عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

Like Tree41Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-31-2014, 11:47 PM
 
×قصـة مبـدعـة×و إن أراد المذبح اضحيةً ، فسأكون كبش الفداء !

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im48.gulfup.com/ob4O5r.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im48.gulfup.com/BclFIh.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

















[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]









ابـدعت حقا..
نحن البشر ..
نصنع الكذب لنعيش فيه حلاوة الحياة
ولكن ما ان يكسر قناع الكذب حتى نرتوي كأس الموت رغبةً
متناقضين ! خلقنا لاجل العيش ولكننا غيرنا الفطرة الى موتٍ مرغوب
نعيشُ اوهاماً ونغدو وحوشاً
ونظن بأننا على حق !
ولكن اصيص الزهور ما ان يكسر حتى تختفي ملامح جماله
ويغدو بلا قيمة .. مجرد سفاح يسفك الدماء
ولكن تبقى هناك ارواح خُلقت لاجل الانقاذ
تضحي بكل شيء لاجل روحٍ عليلة تشفيها بحلاوة العسل
ومن هنا تبدأ رحلة جديدة في عالم الارواح
متجددة ومنقطعة النظير




الشخصيات











{ اليونان – اثينا – شرق آتيكا – مدينة باليني – 27 نوفمبر 1983 – الحادية عشر مساءً }




ليل دجى و عسعس بجبروت على اسوداد المنطقة الليلكية

احتمى تحت جنحه كل ما لم يتمكن من قهر ضوء النهار مطلقاً

وقت الوحوش الدغليين المنهمكين بافتراس الضحايا الحية

يزدانون بالدماء ويخلدون انفسهم بكبريت الحياة

متصلبٌ هو ذاك البيت على الضاحية الشمالية من المدينة

هادئة انواره وسطحية هي معالمه ، خلف جدرانه المصكة ببعضها

جلس في ركن الغرفة البارد ، يرتجف خوفاً والدموع من عينيه تنهمران

تكدست هالة الخوف حوله فما كان له الا ان ينتشل من بين ارتجاف انامله غطاءً ويحتمي تحته

اصواتُ صراخٍ صمت اذنه و رؤيا لاجسام بيضاء مشوهة تتجه ناحيته

يحاولون الاتصال به ... اخباره بأسرار عالم الموتى ولكنه لا يفقه الى لغتهم شيئاً

يصدعون جدران البيت و يخدشونها بأظافرهم السوداء الحادة

تداعت الاصوات و اختفت فجأة

احتل الامان قلبه فشعر أن عقله عاد للعمل مجدداً

نزع الغطاء و راح يجوب ببصره كل الارجاء

لم يعثر على شيء ، تنهد براحة وابتسم ليقف ويسير بضعة خطواتٍ ناحية السلالم

سمع صوت شخصٍ يأنُ خلفه ، توقف قلبه عن النبض ومرّ الوقتُ بطيئاً وهو يلتفت للخلف

وقعت عيناه على ذلك الوجه المشوه ذائب الجلد ، وقفَ الكيان ينظرُ اليه بهدوء

تراجع القهقرى بجزع حتى سقط وهو يزحفُ الى الخلف فزعاً

فجأة قفز الجسم الدغلي ناحيته في ومضة عين

وكانت صرخة الولد في تلك اللحظة ...

قد امتدت لأميالٍ بعيدة



،،


{ اليونان – اثينا – شرق آتيكا – مدينة باليني – 14 فبراير 1990 – مستشفى الامراض النفسية - الحادية عشر والنصف صباحاً }




اشباحٌ قد تجسدت بأشكال البشر ، معتمة الروح ، بلا ادراك

تائهة في طرق الغابات الضبابية الوعرة ... حيث اللا مكان و اللا الزمان

ترنو الى تلك التجسدات السوداوية على ضفاف المستنقعات الوحلية

حتى تستميل قلوبها بأنين موتى راحوا يضجون عنابر اروقة المستشفى بالحياة

في حجراتٍ هي اشبه بالسجون الابدية منها الى العلاجية

فتحة واحدة في اعلى السقف يدلفُ منها تشقق اشعة الشمس الحائرة

في جوفها اجسادٌ تخلت عن ارواحها و راحت تصرخ .. تخدش .. تتصور اشياءً

فألقي بها في الحبس الانفرادي الى حين تأتي المنية من حيثُ لا يحتسبون

ولكن ما اجمل الحياة حينما تأخذنا طرقاتها بلا عنهجية الى حين نريد

الى حيث احلامنا ترقد نائمة بانتظار من يوقظها بلمسة انملٍ كقطرة المطر على الوجه

نسيرُ فيها بهدايةٍ نحو الجنان الى حيث تقبع ارواحُ احبائنا بسلام

ولكن من يقبعُ هنا قد فقد هذه الحياة و ما عاد لهم صلة بعالمنا و احلامنا

منارتهم هي الظلام و مأواهم في الليل هي الاوهام والامراض والاحزان

ولكن حياةُ كانت تبثُ في اروقة المشفى ، بروحٍ حية تضرب بأيقاع الطبول

بابتسامة مشرقة صبيانية و رغبة في اصلاح ما تم كسره من اناء القلوب

دلفت الى مكتبها ترتدي لباسها الابيض ، ملاك الرحمة على الارض ، رسول العلاج في ازقة المصابين

احتلت مكانها خلف المكتب الفسيح و القت بحقيبتها بأهمال على الارض غير آبهة بزجاجة عطرها الفاخر الجديدة التي قد تتحطم جراء هذا الفعل

