عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 12-28-2015, 11:09 AM
 
رواية جميلة جدا أكملها أرجوكي و الا قتلتك ههههههههههه عزيزتي أكملها و ارسل لي رابط و شكرا
  #27  
قديم 12-28-2015, 11:12 AM
oud
 
الرواية طويلة جدا بس راح اكمل لعيونك
__________________
  #28  
قديم 12-28-2015, 11:22 AM
oud
 
آلا يـّنتهـيّ بـّحـرّ دّمــوعهـّا يـّومـّا ؟

خـطوة تليها خـطوات سريـعة قـبل أن يصدر صوت سقوط عميق، استندت على تلك الشجرة القريبة منها و هي تلهث باحثة
عن قليل من الطـاقة ثم وقفت تعلوها نظرة تصميم و عزم لتعود إلى الركض مجددا ..
كانت ضعيفة و بلهاء لكن جرى هذا قبل أن تستيقظ حياتها من سبات الحداثة العميق و قبل أن ترتفع جناحيها إلى السمـاء و قبل أن
توقظ في قلبها شعلة المحبة و الحب ، لديها الآن سبب أقوى في المضي .. في الـركض لآنقاذ الشخص الذي اختاره قلبها شريكا له
أيام دنّياها المتبقية و سوف لن تستسلم لليـأس
أنيرت عينيها بضوء الأمل عندما وصلت آخيرا إلى الطريق العام فرفعت يديها شاكرة الله ، حينما ارتجفت قدميها فجـأة و سقطت على
ركبتيها أرضا بكل إمتنان ، إنها نهاية مـأساتهم و سوف تجد المساعدة ليهبوا بإنقاذهما فانتـظرت
مقاومة جفاف رمقها ، ألآلام جسدها و رغبتها في النوم لسبيل الخلاص ، انتظرت و قلبها يدق عنفا بينما أمالها تختفي تدريجيا من
شدة خوفا عليه و قد قـارب الظلام على الرحيل و الشمس على الـشروق
حين رأت سيارة قادمة من بعيد فتحاملت على نفسها بعزم و ركضت لتقف مجددا وسط الـطريق مغلقة عينيها الواسعتين، انحرفت
السيارة من طريقها بقوة فلم تفصل عنها سوى أنشا أو اثنين ،
خـرجت إمرأة بجزع متـأملة حال ماري و قد ظنت أنها قد أصابتها يرافقها رجل في منتصف الثلاثينات ، دماء تلطخ ثوبها و شعرها
الأشعث كمـا لو كـأنها شبح ما ، بينما تقدمت ماري منها و قـالت بغصة متوجعة تقطع أنفاسها
ـ أرجوك سـاعديني يـا آنسة ، خطيبي بين الحيـاة و الموت أرجوك أنا أتوسل إليك
تنهدت المـرأة براحة و قد اختفت فكرة كونها مجنونة أو شبحـا من رأسها قـليلا ثم أمسكت بذراع ماري لتجعلها تستند عليها كي
تستقيم في وقوفها ، تحدثت بنبرة قلقة و هي ترمق زوجها بنظرات محذرة
ـ ما الأمر ؟
نـظّرتّ إليها مـّاريّ بـأملّ لتنـّزل دّمعة استقصرتها الرحمـّة و الألمّ منّ أجّفانهاّ السّوداءّ ، لتتحدّث بـّنبرة مـّبحوحّة خـّافتة
ـ لقد تعرضنا لحادث و سقطت السيارة من أعلى المنحدر فأصيب خطيبي و لا يستطيع الـحركة أرجـوك سـاعدينا، سـأكون ممتنـة لك للأبد
أومـأت المرأة بالإيجاب و عـادت تنظر إلى زوجها ، ركنا السيارة جانبا و أسرعا خلف ماري التي كانت تركض بخفة كما لو كـأن
قدميها لم تلامسا الأرض قط و بكل رشـاقة قد آثارت الرعب في أنفسهما ، فكيف لشخص بكاحل ملتوي و جروح لا زالت تنزف أن
يركض هكذا كما لو كـأن هناك قوة خفية تحركه و تحثه على الاستمرار ؟ استغرق الأمر وقتا حينها بدأت الريبة تنتقل شيئا فشيـئا إلى
قلبي المـرأة و الرجل ظنا أنها مجنونة أو ربما قـاتلة لكن أنينها المتـألم المنـاجي باسم حبيبها كـان بمثـابة الأمل الوحيد لهما بـأنها
ربما ذات عقل سليم
حين وصلا إلى حيث تلك البقعة الخالية ، كانت هناك آثار لحطام سيارة في نهاية المنحدر فكيف استطاع هـذين الآثنين أن ينجوا من
السقوط في الهاوية ؟ .. اتجهت ماري مسرعة إلى ذلك الشاب المستلقي على الأرض و يبدوا كما لو كـأن روحه في آي ثانية ستفـارق
جسده ، أمسكته من معصمه و احتضنته بخفة لتسمع دقات قلبه المتبـاطئة
شفتيه المـائلتين لزرقة و شحوب وجـهه الفـظيع بينما عـينيه مصـوبتان نـاحيتها ببرود قد اختفى منهما شعلة الحياة ، يهمس متـألما
بكلمـات عدة حيث تضاءلت مقاومته لتعادل الصفر تقريبا ، همست بنبرة خافتة بـأنين متـألم
ـ نايت لقد أحضرت المسـاعدة ، أرجوك لا تتركني حسنا ؟ لقد وعدتني
تقدم الرجل واضعـا نايت بكل بطء و حذر على ظهره بمسـاعدة كلا من زوجته و ماري كي لا يصيب جروحه بإلتهاب أو يزيدهم سـوءا
في حين أمسكت ماري بيده البـاردة بكل لطف و خوف في آن واحد ، إنها خـائفة من أن تفقده بـعد أن وجدته .. السبب الذي يدفعها بالاستمرار
في العيش ، بينما بدأت تلك المـرأة بمواساتها و هي لا تعلم فعلا ما الذي قد تقوله لتخفف من وطئه الفـاجعة التي حدثت لهما ،
عـادت تهمس مجددا بـرجاء أخير
ـ نـايت أصـغ إلي ، أنت كل مـا أهتم له .. و أنـا أحبك فلا تمت رجـاءا
فتح نايت عينيه الزرقاوتين و قد بهت لونهما المميز بكل تعب ، رفع جفونه ليحدق بها لفترة لست بطويلة ، فلمح دموعها التي غـزّت كل
وجههاّ و صوتهاّ المنتحب بكلمات لم يّفهمها حينها فـأغلق عينيه بتعب مفكراّ ، ألا ينتهي بحرّ دموعها يوماّ ؟

/

كانت تجلس خلف مكتبها و تضع نظارتين لترى الأوراق بوضوح ، بينما تحك شعرها بيأس من هـذه الكمية المتراكمة فطوال فترة جلوسها لم
تنهي سوى بضعة أوراق تعد على اليد كل هـذا بسبب ويليام إنه السبب فهو يعرقل سير أفكارها في المنحى الصحيح و لما تفكر بّه بكثرة ؟
هزت رأسها بغيض و عادت تحـاول أن تكتب شيئا كي لا تتأخر أكثر في عملها لكن هاهو ويليام يتسلل مجددا إليها
هل عـلم بـأن أغنيته قد ألغيت ؟ و أنه مجبر على كتابة أغنية ثنائية مع ذلك المدعو بأوسكار ؟ لما ؟ لقد كانت واثقة أن الكلمات جميلة جدا و
ستنال بكل جدارة المرتبة الآولى و ستكون في الصدارة إذن لما رفض مدير أعماله هذه الأغنية ؟ فجـأة رن هاتفها بإسمه فلم ترغب أن تتحدث
معه و أرادت فعلا أن تغلق السماعة بوجهه لكن توقفت قليلا مفكرة ، ربما علم بالأمر إذن لابأس بالرد عليه هذه المرة فقط ، فحملته بتكبر
واضح و ردت
ـ مرحبا
ابتسم ويليام شاكرا الله عندما قد رفعت السماعة أخيرا و هو قد خال نفسه أنه سيضطر للبحث عنها أو سحبها من مكتبها ، لذا قال بمرح
ـ أهلا فلورا ، أريد لقائك إن أمكن
قطبت حاجبيها مستغربة ، نبرة مرحة ماذا ؟ ألم يعلم بعد ؟ ظنت أنه بحاجة لمن يواسيه لكنه يبدوا بحال جيدة فكادت أن تقفل السماعة لكنه
أكمل كلامه بجدية كما لو كـأنه قد قرأ أفكارها
ـ لدينا بعض الأعمال لننهيها فلور ، حفلة الزفاف
تنهدت و رفعت ساعتها تنظر إليها ، لا ضرر في لقائه فهي ليس لديها أي شيء لتفعله بـعد الآن ، سابقا كانت تحضر العشـاء لوالدها و قبل
ثلاثة أيام كانت تسرع بالمغادرة لتعوض ما فاتها هي و أختها أما الآن فظل غياب ماري ، لم يبقى لديها لفعله سوى العمل و النوم
فتحدثت بنبرة كسولة خاملة
ـ حسنا لا بـأس ، تعال لاصطحابي عند الساعة الرابـعةّ مساءا
و مـاّ إنّ أنهت جملّتها حّتى فتحّت صدّيقتها بّاب مكتبها و بّرفقتها ويّليامّ قدّ كانتّ واضحة علّيها ملامحّ الإعجاب ، شهقتّ و ابتعدّت بكّرسيّها ،
كّيف له أنّ يـّعلم أينّ تـّعمل ؟ أهو دّجـّال أم مـاذّا ؟ بينما ابتسمّ وّيليامّ بسّذاجة و اقتربّ منهـّا ، قّبلها على خدهاّ بعفوية ثمّ قـّال بكلّ تّعب
ـ يّا إلهي زحمة السيّر تستغّرقّ وقتـّا أطّول منّ سيّر مشـّيا على الأقدّام ، دّعيني أرتاحّ قليّلا ثمّ لنذّهب ،
رّمقتها صدّيقتها بـخبّث فـأشّارت لها فلوّر بأنّ تبتعدّ فوراّ قّبل أن تقذّف كومّة هـذّه المّلفات فّي وجهها ، فتحدّثت بلهجة حاولت أن تجمعّ فيها
أعّصابها بينما كست حمرة طفيفة وجنتيها
ـ كيّف تتجـرأ على المجيء إلىّ مكان عمليّ أولا ثمّ تقّبيلي ثّانيّا و الاتصّال بّي ثاّلثّا ؟ إنّ كنت لمّ تلحظ فنحن لّسنا أصدقاءا
زم شفتيه باستياء من نبرتها الحادة العالية و همس لها بكل مرح على شفتيه ابتسامة جذابة كادت لتأسر نسـاء
ـ ماذاّ لقدّ ظننت أنناّ أصدقاء فعلا،
تجاهلته ، فابتسم بسخرية و أخرج من جيبه صورة لماري و نايت كي يضعها أمام نظريها ، رفعت حاجبها مستغربة فقـال بنبرة باردة
بـعد أن رأى أنه لا يوجد حل آخر
ـ لقد تم اغتيال كلا من ماري و نايت قبل ثلاثة أيام و حتى الآن لم نجد لهما آثرا لذا أنت سوف تقفين الآن و ستساعدينني على التحضير
لهذا الزفاف اللعين قبل أن أفقد عقليّ كليا
شهقت برعب و وقفت بسرعة فلم تدري إذ كيف خطت تلك المسافة بينهما لتجد نفسها أمامه أمسكته من معصمه محاولة أن تتأكد مما قد
سمعته أذنيها توا ، قبل أن تسـأله أي شيء أجـابها بنبرة حزينة متـألمة
ـ نحن لا نعلم شيئا ، لا مكانهما و لا أين ذهبا و لا حتى من قتلهما أو حاول قتلهما ، نحن بكل بساطة لا نعلم ما إن كانا لا يزالان على قيد الحياة
و أين كان من فعل ذلك فخطته هي عرقلة سير الزفاف لذلك نحن لن نسمح بهذا بكل تـأكيد
صمتت و قد شحب وجهها من شدة الصدمة فاستندت على المكتب خلفها و وضعت يديها على وجهها محاولة إخفاء تلك الدموع الضعيفة التي
قد أفلتت من مقلتيها ، كان يجب عليها أن تكون أكثر حذرا .. كان يجب عليها الإعتناء بها أكثر بينما وضع ويليام ذراعه حول كتفيها و جذبها
نحوه بألم ، همس بكره
ـ دعينا نهتم بهذه الحفلة اللعينة أولا ، التي المضيفين الرئيسين فيها مفقودينّ

