**الفصل الرابع عشر و الخامس عشر**
<< تلبد سماء ريوسان بالظلام ((مملكة ظلال 1 ))>>
الأنسان كائن زَمِل و أناني، يلقي بكل اثقاله على القدر و يلوم الزمان على فشله ، ويتهم
الشيطان على كل آثامه !!...
ولكنه ايضا مخلوق جشع و فاسد ، يعبد المال و القوة و لأجلهما يرتكب كل الذنوب ،
على مدى العصور هذا النوع من البشر دمروا حياة الكثرين و سرقوا أمالهم و حطموا
احلامهم ،لا يهم أي أرض تطأ أقدامهم ، أي هواء تستنفد رئتيهم !! يلوثون جميع
الارواح كأنهم خدم الشر منذ ازل !!
حتى لو اخرجتها لأخر قطرة لا يمكنني تخلص من هذه الدناسة !! كان يمسك بمشرط حاد
ودماء تلوثه :لا يمكنني تنظيف هذه اليدين القذرتان ، لأزال اشعر بهذه الدماء القرمزية
المملوءة بخطايا تسري في جسدي!!....اخذ يقطع و يقطع بكل قوته ، انه يمقت الهواء
الذي يتسرب لرئتيه ، يكره الصوتالمجلجل بين ضلوعه ، وجَوِيَ الدماء الذي تروى
عروقه ، انزلق جسده واه على السرير و الحياة تستنزف منه ببطيء ،لتلطخ ما حوله
بأكثر لون يبغضه ،اغلق عينيه ربما يريح روحه المتوجعة ، منتظرا الهدوء ذلك البرد
ساكن ليسري في جسده كأنه مغطى بالثلج ، لكن الأرواح المعذبة لا تعتقه تجتاح عقله
و تمض روحه ، يرغب بأن يمزق آلم جسده ، ان يصل صراخه السماء ،أن تستنزف
حياته بعنف ربما يكفر عن ذنوبه !! هذه الميت أكثر مما يستحق، لو كانبيده لعذب
نفسه لربما اراح ضميره !!
في غرفة اخرى في نفس المكان ، كان الحزن يخيم عليها حتى تلوثت جدرانها بلونه
فأصبحت قاتمه ، تدفقت الدموع من عينيها بغزارة كالأمطار وشهقاتها تسمع الجميع.
لم تملك ماري اي كلمات تواسي بها صديقتها سوى الصمت ، فلقد عانت الم الفراق لمرة
الثانية ، وضعت يدها على رأسها وهي تقول: لا يمكنني منعك من البكاء !! اليوم
سأسمح لك ان تبكي في حضني!!
رفعت فينيسيا رأسها ونظرت لها وهي مصدوم رغم حزنها فهذه اول مرة تعطف عليها
ماري لطالما كانت تصد كل عواطفها ، اجشت بالبكاء و ارتمت في حضنها : لم فعل ذلك؟
هل يكرهني لهذه الدرجة؟ اليس والده أيضا ؟
.....اخلطت دموعها بكلمات بكاد تسمعها ماري و اردفت : كان دائما يزعجه و يهينه و
لكنه لم يهتم !! لم يهتم بحزنه و ألمه بل اهتم به !!
لم تفهم ماري كلماتها عن من تتكلم ، ابعدتها وهي تقول بحدة : توقفي عن البكاء و
اخبرني عن ماذا تتكلمين؟
مسحت فينيسيا دموعها وهي مستاءة من تصرفها و في بالها: هذه الفتاة !! حقا باردة
المشاعر!!......اخذت نفسا واردفت: اوليس ساما !! هو من قتل والدي!!
استغربت ماري هذا اتهامها : انت تمزحين !! انه والده هو ايضا !!...كانت نظرات
فينيسا جدية ،استغربت ماري نظراتها: من اخبرك؟
بكاد توقفت عن البكاء حتى عادة للنحيب : جينيو ساما !! اخبر والدتي الحقيقة و انا
بصدفة سمعتهما !!
انزلت ماري قبضتها على رأسها وهي غاضبة من ذكر أسمه ،من سماع كلامه و تصديقه
، فهذا رجل لا يستحي من الكذب و الخداع ليصل لغايته: هل كلام جينيو يصدق؟ انت
تعرفينه فهو مخادع!!
وضعت فينيسيا يدها على رأسها و دموع تغرق عينيها : لكن اوليس لم ينكر امر بقى
ساكتا دون اي كلمة !! أليس هذا دليل كافي؟
تنهدت ماري وهي تفكر بهذا أمر الغريب قاطع تفكيرها دخول داني ، وقفت ماري ونظر
له: الحمد الله لقد جئت !!هذه فتاة البكاءة تكاد تفقدني صوابي!!
