عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-24-2017, 09:04 PM
 
فِتنة أطلنتا || مازال هنالك امل...

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




رواية فتنة !
واصلي ~





حين تسير قدماك في منحدر دون وعي
حين تجد حياتك تهوى ولا تفكر النهوض بها
حين تكبلك حبال الظلمة وتشدك نحوها دون شعور
تسير مغمض العينين ولا تعلم ان القدر يأخذك الى
مستقبل لم تتصور ان يكون له يوما وجود





وقف على حافة سطح بناء شاهق، فتح ذراعيه مستقبلا الرياح التي اخذت تتلاعب بشعره الاسود ويرفرف بقميصه الابيض الذي ناقض بشرته السمراء، اخذ نفسا اخيرا متهيئا ليميل بنفسه للامام فيسمح لتلك المسافة التي لا تسهان بها ان تكون مسيرة اخر لحظات عمره، لكن نهاه عن ذلك ارتطام صغير على رأسه، فتح عيناه العسليتين باحثا بنظراته المنزعجة حوله حتى ثبتت عند شابا عشرينيا رث الثياب يجلس على سور حافة السطح باريحية، كستنائي الشعر ابيض الوجه عيناه الخضر حملتا من السخرية واللهو ما دفعاه لان ينغاظ منه خاصة عندما رآه يتلاعب بحجر صغير في يده ثم قال:
"اتكفي ضربة واحدة ام تحتاج للثانية..."

نظر اليه زاهر بانزعاج وقال:
"اذهب واهتم بشؤونك..."

نزل سولام من السور بقفزة صغيرة ليتوجه لزاهر بمرح قائلا:
"انت كنت على وشك ان تسقط وانا انقذتك، من الان فصاعدا انت مدين لي بحياتك واصبحت انت شأني..."

نظر اليه زاهر بسخرية ليقول:
"انت لم تنقذ حياتي بل اجلت انتحاري بازعاجك..."

امسكه سولام من قميصه لينزله فجأة عن سور السطح ويسقط بالقرب منه، وضع قدمه على صدره ليقول:
"الست زاهر ال.... لست اذكر اسمك الثاني...
المهم، لما يرغب شخص بثرائك ان ينتحر؟ بينما يمكنك ان تشتري الدنيا بما فيها؟..."

نظر زاهر لسولام للحظات شاردا ثم ابعد نظراته عنه وقد ارتسم البؤس في عيناه، ابعد سولام قدمه عن زاهر ليقف بالقرب منه عاقدا ذراعيه ويقول:
"هل لديك من يرثك؟..."

- قال الاخر ساخرا:
-وهل كنت لاقدم على الانتحار لو كان لدي احد؟...
- يا لك من فاشل... رغم ثراءك لا تستطيع ان تشتري عروسا تنجب لك اولادا
- بل انت الغبي، القلوب لا تشترى، ما قيمة ان يكون لي زوجة تتزوجني لاجل مالي وقلبها معلق بغيري

نظر اليه سولام رافعا حاجبه وقال ساخرا:
- اذا هذا كل ما في الامر؟... إدعت احدهن حبك لاجل مالك بينما خانتك مع غيرك...
قطب زاهر حاجبيه وابعد ناظريه منزعجا حيث فضح سره دون ان ينتبه لكن الاخر لم يهتم كثيرا فقال:
- على كل حال بما ان ليس لديك من يرثك، خسارة ان يذهب ثراؤك للاحد بعد موتك، سجل ممتلكاتك باسمي ثم انتحر
- نظر اليه زاهر بحدة ليقول: ولما افعل؟ انت لست افضل منها، لم تأت الي الا لاجل مالي
- هذا صحيح، لكني لم احاول خداعك... فانت بكل الاحوال ستتخلى عن كل ما لديك، تبرع به لي، صدقا لو استطعت ان اخذ عمرك بما انك ستتخلى عنه لفعلت، لكن للاسف لكل منا حياته لا يمكن ان نمنحها للغير لو مملنا منها
- لست مهتما... لا تستحق ثروتي
- اذا ستدعها تذهب هباءا؟
- لست مهتما...
تفكر سولام"يا له من غبي، على الاقل فليجعلها لاحدى الجمعيات او المياتم..." تناسى الامر ثم قال له:

- حسنا... لدي حل قد يعجبك، انت لا تريد حياتك كما لا تريد التخلي عن املاكك اليس كذلك؟... اذا دعنا نلعب لعبة الموت

نظر اليه زاهر مستغربا ليجد الاخر قد رسم على وجهه ابتسامة شيطانية واكمل: "سنلعب كل الالعاب الخطيرة فانا ايضا ليس لدي ما اخسره، لا ثراء فاحش، لا عائلة تهتم بي، ولا شيء يعلقني بالحياة..."