/

بعد مرور يوم آخر ، و قد بدأ العد التنازلي للزفاف الموعود بقصة حب أسطورية كأنها تعود للعصور الوسطى ، قصة أحب فيها شـاب غني
فتاة فقيرة كرواية المشهورة سندريلا و الأمير و توجا حبهما بزفاف لكن هذه المقتطفات لم تكن حقيقية على الإطلاق
أجل فكلا من الأمير و سندريلا قد توفيا الآن و ثورته مع مقعده قد احتلت هي ، هي فقط ابتسمت بخبث ياله من أمر جميل أن تكون مغدقا بالثروات
في كل ناحية ، أن تسير على فضة و تشرب من ذهب و تـأكل الألماس فقط ، شعور جميل لن يختبره أحد سواها
ضحكت بسعادة غـامرة
لقد نالت منه قبل أن ينال منها ، نقطة لصالح إليزابيث .. لا بل جميع النقـاط لها و المنافس الوحيد المتبقي هو ذلك العـجوز، كل ما عليها فعله
هو إيجاد خطة مثالية لقتله بعد أن تهدى الأوضاع قليلا ربما بـعد عام من الآن سيكون ميتا و ستنعم هي بكل الثروة ، بكل مال لبير
لكن ألن يبقى شخص واحد ؟ آه آجل زوجها ؟ كايل ؟ لا بـأس ببقائه إلى جانبها .. سوف يغدقها بكل من المال و الحبّ ، إنه زوج صالح فعلا و
كذلك هي ، هي أيضا زوجة صـّالحة تريدّ سعادته .. همست بخبث بينما صوت ضحكاتها يعلو بكل فخر و تكبر
ـ و سـعادته تكمن في كوني راضية
لقد حققت مرادها في فترة بسيطة من الزمن ، كان يكفي أن تملك إسم لبير إلى جانبها و ها قد فعلت ما فعلت ، مسكينة هي ماري فهي لم ترى
نور هذه العائلة أبدا و لن تشعر بهذه الفرحة و لا هـذه القوة مطلقا ، تحدثت بنبرة ساخرة رقيقة مدعية الشفقة
ـ مسكينة هي آجل لكن لم يكن عليها أخذ شيء من أملاكي تلك الحقيرة

/

لم تعلم كم ليلة مرت و هي بهذه الحالة السقيمّة أو كم من دقيقة مضت منتظرة خروج ذلك الطبيب من غرفة العمليات ليبشرها بنجاته ،
بعد أن عالجت الممرضة جميع جروحها كانت تجلس على الأرض مقرفصة و قد غالبها النوم في الممر حين خرج ذلك الطبيب و على شفتيه
ابتسامة نجاح و فخر ، فخر لأنه أنقذ روح شخص ما .. هزها بلطف من كتفها ففتحت مقلتي عينيها برعب ليتحدث بنبرة فـّرحة سعيدة لهذا الإنجاز
ـ تهانينا سيدتي ، زوجك بخير لكنه يحتاج إلى الراحة
دمعة نزلت بكل هدوء شاقة طريقها عبر خدها المتورم ثم أومـأت بسعادة و تبعته إلى حيث يقودها ، و بعد أن تم نقله إلى غرفة آخرى
كآنت تجلس بجانبه على السرير تنظر إلى شحوب وجهه تارة و إلى صدرّه المليء بالشّاش المعقم و الملّفوف بعناية ، أمسكت يدّه الموصولة
بّالمصل و وضعتها في حجرها كمّ هي شاكرةّ الآن لنجاته و أن تسمع نبضّاته لهو أعظمّ شيء تمنته بهذا العـالم ، وجودّه فقط إلى جانبها يكّفيها
فقـالت بنبرة رقيقة هامسة تحاكي نغمة الناي
ـ لا أعلم ما الذي كنت قدّ أفعله إن لمّ تدخل حياتي ، وجودكّ هو أفضل شيء حدث لي
تنهدت براحة غير مصدقة نجاتهما سّالمين من هـذه الحـادثة ، ثم احتضنته بخفة خائفة من أن توجعهّ بلمساتها الحـّانية ، عليهاّ أن تستغل جميع
هذه اللحظات فبمجرد أن يستيقظ سوف يبعدها كعادته فرفعت أصابعها و أزالت بضعة خصلات من على عينيه ، ثم حركت شعره الأسود الحريري
بهدوء .. لن تتركه أبدا من الآن فصاعدا لن تتركه و هذا وعد إلى نفسها
نظرت إلى مذكرة معـلقة في الجـدارّ ، إنه الخامس و العشرين من شهر أكتوبر أهذا يعني أنه لم يبقى سوى ثلاثة أيام لزفافهما ؟ ضحكت بمرح
، زوجين مليئين بالخدوش تمكنا من حضور حفل زفافهما بعد محاولة قتلهما ، أجل إنه عنوان مضحك
فتح عينيه الزرقاوتين الداكنتين بتعب ليجد وجه ماري ممتلئا بدموع كعادتها لكن ليسّ حزنا أو ألما و إنماّ فرحا لنجاتهما ، تسللت رائـحة أدوات
المـعقمة إلى أنفه فـأدرك من خلالها أنهما في المستشفى إذن يبدوا أنها قد وجدت المساعدة الملائمة ، و كانت تجلس بالقرب منه تمسك بيده
رافضة تركها و تنـظر إلى توقيت الأسبوعي بكل شرود فبقي صامتا عندما عادت لتراقبه
وجدت أنه قد استيقظ فشهقت بعدم استيعاب لأنه لم يمضي الكثير من الوقت على خروجه من غرفة العمليات ، ابتسمت بكل لطف إنه مكافح
حتى النخـاع فكشر نايت بوجهها قـائلا و البرود يغلف كلماته
ـ لا تضعي مثل هـذا التعبير السخيف على وجهك ، إنه يجعلك تبدين بلهاءا
رفعت حاجبها باستياء ، أهذه هي طريقته في إظهار قلقه عليها ؟ لآنها لا تبدوا نافعة على الإطلاق ، ردت بنبرة متهكمة
ـ شكرا عزيزي لسؤالك أنا بخير و سعيدة لأنك بخير أيضا
تنهد و رفع ظهره ببطء قبل أن تلامس قدميه السيراميك شديد البرودة ، بينما ماري تراقبه بكل ترقب ، ثم وقفت أمامه قـائلة بشكّ
ـ ما الذي تحاول فعله ؟
نـظر إليها بجدية و قد ظهر بريق الإنتقام في عينيه فإرتجفت قليلا حيث آثار الرعب بقلبها ، أيعقل أنه سيحاول الإنتقام الآن ؟ لكنه بالكاد
يستطيع السير ؟ هل ستضطر مجددا لرؤيته و هو يعاني ؟ أن يواجه الموت مرة آخرى ؟ بينما همس هو بنبرة حادة قوية
ـ و ما الذي تخالينني أفعله ؟ سوف نعود
شحب وجهها بشدة ، و لم تعد قدميها قادرتان على حملها .. لما لا يفهم قلقها عليه ؟ بدأت دموعها بالنزول مجددا ، و بغصص متوجـعّة
بـنظرات متـألمة و بنبرة حزينة صـاحت به
ـ أنت لن تفعلّ هذا بي ، ألا تدرك ما انعكاس تصرفاتك المتـهورة عليك ؟ حسنا مادمت تحاول التصرف بعناد فكذلك سوف أفعل أنا لذا أنت
لن تغادر أبدا سوف تبقى هنا حتى أنا أسمح لك بالرحيل ، أيها الغبي ألا تدرك أنك قد كسرت ضلعين أحدهما قريب جدا من قلبك ؟ و نجاتك
معـجزة فلا تصعب الأمور و ابقى مستلقيا
ضيق عينيه بعدم رضى و احتذت نظراته بشكل خطير جعلها تبتعد لا إراديا عنه ،تغـيرت ملامحـه الجدية إلى الغضب فرد عليها بلهجة شديدة
التحـذير و التهديد
ـ أتظنين و بإنقاذي لحياتك سوف تتغير الأمور ؟ أنت مخـطئة يا هـذه بل سوف أبقى دوما الرجـل الذي اشتراك و أنت دومـا المرأة التي وضـعت
قيمة نقدية لنفسها فلا تحاولي أمري
صدمت من كلماته و تلعثمت غير قادرة على إيجاد شيء تقوله ، لقد ظنت أنهما أصبحا على وفاق الآن ، بينما كاد هو الآخر يسقط لولا أنه
وقف متحاملا على نفسه مستندا على طرف السرير ثم كشر بغيض شديد ، لامحا نـظراتها المصدومة و شحوب وجهها الفظيع، كما لو كـأن
الموت قد إختطفها في تلك اللحـظة فـابتسم بإستهزاء متحدثا
ـ أنت تتسـاءلين عن سبب إنقاذي لك أليس كذلك ؟ حسنا سـأخبرك إذن ، ليسّ لأنني طيب القلب و لا لأنني أشفقت عليك بل لأنني بكل بساطة
سئمت من الحياة ، سئمت من العيش فأفضل طريقة للمـوت كانت هي بدفع نفسي اتجاهك
خـطت بضعة أمتـار لتصل إلى باب الغـرفة و تـقف أمامه بتصميم ، ثم أمسكت مقبض بكل قوة امتلكتها في تلك اللحـظة و علت ملامحها
صفات الهدوء بابتسامة صغيرة لطيفة تخللت شفتيها الورديتين ، بينما زادت حدة غضبه هو ليصرخ بـنبرة عالية مبحوحة
ـ أنت تمـاثلين فتيات الهوى فكلاكن تضعنّ قيما لأنفسكن و تنفذن أوامر أسيادكنّ بلا نقـاش لكن الفرق هو أنهن يعتـرفن بأصلهن لكن أنت لا
، تـظنين أنك شريفة .. أتعلمين ؟ أنا أكره هؤلاء الناسّ الذين يدعون الطيبة و الشـرف أكثر من أي شيء آخر
وضعت يديها على أذنيها مغلقة عينيها الواسعتين بشدة ، لتنحدر دمعة يتيمة على خدها و هي تهز رأسها نفيها ، لماذا يفعل هـذا ؟ لماذا
يتصرف هـكذا ؟ لما يقول هذه الكلمات الجارحة كمـا لو كـأن لسانه قد اعتاد على نطقها ؟ أفعلا لا تعني له أكثر مما وصفها به ؟ فتاة هوى ؟
فتحت عينيها مجددا بثّقل و نـظرت إليه ، حينها لمحت شيئا مختلفا بملامحـه الوسيمة .. فبين تقـاسيم وجهه الحـادة و بين شفتيه المـطبقتين بتعب
، خلف عينيه الداكنتين كان هناك أسى و قهر ، فابتسمت بلطف
نايت شـاب لطيف لكنه يـرفض الإعتراف بذلك ، لذا لا بـأس إنه لا يعني ما قـاله تواّ .. هذه هي طريقته في إظهار قلقه فلما هي تشـعر بهذا
الظلام يلتف حول قلبها و يعتصره بكل قوة ؟ حين ارتخت عضلاتها و سقطت أرضـا بلا حـراكّ، لا بـأس إنه لا يعني ما قـاله توا ، هو فقط مستاء
لأن شخصا ما حاول قتله ..
سوف تـأخذ غفوة بسيطة و عندما تستيقظ ستجد نفسها مجددا في ذلك المكان ، حيث العشّب النديّ و الرياح العـاتية ، الأزهار العبقة
و رائحـة المياه المنـعشة .. و ابتسـامة نايت اللطيفة الهـادئة نحوها

/

كان فرانسوا يقف أمام ذلك المنحدر مراقبا أشلاء تلك السيارة في كل مكان ، آثار العجلات و الدماء لكن لا توجد جثة ،
أهذا يعني أن سيده لا يزال حيا ؟
نزل إلى الأسفل برفقة رجاله و تبع خطوات ماري المتعثرة و الغير مدركة لما حولها ، إلى غاية وصوله إلى الطريق العام ،
آثار عجلات سيارة آخرى و انحرافها ظاهر للعيان ، طريقة إيقاف السائق لسيارته تنم عن تفاجئه بوجود شيء ما عرقل حركته ،
ابتسم براحة شديدة و أشار لرجاله بجلب سياراتهم رباعية الدفعّ ، سوف يغـادرون إلى أقرب مستشفى بهذه المـدينة
كـّان فّرانسـّوا يـقّف أمامّ ذلك المنحـدّر مرّاقبّا أشّلاء تلك السيـّارة فيّ كلّ مكّان ، أثّار العـجّلات و الدمـّاء لكنّ لا توجدّ جثـّة ،
أهـذّا يعني أنّ سيده لا يزّال حّيـّا ؟