امسكت كومة من الاوراق التي خطت عليها معلومات المرضى بالسواد وامسكت بالاخرى كوب القهوة وهي ترتشفها بهدوء ريثما عيناها الزرقاوات تنظران للمحتوى بشغف

اوجست خيفةُ فجأة و شعرت بأن شعر جسدها وقف وهي تستشعر جواً مريباً حولها ، برودة غريبة اكتسحت الجو و سببت لها رعشة قوية كادت ان تجمد مفاصلها كافة حينما شاهدت تلك المرأة الخمسينية تقف بفخرٍ ووقار امام بابها

يلتصق بقدميها ولدٌ لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره ، مرتجف الكيان ، عيناه هائمتان في الفراغ وهو يتمتم بعبارات لم تفقه اليها شيئاً من المعنى

هالة الاباطرة احاطت جسد المرأة التي تخلل الشيب شعر رأسها الفحمي ، بغرورٍ بادٍ على وجهها امسكت برسغ الفتى وجرته بقوة داخل المكتب دون ان تسمع اذن صاحبته بالدخول

اغلقت الباب بقوة و جلست على الكرسي المقابل للمكتب ريثما الفتى رجل على كرسيٍ مقابل لكرسي المرأة

تعجبت الطبيبة ليتيشيا من هذا التصرف كونها تعودت على الاحترام في هذا المكان مذ بدأت عملها هنا قبل اربع سنوات

استكانت واظهرت القليل من الانزعاج على قسمات وجهها الشقية وهي تردف ببرود

- كيف يمكنني مساعدتك يا سيدة .... ؟

بان الفخر والغرور على عيني السيدة ولمع في عينيها ازدراءٌ واضح لتعقب مكملة

- كولينز ، ادعى الكونتسية ماريانا كولينز

اتسعت عينا ليتشيا بعض الشيء وادركت الورطة التي وقعت فيها ، فهذه السيدة انجليزية الاصل من عائلة عريقة كادت ان تشتري المدينة الصغيرة التي يعيشون فيها حالياً

بزيف ابتسامة اطلت عليها بعيون تلمع كبرياء لتتحدث برفعة مكانة الاطباء

- وكيف لي ان اساعد الكونتيسة بحد ذاتها ؟

ضاقت عينا الكونتيسة و زمّت على شفتيها بقليل من القهر وهي تردف ببرود

- الفتى امامي هو حفيدي الوحيد ادموند كولينز ، منذُ طفولته يدعي رؤية الاشباح والموتى وانا اريد منكِ علاج هذه الحالة الخرقاء التي ليست اكثر من مرضٍ نفسي واضح

استندت ليتيشيا على كعبيّ يديها وهي تشبكهما اسفل ذقنها ، ضاقت عيناها لتسقط خصلات شعرها على وجهها كجوالح الثلج

لحظاتٌ من الصمتِ مرت قبل ان تغمض عينيها وتردف بهدوء غير معهود

- ولما اخترتني على وجه الخصوص ؟ هناك الكثير من الاطباء هنا يجيدون العمل اكثر مني !

زفّرت الكونتيسة بغضب ، سرعان ما اجابتها بلوعةٍ في صوتها

- اعلم ذلك ، ليتيشيا مايلكسون ، 28 عاماً ، صبيانية وشقية وعديمة اهتمام ، تخرجتِ من جامعة هارفارد بأمريكا قبل اربع سنوات وبدأتِ العمل هنا في بلدتك الام ! استطعت و بأساليب عجيبة علاج معظم الحالات التي وفدت اليكِ ، كيف لا وانتي كنتِ مريضة نفسية من قبل

صُدمت ليتيشيا من المعلومات التي استطاعت المرأة العجوز الحصول عليها ، وكأنما لهيب عينيها لم يمنعها من الرقاد في محجر الصمت ، ازدردت ريقها لتبتسم بتوترٍ وهي تعقب على كلام الكونتيسة

- و لا تنسي بأني قد عالجتُ نفسي بنفسي من حالتي المرضية ايتها الكونتيسة ، لذا لا تقلقي فسوف اساعد حفيدك على الشفاء

وقفت الكونتيسة بكبرياء وهي ترمق ليتيشيا ببرود شديد ، اشاحت بوجهها بغرورٍ لا يوصف وهي تردف

- لا اتوقع اقل من هذا من ابنة اوكتافيوس الجراح العالمي ، اتوقع الكثير منكِ واريد نتائج مزدهرة و إلا ..

قاطعتها ليتيشيا بجرأة وهي تقول بعصبية

- ان كان اسلوبك يعتمد على التهديد فأفضل ان تخرجي صامتة ولا تقلقي على حفيدك فهو في ايدٍ امينة

اتسعت عينا الكونتيسة بقليل من الفجاءة البحتة ولكن سرعان ما ظهر شبح ابتسامة على محياها وهي تخرج ريثما تردد بصوتٍ اشبه للهمس منه للكلام

- الغسق لن يرحم روح من اقترب من الموت مسبقاً و اللهيب الحارق في اوج السعير يصرخ مستنجداً

بحاسة سمعٍ قوية استطاعت الطبيبة المصدومة ان تسمع لعبارات الكونتيسة المهزوزة ، احساسٌ مرعب بحدة السيف راح يداعب قلبها في تلك اللحيظات المعدودات

،،



ستشفى الامراض النفسية – القسم السادس - 15 من فبراير 1990 – الثامنة والربع صباحاً)