مد يده للاخر لينظر اليه زاهر متفكرا ثم تمسك بيد سولام لينهض قائلا:
"اذا؟... كيف نلعب تلك اللعبة؟..."

نظر اليه زاهر باهتمام، فمد سولام يده الى حزامه ليخرج منه مسدس، فتحه ليريه البكرة المحشوة برصاصة واحدة من اصل ستة، ادارها عشوائيا واعطاها لزاهر قائلا:
"فلنجعل موتك اكثر متعة..."

نظر زاهر للمسدس في يد سولام بتردد فقال سولام:
"ما بك يا رجل؟ هيا خذها الا تريد الانتحار؟..."

ارتسم البرود على وجه زاهر ليمد يده فيأخذ السلاح فوجهه على رأسه فقال سولام:
"مهلا انتظرني... فلنفعلها سويا..."
اخرج سلاحا اخر ليدير البكرة ووجه كلاهما السلاح على رأسيهما وعد سولام، واحد... اثنان... ثلاثة..."
اطلق سولام بينما زاهر ينظر اليه مشدوها عاجزا عن الضغط على الزناد، فتح سولام عيناه ليرى ان كلاهما مازال حيا فخر ضاحكا بينما رمى زاهر السلاح قائلا:
"تلك ليست طريقة تناسبني للانتحار، تلك الطريقة تجعل اعصابي تهترء وتقتلني تدريجيا..."

نظر اليه سولام بعتاب:
"لماذا؟... انت تريد للموت على كل حال..."

"انا اريد الموت مرة واحدة، لكنك ستجعلني اجرب الطريقة حتى الموت، وبذلك سأموت مع كل تجربة، هل تظن ان من السهل الاقدام على الانتحار، التفكير بالامر انتحارا بحد ذاته..."

نظر اليه سولام مستغربا ثم قال:
" لا بأس ان كنت تخشى الاقدام سأفعلها عنك..."

فتح مسدسه وادار البكرة ليوجهها على رأس الاخر وقبل ان يعترض زاهر اطلق سولام، تصنم زاهر ما ان رآه للحظات وما ان عاد سولام لضحكته الهستيرية العالية حتى هجم عليه زاهر صارخا:
"كف عن ذلك... الامر ليس مسليا ابدا..."

توقف سولام عن الضحك لينظر الى زاهر بجدية ثم ارتسم ابتسامة خبيثة على محياة تلاها بقوله:
"تريد ان تجرب امرا مسليا؟... لكنك سيكون كل شيء على حسابك، لنبدأ بالقفز من الطائرة بمظلة مثقوبة وان نجونا سنجرب..."

- اصمت (قالعا صارخا) لا اريد شيئا من العابك المميتة، افضل الانتحار من هذا البناء فحسب...

- كنت اتوق الى ان نسافر على حسابك الى احدى المحميات ونصارع الاسود والفهود، او ان نصعد على يخت فاخر ونرمي بانفسها بالمحيك الاطلسي لنصطاد اسماك القرش بايدينا

اغمض زاهر عيناه بتعب قائلا بوهن:
"انت مجرد مجنون، رجاء فقط اختفي من حياتي لاتمم انتحاري وانا محافظا على عقلي

نظر اليه الاخر نظرات متعالية متفكرا ثم قال:
"ان من يرغب بالانتحار لا يمكن ان يتصف بالعاقل، لكن على كل حال ان كنت مصرا على القفز من هنا يمكننا ان ننتقل الى مرحلة اخرى من مراحل لعبة الموت، هل جربت البانجي يوما ما؟..."

" هل تسمي البانجي لعبة الموت؟... الملايين يلعبونها ولم اسمع باحدهم مات..."

