07-17-2016, 12:51 PM
|
|
"قريقيريو ، ، وصية العجوز "
الفصل السابع (1)
ذاك المنزل الفخم ! .. الشديد البهرجة الشاخص الهيبة ، .. صاحبه وتد عميق قد غرس في الحكومة .. منذ سنوات .. والا فلن يكون بهذا الشكل ! .
بعد تخطي اروقته المزركشة وصولا الى الطابق العلوي في احدى غرفه الفارهة .. سرير مريح ذا عوارض مربعة كبيرة وغطاء بني مموج بالابيض ، خزانة ومكتبة راقية من الطراز الرفيع ، والجدران بيضاء .. حمل احدى رجليه اختها وهو مستند الى عارضة السرير .. الضيف إلكر ، يقضم طعامه ولا يبالي بغضب صاحب المنزل الوحيد يوشيانو بينما هو يبحث في الحاسوب المكتبي بعد ان سئم مراجعة اوراق آنجلو كرس سحب دفعة من الهواء وهمهم يوشيانو بتعب ،
قال منزعجا : عليه اللعنة .
تارة يهب بيده على وجهه وتارة اخرى يغلف وجهه بيده ، حاجباه الاسودان منعقدان .. إلكر ليس غاضبا .. لكن دخان السيجارة يزعجه كثيرا ، وفعيلا وصدقا ، هذه لفافة التبغ الخامسة على التوالي ! :
" كف عن إطلاق اللعن عواهنة ! "
بدت لهجت إلكر اغضب من المعتاد .. ربما بقليل فحسب ، مسح الاخر على عينيه وقال متجاهلا بضجر ، وكأنه مكره على مهنته ، لا مختار :
_ قبل سنتين ... في 10 وفي 30 من ياناير و 25 من مارس ، و 17 من يوليو و 27 كذلك ثم 18 من اكتوبر و في 3 نوفمبر ثم 28 من نفس الشهر ... حسنا ، قبل سنة ايضا ، في 22 من فبراير و 4 من يونيو و 29 من سبتمبر و 12 من اغسطس والاول من نوفمبر والاول من ديسمبر .. عليه اللعنة يجدر بالمجرم الا يكون قمامة هكذا !! .
قال جملته الاخيرة مستاءا أكثر ، لتظهر دلائل الحيرة في لهجة الكر حين قال موضحا على مهل :
_ تقصد همجيا يوشي ! .. مزاجك اليوم كمزاج سيدة حامل !! ليس عليك ان تغضب ان باغتك الغباء لبعض الوقت .. ثم ليس من المستحيل ان تغلبك هذه القضية كغيرك ! .
نظر اليه المقصود بنظرة حادة - سيدة حامل ! - وصفه له مذهل بطريقة مخذية ! نظرات إلكر المثبتة عليه والتي تهمس بالسخرية ، بعد مدة ببرود وكلام هادئ قال :
_ قابلت واحدة في المستشفى ... امس ! .
وليتها اوسعتك ضربا ! استدار بكرسيه الدوار يوشيانو متجاهلا وهو يزفر انفاسه :
" حسنا تواريخه همجية جدا .. معظم هؤلاء المختطفون هم فتيان لم يتجاوزوا العشرين ... لست متأكدا ما اذا كان نفس المختطف ام لا خلال تلك الفترة ! "
اخبره بما يدور في رأسه وانشغل ببحوثه .. تسللت يد إلكر بخفة ، وسحب قداحة صاحبه باحتراف .. خوفا من تلاشي انفاسه خلف دخان سيجارة اخرى ، لتفاجئه يد يوشيانو تسحبها لمكانها .. وتبا ، لقد كشف امره ! فهذا المدخن الشره مدهش كعادته ، وضع ذا السيجارة فكه على ظهر كفه ..أخذ يفكر ، فاهتم الكر بطعامه حك يوشي رأسه وقال في نفسه : لو ان انجلو كريس اشار الى الفاعل بعبارة صغيرة ... قريقوري مجرم مختل قبل مئة وخمسون عام ، ايعقل ان يكون هذا المجرم بهذا الغباء ليقلد ذاك ! .. أم ان انجلو يقصد امرا اخر ؟ .. هل يجب علي العودة الى تلك القضية قبل مائة وخمسون عاما ؟! .