و ما بالك من الخوف اذا ارتأى ان يسفك دماءً على اضرحة الموتى ؟

ما بالك من صرخة وحيدة وسط العتمة تفوقت بضجيجها على قتامة حمرة الدم المتخثر ؟

يومٌ مر وهي تراقب تصرفات الطفل الغريبة ، مذ ان ادخلته الى غرفته الخاصة واذا به في ركنها يجلس

يرتجفُ من بردٍ لا وجود له و يصرخ بأسماء اشخاصٍ يقسم بأنه لم يسمع بهم مسبقاً

يدعي رؤية ارواح المرضى الموتى تحوم حوله و هم يحاولون الحديث اليه

في يومٍ واحد انكر كل الاطباء حالته و اخرجوا انفسهم من المعضلة قبل ان تفتك بهم

ولكنها كانت مختلفة ، شعرت بواقعية ما يقوله الفتى وعلمت انه يرى تلك التجسدات الشبحية ويشعر بها

ولكن قطرة واحدة من الشك داعبت اذنيها من همس الشيطان لها بترك القضية فهو لا أمل له في الشفاء

الشيطان كان على يسرةٍ منها و الملاك على اليمنة ، كلٌ منهما بدأ حرباً طاحنة بأنه الاحق في ان يؤخذ رأيه من قبلها

عبثت بشعرها بشكل جنوني وطردت الافكار الخبيثة من رأسها وهي تحاول الولوج الى لبّ المشكلة

فتحت باب الحجرة بهدوء ليتلفت لها ادموند مرتعباً وهو يكبت شهقاته بين اضلاع صدره المرتجف

زاغت عيناه حينما شاهدها و اطمئن قلبه بعض الشيء لوجودها بقربه ، ولكن قمطرير حياته لم ينفك ينتهي حتى بزيارة الاحباء له

اراد درأ ما يختلج في مخيلته بعيداً حتى يستوطن ارض الروتينية التي لم يجربها في حياته كافة ، ضم ركبتيه مع بعضهما وهو يضع يديه على رأسه حاجباً ليتيشيا من النظر اليه

ابتسمت وهي تجلس بجانبه بطريقة الاطفال محاولة ان تجعله يشعر بالامان لوجودها بقربه ، استبشرت خيراً من نظرات عينيه المتجمدتين في الوقت

مدت يدها بهدوء ناحيته وهي تراقب ردة فعله فأذا به كاد يصرخ حينما شعر بأطراف اناملها تلمس جلده البارد

تراجعت بعض الشيء وهي ترسم الجدية قناعاً على ملامحها ، عمّ الصمت فجأة وعينا ادموند تصلبتا تنظران ناحية الباب الذي فُتح من تلقاء نفسه

لمعت شرارة في عينيّ ليتيشيا لتباشر قولها بجدية

- ما الذي تراه ادموند ؟ اخبرني

تعجب من سؤالها ، كانت المرة الاولى التي يصدق فيها شخصٌ بأدعاءه ، تراقصت شفتاه ريثما الدموع تتجمع في عينيه ليقترب منها زاحفاً ويردد بصوتٍ هامس مرعوب

- امرأة ترتدي ثوباً ابيض لطخت جوانبه بدماء قرمزية وتحمل في يديها سكيناً فضية ، تحمل عينيها في يدها الاخرى ومحجراها مملوئان بأبر الخياطة

صمت فجأة لتنهمر دموعه ويرتمي في احضان ليتيشا خائفاً ، شهق بقوة وهو يرجف بشكل هستيري غير معهود ، ربتت على رأسه وهي تطلب منه الهدوء ، صمتت لوهلة لتكمل قائلة

- اسمعني جيداً ادموند ، تلك المرأة لن تؤذيك ، لا تستطيع الوصول اليك ، انها ميتة ولا سلطان للأموات على الاحياء ، كلُ ما تريده هو ارعابك و تحويل حياتك الى حجيم حقيقي ! فهل ستسمح لها ؟

توقف ادموند عن البكاء فجأة ، رفع ناظريه اليها يرنو الى زرقة عينيها البحريتان ، حاول كبت صياحه وهو يهز رأسه نافياً

ابتسمت وقالت له بهدوء

- احسنت ، فتىً طيب

ولأول مرة منذ سنوات ابتسم لها بسكينة غريبة جعلت اوصالها تتراقص لهفة لانتشاله من الفجوة التي علق فيها بين عالمين




،،

{ ضريح الضاحية الشمالية – 16 من فبراير 1990 – الثالثة عصراً}




هجران الذات ينبع من فقدٍ او علة في الروح تنثر شضاياها في كل البقاع

تحجر الزمن في كوكبة النسيان وتراكم الاتربة على معالم الحياة

تواطئت فوق منكرٍ لم يضاهه من قبل ايٌ ذنبٍ اقترفته البشرية

حينما و لأول مرة انتظرت الضحية قاتلها على اعتاب المذبح العتيق

وقفت على اطلال المعبد القديم الذي ارتأت ان تأوي فيه ضيفة وتتخذه بيتاً لها اقرب لمكان عملها ، حيثُ لم يمانع الكهَان المتكاسلون المشرفون عليه بتعهّده اليها كونها ممكن كانوا يتوافدون على المكان قبل ان يفقد نوره و حياته

دخلت الى داخل المنزل الصغير لترمي اغراضها على الارض بفوضوية وتلقي بنفسها على عتبة الباب وتتكور مفكرة في قضية ادموند التي شغلت بالها مطولاً