/

لقد أخذا قياسّ خصرّ ماري و اختارا فستان زفاف مناسبا سوف يتم جلبه خصيصا من إيطاليا لأجلها فكرت فلور قليلا ، سوف يبدوا رائعاّ
على أختها .. هذا إن استطاعت ارتداءه و إن كانت حية ، نـظما كيفية جلوس المدعوين و تكفلا بتوزيع الدعوات ، و بالرغم من أن أمل فلورا
ضعيف و هي لا تعلم لما تقوم بهذا لكن لديها إيمان ، أمل أنهما سوف يجدانهما قريبا ، يقال أن الغبي لا يموت بسهولة ؟ و ماري غبية نوعا ما ،
صحيح أنه مثل سخيف لكن هذا ما خطر في بالها الآن .. تنهدت بأسى
عندما أتى ويليام مسرعا من الغرفة المجاورة ، ابتسم حالما رآها و قال بسعادة عـاّرمة لنجاة صديقه الوحيد
ـ فلورا لقد وجدهم فرانسوا ، إنهما في المستشفى و كلاهما على قيد الحياة
وقّفتّ و هيّ عاجزة عنّ التعّبير فّحملت معطّفها و كـّادت أنّ ترحّل لوّلا أنّ ويّليام قدّ أمسكها منّ ذّراعها ، أومأ بالنفّي ثمّ ابتسم بّشقاوة
ـ يجّب علينا التحضير لحّفل الزفّاف فـلورا ، دعي فرانسوا يهتمّ بهـذّا فهو عمله في النهاية
عادّت تجّلس على مقـعدّها، ما دامّت أختها بخّير فهي ليّست بحاجةّ لأي شيء آخر ، يكّفيها فقّدان والدّها ، من الآنّ لنّ تقوم بــتأنيبها أو
نهرها عنّ ما تـّفعله سوف ساندّها و تنصحّها ، يكّفيها وجودها على هذه الأرضّ حية تـّرزق
__________________
  #29  
قديم 12-28-2015, 11:23 AM
oud
 
حـــــــّب حـّلو مـّر المـذّاق

حاولت عبثّا حاولت و رغما عني اجتهدت لكي أعلم لما قد ثبّت حبه في قلبّي كسيران الدمّاء فيّ عروقي ، و لما صـّارت كل نبضة تهمس بإسمه خفية
، و لما قد نبتت بذور العـواطف فيّ صدري ، لما أحببت شخصّا قاسيّا مثله ؟ مهما اقتربت أبعدني عنه مـائة خطوة للخلفّ كـأنه ابتلاء .. مصيبة حلوةّ
مرة المـذاقّ و هل يوجد طعم بمثل هـذه الصفات ؟
فتحت عينيها الـواسعتين بجهد ، رائحة الدواء المعقم و ذراعها مـزينةّ بأنبوب يّصل إلى دمهاّ كي يزودّها بالتغذية الملائمة ، مـرتدية فـستاناّ أزرق
اللون خفيف على جسدهاّ النحيل .. جلست بتعب و نـظرت حولهاّ بالرغم من أن المكان يشبه المستشفى لكنّه ليس كذلك على الإطلاق ، إذن أين هي ؟
نـزعتّ المصل بقوة و وقفت فأصابها الدوران لتعود كي تجلس على السرير بقلة حيـلة ، حين فتح باب الغـرفة و دخلت فلور بابتسامتها السعيدة ،
سـآرعت لاحتضانها بينما ماري ساكنة بلا حراك ، كلام فـلور يبدوا مبهما و الصورة مشوشة فلا ترى شيئا سوى الجدران المتمايلة همست بنبرة خـافته
قلقة متعـبة و بكلمات متلاحقة
ـ هل .. نايت ؟ بـ .. بـخير ؟
حالما انتهت من جملتها أنضم إليهما كلا من ويليام و نايت ، فـنـظرت إلى حضنها بهدوء يبدوا أن كل شيء بخير الآن ، فعـادت تغلق عينيها مجددا
ليغمى عليها .. أمسكتها فلور و وعدلت من وضعية الوسادة ثم غطتها جيدا ، بينما لم يصدقّ نايت أنها قد انهارت فقد بدتّ قوية جدا خلال بحثها عن
النـجدة أو عبر منعه من مغـادرة المستشفى ، تـقدم منها بخطوات متـرددة ثم أمسك بيده المضمدة البـاردة يدهاّ الدافئة ، شدّ عليها بقوة عندما تحدثت
فلور بقلق
ـ ما الذي حدث بالضبط نايت ؟ أنا لا أفهم شيئا ..
راحت أحداث الحـادث تعاد في ذاكرته مرارا و تكـرارا قبل أن يبتسم بكل استهزاء و سخرية ، لقد حـاولوا قتله هـذا ما جرى ، إنه لفي غاية الشـوق
لمعرفة هوية القاتل الذي تجـرأ على وضع شبـاكه عليه هو ، جلس في الكرسيّ الذي بجانب ماري و قال بشرود بينما عينيه الداكنتين مصوبتان نحوها
ـ ويليام ، نادّ فرانسوا فورا
أومـأ بالإيجاب و سـارع لمنـاداته ، خلال لحـظات كان يقف أمامه بكل إحترام .. ابتسم نايت ببرود و قد احتدت عينيه بشكل مخيف أكثر من المعـتاد ،
همس بنبرة مبحوحة ماكرة
ـ قلّ ما بجّعبتك فرانسوا
ـ سيدّي ، لقدّ علمنا من مصادر موثوقة أن رئيس شركة جونسون لم يغادر فرنسا قط كما أن السيارة التي قامت بالاصطدام بك تم شراءها من سـوق
العام قبل أسبوع من الحـادثة و السائق لم يعثر عليه بعدّ ، لذا سيدي لقد أبعدنا احتمالية رئيس جونسون و لم يبقى أمامنا سوى ..
ثم صمت على مضض ، وقفت فلورا بإنزعاج و غادرت الغرفة عندما علمت أنها المعنية الوحيدة التي لا يجب عليها سماع بقية الحـديث ، عند خروجها
أكمل فـرانسوا كلامه ببرود
ـ سيدي ، بقي أمامنا احتمالات عدة تستهدفك بشـأن اقتراب زفافك منهم راسكلانكوف و شركات التي تبعت جونسون و سقطت معها ، إنهم حوالي تسعة
أو عشرة شركات ليست بذلك الثـراء لكن لها مبلغا محترما و أسهما أيضا .. سيد كايل آل لبير
زفّر ويّليام بـّغيض ، و هل يمتلك ناّيت أصدقاءا ؟ بينمـّا ابتسمّ هو بّسخرية و نظـّر إلى مـّاري ، قــّال بـبرودّ
ـ كون السيارة قد اشترت قبل أسبوع من الحادثة يجعلني غير معني ، فأنا كنت في فرنسا و موعد عودتي كان مجهولا كما أن شركات لن تخاطر بخسارة
سمعتها إلى جانب أموالها لذا استبعدهم جميـعا ، الشخص الوحيد الذي كان يخطط لقتله في ذلك اليوم هو ماري ، لذا أريد منك أن تتحقق من تحركات
السيارة قبل الحادثة فلابد أنه كان يراقبها منذ مدة ، صمت للحـظات و همس بنبرة حـاقدة مبحـوحة كاتمـاّ غضبه الجامح
ـ أيضـّا .. فـرانسوا حـاول جلب ذلك السـافل لي في أسرع وقت ممكن
أومـأ فرانسوا بالإيجاب و غـادر مسرعا في حين ابتسم ويليام بهدوء ، أجل هذا هو نايت الانتقام يسري كالدم في عروقه و لن يرتاح له جفن إلا
بجلب ذلك الرجل حيا يرزق له ، تنهد و قد تذكر شيئا مهما قد أغفله طوال هـذه المدة .. لم يبقى الكثير لموعد الزفاف ، كم هذا مرهق ، حالما رأت
فلور فرانسوا مغادرا كـادت أن تـهم بالدخول للاطمئنان على أختها لولا سماعها لصـوت ويليام المتحدث
ـ ماهو رأيك نايت ؟ أخبرني بصراحة فـأنا أظن أنك تعلم تماما من خلف هـذه الحـادثة
صّمت نايتّ و لمّ يّقل شيئّا ، لّيس قّبل أن تتأكد شكوكه فـعادّ بعّينيه يجّول حولّ مـّاريّ و تنهدّ بـهدوء ، يبدوا أنهّ اكتسّب نقطـّة ضـّعف أكثر مما هي
نقطة قوة .. شدّ على قّبضته بكلّ قوة ، عندما لمحـه ويليامّ ليهمس له قـائلا بلطف
ـ نايت ، لم يكن خطـأك ..
التفت إليه نايت بعينين باهتتين و ملامح خالية من أي تعبير قد تّساقطت خصّلات من شعره الأسود على جبهته مـانعة ويليام من معرفة أفكاره لكنه
آكمل حديثه بنبرة أشد ليونة
ـ نايت ، لم يكن بوسعك فعل أي شيء لذا أنا واثق أن ماري لن تلومك ،
رمقه ويليام بأسى ، كم يكره نـظراته الخـالية من معاني الحياة كـأنه لا يملك حقا في العيش تمعن النظر ناحيته ليرى إمساكه المحكمّ ليد ماري ،
تنهد بغيض و همس بصوت خافت
ـ أبله

/

بـعدّ مرورّ يّوم آخر كـّان قدّ آتى موعدّ الـزفّاف فـأصّبح الخدمّ فّي ضجة عـّارمةّ يحّاولونّ تصليّح كلّ شيء و جـّعل المكـّان مثّاليّا حسّب أوامـّر
ويّليامّ أمـّا فـّرانسوا فكّان بـّرفقة نايتّ الذّي لمّ يـظهرّ للعـّيان أبدّا ، يحـّاولونّ الـحصّول على بـّضعة إجابات غّير مبّالي بزّفافه ، مـّاريّ تـّجّرب
فستانّها الأبّيضّ و فـّلور بجـّانبهـّا ، إليزابيّث و كاّيل يتساءلان عنّ هذه الجّلبة التّي يقومّ بها وّيليام و قدّ أصابهما الشكّ في موتّ مارّي و نايتّ ،
آرثّر قدّ بدأّ فيّ الخوّف منّ تجاهل مـّاري لطّلباتهّ فأخذّ يحـّاول تدّبير لقّاء معهـّا مهمّا كلفه الأمرّ

