عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree1249Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 8 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #331  
قديم 11-04-2014, 09:23 PM
 
بالانـتـظار !!
KEMOCHI likes this.
رد مع اقتباس
  #332  
قديم 11-08-2014, 05:57 PM
 
Chapter 29
،
،،"

توسعت عيني، سددت أذني أكثر و أكثر و أنا أصرخ في جوفي، اكره الاعتراف لكن ما يقوله صحيح، ألهذه الدرجة يرفضني العالم بما فيهم أمي؟ من كان يتقبلني قد مات و هي مارشا، منبوذ من كل الناس ما عدا شخصان من البشر! ماغي و كيفين، هؤلاء الاثنان كانا أغلى من روحي في تلك الليلة و قد أدركت هذا الشئ عندما غاب طيف أمي عني مع انني لم أعش معه إلا عدة أيام..
حتى أن في يوم من أيام المدرسة، كنت أذهب لغرفة الموسيقى أو الفن بعد المدرسة لكي أنفس عن نفسي و لو قليلاً بصب همومي على الموسيقى أو الالوان، فتخلق أنغام حزينة أو صورة كئيبة قامتة الاجواء ..
كنت في غرفة الموسيقى أعزف على البيانو، ليأتي أحد الطلاب الذين كانوا من من يضايقونني، أغلق الباب و قد علت إبتسامة ثقة على وجه، كان معه مجموعة من الطلاب ربما حوالي عشرة، فتكلم هذا الصبي قائلاً: يبدو بأنك وحيد دائماً، لماذا لا تأتي معنا؟
أخذت أنظر له بهدوء بارد بدون النطق بكلمة، ليتكلم صبي آخر من من كانوا معه قائلاً بسخرية: لماذا لا تتكلم ؟
ظلوا يثرثرون لوحدهم بينما أنا كنت في عالم آخر منعزل عن عالمك أنت، إستفقت عندما سمعت أحدهم يقول "إبن العاهرة !"، عندها إنتصبت على رجلي فجأة فأخذوا يسخرون أكثر و أكثر، إنتظرت إلى أن تنتهي ثرثرتهم ثم قلت لهم: أنا يتيم قد تبناني رجل، و هو الآن أبي، لذا لا أعلم هذه الاشاعات التي قلتموها عن أمي.
ثم إنصرفت بهدوء، خرجت من المدرسة أشق طريقي للمنزل، كنت أريد أن أعود سيراً على الاقدام لا في سيارة فخمة لسبب أنا نفسي أجهله، لكن عندما خرجت كان أول شخص ينتظرني هناك تلك الخادمة التي طردها أبي.
كان شعرها مجعد بصورة شنيعة و هالات سوداء تحت عينيها، تنظر لي بنظرات غاضبة تحمل حقد دفين، نظرت لها فقالت بغضب فجأة: إن هذا كله بسببك !
ثم أردفت: طردت من القصر و لم أحصل على عمل آخر سوى جمع القمامة ليلاً! كل هذا بسببك! شخص مثلك.. شخص مثلك يجب أن لا يولد في هذا العالم!
إنتفضت مكاني، توسعت عيني و كنت على وشك البكاء أمامها، كنت على وشك إظهار ضعفي أمامها!! تهشم قلبي بشكل مريع و ماتت عواطفي، فإستحوذني قريني آنذاك و قال لها على لساني: لا أعرف عن ماذا تتحدثين لكن أنت جنيت ما فعلت، لم يقل لك أي شخص في هذا العالم بأن تقبلي رشوة عاهرة .
تركتها وواصلت مسيري، لم أعلم ماذا كانت تعابير وجهها و لم تكن لدي نية لكي أعرفها، ربما كانت تشتمني، أو تندب في حظها العثر، أو تلعن أبي أو أمي، لا أعلم، و لا أهتم، لماذا أنا على قيد الحياة لحد الآن حتى؟!
. . .
أصبح عمري ثلاثة عشر سنة و الايام المتكررة لم تزول بعد، يكون لدي بصيص أمل كل يوم بأن حياتي سوف تتغير يوماً من الايام لكن عبثاً، منفسي و مخبأ أغواري الوحيد كان ماغي، الانسانة الوحيدة التي كنت أرتاح لها آنذاك و التي كانت بجواري أغلب الاوقات ، لكن حتى هذه الماغي قد شعرت بدنو أجلها يوماً ..
كانت ماغي تصبح نحيلة أكثر و أكثر بشكل غريب يوم بعد يوم، يصيبها ألم في ظهرها و تسعل أغلب الاوقات، كيفين كان يطمئن نفسه بأنه مجرد مرض خفيف سوف يذهب عما قريب، أنا متأكد بأنه كان يعلم بأنه يكذب على نفسه، لكن مع هذا كان يبتسم أمامنا ،لكن في الليل يمكنني سماع بكائه في الغرفة المجاورة ..كان يشاهد أمه تنحل يوماً بعد يوم و هو مكتوف اليدين .. إلى أن تجلت الحقيقة المؤلمة أمامنا، كانت ماغي مريضة بسرطان الرئة، نعم السرطان ، فرقدت على السرير و قد كان كيفين يحضر لها الطعام بنفسه كل يوم، و كأنه يعلم بأنه سوف يفارق روحه لذا يحاول أن يبقى معها أكثر وقت ممكن له.. نسى تدريباته و دراسته و أصبح يجالس والدته على مدار اليوم ..
كنت أعرف بأن ماغي قد قاربت على الوقوع من الجرف، لكنني كنت خائفاً بأن أذهب و أراها، للأنني سوف أتعلق بها أكثر، إمرأة بنقاء الطفلة من لا يتعلق بها ؟ ..لكنني قررت في أحد الليالي أن أذهب و أراها ..
ذهبت لها عندما نام الجميع، فتحت الباب للأرى كيفين نائماً على كرسي قرب فراش والدته و رأسه يتدلى، بينما ماغي كانت مستيقظة تنظر من خلال النافذة على فراشها، ما إن رأتني حتى إبتسم بفرح، كانت بالفعل نحيفة، أعينها البراقة قد فقدت جمالها، و شعرها المخملي قد فقد سحره، شعرت برغبة في البكاء عندما رأيتها في هذه الحالة، تمنيت لو انني لم آتي هنا حتى !!
لتقول لي و هي مبتسمة: أنا سعيدة للأنك بخير، لوي.
تقدمت لها و سألتها قائلاً بشكل مباشر: أخبريني، لماذا تزوجت شخص كوالدي؟
إبتسمت بطيبة و نظرت للأسفل قائلة: أنا إن كنت تعلم لا أكره أي إنسان، أحب الجميع، حتى والدك مع أنني أعلم بأن فيه عيوب لا تقال علناً، زواجي من والدك كان عبارة عن حب من طرف واحد، أصبحت أنا الاخرى احبه كذلك كزوج بعد أن تزوجنا، كنت سعيدة معه، و بعد أن أنجبت كيفين زادت سعادتي، لكن أمرك أنت يا لوي كان يقلقني في السابق.
ثم أردفت: كنت قلقة بشأنك للأنك كنت محبوساً منذ صغرك في السرداب، لذا عندما خرجت للمرة الاولى منه شعرت بفرحة تغمرني.
توسعت عيني، فقلت لها: ألا تكرهيني؟ للأنني إبن زوجك من إمرأة اخرى.
إمتقع وجهها و قالت بإبتسامة: لا أكرهك و لا أكره أمك، أنت لست مذنباً لكونك قد ولدت بهذا الوضع، أنت طفل لا أكثر لذا ليس لدي الحق في أن ألومك أو أكرهك.
إمتلأت عيناي بالدموع، حاولت تغطيتها فمسحت عيني بذراعي، عندها أطلقت ماغي ضحكة خفيفة وقالت: أنت طيب القلب حقاً.
ثم قالت: آسفة، آسفة للأنني سوف أتركك، لكن لا تقلق، حتى أنت سوف تجد شخصاً يبقى بجانبك لذا لا تقلق، حتى لو إنتظر خمس أو عشر سنين أو حتى أكثر، لا تفقد هذا الامل !
لذت بجناح الصمت، فواصلت كلامها قائلة: ايضاً، إعتن بكيفين .
نظرت للفراغ الذي أمامي بهدوء شديد، كنت أعلم بأن أيامها لن تطول و هي كانت تعلم هذا كذلك، لا يوجد علاج لمرضها، و لا يوجد طريقة للإطالة أيام حياتها أو إعادتها للحياة، كل شئ قد إنتهى بالنسبة لها، هل جربت هذا الشعور؟ أن تتحدث للإنسان تحبه و أنت تعلم بأنك لم تراه في الغد أو بعده ..شعور غير مريح و كأنه حبل مشنقة يشد على رقبتك !!
. . .
