نظر الجنرال ماك آرثر من نافذة العربة، وكان القطار يدخل محطّة إكستر
حيث سيغيّر إلى قطار آخر، سحقاً
لقطارات الخطوط الفرعية هذه! ذلك المكان، جزيرة الجنود،
ليس بعيداً أبداً لو استطعت الذهاب إليه في خط مستقيم
كما تطير الغربان! لم يكُن قد اتضح له مَن هذا الشخص أوين؟
يبدو أنه صديق سبوف ليغارد أو جوني داير. تذكّر تلك الجملة:
" ... سيأتي واحد أو اثنان من رفاقك القدماء للتحدث عن الأيام الخوالي ".
حسناً، سيكون التحدث عن الأيام الخوالي ممتعاً.
لقد خُيّل إليه مؤخَّراً أن الرفاق يتجنبونه، وكل ذلك بسبب تلك الإشاعة اللعينة،
كم كان ذلك قاسياً! لقد مرّ على ذلك ثلاثون عاماً.
هل تكلم أرمتياج؟ ما الذي يعرفه ذلك الجرو الصغير الملعون؟ على أيّة حال
ما جدوى استرجاع هذه الأمور الآن؟
أحياناً تخطر للمرء أشياء غريبة، يخطر لك أن أحدهم ينظر إليك بشكر مريب.
سيكون من الممتع له أن يشاهد " جزيرة الجنود" هذه.
لقد سمع الكثير من الحديث حولها، ويبدو أن في الأمر شيئاً
من الصحّة في الإشاعة حول امتلاكها من قِبَل سلاح البحرية
أو وزارة الدفاع أو سلاح الجو. الواقع أن المليونير الأمريكي
الشابّ إلمر روبسون قد أقام المبنى في ذلك المكان وأنفق عليه
الآلاف كما يُقال وجهّزه بكل وسائل الرفاهية
إكستر، والانتظار لمدة ساعة! ولكنه لا يريد الانتظار بل يودّ لو يستمر في السفر.
-6-
كان الدكتور آرمسترونغ يقود سيارته الموريس عبر سهل سالزبوري
وهو متعَب جداً، فالنجاح له ضريبته.
لقد مرّت أوقات جلس فيها في عيادته في شارع هارلي
بكامل هندامه محاطاً بأحدث المعدات وأفخر الأثاث ينتظر و ينتظر،
ومرّت الأيام خاوية وهو ينتظر لمشروعه أن ينجح أو يفشل.
حسناً، لقد نجح، وقد كان محظوظاً وماهراً بالطبع. كان ماهراً في عمله،
ولكن ذلك لم يكُن كافياً للنجاح، فلا بدّ أن يكون لديك حظ أيضاً .
وقد كان لديه الحظ: تشخيص دقيق، مريضتان ممتنْتان ، امرأتان ذواتا مال ومكانة مرموقة ،
ثم انتشرت سمعته: " عليكِ أن تجرّبي آرمسترونغ؛ إنه شابّ صغير ولكنه حاذق للغاية،
لقد جرّبَت بام كل الأطباء من قبل لسنوات عدّة ولكنه وحده عرف مرضها في الحال..."
وهكذا بدأت كرة الثلج تتدحرج.
لقد نجح الدكتور آرمسترونغ بالتأكيد، أصبحّت أيامه الآن مشغولة تماماً
ولم يعُد لديه وقت للاسترخاء، ولهذا فقد كان سعيداً