" سنلعبها بقوانيننا"

سكت زاهر فقال سولام: "لنقل ان طول هذا البناء عشرون متر، لا اظن ان الحبل سيمتد لاكثر من ضعف طوله، سنحضر حبلا طوله 15 متر، نجاتك سيعتمد على وزنك، ان كان وزنك ثقيلا ستحقق مرادك، والا ستنجو ونذهب الى لعبة اخرى..."

"
تنهد زاهر بانزعاج ثم قال:
"لا اريد ذلك، دعني انهي حياتي بطريقة طبيعية وانسى الامر..."

ان كنت تريد ان تنهي حياتك بطريقة طبيعية لما لا تأخذ حبوبا قاتلة وتموت بدلا من هذه الطريقة المتوحشة؟... قل انك تريد ان يصل خبر موتك لتلك المدعوة الخائنة عبر الصحف... اتعلم، لا تفعل شيئا لاجل من تخلى عنك ليستبدلك بمن هو اقل منك شأنا، والان هيا لدينا مهمة لنقوم بها..."

توجه الى حيث كان جالسا اول مرة رآه ليأخذ من الارض حبلا مطاطيا ويناوله اياه قائلا:
" اربط طرفه على خصرك وانا ساربط الطرف الاخر على مقبض باب السطح..."

- هل تمزح معي؟... إن لم امت بوصولي الى الارض سأموت من ضغط الحبل على خصري، هذا ان لم امت بسبب افتلات الحبل، البانجي له طرق معينة لربط الحبل على البشر..."

نظر اليه سولام بلا مبالاة قائلا:
"واين المشكلة في ذلك؟ انت تريد الموت على كل حال؟..."

- وانت ما شأنك بي؟ اتركني اموت بالطريقة التي اريدها

انتهى سولام من ربط الحبل على مقبض الباب فانتقل الى الطرف الاخر قائلا:
"انها الطريقة التي اخترتها انت، القفز عن سطح البناء، الان هيا اربطه على خسرك..."

- لا اريد

- اتفضل القفز بدونه

- على الاقل سأعرف ما هو مصيري

- كلنا نعيش دون ان نعلم مصيرنا وما يخفيه لنا المستقبل، فلا تقول انك تعلم ما مصيرك..."
لف الحبل حول خاصرة زاهر بصعوبة بسبب اعتراض الاخر ومحاولة التفلت، وما ان انتهى من ربط الحبل حتى حمل زاهر ورماه من سطح البناء، قبل ان يسقط امسكه بينما زاهر متشبثا به ينظر للاسفل مرعوبا، قال سولام:
"اذا هل تريد الانتحار ام لا؟..."

نظر زاهر لعيني سولام الجديتين وعلم ان حياته تتوقف على جوابه، نظر للاسفل البعيد ثم ارخى يديه المتشبثتين بسولام معلنا استسلامه للموت، قال سولام
"ان كنت كما قلت لا تريد ان تموت بسبب ضغطة الحبل على خاصرتك يفضل ان تمسك طرف الحبل بيدك لتمنع انشداده عليك"

قال كلامه وافلته ليسقط زاهر وما ان بدأ يشد الحبل حتى بدأ يضغط على خاصرته الى ان اصبح الالم لا يطاق ما اجبره ان يمسك بطرف الحبل، اشتد الحبل لدرجة انه كاد ان يلمس الارض بجبهته فأغمض عيناه بشدة لكنه فجأة سحب للأعلى فأخذ سولام يسحب الحبل بعجل حتى عاد زاهر للسطح مجددا، ادخله سولام ليرتمي زاهر على ظهره ارضا يلهث برعب وما هي دقائق حتى تقلب زاهر على الارض ليتقيئ مفرغا كل ما في معدته، اقترب اليه سولام وناوله منديلا ورقيا، اخذه زاهر ومسح فمه ثم اعتدل جالسا رافعا راسه مغمضا عيناه يسترجع انفاسه وقد شحب لونه حتى اصفرت شفتاه، ربت سولام على كتفه قائلا:
- كانت تجرية فاشلة... هل تحب ان نعيد الكرة ولكن هذه المرة سنطيل الحبل قليلا؟..

