عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree396Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 4 تصويتات, المعدل 4.75. انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 04-23-2016, 09:34 AM
 
ّّ~رماد تختبئ تحته النار~

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;border:5px groove burlywood;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(' http://cdn.top4top.co/i_b8e1bd94d81.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(' http://cdn.top4top.co/i_b8e1bd94d81.png');border:5px groove burlywood;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




*10*



وقفت تراقبه بصمت مكانها وتعابير وجهها تتشابه مع تعابيره، تجمع نظراتهما ذلك التفكير العميق لكن كل في عمقٍ مختلف أو لنقول في بحرٍ مختلف، لكل منهما تفكيره وتخطيطه المختلف، ولكن ماذا سينفع هذا؟ إن استمرا في الغوص أكثر فهل سيجدان القاع أم أن هذا ما زال بعيداً... لابد أنه ما زال بعيداً فهي تجهل الكثير الكثير عن هذا البحر وهو يتبع الوهم ليدله إلى الطريق الصحيح... لن يصل أي منهما إلى أي شيء خاصة هي لذا............

لقد قررت أخيراً.... صحيح أن الوقت متأخر جداً فالساعة توشك أن تتجاوز الثانية بعد منتصف الليل، هذا هو الأمر الذي دفعها للتسلل بهدوء من غرفتها عندما وجدت أنها غير محتجزة فيها الأمر الذي أثار تساؤلاتها... هل جيو مطمئن أنها لن تهرب في مثل هذا الوقت؟! لم تسأل نفسها كثيراً لأنها ستجد الاجابة حال خروجها من غرفتها ومباشرة قادتها قدماها إلى غرفة الجلوس وسط تلك الأضواء الخافتة والهدوء الذي كان ليكون أجمل لولا صوت الرياح في الخارج والتي تنبئ بهطول الأمطار في أي لحظة... إنه أول أيام فصل الشتاء... كانت لتحب هذا الفصل لو أنها لم تتعرض للمشاكل الكثيرة خلاله.. بالنسبة لفتاة دائمة الحساسية وهشة في مثل هذا الجو لابد أن يحصل هذا... حسناً لم تخض في ذكرياتها مع هذا الفصل فهناك أشياء أخرى أهم في ذاكرتها...

والآن ازدادت الرغبة بداخلها لمعرفة كل شيء الليلة بعد رؤيتها لــ جيو جالساً في غرفة المعيشة مقابلاً للتلفاز ومن الواضح أنه غير مكترث له مع أن جهاز التحكم بجواره وأحد الأفلام تعرض عليه.. لقد تعرفت على هذا الفيلم إنها تعشقه كثيراً... ابتسمت بداخلها مباشرة عندما تذكرت كيف كانت في مثل هذه الأوقات من الليل تجتمع مع غيلبيرت في غرفته ليشاهدا الأفلام ولا يلبثان طويلاً حتى يتفاجآ بوجود يولاند معهما في الغرفة وكيف كان يدخل بتلك الطرق المرعبة في كل مرة يأتي فيها إليهما وكيف كانوا يستمتعون معاً في تلك الأيام.... توقفت عن التذكر عند هذا الحد والسعادة العابرة التي اعتلتها اختفت كلياً... أغمضت عينيها واستنشقت الهواء بهدوء وعادت تخرجه على شكل تنهدات وقد قررت الإعلان عن قدومها فتعمدت اصدار أصوات لوقع خطواتها على الأرض لكن هذا لم ينفع في لفت انتباهه... فكرت، لا بد أنه مستغرق بالتفكير لدرجة لا تجعله ينتبه لها لكن ما الذي يشغل تفكيره إلى هذا الحد؟ ما أكد لها على أن الموضوع هام بنظره وقد أرهقه التفكير به هي وضعية جلوسه... مغمضٌ عينيه بدون حركة ويده مستقرة على جبينه، نظرت إليه باهتمام وحدقت بملامح وجهه وخصل شعره المبعثرة على الأريكة.. جل ما يهمها الآن هو معرفة الأمر الذي يشغل باله... متأكدة أنه ليس نائماً مع أن هيئته تخبر بذلك فهو يرجع رأسه للخلف وعيناه اللتان لا تتحركان وكذلك تنفسه المنتظم....

لم تصدر أصواتاً اضافية وتوقفت على بعد خطوتين منه واستمرت بالتحديق به بهدوء بينما عقلها يغوص في التفكير ليصبح وجهها بلا تعابير تدل على ما تفكر به هي الأخرى....

- ما الأمر كروس؟

انتشلها صوته الهامس من شرودها بكتاب غيلبيرت الموضوع على جانبه فعادت ببصرها إلى وجهه الهادئ واكتفت بالصمت ما دفعه إلى تعديل وضعية جلوسه بينما همس وهو يشير إلى الأريكة المجاورة للأريكة التي يجلس عليها:

- من الواضح أن هناك أموراً عدة وأظن أنه لو فكرنا معاً فسنجد حلول لها...

- أرجو هذا وبشدة...

تمتمت وهي تهم بالجلوس حيث أشار جيو بينما قام بالتقاط مجموعة الأوراق الموضوعة على الطاولة أمامه، حدق بها قليلاً قبل أن يرفع رأسه ويوجه نظره لــ كروس وهو يقوم بإعطائها إياها فأخذتها كروس بصمت وقبل أن تطلع على محتواها.....

- كروس.. كل ما عليك فعله هو سماعي حتى النهاية... حسناً...

- هذا يعتمد على ما ستقوله...

- ما سأقوله هو فعلاً ما تبحثين عنه....

- أنا أسمعك لكن من فضلك تكلم بشكل منطقي وأنت تفهم قصدي جيداً.. صحيح؟

أدار جيو وجهه إلى الصورة المعلقة على الحائط وحدق بها قليلاً قبل أن يجيب بهدوء:

- أرجو أن تقومي أنتِ بالتفكير بمنطقية....

- لن يوصلنا هذا إلى شيء...

أعاد جيو نظره إلى كروس لتتفاجأ من تغير ملامح وجهه في لحظات ما دفعها إلى التساؤل عن السبب فقبل ثوانٍ كان يبدو كملك يحمل على عاتقه مستقبل بلاده لكن الآن بدا كأسدٍ يستعد للانقضاض على فريسته في أي لحظة إن صح التعبير...

- بما أنكِ سمعت المحادثة التي جرت بيني وبين وإفرونيا وبما أنكِ تجهلين الموضوع الذي كنا نتحدث به، لا بد أنكِ واجهتي بعض الألغاز وبالتأكيد لم تصلي لإجابة شافية لكنني أرجو أن تكوني قد فكرتي بحكمة لتسهلي الأمر علي وعلى نفسك...

وأخيراً ستستمع لتفسيرات تلك المحادثة التي لا تفقه منها شيئاً وهذا أمر جيد... ستجد الاجابة وأخيراً، سيخبرها جيو بالأمر لكن.....

أخفضت نظرها إلى مجموعة الأوراق بيدها وتساءلت بداخلها عن محتواها، ما الذي تحتويه هذه الأوراق ولماذا قام جيو بإعطائها إياها؟ لم يعطها جيو الوقت للتفكير فقد بدأ كلامه ما دفعها إلى إعادة نظرها إليه....

- (أنا لم أمت جيو، لقد بقيت على قيد الحياة وأنت لم تعلم بهذا صحيح؟).. بالتأكيد سمعتي إفرونيا عندما قالت لي هذا الكلام، وسمعتني بماذا أجبتها ولا بد أنكِ تساءلتي عن الموضوع....

أومأت كروس برأسها بمعنى أجل فتابع جيو بعد أن أخذ نفساً عميقاً وأخرجه على شكل تنهدات:

- سأخبركِ فقط بما يهمنا ولا داعي للخوض في التفاصيل، الأمر الذي عليكِ معرفته هو أنني تعلمت اللغة الإسبانية من أرسلان وهذا الأمر بالتأكيد يدلكِ إلى استنتاج...

- أرسلان إسباني؟!

قالتها بشكل آلي لدهشتها من هذا الاكتشاف... ليس وكأن الأمر مستحيل بل كانت دهشتها بسبب كلمة إسباني هذه... الكتاب الإسباني واتقان غيلبيرت لهذه اللغة والآن علمت أن أرسلان إسباني وجيو يجيد هذه اللغة... ما هذه الصدف؟! بالتأكيد سيدفعها هذا للدهشة والتفكير بأصل العلاقة... هل هناك علاقة أصلاً أم أنها فقط محض صدف؟! فكرت، هل جيو يعرف شيئاً عن القصة؟ أم أنه لا وجود للقصة أبداً؟

عقدت حاجبيها وحدقت بــ جيو بتركيز وهو يتابع بعد أن أوقفت تساؤلاتها غير المجدية....

