❖آڵڤصڵ آْڵثْآڵثْ ::❞ إقتِحامٌ! قَرارٌ مَصِيريٌّ ❝
عندها رأيت النور و الظلام ! الصواب و الأوهام ! الهدف و الضياع ! الشمس و القمر !
بنوره انار لي الطريق ، و لهدف أرشدني إلى السبيل فعلى الأقل سأتناسى ما حدث وسأخرج من باب السراديب
☣ جاسينتا
أخذت تتكلم بصوت ارتعش من الخوف و الصدمة - من أنتَ ؟
انحنى بهدوء نحوها و قد وضع كفه على كتفها لتتوقف عن الارتعاش ، حدقت به بعينين خائفتين و قالت بنبرة طغى عليها الرعب
- من انت ؟! مذا تريد مني ؟! مذا تفعل قلادتي معك ؟!
لم تكن تعلم لم كل هذا الخوف ، و لكنها علمت أن من أمامها ليس عاديا بتاتا !
سلمها القلادة و هو يجيب ببساطة و نبرته كانت عنوانا للوقار و الرهبة !
- انا كنت أول فرد في قبيلة ناو ، أي الحاكم الذي سلب عرشه و جرى دم الملوك في عروق أحفاده ! أريد منك البحث خمسة أشخاص غيرك ، كل شخص منهم يعيش في احدى المقاطعات الخمس الأخرى ، اختارتهم الأحجار لصفاء دمائهم و لبياض روحهم !
بقيت تحدق به مصدومة ، و لكنها سرعانما ما نسيت خوفها و دخلت في ضحك هستري ، فهذا الشخص ذو اللحية البيضاء كبياض شعره مع عينيه الزرقاويين ليس سوى عجوز خرف أكل عليه الدهر و شرب و هي كانت ترتعش خوفا منه ، و رغم ذالك هالته ليست عادية ابدا !
توقفت عن الضحك و قالت بسخرية
- اذن يا زعيم قبيلة ناو ، ألا تعلم ان قبيلتك قد أبيدت !؟ ثم كم عمرك لتكون الزعيم و لازلت حيا للآن ؟! يا لك من زعيم فاشل ان تتخلى عن قبيلتك و تهرب ! و ايضا كنت الحاكم ، هذا جميل !
لم تتغير تعابير وجهه و كأنه لم يسمع كلامها (مالذي يعنيه هذا ؟!) هكذا كانت تفكر و قد اخرست تلقائيا و هذا ما جعلها تفكر ان كان هذا من فعلته او انه محق ! و لكنها لم تعلم ان هناك من يستطيع العيش كل هذه الفترة !
كان حاجباها معقودان دليل عمق تفكيرها ، انتشلها من ذلك صوته الرزين مجددا
- كل ما اخبرتك به كان صحيحا ، لا تفزعي و لكنني ساموت بعد يوم او يومين و قد اديت مهمتي مع البقية فلا داعي لتنتهي بالفشل عندك !
أشار الى القلادة و أردف
- هذه القلادة تدعى "نيكلايس" و هي عبارة عن مفتاح سيظهر عند اجتماع الست جواهر ، هذه القرمزية واحدة من الست لذا سيبقى لك جمع الخمسة الآخرين بما أن القلادة ملكك !
بدت غير مستوعبة أبدا ، و مترددة ايضا ؛ فهل ما يقوله صحيح !؟ هل يجب ان تصدقه !؟ هو لم يتكلم رغم أنه على علم بما يدور في ذهنها ، بل ترك لها فرصة استجتماع أفكارها و ترتيب المعلومات الدخيلة المتزاحمة في ذهنها !
- عمَّ تتحدث يا هذا ؟! هل رأيت حلما كنت فيه قبل موتك .. ثم إن ما تقوله غير منطقي تماما
اجابها و لم يتزحزح شبرا من مكانه
- بالفعل هذا غريب ! و لكنه صحيح
(انه يتحدث بثقة ، لا يبدو كاذبا)قالت و قد لمعت عيناها بشيء من الفطنة
- مفتاح ماذا هذه القلادة ؟!
رد من غير ان ينظر إليها
- سألتِ قبل قليل عما يوجد خلف البحار !
