التفت الطبيب لنوي مستفسرا بما لم يطرأ على بال أحدهم بسبب الإرتباك الحالي: هل لك صلة بالمريضة؟
جوابه كان صاعقة: خالها.
نظر كل من هاروكي و إيريكا لبعضهما بحيرة، فهل كانت شخصية نوي خفية لأهل هذا الزمان...؟!
أما الباقين ظلوا يستوعبون ما طرق أبواب فهمهم بحروف نطقها من..؟
نوي....!
روحه باتت تتناسى جسده في عالمنا متجردة من قيود المشاعر بالنظر لتلك الأسلاك المتصلة بجسدها...
فروحه تكابد للانتزاع ذهابا لها، و عينيه تحارب رغبتها بالتحديق بما سلب أفكاره ...
أدار بؤبؤتيه المرتكزة في محجرها نحو الواقف بعد أمتار ينظر لمستقرها متطلعا بلهفة المشتاق لعودتها...
تقدم ببطء لا يقوى على تغييره ثم خاطب ذاك القريب الذي رأى به برودا لما فعل: كيف أمكنك أن تسلمها لذاك المتحجر...؟!
رفع كفه ليبسطها فوق ذاك الحائل الذي يحول بينهما و بينها و أطلق صوته المتثاقل حزنا و المشوب بنبرة طغاها أسى سيطر على كيانه: لو كنت بشرا، هل ستتخيل أن أبا سيقدم على قتل ابنته...؟
أطرق برأسه يجوب عن كلمة تصد هذه الجملة التي تستعيد ذكراه المؤلمة: و هل كان أبا ؟!....منذ البداية لم يكن والدا لها، منذ أن كان يقدمها أضحية تجارته القذرة، و منذ أن سلبها نعم عمرها، بالأساس هو تخلى
عن أبوته منذ سلب منها حنانا بقتل أمها..
رعشة يد سرت بمقابله مظهرة آثار حديثه منبئة بعالم نوي المتوتر: ماذا قلت؟!....قتل أمها ..!
أضحت الصورة أشد سوداوية مما سبق، و الظلم بدى جليا بوضوح...
سرقها حبا و أوردها بأقذر حياة للبشر...و من ثم جعلها قربان استمتاعه على لعب بموازين الإنسانية....
أسند نوي رأسه المرتفع على ذاك الحائط ورائه...و بدأ يكرر كلمة النفي علها تعيد الزمن و تغييره، جهلا منه الأيام لاتغير مسالكها:لا...لا..لايمكن، أختي...
وقعت عيني ريو على حركة من كفها الممتدة ليصرخ بفرح قد غمره: كاوروا.... كاوروا قد تحركت ...أنظر نوي..
بتر كلماته دخول نوي من فوره تاركا تلك الكلمات ترتد لصاحبها ...
رفع نوي حاجب استنكار و كأن العقل قد عانقه و فارق ذاك الشاب...!
تنهد تنهد راحة قلب بعد عناءه و اتجه لإبلاغ الطبيب....
مجفلة مقلتيها النعستين بإنهاك قد اختطف نومها...
تتكرر ذكرياتها مع فتاة ذات معنى لها، ...صديقتها... أجمل لحظاتها ، سكناتها، جل اهتمامها...و الأصح ، هي أمها و سر وجودها ....
أسبوعين ...أربعة عشر يوما و النوم مفارق لها و اللوم مرافق ...
قد تكون صعوبة هذه الأيام ثابتة، إلا أن رؤيتها أصعب...
انكشف الكثير مما أرادت التوصل له بفضول أعمى...
سر مجهولية جدها،بداية رابطة نيكولاس بأمها... حب أهل هذا الزمان..!
أدركت نوعا من أسرار عمل والدها من خطر جامح و ذهن راجح و قلق دائم على أعزائه...
التفت بغطائها محاولة النوم ككل ليلة إلا أن صوت طرقات المتوالية أفزعها...
أسرعت نحو مصدر الصوت قاطعة تسارع دقات النبض لديها : آتية.
لحظات و هي تقابل وجها مستبشرا مما أثار عجبها: ماذا هناك ليندا؟!
أجابتها بعناق حار بادلته إياه إيريكا ببعض التلبك: أخبريني ماذا هناك؟!
دموع الفرح لم تترك مجالا للكلام إلا أن المجهول يبقى مجهولا دون علم، لذا صرحت بحروف تتراقص بهجة بخبرها: لقد استيقظت.
أطلقت فتاة زماننا دوي فرح لتجلس مكانها باكية : أخيرا...
عندها سمع صوت تعثر و سقوط عدة مرات قبل أن يفتح الباب المجاور ليظهر منه شاب مبعثر الشعر، مشحط العينين: أ أنت بخير كاوروا؟!
رفعت وجهها المحمر بكاء و هي لا تكاد تنطق: هار...وكي، لقد...استيقظت...
تهللت أساريره بعد طول انتظار فظل يعيد تلك الكلمات المباركة مقتربا منها لينحني ماسحا على شعرها المبعثر بدوره: ماهذا؟...ظننت أن هناك خطب ما، أفزعتني إيريكا...
صمت لحظة ينظر لصاحب البشرى ممتنا: قرت أعينكما بعودتها.
