12-18-2016, 03:18 AM
|
|
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مره
بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر وينتهى نسبه إلى إسماعيل عليه السلام,
وأبوه عبد الله بن عبد المطلب أحد الذبيحين المذكورين في الحديث الشريف (أنا ابن
الذبيحين) يعنى جده البعيد إسماعيل , حين أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم
علية السلام بذبحه , والذبيح الثاني هو والدة عبد الله وذلك أن جده عبد المطلب
حينما حفر زمزم واستخرج كنوز جرهم منها , نازعته قريش فيها ولم يكن له من
أبناء ينصرونه ويؤازرونه , فنذر لله أن رزقه عشرة من الذكور ليتقربن إلى الإلهة
بواحد منهم , ورزقه الله عشرة من الذكور فأقرع بينهم فخرجت القرعة على
عبد الله فذهب به عبد المطلب ليوفى بندرة فمنعته قريش حتى لا تكون بمثابة سابقة
يعتادها العرب بعده , فاحتكموا إلى عرافة فأفتت أن يفتدي عبد المطلب ابنه بعشرة
من الإبل ويقارع بينها وبين عبد الله فإن خرجت على عبد الله زاد عشرة من الإبل,
ومازال عبد المطلب يفعل ذلك حتى بلغ عدد الإبل مائه فخرجت القرعة على الإبل
فذبحها عبد المطلب وافتدى عبد الله والد الرسول صلى الله عليه و سلم.
و مما تجدر ملاحظة أن عبد الله لم يكن أصغر أولاد عبد المطلب , خلافا لما عليه المؤرخون,
فالمعروف أن العباس عم الرسول صلى الله عليه و سلم كان أكبر منه بعامين ولما كان الفداء
فى العام السابق لمولد الرسول صلى الله عليه و سلم يكون للعباس حينئذ من العمر عام واحد ,
أما عمه حمزة فكان في مثل عمرة فكيف يكون عبد الله أصغر من هؤلاء وهو أب لمحمد صلى الله عليه و سلم.
تزوج عبد الله بامنة بنت وهب وهى من أشرف بيوت قريش, ولم يمضى على زواجهما إلا فترة بسيطة
حتى خرج عبد الله بتجارة إلى الشام , ولكنه لم يعد إلى مكة حيث مرض في طريق عودته فذهبوا به
إلى يثرب , فمات عند أخواله من بنى النجار ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين , وكأن الله
أنجاه من الذبح لأداء مهمة معينة فلما انتهى منها قبضت روحه!! وقيل أن عبد الله توفي بعد مولد ابنة
بعام وقيل بثمانية وعشرين شهرا والرأي الأول هو المشهور.
وظلت آمنة تعيش في مكة في كفالة عبد المطلب وبما ترك لها زوجها
عبد الله من ثروة تقدر بخمسة من الإبل وقطيعا والغنم وجارية وهى أم أيمن. ~ ولما أتمت آمنة حملها على خير ما ينبغي ولدت محمد صلى الله عليه و سلم وكان حملها وميلاده
طبيعيين ليس فيها ما يروى من أقاصيص تدور حول ما رأت في الحمل وليلة الميلاد , وخلت المصادر
التاريخية الصحيحة كأبن هاشم والطبري والمسعودى وأبن الأثير من مثل هذه الأقاصيص , لما ذكر
ابن هشام واحدة منها لم يكن مصدقا لها وقال (ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم) وتتأرجح
روايات المؤرخين في تحديد مولده صلى الله عليه و سلم وهل ولد يوم الثاني أو الثامن أو الثاني عشر
وهل كان في شهر صفر أو ربيع الأول وهل ولد ليلا أو نهارا , وصيفا أم ربيعا وهل كان في عام
الفيل أم قبله أم بعده.