ابتسم داني ابتسامة باهته و حزن يسكن قلبه لرؤيتها تبكي فهو يعلم مدى تعلقها بوالدها
و لكنه هنا ليهون عليها، تقدم نحوهما : أنا سأعتني بها !! يمكنك الهروب من عواطفك
ظهرت علامات استياء على وجهها ، مرت بجانبه قائلة: أين تشيروا؟
تفاجئ من سؤالها ، ورد عليها بصوت مرتبك: لقد غادر مستعجلا !! و لا اعرف
سبب!!
هزت ماري رأسها والتفت مغادرة ، قاطعها مردفا : والدتك تريد رؤيتك !! إنها في الأسفل !!
اكملت طريقها دون ان تبدي أي ملامح ، وهي شاردة الذهن تفكر : لم يسمح لي ريو
بالبقاء!! انا قلقة جدا على يوتي ساما !! لقد كان فاقد الوعي !!...استندت على أحد
جدران الممر : بتأكيد ريو غادر إلى هناك !!....اعتلت وجهها علامات انزعاج :أحمق
!! دائما يقعني في الفخ !!....
لا تعلم لما تذهب لها ، و قلبها قد اقسم ان يبعد عنها ، لم تستطيع مسامحتها ، فهي
أمها !! المرأة التي جلبتها على هذه دنيا ، الأم التي ترعى اطفالها و تحبهم اكثر من
اي شيء و لكنها رمتها بكل سهولة ، وقفت تتمعن في ملامحها وهي تقترب ، تمقت
هذه المشاعر المتضاربة التي ترميها يمينا و يسارا كأنها حجر نرد ، فرغم كرهها لها
تشتاق لرؤية ملامحها وجهها، لتسمع صوتها و لنظرة عيونها كأي طفل يحن لوالدته !!
قبل ان تقترب منها ، اوقفتها بنظرة حاده على وجهها: ما الذي تريدينه اختصرِ؟
نظرت سرينا لعيونها ، نظرة الكره اللامعة بداخلهما تؤلمها ، إنها تعلم بأنها اقترفت خطأ
و لكن تريد السماح من ابنتها الوحيدة : جئت لأخرجك من هذا المكان ؟ انت لن تكوني
كبش فداء لذلك الوحش!!
اريد ان اصدق كلماتها ، اريد أن اشعر بحبها و لكن قلبي يأبى ان ينبض من جديد ،
أشعر بكلماتها كالهواء لا تلامس فؤادي ، أنها بعيده بكاد يصل صوتها لأذني ، ذلك
الباب أصبح صدئ ، لكنني مللت احاديثنا مؤلمة و رجوع للماضي: انا هنا من أجل
فينيسيا !! ...ألتفت و اردفت: انا لا أحتاج مساعدة !! بعد هذه السنين تعلمت كيف
اتعامل مع جينيو !!...ابتعدت تاركتا إيها ودموع تملئ مقلتيها !!
بين ظلمة ونور احترقت السماء بلون الغروب مشتعل كالسعير ، كل شيء من حوله
يتوارى في لمح البصر كأنه يسبق الجميع نحو الجحيم ، و أي جحيم يزلزل صميمه ،
قلبه يكاد يخرج من ضلوعه ، روحه ترجف خوفا ، جسده يرتعد غضبا و الهواجس تعبث
بتفكيره ، مشاعره مختلط كهذا الغروب ، تلك الكلمات التي سمعها عصفت بكيانه، نظر
له تشيروا نظرة شفقه على حاله ذكره وجهه متألم كمن يبلع سكين الحاد و لا يمكنه
إخراجه هذا هو شعور عندما تؤذيك علاقاتك القيمة ، الأب ، الأخ ، الأم ، الأخت ،
الصديق ، ذكره بوجه يوتي ، ابتسم بسمة سخرية على نفسه: نسيت نفسي !!
شعرت ماري بالضياع في ممرات هذا القصر الكبير ، وقفت امام نافذة ضخمة تطل على
حديقة ورود جميلة منعكسا عليها لون الغروب هذا المنظر أزاح بعض الحزن الذي
يسكن قلبها، سمعت ضجيج من بعيد، تنهدت: و أخيرا وجدته شخصا أسأله !!
تقدمت نحو الصوت ، و إذا بهن مجموعة من الخادمات يجتمعن امام باب غرفة وهن
يتجادلن ، قاطعتهم ماري بضجر: ما سبب هذه الجلب ؟
التفتن الخادمات و صدمن !! انحنَ احتراما: ماري ساما!!
انزعجت ماري :ارفعن رؤوسكن لا داعي لهذه الأمور !! ....تقدمت نحوهن: ما الذي
يحدث؟
وقفت امامها احدهن وهي تقول: أوليس ساما !! لا يفتح الباب و لم يأكل شيء من
الصباح !!..انزلت رأسها: ونحن قلقات بشأنه!!