لا أعلم كيف أمضيت ليلتي تلك أو كيف نمت قرب كيفين في نفس الغرفة، لكن الشئ الوحيد الذي أعلمه هو بأنني إستيقظت على صوت نحيب كيفين الذي كان بمثابة منبه كنت أعلم بأنه سوف يوقظني في هذا الوقت المبكر، فقد تساقطت الثلوج في الخارج للأننا كنا في فصل الشتاء، تراكمت عند شرفة المنزل و غطت الحديقة الخارجية بلونها الابيض الناصع الساحر، كم أحببت منظره الابيض هذا، كان دائماً يذكرني بماغي حيث كانت صفحتها بيضاء مثل الاطفال، من النادر أن ترى إنساناً هكذا في الوجود .
كان كيفين ينتحب حتى أغرقت دموعه الفراش و إمتلأت الغرفة بصراخة، بينما ماغي كانت لا تزال مضطجعة على السرير بهدوء مخيف، إختفت أصوات تنفسها و خمدت حرارة جسمها مثل النار التي قتلتها عاصفة الشتاء، كانت هذه المرة الاولى التي أرى فيها إنساناً ميتاً أمامي، و مع انني كنت أعلم بأنني سوف أراها هكذا بعدما أستيقظ من النوم، إلا أنني لا أزال أشعر بضيق فظيع مع انني كنت أعلم بأن أجلها قد أتى، فاضت عيني بالدموع لا إرادياً و شقت طريقها على خدي ..
تجمع جميع من في القصر عند سماع نحيب كيفين، من خدم و حشم، بعضهم شاركونا في البكاء فماغي كانت محبوبة من الجميع، و البعض كان يغطي وجهها و يهدأ من روع كيفين، آخرون قد ذهبوا للإستدعاء أبي و آخرون يتصلون بالشرطة أو الاسعاف، لا أعلم و لا أهتم، لا شئ من هذا سوف يعيد ماغي .
. . .
مرت سنة على موت ماغي ليصبح عمري 14 سنة، أبي قد عاد لوالدة لويس التي تدعى فيونا، و هذه الاخيرة قد شغلت مكان ماغي في المنزل كزوجة أبي، إلا أنها كانت عكس ماغي تماماً، فظة التعامل و لسانها وقح، حتى مع انها قد عادت إلا أنها لا تعير لوجود لويس إهتمام و الاخير يبادلها نفس الشعور، بجانب انها ما إن عادت لوالدي حتى أنجبت فتاة صغيرة تدعى نانسي، و هي الآن ذات سنة واحدة.
ماغي كانت الشخص الوحيد الذي يتكلم معه أبي، لذا بما انها قد إختفت أصبح أبي لا يتحدث مع أي أحد، فيونا دائماً ما تكون خارج المنزل مع صديقاتها أو في الحفلات أو خارج البلاد، لويس قد كان في سنته الرابعة و العشرون حيث تم تعيينه في شركة العائلة، مع انه أكبر مني بعشر سنوات إلا أن غيرته لم تتغير إلى حد الآن !!
كيفين منذ وفاة والدته ،تأثرت نفسيته بشكل ملحوظ، أصبح قليل الكلام و لا يأكل جيداً فأصبحت بنيته الجسدية القوية ضعيفة و هشة، لكن بعد مرور سنة إعتاد على الامر، فأصبح يمضي وقته بأكمله مع كرة السلة، تعرف على أصدقاء جدد و لا يأتي للمنزل إلا وقت النوم فقط! الشخص الوحيد الذي كنت أعتقده بأنه سوف يظل بجانبي بعد ماغي قد إنفرد في حياته الخاصة، حسناً أنا لا ألومه، فعمره 18 سنة و عمري 14 سنة، لابد بأنه يريد أن يتحدث مع أناس في نفس عمره و لديهم نفس إهتماماته .
مرت السنة بدون أن يتغير شئ في حياتي سوى فقدان ماغي و بعدها كيفين، لكن في يوم من أيام العطلة التي كنت أقضيها في المنزل دائماً! كنت أرسم بألوان مائية على قطعة قماش ضخمة، محتوى الرسمة لا يهم، فقد إمتلأت غرفتي بالرسومات و الاوراق حتى أن الخدم قد أخرجوها لخارج الغرفة ،المهم بأن باب غرفتي الذي نادراُ ما يفتح قد فتح ،إلتفت بهدوء للأرى صبياً في نفس عمري يقف هناك، بشرته كانت بيضاء محمرة بعض الشئ، شعره يصل لكتفيه قد تصاعدت في ثناياها ألسنة النيران، كان أحمراً ناريا! أعينه الخريف، كان قصير القامة و ملابسه تدل على انه من فئة الخدم، غريب، لم أره من قبل.
وضعت الفرشاة التي كنت أرسم بها و نزلت من على الكرسي الذي كنت أجلس عليه، أخذت أحدق في الصبي الذي كان ينظر للأسفل، عندما حاولت التكلم إنتفض الصبي فجأة في مكانه، عندها أخذت نفساً طويلاً و قلت له: أغلق الباب و تعال.
ذهبت للأجلس على السرير بحيث أقابل النافذة الكبيرة، بينما ذلك الصبي قد أغلق الباب و يبدو بأنه ظل واقفاً مكانه، فتنهدت و قلت له: لا أريد أن أكرر كلامي.
بعد صمت اتى اخيراً ووقف أمامي للأراه، رأيت ملامحه بشكل أوضح، أعينه واسعة بشكل جميل و أهدابه تتراقص فوق عينيه الكستنائية، على كل، فتحت فمي و سألته: أولاً من أنت؟ هل أنت خادم هنا؟ لم ارى وجهك هنا سابقاً؟
إنحنى قليلاً و قال بإندفاع: إسمي بولوت!! سعيد بمقابلتك سيدي!!
نظرت له بدهشة في البداية، ثم قلت له بإستغراب: بولوت ؟ هل أنت أجنبي؟ كيف أتيت إلى هنا؟
رفع رأسه و قال: أبي كان يعمل هنا، إسمه بورا، ألا تعرفه ؟
رفعت أحد حاجبي و إلتزمت الصمت بدون الجواب على سؤاله، في الحقيقة أنا لا أعرف هذا المدعو بورا أو غيره، فأنا لا أعرف أسماء الخدم هنا، فقلت لهذا الصبي بهدوء: هل يمكنك أن تشرح الموضوع من البداية ؟
فجاوبني: أبي تركي الاصل من منطقة ريفية في تركيا، اتى هنا لكاليفورنيا للإيجاد عمل فإنتهى المطاف به هنا في القصر كخادم، كان الاجر وفيراً بالنسبة له حتى انه كان يرسل لنا أنا و أمي، و قد قال لي عندما يصبح عمري عشر سنوات أو أكثر أن آتي هنغ للعمل كذلك أنا و أمي، لذا أتيت .
فقلت له بهدوء: حسناً، أعتقد أنني فهمت الوضع، لكن لماذا أتيت لغرفتي ؟بجانب كم عمرك الآن ؟
فأجاب بحياء: عندما أتيت هنا قال لي السيد أن آتي لهنا بصفتي خادمك، و عمري 14 سنة.
السيد؟ هل يقصد والدي.. نعم لا مجال للشك، قطع حبل أفكاري خروج شي ما من سترة الصبي السوداء و إستقراره على رأسه، كان قرداً صغيراً، فأمسك القرد بإندفاع و قال بتلعثم: آ-آسف !سوف أعيده-
قاطعته و قلت: لاداعي، بجانب انها أول مرة ارى قرداً لذا إنه يثير إهتمامي.
ثم قلت له مغيراً الموضوع: إذن، أنت تقول بأنك خادمي الآن ؟
هز رأسه بخفة، فوضعت رجلاً فوق الاخرى و قلت له: اسمك بولوت، أليس كذلك؟ إنه صعب اللفظ هنا بجانب إن ناديتك به في مكان عام سوف يبدو غريباً نوعاً ما، ألا تعتقد هذا؟ ما رأيك أن أعطيك اسماً آخراً؟
هز رأسه مرة اخرى مثل الابله، إبتسمت من طرف فمي و قلت له: لكن إعطائك اسماً عادياً سوف يكون مملاً بعض الشئ.
فقلت له فجأة بعد أن خطر في بالي اسم يناسبه: لوكي، سوف أدعيك بلوكي.
نظر لي و كأنه يريد أن يعرف السبب، فقلت له: لوكي، إنه اسم اله النار النرويجية، عندما رأيت شعرك الاحمر الناري إعتقدت بأن هذا الاسم سوف يناسبك.
. . .
كان ذلك الفتى لوكي في نفس عمري مما جعل التأقلم معه سهلاً، لقد أنقذني من ظلمة قامتة و عزلة مخيفة كانت تحيطني بعد موت ماغي، إعتقدت بأنني لم ارى بصيص ضوء مرة اخرى لذا كان وجوده بمثابة وجود الروح في الجسد .