وقفت فجأة كمن دبت فيه الحياة وانتشلت حقيبة سوداء كبيرة من الارض لتركض مسرعة ناحية غرفتها التي تقع اعلى السلالم ، سقطت على وجهها وهي ترتقي السلالم بسرعة ولكنها وقفت مجدداً وقفزت المتبقين حتى وصلت الى غرفتها وجلست على الارض متقرفصة

فتحت الحقيبة وبعثرت ما فيها من ملفاتٍ صفراء تحوي على سجلات المرضى الذين ماتوا في المشفى قبل اعوامٍ مديدة

فتحت كيس البطاطا المقرمشة ووضعته بجانبها وهي تربط شعرها الطويل وترفعه الى الاعلى ، ارتدت نظارتها الطبية وبدأت تبحث فيما بين السطور عن مبتغاها الذي سطت من اجله على مخزن ملفات المشفى في وقتٍ سابق

مرت اربعُ ساعاتٍ من البحث الطويل حتى تململت منه ، رمت ما في يدها وصرخت باستسلام لتستلقي على الارض وتذرف دموع الاسى الطفولية

توقفت عن البكاء وسرحت في ذكرياتٍ كانت لها بأختناق الغرق في اعماق البحر ، ذلك اليوم الذي وجدت فيه والدتها تتدلى من سقف الغرفة وحيدة وسط الظلام الدامس والبرد الشديد

تذكرت خوفها الشديد من البشر و الرهبة التي كانت تتملكها حينما يقترب منها اي كائنٍ حي ، تذكرت الغرفة المعتمة في المشفى وتذكرت الصعق الكهربائي الذي قطّع احبالها الصوتية من الصراخ

ارغمت نفسها على الاستفاقة من دوامة الذكريات ووقفت كي تذهب لتناول بعض الطعام ولكنها ما إن وقفت حتى وقعت عيناها على ملفٍ اصفر قد دفعته بالخطأ بقدمها ، انحنت والتقطته لتفتحه و تمعن النظر فيه

عمّ الصمت فجأة و انقطعت انفاسها وهي تقرأ ما فيه من فواجع مريعة ، سقط من يدها بعد برهة قصيرة لتتصّنم مكانها وهي ترمق الفراغ بلا ادراكٍ او تفكير

تحركت على حين غرة وقد اعتلت ملامحُ مرعبة قسماتها ، زمّت على شفاهها بقهر ونزلت للأسفل كيّ تبدأ المرحلة الثانية من العلاج التي دعتها

التصديق بمن لا يرى بعدستيّ العينين !


،،


{ مستشفى الامراض النفسية – القسم السادس - 18 من مايو 1990 – التاسعة وخمس دقائق صباحاً}





لظى اللهيب اكثر حرقة من شضاها

الالم الذي ينبع من طيف النسيان اشد جزعاً من سواه

الترقب لحلقة الموت في اجرة العاملين

والتنفيس على الغضب إن شاء المغيب

ربما تناقضٌ ارتوى بعطش انسان

و ترميمٌ لبقايا الاطلال من قبور الجثث السوداء

لا فرق بين ماضٍ وبين حاضرٍ يقاد بالطغيان




ثلاثةٌ اشهرٍ من الترقب والانتظار ، الاشفاقُ على الحال والتواطن على مرأى من عين السماء ، لم ترد هي بعنجهيتها الغامضة ان تتعجل في علاج من في روحه علةٌ لا تشفيها يدُ انسان

الوحل قد تمرغ فيه البشر منذ الدهور السحيقة الماضية ، التبصر على كيان عالقٍ في حلقة لا تنتهي من العذاب النفسي وتأنيبِ ضمير لا يحله فرح

ربما استكانت في تلك اللحظة وهي تراقب تحركاته في ارجاء الغرفة ، وربما شعرت بأنها متعجلة في حل معضلته القاسية ، مذ ان قرأت الملف الذي احتوى على قضية حدثت في هذا المشفى قبل اكثر من ثلاثين عاماً

حينما قامت احدى المريضات ذوات الرغبة المستعصية في الانتحار باقتلاع عينيها حيث استخدمت سكيناً فضية تستعمل في الجراحات البسيطة ، امسكت بمقلتيها و ملأت المحجرين بأبر الخياطة لعلها تخفف من جحيم قبرها والقت نفسها في محرقة القمامة ، كل هذا على مرأى من عيون الممرضات اللآتي لم يستطعن فعل شيء غير البكاء والصراخ

صدقت بقدرته وعرفت انه لا يتوهم رؤية التجسدات الشبحية ، وسيطٌ روحي او نوعٌ من الميزات التي اعطاها الله له ، ولكنه لا يحسن استخدامها ولا يجيد اخفائها وقد دفعه هذا الى حافة الجنون حينما خلع الشتاء برده عليه وغطاه بجليدٍ بارد تاركاً له الغور فيه ببطء حتى يختنق وتمتلأ رئتاه بذرات الجليد النجمية

لا تزال ترمقه بتفحص من خلف قضبان نافذة الباب الحديدي وهي تشد على قبضتها بشكلٍ مخيف ، ولكنها صُدمت امام حادثة جديدة فتحت ابوابها فجأة حينما شاهدت ادموند يطفو في الهواء مقاتلاً شيئاً ما يحاول خنقه

شهقت بقوة ، شعرت بأن الدم تجمد في عروقها وهي تحاول فتح الباب ولكن القفل ابى ان يدار وينقذ صبياً ضاقت به الدنيا من العذاب ، فُتح القفل ولكن الباب لم يُدفع ، غضبت وهي تشاهده يحاول التقاط انفاسه فدفعت الباب بقوة بقدمها ففتح لتدلف مرهولة وتمسك بجسده الطافي لتسحبه في احضانها

