المغامرة 2 : خطوات تائهة في البيت المتحوّل (الفصل الرابع) .. 4.3
.
.
هبط الضباب إلى الأرض وكأنّها تسحبه للأسفل واختفى أثره في ثوانٍ, تلفت البقية حولهم فوجدوا تلك الثرية محطّمة على الأرض, وقال أيهم بحماس: واو! يبدو أنّ هذهِ الثريّة قد قضت عليه
نظرت أمل إلى السقف وهي تقول: ياللسخرية!, أن يخونهم رفيقهم ثم يقضي هذا المنزل عليه الذي جمع بهم سويّاً
شعر سامي بقشعريرة تسير بجسده فجأة من قدميه إلى رأسه, فقالت أيهم وهو ينظر لحطام الثرية: يستحق ذلك! ولكن كيف سقطت هذهِ من تلقائها؟
أمل بهدوء: هذا المنزل قديم ولابد أنّ مفاصلها قد اهترأت
سامي بخوف: لقد.. لـ لقد تحوّل رفاقه لأشباح وألقوا بالثريّة من الأعلى, نـ نعم! لأنه قام بخيانتهم فعلوا ذلك بعد أن ماتوا وانتقموا منه, لذلك يجب أن نخرج من هنا بسرعة قبل أن يقتلونا نحن أيضاً
هبطا جفنا أمل إلى النصف وقالت بإشمئزاز: ماذا؟ أنت مازلتَ تقول هذا الكلام؟
أيهم بهدوء: على كل حال فلنخرج من هنا, لربما هناك مخارج أخرى غير هذا الباب
أمل بهدوء: أجل, فعلى كل حال ذلك الفتى أيضاً لابد أنه قد خرج من المنزل, أو على الأقل سنجد الوسيلة التي تتحكّم بهذا الباب
فكّر سامي مع نفسه: فلنخرج بسرعة أنا بحاجة لدورة المياه, أشعر بمغص في بطني
كان يضع أحد يديه على بطنه, ساروا متجهين إلى السلالم فتوقّفت أشواق مكانها وهي تنكس رأسها وتقطّب حاجبيها بأسى, فتنبّه الجميع إليها وقالت أمل بحيرة: ما الأمر أشواق؟, هل تشعرين بالدوار مجدداً؟
أومأت أشواق بالنفي وهي تهزّ رأسها مهمهمة بإحباط, فرفعت برأسها وقالت بنبرة حزينة: أنا فحسب.. أشعر بالأسى تجاههم
قفز أيهم وهو يقول بدهشة: تجاه من؟ تلك الوحوش المجنونة؟
أشواق بأسى مقطبة حاجبيها: الأمر أنه.. حوّلت بعينيها لتنظر إلى الأسفل وهي تردف: أنه لم يكن ذنبهم أن أصبحوا بهذهِ الوحشيّة, لهب قام بتحويلهم إلى تلك الوحوش لأنّهم رفضوا الانصياع لأوامره, لأنّهم لم يرغبوا بالانضمام له لهب قام بتحويلهم لوحوش عليها أن تلتهم الآخرين لتعيش
حدّق الثلاثة نحوها بصمت, فقطّب سامي حاجبيه وهبط جفنيّ أيهم متضجّراً وهو يقول بحماسة: هل أنتِ بخير حقاً؟ تلك الوحوش كادت أن تلتهمنا فعلاً, أم أنّكِ أردتِ ذلك؟
وضعت أمل يدها على كتف أشواق وقالت بهدوء: أشواق! هذهِ الوحوش ليست حقيقيّة لاتنسي ذلك, لاتشعري بالشفقة تجاههم
هزّت أشواق رأسها إيجاباً وهي لاتزال تقطّب حاجبيها مهمهمة بينما حدّق سامي نحوها لوهلة مقطباً حاجبيه, سار أيهم بحماس متجهاً إلى السلالم وهو يقول: هيه! فلنخرج من هنا ولنمرّ على حجرة الطعام أولاً
تبعه البقيّة وهم يشهقون باستنكار فقالت أمل بإشمئزاز: يالك من أكول شره!
صعد أيهم الدرجات حيث كان في المقدمة وقال بمرح: لقد جعلني هذا القتال والحماس أشعر بالجوع, أنا لم آكل جيّداً حتى في آخر مرة, كما أننا سنستعيد حقيبة سامي التي نسيها هناك
شهق سامي وهو يقول بدهشة: لقد نسيتُ أمرها
وأضاف أيهم بمرح: ونضع فيها بعض الطعام
أصيب البقيّة بالإحباط, فقالت أمل باشمئزاز: تشه .. أنت فعلاً مثير للشفقة
أيهم بمكر: أمازلتِ تشعرين بالغيرة؟
رفعت أمل حاجباً وهي تقول: ممَ أغار أيها الأحمق؟ ءلأنّكَ لاتفكر إلا بمعدتك أم أنّك تملك أنف كلب!