بادلته ليندا بنظرة دافئة سرقته في كنفها ثوان لاغير و ذلك لأن هناك صوت تنحنح قطع عليه النظر لها فأدار رأسه مغتاظا: ماذا؟
لاحظ هاروكي والده البغيض الذي قطع أجمل لحظات عمره...أقصد هيجي البغيض الذي مازالت يديه ترتب ياقته النيلية: ألن نذهب لها؟
نهضت إيريكا لتتقدم دون تفكير: بالطبع، لقد اشتقت إليها.
أمسكتها ليندا و سحبتها للخلف: ستذهبين..هكذا.
انتبهت إيريكا لتلك البيجامة التي كانت ترتديها ليعلوا صوت هيجي الضاحك: هو يوم له ظروف خاصة...أليس كذلك؟
عرفت إيريكا مصدر هذه الجملة المألوفة...أول موقف و أول لقاء جمعها به..
أخرجت لسانها و أغمضت جفنيها بطفولية: أحمق...لاتنس أننا الآن في منتصف الليل...
اتجهت لشقتها متمة:..سأذهب لأبدل ملابسي.
أشار هاروكي لنفسه عائدا لغرفته: و أنا أيضا...
دخلا تاركين شخصين بإبتسامة استلطاف رسماها على ملامحهما...
وجهت ليندا كلامها لهيجي: أشعر بإسترخاء...
قال هو الآخر: إه، مضى وقت منذ أن نعمت بالراحة .
رفعت أناملها التي تضاربت معلنة إرتباكها: لم تتح الفرصة لشكرك هيجي، شكرا على إنقاذي ذلك اليوم.
هي حقا لم تفكر برد جميل لكن ما قاله فعلا خارج عن التصور: أنا لم أستهدف إنقاذك خاصة، كان هناك خمسين طفلا على محك الموت ...كنت متشتتا على ما أستطيع فعله لهم، كنت قلقا عليكي و على أختي، لكن هدفي لم يقتصر عليكما...
أردف بعد صمت:...أتمنى أن تفهمي ما أرمي إليه.
ساد الصمت شريكا لتبادل أنفاسهما و هيجي يتطلع فضولا لمعرفة الأفكار التي تطرق باب ذهنها أو لرؤية ردة فعلها...
فهل كان استخدام كلماته الصريحة هذه هو الصواب..؟!
لكنه تفاجأ بها ... تفاجأ لدرجة لم يستطع عندها السيطرة على جسده المتحرك من مكانه...
فذي جملتها تخرجه لأمل قد يطلق عليه بالزيف : أنا أفتخر بك هيجي.
قادته خطواته...
أجل فهو لم لكن قائدها على كل حال... حتى وقف بجانبها...
رفع كفه ليبسطها فوق وجنتها التي اصطبغت بلون الخجل...
كان يمعن النظر في ما أراد تناسيه من جمال ملامحها حتى بزغ صوت أبعدهما عن بعض مشيحان بوجهيهما...
بل أصبح كل في واد...!
كان ذلك هاروكي الذي خرج رافعا نبرته الصبيانية: انتهيت..
حاول أن يتفرس بملامحهما الهائمة بفرح، فذي علائم السعادة بدت بالظهور من عتمتها...
إلا أن إيريكا خرجت أيضا لتنزل على عجل: لنذهب....
نزل هيجي و هاروكي بعدما تبعت ليندا صديقتها، لتبدأ بينهما جولة افتقدت لمدة...
هاروكي ينظر لخطوات والدته بشغف متناسيا نفسه ليضربه هيجي فوق رأسه: انظر لفتاتك ...لم تحدق بليندا؟!
جملة جرة الأفكار الخبيثة تستوطن ذهنه المتطلع للإنتقام لمن قاطعه: و ماذا؟...لا تنس أنك مرفوض و منتهي كرتك...من الأفضل أن تترك الساحة لي .
اشتعلت شرارته لتتعالى بعد توقفه و إمساك ياقته: ماذا قلت؟
أمسك تلك الذراع المتصلبة و أبعدها: بعض المزاح لاغير صديقي.
دفعه متقدما بضجر: لاتكررها.
خبأ سخريته في نفسه...
ياعيني...أنظر من يغار ممن...!..هذا مثال الأيام لا أمان لها...))))
كان الطبيب يقوم مقامه بفحصها و رؤية المستجدات في حالتها ثم ابتسم ليومئ برضا: جيدة... كل شيئ على مايرام، فقط فترة استراحة و تستطيعون إخراجها.
أبدى نوي نوعا من الإمتنان بإهتمامه: شكرا لك دكتور.
نظر له قائلا برحابة صدر: لم أفعل شيئا، هي القوية التي حاربت الألم هنا.
ترك الثلاثة في عالم يود الكلام ليرضي نفسه تكفيرا عن ما مضى...
جلب ريو كرسيا لنفسه ليجلس بجانب نوي عندها ...
ظاهر على المستلقية تعب و شحوب ، و عجز و ارتخاء...إلا أن ذلك لم يمنع لسانها عن النطق حين استشعرت يدي نوي الملامسة لكفها فأومأت له هامسة: من أنت؟
ازدرأ ريقه المجتمع بحلقه مخافة أن تكون مصابة بعرض آخر فقال لها: ألا تذكريني إيريكا؟...أنا نوي.
دققت النظر بملامحه...