/

فّي سـّاعة حـادّية عشـّر ، كانّ نايّ قدّ ارتدى بذّلتهّ الرسميةّ السودّاء بكّل إهمـّال تـّاركّا ربطّة عنّقه و قدّ غـّادره ذّلك الشحوبّ بينمّا لمـّعت عينيهّ
بخـطّر محدّق و زيّن فمـّه بإبتسامة سّاخرةّ لا تنبـأ بخيّر ، أنفهّ المسلول و شـّعره ألكحلي الحرّيري المنسـدّل على جّبهتهّ قدّ رّفعه هـذّه المـّرة
بتصفيفه أكّثر عصّرّية ،
دّخلّ إلى القـّصر بجـّانبه ويّليامّ و قدّ كـّان الاثنينّ يتنافسانّ فيّ الجاذّبية ، بّشعره الأشّقر المـّرفوعّ و بدّلتهّ الـمرتبة بـّعنايةّ ، خّلفهماّ فـرانسوّا
بـّرفقتهّ رجـّاله و همّ يسيّرونّ قدّ أثاروا الضجة من حـّولهمّ بينمـاّ بدأ الضّيوف بالوصـّول ،
حيّن لمحـّه كـّايلّ ، سقطّ كـأس النبيذّ الذّي يمسـّكه من الدّهشة ، أهـذّا فـّعلا نـّايت ؟ إنهّ بالكـّاد قد أصيب بـخدّش ؟ ما الذي يـّعنيه هـذّا بحّق الجحيمّ ؟
ألمّ يّرسل الرجّل لهمّا صـّور للحادثة مرفقة بفيديو لكيفية سقوط تلك السيارة اللعينة من أعلى الجرف ؟ أمسكّ قبّضته بإحكـّام لمـّا اقترب منهّ نـّايت ،
تـّبـّادلا النـظّرات ، و لو أنّ النـظرة تـّقتل لكـّناّ كّلاهمـّا ميتينّ عندّما أتت إليزابيّث من الخـّلف بحّلتها الـّبهية فسّتانّ أحمـّر جميـّل يّظهر تناّسق جسدها
كعـّارضة أزيّاء مشـهورة و شعـّرها مـّرفوع على شكّل ذّيل حصّان ، رأتهّ فاتسعتّ عينيهاّ و شّحب وجههّا لتـزدادّ ابتسامة نايتّ اتسـّاعّا ، قـّال بـبرودّ
ـ ألاّ توجدّ تحيةّ أو تهنئة ؟
حيّنها ارتبكّت إليزابيّث ثمّ تقدّمت منهّ و احتضنتهّ بخفّة لتعودّ مكانهـّا بينمّا كّشر كـّايّل و تجّاهله مغـّادر باتجاه أصدّقاءه فقّالت بلطّف
ـ عـذّرا ، تّعلم جميـّعا أننّا معـّارضونّ لهـذّا الزّفافّ و تـّقديمّ تهنئة لهو أمرّ صـّعب جدّا عندماّ لا تـّكون صـادّقا بمشـّاعّرك ، لكنّ على كلّ حـّال
أنّا أتمنى لكّ السـّعادة من أعمـّاقّ أعمـّاق قّلبيّ
نـظّر نايتّ حـّوله مستخفّا بـأقوالهّا و عندّ انتهاءها من الحـدّيث ، وجهّ عينيه الداكنتينّ نحوهاّ وردّ عليهّا بسخّرية بينمّا وّيليامّ يكّتم ضحكته
ـ لا أعـّلم ماذا أقولّ لقدّ جـّعلتنيّ عاجـزاّ عن التعبيّر بكّلامكّ المنـّمقّ هـذّا ، شكـّرا على المحّاولة
كـادّ أن يرحّل لولا أنهاّ أمسكته منّ معصمه ، نـظّرت إليّه برجّاء رجـّاء أنّ لا يجـرحّ مشـّاعرها بردودهّ الحـّارقة ثمّ اقتربت منهّ أكثٍّر لتهمسّ قـّائلة بـّرقة
ـ هلّ أنتّ حقا تحّّبها نـّايت ؟ لأننيّ أعّرفكّ جيدّا ، أعّرفكّ عندمـّا كنـّت ذلكّ الشّاب المحبّ الذّي يطـّير بـجّناحيه إلى سماء المحبّة و الآن بـرؤيتكّ هكـذّا
أجدّك مـجردّا من الأحّاسيسّ فـمن الصـّعب علينّا فـّعلا التصدّيق بـأنكّ تحبها
ابتسمّ ساخّرا و قدّ نـظّر إليها فيّ عينيها مختـّرقّا صميمّ قّلبها ، ثمّ رّفع يدّه بهدوء و سحّب ذّراعهّا ليّقول بكلّ بـرودّ و قسوة
ـ بمجردّ أنكّ تّعرفينني منذ سنينّ هـذّا لا يعنّي أنكّ تّعرفينني جيدّا إليزابيُّث و إنّ كنتّ لا تّعلمين فـأنّا لّست ذّلك الشخّص الذّي يّغيره الحّب ،
و رحّل مسّرعاّ بينمّا ذّهب خّلفه فـرانسوا ، فـّرمق ويّليام إليزابيّث بّسخرية دوماّ ما تكونّ هكذّا ، فانحنى بـخفّة و لبّاقة ليّرفع رأسه و يتحدّث
ـ دّعي هذاّ اليومّ يمّر بسـّلام ، منّ فضّلكّ
ثمّ ابتسمّ بكلّ جـّاذبية أثارت معظمّ فتيات القـاّعة ، بينماّ أمسكّت إليزابيثّ أعصابهاّ بكلّ غّضب و هيّ تـّرمقهّ بنـظّراتّ لا خيّر منهاّ ، لوّ بيدّها
لقّتلته منذّ أمدّ لكنّ لنّ تستفيدّ شيئا سوى تلطّيخ يدّها بدمائه القذرة

/

فّي حيّن أنّ مـّاريّ ترتدّي فّستان كـأنهّ سحّابة بيّّضاء يدّاعبها لمـّعانّ عينيهّا المنـّيرتينّ و أشـّعة الشمّس بشّكل حوّرية ، رّفعّت شّعرها على
شكـّل وردّة بسيطّة و تـّركتّ بّضعة خّصلاتّ منسدّلة على وجههاّ ، تجّلس بهدوء على الكرسيّ و على فمها الوردي ابتسامة مرتبكة
في حّين أن فـّلور تّقف أمامهّا بثّوبها الأزرّق المخّمليّ و قدّ تركّت شعرها منسدّلا على ظهرهـّا و بـالرغم من أنهاّ وعدّت نفسها على أن
تسّاندّ ماّري في جميـعّ خطواتهاّ ، وجدّت أنهّا عـّاجزة على الابتسـّام أو إدّخاّل ذّرة سـّعادة إلى قّلبها
إنهـّا تسلمّ أختهّا الصـّغرى الوحيدّ مـرهفةّ الإحساس و ضّعيفةّ القـّرارات إنهّا بالنّسبة لهاّ مخّلوقة طـّاهرةّ لمّ يدّنس حّضورها سوىّ وجودّ الحّول
منّ غيّرها و محاّولتهمّ التأثير بهاّ ، إلىّ نايتّ ذلّك الرجّل القّاسي ، الذّي يّحنوا الـّرقّاب و تنقّبضّ الأنفّاس منّ وجودّه بنفّس البّقعة معّ غّيره ،
إنهّ شيطّان مّتشكل بهيئة إنسّان وضـّعت سيدة فرانّسيس يدّها على رأسّ مـّاري متمنيةّ الحظّ الوفّير لهاّ فيّ حيّاتها القادمةّ ، عندّما رنّ جرّس
الشّقة فـقّالت فلور ببرودّ
ـ لابدّ أنهمّ قد آتوا لأخذّناّ ،
فتحّته على مصّراعيه و نـّظرت إلى القادّم كـّان فرانسوا شخصّيا بعدّ أن أوصّاه نايتّ على إتباع جميعّ خطوات ماريّ و حّراستها بحياته ، تقدّم
و خلّفه العديدّ من الرجـّال عند رؤيته لماري انحنى بكلّ لباقة و قّال
ـ سيدّتي لقدّ حان الوقتّ لأخذكّ إن كنتّ تسمحينّ ،
ـ حسنا انتظر لحظة فقطّ
ركّضت بّفستانهـّا ناحيةّ غرفتهاّ فلمّ تجدّ شيئا لتـأخذهّ ، زفّرت بغّيض نايتّ اشترى جميـّع المّلابسّ و الأشّياء كّل ما عليها فعله هو الذهاّب ،
لكنّ أفعلا لا يوجدّ شيء قّيم لدّيها ؟ ذّهبت إلى ثّلاجتهاّ و فتحتهّا فلمّ تجدّ حلويّات ويّليام اللذيذةّ لذّا عادّت مجددّا أمام فـرانسوا و قـّالت باهتمام
ـ هـذّه هي المرة الأولى التي أراكّ فيها، مـّا اسمك ؟
تنهدّت فلورا ، إنهاّ تحاوّل تـأخيّر موعدّ ذهابها فـأشارّت فلورا عليه ببرودّ قـّائلة
ـ هذّا فرانسوا قائدّ ساّبق في البحّرية و رئيسّ الحّراسّ كماّ أنهّ المساعدّ الأيمنّ لخطّيبكّ المـزعّوم ، لقدّ سّبق و سـألتّ ويّليام عنه لذّا هيا لنرحّل
و ندّع هذا الزفّاف اللّعين ينتهي بحّق السماّء ، نـّظر إليها الجميّع و هي تحمّل حقيبتها بـعّصبية و تغّادر أولاّ فابتسمتّ سيدة فرانسيسّ و تـّبعتها
بينماّ قـطّّبت مـّاري و ركّضتّ خلفهمّا قّائلة باستياء
ـ لحظـّة، ألستنّ تنسينّ شيئا ؟ ماذا عنّ مشهد البكاّء ؟ انتظرا لحظة .. أريد أن أذرف دموعا
ابتسمّ فرانسوا بخفوتّ و أشّار لرجـّالهمّ بأنّ يسيّروا أمام و خلف بجانب ماري ، أغّلـقوا بـّاب الشـّقة و اتجهوا إلى تلكّ السّياراتّ المركونّة خـّارجاّ ،
أّربعة أحدّهاّ لعروسّ و أفّرادّ عائلتها بينمّا الآخرينّ لحّراستها و لمّ يـخلوا الشـّارع من المصّورينّ المتـطّفلينّ الذّينّ يحاولونّ التـقاطّ صورا لمكانّ
عيشّ مـّاري و إلى أينّ سوفّ تعيّش الآن في أكـناّف عـاّئلة مشبعة الثـّراء
لمّ يسمّح لهمّ فرانسوا بأخذّ الصـّور و كذّلك فـّلور فقدّ وّقفتّ أمامّ ماّري مغّطية إيّاها بالكّامل و تنـظرّ إليهم بمتغاض ، بينمـّا ماّري لمّ تبدوا مّبـاليةّ أبدّا
جّلست فّي مقعدّ المّخصص لهاّ و بجانبهاّ كلا من سيدّة جورجّيا و فـلورّا ، حيّن انطّلق موكّبها