اجبر زاهر نفسه على فتح عيناه لينظر الى سولام بغضب ثم قال بوهن:
"لقد كاد جبيني ان يلمس الارض حينها، ان اطلته ولو قليلا فانا ميت لا محال..."

- لكن اليس ذلك ما ترغب به؟ هيا فانت جربت فقط السقوط لكنك الى الان لم تجرب الارتطام...

- لقد غيرت رأيي، لم اعد اريد الانتحار بهذه الطريقة

- اذا لا يهمك ان يصل خبر موتك الى تلك الخائنة

- على كل حال لا اظن انها ستحزن لموتي حتى ولو كانت هي السبب...

- انت محق... ربما كانت لتقول انك كنت مجرد طفل مدلل ضعيف لا يقوى على مجابهة اسخف مشاكل الحياة...

نهض زاهر غاضبا ليهم بلكمه فابتعد الاخر ضاحكا وهو يقول:
"ماذا يا رجل، اليست تلك الحقيقة؟..."

تجاوز لكمة زاهر ثم اردف شامتا:
"ربما الشيء الوحيد الذي ستأسف عليه هو مالك الذي لم تستطع ان تحصل منه على المزيد..."

ازداد غضب زاهر ليتبعه بلكمة اخرى اسقطت سولام ارضا ووثب عليه يلكمه لكمة بعد لكمة حتى ارتخى في الارض فارتخى زاهر بالتالي، بصق الدماء جانبا ثم قال بجدية:
"ماذا لو ان انتحارك سبب انتحار لاحد اخر؟...وانتحاره سيؤدي حتما الى انتحار احد اخر... هل ترغب بان تكون سبب في سلسلة انتحارات؟..."

نظر اليه زاهر ليقول بسخرية:
"الوحيدة التي كنت اظنها تحبني لا اظنها قد تفعل ذلك لاجلي..."

- الوحيدة التي ظننتها تحبك... تعلم ان طبع البشر لا يظهرون ما يبطنون... هذه تظاهرت بحبك لكن ما اخفته كان شيئا اخر، بينما غيرها تظاهر بتجاهلك بينما تكن لك حبا جما..."

- تحبني انا حبا جما!... لا اذكر ان هناك احد بتلك المواصفات..."
قالها بسخرية فأجابه صاحبه:
"بالطبع لن تذكر، لقد سبق ان اتفقنا ان البشر يظهرون ما لا يبطنون، هل تظن ان امرأة تحترم نفسها ستظهر لك عشقها بينما انت تواعد غيرها؟..."

اخفض زاهر راسه متفكرا ثم قال:
" من تكون تلك ومن اين علمت بصدق مشاعرها تجاهي؟..."

" حسنا... لنبدأ القصة من البداية، انا مجرد متسول اجوب الشوارع طالبا القوت، لم ينظر الي احد، الكل ابتعد عني بتعال والذي كلف نفسه ليساعدني فعله بعجرفة، بقيت هكذا ما يقارب العشرون عام، لكنني وصلت لمرحلة اليأس، وحين كنت جالس في احدى الصباحات الباردة اصارع البرد والجوع بدأ الموت يداعب عقلي ويرسم له اشكال باجمل صوره، نهضت وسرقت سلاح احد المارين بالشارع واسرعت بالهرب حتى تأكدت انه لا يتبعني، جلست في احدى الازقة افكر:
"هل اقتل نفسي هنا واموت وحيدا؟ ومن سيعرف بموتي، ومن سيخسر غيري، اذا هل اذهب وانتحر امام الجميع لاظهر لهم مدى كرهي لمجتمعي؟ ربما سيشعرون ببعض تانيب الضمير ويساعدون من تبقى من امثالي، قد يساعد موتي احدهم، اردت النهوض لتنفيذ ما خططت له، حتى وجدت شابة جلست بالقرب مني وضعت امامي وجبة لذيذة، فطورا رائحته نفاذة ولم استطع اسكات بطني التي لم تذق الطعام منذ ايام الا اليسير، سألتها:
"هل هذا لي؟..."