والمشهور أنة ولد في فجر يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول عام الفيل ويرى الباحثون أن عام الفيل
غير معروف على وجه التحديد هل كان في عام 522م أو 563م أو 705 أو 571م فبحثوا عن
تاريخ ثابت محقق يمكن على أساسه تحديد مولد الرسول صلى الله عليه و سلم فوجدوا أن أول تاريخ
تحقيقه هو تاريخ الهجرة في سنة 622م وعلى هذا يمكن التوفيق بين رأي المؤرخين و رأي الباحثين بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد يوم الاثنين التاسع ربيع الأول في العام الثالث والخمسين
قبل هجرته. ~ وظل محمد في رعاية أمه و كفالة جده حتى بلغ السادسة , فذهبت به أمه لزيارة قبر زوجها في يثرب وقدر
لها أن تموت في طريق عودتها وتدفن في الأبواء (على الطريق بين يثرب ومكة ) ويصبح محمد بعدها
يتيما , ويكفله جده عبد المطلب فيحبه حبا شديدا عوضه عن حنان أمه وعطف أبيه فكان يوضع
لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه ألا محمدا فكان يجلسه معه
ويمسح ظهره بيده , ولكن القدر لم يمهل جده طويلا فمات بعد سنتين, فكفله عمه أبو طالب فأحبه
حبا شديدا وأخذا يتعهده بعناية و رعايته , ولم تقتصر حمايته له قبل البعثة بل امتدت إلى ما بعدها
فكان عونا للدعوة الإسلامية وظهرا لصاحبها على الرغم من انه لم يسلم. ~ _اشتغاله صلى الله عليه و سلم برعي الغنم.
ولما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم
مقابل أجر يأخذه منهم , ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول صلى الله عليه
و سلم رعاية المسلمين و قيادة الأمة بعد بعثته وهذا ولا شك مبالغة كبيرة فان كثيرا غيره من الرعاة لم
يصبحوا قوادًا ولا ساسة كما أن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك
فرق كبير بين سياسة الحيوان والإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراء
حيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقة في الصباح
وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد فأخذ يتأمل ويتفكر ويتدبر في
الكون العجيب. _اشتغاله صلى الله عليه و سلم بالتجارة .
وزاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهز فرصة خروج عمه
أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات
النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه.
وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنة لا يمكن تصديقها بسهولة, لأن محمد
صلى الله عليه و سلم نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك في الغار , وكل ما يعرفه
رجال الدين اليهودي والمسيحي عن الرسالة المحمدية زمانها لا شخص صاحبها, وقد أفادت هذه
الرحلة محمدا كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحت عينية على أقوام ومجتمعات تختلف
كثيرا عن قومه ومجتمعة , ومر في الطريق الذهاب والعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين
ووادي القرى وسمع عن أخبارهم الكثير.
ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكة او بالأسواق القريبة منها
كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة
سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب. ~ وشارك محمد مكة الدفاع عن مدينتهم في حرب الفجار بين قريش وهوازن والتي استمر أربع سنوات
كان عمر محمد في بدايتها خمسة عشر عاما وسببها أن النعمان بن المنذر أراد يعين قائدا لقافلة تجارية
من الحيرة إلى سوق عكاظ فعرض كل من البراض الكتاني وعروة الهوازنى نفسه فاختار النعمان
عروة فقتله البراض, وسمعت قريش وهى من كنانة الخبر وأدركت أن (هوازن) قبيلة عروة لابد
أنها ستثأر لرجلها.
ووقع القتال بين الفريقين وكان في الأشهر الحرم وتراجعت قريش حتى دخلت الحرم فوعدتهم هوازن
الحرب في العام القادم وظلت هذه الحرب تجدد طوال أربع سنوات في انعقاد سوق عكاظ ,
ثم انتهت بالصلح بين الفريقين على أن تدفع قريش دية من يزيد عن قتلاها لهوازن فكانوا عشرين
رجلا وسميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم و هو الفجار الرابع
في تاريخ مكة.
ويروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنة قال في حرب الفجار: كنت أنبل على أعمامي (أي أجمع
نبل عدوهم اذا رموهم بها) وقال في حديث آخر: قد حضرتها (حرب الفجار)مع عمومتي ورميت
فيها بأسهم وما أحب أنى لم أكن فعلت.
ولذلك اختلف المؤرخين في كيفية مشاركة الرسول صلى الله عليه و سلم , وهل بجمع النبل؟أم بالرمي؟
و يبدوا أن الرسول صلى الله عليه و سلم مارس العملين, فإن الحرب استمرت أربعة أعوام , كان
عمر الرسول في بدايتها خمسة عشر عاما وهى لا تمكنه من الرمي فساهم بجمع النبل , وفي نهايتها
كان على أبواب العشرين ربيعا فتمكن أن يساهم يرمى النبل. ~ استغفر الله العظيم من كل ذنبِ عظيم.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له. |
|