يحب الحيوانات بشكل كبير، بجانب قرده كان يلاعب الطيور و الحيوانات الضالة من قطط و كلاب، و الحيوانات نفسها تحبه لذا الشعور متبادل، يتصرف بشكل رسمي مع البشر الذين لا يتعمق في المعاملة معهم، و ما أعنيه بكلامي هو بأن لسانه لا ينطق إلا بكلام معسول مع الغرباء، لكن معي يصبح خجولاً و لا يتكلم كثيراً، لكنه بعد مدة إعتاد بعض الشئ علي لذا أصبح يتكلم بشكل طبيعي و يفتح مواضيع بنفسه.
في يوم من الايام كنت في غرفتي كالعادة أقرأ أحد الكتب، ليدخل لوكي فجأة و هو يحمل قطة بيضاء بين يديه، أعينها كانت مثل عيني، العين اليمنى زرقاء و اليسرى عسلية مذهبة، فأغلق الباب بسرعة و قال لي بشغف: أنظر هنا يا سيدي لوي! لها نفس عينيك!
إبتسمت من طرف فمي و رميت الكتاب على السرير ثم قلت له: قل لي، هل في رأيك بأن هذا سوف يجعلني سعيداً ؟
إنتفض في مكانه للحظة، كنت أتوقع منه أن يتلعثم لكنه قال بالشغف نفسه: نعم! فهاتان العينين جميلتين !!
توسعت عيني و أنا أنظر له بدهشة، لكنني سرعان ما أطلقت ضحكة خفيفة و قلت له مغيراً الموضوع: على كل، يمكنك أن تناديني بلوي فقط، لا داعي لكلمة "سيدي".
نظر لي بإبتسامة كبيرة و كأنه ينتظر منذ زمن أن أقول له هذه الجملة، ثم قال :حسناً، لكن أمام السيد و البقية سوف أناديك بسيدي-
قاطعته وقلت بغضب: لا!
لقد صرخت بشكل لا إرادي، مما جعل لوكي ينتفض مكانه و القطة تصدر أصواتاً تدل على الغضب، فقلت له بعد أن أخذت نفساً عميقاً: آسف، لقد كانت ردة فعل غير إرادية.
ثم أردفت: إسمعني يا لوكي، أنا لا أحب المظاهر أو التظاهر أو اياً يكن، لذا إياك أن تعيد ما قلته قبل قليل.
أخفض رأسه و إعتذر، عندها تنهدت و قلت مغيراً الموضوع: على كل، أنت لم تخبرني عن قريتك التي أتيت منها صحيح؟ أخبرني عنها.
إبتسم برقة و قال لي: قريتي اسمها "جوق شيدرا" ، يمكنك الوصول لها عن طريق البحر، في الطريق لقلب القرية تمر بمدينة هادئة و بسيطة عكس المدن التي هنا، و لابد أن تشاهد أحد الانهار التي تخترق المدينة و أنت تمشي بها، بجانب الاشجار الخضراء و الطبيعة الخلابة .
ثم أردف: في القرية نفسها، هناك طبيعة و الخضرة تحيط بها من كل مكان، بجانب بعض المتاجر البسيطة، المطاعم و بائعي الخضار.
إلتزم الصمت للحظة ثم تابع بإبتسامته الرقيقة قائلاً: البشر هنالك طيبون و بسيطون، أغلبهم بالغون و كبار في السن، أتذكر أنني كنت أحاول سرقة برتقالة من أحد البائعين لكنه أمسكني و جعلني أعمل عنده لمدة أسبوع بدون أجر، و كثيراً ما كنت أذهب للجبال وحدي بدون علم أمي لذا كنت أعاقب، و في بعض الاحيان أذهب للأحرر كلب الجيران لكي ألعب معه، لذا يمكنك القول بأنني كنت أعاقب أغلب الاوقات.
أطلقت ضحكة مسموعة بعد سماع قصته هذه، يبدو بأنه كان مشاكساً في السابق، فقلت له بإبتسامة :يبدو جيداً، أنت تعيش في الارياف.
فجأة أمسك يدي و قال بشغف: نعم! إنه أمر رائع! كم أود أن أرافقك إلى هناك يا لوي!
نظرت له بدهشة في البداية، من كان يتوقع بأن هذا الفتى الخجول سوف يظهر كل هذا الشغف لكي يريني مسقط رأسه، إبتسمت و قلت له بهدوء: إذن، هذا وعد .
ثم أرفت: عندما نكبر، دعنا نذهب لقريتك.
ليمد إصبعه الخنصر لي، نظرت له بإستغراب فقال لي: وضع الاصبعين الخنصر على بعضهما يدل على الوعد، ألا تعلم هذا ؟
إبتسمت له ووضعت إصبعي الخنصر مع إصبعه، عن نفسي كنت سعيداً، سعيداً للأنني قد حظيت بصديق مثله.
قطع حبل أفكاري عندما قال: بما انني قد أخبرتك عن طفولتي حان دورك الآن !
لذت بجناح الصمت و تلبدت الابتسامة من على محياي، لكنني لا ألومه، فهو لا يعلم شيئاً، و أنا كذلك لا أريد أن أخبره بطفولتي، بوفاة مارشا و ماغي، سجني في السرداب على مدار خمس سنين، كيف أنجبتني أمي و كيف إلتقيت بها و كيف فارقتها، كيف ينظر لي والدي، و أكثر، أشياء لا أريد أن أجعله يعلم بها للأنني أحبه و هو عزيز على قلبي .
لا أعلم كيف غيرت الموضوع في تلك اللحظة، لكنني غيرته و إنتهى كل شئ، كانت أيام سلام و راحة نفسية كنت أنعم بها، شعرت بأنني مثل أي فتى في عمري، لديه صديق، هذا الصديق قد ملأ الفراغ الذي في قلبي و كياني، لقد أنقذني !
لكن أتى اليوم الذي جاء فيه ذاك الشاب للقصر كخادم جديد بإسم كريس، عمره 19 سنة، كان أشقر الرأس و عينيه زرقاء، كان زرقة عينيه غريبة، أي انها كانت غير متوازنة، واحدة كانت فاتحة اللون و الاخرى قاتمة، لم أعره إهتماماً في البداية لكنني شعرت بشئ غريب لذا كنت أتجنبه دائماً، لكنه إنتظر أن أصبح وحدي و دخل غرفتي حيث كان الوقت ليلاً.
لم أكن نائماً، بل مضطجعاً على السرير أحدق في السقف، عندما رأيته ترجلت من على السرير فوراً، و قلت له بهدوء: كيف جئت لهنا و لماذا؟ و من أنت على اي حال ؟
هز كتفيه بإستهزاء و قال: أنا كريس، خادم هنا.
ظللت صامتاً مقابل إبتسامته الساخرة، فقلت له بعدها: إذن، ما خطب لون عينيك هذا؟
توسعت عينيه ثم أطلق ضحكة رنانة و قال: هذا خطأي، يبدو بأنني إخترت العدسة الخاطئة.
وضع إصبعيه السبابة و الابهام على عينه اليمنى و أخرج العدسة منها، كانت عينيه مثلي! تراجعت للوراء قليلاً و قلت له بهدوء: من أنت ؟
فأجابني :اسمي كارل، يمكنك أن تقول بأنني إبن خالتك.
لم أعلم في ماذا أفكر أو ماذا أقول في تلك اللحظة، كل ما أعلمه هو بأنه رمى علي صندوقاً و قال بإبتسامة ساخرة: هذه هدية تعارفنا.
فتحت الصندوق للأرى مسدساً بداخله، تناولته بهدوء و رميت الصندوق على الارض، أخذت أتفحصه ثم تنهدت قائلاً: هل تعتقدني أحمقاً ؟أم أنت أحمق بالفعل؟
إبتسم بثقة و قال لي بعد ضحكة رنانة اخرى: هل إكتشفت الامر، حسناً لم أكن أتوقع أقل من هذا الامر.
نعم، كان المسدس خال من الرصاص، قطع حبل أفكاري و هو يقول بإستغراب عندما رأى المسدس في يدي: لحظة، أنا لم أضع مسدساً، راودتني هذه الفكرة المجنونة إلا انني لم أضع مسدساً.
نبض قلبي عندها بقوة، ثم سألته: إذن ماذا وضعت؟ بجانب هل لاحظت أمر المسدس للتو؟
عندها أجابني :لقد وضعت بعض من قطع الحلوى و الشوكولاته فحسب.
أخذت أنظر يميني و يساري بحذر، وجه لا يدل على انه يكذب، فتنهدت و سألته: إذن، ماذا تريد الآن؟
فأجابني و تلك الابتسامة الثابتة لم تتزحزح من على محياه: لا أريد شيئاً على وجه الخصوص، أتيت هنا فقط للأراك.
شعور غريب عندما رأيت هذا الشباب، لا أحبه، لكنني في نفس الوقت لا أكره، أو لا أستطيع أن أكره، صحيح بأنه يخفي أغواراً خلف إبتسامته المنافقة تلك إلا انني شعرت بالامان حوله بعض الشئ.
فجأة فتح الباب بورا والد لوكي أو بولوت اياً يكن، دخل بغضب و قال لكارل: كريس! ماذا يحدث هنا ؟!