- تركت والدة أرسلان إسبانيا وأتت به وبشقيقته إلى هنا حيث مسقط رأسها بعد وفات والده وهنا تعرفت عليه عندما أتى إلى المدرسة التي كنت بها في الابتدائية وفي وقت لاحق انضم إلينا روي.....كان الجميع يحسدنا على صداقتنا واستمر هذا حتى عندما دخلنا إلى الجامعة... روي تركنا والتحق إلى كلية عسكرية ليصبح شرطياً كما كان يحلم وأنا وأرسلان درسنا نفس التخصص لكن.. أتعلمين علي أن أخبرك بكل هواجسي قبل أن أطلعك على الحقيقة... تساءلت وما زلت أتساءل ما علاقة أرسلان به؟ لماذا أراد قتله وبشدة؟! غيلبيرت ألماني وأرسلان إسباني.. أرسلان عاش هنا مع والدته وشقيقته إفرونيا منذ صغره بعد وفات والده... وشقيقكِ العزيز غيلبيرت قدم إلى موسكو للدراسة في الجامعة هنا...

توقف جيو هنا وظهرت ابتسامة ساخرة على وجهه وهو يحدق بــ كروس الهادئة ولم تمضي ثوانٍ كثيرة قبل أن يترجل جيو عن الأريكة ويعبر الغرفة ليصل إلى باب الشرفة، غادره الهدوء هذه اللحظة واستولى الغضب على صوته وهو يكمل:

- ما رأيكِ أنتِ؟ ألا يوجد جامعات بألمانيا ليقرر شقيقكِ المجيء إلى روسيا ليدرس هنا؟ أخبريني هيا ما رأيكِ بهذا؟ هل لديكِ أدنى فكرة حول نية غيلبيرت؟ هل تعلمين لماذا أتى إلى هنا؟ الأدهى من كل هذا أنه أتى وكان يعلم كل صغيرة وكبيرة عن أرسلان! ما علاقته به؟ كيف تعرف عليه ولماذا أراد قتله؟ ترك ألمانيا وأتى إلى هنا بالذات كي يقتله! هل سبق لكِ وفكرتي بدوافعه للقدوم إلى هنا؟

لم تتكلم كروس ليس لأنها لا تريد التكلم بل لأنها لا تعلم بماذا تجيب... حقاً لماذا أتى غيلبيرت ليدرس في روسيا؟ سألت نفسها هذا السؤال من قبل لكنها لم تعلم الاجابة...

- هل بدأتِ تفكرين الآن؟ هل هذا يعني أنكِ ستصدقينني أخيراً؟

لم تجبه فقط اكتفت بالصمت وهي تحدق بالأوراق بين يديها بشرود فدفعه هذا إلى الالتفات إليها وبكل برود العالم قال:

- غيلبيرت ليس شقيقكِ الحقيقي....

صدمة! شعرت وكأنها تلقت صفعة قوية نشرت الحرارة في أنحاء جسدها كله وليس فقط وجهها... ما الذي تفوه به لتوه؟ كيف يقول هذا الكلام وبكل هذا البرود أيضاً؟! هل يفهم معنى ما قاله الآن؟ مستحيل....

كانت هادئة قبل ثوانٍ لكن الآن لا... لا يمكنها البقاء بهذا الهدوء والسماح له بالتفوه بمثل هذه الأشياء..... وقفت بسرعة وألقت مجموعة الأوراق التي لا تعلم حتى الآن محتواها وعبرت الغرفة لتقف أمامه بتحدٍ وأخرجت كلماتها من بين أسنانها وهي تشدد على كل كلمة بعد أن أشهرت يدها في وجهه بإشارة تحذيرية:

- إياك والتفوه بمثل هذا الكلام مرة أخرى....

- مع الأسف عزيزتي هذه هي الحقيقة وتلك الأوراق التي كنتِ تحملينها خير دليل....

أمسك بيدها وقادها معه حيث كانت تجلس وانحنى ليلتقط الأوراق ثم وضعها في يدها وقال:

- لقد أجريت فحصاً حقيقياً بشأن هذا الأمر اليوم وأتتني الأوراق التي تثبت شكوكي قبل ساعة فقط بالإضافة إلى أنني ترجمت كل كلمة كتبها غيلبيرت وكلها تثبت صحة ما قلته لكِ قبل عدة أيام....

صمت وهو يراقب تغير معالم وجهها حيث اختفى الغضب واستولى السكون عليها، كانت تبدو غارقة في دوامات تفكيرٍ وهذا واضح جداً عليها، عليه أن يتركها تفكر وتترجم بعقلها ما قاله لأنه موضوع حساس ولو أنه كان بمكانها لما صدق هذا الأمر بتاتاً، هي حقاً في موقف لا تحسد عليه..

- وما الذي يضمن لي أنكَ لم تزور الحقائق؟

قالتها بهدوء فابتعد خطوة إلى الوراء وبقي ينظر إليها وهو يجيب بهدوء مماثل:

- ليس لدي أي مصلحة في الكذب عزيزتي، طلبت من جوني أن يحضر لي أي شيء يساعد على معرفة الحقيقة وقد أحسن التصرف وقام بالمهمة بكل مهارة، أحضر لي شعرة من رأسه وكان من السهل الحصول على واحدة منكِ وأجريت الفحص والنتائج أمامك، أنظري إليها وفكري بمنطقية.... هل تجدين تشابه ولو بسيط جداً بينك وبين غيلبيرت؟ أخبريني...

- لا...

أجابت بفتور وهي تحول نظرها إلى الأوراق بينما في هذه اللحظة استحضر جيو جينا في ذهنه، كروس لا تشبه شقيقها بل تبدو وكأنها شقيقة جينا التوأم وهذا فعلاً يدفعه إلى الجنون، لكن الأمر الغريب الذي لا يفهمه هو لماذا شعر بالسعادة عندما وجد أنه ربما يكون على حق في شكوكه حول علاقة كروس وغيلبيرت، هو حتى الآن لم يجد اجابة لهذا السؤال ومن الوضاح أنه لن يحصل على الاجابة في وقت قريب.. انتشل نفسه من تفكيره فهذا ليس وقت تلك التساؤلات فأمامه موضوع أهم وتكلم بجدية:

- لا أنكر أنني صدمت عندما أخبرتني أوليفيا عن اسمكِ، بدأت تراودني شكوك حول الأمر لهذا عدلت عن فكرة قتلك في ذلك اليوم عندما أخذتك إلى المقبرة، هل تذكرين؟ صدقيني كنت أنوي قتلك ذلك اليوم لكنني لاحظت الاختلاف الكبير بينك وبينه لذا عدلت في آخر لحظة وبدأت أدرس الموضوع...

قطع جملته وهو يلاحظ شعور الضياع الذي انتابها فأخذ نفساً عميقاً أخرجه من رئتيه على شكل تنهدات ثم تابع:

- حقيقته وأسراره ومخططاته، كل شيء كان يدونه في كتابه عدا عن سبب قتله لــ أرسلان وعن أصله الحقيقي.....

- انتظر لحظة....

قالتها بصوت هامس وهي تشير إليه بأن يتوقف... لم ترغب بسماع شيء لأنها من الأساس شعرت بأنها لا تستطيع استيعاب ما يقال.... شعرت بأن عقلها لم يعد يعمل بشكل جيد ورجلاها ما عادتا تستطيعان حملها فدفعها هذا الأمر إلى إلقاء ثقل جسدها على الأريكة وعيناها لم تبعدا النظر عن الأوراق، أسندت جبينها بكف يدها وقد التمعت عينيها ببريق ينبئ بسقوط دموعها.... مررت نظرها بين الأوراق جميعها ورقة تلو الأخرى...لم يكن يكذب.. كل ما قاله هو الحقيقة... ما الذي يحدث؟ ألم تقل بأنها ستستمع إليه حتى النهاية... ألم ترغب بمعرفة الحقيقة؟ إذاً لماذا تصر على عنادها؟ لا يمكنها إنكار الشك الذي زرع بداخلها بشأن غيلبيرت ولا يمكنها إنكار أنها استعدت جيداً لاستقبال أي صدمة حالما تسمع الحقيقة.... هذا يعني أنها يجب أن تصدق... يجب أن تستمع لــ جيو... ألا يكفي اصراره على اقناعها أنه على حق؟ لماذا يصر بهذا الشكل؟ يستحيل أن يكذب عليها بعد كل هذه المحاولات..... لا يمكن أن يكون الأمر كله خدعة فكل الأدلة أمامها وبالفعل ما هي مصلحة جيو من الكذب بخصوص هذا الموضع.. ذهب إلى ألمانيا لكي يتحرى عن غيلبيرت وقام بتنبيهها أكثر من مرة وقام باختطافها كذلك....