وضعت ماري يدها خلف رأسها وهي مستاءة :حسنا !! دعن طعام و اذهبن سأهتم انا
بأمر !!
مليئة سعادة وجوههن : شكرا ماري ساما !!...غادرن
وقفت ماري امام الباب غرفة اوليس ، نظرت له بإمعان لهذا باب ذو اللون المميز ، ذو
خشب أسود قاتم ، مزركش بالفضة لامعة ، لديه مقبض ضخم على شكل وجه ثعبان
كوبر : أنه يعيد ذكريات قديمة !! لقد مر عليها تسعة سنوات!!
كان يوما شتويا شديد البرودة ، الثلج الأبيض الناعم يتساقط ليغطي كل شيء الأرض ،
الأشجار ، أسطح البيوت و السيارات كل شيء في هذا العالم ، كانت ملامحه مثل هذا
اليوم باردة جدا و هادئة ، لم يذرف الدموع و لم يحزن ، بينما السيد دانكن رغم
شخصيته و سنه كانت عينيه مليئتان بالدموع الذي يكبحها ووجه شاحب ، الجميع كانوا
يتكلمون عنه عن قسوة قلبه الجميع شبهه بي جينيو ، ولكنني رأيته دموعه !! دموع
أوليس كانت ساخنة مليئة بالألم !! دموع غزيرة أذابت الثلج!!...
قرعت باب الغرفة وهي تفكر في مدى حزنه : انه من هذا النوع!! لا يظهر حزنه و لا
المه امام الأخرين !! افهم أحاسيسه ففي نهاية هذه العواطف لست سوى علامات
الضعف !!
لم تسمع رد أبدا ، حاولت مرة أخري و مرة أخرى ، تنهدت باستياء: انه عنيد!!..التفت
مغادرة
ابتعد بعض الخطوات ثم وقفت تفكر: هل من جيد تركه وحده ؟ ربما يكون بحاجة لأحد و
لكن لا يستطيع طلب مساعدة !! .....رجعت بعض الذكريات القديمة لذلك اليوم!!
راقبته ماري من بعيد يجلس تحت ذلك الثلج متساقط و برد يلفح جسده ، دموعه لم
تتوقف عن الانهمار و لكنه يكبح شهقات ألمه ، أحست بحزنه!! ان تفقد أكثر شخص
تحبه صعب جدا !! ركضت نحوه ووقفت امامه و الدموع تنزل من عينيها !!
كان يحتاج لأي أحد يساعده ، ألم يجتاح جسده و يوجع قلبه و لا يمكنه إيقافه ، لا
يمكنه إيقاف انهمار دموعه: لما فعلت ذلك؟ انا احبها !! كان يجب ان اموت انا بدلا
عنها !! والدي يكرهنني لأنني سبب فيما حدث !! انا سبب في موتها!!
الجميع قالوا بأنه قاسي القلب و الحقيقة ان أوليس سان أكثر شخص يتألم أمه ماتت وهي
تنقذه ، لهذا يشعر بالذنب!!...انحنت ماري صغيرة وحضنته : أوليس سان لم يكن السبب
!! أوليس سان يحب والدته كثيرا ما كان ليؤذيها أبدا !! .....امسكته بقوة ودموعها تبلل
شعره : كما ان دانكن ساما يحب اوليس سان و يعلم بانه ليس سبب !! ....ابعدته عن
حضنها و مسحت دموعه : أوليس سان !! نحن لا نتحكم في قدر من نحب و لكنني
اعلم بأن عمتي تحب اوليس كثيرا ، كانت دائما تقول بأن أوليس هو فرحتها في هذه الدنيا
نظر لوجها شاحب و جسدها المرتعش من البرد ، ابتسم ابتسامة باهت وابعد سترته
ووضعها عليها و مر بجانبها ، نظرت له ماري وهي تمسك بسترته ، وقف اوليس وقال
دون ان يلتفت : ماري كون !! شكرا لك !!...و اكمل طريقه!!
ألتفت ماري و ركضت نحو الباب ، حاولت فتح الباب و لكنه كان مغلق من الداخل ،
القلق يطرق قلبها بقوة !! إنها تعرف مشاعر الوحدة ، مشاعر تخلي الجميع من تحبهم
عنك ، ذلك الفراغ المؤلم ، ثقب من يأس في قلبك ...نظرت حولها :يجب ان أصل
له!!....بحثت حولها عن طريقة لوصول لغرفته ، فتحت باب الغرفة التي بجانب غرفته و
توجهت نحو الشرفة ، رأيت شرفة غرفته : كما توقعت !!
