المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الثالث) .. 3.1
سار الأربعة بهدوء وحذر بين الأروقة محاولين إيجاد باب يؤدي إلى الخارج أو على الأقل نافذة ما, ولكن حتى الآن يبدو وكأنهم يدورون وسط حلقة مفرغة, حتى وصلوا لحائط وقف أمامهم وسط الرواق, فقال أيهم بتضجر: اللعنة! ماهذا؟ إنه يبدو وكأنهم يحتجزوننا
حرّكت أمل مزلاج باب بالقرب فإذا به مغلق وهي تهزّه مراراً, شعر سامي بقشعريرة في جسده وهو يقول بقلق: يا إلهي! إنهم يفكّرون بخطة لإلتهامنا الآن
أشواق بقلق: لايمكن
أطلقت أمل الليزر نحو لسان الباب ففتح وصرّ حيث سمع البقية صوته وهم يديرون برؤسهم نحوه, فقالت أمل بحزم: إن أرادوا احتجازنا بطريقتهم فنحن إذاً سنخرج من هنا بطريقتنا
فتحت الباب كاملاً فاقتربوا جميعاً يطلّون حيث إنارة سلاح أشواق توضّح مابالداخل وإذا بها حجرة ضيّقة ذات سلالم توصل إلى الأعلى مؤدية إلى الطابق الثاني, فقال أيهم بهدوء: هيه! لربما هذا الطريق سيوصلنا إلى مكان ما
فقال سامي بقلق: ولكن إن صعدنا السلالم فلن يوصلنا ذلك إلى المخرج
أيهم بحزم: إنه أفضل من الدوان في هذهِ الأروقة مراراً, وإن اقتضى الأمر فسنخرج من النوافذ
شهق سامي بدهشة, وصعد الجميع السلالم حتى وصلوا لنهايته, ففتحت أمل الباب ببطء لكنه لم يصدر صريراً كما توقّعت ففكّرت: عظيم! هذا الباب لايصرّ
ألقت أمل نظرة قبل أن تخطّ قدماها الرواق حيث لا أحد, ثم دخلت وتبعتها أشواق ثم أيهم وأخيراً سامي, ساروا في الرواق قليلاً بصمت وحذر ألا تُسمع خطواتهم, كانت أشواق تتنفس بصعوبة وساقاها تهتزّان, فجأة توقفت وهي تضع أحد يديها على الحائط, لاحظها الجميع بما أنها تملك مصدر الضوء حيث تغيّر اتجاهه, تقدّمت أمل نحوها وهي تقول بشيء من القلق: أشواق! هل أنتِ بخير؟
انحنت أمل نحوها فيما بقي الصبيان واقفين مكانيهما, فقالت أشواق بهدوء: آسفة, لـ لقد أصبت بالدوار قليلاً, سأكون بخير
أمل بقلق: هل أنتِ بخير حقاً؟ يمكننا التوقف هنا قليلاً
أيهم بتضجر: ولماذا نتوقف الآن؟ يجب أن نخرج أولاً ثم نستريح في وقت لاحق
سامي مقطباً حاجبيه: أيهم!
رمقته أمل بغضب ولكن قبل أن تقول شيئاً قالت أشواق: لابأس, يمكنني المواصلة
أمل بهدوء: هل أنتِ متأكدة؟
أشواق بابتسامة مصطنعة: أجل
ساروا بضع خطوات حتى وصلوا إلى مفترق طرق يمنة ويسرة, وفي المنتصف لوحة كبيرة قد رسمت عليها جمجمة إنسان وخلفها قصراً فخماً محاط بأسوار رمادية في غسق الدجى, توقّف الجميع أمامها وإنارة السلاح تركزت عليها, بدت تلك الجمجمة مرعبة وكأنها تنظر إليهم, فقال أيهم بحيرة: أليس هذا هو هذا القصر نفسه؟
أضافت أمل بهدوء حيث وقفت بجانبه: يبدو كذلك
سامي بخوف: هذهِ الصورة مرعبة جداً
أمل بإشمئزاز: أكل شيء بالنسبة إليك مرعب؟
مالت الإضاءة قليلاً, وسقط السلاح أرضاً حيث تنبّه الجميع لأشواق التي سقطت على الأرض, فنادتها أمل باسمها وهي تنحنت إليها وكذلك فعل سامي الذي كان يشعر بالقلق, رفعت أمل رأسها عن الأرض فكان جسدها كله يرتجف وهي تتنفّس بصعوبة, وهناك بعض الدموع من عينيها, فقالت أمل بقلق: أشواق!