/

جّلس المدعونّ على الطنافس الحريرية و الكراسي المخملية ؛ حتـى غصتّ تلك القاعةّ الواسعةّ بـأشكّال النـّاس و سـعّى الخدمّ بـأنيّات الحلوّى
و الشّراب فتصّاعدّت رناتّ الكـؤوس المتهافتة معّ هتافّ الغبطةّ ليّأتي الموسّيقيونّ و يّسلبونّ الأنفّس بـأنغامهمّ السحّرية و يبطـّنونّ الصدّور
بـألحـّانهمّ الشجّية المنسوجـّة معّ أوتـّار النـّاي و همسـّات الكمـّان يتـرأسهمّ ويّليامّ بـأّصابعهّ التيّ تترّاقّص بكـّل عـّفوان و قدّ أصبحّت فيّ عـّالمهاّ
الخاّص صّانعا موسّيقى آسرة تخطّف الأفكـّار فّالعـقولّ منّ ذلكّ البّيانو
حيّن فتحّت البواّبة و قدّ دّخلت مـّاريّ ببسـاطّتها قدّ أشـعّلت تلكّ القـّاعة صمتـّا و دّهشة ، شّفتيها المبتسمّتين و وجّنتيها المتـّوردّتين ، فّستانهاّ
الأبّيض الحّريري المنسدّل على جسمهّا كالحـّورية تمـّاماّ و رموشّها الطـّويلةّ معّ عينيهّا اللامـعّتين بـّرغبةّ فيّ الحّياة ، يـّرافقّها العمّ رويّ
و خّلفهمّا فـّلور التيّ قدّ بدأتّ تتّقبلّ الأمرّ تدّريجيّا عندماّ علمتّ أن كلّ ما ّيهم هوّ سـّعادة أختهاّ ماري و سـّعادتها تكمّن فيّ كونهاّ بجانب نأيت
فّي نهــّاية ذّلك البلاطّ كّان يّقف نـّايتّ بجـاذّبيته المعـّتادة منتـظّرا إياهاّ ، أغلق عينيه لبرهة محاولا أخذ قسط من الـراحة عندما شّعر بجسده يفقد
توازنه سارع ويليام في إسناد صديقه العـزيز بـعد أن ترك الموسيقى و قد ظهرت عليه تعـابير القلق بينما هذه الحركة لم تستطعّ أن تخفى من خلف
عينين كايل الحادتين ، و قد كانا كلا من ويليام و كايل واقفين بجانب نايت بصفتهما اشبينه و صديقه
اقـّتربّ العمّ رويّ و سلمّ يدّ مـّاريّ إلى نـّايت بكلّ استياء منّ مصيّرها لكنهّ أجّبر نفسه على الابتسـامّ ، ثمّ عـّاد أدّراجهّ إلى حيّث تجّلس سيدّة فّرانسيّس
بدموعهاّ الحّزينة و بّولّ ، خّلفهما السيدّ بـّاولو سيدّ المـطّعم و سيّليا بالـرغمّ من أنهاّ لمّ تكنّ تملكّ دعوةّ لكنّ تمكنّ رويّ من إدخاّلها بطّريقةّ مـّا
، فيّ الجـّهة الآخرى ، يجـّلس الجدّ بيتر بجــّانبهّ صدّيقه و إبنهّ تومّاس و كـّليّر أيّضا مّع آرّثر بّرفقة صدّيقته الجديدّة عـّارضة أزّياءّ على صّلة بإليزاّبيثّ
، و سيدّة ليكّسي أيّضا فكـّان الفـّرق واضحـّا فّي الطـّبقة الاجّتمـّاعيةّ ـ
وقّفتّ فـلوّر جاّنبا إلى جّنب معّ إليـزاّبيثّ ، فّي حينّ انحنى نـّايت بخـّفة و قـّبلّ مـّاري على خدّها ، ابتـّسمتّ له فـأشّار ويّليام لرجّل بـأنّ يبدأ كـّلامهّ ،
يقـرأ نذورّ الزواجّ لمّ تّسمـّع مـّاريّ منّه شيـّئا إلى حينّ لفظّ رجّل فأجّفلت و نـظّرت إليهّ بـتوترّ
ـ قبّل أنّ يتمّ هـذّا الـزواجّ إن كـّان هنـاكّ معّترضّ فليّقل أو ليّصمت إلى الأبدّ
نـّظر الكّل إلى أنفسهمّ لكنّ لم يتجـرأ أحدّ بّقول كلمهّ ، ليّس كـّايلّ و لّيس إليزاّبيثّ ، لا فّلورا و لا حـّتى آرثر أو كلّير ، لا رويّ فلمّ يكنّ أحدّ منهمّ موافقّا
لكنّ معظمهمّ صـّامتّ لأجلّ ماّري و الآخـّر لأن ليّس بيده فّعل شيء ، حيّن وقفت سيدّة سيليا فجـأة بقوة مصدّرة ضجيجاّ في القـاعة ،
استدارت ماري ناحيتهاّ كذلكّ نايت و قدّ رمقهاّ بنظرة بـّاردة خـطيّرة ، كـّانت تـّرتديّ فستاناّ أسودّا يّزيد من جمـّال بّشرتهاّ البيضّاء و رفّعت شعرّها
البنيّ للأعلىّ بّكل أناقّة ، همستّ بّصوت قـّوي شديدّ الـّوضوحّ
ـ أنـّا أعتّرض على هـذاّ الـزواجّ بـأكمله
فتحتّ فلور عينيهاّ على وسعهماّ بصدّمة و قد استطـّاعتّ آخرا آن تـّميز صّاحبة هـذا الحّضور القـّوي و تـّلك النبـّرة الصـّارمة بينماّ سـّارع رويّ
بالّوقوف راكضّا ناحيّتها محـّاولا منعّها ، تحدثت فـلور بـدهشة
ـ مـاري ، أترينّ ما أراه الآن ؟ أهي فعلا من أظنها تكون ؟
فيّ حين قـّطبت ماري حاّجبيها باستنكـارّ ، بينماّ وقفّ الجـد آمرا جميـع الحـّرس بمنعّ أي صحافي من الدخول و التـواجد بهذه القـاعة ، ابتسمت إليزابيث
بـخبثّ و مـكر أخيرا سيتقدم آحدهم لمنـع هـذه المسرحية السخيفة ، قـالت سيليا بصوت عالي غـاضب
ـ أنا يـا ماري روبرت أمنعك من الإرتبـاط بـهذا الـرجل من عـائلة لبير و لن أسمح لك بإتمام هذا الـزواج بأي ثمن
بدأ الحـضور بتـساؤل عن هوية تلك المـرأة المـجهولة و أثير الضجيج فيّ كل مكان لذا تـقدم نايت بكل برود نـازلا من المنصـة متجها نحـوها
كذلك فـعلت فـلور و برفقتها ويليام ، إتجه الثـلاثة ناحيتها و عند وصولهماّ إنحنى ويليام بكل لباقة و قـال بصوت شديد التهذيب
ـ سيدتي أرجوا منك القـدوم معنا إلى غـرفة لنتحدث بـشكل خاص أكثر ،
نـظرت إليه سيليا بإحتقار ثم رمقت نايت بكل غضب و استدارت بـرفقتهم ، تبعهم الجـد و من خلفه عـائلة لبير بـأكملها كـذلك سيد روي
فـلم يبقى سوى ماري الممسكة بـباقة الـورد ناظرة إلى الحـضور ،
كيف لأمها أن تتجـرأ بقول هـذا أمام المـلأ ؟ ألا تـدرك أن بإمكان هفوة واحدة فقط أن تـجعل نايت
مكانته في الـشركة ؟ و الأهم لما الجميع يتدخل في شؤونها الخاصة ؟ إنها هي من سوف تتزوج و
ليس أحدا أخر .. إنها هي من ستتـألم و ليس أحد آخر لذا رجـاء أن لا يتدخلوا بعد الآن ، لكن هاهي
تقف الآن لوحدها في حين الجميع يناقشون زفافها من عدمه بينما هي الـعروسة تلزم الصـمت ،
رفعـت فستانها الأبيضّ الناعم و أناملهاّ ترتجفّ من شدة التـوتر ، ثم ركضـت عبر تلك القـاعة إلى
الخـارج ، حين شاهد آرثر ما مدى تأثير الصـدمة على الحـضور وقف بثقة و إتجه ناحية المنصة
ليمسك بالمايكروفون و يقـول بنبرة لطيفة مـرحة ،
ـ أيها السـادة و السيدات أرجوا أن لا تـعيروا ما حـدث إهتماما ، سوف نـكمل الزفاف بـعد قليل و
إلى ذلك الحـين إستمتعوا بالحـفلة ، شـغلوا الموسيقى

/

في إحدى الغـرف المتـواجدة بكثرة في ذلك القـصّر ، كـان الجميـع يقّف في موقف متـوتر و حازم قد فـرق ما بين المعـارض و المـؤيد لهـذا الـزفاف
بينمـا كان نايت يجـلس بـكل بـرود على أريكة مستندا ظهره عليها يضع قدما على الأخرى نـاظرا نحوهم بـعينينّ زرقاوتين داكنتين حـادتين
__________________
  #30  
قديم 12-28-2015, 11:25 AM
oud
 