قفزت لها ، لم تكن مسافة طويلة بينهم ، كما اعتاد ماري الهرب من الشرفة عندما كانت
تعيش في بيت جينيو ، اخذت نفسا و فتحت باب الشرفة ، أوقفت صدمة جسدها عن
الحراك ، لم تستطيع حتى الصراخ ، جسده مرميا على الفراش كجثة هامدة والدماء تغطي
شرشف السرير الذي تحول لون لأحمر القاني ،قطرات الدم تتساقط كقطرات المطر من
السرير على الارض ، تذكرت نفسها عندما فعلت نفس شيء لقد احست بذلك نفس
الفراغ نفس الأحاسيس ، اندفعت نحو السرير : أوليس سان!!...نظرت له : وجه
شاحب !! و فقد الكثير من الدماء !! ....انزلت رأسها على صدره :بكاد أستطيع ان
اسمع نبضه!!...
ماذا سأفعل ؟؟ ....تذكرت قدرتها ، لم تبالي بما سيحدث ؟ ماذا ستقول ؟ ...وضعت يدها
فوق جراحه و اغلقت عينيها وهي تتمنى ان تساعده ،ظهرت تلك النقوش على جسدها
و توهجت الغرفة بشعاع باهت !! أخذت الجراح تلتم و ألم يخترق جسدها كطعنات
السكاكين !!....
توقف النزيف و التأمت الجراح ، توقفت ماري و أمعنت نظر لأثار جراح : قطع وريده
خمسة مرات !! أكنت ترغب في الموت لهذا الحد!!
نظرت حولها الدماء التي تملء المكان ، السرير و الأرضية ، ثيابه و ثيابها ، تنهدت
واخرجت هاتفها: اوقفت النزيف و لكنه يحتاج لبعض الدماء !! ....وقفت و ضغطت
بعض أزرار : مرحبا !! ......لا وقت لكلام !! ........انت تعلم ما هي فصيلة دم
اوليس سان!!..........!!أمر لا يخصك أيكا ، أحضر ثلاثة اكياس لشرفة غرفة اوليس
دون ان يراك أحد!!............!! لن تخبر جينيو اي شيء وإلا سأقتلك،
انت تعلم بأن جينيو ثرثار و سأعلم فور اخبارك له !!.........!! تشيروا مشغول لا
تتأخر!!...انهيت هذه المكالمة و نظرت للغرفة :سأهتم بأمر تنظيف هذه الغرفة !! يجب
ألا يعلم أحد بما حدث هنا !!
وقفت سيارة بقوة محدثة جلبة و انتشر الغبار حول المكان !!..خرج تشيروا و انهار
ارضا وهو يضع يده على قلبه المرتجف: و اخيرا !! الأرض !! الحمد الله!!
قاطعه لوكا وملامح الغضب تعتلي وجهه: لا وقت لمزاحك!! يجب ان نحذر هايتي!!
تغيرت ملامح تشيروا لجدية ووقف : لقد فات الأوان !! انهم هنا !!
تفاجئ لوكا ونظر نحو بوابة !! لم يجد احد : أين الحراس ؟
تقدم تشيروا نحو البوابة : اشتم رائحة الدماء تعبق بالمكان!!....وضع يده على البوابة
وجدها مفتوحه : كما توقعت!! أنهم سرعين !!...رمى مسدسا نحو لوكا : ستحتاج له !!
من أجل سلامتك أبقى خلفي دائما !!
امسك لوكا المسدس في يده ، كانت يديه ترجفان ، لا يعلم أهو الغضب أو الخوف او
القلق !! دائما يسبقه جينيو بخطوات !!... لكن ان يصل لهذا مستوى من الدناءة !! لم
يتوقع ذلك!!
قاطعه تشيروا وهو يفتح البوابة: ما الذي تفعله ؟...
دخل تشيروا و لحق به لوكا...
لم ينم نوما هنيئا و مريحا منذ زمن طويل !! وجهه مبتسم وملامحه هادئة حتى الكوابيس
هجرته هذه الليلة !! ..
راقبته انجل بسعادة و سرور ، تساقط الدموع من عينيها فرحا !! ... قاطعها سيزر وهو
يستند على حافة الباب : اذا انت سعيدة!! لم البكاء ؟
نظرت له ومسحت دموعها : إنها دموع الفرح !!
دخل سيزر وهو يبتسم : سأعتني بــ يوتي !! يمكنك الذهاب و الاعتناء بذلك العبوس!!
عجزت و انا احاول تغير ملامح العجوز تلك عن وجهه !!
استاءت انجل : توقفت عن إزعاجه بكلامك فظ !! فأنت تزيد الوضع سوءا !!
جلس على حافة السرير : انت غريبة انجل !! دائما تغضبين مني بسبب هذا و لكن لا
تغضبين منه عندما يوبخني !!...ابتسم ابتسامة خبيثة : هل نايت شخص عزيز على
انجل؟
احمر خديها و انزعجت : توقف عن ازعاجي !!...وغادرت!!
