عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 02-18-2016, 12:15 AM
 
المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الرابع) .. 4.1






"لا أحد سيرحل"


مرّت لحظة من الصمت والذهول حينما قرأوا تلك الكلمات على باب المنزل, والتي كُتِبت بخط أحمر كبير, أيهم يقف في المقدمة ممسكاً بالإضاءة ومن خلفه أمل تمسك بأشواق وسامي بجانبهما, فقال الأخير بخوف: يا إلهي! لقد وجدونا! سيأتون إلينا الآن! ويلتهمونا!

فأضافت أمل بحزم: كلا! أيها الأحمق! لابد أنّ هذهِ العبارة كانت موجودة في السابق ولكننا لم نرها بسبب الإضاءة الخافتة

تقدّم أيهم بضع خطوات نحو الباب حتى توقّف وهو يقول بذهول: بالرغم من أننا كنّا على علم بأنّ الباب يفتح عن بعد ولكن النوافذ كانت هنا أليس كذلك؟

كان الحائط الذي يقفون مقابلة ذو باب فقط دون تلك النوافذ التي كانت تسمح لأشعة الشمس بالدخول بالسابق ولكان المدخل مظلماً لولا الإضاءة, فقال سامي بخوف: لـ لقد اختفت! تلك النوافذ اختفت مثل بقية نوافذ المنزل التي لم نرها أبداً

اهتزّت عينيه بقلق وهو يسترسل: إنه ليسَ مجرد أنّ هذا المنزل يحوي الوحوش والأشباح ولكنّ هذا المنزل لعلّه بأكمله شـ شبح!

أمل بتضجر: هل تسمع ماتقوله الآن؟

قال أحدهم بصوتٍ غليظ: لم تختفِ, بل نحن أخفيناها!

تلفت الجميع حولهم محاولين إيجاد مصدر الصوت وأيهم يحرّك الإضاءة حولهم هنا وهناك حيث لا أحد, سوى بعض الضباب الأبيض بدأ يتراكم عند أرجلهم, فرفع سامي قدمه وقال بقلق: الضباب! يعود مجدداً

جسد بدأ يتكوّن من الضباب بجانب الباب, لاحظه البقيّة حيث تراجع أيهم إلى الخلف بضع خطوات ليكون بجانب رفاقه, فإذا بالضباب يتشكّل وظهرت جمجمة من الأسفل ارتفعت حتى تمركزت في الأعلى حيث اتخذت وجهاً له, فقال أيهم بحزم: الوحش الضبابي!

وقف بكبرياء أمام الباب وهم ينظرون بشيء من القلق, فضحكت إمرأة بنبرة عالية مزعجة من الخلف, أداروا برؤوسهم نحو الممر الأيمن المؤدي إلى الداخل بجانب السلالم, وحرّك أيهم الإضاءة فظهر ذلك الجسد الضئيل ذو الوجه الكرويّ البشع المغطّى بالشعر المنكوش يخرج من وسط الظلمة, وقال أحدهم بصوتٍ خشن: حان الوقت أخيرا

حرّك أيهم الإضاءة نحو الممر في الجهة الأخرى من السلالم ليظهر ذلك الجسد الطينيّ الذي يجرجر نفسه على الأرض فلم تكن لديه أطراف سوى يديه طينيّة قصيرة, انتاب الرفاق القلق حيث حوصروا, فلم يعد لديهم سبيل سوى عبر السلالم حيث ظهرت خطوات حديدية تسير بثقة وهدوء كان مصدرها من أعلى السلالم فرفع الجميع برؤوسهم نحوه وكانت الإضاءة متمركزة عليه, توقّف في المنتصف ليظهر مدرّع صاحب الدرع الحديديّة وفأس يمسكها بأحد يديه قد وضع طرفها على أحد الدرجات, وقال بهدوء: أهلاً وسهلاً بكم في منزلنا

همس سامي بقلق: أه إنـ إنّها تلك الدرع, لقد أخبرتكم أنني رأيتها تـ تتحرك!

أبعدت أمل يديها عن أشواق لتدعها تقف لوحدها, وأخرجت سلاحها من جيبها لتشهره نحو الدرع كما فعل أيهم بعد أن أعطى أشواق سلاحها, فقال مدرّع بهدوء: حسناً.. سأوضّح الأمر, نحن لسنا شراراً في الحقيقة, ولكننا نحتاج إليكم حتى نستعيد القوة لأجسادنا بعض الوقت, فكما ترون.. نحن مصابون بلعنة تجعل أجسادنا في وضع متهالك حتى تأتي ضحيّة لنلتهمها, نحن لانستطيع الخروج من هذا المنزل فحدود قوّتنا لاتسمح بالبحث عن طرائد, التهمنا كل شيء ذو حياة حتى نبات الحديقة قد انتهى ولم يعد لدينا سوى حشرات المنزل, ولذلك فقد وجب علينا أن نأكل من يدخل هذا المنزل أياً كان, نحن لم نبخل بضيافتكم على أية حال وجعلناكم تستمتعون بالطعام والمأوى بعض الوقت, ولكن لكل شيء ثمنه

كان الرفاق ينظرون مابين قلق وخوف وحذر, فقال مدرّع: لوموا حظّكم الشقي أن أدخلكم هذا المنزل

همس أيهم لرفاقه بحزم: إنهم مجرد أربعة, إن قاتلناهم واحداً لواحد فلن يكون الأمر صعباً

