03-13-2015, 11:43 AM
|
|
الفصل الأول
الفصلل الأول غابة الغجر كانت السيارة تسير على مهل الطريق الساحلي تجلس خلف مقودها فتاة جميلة تتأمل
روعة المشهد الطبيعي هضاب خضراء تمتزج أطرافها برمال الخليج الصغير الذهبية و
تحجب قسما منها أشجار عالية مورقة.
كانت لين سلدن تنوي قضاء العطلة في ايرلندا الجنوبية برفقة صديقة لها لكن
صديقتها اعتذرت عن المجئ فقررت لين المضي في رحلتها وحدها. انتقلت من انجلترا
إلى ايرلندا بحرا وبذلك تمكنت من شحن سيارتها على الباخرة نفسها.
أمضت الفتاه إلى الأن عشرة أيام رائعة تتنقل في ارجاء ايرلندا الخضراء
الساحرة . جمال الطبيعة انساها وحدتها فلم تكن تتذكر ذلك الا عند رجوعها في
المساء إلى الفندق لتخلد إلى النوم. وبعد ان امضت لين يومها في مدينة دونيغال
استعدت للعودة على الفندق الواقع في اطراف المدينة لتتوجه في الصباح الباكر
جنوبا نحو دانليرى حيث ستستقل الباخرة بعد ايام عائدة على انجلترا.
اوقفت السيارة إلى جانب الطريف و اخرجت من حقيبتها خريطة المنطقة عيناها
تحدقان في الخريطة في حين ان فكرها شارد في امور اخرى و خاصة في عرض الزواج
الذي تلقته قبل اسبوعين من زميلها في العمل توماس انه شاب لطيف و مهذب لكنه
لا يتمتع بأية جاذبيه لا بل هو كما وصفته احدى زميلاتها بليد و مثير للضجر
وعدته لين بالتفكير جديا في الامر لانها بدات تشعر بالملل من العيش وحيدة فلا
باس بفكرة الاستقرار مع رجل طيب رقيق لبناء عائلة صالحة.
الى جانب ذلك هناك سبب اخر يجعل لين تأخذ في الاعتبار عرض الزواج و هو شعورها
بالأسف نحو توماس الذي فجع خيانة زوجته له و انفصالهما بالطلاق وجدت الفتاه
معاناة قواسم مشتركه مع ما تعرضت له حياتها العائلية تمتعت ليت بطفولة سعيدة
بين والدين محبين و في منزل وافر الامان لكن والديها انفصلا عن بعضهما و هي
لم تتجاوز بعد السبعة عشر ربيعا بعد ما وجدا ان طريق كل منهما يختلف عن طريق
الاخر و خلال ثلاث اعوام تزوجت امها من رجل امريكي و هاجرت معه الى امريكا
كما ان والدها تزوج من سيدة اقنعته بالهجرة الى استراليا و هكذا اصبحت
لين وحيدة و هي في العشرين و تعيش دون عائلة لذلك قررت ان تجد الرجل الذي
ينتشلها من عذابها و يقاسمها حياة هنيئة.
ايكون هذا الرجل توماس؟؟ سؤال لم تجد له بعد جوابا شافيا تنهدت و هي تقود
السيارة و في طريق فرعي ضيق محاط بالاشجار العالية بعد ان توغلت بضعة كيلو
مترات وصلت الى غابة كثيفة تقع في وسطها بحيرة جميلة يقوم قربها مخيم للغجر
وجود جماعات الغجر في ايرلندا امر مألوف اكثر من وجودهم في انجلترا غريب ام
هؤلاء القوم يتنقلون من مكان الى اخر لا يحبون الاستقرار كبقية البشر يبحثون
عما لا يجدون فيستمرون في التجوال.
فجاة اذ تجاوزت السيارة اولى عربات الغجر اصدر المحرك صوتا قويا ثم توقف
ترجلت لين من السيارة و التف حولها عدد من الاطفال الفضوليين ثم تقدمت منها
غجريتان فيما هي منهمكة بالنظر على المحرك تحاول عبثا معرفة سبب العطل و برز
من بين الجميع شاب اسمر اللون عارضا المساعدة رفعت لين عينيها لترى شاب طويل
مفتول العضلات اسود العينين اجعد الشعر نظراته ثاقبه ارعبتها فبلعت ريقها من
الخوف.
قالت له اخيرا:-
- تعطل محرك سيارتي.
- هل نفذ منها الوقود؟؟
اومات لين بالنفي و اجابت:
- الوقود فيها اكثر من كاف
وجدت الفتاة نفسها تحدق لاحظت تعاليا و غطرسة في هذه الملامح يجعلانه مختلفا
عن بقية قومه فالغجر عادة اناس بسطاء متواضعون علمهم الفقر ان الخضوع هو
الوسيلة الوحيدة لكسب ارزاقهم.