ضحك سيزر عليها ، نظر نحو يوتي : أميرتي الجميلة لم تكن تخجل أبدا !! دائما كانت
تقول بثقة و قوة : انا احبك يوتي!! ....وابتسم
في غرفة أوليس أنهيت ماري عملها و لم تترك اثرا ، اطلقت صوت سخرية وهي تنظر
للكيس اسود امامها: أبدوا كذلك المعتوه!!
انطلق صوت هاتفها النقال ،نظرت للشاشة وردت :أين انت؟..... حسنا!!...رمته على
السرير و توجهت نحو الشرفة ، كان ايكا واقفا ومعه شخص يبدوا في الأربعينات و
يحمل في يده حقيبة !!
نظرت بانزعاج: لقد طلبت ان تأتي لوحدك!!........
ظهرت عليه ملامح الخوف وهو يضع يده خلف رأسه :اعتقدت بأنك تحتاجين لطبيب !!
تسلق ايكا الشرفة ثم ساعد الطبيب على الصعود ، اشار للطبيب نحو داخل: قم بعملك!!
اتكئ ماري على حافة الشرفة ونظرت للسماء ، قاطعها أيكا : سيدتي !! أ يمكنني ان
أسئلك سؤال ؟
نظرت له نظرت مخيفة فأرتعش جسده ، اخرجت ارهاقها في زفرة قوية : تكلم!!
ابتسم و أقترب منها وملامح خبيثة ظاهرة على وجهه: سيدتي !! حسنا !! لا تنزعجي
!!....نظرت له بانزعاج فبلع ريقه و اردف : حسنا !! سأدخل في صلب موضوع!!...
استجمع شجاعته : لما ترتدين ملابس اوليس ساما ؟
لم يشعر سوى بتلك هالة سوداء ضخمة المرعبة و لكمات تتوالى على رأسه أسقطه ارضا
و دخان يتصاعد من رأسه بينما نار تتطاير من عيني ماري ، وضعت قدمها على رأسه
:ما الذي يجول في كومة القمامة التي تحملها بين كتفيك ؟...
انهالت عليه بالضرب ،حتى رفع يده: استسلم !!...
ابتعدت واتكأت على حافة الشرفة : مزعج !!..
جلس أيكا على الارض و وجهه متورم ، مسح دم من على فمه : لتزال قبضتك قاسية
سيدتي!!...ابتسم ابتسامة مستفزة : لكن لم تخبرنني لما انت في غرفة اوليس ساما ؟
قبضت ماري يدها و غضب يتطاير من عينيها، هز يده وهو يرتجف رعبا : لم أقصد أي
شيء سيء !! فقط أسئل ما الذي جري ؟
نظرت لسماء وهي تفكر :أنه محق !! ما الذي حصل ؟ ما الذي جعل أوليس يقدم على
انتحار ؟ هل بسبب موت والده او بسبب كلام جينيو ؟...
انزلت رأسها ونظرت نحو أيكا نظرة ماكرة :أيكا !! إذا أجبتني عن أسئلتي !!
....اظهرت ملامح خجل واردفت بصوت مستحي : سأخبرك بما حدث بيني و بين اوليس
طار برج من رأسه و تساقط أفكار ملتوية في عقله كمطر : يال سن الشباب !! ...وقف
و اقترب منها وملامح سرور على وجهه: أسألني اي شيء سيدتي ؟
انزعجت ماري وهي تشعر باشمئزاز من عقليته شبيهة بكومة من القمامة ، اخذت نفسا :
حسنا !! لا داعي لهذه الملامح مقززه !!
اظهر ملامح استغراب كالطفل :لما !! ملامحي مقززه !! كل ما في أمر أحب سماع
قصص الحب !!...طار في سماء من سعادة : الأحضان ، القبلات ، التضحيات ، دموع
الحب !!....تغيرت ملامحه للحزن :كل هذه الأشياء تشعرك بالحياة المفقودة في هذا العالم!!
استاءت ماري و التفت نحو الحديقة و هي تتكئ يدها على حافة الشرفة : من قتل سيد
دانكن ؟
تجمد دم في عروق أيكا و زالت تلك سعادة الطفولية ليظهر وجهه الحقيقي المخيف ،
جلس بقربها على حافة الشرفة :لدي ثلاثة إجابات كلها صحيحة ، الأولى عصابات
الإجرامية ، الأصح منها سيف السيد اوليس ساما ، والأصح جينيو !!