وضع كارل يديه في جيبه و قال له: مع انني اكره اسمي إلا انني أفضل بأن تناديني به، لابد انك تعرفه بما انك كنت تتنصت علينا طول الوقت.
سألت والد لوكي بهدوء: أنت كذلك ماذا تفعل هنا ؟
فأجابني: لقد أمرني السيد بأن اراقب كريس للأنه كان مشبوهاً منذ البداية.
فأطلق كارل صوت صفير و قال بعدها: كما هو المتوقع من ذلك العجوز، ياله من شديد الحذر! لكن ماذا يقصد بمشبوه؟ أنا لست إرهابياً ،لقد جئت لرؤية قريبي فحسب.
شعرت فجأة بتجمد عمودي الفقري، تجمد جسمي و لم أستطع الحركة، تسارعت ضربات قلبي، ماهذا الشعور الغريب؟ شئ سئ سوف يحدث هنا و الآن، إبتلعت ريقي و أبعدت تلك الافكار المتشائمة من مخيلتي.
كان والد لوكي ضخم الجثة و قوي البنية، لو اعطى كارل لكمة واحد للأرسله يطير خارج القصر، لذا كلما كان يتقدم لكارل كان الاخير يتراجع للوراء و يتجنبه، فجأة! تحطمت نافذة الغرفة و أتت رصاصة قد دوى صداها في المكان لتخترق رأس والد لوكي، وقع على الارض برأسه الذي توسطه ثقب مخيف و الدم قد خرج منه، توسعت عينه و توسط البؤبؤ العين، قلبه توقف و أنفاسه قد خمدت، مالذي حدث هنا بحق؟! من أين أتت الرصاصة ؟!
لم يتوقف الرصاص عن مهاجمة المكان، كنت جامداً في مكاني و لم تصبني أي رصاصة، مما يعني بأن الفاعل لم يكن يريدني، كان يريد كارل إلا انه أصاب والد لوكي عن طريق الخطأ، فأخذني كارل ووقف بجانب الجدار حيث لا تصيبه طلقات الرصاص تلك، ثم قال :التصويب من هذا المكان، في الجهة الغربية للقصر من اعلى نقطة، لابد انه قناص.
إبتسم من طرف فمه و قال: يبدو بأن ذلك العجوز قد دبر الامر بشكل صحيح .
ربت على رأسي و قال بإبتسامة كبيرة: إذن يجب أن أذهب الآن.
ثم هرب، في نفس الوقت قدم لوكي الذي كان ينام في الغرفة التي جواري فإصطدم الاثنان ببعضهما، و بما أن لوكي كان الاصغر فوقع على الارض، بينما كارل قد هرب بالفعل، توقف طلق النار و لم يبقى إلى هدوء صوت الليل و ضوء القمر و هو ينعكس على شظايا الزجاج المبعثرة في المكان لتزين ذلك المكان الذي حصدت فيه روح والد لوكي .
كنت أفكر في لاشئ، لم أعرف إن كنت ألحق بكارل أم أنظر لهذا القناص أم أنظر لجثة والد لوكي أو وجه لوكي الذي لا أعلم كيف كانت معالمه تلك اللحظة، كل ما أعلمه انني سمعت صوت صراخ لوكي الهستيري ثم أخذ يتفوه بكلمات .. "أكرهك!" "أبي!" "لقد قتلته!" "ايها الوغد".. أشياء من هذا القبيل.
ظللت واقفاً مكاني بدون حراك، لوكي غادر هارباً من المنظر، لابد انه قد أصيب بالرعب، نعم، لقد كان المسدس الفارغ لا يزال في يدي، إنه يعتقد بأنني قتلت والده .
رميت المسدس و حدقت بالسقف، كنت أريد البكاء كالعادة، توقعت أن أبكي، إلا أن مقلتي كانتا جافتان بشكل غريب، لم تخرج أي دمعة واحدة، و كأن ضميري قد تم إعدامه للتو، أو بتعبير آخر أصبحت لا أبالي بالعالم بعد الآن، و هذه المرة اعني ما أقوله ،إلى متى سوف يستمر هذا العذاب؟ لماذا كنت أبكي في المقام الاول؟ مارشا.. ماغي.. أمي.. و الآن لوكي.. البكاء لم يحل أي شئ!! ربما كانت غلطتي هي انني بكيت و أصبحت مثيراً للشفقة! بعد كل هذا النحيب كلما يظهر بصيص أمل يختفي مرة اخرى ..لماذا أضع فؤادي في نيران الجحيم بيدي يا ترى ؟ البشر أو الحياة لا يستحقون كل هذا، من يستحق منهم يرحلون بسرعة!
كنت أعلم بأن الفاعل هو والدي، كان ينوي قتل كارل في المقام الاول، و شئ آخر و هو إبعادي عن لوكي من خلال إظهاري أمامه كقاتل والده، بما انه كان يشك أو بالاحرى كان يعرف من هو كارل، لابد انه ارسل أحداً لكي يضع هذا المسدس الفارغ في الصندوق بدل الحلوى، ثم تدبر أمر القناص و حضور والد لوكي، و نهوض لوكي من النوم كان من صوت طلق النار لاغير، و كأن ذلك العجوز كان ينتظر قدوم كارل لكي يفعل ما فعله الآن! إلا أن كارل هرب، لوكي إبتعد، ووالده قد مات .
لم أنهر على ركبتي و لم أسقط على الارض، و لن أفعل هذا مرة اخرى! لم أقلل من شأني بنفسي في هذه الارض!! هذا ما قررته، قررت بأن أفكر في نفسي أنا وحدي، لا الغير، لطالما فكرت في الغير مرات عدة و لم يجلب لي سوى الكآبة و ذكريات مخيفة محفورة في الذاكرة!! قررت بأن لا أحب البشر مرة اخرى، للأن و لسبب ما كل ما أحب شخصاً يختفي ..لماذا أعيد نفس الخطأ كل مرة ؟
. . .
مرت سنة اخرى منذ إبتعاد لوكي و عودته إلى وطنه مع والدته، و ها أنا الآن أصبحت في السنة الاولى من الثانوية، حسناً، لا أعتقد بأن شئ سوف يتغير عدا شئ واحد، هو بأن لا أتكلم مع أي روح هنا! للأنني تعبت من الشرب من نفس الكأس كل مرة !
مضى أول أسبوع بشكل طبيعي جداً، لم يحدث شئ و لم أتكلم مع أي شخص هناك سوى محادثات ضرورية لابد منها، في الاسبوع الثاني أتت طالبة جديدة، ماذا كان اسمها ياترى؟ صحيح، كاثرين، كان اسمها كاثرين! شعرها أشقر طويل و أعينها زرقاء مستديرة، لولا ملامح الوجه المختلفة لكانت ماغي .
على كل، بعد المدرسة كنت أقضي أوقاتي في الاماكن المعتادة، غرفة الفن أو الموسيقى، في الثانوية أضفت مكاناً آخراً و هو المكتبة، أحببتها للأنها هادئة و كل شخص في عالمه الخاص، شعرت بأنها المكان الذي أنتمي له، لذا بعد المدرسة ذهبت هناك لقراءة رواية اخرى، و أنا أتجول من بهو لبهو في الطابق الثاني، رأيت تلك الطالبة الجديدة و هي تحاول إلتقاط كتاب من اعلى رف، بينما كان هنالك شاب يقف خلفها، من الواضح بأن ذلك الرجل كان ينظر لها من الخلف فقط !و هي لم تلاحظ؟ ماذا اسميه هذا؟ غباء و حماقة؟ أم طيبة؟ سذاجة؟ لا أعلم .
أطلقت زفرة طويلة، لا أتذكر كيف كانت تعابير وجهها عندما تركتها بعد أن قلت لها تلك الحكمة عن الصداقة، " الصديق الحقيقي هو الذي يمسك بيدك عندما تقول له "أريد أن أصبح وحيداً" ".. هناك أناس كثيرون قد حاولوا التقرب مني عندما كنت في الابتدائية و الاعدادية لكنهم سرعان ما تركوني، لذا لست مستعداً هذه المرة للإقامة علاقة صداقة جديدة اعرف نهايتها .
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس
  #333  
قديم 11-08-2014, 05:59 PM
 
Chapter 30
،
،،"

أطلقت زفرة طويلة، لا أتذكر كيف كانت تعابير وجهها عندما تركتها بعد أن قلت لها تلك الحكمة عن الصداقة، " الصديق الحقيقي هو الذي يمسك بيدك عندما تقول له "أريد أن أصبح وحيداً" ".. هناك أناس كثيرون قد حاولوا التقرب مني عندما كنت في الابتدائية و الاعدادية لكنهم سرعان ما تركوني، لذا لست مستعداً هذه المرة للإقامة علاقة صداقة جديدة اعرف نهايتها .
. . .