توقفت عن التفكير وأغمضت عينيها لتأخذ نفساً عميقاً ثم فتحتهما لتتغير ملامح وجهها مباشرة... فقد بان الاصرار والغضب على وجهها وقررت أخيراً القراءة......

قررت أخيراً ما كان عليها أن تقرره من قبل.... قررت أخيراً تصديق جيو بعد أن قرأت بالذات هذه الجزئية...

- (كون الإنسان يعيش لإقناع غيره بأنه الأفضل لا يعني أنه حقاً سيكون الأفضل... حتى لو كان هذا الإنسان يدين بشكل كبير لأحدهم فهذا لا يعني أن يتخلى عن أهدافه التي يعيش لأجلها ولا يؤسفني القول أبداً أنني سعيد بما سأحققه لاحقاً فهذه العائلة التي لا أنتمي إليها لا تهمني في أي شيء... صحيح أنهم اعتبروني كابن حقيقي لهم لكن هذا لا يعني أنني سأنسى هويتي الحقيقية.... قريباً جداً سأتخلص من ثلاثتهم لن يكون الأمر بعيداً فقد اقتربت نهايتك يا أرسلان أنت وشقيقتك ووالدتك... سأتخلص منكم قريباً وسيتبقى لي بعدها عائلتي العزيزة..... أبي أنتَ أول شخص سأبدأ به وبعده ستكونين أنتِ يا والدتي.... سأشتاق إليكما جداً.... وكروستافيا عزيزتي ستكونين التالية.. صدقيني لن أنسى أيامنا الجميلة أبداً وستبقى ذكراكِ في قلبي لكن ما باليد حيلة... عليكِ أنتِ الأخرى أن تموتي لكن لن تكون نهايتكِ على يدي بل على يد شخص ستتحرك بداخله نيران الانتقام ولابد أنه سيتلذذ بقتلك وسيظن أنه بذلك سينتقم مني ولكنه لن يعلم بأنني سأكون مديناً له لفضله علي و........)

توقفت هنا عند هذا الحد تحت مرأى ناظريه.... يرى ارتجافها كورقة خريف تخشى السقوط على الأرض بسبب هذه الرياح القوية التي عصفت فجأة دون سابق انذار.... لا يستطيع فعل أي شيء... كان عليها أن تعلم عاجلاً أم آجلاً لكنه لا يستطيع الوقوف مكتوف اليدين وهو يراها منهارة أمامه هكذا... شعر بالألم يعصف بكيانه بقوة عندما رأى خيوط الدموع التي شقت طريقها على وجنتيها المتوردتين عندما مرت بجواره كنسمة باردة وراقبها وهي تركض خارجة من الغرفة.... هل يلحق بها؟ ما هذا السؤال بالتأكيد ليس عليه ذلك.... ما يعلمه عنها هو أن لديها كبرياء وهو الأهم بالنسبة لها... بالتأكيد لن تسمح لأي أحد بأن يراها وهي بمثل هذه الحالة...

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

(في اليوم التالي في تمام الخامسة والنصف مساءً)

بقيت شويكار واقفة مكانها تحدق بــ كروس باستغراب من حالتها اليوم.... لقد تركتها بأفضل حال البارحة فما الذي حدث لها ولماذا هي واقفة أمام النافذة تحدق بالخارج عاقدة ذراعيها بلا حراك منذ الصباح.... لم تسأل شويكار نفسها كثيراً وقررت الاقتراب منها للمرة المئة وسألتها بقلق:

- كروس عزيزتي هل أنت بخير؟ أرجوكِ أجيبيني؟ ستقتلينني من القلق...

ولكن ما من مجيب... اشتد قلق شويكار بعد أن نظرت إلى الفراغ في عينيها.. ماذا حدث لها؟

تركتها شويكار بعد فقدانها الأمل وأسرعت إلى غرفته وقبل أن تطرق الباب فتحه جيو وهو يخلل أصابعه في شعره ويتمتم:

- ماذا هناك؟

- ما قصتكما أنتما الاثنان؟ أنت تبدو متعباً ومرهقاً وهي لا أعلم ما بها تبدو يائسة ماذا حدث؟

سألت شويكار بجدية فأجابها جيو بهدوء:

- لا عليكِ سأتولى أمرها...

دخل جيو غرفته وأغلق الباب خلفه واستنشق الهواء بعمق ثم أطلقه على شكل تنهدات لتشق ابتسامة باهتة شفتيه وهو يعبر غرفته وصولاً إلى شرفته....

- أرسلان أخبرني هل تعلم من هو ولماذا فعل بكم هذا ؟ ذلك الوغد لم يكتب سبب قتله لك ولم يتفوه بحرف واحد... لماذا قام بقتلك بهذا الشكل؟ لماذا أراد التخلص منك ومن شقيقتك ووالدتك؟ هل تعرف الاجابة؟ هل سبق لك وقابلته في ما مضى؟

التفت جيو إلى صديقه الذي يقف بجواره وابتسم بوهن ولم يتفوه بأي حرف اضافي وبقي صامتاً كما هو صديقه.... استمر جيو على هذا الوضع لنصف ساعة تقريباً حتى قرر أخيراً انتشال نفسه من أفكاره وقرر أخذ حمام يعيد له القليل من قوته التي فقدها بسبب ارهاقه البارحة فهو لم يستطع النوم أثناء الليل بل بقي يتقلب في فراشه حتى هذه الساعة... عليه أن يستعيد طاقته وقوته فهو في أمس الحاجة إليها اليوم بالذات وبعدها ليرتاح العمر كله.....

وفي أقل من نصف ساعة انهى جيو استحمامه وهو الآن يقف أمام مرآته وقد أنهى تصفيف شعره، التقط ساعته السوداء التي تتناسب مع ملابسه السوداء وشعره الأسود الفاحم فقد قرر ارتداء هذا اللون لمناسبته الخاصة اليوم... ارتدى ساعته وأخذ هاتفه وبالتأكيد لم ينسى أهم شيء عليه أخذه واتجه رأساً إلى غرفتها، دخل دون أن يطرق الباب وعبر الغرفة ليصل إليها.... وقف إلى جوارها ونظر إلى وجهها لكنها لم تتحرك....

- كروستافيا برودسكي.... آخر أمر كنت أتوقعه هو أن تكوني ضعيفة إلى هذه الدرجة....

لم تجبه ولم تلتفت إليه فدفعه هذا إلى جعلها تنظر إليه بنفسه لذا أمسك ذقنها بأنامله الطويلة الباردة وأدار وجهها إليه وهو يتكلم بهدوء:

- لا أظن أن الحياة تتوقف عند بعض خيبات الأمل..

بعد تحديق طويل بوجهه أخفضت نظرها وهي تبعد يده عن وجهها وهمست:

- أنت لم تجرب هذا الشعور.....

لم يتكلم وتفحصها بنظره لثوانٍ... ليكون صريحاً مع نفسه.. هو لم يجد تغير مذكور على تصرفاتها فهي كما لاحظ من قبل تتصرف دائماً بهذا الشكل... حسناً هذا مطمئن... لو أن أي فتاة أخرى مكانها لما توقفت عن النحيب لمدة أسبوع بلا مبالغة فالحقيقة صادمة.... من قتل والديها هو شقيقها وشقيقها هذا ليس شقيقها من الأساس..... قطع تفكيره واستدار وقبل أن يخرج من غرفتها سمعته يقول بمنتهى الهدوء:

- لم أجربه أجل لكن هذا لا يعني أنني لا أعلم كيف يشعر الإنسان بمثل هذه المواقف... عزيزتي أنا تعرضت لمواقف أفظع من هذه واستطعت الاستمرار...

وخرج دون أن يضيف المزيد ليتركها وحدها وقد عادت إلى وضعيتها السابقة لكن مع زاوية أخرى من التفكير... ماذا كان يقصد جيو بكلامه؟ ما هي المواقف التي تعرض لها وقد كانت أفظع مما حدث لها؟ وهل هناك أسوء من الأمور التي حدثت لها؟! لا.. لا تعتقد هذا أبداً.. لكن حقاً ما الذي حدث لــ جيو فيما مضى غير مقتل صديقه العزيز؟.... توقفت عن سؤال نفسها أسئلة لن تعلم إجابتها على أي حال وعادت إلى موضوعها......

ليست بائسة ولا تشعر بالألم لأنها تجاوزت ذلك لكنها تشعر بأنها أصبحت إنسانة أخرى وستثبت هذا قريباً، ستريه من هي كروستافيا برودسكي وستذكره بأصله الوضيع، شقيقها العزيز قاتل والديها.....