تشبث بها بقوة وهو يبكي في حجرها ، تمسكت به بقوة كبيرة وهي تتنفس بصعوبة وعيناها على انبلاج شديد والصدمة ترسم خطوطها عليها

قامت بأبعاده وتفحصه ، خُطف لونها وهي تشاهد آثار الاصابع التي حاولت خنقه تطوق رقبته ، احاطت وجهه بحنان وقلق عليه وهي تتفحص ملامحه الباكية بلا ملامح واضحة رغم كونها دافئة في مضمونها

كان لا يزال متشبثاً بملابسها وهو يجرها بخوفٍ وفزع ، ابتسمت بزيفٍ وهي تردد بصوتٍ مهزوز

- لا عليك ادموند ، لا عليك ، انا هنا من اجلك ! لا تقلق وانا هنا ، سوف انقذك من اوهام نفسك وانتشلك من الظلام الذي يغلف روحك !

توقف فجأة عن البكاء وهو يحاول ان يضمر ما يختلج في جوفه من افكار ، حاول ان يمسح الدموع ولكنها ابت التوقف ، توردت وجنتاه واحمّر انفه بطريقة ظريفة فضحكت عليه بخفة مما جعله يبتسم بهدوء رغم خوفه

ربتت على رأسه وهي تعقب بهدوء

- هل يمكنك ان تخبرني بما حدث ؟

عمّ الصمت فجأة وجل ما حدث هو اسوداد حدقتيه الذهبيتين من الخوف ، ارتجف بشدة وضم نفسه بيديه وهو يتكور جالساً ، بدا وكأن لسانه قد رُبط بخيطٍ رفيع حديدي ، لم يتمكن بأن ينبس ببنت شفة وجلس على حاله هذه لدقائق وهي تراقبُ ردة فعله المرعبة

ضاقت عيناها واقتربت منه لينتفض فزعاً ، مدت يدها ناحية ولكنه هجم عليها فجأة وعضها بقوة حتى ادمى رسغها بشدة ، كبتت مشاعر الالم وانتزعت يدها من بين اسنانه بهدوء لتقترب منه مجدداً وتعانقه ريثما هو يضربها بقوة صارخاً محاولاً ان يهرب من قبضتها القوية

- اياك والاستسلام ! هناك املٌ في الحياة ، النقطة السوداء القاتمة ان كبرت وسيطرت على بياض الصفحة فلن يعود للبياض ملاذ يلوذ به في العالم ! إياك ان تستلم لوطأة وسلطة من يسوسك ناحية الهاوية ! انا اهتم لامرك ولسوف اساعدك على تخطي ما انت فيه

بعينين تلمعان غضباً وجدياً قالت تلك الكلمات ، هدأ هو فجأة وسكن في مكانه غير مصدق لما تقوله ، لأول مرة يظهر احدٌ ما اهتماماً صادقاً به ، لم تسعفه ايُ قوة على كبت ما يشعر به ، تمسّك بها بقوة وهو يقول بصوتٍ مهزوز مزعزع الاركان

- حينما اراهم لا يؤذونني ، ولكن هذه المرأة كانت تؤذيني على الدوام ، لها شعرٌ اسود طويل يصل الى الارض ، يغطي ملامحها المرعبة وعينيها البيضاوتين الشبحيتين ، ترتدي فستاناً اسود ، اظافرها سوداء طويلة حادة وصلبة ، و اسنانها كأسنان القرش ! صوتها مرعب وكأنما الموت يغني حولها بسمفونية الهلاك ! الجو يصبح بارداً بشكل مقزز حينما تأتي وهي تحاول القضاء عليّ منذ اول مرة رأيتها فيه

تعجبت بشكلٍ كبير ، ازدردت ريقها بصعوبة وابتعدت عنه تزيف بسمة حنونة ، وكزته بقوة على جبينه وطلبت منه ان يبقى في الفراش ويرتاح ، كلفت بعض الحراس بحراسته وهي لا تزال قلقة من موضوع المرأة ذات الرداء الاسود

خرجت وهي تأمل ان تجد حلاً ينهي المسألة عما قريب




،،

{ مستشفى الامراض النفسية – القسم السادس - 24 من يونيو 1990 – الثالثة ظهراً }




لا انبثاق من يدي الشيطان

ولا سلامة من وسط دخاخين السموم السوداء

التربص بما لا يفيد والتملص مما قد يسعف المريض

قد احاط نفسه في دائرة الاعتكاف

تاركاً خلفه جنيناً يموت وسط الحياة

صرخته ناجت كل السجناء

باحثاُ فيهم عن والدٍ يدفعُ عنه البلاء

ولكن القدر كان له بالمرصاد

ففتك بعمره قبل ان يرى نور الحياة

وانتهى قلبه في حفرة سوداء

اودت به في عالمٍ من الالغاز و التكهنات



ضجّ المكان بصمتٍ مهيب تاركاً روحها تهيم في ضباب عالم الحياة ، تاركاً عنان عضلاتها بالأسترخاء وهي تنظر الى السقف بسرحان الاشقياء

لا تعلم لما شعرت بنوعٍ من الثقل على اكتافها فجأة وكأنما جسدٌ ما ارتمى عليها ولكنها لا تستطيع ابصاره او سماع حديثه ، ابتسمت ببلاهة على تفكيرها وسط السكون وارادت وضع حدٍ لما تنعته بالجنون

ولكن صوت تهكمٍ ضيق عليها الخناق ، لتصدم حينما رفعت بصرها لترى تلك الشمطاء تلوح بمروحتها على ملامح الكبرياء الخاصة بها ، زفرت بحدة واشارت لها بالتقدم والجلوس