هو يحك شعره ويفكر بينما يمسك إلكر جهازه اللوحي ويتسلى ، قرطس الاخير حاجبيه - متوسطا الكثافة - متصنعا الانزعاج واستفسر :
_ ارى انك لست مهتما بتلك التحذيرات عند منزل المحقق ؟ .
يوشي ليس بالجاهل كي يصدق امورا كهذه ! وحتى ان كانت تعني حرفيا .. الموت مصحوبا بالديل .. اؤلئك الذين ماتوا ، ماتوا فعليا ، رغم علمه نظر اليه بعنف وقال بصوت مرتفع :
_ لن يعيقني امر كهذا عن عملي ! .
" ياللسخرية ! ، انا لا أهتم لامرك .. ما يقلقني انني من جس هيكله ! "
مغمضا عينيه وقبل ان يكمل يوشيانو جملته قاطعه بهذه ، وقد اصاب عقليا عين المنطق .. تلاعب بوجه صاحبه شحوب مفاجيء وتذكر ماحدث لظل إلكر يوم أمس ... اشاح الى شاشة الحاسب سارحا وهو لا يعلم لما ينقبض قلبه تجاه هذا الامر .. وحقيقة .. كان يتمنى لو ان ظله هو من تحرك دونه ! لكنه تجاهل ذلك الاحساس وكأن إلكر لم ينطق بكلمة وكأنه لم يرى ، انعكست صورة الشاشة داخل عقيقتيه التين يطبق عليها الجفن في رجفات خفيفة متباعدة ويعوج الحاجب محاولا الانكار ، قال :
_ اسمع هذا .. رجل غريب الاطوار ، يتعرض لضحاياه بين الاروقة ودورات المياه ، معظم ضحاياه من النساء ولكنها لم تخل وبصورة ملحوظة من الفتيان ، انه ... هو يتعمد ترك جراح نفسية عميقة داخل ضحاياه اكثر من الجسدية .
يتثاءب الكر بملل وكأن الامر لا يعنيه ، حتى ان عينيه رقرقت بالدمع وقد اثار غضب صاحبه بالفعل فقال ضاغطا على اسنانه :
_ ألم تسمع من قبل ب"جون كاسا" ؟ .
_ ابدا .
رد الكر بالنفي ودون تكلف ايضا ، فاضاف يوشيانو :
_ لقد سبق والقيت القبض عليه بعدة تهم ، ضمنها السرقة وتعاطي المخدرات ، وكذلك إزعاج عدد من النساء دون ايذائهن .
وضع الكر يده تحت رأسه ، وقد انقلب سلفا ناحية صديقه ليحملق اليه بصورة اكثر اريحية ، وايضا بحثا عن استلقاء افضل .. وبدم بارد وهدؤ يجاور الهمس قال :
_ امتلاء مخك اليوم اسعدني .. يمكنني المساعدة .
ليس وكأنه اصدر قانون يفرض غرامة قدرها مئتي دولار على من يتجاوز ارتفاع صوته الواحد ديسبل .. او حتى اعلى بقليل .. أو اي سبب تافه يبجره على خفض صوته هكذا ، وايضا مخه ليس دلوا ليمتلئ بهذه البساطة .. لكنه تجاهله واخذ يحلل بنفسه ، كذلك تجاهله إلكر حين اغمض عينيه مستدرجا النوم ولو لثلث ساعة فقط قبل دوام عمله.
" اسمع ايها الطبيب ! .. قد اكون اعتدياديا لكني سأسدرجه بالمخدرات "
يحدج بنظراته الحاسوب حين قالها ، وبصوت ناعس متقطع ، رد الكر :
_ قلت انك تدينه باعتدائه على النساء فما علاقة المخدرات بالامر ؟ .
ثم النوم عن عينيه وجلس بشكل رسمي ويده قد استوطنت فخذه :
_ يوشي ... ارجوك دعه لي .
نظر اليه يوشي بحدة فحك ذقنه الصغير محركا فكه :
_ سأساعدك بمحض ارادتي هذه المرة ... انت قلت ان ضحاياه لم تخل من الفتيان وهذه نقطتي التي احتاجها .
