12-03-2015, 05:55 PM
|
|
قصة مبدعة | صــوتٌ ينادِي أنِ اثبتْ.... !!
ابدعت
Zizi # فِي إحدَى القرَى الأوروبيّة البسِيطة , وُلِد رضِيعٌ أسمياه والدَاه (توماس)كنايةً لجدّه الأعظم , (توماس) بكَى مثلَ أيّ رضيعٍ قدْ خَرج للدّنيا لتوّه , ومثل أيّ طفلٍ كذلك .. ما إن بدأت حاسّة السّمع لديهِ بالعمل , حتّى التَطقت أذنيه بفضولٍ ما حولَه من أصواتٍ ليَتم تخزّينها في ذاكِرته .. ومن بينِ صوتِيّ أمّه وأبيه وأصواتٍ أخرى كثيرة .. تخافَتْ هنالكْ صوتٌ مختلفْ ؟!
(توماس) يبلغ اليوم السّابعَة من عمِره , قد تمّ إنباؤه أنّه منذُ الغدِ .. وكلّ يومٍ .. سيبدَأْ بالذّهابِ إلَى الكنِيسَة ؛ لكِي يتعلّم ! وإنْ لم يتَعلّم لَنْ يصبِح إنسانًا مرموقاً في حيَاتِه ؛ ولَن يكونَ سعيداً بل فقيراً بسيطاً مثلَ والدَيه تماماً , (توماس) قد نالَه الأرقْ تلكَ اللّيلة , فغدًا يوم حافِل , سيقَابِل الكثِير ويتعرّف على الكَثِير , غداً سيتعلّم أكثَر عن هذا العالمْ , وعَن خالقِه , وعَن واجبَاتِه اتّجاه هذا الخالِق .. وفجأةً أوقف (توماس) حَبل أفكارِه مغمضاً عينَيهْ .. لا يدْري لماذا ؟ ولا يَدريْ كيف ؟ .. لكِن كلّما أغمضَ عينيهِ بعدَ منتصَف كلّ ليلَة حيثُ السّكون يبلغ أوجَه .. يتهامَس فِي أذنيه صوتٌ دافِئ وحنونْ .. ينادِيه لشيءٍ لا يفْهمهُ عقله الصّغِير ! .. ولكنّه بمجرّد سماع ذلِك النّداء العذبْ , يدخل فِي راحةٍ عجيبة , وأمانٍ لم يشعر بِه قطّ مع والِديهْ حتّى.
(توماس) قد ذهب إلى الكنِيسة , أو المدرسَة بمفهومٍ آخر ! .. لقدْ فُتحتْ أمامَه بوّابةٌ الدّنيا بمصرعيهاْ .. وبالمقابِل .. أغلقِت بوّابَته نحو ذلِك الصّوت الذّي ينادِي .. فعليهِ أن ينامَ مبكراً ليدرس , وينام مبكراً ليعمل مع أبيه بالحقلْ .. آن آوان ليَرى (توماس) الدّنيا.
(توماس) قد بلغ العشرينَ من عمْره , هو شابّ سليمُ الجسَد حسنُ الحِيلةْ , لديه وظيفَة مرموقَة , وشابّة جميلةٌ يحبّها , لديهِ القدرة على شراء الخَمر الذّي حُرِم منْه سنواتٍ لفقرهْ , متَى أرادَ وكيفما أرادْ .. وكلّما خطرتْ في بالِه فِكرة "الصّوتِ الذّي ينادِي" ضحكَ (توماس) وقال لذاتِه : أنا كبرت على ترّاهات الأطفالِ هذهْ.
(توماس) قد ناهَز الأربعينْ , لقد فَتحَت عليهِ الدّنيا سيلاً من الهمومِ والأعقامِ لا ينتهِي , (توماس) فقد الأمانْ ! .. ولكنّه أبَى أنْ يستجِيب لصوتٍ ينادي بِـ الأمانْ .. (توماس) يكبَر ؛ وذلِك الصّوت ينطوِي -شيءً فشيءً- في غياهِيب عقلِه المنسيّه !
(توماس) قد تآكلتْ الدّنيا على جسِده الذّي كان قوياً , وافتكّت الأمراضِ بعقلِه الذّي كان سليماً .. (توماس) شيخٌِ أتمّ الثّمانينَ عاماً .. (توماس) على فِراش الموتْ , حولَه أبناؤه وقربَهم أحفادُه.
(توماس) يلفِظ آخر أنفاسِه , وتعُود ذِكرياتُه للورَاء لحظةً بلحظة .. الطموحاتُ التِي حقّقها , الضحكاتُ التِي أصدرهاْ , والإله الذّي كان يعبدُه , وكيفَ كان يعبدُه !! .. (توماس) قد وصَل لنقطة الصّفر في ذكرياتِه .. وتذكّر ذلِك الصّوت الذّي ناداه قبلاً مراراً.
(توماس) فهمَ وارتجفْ .. (توماس) أرادُ النّطق والرّوح تخرج .. (توماس) لم يقدِر , ومات !
ذلِك الصّوت الذّي ينادِي ؟! .. (توماس) سمعهْ .. أنا سمعتهْ , أنت سمعتهْ , الكلّ قد سمعه ! صوتٌ ينادِي أنِ اثبت على فِطرة الإسلام* |
التعديل الأخير تم بواسطة زيزي | Zizi ; 12-03-2015 الساعة 06:27 PM |