كانت أيامي متشابهة، بالكاد أفرق بين أيام الاسبوع بسبب تشابهها، و كأنني في مسلسل تعاد حلقاته كل يوم، فارغ من الداخل، لا أتكلم مع أي أحد، من كنت أتكلم معهم جميعهم قد اختفوا، مارشا، ماغي و لوكا، خسرت الجميع، جميع من أحب، هل من غير الصحيح لي أن أحب إنساناً؟ كل شخص أحبه، يدنو اجله أو يفارقني، أهذا قدري حقاً؟ أهذه حياتي التي سوف أعيشها ليوم موتي؟ متى سوف يتحقق كلام ماغي؟ و هو بأنني سوف أجد الشخص المقدر الذي سوف يبقى معي و بجانبي بصدق، شخص أستطيع أن أثق فيه، أصدق ما يقوله، أحبه! أياً يكن هذا الشخص المنشود أرجوك إظهر! لقد ضاق قلبي و خفتت أنفاسي و كأني ميت، آهات صمت و جرح مفتوح يتصدع يوماً تلو الآخر ،عبرات أذرفها كل ليلة، الشخص الوحيد الذي كنت أتكلم معه كان قريني، نعم، نفسي الاخرى في المرآة، أنا الوحيد الذي أستطيع رؤية صورته و سماع صوته، كان نفسي التي أكرها، لكنني في نفس الوقت كان يغمرني الرغد عندما أتحدث معه، أعلم بأنك تصفني بالمجنون الآن ،لكن هذه حقيقة، الوحدة ،الفراق، الحزن، الالم، البكاء، سوء الظن، القدر، لعنة الحب، كلها كانت في جوفي.
أتذكر همساته ذات ليلة و هو يقول لي "الشخص المنشود قريب منك، عندما تدرك هذا سوف ينتهي دوري"
كنت أتفوه بكلام جارح، مافي قلبي كان على لساني، كنت أريد إنساناً صادقاً مثل لوكا، يحبني مثل ماغي و يحنو علي مثل مارشا، ما أتذكره هو بأنني جرحت في سنتي الثانية من الثانوية تلك الفتاة المدعوة كاثرين عندما إشتركت معها في مشروع للمدرسة، قلت لها بأنني سوف أفعل كل العمل و لا داعي لتدخلها، قابلتني بصفعة قوية !حسناً كنت أتوقع هذا فكل من قلت له هذا الكلام كان يملك نفس ردة فعلها، الشئ المختلف الوحيد هو بأنها قد عملت على المشروع وحدها فعلاً! و هذا ما أدهشني، لذا حاولت إختبارها أكثر و ألقيت مشروعي أنا في سلة المهملات فقامت بإلتقاطه ..
منذ ذلك اليوم كان كلامي معها مجرد أطراف حديث بسيطة مثل التحية، شعرت بأنني إنسان من جديد بسببها، آه لو تعلم كم مر من وقت لم أكلم فيه روحاً حية؟ حتى لو كان مجرد "مرحباً" .
مع هذا كانت هي دائماً من تبدأ بالكلام لا أنا، كنت أريد أن أتعمق معها و أصبح صديقها، إلا انني خشيت من أن أفقد شخص غالي آخر، مثل مارشا، ماغي و لوكا، لم أكن أملك الاستعداد لكي أتذوق نفس الدواء المر للمرة الرابعة، لذا كنت أتجنبها قدر الامكان .
كنت أقضي وقتي بعد المدرسة في غرفة الموسيقى على البيانو، في يوم من الايام دخلت علي هذه المدعوة كاثرين، قالت بأنها قد سمعت صوت الالحان فأتت لتكتشف، لتجلس قربي بدون أي مقدمات، ثم قالت بأنها تريد أن تتعلم البيانو، من خلال معالم وجهها عرفت بأنها تكذب إلا انني تغاضيت عن هذا، لا أتذكر ماذا حدث بالتفاصيل ،كل ما اتذكره هي إبتسامتها التي لم تفارق محياها، فجأة بدأت تحكي قصة حياتها، بأن والدها كان عنيفاً جداً و بأن والدتها قد ماتت، حكايات حياتها قد قصتها لي مع انني لست مقرباً منها أو اي شئ من هذا القبيل، و كأنها تحاول أن تخرجني من وحدتي و عزلتي بشكل غير مباشر
. . .
كانت هذه المدعوة كاثرين تأت بعد ذلك اليوم و تتكلم معي و كأنني صديق منذ الطفولة، لم تكن تضع أي حواجب أمامها أو رسميات، صحيح انني أقسمت بأن لا أحب أي شخص آخر مرة اخرى، إلا أنني أخلفت هذا القسم و أقسمت بأن أحمي هذا الشخص هذه المرة.
مارشا قد فقدتها و أنا بعمر الخمس سنوات فلم أستطع فعل أي شئ، ماتت خلف ناظري، ماغي قد شعرت بدنو أجلها بنفسها فلم أستطع منع موتها، أما لوكا فقد كانت مكيدة من والدي ،لذا سوف أجعل كاثرين تعرفني فقط، ليس لها علاقة بعائلتي المشؤومة بتاتاً !
هذا ما قررته بشأن كاثرين، و بالفعل نجحت في هذا، إلا أن الرياح لا تسري دائماً بما تشتهي السفن.
. . .
كانت هذه آخر الكلمات التي كتبها لوي في ذلك الدفتر، لكن عندما كدت أن أغلقه رأيت ورقة اخرى مطوية و موضوعة داخل الدفتر، تناولتها و قرأتها، كانت تقول ..
صباح الخير أو مساء الخير، لا أعلم الوقت التي تقرأين فيه هذه رسالتي..
لابد أنك تريدين أن تعاتبيني الآن، توبخيني، و تقولين بأن ما فعلته خطأ، و أنا أعلم بأن ما فعلته هو خطأ بحقك، لذا أود أن أعتذر، لكنني شعرت بأنك في خطر بعد قابلت والدي، والدتي و الحادثة التي وقعت في عيدميلاد أم لويس مع أن ليس لك علاقة بها. الفاعل كان رجلاً يحدق على والدي منذ زمن للأنه قد خسر أمامه في سوق العمل كما يبدو، و أنا كنت أعلم هذا منذ البداية، حديثي بأن جيسيكا إبنة عمتي هي من فعل هذا كان مجرد خدعة لا أكثر، هي لا تفعل هذا، صحيح بأن والدي كان سبباً في موت والدتها التي كان من المفترض أن تكون هي رئيسة شركة العائلة، لكن والدي هو من ينفق عليها لذا هي لن تكون متهورة لهذه الدرجة .
لابد بأنك لم تفهي شيئاً صحيح، حسناً هذا لا يهم، المهم هو بأن جيسيكا ليست هي المذنبة، بجانب أن الفاعل الحقيقي حر طليق، أنا الوحيد الذي عرفت بأنه هو و لم أخبر أي أحد سواك .
أنا متأكد بأنك الآن تدعيني بالاحمق في سرك، أعلم بأنني كنت أحمقاً طول حياتي و سوف أظل، فقدت ثلاثة أشخاص كانوا عزيزين علي، أمي تركتني و لا أعرف مشاعرها إتجاهي في الحقيقة، أبي يعتبرني كفأر تجارب، لكنك كنت مثل مارشا، ماغي و لوكا، كنت اليد التي تسحبني لرؤية العالم مرة اخرى بعد أن كنت في العالم السفلي بين عرصات الظلمة، و ها أنا الآن أعود لمسقط رأسي للأسفل، بعد أن أبعدت الشخص العزيز بيدي هذه المرة للأنني لا أريد أن أتذوق ذلك الطعم المر مرة اخرى، و لا تظني بأني الآن لا أعاني، بل أعاني أكثر منك ..! لقد أعدتك لمسقط رأسك، حيث أخويك و قبر والدتك، صحيح بأنك ربما تفتقدين قبر والدك بعد أن سامحتيه إلا انني لا أستطيع أن أفعل شئ حيال هذا.. نعم، فالموتى لا يسيرون، لذا إعتبريني ميتاً، إنسيني، إنسي جميع الذكريات معي للأنه أفضل لك ..
إنسي جميع الاشخاص التي قابلتيهم عندما أتيتي هنا، لورين، جاك، ليندا، نانسي، ليليان، هانتر، كارل، كيفين، لويس، جيسيكا، كارولينا، إيان شقيق كارولينا، والدة جاك هيلين، ووالده ستيفين، والدي، والدتي لوكا، مايكل صديق هانتر، كل شئ، كل شخص! و عيشي حياتك السابقة المسالمة حيث كنت لا تعرفيني ،جدي أصدقاء جدد، أقضي أوقاتاً أكثر مع نيكولاس و هنري، جدي حباً جديداً ،و إستمري بالحياة .
بعد أن أنهيت الرسالة، طويتها مرة اخرى و ترجلت من على السرير ثم خرجت من الغرفة إلى غرفة الجلوس، حيث كانت النار التي في المدفأ تصارع الهواء القاتم في الغرفة، نيكولاس كان نائماً على الاريكة و هو يغطي نفسه ببطانية سميكة و قد إرتدى ملابس الشتاء، لطالما كان حساساً للبرودة، بينما هنري كان جالساً على الاريكة الثانية وهو يقرأ كتاباً و النظارة الطبية على عينه .