هزت كتفاها مبدية عدم اهتمامها بما سأفعل به، فاخذت الطعام وبدأت اكل بشراهة حتى انهيته، شكرتها عليه لاراها بدأت البكاء، حينها شعرت بالاسى عليها فاعتذرت لها لاني اكلت كل الطعام دون ان اترك لها شيء، ابتسمت من بين دموعها ثم قالت:
"ليس هذا سبب بكائي..."
سكت قليلا اراقبها ثم حمحمت لاجذب انتباهها وسألتها عن سبب بكائها، حكت لي قصتها عن الشاب الذي احبته من ايام الثانوية وانها سافرت بعد سنين للقاءه وحين توصلت اخيرا لعنوانه اشترت ذلك الطعام الشهي لتتناوله معه كما كانا يفعلان وهما شابان، لكن حين ذهبت لمفاجئته وجدته يواعد امراة اخرى، علمت حينها ان الوعود التي وعدها بها ايام الثانوية لم تكن اكثر من تراهات مراهق رمى بها بالماضي ما ان اختفت من حياته، سألتها عن اسمه علني استطيع ان اساعدها لكن حين اخبرتني به علمت انه لا فرصة امامي للقائك، فما كان مني الا ان طلبت من صديقتي الكف عن مواعدتك باي عذر كان، وكان اول عذر وجدته هو انها تحب غيرك فهذه كانت الحقيقة على كل حال، علمت فيما بعد انها كانت تحبني وتركتك لاجلي رغم كل ما كان يصلها منك..."

لكمه زاهر مجددا حين علم ان الذي امامه هو نفسه غريمه الذي تركته حبيبته لاجله، نظر اليه بحقد ونهض مبتعدا عنه ثم قال بحدة:
"لن اترك الحياة بسبب امثالكم واترككم تستمتعون بها سعداء..."

اعتدل سولام جالسا ليقول:
"وهل ابدو لك مستمتع؟ لقد كنت مثلك مقبلا على الانتحار لولا صديقتك من ايام الثانوية، لقد اثبتت لي انه مازال هناك امل، مازال هناك اناس طيبون يسعون لاسعاد الاخرين، لاجلها وفقط لاجلها جئت لامنع انتحارك... لا اريد ان ارى دموعها تلك مجددا..."

نظر اليه زاهر بغيظ ليقول:
"اردتني ان اتزوجها لكي تبرء ذمتك من موتي وتستطيع الزواج من تلك الخائنة مرتاح الضمير..."

- تلك الخائنة لا اكن لها اي مشاعر، على عكس تلك التي لم تستطع ان تنساك يوما ولحقت بك من موطنها الى هنا لتشاركك افطار من الذكريات الجميلة

نهض سولام يمسح الدم النابع من انفه بكمه، نفض ملابسه ثم قال:
"منعت اليوم انتحارك لاجلها، لكن لو اصابها سوء بسببك سيكون موتك على يدي..."

استدار لينصرف فأوقفه زاهر قائلا:
"مهلا... انت تدين لي بتراميسو مع القهوة..."

التفت اليه سولام مبتسما ليقول:
"لا اذكر انني اخبرتك ما الذي اكلته يومها..."

" يكفي انك اخبرتني انه افطار من الذكريات الجميلة مع صديقة الثانوية..."

" لكنك لم تستحق ذلك الافطار على كل حال... فقد استبدلته بافطار مع خائنة..."

- لقد كنت احمقا

- وستبقى كذلك فالحمقى لا يتغيرون، عليك ان تشكر ربك لانه جعلني اعترض طريقك لتفتح عيناك

- وانت عليك ان تشكر ربك لانه وضع صديقتي لتعترض طريقك وتفتح عيناك، لولاها لكان قلب الخائنة مفطور الان

- لكنه كذلك... لقد علمت اني لم اطلب منها التخلي عنك الا لاجل صديقتك وليس لاني اريد الارتباط بها

اخفض زاهر رأسه متفكرا ثم قال:
"اذا... كل منا اخذ جزاءه..."

ابتسم سولام بألم ثم قال:
"لقد رأيت صديقتك سمر في طريقي اليك في الحديقة العامة، اظنها مازالت هناك اذهب اليها..."