ضحكت ماري دون ان تلتفت له : يبدوا كأنه امتحان السهل الممتنع !!...اخذت تفكر
بينها وبين نفسها : أول إجابة هي الحقيقية ظاهرة للعامة !! الثانية هي ما حدث فعلا
أما الثالثة فهو الفاعل !!...ابتسمت : السؤال الثاني : ماذا يريد جينيو من اوليس ؟
حك ايكا رأسه وهو مستاء: انت تضيقين خناق على سيدتي !!...ابعد يده : شيئيان
اثنان أحدهما كذبة و أخر حقيقة !! تدميره او ضمه !!
نظرت ماري للسماء لتفكر في كلام أيكا : هذا صعب في كلتا الحالتين اوليس منتهي !!
فما هي غاية جينيو ؟....نظرت نحو ايكا :السؤال الثالث ...!!
قاطعها أيكا وهو يضع سيجارة في فمه : سيكون الأخير !! فكري جيدا سيدتي !!
انزعجت ماري وهي تقول في بالها: لدي عديدة من الأسئلة !! ..تطاير غضب من
عينيها وضربت بقبضتها حافة شرفة :احمق!!
اقشر جسده وهو ينظر للغضب متطاير منها ، اخرج سحابة من دخان وفي باله: انها
ابنة جينيو حقا !!
نظرت له نظرت حاده :حسنا !! اين تشيروا ؟
كأن صاعقة ضربته و انهار : هذا سؤالك الأخير لصندوق جينيو الأسود!!
انزعت ماري واخدت تثرثر كالأطفال: إذا سائلتك عن أشياء مهمة ستكون اجابتك مبهمة
و سيكون هناك الف سؤال و انت لن تجيب عليهم و سأموت انا بفضولي !!....قبضت
يدها و انزلتها على رأسه :أنه خطأت !!
ضحك أيكا وهو يشعر بألم: انت ذكية سيدتي !! ....وقف وهو يعيد تلك ملامح جدية
المرعبة : حسنا !! تشيروا الأن يخون جينيو و يساعد احد المحكمين عليهم
بالموت!!...
ظهرت علامات صدمة على وجه ماري وهي تقول في بالها: اعتقدت ريو في بعد أخر
لهذا كنت انتظر إجابة لا أعرف و لكن هذه مصيبة !! لما تفعل ذلك؟ ما أهمية ذلك
شخص ليخالف جينيو؟
قاطعها أيكا وهو يضع يدها على رأسه و ملامح وجهه مبتهجة: لا تقلق لن يموت
بسهولة !! و الأن سيدتي !! ماذا تفعلين في غرفة أوليس ساما؟
ابتسمت ماري ابتسامة شريرة : انت تعرف !! من اجل ان ارتدي ملابسه لبد بأن
ملابسي اتسخت كما تعلم !!
كان أيكا متحمسا ليسمع احد افكاره نتنة ، اردفت ماري وهي تبتسم : ان تعرف عندما
جلست على سرير اوليس وأمسكت به !!
صفر عقله نهائيا و لم يعد يعمل ، اردفت ماري بسخرية : تلوثت ثيابي بدمائه لهذا
استحممت و ارتديت ملابسه بدلا من ملابسي المتسخة !!
انصعق : ماذا يعني هذا؟ ... فقد رشده وهو يصرخ: لا يوجد أحضان و لا قبلات و لا
شيء !!..انهار أرضا: مستحيل لا يوجد قصة حب !!...
انزعجت ماري و ركلته ركلة قوية طار على إثرها للحديقة : حب قال !! مغفل !!
تقدمت ماري نحو الطبيب بينما هو اخذ يبكي كطفل صغير في الحديقة اسفل الشرفة ،
وقفت بجانب السرير: كيف حاله ؟
وقف الطبيب و نظر لها: من الواضح بأنه فقد كمية كبيرة من دماء و لكن لا وجود
لنزيف خارجي!! سأصف له بعض ادوية و اعطيته بعض الدم ومن افضل لو يفحص
في مستشفى فربما يكون لديه نزيف داخلي !!
أخدت ماري الوصفة : شكرا لك !! و رجاء ألا تخبر احد بما حدث!!
حمل الطبيب حقيبته :هذا هو عملي !! سيدتي !!
اتجها الطبيب نحو الشرفة بينما جلست هي بقرب سرير اوليس تنظر لملامح وجهه
هادئة وهو يغط في النوم!!
صوت الرصاص في كل مكان ، لا يمكنني رؤيتهم ، هذه اول مرة اخوض قتال حقيقي ،
لا يمكنني حتى الإطلاق ، كل شيء يبدو مختلفا عن التدريب حتى صوت الرصاص يبدو
مختلف !!...نظر نحو تشيروا وهو يطلق النار : انه بارع و قوي !! بتأكيد سيكون من
النخبة فهو احد حراس القلعة خاصين بي جينيو !! من يراه و يتعامل معهم يقول بأنهم
وسيمون، لطفاء و طيبون القلب و لكن في القتال لن تتعرف عليهم !!