- عزيزتي كروس طلب جيو أن تكوني مستعدة لتخرجي معه بعد ساعة...

توقفت كروس عن التفكير واستدارت لتقابل شويكار وسألتها بهدوء:

- إلى أين؟

ابتسمت شويكار بعد أن وجدت استجابة من كروس مما طمأن قلبها وتكلمت براحة:

- لا أعلم... فقط كوني مستعدة سيكون بانتظارك في حديقة المنزل ومن الأفضل أن تفعلي، ألم تكوني تريدين الخروج؟

- حسناً.....

ابتسمت شويكار لها وهي تغلق الباب خلفها مغادرة فتنهدت كروس وبدأت تفكر في السبب.... إلى أين يريد الخروج ولماذا يأخذها معه؟ على كلٍ ستعلم الإجابة قريباً والأهم حالياً هو أن تفكر بطريقة تساعدها في الوصول إلى غيلبيرت وعليها استغلال خروجها من المنزل اليوم بأي طريقة.... لكن كل ما عليها فعله الآن هو أخذ حمام منعش والتفكير في خطة....

تدفقت قطرات الماء الدافئة على شعرها وجسدها مما دفعها إلى إغلاق عينيها ونفض كل الأفكار حالياً لتنعم بالهدوء والاسترخاء الذي شعرت به دقائق فقط حتى قامت بتحريكِ يدها وأبعدت شعرها المبلل عن وجهها لتظهر تلك الابتسامة الشيطانية على شفتيها عاكسة كل ما يجول في نفسها وكل الأفكار التي ساورتها في هذه اللحظات... لقد فهمت كل شيء الآن يا لحظها الرائع......

***********************************

ضيقت أوليفيا عينيها وهي تراقب مناسا المنشغلة في الحديث عبر هاتفها على ما يبدو مع أحدهم عبر رسائل نصية... ليس هذا هو الأمر الغريب بل هو خوف مناسا الواضح... كانت تبدو وكأنها تقوم بارتكاب جريمة وتخشى أن يكتشف أحد ما أمرها.... ما الذي يحدث؟

- مناسا مع من تتكلمين؟

انتفضت مناسا مرعوبة وجعلت نظرها يستقر على والدتها وهي تبتلع لعابها وتفكر بداخلها... يا إلهي إنها مصيبة؟ هل اكتشفت أمي الأمر؟ ماذا أفعل؟ يا إلهي أرجو أنها لم تكتشف الأمر.....

- أجيبي مع من كنت تتكلمين؟

- لا أحد أمي إنهن صديقاتي...

- وما بال هذا الارتباك إذن..

سألت أوليفيا مرتابة فأجابتها مناسا بسرعة محاولة جعل صوتها يبدو طبيعياً لكنها لم تفلح فقد كان خوفها وارتباكها واضحاً وهي تقول:

- لا.. أنا مرتبـــ.. أقصد أنا لست... كذلك.... فقط أتحدث.. أتحدث إلى صديقاتي.. أنتِ تعرفينهن....

- مناسا مع من تتكلمين؟

سألت أوليفيا بغضب وهي تتقدم أكثر من مناسا فأجابتها مناسا وهي تترجل عن الأريكة:

- ليس......

وقبل أن تكمل تمكنت أوليفيا من انتشال هاتف مناسا من يدها وحدقت بشاشته ولم تمضي دقائق حتى زمجرت أوليفيا بغضب وبدا كأن الشرر يتطاير من عينيها:

- مناسا منذ متى وأنتِ تكلمينه؟

ارتعبت مناسا من غضب أمها المخيف وحاولت تهدئتها وهي تشير بيديها تحثها عليه وهي تتكلم:

- أمي اهدئي أرجوكِ....... في الحقيقة......

- كنت تعلمين أن كروستافيا معه من قبل ولم تخبريني، لماذا؟

لم تستطع مناسا الاجابة فأخفضت رأسها وحدقت بالأرض تنتظر الصراخ من والدتها لكن هذا لم يحدث، كل ما فعلته أوليفيا هو ادخال الهواء إلى رئتيها واخراجه على شكل تنهدات....

- سأكلم ذلك الغبي....

رفعت مناسا رأسها تنظر إلى والدتها وهي ترسل رسالة ما إلى جيو عبر هاتفها الخاص وتنتظر الرد وهنا ضغطت مناسا قبضة يدها بندم لأنه ما كان عليها الجلوس في الصالة والتحدث إلى جيو... كان عليها أن تعلم أن هذا ما كان سيحصل بسبب تصرفاتها البلهاء.....

*********************************************

وفي الجانب الآخر شعر بالدهشة والغضب في الوقت ذاته بسبب الرسالة التي وصلته للتو فدفعه هذا إلى الوقوف من مكانه بسرعة وهو يتمتم بسخط:

- سحقاً.... كيف علمت؟

حدق مرة أخرى بهاتفه عندما وصلته رسالة أخرى وقرأ:

- جيو علينا التحدث فلا تتهرب مني.

وما إن انتهى من القراءة حتى أعلن هاتفه عن اتصال أحد ما به... تنهد وحاول جاهداً أن يبدو هادئاً وأجاب على الاتصال ولم يكد يضع هاتفه على إذنه حتى تخلل إلى مسامعه صوت أوليفيا الغاضب:

- جيو أقسم بأنك سوف تدفع الثمن غالياً، كيف تجرأ على فعلها؟ نحن نبحث عن كروستافيا منذ اختفائها ويكاد شقيقها يجن لأنه لم يعثر عليها وفي النهاية تكون معك... أخبرني ما الذي يحدث؟

- كان هذا الخيار الوحيد أمامي.

قالها بكل برودة أعصاب ما دفع أوليفيا إلى الصراخ:

- ما الذي تتفوه به؟ أي خيار؟ ولماذا؟

- عليكِ أن تعلمي شيء واحداً وهو أنني لا أتصرف بغباء أبداً....

- جيو... أين أنت؟

- لا أظن بأنني مجبر على اخبارك.....

- أين كروس؟ أريد التكلم معها...

- لن أسمح بذلك... ولا أظن من الأساس أن كروس ترغب أصلاً في التحدث إلى أحد....

- أين أنتَ أيها الأحمق؟ أخبرني بسرعة قبل أن أقدم على أمرٍ أعدك بأنه لن يعجبكَ أبداً؟

- حقا؟!

قالها باستخفاف وسخرية ثم تابع بشكل جدي:

- وهل اعتقدتِ يوماً أنكِ لم تقدمي على أمرٍ لم يعجبني من قبل؟ ألا تذكرين؟ استمعي إلي جيداً، أنا لا يهمني أبداً ما تقومين بفعله واعلمي أنكِ آخر من أهتم لسماع أي شيء منه أو حتى بالتفكير به، ودعي الشقيق الحنون يبحث عنها وحده ومن الأفضل ألا تتدخلي.

- جيوفينتوس ستـنـــــ.............

ولم يستمع إلى بقية كلامها ولم ينتظرها حتى تنهي جملتها فقد أبعد هاتفه عن أذنه وأقفل الخط في وجهها وضغط بقوة عليه لدرجة أنه كاد يكسره من الغضب وهو يتذكر ذلك الأمر، وبعد مدة ليست بالطويلة.....

شعر جيو بأنه لم يعد بمفرده في حديقة منزله فالتفت بهدوء ليجد كروس واقفة على بعد خطوات قليلة منه وهالة من الغموض تحوم حولها.. لا يعلم لماذا شعر بأن هناك أمراً مريباً تخفيه هذه الفتاة! كانت تقف بكل ثقة وكأن شيئاً لم يحدث، وكأنه لم يهمها أي شيء علمت به البارحة.... استغرب جيو كثيراً من هذا فبدأت الفرضيات والأفكار تنهش بعقله والذي حال دون اكماله تفكيره هو صوت كروس عندما قالت بحدة:

- صدقني سوف تندم إن تجرأت وحدقت بي بهذا الشكل مرة أخرى....

- وما المشكلة إن تفحصت تعابير وجهك؟!

- وهل كنت تفعل هذا؟!

أخرجت كلماتها من بين أسنانها وهي تتقدم منه فابتسم بدوره بهدوء وتمتم:

- يكفي تضييعاً للوقت ودعينا نذهب حالاً...