تقدمت للنار و أنا أحمل الرسالة، ثم ألقيتها في النار لكي تلتهما، لابد أنكم تسألون لماذا فعلت هذا؟ هذا هو دليل رفضي للطلب المكتوب في هذه الرسالة، "انسى كل شئ"، كل هذه الذكريات، كل هذه الضحكات، كل هذه الدموع، كل هذه العيون و اللحظات الحزينة و السعيدة، مشاعر الصداقة التي شعرت بها للأول مرة من لورين و جاك و ليندا، مشاعر توحي بأنني مهمة لشخص ما من ليليان، مشاعر شخص يحبني من كيفين، هواجس قلق و خوف من مايكل صديق هانتر، غضب ،فرح، ندم، راحة، شجار، براءة، كل هذه و أكثر! أشياء و أشخاص لا أستطيع نسيانها مهما فعلت، تعلقت بالجميع و أحببتهم، أنا مثلك يا لوي لا أريد أن أفقد أشخاص أحبهم، هذا هو جوابي !
إلى أن شعرت بدفء قد عانقني بعدما كنت أشعر بالبرد، كان هنري، إحتضنني فإنهالت العبرات من عيني، مسح فوق رأسي بلطف، آهات حزن و دموع صمت كان تشق طريقها على خدي، نار غضب تتأجج داخل جوفي و رغبة طاغية في داخلي ، ضيق فظيع يشرب من دمائي، سرطان ندم ينهش في جسمي البارد، ندم لا يرحم الاحساس قد تحالف مع الزمن ضدي، أين هو حنانتك ايها الحبيب لكي يمسح دمعتي التي على خدي؟
. . .
إستيقظت صباح اليوم التالي، إستشعرت رطوبة الوسادة التي أنام عليها بسبب العبرات التي أغرقتها، كانت الغرفة مظلمة تقريباً إلا انني استطيع أن ارى، النافذة أصبحت مثل لوحة مطلية باللون الابيض الناصع، نعم، لقد بدأ الثلج يتساقط منذ البارحة، أغرق البلاد بلونه الابيض، المباني، الشوارع، السيارات، كل شئ.
عن نفسي أحسست بحرارة في جسمي، يبدو بأنني قد أصبت بحمى منذ البارحة، شعرت بالدوار إلا انني ترجلت من على السرير و فتحت النافذة، أسقطت كومات الثلج البيضاء التي كانت مخيمة قرب النافذة، شعرت برياح الشتاء القارصة قد حركت خصلات شعري المنسدلة على كتفي، عندما شعرت بألمها أغلقت النافذة ثم إرتديت معطفاً فوق رداء النوم و خرجت بعد أن إنتعلت الخف المنفوش .
خرجت لغرفة الجلوس فرأيت نيكولاس جالساً فوق الاريكة يشاهد التلفاز، كان ملتفاً في تلك البطانية السميكة، و هو يرتدي وشاحاً و كنزة صوفية، جوارب و قفازات و كأنه وسط عاصفة ثلجية، عندما رأني إبتسم و قال: آه، صباح الخير!
أعدت إلقاء التحية، ثم قلت له :ارى بأنك لا تزال تعاني من ضعف ضد البرودة .
فأجابني بإبتسامة مصطنعة: أنا لست ضعيفاً، كل ما في الامر هو بأنني أخذ إحتياطاتي لكي لا أصاب بالحمى .
ليأتي هنري و هو يحمل في يده ثلاثة أكواب من القهوة الساخنة و يقول: لا تكن قاسياً و تقول هذا الكلام، أتذكر عندما كنت صغيراً كيف تأتي لحضن أخيك الاكبر بسبب البرد ؟
كاد أن ينفجر في وجه، إلى أن شعرت بدوار في رأسي فلم أستطيع الوقوف على ساقي ثم وقعت على الارض نصف واعية، فأخذني هنري لغرفتي و مددني على السرير، بعد أن قاس حرارتي وجدها مرتفعة عن المعدل الطبيعي، فأطلق زفرة طويلة و قال:يبدو أنك نمت البارحة بملابس صيفية أليس كذلك؟
إلتزمت الصمت للأن كلامه كان عين الصواب، فأنا من النوع الذي يشعر بالحر بسرعة، إلا انني لابد أن أمرض في نهاية المطاف ،و مرضي يكون من النوع الثقيل الذي يستمر لاسبوع تقريباً، فأظل معانقة السرير لمدة أسبوع كامل.
. . .
بقيت مستلقية على السرير، كان وقتي بين النوم و الطعام أو التحديق في السقف، مع مرور الوقت بدأ المرض يزداد لذا كنت مضطجعة في أغلب وقتي، إلى أن مرت خمسة أيام فبدأت أتحسن اخيراً، بعد هذه الايام أتذكر بأنني قد إستيقظت في الصباح على صوت شخص ما، كان صوت فتاة عزيزة على قلبي، فتحت عيني بتثاقل حيث كان الوقت لا يزال صباحاً فرأيت ليليان، عندها عدلت جلستي فوراً فعانقتني بحرارة ،بينما كنت أنا في حالة لا واعية بعض الشئ، أخذت وقتاً لكي أستوعب، لذا كنت هادئة و لم أبادلها العناق في البداية ..
بعد أن تركتني رأيت كارل و هو واقف بجانب الباب مسنداً ظهره على الجدار، فسألت بهدوء: هل أنت من جاء بليليان هنا؟
هز رأسه بخفة، فسألته بعدها: كيف حال لوي؟ كيف حال صحته؟ هل يأكل جيداً؟
إبتسم كارل من طرف فمه وقال: هل أنت امه؟
لم أرد عليه بل كانت عيني نصف مفتوحة بتثاقل شديد لسبب ما، عندها جعلتني ليليان أستلقي مرة اخرى و قالت: لابد انك لا تزالين مريضة، يجب أن تستلقي.
لكنني عدلت جلستي مرة اخرى و قلت لها بإبتسامة: أنا أفضل حالاً الآن، آسفة.
ثم قلت لكارل: هل يمكنك أن تأخذني للوي؟
فلوح بيده أمام وجه و قال: مستحيل، مستحيل، لو علم بأننا هنا عندك لقتلني.
فقالت لي ليليان: كنت أريد أن أزورك، لكنني تفاجأت بأن الشقة قد سكنت من قبل شخص آخر، لذا ذهبت لكارل.
لقد غير الشقة، حسناً، هو ليس شخصاً غبياً لكي يبقى فيها، لابد انه كان يعلم بأنني سوف آتي له.
تنهدت بضجر، إلى أن إنتصبت ليليان على رجلها و قالت لي: إذن، أنا سوف أذهب الآن.
فقلت لها بإلحاح: لماذا؟ لقد رأيتك للتو؟ إبقي هنا أكثر.
إبتسمت و قالت: لا تنسي بأنني مجرمة مطلوبة، لا أريد أن أورطكم في المشاكل.
قبلتني و إنصرفت هي و كارل، ليأتي كارل بعد ثوان ليقول لي: صحيح، أخ لوي، كيفين سوف يأتي هذه الليلة هنا، لقد إتصل لي لكي يسألني عنك و قلت له عن موقعك، الوداع !
ثم إنصرف، فإنتصبت على رجلي و عبرات حزن في مقلتي، لا تسألوا لماذا للأنها دائماً تقبع هناك، أخذت حماماً ساخناً ثم خرجت لنيكولاس و هنري ..
مر اليوم بشكل طبيعي، إلى أن حل الليل و خيم، فجاء كيفين حينها، جلست معه و تحدثنا مثل أي شخصان يعرفان بعضهما، مجرد أحاديث جانبية عادية، كان طبيعياً لدرجة انني استشعرت بأنه يريد أن يكلمني على انفراد، أقصد، هو لم يسألني لماذا لوي قد احضرني إلى هنا، كان يتعامل برسمية.
لذا دعوته لغرفتي بحجة انني سوف أريه ألبوم الصور، فدخلت و أغلق هو الباب خلفي، ثم أخذ يجول بنظره في الغرفة بدهشة مصطنعة، فقلت له بهدوء: هل لديك ما تقوله؟ أشعر بأن لديك الكثير من الكلام و الاسئلة في جعبتك.
نظر لي و إبتسم برقة، ثم قال متمتماً: أنت تفهمينني مثلها .
نظرت بإستغراب، فجلست على السرير و جلس هو بقربي، فسألني: لماذا غادرت فجأة؟
وضعت يدي خلف رأسي و قلت: آسفة، الموضوع معقد جداً و لا أستطيع أن أصيغه في كلمات، لكن يمكنك أن تقول بأن لوي هو من احضرني هنا.