شعره البني و عيناه العسليتان التان قادتها لوضع شبه بعيد في رأسها: أنت تشبه أمي...تذكرني بها...
لم تكن تعرف كاوروا بصمة كلماتها علية، فهو شعر بضلابضلال الشؤم تتهاوى أمامه،فسمح ليده برفع يمقبلاقبلا تلك الكف العائدة من الممات: و أنت تحملين ريحها...
نظر بجدية لها ليبوح بما في صدره من مكتوم: أنا خالك كاوروا....أخ سيلينا الأصغر.
حولت وجة ناظريها المتفاجأة لريو تطلب تفسيرا لما قاله ، لكن ماشأن ريو و التفسير..؟!
فأعادت تنظر لنوي المدعي قرابتها: لكن...أنت، كنت..معه...!!!
بدأ يمسح على رأسها و يمرر كفه بوجهها الشاحب رادا على كلماتها الهادئة: لقد تزوجت أمك بناوكي مذ كنت طفلا و ابتعدت آتية لطوكيو... و والدك كان قد قطع كل اتصالاتها بنا، عندما كبرت فهمت أنه يعمل بالمخدرات و تجارة البشر و غيرها من الجرائم... لذا التحقت بالشرطة و انتقلت من كيوشو، و اخترقت العصابة .... لي عامين أعمل بالخفاء معه... و عندما أرادك، قلت بنفسي سأشهده قدر نفسه معك بعدما أخبرك كل شيئ...لكن حقا، أنا لم أحزر أنه سيؤذيك...صدقيني، لو كنت أعلم لما تركتك لحظة معه....
اكتفت بإبتسامة باهتة تبرز تفهما و باتت تنظر لريو مستفسرة و كأنها تهرب من حروف جهلتها لزمن : هل الجميع بخير؟
أجابها بما طمأنها: الجميع بخير، الأطفال سلموا لأهاليهم...و أصدقائنا في طريقهم إليك، فهم قلقون على البطلة.
أتم نوي مازحا: أجل خاصة ذاك الذي ينعتك بأخته، فهو جرني لرغبة القتل أكثر من ناوكي.
ضحك ريو واضعا يده فوق كتفه: اسمع ، على الأقل لم تتعرض لصفعة طفل.
حاولت الضحك إلا أن ألم جنبها ظهر عوضا عن ذلك فاكتقت بالإبتسام لهما...
دخل بتلك الأثناء كابوسهما الصغير ليهب بعناقها : حمدا لله أنك استيقظت، شعرت أني سأخسر طعامي.
أظهرت اعتراضا مصطنعا: و هذا كل مايهمك؟!...
ابتعد معوجا شفتيه: و ماذا تضنين إذا؟!...أن أبكي لفراقك...!
رفعت يدها خلف ظهره: ابتعد عني يا ناكر الجميل..
عندها سمع صفعة الباب لتظهر خلفه تلك الفتاة المسرعة مقتربة منها تضمها باكية: أخيرا استيقظت، خشيت أن أفقدك حقا ...حمدا لله على سلامتك عزيزتي.
حاولت أن تخرج كلماتها بصعوبة: إيريكا، صدقا هناك شخص يعانقتي مسبقا...ريو، أبعدهما قبل أن أختنق.
ابتعدت إيريكا تمسح دموعها المنهمرة: آسفة، انفعلت قليلا ...
قال صاحب النبرة الباردة الذي ورد خلف هذه الفتاة مع زوجته المستقبلية وابنه: لم تمت من طلقة سلاح،لكنها ستموت من عناق بعض المتهيجة مشاعرهم.
رفع هاروكي كتفيفه بإستخفاف: أنظر من يتحدث...ألست تقصد نفسك؟!
شعرت ليندا بإرتفاع حرارتها فاقتربت من صديقتها متحاشية توجيه الأعين لها أما هيجي فقد حور الحديث ببراعة: بل القابع اسبوعين بالمشفى هائم في عالم العشق.
توجهت أنظار الخبث نحو ريو ليتلبك محاولا التهرب: ماذا؟...لقد كنت قلقا كالجميع...هي ضحت بنفسها مقابل حياتي، طبيعي أن أقلق...أنا...
أشارت ليندا له بسبابة اتجهت للاسفل: و لو كنت كذلك، لن اسلم صديقتي لمن استقر بحجر فتاة قبل أيام...
نهض من فوره لحريق مفاجئ قد داخله، هو لم يكن بوعيه...بل لم يشعر بنفسه بالقرب من إيريكا...!
أما إيريكا فقد استعادت ذكرى قربها منه لأول مرة منذ أتت، فارتسمت صورة أخرى لها مع عائلتها بحسرة....
و هكذا كان لكل صورة تدير الجلسة بجمال لحظاتها بين هذه العائلة..
عينين جادتين و هالة رئاسية محيطة بصاحبها جعلت من الزوايا بمن داخلها في حالة تأهب لأسئلته و أجوبتها...
هل كان له أي تصرف أو عمل غريب يداوم عليه""
لم ألحظ شيئا كهذا. ""
"أكنت تعلمين أنه يستغل بيع أملاكه لشراء المزيد من المخدرات و التجارة بها"
أجفلت عينيها ثوان لتتمالك غضبها من نفسها و غبائها: لا، هو كان يقول أنه مديون...جتى أن هناك أشخاص أتوا للشجار معه...!