جـد بيتر يتـرأس المكتب و يـرمق سيدة سيليا بـنـظرات مبـاشرة خلفها كـان سيد روي و الذي بالـرغم من أنه يرفض فكرة إعتراض قرار ماري
و لكنه وجد نفسه يقف جانبا إلى جنب مع صديقته القـديمة ، كـذلك كايل قد أظهر اعتراضه التام بينما فـضلت إليزابيث إتخـاذ موقفا حيادياّ
ويـليام يستند على الجـدار و يـوجه نظره في كل فترة إلى شخص ماّ بينما بدى عليه الانزعاج الـواضح قد ضـاق ذرعا بتدخلاتهم اللامتناهية ، بجـانبه تقف
فلور التي فـضلت هي الأخرى أن لا تتحدث ، سوى ترى إلى أين قد تصل نقـاشات كبـار العـائلة بـعدها سوف تهمس برأيها الآن لا يهمـهاّ الـزفاف من عـدمه
، كل ما تـريده هو سـعادة ماري و لأن ماري تـحب نايت فهي فـعلا لا تبالي بآراء الآخرين لكنها مغتاظة فقط لأن آختها الصغرى ستـأخذ شخصا بـارداّ
كـزوج لها ، بـعد مرور فـترة من الصـمتّ الـموحشّ ، تـحدثت سيدة سيليا بصـوت هـادئ بـاردّ قـليلا لكن به صفـة اللبـاقة ، إذ أنها لم تّنس أنها الآن وجها
لـوجه أمامّ سيد بيتر لبير
ـ سيد بيتـر أنا أعتـذر على تصرفي المتـهور سابقا إذ أنه كان خاليا من تهذيب لكن أنا لست نادمة أبدا على ما تفـوهت به ، إذ أنيّ لا أرغب بـأن يقام هـذا
الـزفاف على الإطـلاق
نـظرت إليها فـلور بصدمة ، لقد تـغيرت كثـيرا لقد أصبحـت أكثر جـرأة و أكثر قـوة كـأنها ليست والدتها في حين ردّ عليها بيتر بـبرود
ـ سيدتي العـزيزة ، أنـا أهتم فقط بـما يـريده حفـيدي.. لا أهتم كم من معـارض أو كم من مـؤيد له كل ما يهم هو رغبته و بـالرغم من أنني لست أنا بنفسي
موافقا لكن و لأجله التزمت الصمت
قطبت حاجبيها بـغيض و تحـدثت بـنبرة غـاضبة
ـ أنـا لن أقف مكتوفة اليدين بينما حفيدك يـأخذ ابنتي لن أجـعل المـاضي يعـيد نفسه سيد بيتر ، إن كانت ذاكرتكّ لا تـسعفك فـدعني أنعشها ، أنا سيليا زوجـة
جوناثان روبرت ذلك الـرجل الذي تـعرفه جيدا
صمت الجـد بيتر بدهشة ، بـعد أن ذكرت هـذا .. سيليا تلك المـرأة التي كـانت تأتي له باكية ألآلاف المـرات قد كبرت لتصبح بـهذا الكبـرياء الشديد ؟ إنه لا
يصدق ذلك ، قـال بصدمة
ـ أنت سيليا ؟ مستحيل ، كيف سمح زوجك لابنتك بـزواج من نايت إذن ؟
ردت ببرود و غيض
ـ لم يسمح بذلك قط ، ماري تتصرف من تـلقاء شأنها و لم تـعطي إهتماما لرأينا فلو فـعلت فـلما وجـدتها قد وطـئت قصرك أبدا لكنها عـنيدة ، أيضا جوناثان
لم يعد زوجي منذ زمن لذا أرجوا منك أن توقف هذه المهزلة من فضلك
تنحنح الجـد قـليلا و قد إرتبك ، إنه يـدين لها بالكـثير فـقد كان هو و إبنته سكارليت سببّا في تعـاستها لكن أن يمنع زواج نايت فهـذا مستحيل لذلك رد بـلهجة
مترددة نوعا ما
ـ أنا بالفعل أسف لما سببته سكارليت من طيش لكن أنا لست مخولا بـإيقاف هذه الـزيجة ،
وقفت سيليا بـعصبية و ضـربت الـمكتب بيديها بكل قـوة إمتلكتها و صـاحت بـنبرة غـاضّبة ، بينما قد إحـمر وجهها منّ ثوران أعصّابها
ـ كيف تقول ذلك ؟ لقد أخذت سكارليت سابقا مني زوجي و الآن تـريد مني أن أسلم ابنتي لابنها هل جننت أم فقدت عـقلك ؟
همس ويليام بـصوت سـاخر متـهكم نـّاحية فـلور الصـامتة
ـ أظنّ أن جننت أو فقدت عقلكّ لهما نفسّ المـعنى ،
تـنهدت فـلور بـأسى فـشحب وجه ويليام و قد تـذكر أنّ تلك المـرأة تـكون والدتهاّ ، إنها لم تحببهّ سابقا و الآن بعد الـسخرية من والدتها سـوفّ يزدادّ
عـمق كراهيتهاّ له ، تـّبا كم هو أبله هـذا مـا حـدث نفسه قـائلا ، قـال كـايل بـبرود
ـ مهـلا لحـظة ، لقد جـعلتمونا فيّ حـالة من الذهول .. فل يّخبرني أحدكم ما عـلاقة عمتي سكارليت بوالد ماري ؟ أعني ما الأمر بـحق الله ؟
تـقدمت منه فـلور بهدوء و وضعت يدها على كتـفه لتبعده عن مـرمى رؤيتها لـوالدتها و تحدثت بـلا مبالاة
ـ والدي كان معـجبا بـآنسة سكارليت و رغب بالـزواج منها لكنها لم تـقبل قط ، أعني أنه لم يكن من نوعها المـفضل لذلك سيدة سيليا كانت تشعر
بالغيرة و ما إلى ذلك من إحباط مما أدى إلى طلاقهما ،
اقـترب ويليام ببـطء من نايت الجـالس على الأريكة و انحنى قـليلا ليهمس بـكل مـرح فيّ أذن نايت كاتماّ ضحكاته
ـ كلا من الوالد و الابنة رفضا ، أعتقد أنك و لوالدتك نفس الـذوق هاهاها
كشـر نايت بحدة معـربا عن انزعاجه فالتزم ويليام الصـمت و هو يـعود تدريجيا بكل بـطء إلى حيث كان واقفا منذ فـترة و قد نـدم على حس فكاهته الغير
مناسب ، نـظرت سيليا إلى فـلور بدهشة ثم قـالت بـعدم استيعاب
ـ فلور ، أنت ؟ لما لم تمنعي أختك من ارتكاب هـذه الحماقة ؟
تجـاهلتها تماما و هي تـعود مجددا لتـقف بجانب كلا من نايت و ويليام ، قد كان واضحاّ من نـظراتهاّ أنها ليست بجـانبهاّ أبدا و لن تـكون فتنهدت سيليا
بـغيض ، عندما قـال كايل ببرود
ـ أرى أن هـذا ليس سببا يجعلك تمعنيها، أعني إن قلت أن مستواكم مادي كان أو ثقافياّ فقدّ أوافقك لكن هـذه هي الحماقة بعينيها و أعذريني لقول هـذا
صمتت سيليا للحـظات ثـم تـحدثت بـنبرة حـزينة متـألمة
ـ أنت لا تـعلم أبدا ما الذي قد حـدث فـلا تـقل عن معاناة الغير حماقة ، بالـرغم من أنني أحببت جوناثان حتى الـنخاع و بالـرغم من أنني زرعت حبه في
قلبي كما لو كـأنني ولدت به إلا أنه لم يلتفت قط نـحوي ، كانت سكارليت دوما و أبدا مركز اهتمامه فإن تـألمت أو حزنت أو حتى مرضت فـهو لن يهتم
بي على الإطلاق .. أنت لا تـعلم كم كانت حياتي مليئة بالذل بسببها ، لقد فعلت المستحيل فقط لتبتعد سكارليت من أمام مرأى جوناثان فحدثت سيد بيتر
و ترجيته لكن للأسف بـاءت كل محاولاتي بالفـشل ، في النهاية استسلمت و انفصلنا مسلمة إياه ابنتاي
تنهد الجـد و نظر إلى سيليا بـحزن ، إنه يعلم تماما مدى ألمها فكم من مرة قـدمت في منتصف الليل طالبة منه تـحرير زوجها من تعويذة حبه لابنته ،
كم من مـرة كـانت تـأتي و تحدث سكارليت طالبة منها أن تـمنحه و لو القليل من حبها .. في النهاية و بعد مرور سبعة سنوات فقدت الاتصال بهذه العائلة
للأبد ، و هاهي الآن تعود لتـظهر مجددا ، قـال روي بـلطف
ـ سيليا ، أعتقد أن ماري واثقة مما تريده فـهلا وثقت أنت بها أيضا ؟ الأمر مختلف هـذه المرة فـنايت يحب ماري أليس كذلك ؟
التفت الجميع نايت ، شعره الـداكن الحـريري المنسدل على جبهته و بشرته الـشاحبة تماما كوالدته ، عينيه الـحادتين و نـظرته الخـطيرة كلها يذكرها
بماضيها الأليم ، بقتالها المستمر في حب من طرف واحد ، فجـأة وقف هو بـبرود و كسل ثم قـال بـبحة
ـ لست مجبرا على تبرير مشاعري لكمّ ، كل ما يهم بالنسبة لي أن ماري موافقة و لست أبالي برأي الغـير لذا إن انتهيتم من جلسة إفصاح المشاعر
هـذه دعونا نعد إلى حفلة
صمت كلا من روي و سيليا بـصدمة من رده المفعمّ بـشتى أنواع الـجمود بينما شعر الجد بالإحراج من رده في حين ابتسم ويليام ببلاهة فمهما كان
الموقف شديدا و عصيبا نايت لن يعترف بمشاعره ، خرج من الغـرفة فصـاحت سيليا بـغضب عـارم
ـ ما الذي قـاله ؟ رأيي لا يهم ؟ ماذا ؟ ماذا ؟ أنـا بكل تـأكيد لن أقبل به كـإبن في القانون هـذا الـرجل بليد الأخلاق و الأحاسيس ، سوف لن أقبل به أبدا
أتفهمون ؟
ضحكت فـلور فجـأة فـشاركها ويليام الـضحك و هما يـخرجان خلفه ، أليس واضحا ؟ كل ما يريده أن تـكون ماري بجانبه فقط ، بينما تـنهد كايل بـأسى
و خرج الجميع في النهاية ، راضيين أم رافضين الـزفاف سيتم
في نهايةّ الـرواقّ كانت هي تـجلس بكل ألم مسندةّ رأسها على ركبتيهاّ و فستـّانها قدّ تناثر في الأرضّ من حولها كسحبّ بيّضاء شديدة البهـّاء ، فاقتـرب
بهدوء و خـطواته تضاهي الرياح في خفتهاّ ثم انحنى مقرفصاّ و وضـع ذراعه حـولّ كتفيهاّ المـرتجفتين، أمال رأسه قـليلا ناحيتها و نـظر إلى عينيها
الـواسعتين الممتـلئتين بالـدموع، زينت شفتيه ابتسـامة خـافتة لا تـكاد تـظهر و هو يتحدث ببحة
ـ أنت لن تتخلصي مني بهذه السهولة
التفت نـّاحيته، كـان وجههاّ ممتـلئاّ بالـدموع و عينيهاّ تنـطّقان بـمدىّ الحـزن الذيّ تـّشعر بهّ وجنتيهاّ الوردّيتينّ و أنفهّا المـحمرّ بـّشدة، ابتسمت بـلطف
فـوضع يده على وجهها قـائلا بإنزعاج
ـ لقد قلت لك سابقا ألا تـضعي هـذه التعبير السخّيف مجددا على ملامحكّ
فجـأة قفز ويليام من الخـلف واضعاّ على كتّف كل منـهماّ ذراعيهّ ، ابتسمّ بـسـعادّة عـّارمة و قـال بـنبرة خّبيثة
ـ ما الذي تّحاولان فـعله ؟ ألا تستطيعـّان الصّبر بـّعد مّراسمّ الـزفافّ ؟
بّقبضتهّا الـصغيّرة و القـّوية قـّامت بّضربه على رأسهّ حّينما ثـّارت أعصّابها من مـزاحه الغـيرّ ملائمّ فيّ كل المـواقفّ ، عندماّ استدار لّيلمح من هـذا
الذي تجـرأ على تسديد ضّربة له سّارعت فـلور بإمساكه من ربطـّة عنقه و هي تّصيح بعصبية ملوحـّة بّقبضتها أمامه
ـ أيهاّ المنـحرفّ، أختيّ لن تّفعل مثل هـذه الأشياءّ الطـاّئشة و ألم أخبركّ سّابقّا أن لا تّقترب منّها ؟ أنت و أفكـّارك الغيّر أخّلاقية
ابتسم ويليام بإرتباك ثم احتضنها بّخفة و وضـّع يدّيه حـّول خصّرها لّيرفعّها فيّ الجـّو مـديّرا إياهّا فيّ جميـّع الإتجـّاهات ، قـّائلاّ بمـّرح
ـ أعـّلم أنكّ قدّ شعرت بالـغّيرة لأننيّ لم أحتضنكّ معهماّ ، لذاّ سـأمنحكّ حضّنا خـّاصاّ ها ها ها
كاّنا كلا من نايت و ماريّ يقفان بجّانب بعضهمّا يراّقبان فـّلور و ويليامّ باستغراب فمنذ متى تّحسنت علاقتهما إلى هـذا المستوى ، فجأة لكـّزته ماريّ
من ذّراعه فنظر إليها بّنصفّ عينيه ، وجـدّها تمدّ يدّيها نـّاحيته بـكلّ حماّس فـسـارع بالـمغّادرة و هو يقول بـبرود
ـ مستحيـّل ، دّعوناّ نـذهب للقـّاعة فّالضّيوف بإنتـظارناّ
عنـدماّ لم يّسمع أصّواتهمّ ، استـداّر بـمّلل ليجـدّ ويلّيام ممسكـّا بـماريّ و يدّور بهاّ فيّ الأرجـّاء بينماّ هي تـّضحكّ بسـّعادة و فّلور تّصرخ بـأنّ ينزلّ
أختها فوراّ و هي غـّير قّادرة على استعادّة تـّوازنهاّ ، ابتسم بـخفوت
بالـرغم من أنهاّ مجردّ تمّثيليةّ لكنهاّ تـّبدوا حـّقيقية جـداّ ، و أنّ يكون هوّ محـّاطا بّهـذا الكمّ من الأشخّاص الذّين يّساندونه ، ضحك قليلا ببحـة عندما
اختل تـوازن ويليام و سقط الثلاثة على الأرض ،
يكفيّ وجـود هـؤلاء الثـلاثة فقط بجـانبه ،