دلفت الكونتيسة بكثيرٍ من الكبرياء والبرود على قسماتها يترأس كل المكان ، وتلك الطبيبة كانت تشعر بالكثير من البلاء في الاجواء غير آبهة بنية التدمير التي عمت المكان

جلست امامها وصمتت لوهلة بالكاد فقهت اليها ليتيشيا الناعسة من ارق الساهرين ، الى حين وضعت مروحتها جانباً لتبدأ حديثها قائلة بغرور

- كيف جرى العلاج ؟ هل تخلصتي من علته التي اهانت عائلة الكرام امثالنا ؟

ضاقت عيناها بملل و سخرية لتلعب بشعرها لبعض الوقت ، استندت على الكرسي لتضع قدماً على الاخرى وتقول بعلو شأن الكبراء

- كلا ، لان لا مشكلة في حفيدك يا سيدة

ظهر الغضب على وجهها بشكل مخيف وقد ظهرت شرارة حمراء افزعت كيان ليتيشيا في تلك اللحظة لتعقب الكونتيسة بغضبٍ واضح

- اذا ما الذي تحاولين الوصول اليه ؟ هل تريدين القول بأن حفيدي يرى الموتى حقاً ؟ تفاهة !

استشعرت ليتيشيا لوعة ومرارة في حديث الكونتيسة ، لا تعلم لما قطبت حاجبيها واستندت برسغها على الطاولة وهي ترمق عيني الكونتيسة الذهبيتين بغموض

تعجبت الاخيرة من هذا وازدرتها بشكلٍ واضح ، لم تهتم الطبيبة الشابة لهذا بل اردف بعد صمتٍ طويل

- اجل ، ما احاول الوصول اليه هو انه يرى الموتى حقاً ، انها نوعٌ من المواهب الخاصة التي يمنحها الله لمن يريد

زمّت على شفتيها بقهر ، وارادت الانقضاض على الطبيبة التي تركت وسائل العلم واتبعت وسائل العقل والتصديق بالخرافات ، اشاحت بوجهها وصمتت ولم تتكلم لعدة دقائق ريثما ليتيشيا تجاهلت وجودها وبدأت بقراءة ملف لاحد المرضى الجدد

ولكن هدوء ما قبل العاصفة مرعب وصامت ، يقنص الارواح عن بعد مستميلاً قلب الضحية بخدعة من ضنك الحياة

فُتح الباب على حين غرة ودخلت ممرضة لاهثة وقد تبعثر شعرها على كافة انحاء وجهها من شدة الركض ، تعجبتا من حالها المثير للشفقة ، ولكن كل هذا زال حينما صرخت بطريقة مفزعة

- ايتها الطبيبة ! ساعديني ارجوكِ ! ادموند ! لقد ... لقد اختفى ادموند من الغرفة !

اصفّرت وجوههما وشعرتا بالحر يطوقهما من كل مكان فجأة ووطأة الصدمة بادية على وجوههما بشكل مرعب ، وقفت ليتيشيا وهي تضرب المكتب بقوة ارعبت الكونتيسة لتصرخ قائلة

- وبالله عليكِ كيف فُتح الباب من تلقاء نفسه ؟ وكيف لم ينتبه احدٌ ما عليه ؟ واين كان الحراس ؟!

صمتت الممرضة لالتقاط انفاسها ، ثم اجابت باختناق واضح

- لا اعلم ، اقسم بأني لا اعلم ! ولكن الغرفة مليئة بالدماء على الجدران و خدوش اظافر على الجدران ! يبدو وكأن الفتى قد جنّ تماماً ايتها الطبيبة

ظهر شرارٌ مرعب في عينيها ونظرت الى الكونتيسة بحقد لتفاجئ بها تنتفض وهي تشبك يديها اللتين حملتا مسبحاً انتهى طرفه بصليب من العهد الفيكتوري

ادركت هنا حقيقة كانت على مرأى من عينيها منذ البداية ، ارتجفت بقوة من الغضب لتقول محاولة كبت الصراخ

- لقد كنتِ تعلمين من البداية ! كنتِ تعلمين بأنه يرى الموتى بالفعل ! ولكنك اردتِ تصديق كذبة صنعتيها بنفسك بأنه مريض ! ما الذي كنتِ تفكرين فيه ؟

اهتزت عينا الكونتيسة للحظات لتغمضهما بحسرة وتردف بصوتٍ مكسور

- لقد ورثها من والده ! ابني انا ! ، والده مات بفعل هذه الهبة القاتلة ، لم ارد ان اصدق بأن حفيدي سيعاني الامرين بنفس الطريقة لذا ظننتُ بأني ان عشتُ وسط الكذبة فستغدو حقيقة ويشفى ادموند منها قريباً ولكني كنتُ مخطأة ! ارجو ان لا يحدث له شيء !