قالها وانصرف ليترك السعادة تتغلغل الى قلب الاخر، وعاد هو من حيث اتى ليستأنف حياته كما كانت سابقا وفي داخله نمت عزيمة بها احس انه اصبح قابل لمجابهة ما يواجهه في الحياة...







[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
  #2  
قديم 08-24-2017, 10:09 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


ابداع




عاد سولام الى حييه البائس ليجده في حالة فوضى، الجميع اجتمع في بيت صديقة طفولته، اسرع الى هناك ليراها مرتمية على الارض

تحمل في يدها علبة من الدواء ويبدو انها ابتلعته بالكامل ونفذت تهديدها له اخيرا، اسرع اليها وهو يهزها عسى ان تسمعه فتستيقظ لكنها لم تتحرك،

بكى كثيرا وانتحب وهو يعانقها راجيا منها ان تعود وهو يسترجع اخر ذكرى جمعته بها،

تتوسل اليه كي يعود ليحبها كما كان سابقا، وعدته انها ستكون مخلصة له كما كانت قبلا، ستفعل اي شيء لتعيد قلبه يحن عليها كما حين كانا يافعين،

حين استدار متجاهلا وعودها له صرخت مهددة انها ستنتحر بجرعة زائدة لدواء مهدئ، لم يتعنى لكلامها وانصرف باحثا عن زاهر، لم يتوقع ان تنفذ تهديدها...


قاطع صراخه وبكائه احدهم حين سحب دينا من يديه ليحملها واسرع بها للخارج، تبع ذلك الشخص باكيا ليراه يصعدها الى السيارة،

وضعها في المقعد الخلفي ثم تقدم اليه ليسحبه ويدخله في المقعد الامامي للسيارة بينما احدهم في الخلف يجري عليها الاسعافات الاولية وانطلقت السيارة مسرعة ليصلوا الى المستشفى فيدخلوها الى غرفة العمليات


جلس سولام ينتظر في الخارج مدمع العينين متوترا لكنه كان اكثر هدوءا من ذي قبل، ربت زاهر على كتفه قائلا:

"لا اريد ان التقيها بعد ان تستيقظ، لا اظن انني سأحب ان اقابلها بعد ما سمعته منها ذلك اليوم... سأدفع تكاليف المستشفى واترك الباقي عليك..."

اومئ له سولام لينصرف زاهر مع صديقته ايام الثانوية
------

بعد عدة ايام اقبل زاهر لزيارته مع سمر ليشكراه على جمعهما بعد فراق دام طويلا،

وصلا الى كوخ صنع من الواح خشبية نتئت بسبب الامطار ايام الشتاء، وبابه عبارة عن خرقة بالية ممزق اطرافها، دخل زاهر وهو ينادي سولام ليراه مستلق على بساط مهترء على الارض الترابية،

استأذن لكن الاخر لم يرد عليه فسمح لنسفه بالدخول، اقترب منه وانحنى قربه، هزه ليوقظه لكن سولام اكتفى بقوله:
"ابتعد من هنا... الذنب ذنبك من البداية..."

قطب زاهر بانزعاج ليقول:
"عن اي ذنب تتحدث!... إنهض لاستقبالنا فحسب..."

نهض سولام غاضبا ليصرخ:
"لو انك لم تدخل حياتها من البداية ما كان ليحدث كل ذلك، ما كنت لتخرب علاقتنا، ما كنت لتخرب علاقتك بصديقتك، ما كانت لتنتحر... الذنب ذنبك من البداية..."

اجفل زاهر لسماع كلامه، عقدت حاحبيه لينظر الى سولام:
"لقد اخذناها للمشفى واجروا لها غسيل معدة..."

غطى سولام وجهه بكفيه حين بدأت دموعه تنزع ليقول بحسرة:
"لقد تأخرنا كثيرا لنأخذها الى المستشفى، حضرتك لم تتراجع عن فكرة انتحارك بسهولة، لاوقف عملية انتحارك لم استطع ان اوقف انتحارها هي..."

ساد صمت في الغرفة فدخلت سمر عندما سمعت سولام يصرخ لتستفسر عما حدث لكن كلاهما بقيا صامتين بحزن، مسح سولام دموعه ليبعد وجهه عنهما،

اقترب سمر من زاهر لتقف بالقرب منه، ربتت على كتفه لتعيد عليه السؤال، تنهض مغمضا عيناه وقال بصوت اجش:
"لقد ماتت..."