- بما ان الوقود متوافر لا اعلم سبب الداء. نحن نستعمل الجياد لا السيارات
لذلك خبرتي في محركات ضعيفة جدا كل ما يمكنني فعله هو ارسال احد على المدينة
لاحضار ميكانيكيا.
هذا لطف كبير منك , لكنني سأتدبر الأمر وحدي فلا داع للأزعاج
هز الرجل كتفيه علامة عدم الأكتراث , لكن لين كانت تدرك انه كاذب من خلال
نظراته الشغوفه و الفاحصة.
و لانها لمحت شابا يتوجه على حصانه نحو المدينة
ليحضر ميكانيكيا
شعرت بالحرج و هي واقفة بين هؤلاء الغجر فبدأت تتمشى حتى ابتعدت عن المخيم
في طريق موحش تحيط بجانبيه خضرة عذراء تبدو من خلالها مياه البحيرة مرآه
تنعكس على صفحتها بفرح أشعة الشمس الذهبية.
و بينما هي تتأمل شاعرية المكان و سحر وجوه الغامض سمعت وقع خطى تتقدم منها
على مهل فارتعدت علمت انه الغجري الاسمر تراءت لها اشياء كثيرة مرعبة اذ رأته
يقترب منها بكل ثقة و خانتها شجاعتها حتى كادت تصاب بالاغماء.
تحدث الشاب بنبره آمره:
- انت انجليزية اليس كذلك؟؟ ظننت في البدء انك اميركية.
توقف عن الكلام و اقترب من الفتاه عضلاته القوية يبرزها قميصه الاسود الضيق و
(( غجريته)) يدل عليها الشال الاحمر القذر الملفوف حول عنقه لو اراد فنان رسم
متشرد لوجد فيه النموذج الامثل ارتجفت لين لتراودها فكرة الفرار و لكن الغجري
لم يدع لها الفرصة لتجد منفذا تقدم منها بغته و اطبق على ذراعها دافعا اياها
الى مكان كثيف الاشجار خلال ثوان صارت بين ذراعيه القويتين.
صرخت بأعلا صوتها:
- ايها الوحش!!
لم يابه الرجل لكلماتها بل طوقها ضاحكا و كان مقاومتها تزيد لعبته اثارة و
بينما هم يهم بطرحها ارضا داس احدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عاليا
التفت الرجل و هو يزمجر غضبا لتظهر فتاه غجرية جميلة يتطاير الشرر من
عينيها:-
- الم تشبع من افعالك القبيحة بعد؟؟ دع الفتاه و شانها ايها الوقح!!
ذهلت لين لاطاعة الرجل الشرير اوامر الغجرية من دون نقاش و ما كاد يحرر يدها
المليئة بالخدوش حتى اطلقت ساقيها للريح.
جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر و لحسن حظها وجدت
اتوبيسا اقلها على الفندق في المدينة و من هناك اتصلت هاتفيا بجراج للسيارات
فتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة و جلبها في اليوم التالي بعد ان تبين ان
العطل كان بسيطا للغاية.
سارعت لين بعد ذلك على مغادرة المنطقة و ساهم انتقالها بين الطرقات الجميلة
على نسيان الحادثة الاليمة فاستعادت روحها المرحة و رغبتها في اكتشاف المزيد
من ايرلندا.
...................
وصلت على منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدت المشاهد رائعة تحبس الانفاس الجبال
المراعي الواسعة البحيرات الغابات ..كلها مناظر خلابة تسحر الالباب تمتع
العين و النفس و ترحب بانسان المدينة التعب لينفث في رحابها الهموم وصلت على
واد اخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها ووفقت في العثور على المكان الملائم
مزرعة صغيرة يستقبل اصحابها النزلاء في جناح خاص مقابل مبلغ القليل من المال.
اوصلتها المراه صاحبه المزرعة الى غرفتها البسيطة النظيفة و اطللت لين من
النافذة لتشاهد المنظر الجميل و الجبال تكسوها الغابات الكثيفة ثم لاحظت
مدخنة بعيدة في وسط جبل اخضر.
سالت لين المراة و هي تشير الى المدخنة:-
- هذا بيت في الجبل؟؟ اظن اني رأيت مدخنة.
- نعم هذا قصر السيد دوغى.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المرأه التي تابعت تقول:
- السيد دوغى هو مالك كل هذه الاراضي و قد ورثها عن والده الذي كان الحاكم
الاقطاعى للمنطقة بناء فخم تحيط به حدائق رائقة.
- هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟؟
- نعم الابواب تفتح للزوار يومي الثلاثاء وو السبت.
- اود لو سمحت يا سيدتي ان احجز هذه الغرفة ليومين.