و أنا أتكلم كنت أطلق زفيراً من فمي الذي يخرج البخار في يدي بسبب البرد، كانت يدي باردة جداً، كله بسبب الثلج الذي يواصل في التساقط خارجاً، فأمسك كيفين يدي و شبك أصابعي مع اصابعه، أخذت أنظر له بأعين براقة مستغربة، فإبتسم و قال لي: ألا تشعرين بالدفء الآن؟
شددت على يده، حقاً، شعرت بالدم يسري مرة اخرى في شراييني، إبتسمت بإرتياح و حركت رأسي بخفة، عندها قال لي كيفين: أتعلمين، أنت تشبهين أمي كثيراً في الخلق و الخُلق.
آه، إنه مثل كلام لوي في الدفتر، ليكمل كيفين كلامه قائلاً: تملكان نفس المظهر و الشكل، و نفس الصفات، كلاكما طيب القلب و من النوع الذي تشعر بالراحة عندما تكون بجواره.
إبتسم بخجل، ليسألني بعدها: هل سوف تعودين؟ حيث لوي.
فقلت له: نعم، لكنه قد غير شقته لذا لا أعلم عن موقعه شيئاً، لكن هذه ليست مشكلة.
عندها أبعد كيفين يده عن يدي و قال لي: كان لوي متعلقاً بأمي كثيراً، بعد وفاتها عاد لعزلته، خصوصاً بأن أبي كان يمنعه من أي احتكاك خارجي مع أي شخص.
ثم أردف: بالنسبة لنا نحن الثلاثة، لوي كان يتفوق في القوة العقلية بكثير، كان في بعد آخر، ثم يأتي لويس الذي كان يغار منه، بعدها أنا، كنت أدنى شخص بينهم، لكنني كنت أمتلك قوة و ميولاً جسدية و رياضية لذا صببت طاقتي في كرة السلة، شعرت و خصوصاً بعد وفاة أمي بأنني بدون فائدة، أبي يهتم فقط بلوي لا غير، لويس يهتم بنفسه فقط و يحاول اللحاق بلوي لكن عبثاً، أما أنا كنت مثل النكرة في ذلك القصر.
أمسكت يده و قلت: تذكر بأن مهما عانيت هناك أشخاص عانوا أكثر منك، لذا لا تحزن.
فجأة، وضع يده على خدي و أدخل أصابعه بين خصلات شعري و قال: أنت حقاً طيبة القلب، منذ أن رأيتك للأول مرة رأيت فيك أمي الراحلة.
ثم أمسك يدي بيده الاخرى و قال: كاثرين، أنا أحبك.
توسعت عيني فجأة، فأكمل كلامه مباشرة: لا أريد منك رداً و لا أريد منك أن تصبحي حبيبتي أو ماشابه مع انني أفضل ذلك، لكنني فقط كنت أريد أن أقول لك ما أشعر به، أعرف بأنك لا تنظرين إلا للوي و ليس هناك أحد غيره في نظرك، لكن، إن كان لوي حقاً هو من تخلى عنك هذه المرة، لماذا لا تنظرين لشخص آخر؟
فاضت عيني بالدموع بشكل لا إرادي، عندها إنتفض كيفين مكانه و إعتذر، فقاطعته وقلت:لا! أنا آسفة، لكنها أول مرة يقول لي فيها إنسان هذا الكلام غير لوي، لذا أنا سعيدة لا غير، إلا انني لا أستطيع أن أنظر لشخص آخر.
إبتسم بحزن، ثم قبل يدي و ربت على رأسي و قال: كنت أعلم بأنك سوف تقولين هذا الكلام، لهذا أنا أحبك، وفية و مخلصة مهما كانت الظروف.
قبلني قبلة اخرى على رأسي ثم ودعني و إنصرف، بينما أنا إستلقيت على السرير أنظر للسقف، ثم ترجلت و ذهبت للنافذة، كان الثلج لا يزال يتساقط، هذه المرة من النوع الناعم الذي يشبه الكريستال، لطالما أحببته و عشقته، إنه جميل بالفعل، أحب أشكاله المزخرفة التي تلمع وسط ظلام الليل المخيف.
ثم نظرت للأسفل حيث كان كيفين قد إنصرف للتو بسيارته، عندها أسندت رأسي قرب النافذة و أنا أحدق فيه، إلى أن فتح هنري باب غرفتي و قال بصوت عال: أغلقي النافذة! هل تريدين أن تمرضي مرة اخرى؟
قطع حبل أفكاري و جعلني أنسى كل شئ بسبب طريقة حديثه البسيطة هذه، لابد انه كان يعلم ما دار بيننا إلا انه لا يريدني أن أفكر كثيراً لذا كلمني بشكل عادي.
تجمعنا على طاولة العشاء ثلاثتنا، للأفتح الموضوع أنا قائلة: أنا أريد أن أذهب للوي.
فقال نيكولاس بعد أن عطس بقوة: لماذا تريدين أن تذهبي لهذا الشاب مرة اخرى؟ مع انه هو من أتى بك إلى هنا.
إبتسم هنري و قال :شخص أعزب مثلك لم يفهم معنى الحب لذا لا فائدة من الشرح لك.
ليقول له بغضب: أنت آخر من تتكلم، أنا لا أزال في العشرينات بينما أنت قد دخلت الثلاثينات!
فقال له بهدوء: الانسان يقاس عمره بروحه لا بالسنين التي عاشها.
ظلا يتجادلان، بينما أنا أفكر، أفكر و أفكر ..
. . .
بعد أن مر عيدالميلاد، إتصلت لجاك و إتفقت معه بأن أتي لكي أقضي بضعة أيام معه و مع ليندا إلى أن أجد لوي، لم أتصل لكيفين للأنني لا أعرف كيف أقابله ،و لم أتصل بلورين للأنها سوف تزعجني بأسئلتها الكثيرة و فضولها، لذا جاك و ليندا كانا الحل الوحيد.
غادرت المنزل بعد أن ودعت نيكولاس و هنري، ركبت القطار و أنا أحمل حقيبتي، و أرتدي تلك السترة و ألف الوشاح حول رقبتي، عندما خرجت من القطار أخذت أنتظر جاك و ليندا، كنت في تلك الاثناء أخرج البخار من فمي لكي أدفء يدي، إلى أن وصلا اخيراً فركبت معهما.
ذهبنا لبيت جاك، حيث كانا يعيشان هناك، قالت ليندا بأنهما سوف ينتقلان إلى بيت آخر بعد شهرين، على كل! خصصت لي غرفة وحدي و هي تلك التي قضيت فيها ليلة سابقاً، عندما خلعت سترتي و الملابس الشتوية من علي، جاء جاك و قال لي: هل يمكنني أن أتكلم معك؟
ثم اتى و لم يجلس، بل ظل واقفاً و قال و هو مكتف يديه: أتذكرين آخر مرة عندما ألقى أبي لوي في بركة السباحة؟
حركت رأسي موافقة، فأكمل جاك قائلاً: أعتقد بأنني فهمت القصة قليلاً، لقد كان أبي يريد أن يتزوج بوالدة لوي، إلا أنني سمعت بأن أموراً كثيرة قد حدثت لذا لم يستطع الزواج منها.
ظللت صامتة للحظات، ثم قلت له: لماذا تخبرني أنا؟
نظر لي بإستغراب شديد، ثم قال: لماذا؟ للأنك صديقتي و تهتمين للأمر لوي، صحيح؟
لم أرد عليه إلا انني شعرت بالفرحة، ثم قلت له: لكنك أنت و لورين، لا تهتمان للأمره صحيح؟
إبتسم و قال: إن أردت الصراحة فجوابي أنا و لورين نعم، عندما صادقتيه في الثانوية تفاجأنا في البداية و لم نتقبل الوضع، صحيح بأننا كنا نكلمه مجرد محادثات رسمية سرعان ما تنتهي إلا اننا لم نعتبره كصديق.
إبتسمت بحزن و قلت له: هذا الكلام.. لا يسعدني يا جاك.
ظل مبتسماً من طرف فمه وقال: توقعت بأنك سوف تقولين هذا، إلا ان المحبة القلبية ليست بالشئ الذي يأتي للأي شخص.
لم أرد عليه بل إمتقعت عيني و شفتاي، عندها أطلق زفرة طويلة و قال مغيراً الموضوع: على كل، أبي مريض في هذه الايام لذا هو ملازم الفراش دائماً، و هذا من حسن حظك لأن لو رآكِ ربما كان ليطردك من هنا.
شكرته، ثم قلت له: هل يمكنك أن تجعل إيان يأتي لهنا؟ أريد أن أتحدث معه.
فقال لي بإستغراب: ماذا تريدين منه؟
إبتسمت برقة و قلت له:لاشئ مهم، أنا أحب أن أتكلم مع هذا الصبي لا غير.
هز كتفيه ثم خرج من الغرفة، لم تمض دقائق كثيرة ليأتي إيان و هو على كرسيه المتحرك، يحرك تلك العجلات الكبيرة بيديه البيضاء، أتى لي و ألقى التحية، سألت عن أحواله و كيف يقضي أيامه، ثم سألني: عن ماذا تريدين أن تكلمينني؟
إبتسمت و قلت له: لقد قلت بأنك لا تتذكر أي شئ عن ما حدث في ماضيك، بمعنى آخر أنت فاقد الذاكرة.