حقا!...""
اكتفت بالصمت تنظر السؤال الذي يليه فأتم محادثه المقتصرة على سؤال و جواب...
منذ متى و أنت تستلمين الحقائب و تسلمينها""
منذ أشهر... عمل لسداد ديونه كما صرح هو...""
هل كانت تصرفات والدك غريبة مع أمك قبل وفاتها..""
شدت على لحاف أزرق سدل على قدميها و باتت تفكر بكلمات والدها المعترفة بأقسى ما يقال ،تاركة سايكوا ينتظر جوابه: آنسة إيريكا!
انتبهت من شرودها ليقترب يوري عندهما موقفا هذه السلسلة المنهكة للأعصاب: أتصور يكفي للآن سيدي...تحتاج لقسط من الراحة.
أرخى أطرافه و ملامحة مبعدا هالة الصرامة ليبدلها بهالة رجل اكتسى الطيبة و التفهم: لا بأس، هذا يكفيني... أتمنى أن تعذري عمك العجوز صغيرتي، يجب أن يعمل بواجبه ليطمئن على سلامتك.
أومأت بالإيجاب لتسمع ضحكة ميواكوا المستقرة بجانبها: لا تقل هذا سيد سايكوا، مازلت شابا.
أيدها هاروكي و إيريكا العائدين بصورته في ذهنيهما
بالطبع، بالنسبة لذاك الوجه، هو بقمة الشباب...))))
نهض سايكوا مبتعدا عن فراشها مؤشرا لنوي بالخروج معه، أي أنه أنهى تلك الراحة التي استغلها الآن....
اقترب نوي من إبنة أخته ليطبع قبلة حانية على جبينها: سأعود بأقرب مايمكن عزيزتي.
نظرت له نظرة تائهة عن التعبير، فهي لازالت تحارب عقلها مع واقع الأحداث: لاتقلق، سأكون بخير.
ثم وجهت حديثها لميواكوا: فرحة لأجلك ميواكوا، لم يبق الكثير... نعد الأيام لظهور طفلك المدلل.
أظهرت تعبير المحتج لما ورد مسمعها: مدلل!
لكن يوري تدخل من فوره: أجل عزيزتي، فأنت قد قمت بتدليل إبنينا السابقين، فمنه يعرف مصير إبننا الثالث ...مدلل.
زمت شفتيها المتراصة و همت بضربه بحقيبتها السوداء التي جعلت موضعها فوق ساقيها : أنت لا تعرف كيفية التربية...أيها المتحاذق.
من الطبيعي أن تختلف ردات الأفعال فقد بانت بضحك من قبل ريو ، و بإشارة نفي من قبل البارد هيجي : تتكلمان عن شابان جامعيان، أليس كذلك؟!
دفع الباب الرمادي لتظهر الشقراء حاملة كيسا مملوئا بالفواكه المعلبة نتيجة لبهجة استولت عليها برؤية أمها سالمة: أتى الطعام.... هذا لك.
الكيس بما فيه كان موجها لأمها التي أشارت بسبابتها لما أحضرت بإستنكار:آكل هذا...كله...
سلبت إيريكا ما أحظرت من قبل متحمس آخر: بل أنا، بالطبع أنت ستأكلينه... تحتاجين استرجاع قواك كاوروا، لقد نزفت عن عشر أكياس تبرع دم، بل عشرون...
تفاعل يوري ضاحكا بجهورية محركا يده المتفاعلة مع ضحكاته الساخرة: مقنع يافتى...
أعادته نظرة من ميواكوا للرزانة المطلوبة ليتنحنح متحدثا بنضج: أححححم، أقصد إن إبني قلق عليك كاوروا..تفهمي ذلك.
تجلى الغضب باديا على ملامح أحدهم.... حيث فتح علبة مما أحظر بصمت و قدمه لكاوروا ، أما شريك أيامه فقد حاول إنقاذ نفسه: يوري، لاصلة لي بريو كما تعلم.
صوبت عينين الحقودتان نحو المتحدث: هيجي ماذا قلت؟!
لم يكن للأمر أن يختتم بسلام لولا أن تصرف هيجي بالهروب قائلا: سأذهب لشراء عصير...
تصرف كفيل تعلي الضحكة تعبر على ضرافة منظره...
كل شيئ مستقر الظاهر...مع أن الزنزانة ليست حدا و الراحة ليست لحدا...فناوكي سر انكشف لناحية فقط...
و هذا أكثر مايؤرق سايكوا و يوكي و يجرهما لإجتماع يظم الحديث عن واقع هذه النهاية.....
كان نوي يفكر بهمهمة حتى قال: و الآن، تظنان أن المنظمة ستقتله أو تهربه!
يوكي و هو يقلب أوراق ملف المدان ناوكي بين يديه: كل شيئ واضح و لكل فعل اقترفه دليل، فالأقوى احتمال قتله.
أما سايكوا فهو جالس على مقعده يتأمل في حواشي الموضوع التي لم يفكروا بها سابقا: لا تنس أن ناوكي هو مترأس الفرع الأساسي في اليابان، مع كم المعلومات هذه...سيحاولون التدخل بالتأكيد، إما لإستعادة أحد أعمدتهم أو التخلص منه...
أردف نوي:..يجب أن نأخذ الإختراق بعين الإعتبار جيدا، فهو هين لهم.