قفز أيهم أمامها واستوقفها وهو يعتلي الدرجات قائلاً بابتسامة ماكرة: بل لأنه أصبح من الواضح أنَ سلاحي أفضل من سلاحك
شهقت أمل بدهشة: هاه! كيف حدث ذلك؟ أتفكر بعقلك أنت ياذو الرأس الفارغ؟
سامي وأشواق اللذان توقفا عن السير راقباهما بصمت, فقال أيهم بغرور: لقد مات الوحش الضبابيّ من تلقائه, أما الوحش الطينيّ فقد مات بفعل سلاحي حينما احترقت صاحبة الرأس المنكوش مستخدماً سلاحي, هذا يجعلني قد قضيتُ على اثنين منهم بغضّ النظر عما إن كنتِ قد قضيتِ على صاحب الدرع الحديدية أم لا
تذكرت أمل بأنّ رأسَ الدرع قد سقط إلى الأرض حينما انطلق مسنن سامي باتجاهه, فقالت بانفعال: لقد مات الوحش الطينيّ لأنني ركلته بتلك الكرة المحترقة التي لم تكن قد قضي عليها بعد, ذلكَ لايجعلكَ من قام بالقضاء عليهما
أشار أيهم نحوها وهو يقول بانفعال: اصمتي! أنتِ حتى لم تستخدمي سلاحك
أمل بانفعال: وأنتَ لم تقضي عليها باستخدام سلاحك المجرّد
أيهم بانفعال: هاه! أنتِ لازلتِ تنكرين وتشعرين بالغيرة أيضاً!
سامي بابتسامة محبطة: لقد قمتما بعمل جيّد بالتعاون للقضاء عليهما
لقد اختلطت كلماته مع شجار الاثنان دون أن ينتبها لما يقوله بينما كانت أشواق تراقب بصمت, وسامي يسترسل رافعاً سبابته بتذاكي: إنه من المهم جداً التعاون فيما بيننا للقضاء على الوحوش التي تحاول القضاء علينا
ولكن أمل قد توقّفت فجأة واتسعت عيناها, وأيهم يقول بتضجر: اعترفي فحسب!
لاحظ الجميع صمتها, فقالت أمل بشرود: مهلاً!
قوّست حاجبيها واسترسلت بحزم: لايزال هناك وحش خامس!
شهقا سامي وأشواق بقلق وهما ينظران إليها, فقوّس أيهم حاجبيه وقال بحزم: ذلك الوحش الضخم, أتعتقدين بأنه سيأتِ لقتالنا؟
أمل بحزم: أتشك في ذلك؟
سامي بقلق: أي وحش خامس؟! هل هناك وحش خامس؟
صعدوا تتمة الدرجات حيث كان سامي أولهم وهو يصل إلى الطابق الثاني فسمعوا صوت ضرب من بعيد في نهاية الممر, ركزت أشواق بالإضاءة وهي تقول بقلق: ماهذا الصوت؟
اقترب صوت الضرب أكثر وكأنّ هناك مايتجه نحوهم, فابتلع سامي ريقه وقال بخوف: هناك شيء ما قادم نحونا ويجب أن نهرب بسرعة
نظر كلاّ من أيهم وأمل بأحدهما نحو الآخر, ثم أشهرا بسلاحيهما نحو مصدر الصوت, اهتزّت يد أشواق خوفاً وهي تمسك بالإضاءة فقد كان الصوت يقترب أكثر فأكثر قادماً من الظلام, وقال سامي بخوف: يا رفاق فلنتراجع ولنرحل من هنا بسرعة, صوت قدومه لايبشّر بالخير, فلنهرب!
أيهم بحزم: كلا! سنقضي عليه ثم نفتّش عن المخرج بهدوء
أمل بحزم: لاتقلقا! هذا الوحش مثل بقيّة الوحوش أحمق وخائن وشره للطعام فحسب
رفع أيهم حاجباً وأدار برأسه نحوها قائلاً: أنتِ! هل تلمحين لشيءٍ ما؟
لاتزال أمل تشهر نحو نهاية الممر وهي تقول: كلا! أنتَ ليسَ خائناً أيهم, أنت شره وأحمق فقط
برز عصب على جبينه, اقترب الصوت أكثر وسامي يتقافز بين هنا وهناك كالمتعجّل وهو يرفع يديه إلى صدره, قائلاً بقلق: فلنرحل من هنا بسرعة! بسرعة!