قاطعه تشيروا وهو يسحبه من يده خلف العمود : انتبه ونفذ ما طلبته منك!!
توقف اطلاق النار و انطلق صوت قوي : لا تتدخل في عملنا يا سيدي الصغير !! فنحن حقا لا نريد ان نؤذيك !!.....
نظر تشيروا من حافة العمود : هذا سيء !! فرقة الإعدام أي !!
استغرب لوكا من كلماته: ماذا تقصد؟ من يكونون؟
نظر له تشيروا وهو متوتر : ليس وقت السؤال الأن؟ يجب ان تحزم أمرك!! هل ستخوض معهم قتال أو ستسلم؟
اضطرب لوكا فهو لا يعلم ما يفعل فهم اقوياء ، عددهم اكثر منا و محترفون بينما لا
يوجد سوى تشيروا ليقاتلهم وهو لن يكون سوى عبء عليه!!
قاطعه تشيروا :لا تفكر بهذه طريقة !! بل فكر هل تريد ان تنقذ هايتي او لا !!...ابتسم
: يمكنك اعتماد علي!!
انطلق صوت قوي مرة اخرى مختلطا بصوت أحذية : رجاء !! سيدي الصغير غادر
المكان !!
استجمع لوكا شجاعته ، وقف و ملامح جادة على وجهه وعينيه تشعان قوة، ابتسم
تشيروا : خيار مشوق !!...أمسك يده واردف: يجب ان تظهر لهؤلاء الحمقى من هو
السيد!!...خرج به من خلف العمود!!
تفاجئ لوكا من عدد الجنود الذين يحصروهما : هل كل هؤلاء فرقة إعدام أي !!
ابتسم تشيروا وهو يتقدم في وسط : هؤلاء مجرد حمقى !! ...نظر نحو أعلى سلالم التي
امامه : أوليائك هم المجانين !!....حرك يده : يوه !! مرة وقت طويل يورك ساما !!
نظر لوكا للأعلى ، كان يقف اربع اشخاص ملثمين يرتدون ملابس سوداء بها خط احمر
على الجنب ، تقدم من بينهم رجل يافع في عقد ثالث ،ذو بشرة سمراء و عضلات
ضخمة متناسقة و شعر كالشمس و عينان قرمزيتان قاتمتان يرتدي فقط سروال اسود به
خط أحمر على جنب وحزام بطقتين أسود لون به خط احمر في منتصف في جانب حزام
تتدلي سلسلة بها خرزات حمراء وريشة سوداء كبيرة ، اطلق صوته قوي الذي يزيد
شكله بأس: ما الذي يقصده حراس القلعة بتدخلهم في عمل شينجامي ؟
عبث تشيروا بشعره و ابتسم ابتسامة متهكمة : لا علاقة لحراس القلعة بأمر !! انا هنا
اطيع !!....اشار نحوه لوكا : أوامر سيد الصغير!!
نظر لوكا نحو شينجامي بنظرة حادة لا تبدي خوفه ، انطلقت ضحكت احد اربعة و قفز
من اعلى نحوهما ، صدم لوكا وهو ينظر له يلمس ارض بسلاسة كانه لم يقفز من دور
الثاني ، تقدم نحو لوكا : السيد الصغير قلت!!....
اوقف تشيروا بيده : لا تخطوا خطوة أخرى سيزر !!..
انطلقت ضحكة من سيزر قوية هزت المكان ، توقف عن ضحك وأقترب حتى اصبحت
ذراعه تلامس رقبته : كان يجب ان تفصلنا بيننا بسيفك أيها غراب الأسود !!
انزل رأسه و وضع يده على وجهه منزعجا من تلك الكلمة و الغضب تأجج في جسده ،
كبت نفسه ورفع رأسه مبتسما : لم اسمع هذا اللقب منذ سنوات !!
قاطع كلماته ، ارتفاع ذراعي سيزر من تحت ذراعه موجها يديه نحو لوكا !! تفاجئ
الجميع به وهو يطبق يديه على رقبته: لا ارغب في وجودك !!....
تفاجئ لوكا لكنه جمد في مكانه لا يستطيع الحراك حتى تشيروا لم يستطيع تحريك جسده
، ألتقيت عيني لوكا مع عيني سيزر: إنهما خاويتان !! لا وجود لأحد خلف هاتين
عينين !! لا يوجد سوى كره صافي !!
لم يعد يستطيع لوكا تنفس و ضباب يغطي عينيه ، نظر نحوه تشيروا: أهذه هي قوة
دماء ريوسان الذي كان يتكلم عليها جينيو !!
كان تشيروا يراقب لوكا وهو يختنق : هل كلام جينيو حقيقة ؟ هل لوكا من المختارين ؟
....نظر لوجه الشاحب : لا يمكنني الوقوف و مشاهدة حتى اتأكد !!...