وسار مبتعداً نحو بوابة المنزل الخارجية فتبعته كروس بصمت وسارت إلى جواره وهي تتأمل كل ما حولها فقد أعجبت بذوق جيو الرفيع ورقيه، وما إن خرجت من البوابة الخارجية حتى شعرت وكأنها تتنفس لأول مرة... وأخيراً أصبحت خارج ذلك السجن الذي صنعه لها وهكذا اقتربت خطوة من تحقيق هدفها لكن يبقى السؤال هل جيو سيذهب الآن أم لا؟

- سنتجه رأساً إلى هناك لأن الطريق سيستغرق بعض الوقت وحتى نصل سنتسلى معاً بمناقشة بعض الأمور المهمة....

رفعت جابيها بدهشة وهي تدير رأسها لتنظر إليه، هل ترجم لسانها ما كانت تفكر به أم أنه خمن وحسب؟ وهل قال أن هناك بعض الأمور عليهما التحدث بخصوصها؟! هل تبقى شيء لم تعلمه بعد؟ في الحقيقة بالتأكيد فهي لم تعلم بعد كيف قام غيلبيرت بقتل صديقه أرسلان ولم تعلم بعد ما هو سر إفرونيا.... أجل هناك أمور يجب أن يتحدثا بها... لقد قال بأنهما سيذهبان إلى هناك... إذاً هو يعلم بماذا تفكر وهذا يعني أن تخمينها كان صائباً، سيذهبان إلى هناك وهناك سيحدث ما هو منتظر بما أن اليوم يصادف.....

***********************************

كانت مناسا في موقف لا تحسد عليه... كانت تود الهرب لكنها لا تستطيع فوالدتها وجويس يقفان أمامها ويمنعانها من أي حركة... كانت وكأنها في غرفة تحقيقات فهما لم يتوقفا عن طرح الأسئلة حتى الآن ورجحت أنه قد وصل عدد الأسئلة إلى أكثر من مئة سؤال، وما شأنها هي؟ جيو من قام بكل هذا وهي لم تعلم بذلك من البداية فـــ جيو كلمها فقط مساء البارحة... لقد خمنت أن هذا ما قد حصل وقد كان تخمينها صحيحاً وبما أنها تعلم كل شيء وتعلم الحقيقة كلها فلم يجد جيو أي مشكلة في اخبارها ومن الجيد أنها قامت بحذف الرسائل لحظة بلحظة تحسباً.. لكن ما الفائدة فقد علموا وانتهى الأمر....

- أريد أن أفهم حالاً لماذا لم تخبرينا بذلك مناسا... أجيبي على أسئلتنا بسرعة....

- لأنه وبكل بساطة ليس هناك ضرورة ها قد أجبت...

قالتها بتحدي ما دفع أوليفيا إلى الضغط على أسنانها وهي تقول:

- ليس هناك ضرورة.. وتقولينها ببساطة...

- أمي يكفي، جيو رجل ناضج ويعلم ماذا يفعل.

- وهل تصرفه هذا يدل على نضجه؟! كنا سنبلغ الشرطة حتى يجدوها، هل نسيتي ذلك الفتى الذي أراد قتلها؟

- لم أنسَ ذلك ولكنها ليست مخطوفة ولم تتعرض للأذى، ألم تشعروا بالاطمئنان عندما علمتم أنها برفقة جيو؟

تأفف جويس من الوضع فمن الواضح أنها لن تتكلم ولن يستفيدوا من شيء إذا استمروا بنقاشهم غير المجدي وقال بعد تفكير:

- علينا اخبار غيلــــ..

ولم يكد ينهي جملته حتى قاطعته مناسا وهي تصرخ بغضب وانفعال:

- تحبون ذلك الجرذ وتصدقونه ولا أحد يصدق جيو والجميع يعتبره مجنوناً، أي عدلٍ هذا الذي تمتلكونه أخبروني.... لقد جن جنونكم عندما علمتم أن كروس برفقته ولم تفكروا حتى في مواساته والوقوف إلى جواره عندما قتل غيلبيرت أرسلان... دائماً غيلبيرت هو الأفضل وجيو يبقى في المؤخرة... ما هذا العدل؟! ألا يكفي أنكم لم تقفوا إلى جواره عندما قتل صديقه والآن تريدون الوقوف في طريق انتقامه... من الأفضل لكم ألا تتدخلوا فــــ جيو لم يعد ينتظر أي مساعدة منكم وكل ما يريده سيحصل عليه فقط دعوه وشأنه... يكفي ما عاناه حتى هذه اللحظة أم أنكِ نسيتي ذلك أمي؟ هل نسيتي أنكِ السبب في ابعاده عن أ.............

وقبل أن تكمل كلمتها الأخيرة، امتلأت عيناها بالدموع وتشوشت صورة والدتها التي كانت ما تزال على وضعيتها بعد أن قامت بفعل ذلك وكان كل ما شعرت به مناسا حينها هو حرارة تلك الصفعة على وجنتها ما دفعها إلى التحدث بألم:

- جيو معه كل الحق، أنت لا تفكرين بنا أبداً وأنا أجزم أنكِ لا تشعرين بوجودنا حتى، هذا يؤسفني حقاً......

وركضت خارجة من القصر ودموعها قد شقت طريقها على وجنتيها تحت أنظار أوليفيا وجويس الذي قال:

- ما كان عليك فعل هذا أوليفيا، كان عليكِ التحكم بأعصابك قليلاً.. علي اللحاق بها....

- اتركها ستعود بعد قليل......

- كيف أتركها وهي بتلكَ الحالة.. لا أظن أنه سوف تعود بمفردها إلى القصر أوليفيا.....

- لا تهتم للأمر....

قالتها بهدوء فرد جويس عليه بعتاب:

- يجب أن أعيدها أوليفيا...

************************************

للمرة المئة أدارت رأسها ناحية جيو الصامت المركز نظره على الطريق وهو يمسك بعجلة القيادة... حقاً؟! ألم يقل بأنهما سيتحدثان حتى وصولهما؟ إذاً لماذا هو صامت بهذا الشكل؟ ولماذا عيناه تزداد حدة كل دقيقة تمر وتعابير وجهه تزداد جموداً وقسوة؟ حسناً، هي تعرف الاجابة على السؤال الأخير ولا حاجة للتفكير بالسبب لكن ألا يريد التكلم؟.......

وفي وسط تفكيرها به لاحظت تلك الابتسامة الجانبية التي سرعان ما قام بإزالتها عن زاوية فمه... بماذا كان يفكر يا ترى؟ وما خطته للقادم؟ تذكرت فجأة طريقة معاملته مع والدته الجافة.... لا تعلم لماذا فكرت بهذا الموضوع الآن وما شأنه بموضوعهما الحالي لكن... حقاً لماذا يعاملها هكذا؟ ما هي الأسرار التي يخفيها بداخله؟..... لكن! ما شأنها هي به وبأسراره؟! موضوعهما المشترك سينتهي قريباً وهكذا لن يعود للتدخل بها وهي ستتجنب رؤيته قدر الإمكان.... مهلاً... لقد فكرت بما ستفعله اليوم لكنها لم تفكر بالغد.... ماذا ستفعل بعد الانتهاء منه... هل عليها العودة والتخلص منهم؟ أم أن عليها التخلي عن كل شيء والبقاء بعيدة عن كل ما سيعكر صفو حياتها القادمة؟ لا بالتأكيد ليس عليها السماح لهم بالتمتع بانتصارهم... ستبدو وكأنها استسلمت لهم.. ألم يكونوا أيضاً شركاء بما حدث؟ إذاً عليهم أيضاً أن ينالوا جزاءهم؟ هل هذا يعني أن عليها العودة مباشرة وفي أسرع وقت ممكن؟.........

- ما الجنون الذي تفكرين به ليجعل تعابير وجهكِ تتغير في كل ثانية؟

أغمضت عينيها بقوة وهي تعقد حاجبيها وتحدثت من بين أسنانها:

- ألم أحذرك من التحديق بي؟ ألا تفهم؟

وفور أن أنهت جملتها أعادت فتح عينيها ونظرت إليه بتحذير فوجدت شبح ابتسامة مرتسمة على شفتيه سرعان ما أخفاها وتكلم بهدوء:

- ألم تكوني تحدقين بي أنتِ الأخرى؟

- دعنا من هذا الأمر وأخبرني، ألا تريد التحدث؟

- بلا سأتحدث الآن....

- جيد إذاً أخبرني كيف قتل أرسلان؟

- إفرونيا من قتلته...