لم يسعف الوقت ليتيشيا حتى تعاتب المرأة العجوز القابعة امامها ، خلعت رداء الاطباء الخاص بها وراحت تركض في ارجاء المعموة بجزعٍ وخوف ومناجاة داخلية

بحثت في كل ارجاء المسشفى ولكنها لم تعثر عليه في ايٍ من انحائه ، شعرت بالخوف يجفف الدم من داخلها وبدأ نبض قلبها بالبهتان

فكرت في الحديقة التي تجاور المشفى ، ربما ذهب اليها كي يلتقط انفاسه ويشعر بالحرية ، رغم ان هذا مستبعد بشكل كبير إلا انها ارادت ان تتمسك بخيط الامل الثخين

ازمعت ناحية الحديقة بسرعة مهولة حتى وصلت اليها بسرعة ، ضاقت عيناها وهي تستشعر الصمت الغريب في هذا المكان ، كانت الحديقة مهجورة تماماً وقد اكل الدهر عليها وشرب ، مذ ان حصلت عدة جرائم قتلٍ في هذا المكان ما عاد احد يفد اليها مطلقاً

شعرت بحدسها يسوسها ناحية البحيرة العميقة وسط الحديقة والتي تآكل سياجها بشكلٍ كبير مما يسمع للناس بالذهاب الى حتفهم فيها

اقتربت لتجد آثار اقدامٍ آتية بالقرب من رمال البحيرة ، شهقت وادركت المصيبة التي حلت بها ، خلعت حذائها وبلا اي تفكير قفزت في المياه الضحلة

مرت دقيقتان قبل ان تخرج من المياه وهي تحمل جسد ادموند الصغير معها ، وضعته على الارض وبدأت بعملِ تنفسٍ اصطناعي له وهي ترجو ان يفتح عينيه الذهبيتين وإلا فأنها لن تغفر لنفسها ما دامت حية

فتح عينيه برعب وسرعة مخيفة ، نظر اليها بعينين مصدومتين غير مدركتين لما حوله ، سرعان ما بدأ بالصراخ و التلوي من الالم وكأنما هو مصابٌ بالصرع وهذه احدى نوباته

امسكت بيده وهي تحاول تهدأته حتى هدأ بعض الشيء ولكنه لا يزال يشهق بشكل مفزع وصارخ ، قطبت حاجبيها بغضب وهي تشد على يده بيديها وتقول له بانفعال شديد

- ادموند ! ردد بعدي ، انا ارجوك ان تفعل ذلك

نظر اليها كعلامة على رضاه وكأنه شعر بأنها ستقدم له الحرية على طبقٍ من ذهب ، اردفت بجدية مرعبة

- انا حامل الهبة الالهية اتخلى عنها بموجب عدم التمكن منها وانقلها لمن تشابكت يداي بيده بتصديق مني لكونه جديراً بها

لم يفهم شيئاً من مقصدها ولكنه حرك شفتيه بتعبٍ وارهاق وهو يقول

- انا حامل الهبة الالهية اتخلى عنها بموجب عدم التمكن منها وانقلها لمن تشابكت يداي بيده بتصديق مني لكونه جديراً بها
وفي هذه اللحظة ضربت رقبته بقوة فسقط مغشياً عليه دون ان يعرف ما فعله للتو ، هدأت هي و تنهدت براحة عظيمة ريثما حملته معها عائدة الى المشفى



،،


( مستشفى الامراض النفسية – الحديقة الخارجية- 14 من يوليو 1992 – الواحدة ظهراً )







حينما تمر السنون بلمح البصر

وتصبح حياتك جحيماً كان مقدراً لغيرك

تعتكف في مقابر الموتى لعلك تجد خيط النجاة

ولكن الشيطان من حولك يرقص على سيمفونية العذاب

قهقاته التي تجلت بهيئة كوابيس النيام

تنهش لحم من عاش ضنك الحياة

المٌ لن يصفه اي كاتب في الوجود

لانك انت من جلب الهلاك لروحك السكون

عامان مرآ منذ ان خرج ادموند من المشفى ، شُفي تماماً ولم يعد يرى اروح الموتى التي تجوب المكان من حوله بعد الان ، اصبح طبيعياً و قد تبدد الخوف من وجله وظهرت ابتسامة بديعة الجمال على ثغره الذي غدا وضّاحاً بالحياة

ليتيشيا التي فعلت المستحيل لانقاذه من نفسه جالسة الان في حديقة المشفى الخارجية ، رياحُ الخريف الباردة تحرك خصلات شعرها السوداء و تلقي عليها بأوراق الاشجاء الصفراء ، هزيز الرياح على الاشجار الصفراء الخريفية من حولها كان الازعاج الوحيد لها وهي تقرأ رسالة ادموند التي يدعوها فيها لحضور حفل عيد ميلاده السادس عشر في الشهر القادم

ابتسمت بهدوء ووقفت وهي تمدد يديها ببعض التعب والارهاق ، فهي قد عاينت المرضى ليومين متتاليين دون ان تحضى بقسطٍ كافٍ من الراحة

ولكن السكون من حولها اوقف الزمن فجأة وهي تسمع انين المرأة ذات الرداء الاسود من خلفها ، التفتت اليها بعيون شيطانية مرعبة لترى بأنها تحاول الاطباق على متنفسها بيديها الشاحبتين

اردفت ليتيشيا بطريقة مرعبة وبعيون جاحظة كالموتى

- حاولي ذلك وسأضمن ان لا تري ضوء الشمسِ مجدداً

تلاشت المرأة فجأة دون ان تحضى بفرصة لقتل ليتيشيا المرعبة ، ابتسمت الاخيرة بسخرية بلهاء وسارت قليلاً في الحديقة وهي تسير على الارض المشبعة بالاوراق الخريفية ذات الخشخشة المزعجة التي كانت لليتيشيا بمثابة موسيقى عذبة

توقفت قبال نافورة المياة الراكدة و سكنت تراقب انعكاس صورتها على المياه ، مرت بضع دقائق وهي تفكر بالطريقة التي عالجت بها ادموند قبل سنتين ، حينما اقنعته بأنها نقلت قدرته اليها وقد صدق ذلك فما عاد يرى شيئاً من حوله