/

ـ مـّاري روبـّرت هلّ تـّقبلينّ بنايتّ لبيرّ زوجّا لك في الصحة و الـمرّض فّي السـّعادة و الحـزنّ
إذّا سـألها أحدّ هـذّا الـسؤالّ قّبل شهرينّ سّوف تـّقول بكلّ إحـّراج، أناّ لن أتزوجّ أبدّا لكنّ الآن و قدّ سـّلبها قّلبها فـتدّريجّيا كّيانها بـأكملهّ، ابتسـمتّ
بمحّبة و قدّ لمـّعت عينيهّا
ـ أجـّل
استدار نـّاحية نـّأيت و أعـّادّ نفّس السـّؤالّ ، لمّ يستـّغرق نـّايت دّقيقة للإجـّابة بّل قـّاطعّ الرجـّل مخـّبرا إيـّاه بالإيجاب ، ليـّقتربّ ويّليام و بـحـّوزتهّ
الخـّاتمينّ ، وضـّعه نايتّ فيّ يدّ مـّاريّّ ببـرودّ ثمّ انتـظرهاّ هيّ كـّانت تحـّاول إدّخال الخـّاتمّ في إصبـّعه لكنّ ارتجافها منعها من ذّلك ، مـجردّ لمسّه يّجعل
قّلبها يّضطّرب و أنفّاسها تّحبّس فـكّيف لها أنّ تّكون بـهذا القـّرب منه ؟ حـتى سـّاعدها ويّليام ثـمّ عـّاد إلى مـكـّانه و على شـّفتيه ابتسامة سـعيدّة ،
ـ الآن أعّلنكماّ زوجاّ و زوجـّة ، يمكنكّ تـّقبيل الـعّروس
أفّلت نايتّ يدّه و كـّاد أنّ يـمتنـّع عنّ هـذّا الفـّعل بـّعد تلكّ المحـّاضرة الطـّويلة حولّ الأدبّ و الحّب لولا اقتراب مـّاري منهّ فجـأة ، وقفّت على أصـّابع
قدّميها و قّبلتهّ بكلّ بسـاطّة و خـّفة فيّ حينّ شحبّ وجهه منّ الصـدّمة بينمـّا تهافتت التهـّانيّ بكّل ضجةّ فّي القـّاعة و ارتفعت الكـؤوس حيّن شهقـّت فـّلور
غـّير مصدّقة أن هـذه فعلا أختهاّ ، و تـّعلى ضحكّ ويّليامّ بينمـّا ابتسمّ كـّايل لأولّ مـّرة بدون أيّ خبّث أو مـكّر لكنّ بضحكـّة على هـذّه الـعّروسّ الجـريئة
و نـّايت الشـّاحبّ ، أخرجّت مـّاري لسانهاّ بكلّ شـّقاوة حينّ كشـّر نايتّ عن مـّلامحـه و قدّ أحرجته ، بينمـّا نـّزل ويليام إليهماّ مهنـّئا من أعمـّاق قّلبه
و بكلّ صدّق أيضّا ، أتتّ فلور من الخـّلف و ضـّربت ماّري على رأسها قّائلة بـسخرية
ـ ما كانّ ذلكّ توا ؟
تـّقدم الجدّ بيتر و خّلفه صدّيقه المقّرب و أبنه توماّس مهنئـّا و كـذلّك كـّايل و إليـزاّبيثّ بينمـّا لا يـزاّل نـّايت شـاحبّا ، ضـّربه ويّليام على ظهره بـّقوة
فـأجّفل كـأنهّ قدّ عـادّ للحيـّاة ، رمقّ ماري بـبرودّ فإبتسمت هي بكلّ سذاجة ، فقـّال بحدّة
ـ ما كـّان ذاكّ تـّوا ؟ ألستّ أنـّت من كـّان يّثرثر قّبلا عنّ معـّاني
عندمّا لمحّ ابتسامتهّا زفرّ بـبرودّ فـلا فـائدة منهاّ ثمّ تـحدثّ قّليلا مـع جدّه و عمـّه ، يـّالها من إمرأة سخّيفة بينمـّا أسرعت مـّاريّ لكّل من سيدّة فـّرانسيسّ
و بولّ متحمـّسة تـّريهمّ الخاتمّ و قدّ تزوجـّت في النهاية عـكسّ توقّعاتهمّا و ّ آرثـّر يبوحّ بإعجـّابه لفتاة أوّلهاّ جمـّالا تيها و دّلالا ، و ذّلك شّاب صدّيق كّايل الـلعّوب
يّستعدّ لمحادثة حسناء مستحضرا إلى حافظته أعذب الألفاظ و أرقّ المـعانّي ، الـعمّ رويّ يطّلب من الموسيقيين إعـادّة مـّقطـّع قدّ ذّكره بـّشابّه و رفيّق دّربه بينمـّا
كلّير تـّنظر بأطّراف أجفانها إلى ويّليام المنسجّم فّي حدّيثه مـّع فـّلور و إليزابّيث قدّ سّلبّ لبّ عقلّها
حيّن تـّقدمّ نايتّ من مـّاريّ مـدّ ذّراعه نـّاحيتها بكلّ لّباّقة ، فاحمرت وجنتيها و الجميـّع ينتـظّر أنّ يـزفّ العّـروسينّ إلى قـّاعة الـرّقص فـأمسكّتها بإحكـّام ليسحبّها ،
وضـّع يدّه على خصّرها و يدّها هي على كـّتفه ، ابتسمـّت بهدوءّ بالـّرغم من أنّ هـذّه مجردّ تمّثيلية و هـذّه التمنيات بالسـّعادة الأبدّية مزيّفة كـذّلك تـلكّ النـّظراتّ
الفـّرحة الموجـّهة لهمـاّ لكنهـّا سـّعيدّة ، فضحكـّت بـّسذاجة على نفّسها لينحنيّ نايتّ ناحيتهاّ ، قـّال ببرودّ
ـ أشّربت شيئاّ ماّ قبّل القدومّ إلى هنـا ؟
رمشـّت قّليلاّ و لمّ تـفهمّ المـّعنى الخفّي من كّلامهّ فـظنتهّ يحـّاول أنّ يفتحّ مجـّالا للحدّيث معهـّا لكّي تجيبـّه بابتسامة وسيـّعة و بلهاّء
ـ لاّ ، لمـّا ؟
أجـّابها بّسخريتهّ الدائمـّة و اللاذّعـّة
ـ لقدّ رأيتّ أنكّ تتصّرفينّ بـجنونّ أكثّر من المعتـّاد ،
قطـّبت حاجّبيها باستياء ثمّ ضـغطّت على قدّمه فتـأوهّ بـألمّ و نـظّر إليها شرارا، فضحكتّ عليهّ بلّ و حـّتى أنهاّ احتّضنته بـخفّة ، رمقهّا نايتّ بعدمّ استيعابّ
أهيّ فعلا مـّاري ؟ فحـّاول إبعادها عنهّ و هو يـّرى بطّرف عينهّ الصحّافة تلتقطّ بضعة صورّ لهماّ ، قـّال من بينّ أسنانه
ـ ماري ابتعدي عني فورّا ، ما الذي أصّابك ؟
و قدّ انتقل إلى مسامـّعه أصواّت رجاّل الأعمـّال يتهامسونّ بكلّ ضجةّ حوله ، عندّ انتهاء الأغنيةّ كادّ أنّ يسـّارع بالمغـادّرة لولا أنّ ماري أمسكتّه من ذّراعه
و تـّبعته فيّ الجهة الآخرى ، كانّ ويّليام و فلورّ ، سيدّة فرانسيس و زوجهـّا يجلسونّ حول طـّاولة يحمـّل بـّعضهم الـعّصير و الآخرّ قطـّع حلوى شهية المذاّق
قدّ قطـّع أحادّيثهم الجانبيةّ صوتّ ضحكاّت ويّليام المتـعّالية فرمقته فلور بغّيض قامتّ لكزه حينهاّ قّال بألفاظ متقطعة من شدّة ضحكه
ـ انظروا إلى نايتّ ، ألا يبدوا متورطّا ؟ أقسمّ أنه الآن يقول في نفسه لقد ارتكبّت أكبّر غلطة في حيـّاتي يـا ليتني كنت أنا من أعترض على هذا الزفاف
وافقه سيد بول فوراّ بينما عـاّدت فلور تلكزهّ و هي تخبره أنّ لا يقول أشياء سيئة عن أختهاّ ، حينّ اقتربت منهّم كليّر ، ألقت تحيةّ بكلّ رقّة على ويّليام الذيّ
بادرها بابتسامة لطيّفة ثمّ عـرفت عن نفسها قائلة
ـ أدعى كلير غلوري ، لقدّ أريت أنهّ من اللباقة أنّ ألقي التحية عليكم أرجواّ أن لا أكون قد أزعجتكمّ
زمـّت فلور شّفتيها و هي تلاحظّ نظرات الإعجاب فيّ عينيها ، و ويّليام الساذّج يّبتسمّ بكلّ براءة فـقّالت بإنزعـّاج
ـ بلى، لقدّ أزعجتنا لما لا تـذهبي إلى أينّ اختفى أخيك
رمقتها سيدة فرانسيس بلومّ من عدمّ تهذيبها بينمّا ابتسمّ بولّ يخبثّ و هو يلاحظّ شعبية ويّليامّ الكبّيرة ، من الجميّل أن تحضي بفتيات يتقاتلنّ لأجلّك ، رفّعت
كليّر حاجبها كـأنها تقول و ما شـأنكّ لتقفّ فلور و تمسكّ ذراّع ويّليام بتملكّ ، فوقّف هو الآخر بـبراءةّ لتّقول فلورّ بـحدةّ
ـ ويّليامّ خطّ أحمرّ لا تـّقتربي منهّ أيتهاّ الحقّيرة
أمسكتّ كليّر بفستانهاّ الأرجوانيّ الفخمّ بكلّ عّصبية ثمّ قّالت بـتكبّر
ـ و من أنتّ لتتحدّثي ؟
قطّبتّ فلور بـغّضب ، فقطّ من فكرة إستيلاءّ كليّر على ويّليام فّصحيح أنهاّ لا تـطّيقه و تكرّهه فيّ أغلبّ الأوقـّات لكنهّ شخصّ لطّيف و لنّ تسمحّ لساحرة
كـ كلّير بـأنّ تسّحبه لقّبضتها فمرّت من أمامها و دّفعتها عمدّا محدثّة ويليامّ
ـ دّعنا نتـأكدّ من قّائمة الحضّور
فـّوق فيّ جنـاحّ الخاّص بهمّا ، كـّانت إليزاّبيث قدّ رمتّ ذلكّ الكـأسّ بكلّ عّصبية على الجـدّار فـكيّف لخـطّتها المثّالية أن تفشلّ بمنتهى السـهولة ؟ ألمّ يكنّ ميتـّا ؟
إذن مـاذاّ عن ذّلك التسجّيل الذّي أرسله الـرجّل ؟ و هـّل عـادّ من المـّوت للانتقـام أم ماذا ؟ حسنـّا لا يهمّ سوفّ تجدّ خـطّة آخرى محكمـّة لأخـذّ نقودّه و منصّبه
من أمامّ عينيهّ ،
المـهمّ الآن هو أنّ لا يـّعلم أنهاّ هي خـّلف كلّ شيء ، يجّب أن تـّبقي جميـّع أسّرارهاّ فّي بئر عـميّق و لنّ يجدّها أحدّ ، لكنّ كيّف نجا من ذلك الاصطـّدام الدموي ؟
شتمتّ بـّعصبيةّ ثمّ تخللتّ أصّابعها شعرها الأسودّ المموجّ الـطّويلّ بكلّ قّهر
لمّ يـّعدّ فيّ يدهاّ فعل شيّء في هـذّه الفترةّ لكنّ لا تظهرّ أوراقها للعـّيانّ، لقدّ حانّ دورّ كـّايلّ فيّ التقـدّم و رفـّع سّيفه عـّاليّا ، إنهـّا حـّرب السـّلطة و النفوذّ يجبّ
عليها أنّ لا تستبـّعدّ مهماّ حـدّث ، كـّرقعة الشطّرنجّ ، هيّ المـّلكة و هو المـلكّ بينماّ نـّايت الملكّ و مـّاريّ بجانبهّ ، هيّ تـّفعل المستحّيل للحصوّل على الـّرقعة لهماّ
و هو يـّحاّربها بالمـّثل ، تنهدّت بّغبطة ،
فيّ تلكّ القـّاعة الكبّيرة التيّ عجّت بّضيوفّ من مـّختلف أنحاء البّلدانّ ، كانّ يّقفانّ بجاّنب بعضهماّ و هي تتأبطّ ذّراعهّ مظهرة ابتسـّامة بسيطّة على شّفتيهاّ
الوردّيتينّ حينّ لمحتّ بّقعة دماّء صّغيرة قدّ ظهرت على قّميصّ نايتّ الأبيّض ، شهقتّ بخفوتّ فإلتفت إليهّا الحّاضّرون الواّقفون مـعهم بينماّ قطّب نايتّ حاجبيه
و قدّ ضـّاع ذّرعا بّتصّرفاتها الصّبيانيةّ ، قـّالت بارتباك
ـ عـذّرا ،
كيّف تستطيّع أن تسحبهّ منّ وسطّ هذه المجموعّة دون أّن يلاحظّ أحد ؟ كيّف و هو العـّريس و هذه ليّلة زفّافه ؟ زفّرت بـّغيض و قدّ سئمت فـّعلا من هـذه
الأجواء، أنّ تـّرغم نفسها على التصّرف بمودّة و أنّ تنسى كلمـّات نـايت اللاذّعة و التيّ لا زاّلت تدورّ في رأسهاّ ، إنّ كلاماتّه شّبيهة بالسّمّ ينسل بّدقة إلى
القّلب فّيضعفه و قدّ يميت إنّ أكثّرت الجـّرعة و هيّ خاّئفة من أنّ ترتكّب أن شيء فيؤنبها عّليه و خـّائفة من أن تتصّرف على طّبيعتهاّ فـيجّعلها تذّوق الوّيلات ،
كلّ هـذا لأنهاّ أرادّت مـعرفة و التـّعرف على الشخصّ الذّي تحبّه فـهل هذه جّريمة ؟
نـظرّت إلى فلورا و ويليامّ يّسيران منّ بعيدّ و واضحّ من شكّلهما أنهماّ يتشاجّران فابتسمتّ بـخفة ، لمّ تسنحّ لها الفـّرصة للحدّيث معهما فـكادّت أن ترحّل
لولا أنهاّ تذّكرته ، أمسكتهّ من ذّراعه و هي تـّرجوا أن لا يّخيب ظنها و يّرفض
ـ عـزيزيّ دعنـاّ نـّلقي التحيةّ على أصدّقائنا هناكّ
نـظّر إليها بـبرودّ ثمّ انحنى بخفة و غـّادر بّرفقتهّا ، لا تـّدري لماّ لكنّ تشعر بأنهّ هدوء ماّ قّبل العـّاصفة و بعدّ ابتعادهما مسّافة كاّفية قـّالت بتقطيبه تعلوا وجهها
ـ لقدّ بدأت تتّسرب الدماّء من قميصكّ لابد أنكّ أجهدتّ نفّسك و وجهك بدأ يميل لشحوبّ أيضّا ، فهـّل أنتّ بخير ؟
لمّ يّقل شيئـّا بل نـظرّ إلى بدلته التي تظهر عليهاّ بقّعة قدّ بدأتّ تكبّر فأومـأ على أنـّه بخيرّ ، لكنّ لم يكّن فعلا واعّيا لماّ حوله ، رمقـّته بـقّلق لمّ تستطّع أن تـّخفيهّ
حين ـظهر كـّايل فجأة أمامهماّ بـعدّ أن كانّ يّراقبه من بعدّ قـّالت ماري بسرور
ـ كاّيل تماماّ الشخصّ الذّي أريـدّه ، إنّ كنتّ لا تمـّانعّ هلا تـّفضلت و أنهيتّ الحفّلة عناّ ؟ نايتّ مصابّ بالحمى و لا يستطيّع إنهاء السهرة
بقّي واّقفا بتهجمّ ينـظّر لهماّ ، فلمحّ بـقعة الدماءّ تـلكّ إذنّ لقدّ اصطدّم بـهمّ فـّعلا ذلكّ الرجلّ و ظنّ أنه أودى بحياتهمّ لكنهمّا نجيّا بـأعجوبة هـذاّ ما يستطيّع
تحّليله منّ تصّرفات نايتّ الليلة فهوّ لا يبدوا فعلاّ بوعيهّ فـقّال بهدوء
ـ حسنـّا لا بـأس فهي مملة على كلّ حـّال ،
ثمّ اتجـه إلى ويليامّ مضيّف الحفلةّ ، بينماّ أمسكتّ ماري بنايت جيدا و صـعدّت به إلى الأعلى فبـعدّ إرشادات الخدمّ وجدتّ نفسها تقفّ فيّ ذّلك الـّجناحّ ذو
الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس هذه الغرفة
وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ، السجاد التابستري
جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، أجـّل إنهّ جنـّاحه الخاّص بلّ شديدّ الخصوصّية ، أسندته و اتجها إلى الأريكة كيّ يجلّس عليها بكلّ راحّة ، وضـّع يده على
جبينه مبعداّ شعره الأسودّ ثمّ قالّ بـبرودّ
ـ كانتّ هذه أسوء حفلة أقمتها بحياتيّ أكملها ، لابدّ لأنكّ موجودّة فيها
نـظرّت إليه صامتة و لم تّقل شيئّا متعجبة منهّ، كيّف يمكنهّ أن يردّ بهذه السخريةّ و العـجرّفة كمّ هو شخصّ فّريد منّ نوعـّه عندماّ يّمرض يّهينّ
جميـّع من حولهّ كيّ يبعدهمّ عنهّ بينما و الإنسانّ الطبيعي يّسعى لإيجـادّ أولائكّ الأقلية الذّين يستدّرون بجانبه
جلّست أمـّامه غّير قـّادرة على فعلّ شيء سوى النـظّر إليهّ ، لقدّ نستّ الكثّير من كّلامه فلماذا لمّ تستطـّع أن تنسى كلمـّاته فّي تلك المرةّ ؟ عندمّا
كاناّ بالمشفى ؟ ألانها هزتهاّ في صميم ؟ ربمـّا ، زفـّرتّ بـغّيض و رفـّعت قدميها فوقّ المـّائدة الزجاجّية ، صّفقت بيديها مـّعا فجـأة ثمّ وقفّت باستقـامة ،
ابتسمـّت بكلّ بساطة لقدّ تعرضت للاغتيال و نجت بكل أعجوبة و بـّفضّل نايتّ فّارسّ أحلامها فلماذا هي تعيسة في يومّ زفافها الموعودّ ؟
لا هيّ لن تحّزن ، مـّاريّ ليّست هـكذا على الإطّلاق فـّشمرت عن سـّاعديها و رسمـت ابتسامة وسيـّعة على شـّفتيها ، مجردّ قوله ذلك الكلام فهـذا
لا يعني أنهّ يعنيهّ لذاّ وقفّت بكلّ شجـاّعة ثمّ قـّالت لنايتّ المستغرّب من تـّبدلّ ملامحها وجهها فيّ كلّ ثانية
ـ زوجيّ الـعزيزّ لا تـّظن أننيّ سـأستسلمّ بهذه البسـاطة، أنـّت ملكي
شحبّ وجههّ من الـّرعبّ و قدّ ظنّ أنهّ قدّ تملكها شبحّ مـّا ، تصّرفاتهاّ الـغّريبة دومـّا ما تـّثيرّ استغـّرابه و جمـّلها التيّ لمّ و لنّ تكونّ دوماّ في محلهـّا هيّ
مـّا تجـّعله قّلقـّا أو منـزعجّا بالأحرى منهـّا فقـّال بـّبرود
ـ اسمـعّي أيّ مشهد درامي تحاولين تـّقليده الآن فقدّ فشلت
قطبّت حاجبيها و قدّ أحبطّت عزيمتـّها لكن حقّا ما الذي كانت تتوقع منه قوله ؟ حبـكّ قدّ ملكنيّ فـّكلّْ لكّ ؟ لكنّ هـزّت رأسها نفّياّ دلالة على عدمّ اهتمامها بمـّا
يّقوله فـّعلا ثمّ قـّالت بـّفضول
ـ من أينّ نـجّلب الدواء ؟
تجـّاهلهاّ كـعادّته ثمّ اتجـّه إلى ذّلك الدرجّ الذّي بجـّانب سريرّه ذو الـغطّاء المخمّلي الأسودّ ثمّ فتـّحه ، أخـرجّ الضمـّاداتّ و دّواء الذّي وصـّفه له الطـّبيبّ
ليتنـاّوله دّفعة واحدّة فاتجهتّ إليهّ مـّاري و أخذّت الضمـادّة من بينّ يديهّ ، ابتسمت و غمزت بعينها قائلة بكل مرح
ـ افتحّ قميّصكّ
رمقّها بـّبرودّ ثمّ حـّاول أنّ يمدّ ذراعه باتجاهها و يـأخذّ أشياّءه لكنهّا ابتسمتّ بـدهاءّ و أبـّعدتها أكثّر ، خـّلف ظّهرهاّ تمـّاما فردّ بحدّة
ـ سحقـّا ماري ، عـطّني إيـّاه
هـزتّ رأسها نفّيا فتطـّايرّت خصّلات شعرها البنيّ معهـّا بكلّ عنفوان و مـّرح فزفر بعصبية و الألمّ يـّعتصره ثمّ رّفع جسمـّه بأكملهّ ليأخذّه حينّ سقطّت
مـّاري على سـّريرّ ليسقطّ هو فّوقهـّا فـوضـّع يدّه على صـّدره بكّل ألمّ بينماّ شـّهقت هيّ آخرى
نـظّرت إلى عينيهّ الداكـّنتين اللتـّان قدّ احتدّتا و قدّ لمـّعتا بـّلون السمـّاء العـّاصفة عندّ غـّضبها احمـّرت وجنتيهاّ خـّجلا و كـادّت أن تبتـّعد لولا أنهّ أمسكّ
بيدّها الملقـّاة بجانبهاّ ، ثمّ تحدّث بهمسّ خطيّر
ـ إنّ استمـّررتّ بـّأفـّعال طّائشة مثّل هـذّه فـأناّ لنّ أضمـّن لكّ سلامتك ، لذّا مهماّ كان الذّي تحـّاولينّ فـعله فـتّوقفي
نـظرت إليه بعينين واسعتينّ محدقتينّ غيّر قابلتين على فـهمّ المعنى الخّفي من كّلامه فتنهد بقلة حيلة و وضـع رأسه على كتفها فدهشت ماريّ و
استدارت ناحيته لكنّ ملامحّه لمّ تكنّ ظاهرة لهاّ ، قـالت بـقلق
ـ نايت ألا تستطيع إحتمال الألم ؟ هل يجدرّ بنا الذّهاب لطّبيب أم استدعاءه ؟ دعنيّ أرى يـا ألهي أيعقل أن جرحّ قدّ فتـ
همسّ بشيء ما مقـاطعّا إياها ، تـوقفت عنّ الحديثّ و رمشّت مرارا تكرارا قبلّ أن تحـاول الـوقوف لكنّ يدّيه المـطّبقتين على ذّراعيها قدّ منعتها من
الحـّراك ، ما الذيّ يحاول قوله ؟ همس بّصـوت مـّبحوحّ ذوّ آنين مشـآبّه لّنغمة النـآي
ـ أنا آسف
فتحت عينيها البنيتين على وسعهما غيٍّر مصدقة و نـبضات قلبها تدق بجنونّ فإحمرت وجنتيها خجـّلا و ترددّت قبل أن تمدّ يدها لكنّها تغلبت على خوفها و
وضـعت أناملها على شـعره الحريري الأسودّ لتحـركه بخفة و هي تتحدث بنبرة محبـة
ـ و لما الإعتذار ؟ أنتّ بطلي
بقيّ فترة على وضعيته تلكّ حينّ تحاملّ على ألامه و وقفّ بّبطء مستندا على السريرّ ، أمسك رأسه عندما داهمه صّداعّ قوي فتمايلّ فيّ حركته قـليلا ،
بنظراته التائهة في المكان ثمّ قال ببرود
ـ دعيناّ نغـادرّ ، لا يجبّ علينا أن نتركّ ضّيوفنا لمدّة أطـّول
رمقته بإستغراب و هو يـتجه نحو المخرجّ غير آبه لما حـدّث تواّ أمّ كانّ ما حدثّ تواّ من محضّ خيّالها فقط ؟ لكنّ لقدّ سمعته يّهمس و بنبرة مضجعة
بالندمّ اعتذاره ؟ أيعقل أنها قدّ اخترعت ذلكّ لآنها ترغب و بشدة بسماع هذه الكلمة منه ؟ إذا .. ؟ شهقت برعب و هي تقف مسرعة لتركض خلفه