- ماذا تقول؟

فغرت فاهها بصدمة وقد علقت نظرها بوجهه الهادئ وهو يجيبها:

- أجل عزيزتي، لم أعلم حتى الآن ما هي الطريقة التي اتبعها غيلبيرت في خداع إفرونيا وجعلها تقتل شقيقها.... في ذلك اليوم كان ذلك الوغد يراقب من بعيد وهو يضحك بانتصار.. حاولت منعها من فعل ذلك لكنها أطلقت النار عليه... تخيلي أنه مات وهو بين يدي.... كنت حينها قد تمنيت لو أنني أموت معه... كان أخي وصديقي وكل شيء في حياتي... لم نكن نفترق أبداً لكن ذلك الوغد تسبب بافتراقنا في آخر سنة لنا بالجامعة..... لم يطق أرسلان التحدث معي حينها وكرهني لدرجة مؤلمة وتساءلت كثيراً.. هل أخطأت في حقه؟ هل تسببت له بأي أذى؟ أنا لم أفعل أي شيء يضر صديقي لكنه كان مقتنعاً بهذا الأمر.... أنا حتى هذه اللحظة لم أعلم ما السم الذي نشره غيلبيرت في عروق أرسلان وجعله يكرهني لأجله.... أخبرني أرسلان بأنه نادم جداً لسماحه لعدونا باللعب به هكذا.... تألم أرسلان هو الآخر لأن نهايته كانت على يد شقيقته التي كان يحبها.. كان كالوالد والأخ والصديق لها... كان مثلها الأعلى وفي النهاية أنظري إلى ما قد حدث بسبب ذلك الحقير.... لقد نشر سمه في كل مكان، فرقني عن أرسلان وخدع إفرونيا بطريقة لم أعلمها كذلك.... تمنيت لو أنني مت أنا أيضاً لأكون مع أرسلان.... لقد تغيرت تماماً منذ تلك اللحظات وأنا جيو غير الذي كان قبل خمس سنوات.. لم يصدقني أي أحد.. أخبرت أبي وأوليفيا وجويس وحتى الشرطة لكن عبثاً.. والوحيد الذي صدقني هو أبي لكن هذا لم ينفعنا لأننا لم نمتلك الدليل... ذلك الحقير لم يترك دليلاً صغيراً يثبت إدانته...لم أعتقد أن يحدث لي أمر أفظع مما حدث لكن اعتقادي كان خاطئاً فقد حدثت أمور تركت هي الأخرى أثرها علي إلى هذه اللحظة... والآن وبعد كل هذه السنوات أكتشف أن إفرونيا ما زالت على قيد الحياة بعد أن ظننت أنها ماتت.. قامت بقتل أرسلان وهربت بسيارتها لكنها تعرضت لحادث مريع وكانت بين الحياة والموت... هذا ما أسميته الجزاء العادل.. استمرت في غيبوبة كما سمعت ولكنها ماتت بعد هذا بسبب تدهور حالتها، هذا ما سمعت به وأنا في سان بطرسبورغ ولم أبحث في التفاصيل فما كنت أواجهه هناك كان كافياً ليعطيني سبب في أن أقتل نفسي وأرتاح من كل شيء... مررت بأوقات لا أحسد عليها حقاً وأي إنسان لن يتمنى أن يصبح في مكاني.. أبعدت روي عني نهائياً وغيرت من شخصيتي لأصبح ما أنا عليه وجيو القديم لم يعد موجوداً ولن يعود يوماً......

قطع كلامه ليأخذ نفساً عميقاً ثم أخرجه على شكل تنهدات وأكمل بهدوء بعد أن مرر نظرة خاطفة إلى كروس الصامتة:

- أنا حقاً لا أرغب في الخوض في تفاصيل القصة أكثر من هذا فما تبقى أمر ليس لكِ شأن به وقد أخبرتكِ بما كان عليكِ أن تعلمي به..... اقتربنا من الوصول إلى هناك.. أنتِ بالتأكيد تعلمين إلى أين ولماذا نحن ذاهبون فأنتِ لستِ فتاة غبية....

لم تجبه لأنها لم تستمع لآخر شيء قاله فقد كانت تحلل ما سمعته من جيو... كان كلامه يعكس القليل عما في أعماق أعماق قلبه ونفسه... لا تلومه... لو كانت مكانه لفعلت نفس الشيء... لقد تحمل الكثير ومن الواضح أنه واجه الكثير الكثير من الألم.. ما قاله جزء بسيط لكنها تستطيع تخيل الخمس سنوات التي أمضاها بلا صديق طفولته وكما يعتبره شقيقه... وما فهمته أيضاً هو أنه عان من المزيد من الآلام بعد هذا... حقاً جيو شخص لا تستطيع وصفه وفهم شخصيته الجديدة التي صنعها لنفسه.. شخص مختلف تماماً عن جميع من عرفتهم... شخص...........

أغمضت عينيها بقوة لهذه الفكرة الأخيرة التي خطرت لها... لا... لا يمكن ذلك... يستحيل أن يحدث هذا الأمر لها............

بعد مسيرة نصف ساعة أمضاها جيو وكروس صامتين لا يتحدثان ولا ينظران إلى بعضهما البعض، أوقف جيو السيارة على جانب الطريق وترجل بكل ثقة ليسير بخطوات ثابتة عكس كروس التي نزلت من السيارة مشتتة لا تعلم ما الذي جرى لها وسارت بخطوات ثقيلة بجوار جيو.... كانت الساعة تشير للسابعة مساءً رغم أن الظلام يوحي لكَ بأن الوقت قد تجاوز منتصف الليل... كانت ليلة مظلمة فالقمر قرر أن يختفي خلف تلك الغيوم والنجوم بالتأكيد لن تظهر هي الأخرى.......

رفع جيو رأسه وأغمض عينيه وهو يشعر بتلك الرياح الباردة تلفح وجهه... يعشق هذا الفصل كثيراً لكن ليس ما حدث له به في مثل هذا اليوم وما حدث بعده بشهرين.... أدخل إلى رئتيه الهواء بعمق وأخرجه بكل هدوء ليعاود السير مرة أخرى وابتسامة ساحرة ظهرت على شفتيه.... كل هذا حدث تحت أنظارها... كان يبدو جزءً من ظلام هذه الليلة مع لباسه الأسود والذي علمت وحدها سبب ارتدائه له اليوم بالذات، لكن لما تلك الابتسامة.... هل هي ابتسامة نصره الذي سيحققه اليوم؟ أليس الوقت مبكراً بعد للابتسام؟ هل هو متأكد إلى هذه الدرجة بأن غيلبيرت سيأتي اليوم إلى هنا؟ ما الذي يجعله كذلك؟ ربما جوني ذاك يراقب غيلبيرت الآن وأخبره بتحركاته؟ ربما.....

توقفت عن التفكير في هذه اللحظة وهي ترى جيو يقف أمام ذلك القبر ورأته ينحني ليضع باقة الزهور من يده عليه..... توقفت على بعد بضع خطوات منه وانتبهت لوجود باقة زهور أخرى... هذا يعني أن هناك أحداً ما قد أتى إلى هنا غيرهما لكن من هو؟....

- أنا أعلم أنك هنا لذا أظهر نفسك.....

رفعت رأسها عندما سمعته يقول ذلك... هل يعلم من كان هنا؟ وأيضاً قال أظهر نفسك بكل جدية وثقة! لما هو متأكد إلى هذه الدرجة؟....

جالت بنظرها المكان باحثة عن أي حركة لكن لا أحد... لا وجود لأي إنسان غيرهما هنا ولا حتى غيلبيرت... ربما هو مختبئ وينتظر اللحظة المناسبة وربما هو لم يصل بعد.... لكن هل يعقل أن جيو قصد غيلبيرت عندما قال ما قاله.... توقفت عن التفكير فجأة واستدارت بسرعة حالما شعرت بحركة ما في تلك الناحية... متأكدة أنها سمعت صوتاً ما.....

حسناً أصبحت متيقنة الآن أنها وجيو لم يعودا لوحدهما في هذا المكان.... أطلقت تنهدات هادئة وبعد أن مررت نظرة أخيرة إلى ما حولها عادت تنظر إلى جيو لترى ما الذي يفعله وما إن فعلت هذا حتى اتسعت عيناها من الدهشة..... لم تصدق ما رأت عيناها... هل! هل هذا حقاً أمر واقعي؟

- هل هذا روي من يعانق جيو؟! هذا أمر لا يصدق...

من خلال الأضواء الخافتة المنتشرة في زوايا متفرقة هنا وهناك لاحظت شكل ذلك الشخص الذي يعانق جيو بحرارة.... شعره أشقر وبطول جيو.. إنه روي بلا شك.... صحيح بالتأكيد سيأتي روي إلى هنا هو الآخر فــ أرسلان صديقه واليوم ذكرى وفاته.....حقاً ما تراه شيء مؤثر جداً...

لم تشأ الاقتراب منهما وفضلت البقاء مكانها.. سيكون هذا أفضل ستراقبهما من مكانها فقط.... لكن كيف حدث هذا؟! ألم يفترق جيو عن روي؟ إذاً لماذا حدث هذا الآن؟ هل شعر جيو بالندم؟ هل كان جيو يعلم بأن صديقه من كان هنا قبله؟ هل كان يقصده بكلامه؟.....