وجه بصره إليها و أضاف بثقة
- هناك يابسة ! و بشر مثلكم ، العالم يتطور ، و اجناس تتخالف ، و قبائل تتحالف !
هنا توقف عقلها عن العمل ! ان يكون هناك بشر غير الناس الذين على هذه الجزيرة فهذا ما لم تفكر به او تتوقعه بتاتا .. تذكرت كلمته "مثلكم" مذا يعني بهذا ؟!
تجاهلت الأمر و هي تصغي بانتباه الى تكملته
- مجموعة الجزر هذه ؛ محمية بحاجز يجعلها منعزلة عن العالم الخارجي بوابته بشجرة في اعلى قمة جبل المقاطعة الأولى ، مِفتاحها نيكلايس اذا اتحدت مع بقية الأحجار الكريمة المدعوة بـ"إتاكمآ"
ذهلت تماما الآن ! الامر أشبه بالقصص الخيالية .. لا بل هو كذلك في الواقع ! قالت مشدوهة مسلوبة الأنفاس
- و مالذي يضمن لي صدقك ؟!
رد مكتفا يديه المجعدتين ببساطة و من غير تفكير رد عليها
- طبقي و تأكدي .
بقيت تراوغ مصرة
- اذا فعلتها و لم ينجح الأمر كيف أعاقبك ؟!
اجاب بنفس البساطة و كان ما يقوله معقول و شيء عادي غير أنها هذه المرة قد لمحت شبح ابتسامة ارتسم على وجهه
- تعالي و انتقمي ؛ اضربيني مثلا !
أطلقت ضحكة مدوية كسرت سكون الدجى ، و كأن الكائنات من أجلهم أخرست و لحديثهم أنصتت ، ردت على إجابته مشككة
- ألم تقل انك ستموت بعد يومين ؟! كيف سأضربك و الكمك هااه ؟
استطاعت هذه المرة رؤية ابتسامته بوضوح ، كانت جميلة رغم التجاعيد التي غزت وجهه الوقور
- بلى سأموت ، و لكنك ستستطيعين لكمي !
نظرت إليه بطرف عينها مبدية اشمئزازها
- لا ، لست بتلك الدرجة من الدناءة لأضرب ميتا او أنبش قبره ، ثم انك قد تهاجمني و تصيبني و تعود الى الحياة فلا تبدو عاديا !
- لا لن أستطيع الحركة ثم حتى و ان حدث ذلك ستشفين
- سأحتاج الى مساعدة أحدهم رغم ذلك لا اظن ان احدا سيدرك مشاعري الحاقدة عندها !
- بلى سيُدركون ، و عندما تلتقيهم ستعلمين معنى كلامي
كان يتكلم بثقة مطلقة كما هي طريقته منذ استئناف الحوار ، لم تفهم مذا يقصد بقوله "سيدركون" و "تلتقيهم" هل يقصد أصحاب الأحجار ؟! عند تفكيرها بهذا ، اقتحم عقلها اهم سؤال لذا باحت به مباشرة و بسرعة
- و لكن كيف سألتقيهم ؟!
- القدر سيأخذكِ إليهم !
أجاب مجاريا و لم يحمل كلامه في طياته أي مشاعر غير الصدق المثبت باليقين ، ردت على اجابته غير المتوقعة بنبرة تهكم و استياء
- كيف هذا ؟! هل سأصبح مجنونة ابحث عن مجاهيل مثلي ورطوا في مسألة من غير خيط يوضح لهم و لي السبيل؟!
نظر إليها من فوق كتفه و هو يلتفت مودعا ، رمى بكيس كبير يبدو ثقيلا و قال مودعا
- وداعا .
و رحل بعد كلمته هذه ! اختفي كانه حلم ، رددت خلفه بهمس
- وداعا اذن ! يبدو انك ستموت حقا ، و واثق أيضا من أنني لن آتي لأنتقم منك في قبر ، لذا فلا لقاء سيتجدد بعد هذا !
فتحت الكيس الذي رماها به .. توسعت عيناها غير مصدقة ؛ كان به قطع من الذهب الخالص تكفيها لبقية حياتها
(ذلك العجوز غير معقول ! ) ارتدت قلادتها من جديد بعد أن قبلتها
- شكرا لكِ أمي !