/

كـّانت فّلور جـّالسة تمسكّ كـأس بينّ يديها و تنـظر من حولها بّضجر تام قدّ افتقدت وجود أختها الصغرى بجانبهاّ حينّ لمحتّ من بينّ الجموعّ عمهاّ رويّ
و بـرفقته سيليا ، ألا تزال موجودة فيّ الحفلة ؟ الآن فقط قد لاحـظت أن روي كان معها في كل خـطوة قد خـطتها ، أيعقل أنها كـان على اتصال معها طوال
تلك السنين الماضية ؟ يجدر بها الحصول على تفسير لما يحدث هنا ، وقفّت كماّ لو كـأنّ نحلة قدّ لكزتها ثمّ أخذتّ تسير بخطواتّ سريعة جدا باتجاههما ما
الذّي تـّفعله أمها برفقة روي ؟ و لما لم تظهر طوال تلك السنين ؟
وقفّ فجـأة آرثر في طـّريقها فـتّوقفت هيّ عندما كـّادت أن تصطدم بهّ ، نـظّرت إليه شررا لكنهّ رّفع الهـدّية بكل براءة فيّ يده قائلا
ـ أتعلمين أين هي ماري ؟ أريد أن أسلمها هدّيتي
شتمتّ بّصوت عـّالي لماّ أختفى أثر سيليا كـأنها لمّ توجدّ قطّ ، فـرفـّعت فستانها الطـّويل الأزرقّ و ركضـّت مسّرعة غّير آبهة بآرثر المنصدّم من تصّرفاتها
الغير راقية كيّف كان معجبّا بها يوما ؟ ، بينما اتجهت هي إلى حيثّ كان يّقفانّ ،
حتى روي قدّ اختفى ، لكنّ لما قد أتت ؟ تنهدّت ثمّ عـادتّ أدراجهـّا إلى حيثّ يّقف آرثر ، قـّالت له بـاشمئزاز
ـ لطالما كنت نـذير شـؤم و بـؤس ، ما الذي قّلت أنك تـريده ؟
ابتسمّ بصّبر ثمّ أعـّاد كلماته على مسامعهاّ بكلّ هدوءّ حينهاّ وجهتّ فلور نـظرها ناحيّة نايتّ الذيّ يّقف مودعـا الحضـور ثمّ قالت بلا مبالاة
ـ يمكنك تسليمها لنايت هناك
رمقهـّا بـغّضب ثمّ استدارت راحـّلة فـأمسكها من معصمها بكل قوة مما جعلها تجفّل قّليلا ، أرخى قبضته و قال بابتسامة بسيطة تعلو شفتيه
ـ أناّ أفّضل أن أسلمها لماري شخصّيا ،
أومـأت ببرودّ و أشـّارت على أحدى الخـادّمات كيّ تـأخذه إلى حيُّث يريدّ بينما عـّادت هي تجـّلو بنظراتها هنا و هنـّاك بّاحثة عنّ أمهـّا أو روي ،يجبّ
عليها أن تّجدّ تفسّيرا واضحـّا لما كـّانا مّعا ؟ لا بدّ أنهاّ قدّ سمعتّ بزواجّ ماري منّ قبل رويّ لكن لما قدّ عـّادت ؟

/
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:00 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011