فأجابني بهدوء: أعلم بأنني فاقد الذاكرة، لقد قال لي الطبيب هذا من قبل.
شعرت بالاسى نحوه، فقلت له: هل تريد أن تعلم ماضيك ؟
ظل صامتاً لفترة قبل أن يرد، ثم تكلم قائلاً: لا أعلم، لدي شعور بأن الماضي لم يجلب لي سوى التعاسة لذا لا أريد أن أعرفه لكن في نفس الوقت علي الواجب بأن اعرفه، و حياتي الآن لا أعلم كيف أوصفها، بعد أن فقدت السيدة هيلين والدة جاك عيناها أصبحت مختلفة عن السابق.
ثم سألني بحدة: هل تقولين بأن تعرفين شيئاً عني؟
فأجبته بهدوء: لست متأكدة، إلا انك تشبه إمرأة أعرفها في الشكل، و هي قد فقدت أخاها الصغير في السابق.
فجأة لمعت عينه لمعة تبعث الامل، فقلت له مستدركة: لكنها الآن في مكان لا نستطيع أن نصل له.
سألني بخيبة أمل: هل هي ميتة؟
هززت رأسي نافية، نعم، كارولينا على قيد الحياة، إلا انها خلف القضبان و سوف تظل خلفهم إلى أن تموت، هي في مكان لا نستطيع أن نصل لها فيه، قطع حبل أفكاري و قال بشغف: إذن هذه المرأة على قيد الحياة، إذا كانت على قيد الحياة نستطيع أن نصل لها!
شعرت بالندم للحظة و ما أصعب هذا الشعور، ماذا أقول له ؟ماذا أجيبه يا ترى؟ هذا الصبي ذو القلب الصافي النقي لا يعلم أي شئ، كل ما في خاطره هو رؤية هذه المرأة التي كانت تمثل عائلته، و لا تزال تمثل عائلته التي لا يتذكر منها شيئاً.
فجأة فتح جاك و ليندا الباب، ظل جاك يطرق الباب بطرقات خفيفة و يقول: المعذرة، لكن هل يمكنكما أن تضماني في الحديث أنا و ليندا ؟
فقلت لهما بإندفاع: هل كنتما تتجسسان ؟
إبتسم جاك بسخرية و قال: آسف آسف، لكن راودني فضول بأن أعرف عن الموضوع.
تنهدت، و قلت لهم :سوف أقول لكم، لكن بشرط أن يبقى الموضوع سر بيننا.
. . .
في اليوم التالي ،الساعة 5:00 عصراً
أخذنا سيارة لكي تذهب بنا للسجن حيث تقبع كارولينا، كان إيان صامتاً طول الطريق، أما ليندا كانت تسألني أسئلة مختلفة عن كارولينا و كيف تبدو، بينما جاك كان يسمعنا فقط، إلى أن وصلنا اخيراً.
خرجنا و توجهنا حيث المكان المخصص للزوار، كان جاك يدفع كرسي إيان إلى أن وصلنا لغرفة الزيارة و إنتظرنا الشرطي لكي يأتي بكارولينا هنا، كان إيان لا يزال صامتاً، بينما جاك كان يشتكي من البرد الشديد بالخارج، مرت خمسة عشر دقيقة بالضبط، بعدها أتى الشرطي اخيراً و معه كارولينا .
شعرها الذهبي الطويل قد إختفى، نعم، قصته إلى كتفيها بعدما كان يغطي ظهرها بأكمله، فقد لمعانه و بريقه و أصبح باهتاً، عينيها أصبحتا ذابلتان، إلى أن فتنة جسمها لم تتغير كثيراً، لكنها قد خسرت نصف جمالها.
عندما دخلت رفعت نظرها، كان أول عين تلتقي بها هي أنا، ما إن رأتني حتى إبتسمت و قالت: كيف حالك ؟
لم أرد، عجزت عن التكلم بسبب الدهشة و رؤية ما حل بها، لكنها ظلت مبتسمة و قالت لي بعد أن جلست على الكرسي الموجود: لا تنظري لي هكذا، ماذا كنت تتوقعين ؟
ثم ظلت تتصفح الوجوه اخرى، جاك و ليندا و قالت: ارى انك قد أحضرت أصدقائك هذه المرة.
ما إن وقعت عيناها في عين إيان حتى تصلبت، أخذت فترة و هي تنظر له بدهشة، ثم قالت متمتمة: ماثيو ..
نظرت للإيان الذي لم يبدو بأنه شعر بشئ مختلف، فجأة إنتصبت كارولينا على رجليها و قالت له: هل أنت أخي ماثيو ؟
بينما إيان الذي من المفترض أن يكون ماثيو، مرت دقائق و هو مختبئ تحت جناح الصمت، فجأة فاضت أعينه بالدموع فأخذ يمسحها، عندها سأله جاك: هل تذكرت؟
تمالك نفسه، و قال لنا: نعم ليس كل شئ، تذكرت عندما إختطفني اللصوص.
فإحتضنته كارولينا بحرارة، بادلها العناق و هو لا يزال على الكرسي، ظلا هكذا إلى أن قال الشرطي: لقد إنتهى وقت الزيارة.
فإبتعدت كارولينا عنه، و شعرت بأنها كلما إبتعدت عنه تقترب منه برهة و تبتعد برهة اخرى، إلى قبلت رأسه و أعطته ظهرها، فإستوقفها و قال بإندفاع: سوف آتي معك!
إنتفضنا مكاننا، بينما كارولينا كانت هادئة بشكل غريب، إلتفت له و قالت: يا أخي إسمعني، لقد فاضت عبراتي من قلبي و أصبحت عيني تبكي دماً، فلا تزيد الحزن حزناً ،و لا تأتي في نفس الطريق التي تسلكه أختك.
ظل ينظر لها بحزن، إمتلأت مقلتاه بالعبرات و قال بحرقة: حسناً، سوف أعود لطريقي المعتاد، لكن لدي طلب!
ثم أردف و قال بهدوء يقطع القلب: إمسحي برأسي يا أختي، فغداً أصير يتيماً مرة اخرى.
. . .
كانت تلك آخر مرة رأيت فيها كارولينا، بعد مرور ثلاثة أيام من البحث عن لوي عبثاً، و الترجي من كارل أن يقول لي عن مكانه مضيعة للوقت، كنت أعيش حياتي مع جاك، ليندا و إيان فقط، السيدة هيلين لم أكن اراها، بينما السيد ستيفين كان مضطجعاً على سريره طوال الوقت بسبب المرض.
في اليوم الرابع، في الصباح الباكر، إستيقظت كالعادة في الساعة الثامنة، إرتديت ملابسي و نزلت لكي أتناول الفطور مع الجميع، و أنا أمشي في البهو لكي أنزل، كنت أمر على غرفة والد جاك التي لا يدخلها سوى الخدم، لكن اليوم عندما خرجت من غرفتي رأيت السيدة هيلين و هي تتحسس بيدها الطريق امامها، ثم دخلت لغرفة والد جاك و أغلقت الباب ورائها .
توجهت عندها للغرفة فسمعت صوت السيدة هيلين و هي تكلم زوجها: كيف حالك اليوم؟
فأجابها بصوت بالكاد يُسمع: و لماذا إنتظرتي هذا اليوم لكي تأتي و تسألي عن أحوالي؟ هل شعرت بدنو أجلي ؟
لم ترد عليه، فأكمل كلامه قائلاً: هل سوف تبكين علي إن مت؟
فقالت له: حبيبي، شهادة الموت لا تكتب بالدموع بالحبر.
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس
  #334  
قديم 11-08-2014, 06:02 PM
 
اللهم صلي على محمد و آل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
السلآم عليكم ورحمه الله و بركاته ..
،،
،،
اولاً آسفة، فوق المدرسة هالمرة زاد بأن الابتوب راح فورمات فكل شي انمسح
و الامتحانات و أشياء ثانية
باجر علي امتحان و نزلت البارتين اليوم احمدوا ربكم
و لا تنسوني من دعواتكم ^كف
على العموم، مافي أسئلة ..
.
.
مع السلآمة
__________________
.
.
،*
Laugh until tomorrow ♡
رد مع اقتباس
  #335  
قديم 11-08-2014, 06:55 PM
 
-
حـــــــجز
عـــودة بعد القراءة
R i m a#! and KEMOCHI like this.
__________________


{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى }

مدونتي
مطلوب متابعين



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحبگ بقلمي خـبـلات لـلابـد❤ نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 7 07-23-2012 09:32 PM
فَمَا طَمَعِي في صَالِحٍ قَدْ عَمِلْتُه/ الامام علي بن أبي طالب فــهــد أحمـد الــحقيـل قصائد منقوله من هنا وهناك 2 04-09-2010 02:41 PM
لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا حمزه عمر نور الإسلام - 1 12-07-2009 11:31 AM


الساعة الآن 08:18 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011