أطلق يوكي ضحكة خفيفة ليشير له ببنان الشك و الريبة: مازلت أخشى أن تكون من يخترقنا.
ابتسم نوي مخفيا غيضه من ماقيل في حقه: سأعتبره مديح إتقاني في أداء المهمة.
حدثه سايكوا بمكر: تقصد...أداء الإنتقام.
قال نوي متجاهلا كلمات رئيسه: أنا أخشى من ناوكي و حيله أكثر من تحركات العصابة.
أيده يوكي مغلقا ما بيده بقوة استسلام: معك حق، فمهما حكمت عليه ... لا أضمن أن ينفذ بحق هذا العفريت البشري.
بهجة و سرور و جمعة أهل أسستها روح الحياة...
اكتحلوا ببعض الهمة و العمل الجاد ، لإفتتاح آخر يتوج به المطعم بتغييرات جذرية...
فنيكولاس أصبح الجرسون الصغير، و نيك هو المفتقد الكبير...
جعل الجميع حزنه خفيا و ملمح الفرح جليا ببداية أخرى...
ترك يوري عمله ليحظر هذه المناسبة محظرا معه ظيف الشرف ممنوع الحركة...
و كرر لها منذرا كعادته: إبقي جالسة دون مغامرات.
برزت لمحتها الطفولية في إجابتها : إن هيوجي هو من يتحرك.
تعجب جر ملامحه لإظهار البلاهة : من هيوجي هذا؟!...لا تقولي أنك اخترت إسمه دون مشورتي..! ماذا لو كانت فتاة؟
أومأت بالإيجاب مجيبة: ظننته سيعجبك... و لو افترضناها فتاة ، فإسمها سيكون هاروكا..
ضرافة منظرها جرته للتنهد مما يعيق حرية حياته : اوك، ليس بالسيئ...لكنه مألوف...أين سمعته؟
ابتسمتها الواثقة أرشدتأرلإستيعابتماجرهماجره ليصرخ موقفا الجميع عن إنشغاله:إييييييه...دمجت إسمي هذين الأبلهين؟...لم تدخليهما في كل شيء!
كاد ينتف شعره ندما حين بينت إنتصارا بينته منذ لحظات: لكنه أعجبك.
اقتراب إيريكا مستفسرة قطع نقاشهما: ما بكما مرة أخرى...
رفعت ميواكوا كفها نافية حدوث خطب: ليس بالشيء المهم.
تجاهلتهما إيريكا متخذة مسلكها للمحطة التالية، حيث كانت والدتها تشاجر أحدهم: سأرميك إن استمررت بالترهات.
تشبثت يديه بالقماش التزييني الأخضر الذي وضعه توا على بوابة المطعم: على رسلك كاوروا، تعرفين كم أستلطف طيبتك الإستثنائية... لا تتصرفي بهمجية تجاه بدرك و إلا...
أبرز أسناناته اللامعة بثقة مكر: ...ستظلم سمائك.
أطلقت صرختها الغاضبة عليه: ماذا..ماذا، تتمادى كثيرا...
تلطيف لأجواء استهدفته إبنتهما بقولها مازحة: أحم، بدر من عزيزتي؟!
ماكان من مستوى دم كاوروا إلا أن يستجيب إرتفاعا بغليان درجة حرارته مع الضغط فاستقصدت تأديبا لمسبب إحراجها ، و ذلك بتنفيذ تهديدها ليقع ممسكا ظهره بألم: أخ، بروية كاوروا...تمالكي أعصابك.
صوت شاب متأمل لما حرمته الظروف اقتحم أجوائهما: مرحبا كاوروا.
حولت نبرتها لبعض البرود: أهلا نوي.
لم يكن هذا الإجحاف جديدا، فكاوروا مازالت حبيسة موقفها منه، هذا الذي استخدمها سلاح انتقامه...
مع أن الظروف قادتها للمعيشة معه و مع عائلته البسيطة، إلا أن ذلك لم يكن كفيلا بختم الإستقرار في داخلها...
من يعلم، قد يكون هذه الأيام هي البداية....
استعاد ريو قوته ناهضا ليستفسر عن شخص مؤكد الإقتران بنوي: هل أتى المعلم سايكوا..
اكتفى المعني بهز رأسه إيجابا...
و في زاوية أخرى كان هاروكي يتطلع لكلمة، تلميح، شيئ يسخر عليه بين هذين الإثنين...
كان يضع أطباق التحلية فوق الطاولات التي تم تزيينها من قبلهما و عينيه تسترجي فضولا ما يبدأ بدايتهما السعيدة....
إلا أن كل منهما كرس نفسه للعمل لاغير و خللها ببعض الكلمات المتعاونة..
«خذ. هاتها... لحظة، بسرعة...» و غيرها....
رغم أن قلب أحدهم كان يرتعش ناويا الخروج ليحادثها...
صدى خطوات شخصين اقتربت منهم متظامنة مع ترحيب الأنثى منهما: أهلا نوي، كيف حالك؟
أظهرت ليندا دهشة فرح لتواجدهما الغير منتظر: أمي...أبي!
و هيجي أبدى ترحيبا بدوره: مرحبا بكما... استريحا حتى يبدأ الإفتتاح.
أما السيد جاك، يوكي جاك قد أبدى إعتراضا كان يتحاشاه الإثنين: أليس هناك عمل لا يجمعكما معا؟..يا للسخف.
