت تعيش منطوية على نفسها ولا تميل الى مصادقة احد ولاشك ان كان لها العذر بسبب المتاعب
التي عاشت فيها والتي كان زوجها السبب الوحيد في اثارتها ولكن المسز آسكر لم تكن
تخشاه حقا بل انها كانت تستطيع اذا شاءت ان تملأ قلبه فزعا منها الا ان هذا لم يكن يمنع المسز
فارلو من تحذير جارتها المسز آسكر الى قتلك ذات يوم فكوني دائما على حذر منه
وقد حدث ما كنت أخشاه واتنبأ به وماتت مقتولة دون ان اشعر او اسمع اي شيء
وتوقفت المسز فارلو راسها وقالت انها لا تعلم شيئا عن هذا ولاتعتقد ان المسز آسكر من النساء
الآتي يهتم احد بارسال خطابات بلا توقيع اليها .
وسألها بوارو قائلا :
- هل سبق ان رايت عندها دليل برادشو للسكة الحديدة ؟
فقالت في حيرة :
- انني لم ار مثل هذا الدليل في حياتي.
- انه يرتب اسماء المحطات بالحروف الهجائية.
- لا يا سيدي ..لم اره من قبل لا عند المسز او عند غيرها.
- هل راى احد ذلك المدعو آسكر وهو يدخل دكانها في تلك الساعة التي وقعت فيها الجريمة ؟
- لاشك انه كان حريصا طبعا حتى لايراه احد .
والقى بوارو عليها مزيدا من الأسئلة ولكن المرأة ظلت تعيد تكرار ما قالته عن سوء
أخلاق المستر آسكر وعن قسوة معاملته لزوجته وعن تحذيراتها هي الدائمة لها.
ولما اعطاها بوارو الجنيهات الخمسة وانصرفنا قلت له :
- أتعتقد ان هذه المعلومات المكررة التافهة تساوي هذا المبلغ ؟
فهز بوارو كتفيه وقال :
- اننا الآن كالذي يعيش في ظلام دائم. ولكن من يدري ؟
فربما نجد في النهاية بصيصا
من الضوء يرشدنا الى غايتنا.
ولعل بعض المعلومات التي تبدو لنا الآن تافهة تكون ذات قيمة كبيرة في المستقبل .
ولم افهم في تلك اللحظة ماذا يعني بالتحديد
ولكنني لم اطلب منه التفسير او التوضيح لأننا التقينا عندئذ بالمفتش جلين.




[/ALIGN]
[/SIZE]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________