فقال أيهم بغضب وهو يبعد سلاحه ويشير بسبابته نحوها: أتعلمين؟ أنتِ فعلاً مغرورة ومتكبرة, لاتعتقدي بأنّكِ فتاة كاملة ويمكنكِ فعل كل شيء وحدك, هناك أمور يجب علينا أن نتعاون فيها معاً فلا تتصرّفي بتكبّر وغرور الآن, أسمعتي؟
أمل بحزم: أنا فعلاً يمكنني فعل كل شيء وحدي حينما أرغبُ بذلك بدونِ مساعدتك, وحينما أقضِ على هذا الوحش ستعترفُ أنت بذلك
اقترب الصوت أكثر وظهر صوت فحيح, وأشواق ترتجف خوفاً وسامي يتراقص مرتعباً, بينما كانت أمل لاتزال تشهر سلاحها نحو نهاية الممر قال أيهم بغضب: إذاً أنتِ ..
فتوقّفت اللحظة حينما ظهر ذلك الوحش من نهاية الممر فكان وحشاً ضخماً جداً ذو جلد مقشّر مقزز, إنه هو نفسه مسحوب الذي ملأ الرواق بجسده وهو يحطّم كل ما أمامه, لكنه الآن يبدو أكبر حجماً مما رآه أيهم إذ اتسعت عينيه كما فعل سامي وأشواق وهم ينظرون نحوه بذهول, وأيهم يكمل جملته بذهول: يمكنكِ قتله وحدك!
انطلق نحوهم يزحف بسرعة كالمجنون وهو يجر ذيله المسنن خلفه وهو يقول ببحة في صوته: سألتهمكم, سألتهمكم جميعاً
فتح فمه الذي بدا كالتمساح, إنه فعلاُ يبدو مرعباً, بل أكثر رفاقه رعباً, إذ استدار سامي بعفويّة وبسرعة ليهرب وهو يصرخ بهلع, وصرخ أيهم: فلنهرب!
ركض أيهم هارباً خلف سامي وكذلك فعلت أشواق وهم يركضون في الممر, توقف أيهم فجأة وهو يدير برأسه مفكراً: لاتقل بأنّ تلك الفتاة جادة
فرأى أمل لاتزال واقفة مكانها وهي تطلق بالليزر على ذلك الوحش الذي يجري كالمجنون الشره نحوه, ويبدو أنّ سلاحها يصيب التماثيل والأثاث الذي يصطدم به مسحوب فيطير في الهواء ويصبح وقاية له, اقترب مسحوب منها أكثر وهي لاتزال تطلق بالليزر فأصاب جزء من جسده ولكنه واصل التقدّم نحوها وهي لم تخطو خطوة إلى الخلف, حتى شعرت بمن يمسك ذراعها ويجرّها إلى الخلف, استدارت فإذا به أيهم يركض وهو يمسك بها وقال بحزم: أتريدين أن يلتهمكِ ياغبية؟
جارته أمل في الركض حينما ترك ذراعها وهي تقول بانفعال: كان بإمكانني القضاء عليه لو أنني أخذته إلى الأسفل فهو لن يركض هناك, ولكنّك خربّت خطتي
أيهم بانفعال وهو يركض: ماذا؟ لقد أنقذتكِ ياغبية!
أمل بانفعال وغضب: أخبرتك بأنني أستطيع قتاله وحدي أيها الأحمق, لاتشعر بالغيرة لانّكَ لم تملك الشجاعة الكافية للقضاء عليه والاعتراف بقوتي
أيهم بغضب: ماذا؟ أنتِ لاتزالين تغترين حتى الآن!
صرخ مسحوب خلفهما فشعرا به قريباً جداً حينما أحسّا بأنفاسه فقد كان فعلاً قريب فأطبقا بشفتيهما وأكملا الركض, انعطف سامي في الظلام متزحلقاً على الأرضية ثم تبعتها أشواق التي أنارت الرواق وهي تهدئ سرعتها وخلفهما أيهم وأمل اللذان اصطدما بالحائط ثم أكملا ومسحوب يركض وهو يحطّم كل ما أمامه بعد أن اصطدم بالحائط بقوّة جعل من المسافة بينهما أن تقل.
سقطت أشواق فاستدار سامي وعاد ليساعدها على الوقوف ثم ركضا وهو يمسك بها فأصبحت المسافة بينهما والبقية قريبة, فصاح أيهم : اللعنة! لم أكن أعلم أنّ بإمكانه الركض بهذهِ السرعة, يجب أن نفعل شيئاً, هذا الوحش لن يتوقف عن اللحاق بنا! فلنقاتله معاً!
أمل بحزم: نحتاج لاستدراجه لمكان فسيح أولاً, فلنحاول الدوران لنعود إلى المدخل مجدداً
أيهم بحزم: فكرة جيّدة, لقد كانت الأروقة معدّة للدوران مسبقاً .
.
|
التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 02-18-2016 الساعة 03:47 PM |