قالت ليندا بإحتجاج يبرر موقفهما: أبي..إنه ترتيب عشوائي.
نظر يوكي لما حوله سااخرا: بل ترتيب على مايجر القلب كما أرى...
أمسكت السيدة جاك يد إبنتها مبتعدة: مادمت معترضا، فساعده أنت.
معاتبه تجلت في نطقه: تبا.
وجه نظرته المتعصبة لهيجي الذي بدأ يتم عمله بهدوء: هل مازلت تحبها؟
كتم هاروكي ضحكته و جعل عينيه تلتقط الموجات الصوتية بدقة ..
((..قلتها، مازال!.. ))
ازدرأ هيجي ريقه مخافة إنتهاء هذا الرابط البسيط: عمي تأكد أني سأحترم قرارك و لن أتعدى حدودي.
نبرة ازدادت حدة وترت المستمع فضلا عن متصدر البحث: سألتك إن كنت تحبها .
خفي لهيجي مشجع من خلف الستار يدعوه للتصريح، حتى ارتاح بسماعه تلك الكلمات منه: لا أستطيع تغيير قلبي... هو يبقي مشاعري حبيسته دون إذن مني...
نظر ناحيتها مردفا:...لو كان لي الإذن لما سمحت لقلبي بمعارضتك عمي.
رمقه بنظرة جانبية حادة أرهبته لوهلة: فمهت، سأطلب من زوجتي سيلينا أن تتحدث معها.
ظل يحدق بيوكي ظانا أنه فقد عقله أو أن يوكي بنفسه لايعي كلماته....
عالم إتخذ به يوكي إرتخاء بملامحه لذاك المتشائم: ماذا؟! ..أستطيع التراجع عن...
بتر هيجي جملته الثقيلة على نفسه بإمساك ذراعه مترجيا:لا، لاتغيره.
ضحك يوكي ضاربا كتفه: يا إلهي، يبدوا أنها سلبت عقلك بالكامل...
أبعد هيجي يده باديا على وجهه الإحراج و الخجل دون أن يتفوه بحرف...
إقتصر يوكي على صراحة رأيه أخيرا: كنت أنتظر منك إثبات نفسك بفارغ الصبر ...لأتحدث معك بنفسي لإكمال حياتك تحت كنفي...
عبر منه مبتعدا:كانت هذه النهاية محتمة..لكنك تهورت بتسرعك.
ظهر هاروكي أخيرا بتنبيه هيجي مقتربا: هي، لاتنس أنه لم يبق غير ساعة على الإفتتاح .
إقترب ليواجهه بغمزه وإبتسامة رضا : أبارك لك...هذا الإنتصار.
أسندت ظهرها على الحائط الإسفلتي الذي اعتاد ثقلها، أخرجت عدة تنهدات استهدفت إعادة نشاطها حتى بزغ نور البدر المزعج: مابك ثانية؟... هاقد انتهى كل شيئ ، وكل شيئ...
أتمت هي بما شغلها: كل شيئ ظهر على حقيقته لأتوه أنا... لأشعر بالضياع بين ماض كذب و حاضر غريب...أبي قتل أمي و استغلني، خالي ظهر منتقما ... لاشيئ ثابت بشكل جيد... أعلم أن نوي صادق لكن...
توقفت ليقول ريو:...تصديق ما كان يفعل أبيك يحتاج وقتا.
نظر له بعينين متلئلئتين تطلب ملجأ لأفكارها: ريو، هل يتوجب علي أن أنادي ذاك الشيطان البشري بأبي؟...هل أنا منتمية له؟... و هل دمائه السوداء تجري في عروقي؟... تخيل رابطتي به ترعبني... ربما أنا أيضا...
تلامس أناملهما أوقف صداها عن الخروج عنوة ، رفع الآخر كفها لترتفع مبسوطة لقلبه: بل أنت منتمية لهنا؟
لم تندفع لضربه أو توبيخه ، فجسدها متسمر بمشاعرها المختلطة و كفها البيضاء تتحسس دقات تكاد تخرج من مكانها...
أرخى ناظريه المكتسيان بالخظرة متما: هذه اليد التي اتجهت للدفاع عن إنسانيتها انتمت لهنا ... تلك الدماء التي أهرقت أمامي تنتمي لهنا...
أبعد كفها لينحني مقبلا راحتها:... كدت أفقد صوابي كاوروا، لم أعرف كيف أتصرف حينها؟... للآن ، أشعر بضيق يخنقي بتذكر ذلك اليوم... أن أخسرك، شيئ أوصلني للإحتضار قبلك.
لم تكن تستشعر لنفسها وزنا أمامه، لم هي مختلة العقل لستمع حديثه المأساوي فجأة..؟!
و ما الذي جر الحديث لهذا المنحنى؟!
أرادت أن تبتعد عنه قبل أن تبدي ضعفها، إلا أن قدميها لم تطع عقلها، عقل من كانت تنفي دوما أن غلبة الفتاة بيد أحاسيسها ...
أجرت دموعا صامتة لتكسي وجنتيها الحمراوان بمائها المنهمر ناطقة بإسمه منشدة للظرف الذي صنعه: ر...ريو.