- امرك انسة سلدن بامكانك حجزها المدة التي تريدين هنالك اشياء كثيرة يمكنك
القيام بها في هذه المنطقة باستطاعتك مثلا اذا كنت تجيدين ركوب الخيل استئجار
جواد من مدرسة الفروسية و التوجه الى الغابات.
اعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها ايام الطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب الحدائق قصر دوغي و بعد ان سلكت بسيارتها طريقا
منحدرا وصلت الى سفح التلة التي يقوم عليها القصر و بدات بالصعود نحوه الى ان
بلغت سورا كبيرا في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثيابا انيقة.
دخلت الى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد ان دفعت مبلغا صغيرا يذهب الى الاعمال
الخيرية.
اخيرا وجدت لين نفسها تتجول في هذه الجنة اينما نظرت وجدت جمالا و بهاء ممرات
تظللها اشجار سخية برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق جداول تتدحرج بين الصخور
تعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعة وسط نوافير
المياه و تشكيلات من اجمل الزهور و ازهاها توقفت لين مرارا لتقرا اسماء
الاشجار و الازهار النادرة فتحت كل مجموعة وضعت لوحة صغيرة فيها شروحات موجزة
عن النوع كما قرات على احدى اللوحات ان شرفات الجهة الجنوبية من القصر صممتها
السيدة موريل زوجة الكونت دوغى حاكم المنطقة في القرن التاسع عشر.
وصلت لين خلال تجوالها غالى حديقة مليئة باشجار الزيزفون و شجيرات اخرى
اجنبية مستوردة من القارة الأميركيه 0حديقة اقل ما يقال فيها انها فاتنه جعلت
الفتاه تنسى كل شي و تعتبر ان العالم تقلص كثيرا ليصبح هذا المكان الخلاب
الذي لا موطئ قدم فيه الحزن او لهم لم تتمكن من كتم شعور بالحسد تجاه مالكى
القصر و تمنت لو تكون مكانهم.
حان وقت العودة الى الفندق و تساءلت لين: كيف يتمكن سكان القصر من حبس انفسهم
في الداخل عندما تفتح الابواب للزوار.
فيما هي متوجهه الى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من الزوار ملتفين حول
نافذة من نوافذ القصر تقدمت منهم يدفعها فضول الاكتشاف فسمعت الحوار الدائر
بينهم.
قالت السدة المتوسطة العمر:
- هذه اللوحة تمثل والدته.
علقت السيدة الاخرى:
- لقد كانت رائعة الجمال.
- من المؤسف انها اقدمت على هذا العمل!
- يقال ان علما اسود رفع على شرفات القصر بعد الحادث.
- و ما معنى ذلك؟؟
- معناه انها اعتبرت ميته بالنسبة لعائلتها بعد العار الذي سببته لهم.
- قيل انها ماتت بعد ذلك بوقت قصير اليس كذلك؟؟
- ماتت و هي تضع طفلها.
- و هل تعهد اهلها الطفل؟؟
- البعض يؤكد ذلك
- لكنه اصبح مالك القصر و سيد الأراضي الان رغم كل ما حدث
- السيد دوغى عثر على هذه اللوحة و امر بوضعها هنا ليعيد الاعتبار الى والدته
المنبوذة
- يا لها من قصة محزنة! كم يبلغ دوغى من العمر؟
- اعتقد انه اصبح في الثلاثين.
- هل هو متزوج؟
- لا هناك اشاعات كثيرة عن علاقة تربطه بممثلة سينمائية كبيرة لكنها اخبار
ملفقة لا تمت الى الحقيقة بصلة يقال عنه انه يؤمن بالحب من اول نظره و عندما
يجد ضالته المنشودة سيتزوج فورا
- اتمنى لو استطيع رؤيته لانه كما سمعت شاب باهر الجمال
- ما يميز غيره من الرجال هو قصته الحزينة
- ما هي القصة الحقيقية التي وقعت لامه.. انا لا اعرفها كاملة
- يقال انها هربت مع....
لم تسمع لين من القصة اكثر من ذالك لان المجموعة ابتعدت عنها باتجاه قسم اخر
من الحديقة نظرت من النافذة داخل القصر حيث علقت اللوحة المعنية فرات رسم
امراه رائعة الجمال ترتدي فستانا من الحرير الازرق و على بساطته لا يخفي
وجهها نظرات ارستقراطية واضحة في العينين الزرقاوين شفتاها الورديتان ترسمان
ابتسامة السعادة و البراءة من المحزن انها ماتت عند الولادة
خرجت لين من الحدائق و هي تفكر بهذه القصة التي لم تتمكن من معرفة كل فصولها
شعرت بفضول كبير لمعرفة الحقيقة و للتعرف الى صاحب القصر الذي انقذ لوحة
والدته لينقذ شرفها الضائع. |
|