راقبت جيو وهو يبتعد عن روي ولاحظت أنهما كانا يتحدثان لكنها لم تسمع شيئاً فالمسافة التي تفصلهما عنها كافية لتمنع عنها سماعهما.....

رغبت بشدة أن تعلم ما الذي يتحدثان عنه لكنها بالتأكيد لن تذهب... عليها التغلب على فضولها هذا.......

- من هناك؟

سألت بحذر وهي تستدير مرة أخرى لتنظر إلى خلفها... لقد سمعت صوتاً وهي متأكدة من ذلك... لربما هو....... رائع.. عليها التقدم إذاً لكن بحذر...

فكرت بهذا وهي تهم بالتحرك إلى تلك الناحية بعد أن ألقت نظرة أخيرة إلى جيو وروي وسارت بخطوات حذرة لتصل لتلك الناحية التي باتت متأكدة أنها ستصادف أحداً ما هناك وهي متأكدة من هويته.....

لقد أتت اللحظة الحاسمة وسينتهي كل شيء هنا... عليها الاعتذار من جيو بعد أن تقوم بما عزمت عليه هي الأخرى... هدفهما واحد ومن سيقوم بتحقيقه هي وحدها.....

- يا مرحباً بـــ أخي...

ابتسامة واسعة زينت شفتيها بعدما قالت تلك الجملة للماثل أمامها بكل ثقة.... لم تخطئ الظن.. إذاً كان هو، غيلبيرت شقيقها الوغد الحقير...

واقفاً بكل ثقة وابتسامته الجانبية لم تختفي بعد أن قال بسخرية:

- لا أظن ذلك أبداً، أليس كذلك؟!

- معك حق... أيها الوغد الحقير لعبتك القذرة كشفت....

خرجت كلماتها من بين أسنانها وقد ازداد حقدها وغضبها وظهر جلياً في تعابير وجهها وقد لاحظ غيلبيرت هذا الشيء فتكلم باستفزاز:

- عزيزتي أصبح لسانك سليطاً هذه الأيام؟ هل تعلمت هذا منه؟ آه صحيح لقد نسيت، أين هو؟ لماذا لا أراه معكِ؟

- ولن تراه أبداً....

- ماذا فعلتِ؟

- لا شيء... فقط ستختفي عن الوجود قبل أن يأتي...

- الثقة الزائدة بالنفس تضر أحياناً عزيزتي....

قالها وهو يتقدم منها بكل هدوء ومباشرة انتقل نظرها من وجهه إلى يده عندما دسها في بجيب بنطاله ما دفعها إلى أخذ وضعية الاستعداد.....

- ما بكِ عزيزتي هل أنتِ خائفة من شقيقك؟

- لست خائفة منك وأنت لم تعد شقيقي من الآن وصاعداً....

كان ما يزال يتقدم منها وهو يجاريها بالكلام:

- على رسلكِ عزيزتي ما كل هذا؟ ألأني قتلت والدنا ووالدتنا وأرسلان وشقيقته ووالدتهما تقولين هذا؟! ألا تلاحظين بأنكِ تبالغين كثيراً؟

- اخرس أيها القاتل... يستحيل أن أقبل بأن يكون لي شقيق مثلك... وأيضاً لا يؤسفني القول أن إفرونيا لم تمت بعد... إنها على قيد الحياة...

رفع حاجبيه من الدهشة وسأل:

- مستحيل أنا متأكد أنها ماتت... من قال لكِ هذا الكلام؟

قهقهت ساخرة منه وتكلمت بصوت مستفز:

- رأيتها بأم عيني البارحة وتحدثت معها، لقد علمت كل شيء عنك وعن أفعالكَ أيها الوغد وستدفع ثمنها اليوم بالذات....

علق نظره في وجهها وكان قد توقف على بعد خطوتين منها وسرعان ما اتسعت ابتسامته فور انتهائها من الكلام ليرد عليها:

- هذه خطة جيو إذاً... يريد قتلي في ذات اليوم الذي قتل فيه أرسلان وفي نفس الساعة على وجه التحديد... هذا يعني أنني لم أكن مخطئاً في تخميني بأنه سيأتي إلى هنا.....

- وهو لم يخطئ عندما خمن أنكَ ستأتي إلى هنا اليوم.....

- ها أنتَ ذا وأخيراً جيو... لقد اشتقت إليكَ يا صديقي كثيراً...

وقف جيو بكل جمود وثقة وهو يدس يديه في جيوبه مقابلاً لــ غيلبيرت الذي استدار وهو يرد عليه بمجرد أن سمع ما قاله له.....

مررت كروس نظرها بين جيو وغيلبيرت وقد فهمت الكثير الكثير من المشاعر التي يكنها كل للآخر... لكن لحظة... أين هو روي؟ ألم يكن مع جيو! أين اختفى؟ وأيضاً كيف علم بمكانها وغيلبيرت.... على كلٍ هذا ليس مهماً الآن... المهم هو أن تنتهي مما أتت لأجله قبل أن يقوم به جيو....

- إذاً جيو.... اليوم ذكرى وفات صديقي العزيز أرسلان....

قال غيلبيرت فأجابه جيو بحدة:

- صدقني سيكون هذا اليوم آخر يوم لك في الوجود... أنا أعدك بهذا غيلبيرت...

- حسناً حسناً فهمت... لقد مللت من الكلام لذا أرجو منك أن تبدأ الآن هيا... أريد الانتهاء منك لأتفرغ لعزيزتي كروس.... سأعطيها اهتماماً خاصاً يليق بمكانتها في قلبي.....

ولم تستوعب كروس الأمر بعد.. نظر غيلبيرت إليها بأطراف عينيه وهو يتحدث عنها ولم تشعر بنفسها بعدها إلا وهي بين ذراعي غيلبيرت..... حاولت تحرير نفسها لكنها لم تستطع فصرخت به:

- أتركني أيها الحقير....

- اهدئي عزيزتي علي التخلص من العزيز جيو ثم سأعطيكِ كامل اهتمامي... انتظري لدقيقة فقط...

- اتركني قلت لك...

بدأت كروس تضربه بقوة على صدره وتدفعه ليتركها لكن عبثاً.... كان كالجدار الإسمنتي المثبت...

- أتركها أيها الحقير....

قالها جيو بعصبية ما دفع غيلبيرت إلى الضحك والتكلم:

- وهل أفهم من كلامكَ أنكَ ذكي وبارع في التحليل؟! هل علمت ما الذي أخطط له.....

ضغط جيو على أسنانه وأخرج يده اليسرى من جيبه لكن ليس وحدها بل والمسدس فيها وصوبه على غيلبيرت ما دفعه للقول:

- هل تنوي قتل كروس يا جيو؟! لقد ظننت أنكَ....

- اخرس وأبقي لسانك القذر في فمك، لقد حانت نهايتك الآن وأنا لن أتوانا...

لحظة فقط تفصل بين حياة غيلبيرت وموته فــ جيو لا يحب تضييع الوقت أبداً.. ثبت المسدس بيده جيداً ورفع رأسه بشموخ وثقة ورسم في ذهنه لحظات موت غيلبيرت وقبل أن يطلق النار....

- توقف جيو.........

رفع جيو حاجبيه بدهشة من نبرة وكلام كروس وحدق بها متسائلاً... لماذا تحاول إيقافه عن فعلها؟ هل هي خائفة من اخطاءه الهدف واصابتها هي؟ هل تشك بقدرته على قتل غيلبيرت؟

- لست خائفة من شيء إنما ستكون نهايته على يدي وليس على يدك جيو... قطعت وعداً على نفسي أن أقتل هذا الوغد بيدي هاتين ولن أتخلى عن وعدي... لن أسمح لكَ بقتل قاتل والداي....

صرخت بهذا الكلام بانفعال فمجرد فكرة أن يموت غيلبيرت على يد أحد غيرها تثير جنونها.....

- إذا كنتِ قد نسيتي فهو أيضاً قتل صديقي أمام عيني ولستِ الوحيدة التي قطعت الوعود على نفسها...

- أياً يكن... نهاية غيلبيرت على يدي أنا...

وما قطع عليهما نقاشهما هو صوت ضحكات غيلبيرت الساخرة وكلامه:

- كل هذا لأجلي أنا.. لم أتصور يوماً أنني سأكون مهماً بنظر أحدهم إلى هذه الدرجة.... وأنتِ يا عزيزتي كيف ستقتلينني أخبريني! ألا ترين أنكِ مقيدة بين ذراعي؟!