أمل بحزم: كلا! أشواق لاتزال ضعيفة ولاتملك سلاحاً قوياً تقاتل به


كانت أشواق بالكاد تقف على قدميها اللتان ترتجفان خوفاً وضعفاً, فقال سامي بقلق وهو يشهر بسلاحه نحو جمجوم: إذاً, فلنقاتلهم واحداً تلو الآخر

أيهم بحزم: غير ممكن, فبقيّة الوحوش لن تظل تتفرّج علينا, لابد أنّ كل واحد منهم قد حدد ضحيته الآن

أمل بحزم: نعم فمن الواضح أن ذلك الوحش الضخم قد خسر المنافسة

مدرّع بهدوء: يالكم من ضحايا مميزين, لا أعلم كيف وصلتم إلى الطابق الثاني فقد حاصرناكم جيّداً, هه ولم تكتفوا بالتجوّل فحسب بل وصلت بكم الجرأة لتنضموّا إلى اجتماعنا وكسرتم الزهرية أيضاً

حدّقا أيهم وأمل نحوه مقوسين حاجبيهما, فهمس سامي بقلق: أي اجتماع وزهرية؟

أدار برأسه نحو أيهم وأمل وهو يفكّر: مالذي فعله هذانِ الاثنان بالضبط؟

كشة بغضب: من منكم الذي كسر زهريتي؟

أدار أيهم برأسه نحوها وهو يقول بحزم: ماذا؟ أتريدين أن تجرّبي سلاحي الفتاك كزهريتك؟

أشهر بالمسدس نحو كشة التي سألت بغضب: أنتَ فعلتَ ذلك؟

ابتسم أيهم بثقة وقد ظهرت أسنانه, فقال مدرّع: حسبكم! أم أنكم تظنون أنكم تستطيعون القضاء علينا؟

أمل بحزم: بالتأكيد سنفعل, فنحن نملك أسلحة أسطوريّة, أنسيت؟

ضحك مدرّع ثم فعلت كشة ومطمور وسط حيرة الرفاق وأخيراً جمجوم الذي كان خلفهم حيث أدار سامي برأسه نحوه, فقال مدرّع: ربما, ولكن أنتم لستم أقوياء كفاية لمواجهة جوعنا أيها الصغار, أنتم حتى لايمكنكم مواجهة لهب

أيهم بحزم: هيه! وماذا تعرفُ عن لهب؟

مدرّع بهدوء: لهب! إنه الذي أمر بإصابتنا باللعنة حينما رفضنا الانصياع لأوامره بأن نكون جنوداً له, فبحكم قوتنا منذ زمن إلاّ أننا الآن لسنا بتلك القوة, إنه يجمع الكثير ليكونوا خدماً له وكأنه يخاف من قوة ما قد تنهيه

حدّق أيهم نحوه وكذلك فعلت أمل وسامي وأشواق, فاسترسل: إنه ليسَ وكأنّكم لاتدركون بأنّ لهب يعاقب من لاينصاع لأوامره, كل ما أردناه هوَ أن نكون هنا في منزلنا ولكنه يكره من يرفض له طلباً, ولذلك عاقبنا بهذهِ اللعنة السقيمة

احتدت نظرة عينيه مسترسلاً: إلى الأبد

شعرت أشواق بالأسى وهي تقطّب حاجبيها, فقالت أمل بحزم: اسمع! يمكننا غض النظر عمّا فعلتم إن اخرجتمونا من هنا, نحن أيضاً لانؤيد مايفعله لهب وكيف يحرّك هذا العالم على هواه

أيهم بحزم وهو يشهر سلاحه: يُمكننا أن نقف ضده جميعاً بدون أن نتقاتل فيما بيننا


فوجئ مدرّع لوهلة ثم قال: بدون أن نتقاتل! كيف لنا أن نبقَ على قيد الحياة بدون ضحايا!

مرّت لحظة من الصمت, فقال مدرّع بنبرة مرعبة: أنتما فعلاً جريئان أيها الصبيان, وتشعرونني بالحماسة, كم أحب هذا

سامي بقلق: أنا! لم أفعل شيئاً!

برز عصب على رأس أمل وهي تقول بحنق: اسمع ياهذا!

ثم صرخت بغضب وهي تشير إليه بساببتها: أنا فتاة ولستُ صبي! هل أنتَ أحول أم ماذا؟

وضع أيهم أحدى يديه على فمه وهو يحاول كتم ضحكته مفكراً: حتى وحوش هذا العالم يحسبونها فتى!

أشهرت أمل بسلاحها نحو مدّرع وهي تقول بحزم وحدة: والآن أخرجونا من هنا وافتحوا الباب قبل أن تقضي عليكم جميعاً! وأنا أعني كلامي حرفياً

مدرّع بهدوء: بعد كلّ الطعام والتجوّل بحريّة تريديون الخروج بهذهِ السرعة, لا أعتقد ذلك!

مطمور بخشونة: فلنلتهمهم!


.
.



__________________

كفّـارَة المَجلِس :
[ سُبحانكَـ اللهُمَّ وبحَمدِكـ , أشهَـدُ أن لا إلهَ إلاَّ أنت , أستَغفِـرُكَـ وأتوبُ إليكـ ]

روايتي : مغامرات أسطورة بددت أوجه الظلم والظلام
رواية قتالية : حين تصير أرواح الناس غذاء

التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 02-18-2016 الساعة 03:04 PM
رد مع اقتباس