بدون سابق انذار حرك تشيروا ذراعه الممدود دافعا سيزر بقوة رمته في السماء و ارتطم
بالسلالم بينما امسك تشيروا بي لوكا : هل انت بخير ؟
كان لوكا يحاول ان يملأ رئتيه بالهواء و الافكار تتساقط على رأسه كالصخور : لما كان
ينظر لي بتلك عينين الحاقدتان !! كان يرغم في موتي بشدة !!
نقر تشيروا جبهته بإصبعه : لا تقع في تلك الحفرة !!
نظر له لوكا و تغيرت ملامحه لملامح حازم : أنا بخير !!...وقف : لنهي هذا الأمر !!
وقف سيزر من على السلالم و الغضب يشتعل بداخله و صرخ: كيف تجرئ أيها غراب
التافه !! على لمسي بيديك قذرتين !!
فتح تشيروا فمه ليرد عليه و لكن قاطعه لوكا بصوت رغم انخفاضه يبدوا مخيفا : انت
ايها الخادم الوضيع !! كيف تجريء على وضع يديك على سيدك ؟
ظهرت علامات استياء على الجميع ، وضع تشيروا يده على وجهه :هذا اسوء من سيء
!! سنقتل!!
استغرب لوكا كلامته وملامح التوتر على وجهه : ماذا تقصد بذلك؟
اجابه تشيروا وهو يقف امامه: ذلك الفتى مثل الأطفال يثار غضبه بسهولة !! ليس من
فراغ سموا بي شينجامي !!
انزعج لوكا : لم اقل له شيء يثير غضبه !!
اخرج تشيروا سيفه : انت لا تعلم شيء سيدي !! ....نظر للأعلى : يورك ساما !!
أوقف هذه المهزلة !!
فرقع يورك ساما بإصبعه فظهر حارسان يحملان كرسي ، جلس عليه وهو مبتسم: كيف
اصبح مستواك أيها غراب الأسود بعد ان تركت شينجامي و انضممت لحراس القلعة ؟
تدفق طاقة قوية خارج جسد سيزر كألسنة لهب تضرب حولها في كل المكان ، تحطم
الجدران والسقف و الارضية بلمسة واحده و تشطر الجنود الذين تلمسهم إلى الأجزاء !!
كان لوكا متجمد من صدمة هل ما يراه حقيقة او كذبة :ما هذا؟ ما الذي يحدث؟ ماذا
يسمى ما يراه ؟.....ما هذه السنة الضخمة التي تطيح بكل شيء حولها و تحوله لقطع
سواء كان من البشر أو حجر ...
لوح بأحد السنة نحوهما ، اغلق لوكا عينيه منتظرا النهاية بينما صد تشيروا تلك طاقة
ببساطة بسيفه ، اختف بكل سهولة كالدخان !!
قاطعه يورك من أعلى : لا تنسى قسم حراس القلعة أيها الغراب الأسود!!
انصعق تشيروا من كلمته و انزل سيفه وهو يفكر: انه محق !! أقسمت بحماية العائلة
الحاكمة للقلعة !!.نظر نحو لوكا: السيد الصغير في وضع حرج لا يمكنه فعل شيء !!
نظر سيزر نحو بابتسامة مخيفة : و اخيرا !! سأحقق حلمي !!...وجه نحو لوكا أحد
السنة اللهب : كان من افضل لو لم تولد !!
فتح لوكا عينيه على تلك الكلمة : انه يكرر كلماتي !! كان من افضل لو لم اولد !!
من العدم ظهر هايتي وأطلق النار على لسان لهب فاختفى ، نفخ هايتي فوة مسدسه :
هل تأخرت عليكما ؟....نظر للوكا وهو منهار ، غارق في يأسه ،انزل قبضته على
رأسه : كنت تريد انقاذي و انتهى بي أمر انقذك ؟
نظر نحو تشيروا وهو منزعج: إذا لم تستطيع حمايته لما أحضرته إلى هنا ؟
وقف يورك وهو يرد على هاتف نقال : علم سيدي !! ....أغلقه ورماه لأحد الحراس ،
نظر لي سيزر: توقف !! جاءت اوامر جديد بجلب هايتي و لوكا لمملكة الظلال!!
سقطت هذه المعلومة على رأس تشيروا وهايتي كالجبل وقالا معا : مملكة الظلال!!
1- ماذا يريد جينيو من اوليس ؟
2- لما أرسل جينيو فرقة شينجامي لبيت هايتي؟
3- ما رأيكم في هذا الفصل؟ أي تعليق او نقد؟
أعتذر كثيرا على تاخيري لكن ظروف صعبة النت و الكهرباء والعمل و الحياة كلها متاعب!!