لم تكن لتستطيع الإجابة بالرغم من وعيها, لقد خارت قواها في لحظة وأصبحت نصف واعية لما حولها, لسانها ثقيل عيناها ثقيلتان إلاّ أنها أبقت نصفها مفتوحة بالكاد كإستجابة لنداء أمل, فقال سامي بقلق: مالذي يحدث لها؟ هل هي بخير؟
كزّت أمل بأسنانها وهي تقول بقهر: هبوط! إنها بحاجة لطعام الآن
أيهم بدهشة: الآن!
أدارت أمل برأسها نحو سامي قائلة بحزم: سامي! ألديكَ بعض الطعام في حقيبتك؟
سامي بارتباك: هاه! الحقيبة!
شهق بدهشة وهو يقول: هاااه! لقد نسيتها في حجرة الطعام!
أمل بانفعال: تباً! سامي!
حرّكت أمل أشواق لتسند ظهرها إلى الجدار, وهمست لها: لاتقلقي! سأعود قريباً
نهضت أمل وقال أيهم بحيرة: هيه! مالذي يجري؟
أمل بحزم: أشواق تفقد قوّتها إن لم ننقذها الآن فستكون في موضع حرج
أيهم بحزم: ننقذها! مالذي يجدر بنا فعله الآن؟
أمل بشرود ونبرة حازمة: سأحاول إيجاد حجرة المائدة تلك واحضر لها بعض الطعام أو أي شيء ينقذها
أيهم بحيرة: ماذا؟
أمل بحزم: ابقيا معها ولاتتحركا من هنا, سأعود حالاً!
ركضت أمل مبتعدة وهي تركض فاستدار أيهم نحوها وركض خلفها وهي ينادي بحزم: هيه! انتظري!
ركضا في الظلام تاركين سلاح أشواق على الأرض, انحنى سامي والتقطه ثم قال بلطف وهو يقطّب حاجبيه محدّثاً أشواق: لاتقلقي أشواق ستكونين بخير
سمعت كلماته وكل الحوار الذي دار ولكنها لم تستطع أن تجب أو تضيف شيئاً, كانت تركز قواها على ألاّ تفقد الوعي, لقد فكّرت بأنه مهما حدث عليها أن تكون واعية على الأقل في مثل هذا الوقت والمكان الحرج.
~|| ==================| خطوات تائهة |================== ||~
ركضت أمل في الرواق ومن خلفها أيهم حيث كان سلاحه ينير المكان بشكل خافت, حاول إيقافها وهو ينادي: ماذا تفعلين؟ توقفي!
توقّفت وأدارت برأسها إلى الخلف قائلة بحزم: مالأمر؟ يجب أن نسرع!
توقّف أيهم بجوارها وهو يقول بحزم: نسرع من أجل ماذا؟ أخبريني بكل شيء الآن!
أمل بحزم: أخبرتك بأنه علينا أن نذهب إلى حجرة الطعام لإحضاره البعض منه لأشواق
أيهم بحيرة: ولكن لماذا؟ أنا لم أفهم! مالذي أصابها؟
أمل بحزم: أشواق تعاني من ضغط الدم المزمن وقد تصاب بصدمة في هبوط في مستوى ضغط الدم أحياناً, والأمر يصبح سيئاً حينما تتوتر أو تشعر بالخوف أو تتعرّض لأي صدمة نفسيّة, وذلك يجعلها حتى غير قادرة على التحرّك أو التحدّث, وحينما يهبط إلى معدّل ضعيف قد تتعرّض لإغماءة وربمّا تفقد حياتها
كان أيهم يستمع إليها بإنصات, فاسترسلت: يجب علينا أن نجد بعض الطعام ويُفضّل أن يكون مالحاً حتى يرتفع ضغط دمها بشكل أفضل وتعود لطبيعتها
أيهم بهدوء: فهمت
فكّر أيهم مع نفسه: لذلك كانت قلقة جداً بشأنِ أشواق حينما أضعناها في الغابة
استدارت أمل إلى الجهة المغايرة وهي تقول بحزم: والآن فلنسرع, يجب أن نجد أي شيء لنحضره إليها
ناداها أيهم ليستوقفها: مهلاً! .
.
|
|