لم تعرف كيف تصيغ عبارة تجاري كلماته المحرجة لكن الصمت لم يكن حلا: أظن... هناك أشياء جديدة حصلت عليها...ليس سيئا.
ابتسم بأمل لردة فعلها فأبعد نفسه عنها خشية إغمائها حياء: جيد أنك أخذت كلماتي على محمل الجد، كنت خائفا من تعذيب ما.
توجهت من فورها لمفر من موقفها لتدخل، لكنها أدارت وجهها له بعتاب مصطنع: أنت بدر مزعج.
أسند رأسه بيديه ماشيا خلفها: ألأني أستطع نورا اليوم؟
أخذت نفسا طويلا تستمد به بعض الجرأة بعد ماحصل لتجر خصلة من شعره البني: قد يكون لذلك.
صرخة ألم أوقعتها أرضا لترمي بجانبها كلما كان على الطاولة ....
اقتربت السيدة سيلينا منها بسرعة لترفعها قائلة: هل هو وقته؟!
انحنت ليندا و هي ترى إيجاب حركتها و هي تصرخ نحو زوج المرمية بألم: يوري، أسرع...
خرج يوري من فوره منذهلعا من صرخة زوجته المباغته: ماذا؟!...أليس الوقت مبكرا؟...
كانت ميواكوا تتأوه و تصرخ حتى اجتمع الناس حولها مما جر ريو للقول ليوري: مفتاح السيارة.
حاول يوري استجماع أفكاره بصعوبة لموقفه فأخرج مفتاحه من جيبه : إفتح السيارة ريثما نأتي.
أخذها مبتعدا بصعوبة بين الحشد فأخذ هيجي وظيفة فسح المجال بعدما صفق بيديه بصوت عال يلفت الإنتباه: عذرا سيداتي سادتي، يبدوا أن ابن رئيسنا في صدد إفتتاح حياته اليوم أيضا، رجاء أفسحوا المجال... و اخرجوا من المطعم لأنه سيغلق.
كان هيجي غاضبا و متوترا مما جمع بين كلماته بتناسق غريب، لكنه أفلح حيث بدأت أكف الحاضرين تضرب بعضها مرحبة بالفرح الجديد مبتعدة ...
خطوتين للأمام....خطوتين للخلف، خطوتين للأمام...خطوتين للخلف....
و هذا حال الأب المنتظر حتى أوقفته إيريكا بقولها: توقف أرجوك، أنت تزيد توتري .
ضرب بقبضته الحائط جانبه و أجابها بعتاب: لا أحد قلق مثلي.
وجهت ليندا حديثها لصديقتها: أتركيه و شأنه.
أيدتها كاوروا: أجل، فهو لا يحاكى الآن.
قال ريو: أي كان مكانه سيضطرب.
ضحك هاروكي ساخرا: هنيئا لزوجتك.
نظر ريو لمقصد قلبه راسما إبتسامة جرتها لإخفاء وجهها خجلا ...
رمقتها ليندا نظرة إستفسار بخبث : هيييي، يبدوا أن عصافير الحب تزقزق.
أما إيريكا ضمت أمها غير مصدقة بإلتئام جرح ريو الباطني منذ ذلك اليوم: واااااااو...
دفعتها كاوروا بضجر داخلها: توقفوا، لا شيئ غبي بيننا.
حاول ريو أن يهزأ بها محرجا: هي صادقة، لاشيئ غير أنني بدرها.
نهضت صارخة من فورها: من بدر من....
رفع حاجب تعجب: أتنكرين؟!..
تدخل هيجي بحدة: أصمتوا جميعا.
لاحظ الجميع لونه المخطوف هلعا على أخته، فتغيرت دفة الحديث...
ليندا بهدوء يلامس شغاف جنانه: لاتقلق هيجي ..ستكون بخير.
أيدتها كاوروا بثقة: أهم، نحن هنا لنستقبل طفلها...
ساد الصمت مايقارب الساعتين حتى ظهرت ممرضة يلتف حولها الجميع بشغف بينه يوري: هل هي بخير؟
أجابتهم بإبتسامة تفائل: كليهما بخير... الأم و إبنها الجميل، كليهما بخير...
قفز قلب ريو بالخبر الذي انتظره فوجه نظره لهيجي المبتسم بفرح: مبارك لك، أخي.
أجابه هيجي بواقعية: أه، و لك أيضا...لكن، التبريك الأساسي لهذا. .
انتبه ريو لمتجه السبابة مبتهجا: أجل ، بالطبع.
أنفاسها منتظمة و أفكارها هائمة بأمنية لابد من تحقيقها و فراق لابد من مواجهته...
استلقت تنظر لمثيلتها في الطابع و الجسد، تلك التي حبست في عالم وهم ، تنظر لها بعين الواقع....
مدت ذراعها بغية الإلتحام بجسدها ذاك إلا أن هناك رادع!
جرت ذراعها ما أن شعرت بما كاد أن يخرج روحها... لا يبدوا الأمر سهلا...
و طبعا ليس بلعبة!
جلست تبحث عن دليل يعيدها لحياتها و كل ما لاحظته أن الساعة وصلت للخامسة صباحا..!
((ساعتان فقط و يجب أن أستيقظ...و إلا..))
فزعت من نومها مرتئية شيئ واحد ، وهو إخبار هاروكي بالمستجدات...