أنهى جملته وقام بتحريك يده ليخرج مسدسه من جيب سترته وعلقه في الهواء مصوباً نحو جيو بينما ذراعه الأخرى تحيط بــ كروس التي ظهرت ابتسامتها الجانبية على شفتيها وأجابت على سؤاله بنبرة خبيثة:

- أتذكر ذلك اليوم عندما قلت لي بأن أستخدمه وقت الضرورة؟ لقد حان الوقت غيلبيرت.. يمكنك اعتبار أنكَ أنتَ من قتلت نفسك وليس أنا من قتلتك... اذهب إلى الجحيم أيها القاتل......

ولم يُسمع سوى صوت تلك الرصاصة التي اخترقت جسد غيلبيرت في أجزاء من الثانية وصوت تأوهاته... استطاعت كروس التحرر من قبضته وابتعدت خطوة عنه... كانت ما تزال تمسك بمسدسها وتسدده نحو غيلبيرت.... تسارعت أنفاس غيلبيرت وضغط بقوة على أسنانه وهو يضغط على مكان اصابته والدماء تسيل من بين أصابعه....

كانت الدهشة قد أخذت مأخذها في نفس جيو.... لم يتخيل هذا يوماً، من أين لها هذا المسدس؟ وكيف لم يلاحظه طوال وجودها معه؟!.. لم يستطع رؤية ملامح وجهها لكنه يكاد يجزم أنها ستكون كبرودة الجو....

- هل يمكنك أن تخبرني لماذا قتلت أرسلان؟ لماذا فعلت هذا بهم؟ لماذا قمت بالتخطيط لقتلهم والتخلص منهم؟ ما علاقتكَ بهم؟

- كي... أنــ تـــ قم.. لـــ أمي....

قالها بشكل متقطع وبالكاد ظهر صوته.... لكن... ما الذي قاله؟! لأجل أمه؟ من؟! ولماذا؟

نفس الأسئلة ترددت في ذهن كروس وجيو ومن الدهشة سألا بصوت واحد:

- تنتقم لأمك؟!

لم يتحمل غيلبيرت الوقوف أكثر فسقط على ركبتيه وصوت تنفسه بات مسموعاً.... لم يجبهما ما دفع جيو للتقدم منه والوقوف بجوار كروس وكرر السؤال بغضب فأجاب غيلبيرت:

- لن تفهموا هذا أبداً ولست نادماً على ما فعلته بهما وأمهما ولا حتى بوا....

لم يكمل كلامه بسبب تلك الرصاصة التي اخترقت صدره.... نظرت كروس إلى جيو الخالي وجهه من أي تعابير وهو ينظر إلى غيلبيرت.. كانت تريد الصراخ به لما فعله فقد كان غيلبيرت سيجيب على سؤالهم لكن عندما رأت ملامح وجهه آثرت الصمت وأعادت نظرها إلى غيلبيرت عندما سمعت همسه باسم أحدهم:

- با...رين....

كانت هذه آخر كلمة قالها قبل سقوطه جثة بلا حراك وهكذا،
انتهى أمر غيلبيرت على يديهما كليهما وسينتهي كل شيء... هذا ما ظنته كروس في هذه اللحظات... لكنها لم تعلم أن ما حصل لم يكن سوى البداية لأن القصة لم تنتهي هنا بل إنها سوف تبدأ منذ هذه اللحظة.........


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[ALIGN=center][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url(' http://cdn.top4top.co/i_b8e1bd94d81.png');border:5px groove burlywood;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
الأسئلة
1) رأيكم بالفصل؟
2) آرائكم وانتقاداتكم؟
3) ما رأيكم بحقيقة غيلبيرت وما توقعاتكم حول سبب قتله لأرسلان؟
4) ما تخميناتكم حول قصة جيو ووالدته؟
5) برأيكم ماذا ستفعل كروس بعد هذا؟
6) توقعاتكم للأحداث القادمة؟




[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________



"وَالعقلُ استَلهَمَ مِنّا عِصْيانَ الأفُقِ فَزال مُخلفّاً بُرودَة بلوتُو"
سبحان الله-الحمدلله-لا اله الا الله-الله اكبر

رد مع اقتباس
  #162  
قديم 04-23-2016, 03:20 PM
 
سلام عليكم
اخبارك؟ ..عساكي بخير زمان عن روايتك..

مع ذلك كنت متحمسة و افكر ب روايتك، أخيرا قضي على غيلبيرت من ثنائي غير متحد . .cute1

حقا، صدمتني أن غيلبيرت ليس أخ كروس!خير7

لكن مع ذلك فرحت للقضاء عليه... فمهما كان هدفه هو ليس مسوغا لفعل هذه الامور الشنيعة...

استغربت لعدم تدخل روي في الامر مع انه شرطي...:madry:

و كذا يبدوا أن الأحداث في بدايتها، و لن تنتهي رابطة كروس و جيو بمقتل هذا الفتى!

بل ستبدأ دائرة تحقيق جديدة عن ما يقصد...x.x2
و أنا بالإنتظار حتما
رد مع اقتباس
  #163  
قديم 04-23-2016, 03:58 PM
 


السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اخبارك يا بنت!؟
ان شاء الله بخير و كل امورك تمام
دعيني اتنفس و استرحع انفاسي التي سرقتها للتو
بارت مدهش ..بارت غير كل بارت
احداث مشوقة جدااا ...
لقد تحمست كثيرا خاصة عندما قلت ان الاحداث ستبدأ من هنا
ماذا لديك اكثر من هذا..!؟
أرني ما في جعبتك و ابهريني في الفصول القادمة
في الواقع لقد اعدت قراءة الفصل السابق
او بالاحرى مقتكفات فقط..لعلي استذكر ما حرى
و هذا بسبب تأخرك في تنزيل البارت
و لكن كل هذا قد اختفى عندما رأيت طوله و احداقه
التي جعلته يتأخر
و ذلك لجودته و دقة الوصف و سلاسة الأسلوب المشوق الاخاذ
لقد صدقت كروس جو اخيرا و تبينت لها الحقيقة الصادمة
لقد شككت في ذلك الحقير انه ليس اخوها حقا..
و هذا يفسر سلوكاته
لقد قال و هو يلفظ انفاسه الاخيرة انه قام بكل ذلك لأجل الانتقام لوالدته
مادخل ارسلان !؟
و ما دخل والدا كروس؟!
من هو ذلك الذي نكق باسمه قبل ان يموت؟
و ايضا موت غيلبيرت المنافق على يد اثنين من المنتقمين هههههه
بس اشفقت عليه ...يا الهي اصبحت محبة مجرمين!
انسي امري المهم
شوقتني يا فتاة ..بسرعة اريد البارت
على فكرة انا متابعة جديدة
قد تكفلت على صفحة روايتك لتقبلي مرورها الذي لا يساوي شيئا امامك
ختاما ..شكرا لك البارت الاكثر من رائع
آه كدت ان انسى الاسئلة
القيت نظرة عليهم و معضمهم لا أدري و الباقى بالثرثرة في الاعلى

دمت بخير
رد مع اقتباس
  #164  
قديم 04-24-2016, 12:56 AM
 
اهلا و مرحبا كروستافيا
اشتقت الى روايتك و الى كروس بالتحديد
حسنا البارت كان رائعا احداث مفاجأة و مثيرة
لم اتوقع بتاتا ان غليبرت ليس شقيق كروس
وايضا ان تكون نهايته بهده الطريقة لكن مع دلك انا سعيدة بموته (لم اظن يوما انني سأسعد بموت احدهم:dam::dam:الى الجحيم غلي)
ههه
لكن االامر لم ينتهي هنا لدا انا قلقة من القادم
فقط لتكن كروس في امان
خسنا هدا كل ما لدي
اراك لاحقا و اعدري تعليقي البايخ(هيهيهيه)
حب7حب7
Krustavia likes this.
رد مع اقتباس
  #165  
قديم 04-26-2016, 02:55 PM
 
ها ي حياتي
روايتك اكثر من روعه
حبيتهاكتير ولا تنسيني من الرابط حياتي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حط صورة الانمي اللي تحبه وصف اللي تحبه فيه واكثر شخصيه تحبها فيه LAVANIT أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 01-21-2012 01:21 PM
انا اقول ان النار لا تخلف رماد ..انت ماذا تقول ..شاركني برايك لـواء حوارات و نقاشات جاده 4 08-07-2010 12:41 AM
المؤثرات البشريه حيث تختبئ الحقيقة المره *sousou* نور الإسلام - 0 07-02-2010 12:33 PM
رماد من تحته جمر مشتعل Mindhacker خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 1 06-09-2008 02:08 PM


الساعة الآن 06:03 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011