عض على شفته دون مزح ثم سحب قميصه عن كتفه ، أظهر ترقوته ! ، واردف مبتسما بثقة :
_ سيأت اليك عند قدمك .
ليس وكأنها تجذب اهتمام يوشيانو او ما شابه ، هو فقط يراقب لعله يفهم لغة الاشارة ، أعني راقب اصابع إلكر التى مرت عبر ترقوته واخذت تحك ذقنه الخاص .. تفرق بين شعر ذقنه الاسود المنمق ، ببرود وقد انتصفت عيناه ، سأله يوشي :
_ ستحلق ذقنك ؟! .
ربما بطريق ملتو او مستقيم قد يكون لقص ذقنه دور في ذلك ، لكن هذا اثار انزعاج إلكر فصرخ موضحا :
_ الامر لا يتعلق بالذقن يا ذكي ! .
_ لما تحكها اذن ؟!! .
كما قيل الذقن منبت الحكمة ، لكن ليس دائما ! ضرب على صدره مبتسما .. بثقة وقال :
_ باختصار انا سأكون فريسة له .
_ عليك اللعنة .
_ تبا ، اردت مساعدتك ايها الوقح ! .
بحق .. تعمد لعنه ! ، بوجه يقابل تافها لا طبيب ، الكلمة حتى لم تضطره لتحريك شفتيه كما يجب ، فمزاجه اليوم حقا .. اشد سوءا مما وصفه الكر ، وأين مزاج ربة منزل حامل من مزاج هذا الرجل ، لكنه ايضا كره فكرة تعريض صديقه للخطر مرة اخرى بسببه ، الا انه يحتاج اليه حتما ، عندما اشاح إلكر هو كان يعض على شفاهه في غيظ ، حتى احمرت ربما غضا على إلكر او على لسانه الجارح ايضا ، يأخذ نفسا يفرغ من خلاله ما يعكر صفو مزاجه وكأنها ميكروبات ثم القى اوامره قائلا :
_ لدي عمل مهم ، أما ذلك المقهى سأطلب منك التحري حوله جيدا ، افعل ذلك بعد انتهاءك من دوام عملك .. فضلا تحلى بدماء بارد تجاه اي مشكلة تحدث هناك ... انتظرني في محطة القطار وانا سأتي لأقلك الى المنزل ، اهذا جيد ؟! .
_ على الاغلب لا تزعجني فكرة ان اتعب انا ، وتحظى انت بالترقية ! .. لن اهتم ... كما تريد ! ، حسبك المعلومات فقط .
قال بصدر رحب متجاهلا كونه تعرض للعن على لسانه توا ! .. ثم نهض .. ربما جعلت اللعنه الجو خانقا فجاءة ؟ لكنه تقدم عدة خطوات نحو الباب وهو يرتب هندامه .. توقف ! .. استدار وهو يمسح على شعره
_ آمممم !! ألن توصلني بسيارتك الى المستشفى ؟ .
حتما هذا الضابط العصبي محظوظ .. من النادر حقا العثور على شخص رائع كهذا الطبيب ،مخلص ، عفوي ، متفاني ! و ... وسيم ايضا !! ربما انها ليست النقطة الاهم لكن يظل يوشيانو يهنئ نفسه على هذا .. ثم وكأنه يسخر من وقاحة ضميره .. ابتسم حين أغمض عينيه ، وقال رافعا حاجبيه مميلا فمه بأسلوب متسائل وساخر معا :
_ أوووه ولما لا ؟! .. يمكنني ذلك .
حسنا .. هو في المقابل يعلم حد التخمة ما تعنيه ردود صاحبه الباهتة .. انه شخص اتفه من استحقاقه لزفرات وشهقات غضبه ، وكلامه محض طلاسم مزعجة .. وقد يكون يسخر من شخصيته العصبية ايضا وفقا للاسلوب الصامت ! الا ان إلكر يعرف كيف يلجم لسانه عن ايذاء الاخرين على خلافه . |
التعديل الأخير تم بواسطة أمير الظلآم ; 07-17-2016 الساعة 01:31 PM |