ولكن من جهة اخرى ابتليت هي بالقدرة حينما صدقت في نفس الوقت بأنها انتقلت اليها ومذ ذلك الحين هي ترى ارواح الموتى التي تجوب اروقة المستشفى بل هي تراهم في كل مكان من حولها

اغمضت عينيها لوهلة لتعيد فتحها مجدداً وتنظر الى انعكاس صورتها على الماء مرة اخرى ، ضاقت عيناها وهي ترا انعكاساً شبحياً لروحٍ ذات جلدٍ ذائب وملامح غائرة الى داخل وجهها ، صوتٌ صراخها المرعب دوى في اذنها وهي لا تزال مركزة على انعكاس صورته

قطع عليها تأملها صوت ممرضة اتت اليها قائلة

- آنسة ليتيشيا ، المريض في الغرفة التاسعة يعاني من اضطرابٍ حاد ، ارجو ان تأتي معي

اعادت ليتيشيا النظر مجدداً الى المياه الراكدة لترى بأن الانعكاس الشبحي قد اختفى ، زفرت بهدوء وقالت معقبة

- اسبقيني ، انا آتية في الحال


- تمت -



لطالما كان الخوف عدواً للانسان
ركعوا له و اظهروا له الخضوع
غير عآلمين بأن هذا الخوف يرتعد منا رعباً حينما نقاتله
ولكن جيوش مملكة النسيان كانوا اقوى
اسقطوا الاعلام وحرقوها للرماد
ولكن بقي هناك فارسٌ واحد كان لهم بالمرصاد
قتلهم جميعاً واعاد الى عالم الارواح السكينة والسلام
ولكن قبره نُسي وما عاد له مكان
فقدوه فنساه التاريخ والزمان
ولكنه حيٌ في ذاكره المضحين
في عقل اولئك الذين آثروا على الموت على الخضوع الذليل !

برب لاحد يرد
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة нїгOSнї ; 04-01-2014 الساعة 06:15 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-31-2014, 11:50 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im48.gulfup.com/ob4O5r.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://im48.gulfup.com/BclFIh.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

















[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





اهلاً بكم احبتي
اخباركم ؟ اتمنى بخير وصحة وعافية
اقدم لكم مولودتي الجديدة ، قصة قصير شُغفت بها حباً
الفكرة جاتني من زمان وبدأت ارتب احداثها في عقلي لين وصلت لهذي النتيجة
اتمنى تعجبكم وتعطوني آرآئكم عليها
انتظركم احبتي
في امان الله
+ ملاحظة : ما ابي ردود سطحية لاني تعبت كثير فيها -_-1
وشكراً






[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-31-2014, 11:58 PM
 
حققز حققز
__________________






أستغفر الله وأتوب اليه عدد ما ذكرهُ الذاكرون
و غفلَّ عن ذكرهُ الغافلون !


-



ضبابَ حياتيّ لن ينقشع ، وأتسائلّ متى سيصحوا ضميرّ أنوثتيّ
و أشعرُ بغصةٍ تُرغمنيّ على البُكاء

- إِيـرين جِيرارد

انتحلت شخصية الذكُور وعشتُ بينهم مدى الدهر
لن أعُود لأنوثتيّ مُطلقاً ، سأحكم بلاديّ وسأعيدها
بِـ كبرياء أباطره

- ألـيس هِنريّ


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-01-2014, 06:29 PM
 
Smile

[align=center][tabletext="width:70%;background-color:silver;border:1px outset black;"][cell="filter:;"][align=center]..
.
السلامـ عليكمـ ورحمة الله
كيف حـالك خيتي ،، تمـام
..
.
مـاهذا الابـداع الصـارخ .. !
مـاهذه القـدرة العجيبـه على نسـج التعابيـر .. !
وجـدت نفسي اذوب بيـن سطـور مـاكتبت .. !
..
.
لقـد ابدعـت في كل شيء ..
في نظـري قصتـك كاملـه ..
..
.
كـأنني اقرأ سينـاريو لفيلـم قصيـر ..
احتـوى بين طياته كـل معاني الخوف .. !
انـاس تاهوا بين غياهب الواقع ..
وهواجـس الخيال ..!
..
.
لايسعنـي الا القـول ..
ان هذه قطـعة من سمفـونية .. !
احتـوت كل مـاهو ظلامي وكئيب ..
عُزفت الحـانها .. لتجـييش هذا الصراع ..
صـراع العقـل مـع النفـس ..
صـراع الواقـع..مع غيـر الواقـع .. !
..
.
اخيرا وليس آخـرا ..
اشكـرك على الدعـوه ..
سـرّني كثيـرا ان البّيهـا ..
..
.
ولقـد تمـ التقييـم + الختـم
واتمنى ان لاتتوقفي عن الكتابه ..
والسلام
..

..
.
- -[/align][]
[/cell][/tabletext][/align]..
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انا احب فلسطين وافديها بروحي وان كنت عراقيه نداء الفداء ورد الياسمين2 قصائد منقوله من هنا وهناك 19 02-09-2015 07:49 PM
القلب الساطع بالرغبة في الفداء “ɑʑʂ” ألغاز 7 09-15-2013 02:57 PM
ملابس زفاف زهير مراد 2013 | موديلات زهير مراد 2013 كيوت ملاك الرومنسيه حواء ~ 0 05-10-2012 01:01 AM
خطبة : نفسي الفداء للشيخ توفيق بن سعد الصائغ روح الفجر أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 7 02-11-2006 03:10 AM


الساعة الآن 08:29 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011