و هذا مافعلته بطريقهما للمدرسة كعادتهما، فذي الفرصة الوحيدة للبقاء معا دون رقيب...
كان بروده جليا في رده: أعلم، فأنا جربت هذا الشعور بآخر رؤيا رأيتها...الظاهر أن الواقع سيجرنا لهذا الماضي ..فالحاضر لايستقبلنا.
عارضت طريقه بوقوفها أمامه: لم لم تخبرني؟
ربت على رأسها ليختلجها شعور الغباء: لأنك كنت عمياء حينها...
أبعدت يده و تقدمت بغيظ ضاربة قدميها على الأرض بسخط: ما نفعل الآن؟
أجاب: نتمنى العودة... و سيعود كل شيئ كما كان.
"تتحدث ببساطة.."
" لنتوصل لشيء جيد، لابد من الهدوء و التفكير بروية"
هل يجب أن نعود لأول مكان استيقظنا به""
محال..لن أفعلها... و لا أظن أن الأمنية مقيدة بذلك...""
قاطعتهما ليندا من الخلف بإبتسامتها المشرقة المعهودة: أية أمنية.
قال بعدم إكتراث عكس واقعه: أن لانراك .
أجابته بإعتراض طفولي: ليس عدلا...
كلمات عفوية ظهرت منه لتتوقف مشاعر إيريكا و أفكارها معها...
فهاروكي صنع عارضا جديدا يمنع تحقق مبتغاهما....
كان إنتظار أحدهم مفاجئا فعلا، فبعد مدة طويلة يرى شبحه...بل هو بعينه متكتف الذراعين ينظر للخارجين واحدا تلو آخر...
التقطته أعين الكثير و لكن، هناك عين تجاهلته رغم أنه مترصدها...!
اقترب منها مرحبا و هي تتفادى حتى إستشعار وجوده: مرحبا ليندا..
أجابته بتلبك مستغرب: مرحبا...
إبتعدت ليتبعها : ألن تسألي عن سبب مجيئي؟
نظرت له نظرة جفاف: لايهم...
حاولت الإبتعاد عن سبب خجلها إلا أنه أمسك ذراعها: لقد هرب ناوكي...تعرفين مايعني؟
حبست شهقة الصدمة لتجره مبتعدة عن بوابة تجمعها بخطوات كاوروا: أتقصد أنه يستهدف كاوروا؟!
قال بجدية: ليس الآن، فسايكوا لم يترك الأمر بمراقبتها منذ حبسه، مخافة العصابة ...لكن الآن ، الخطر مضاعف .
أدارت بؤبؤتيها بحيرة: لم تتخلص بعد من مأزقها...كاوروا.
تنحنح جالبا إنتباهها: هل تحدثت معك عمتي؟
فهمت إلى ما يرمي بعدما تناسته للخبر فنكست رأسها مجيبة: أريد وقتا..لأفكر.
" و هل منعتك؟....الرأي رأيك بعد كل شيئ.."
أظهرت ملامح غضب و مقت: الآن أصبح الرأي رأيي... بعدما جعلتني في عزلة عن أصدقائي و عن من أعزهم لقربهم منك.
الإجابة أصعب ماتتخيل لمجروح جرحته في قلبه...: إه، أعرف...لقد ظلمتك بتسرعي ، كان يجب أن أكتفي بقول حقيقة إبن عمك المريض ذاك ... عندها لكنت معنا دون تفرقة...
هدأت نبرتها الحاملة لغضب منه: جيد أنك تفهم.
للأماكن أن تضم الأشخاص مرات عدة، لكنها لاتستطيع إعادة الذكرى...
فذي البحيرة ذاتها احتظنت أبطالنا بيوم بعيد عن سابقه بوقت راحة
لهم قبل التوجه لمنزل يوري و ميواكوا بمناسبة الطفل الجديد المسمى بهيوجي....
و العجب أن للتقسيم عجب... !
فقد استقبل ريو إيريكإ جليسة له و لكاوروا، و ليندا أشارت لإبنها المتوحد أن يقترب منها و من هيجي هربا من حديثه المنتظر....
كان شعورها بالإستقرار بجانب هاروكي يتضارب بالضبط مع شعور هيجي الذي كبحه لعدم إيساعه ضربا...فهو ليس إلا متطفل على لحظاته الحاسمة...
كانت ليندا تخط الأرض بسبابتها لصنع رسمة طائر يحلق بحرية و هذا ماشد هيجي للتعليق: رسمة جميلة.
أغمضت جفنيها بلطف: جرب..
اخذ هاروكي عصى ملقاة بجانبه محاولا الرسم: لا أظنه صعبا.
سلبت كفي ليندا منه العصى : تحسس الرمل بيدك...لاتضيع هذا الشعور.
رفع هيجي كم قميصه متأهبا: لنتحسس الرمل إذا...
ظل صامتا فترة ينظر لعمل والديه الجماعي حتى نطق بغير وعي: طالما تمنيت يوما مع عائلة...أخيرا إجتمعت معها...
استرسل بدموع غلبته: لم سلبت أجمل اللحظات معكما.... أنا أحبكما...كثيرا....
هدوء كلماته المؤثرالنؤثرة أوقف يدي العاملين بذاك العمل الفني و ظلت أنظارهما تطلب تفسيرا للسانه الذي لايكف عن الزلات...!
قراءة ممتعة،،،،