عقدت حاجبيها مستغربة:
"من هي؟..."

فتحت عيناها على وسعهما حين تذكرتها لتعيد نظرها الى سولام قائلة بأسى:

"انا اسفة... لقد فعلنا كل ما بوسعنا... لقد فعلت لها كل ما استطعت مما اعرفه بالاسعافات الاولية في طريقنا للمشفى..."

عاد سولام ليبكي مجددا حين استعاد ذكريات ذلك اليوم المرير، وصمت الجميع حزين، لحظات حتى فتح سولام قبضته لتظهر داخلها ورقة مطوية اطرافها كادت تذبل من كثرة ما فتحت واغلقت، ثم قال:

"لقد سلمتني جدتها هذه الرسالة، قالت انها طلبت منها ان توصلها لي عندما اعود، لكنها نسيت انني لا اجيد القراءة..."

نظر اليه زاهر لحظات ثم قال:
"اتريد ان اقرأها لك..."

وجهها سولام اليه قائلا:
"اتمنى ذلك..."

اخذ زاهر الرسالة وباشر القراءة:

"حبيبي سولام
كنت اتمنى ان نقضي ما تبقى من حياتنا معا كما حين كنا صغارا ولكن ابى القدر الا ان يفرقنا، لقائي بزاهر كان غلطة القدر ولم يكن... "

سكت زاهر هنيهة وهو يجول بناظريه على اسطر الرسالة ثم طواها وهو يتنهد بثقل دون ان ينزع عينيه اللتان التهمتهما اليأس عن الرسالة، نظر اليه سولام ببرود قائلا:
"ماذا؟... الن تكمل القراءة؟..."

نظر زاهر لسلام بحزن ثم قال:
"انها تطلب منك ان تسامحها على ما فعلت..."

- فقط؟...

تقول ان تستمر بحياتك لاجلها وان تبحث عن فتاة تسعدك و... فقط... "

مد يده بانزعاج نحو زاهر فسلمه الاخر الرسالة شاردا، ربتت سمر على كتف زاهر كأنها تخبره انه آن وقت الرحيل، اومئ لها زاهر ليعود وينظر الى سولام، قال له:

"كنا قد اتينا لنشكرك على جمع شملنا مجددا، و... لنسألك كيف نرد لك الجميل، ان كنت تريد مبلغ من المال او... "

نظر اليهما باشمئزاز ليقول له:
"لن تشتريني كما فعلت مع دينا... "

اجفل زاهر لسماعه ثم قال بحزن:
'لست احاول ان اشتريك او اهينك، كل ما ارتده هو المساعدة..."

- مالك لن يساعدني، مالك سيفسد حياتي كما فسد حياتها، ان اردت ان تساعدني فكل ما عليك هو ان تختفي من حياتي..."

تنهد زاهر بضيق لينظر حوله محاولا ان يهدئ اعصابه، عاد لينظر اليه وقال:

"اسمع، انت تعلم اني ادين لك بحياتي، ان كنت ترفض اي مساعدة مني او رد اي جميل انا فقط ارجو منك ان لا ترد لي طلبي..."

صمت سولام يستمع الى زاهر فقال:
"احفظ حياتك، لا تقدم على الانتحار ان لم يكن لاجلي فلاجلها... قلت ان لا يمكن لاحد ان يهدي عمره للاخر، اعتبر ان هذا تفكير خاطئ، وانها اهدتك ما تبقى من عمرها،

هي لا تريدك ان تموت، لقد كتبتها في الرسالة، تريدك ان تستمر حياتك لترى ما لن تستطيع هي ان تراه، لتشيخ انت عنها..."

قاطعه سولام قائلا:
"ومن اين اتيت انني اريد الانتحار؟...
هل تظنني ضعيف لدرجة ان اتخلى عن حياتي لاجل امراة؟
اني اكبر من ان تخطر لي تلك الافكار
لست غبيا كأحدهم..."

قالها وهو ينظر اليه بحقد فسكت الاخر منزعجا ثم قال:
"ان كنت واثقا مما تقول... اظن انه لم يتبقى لي شيئا لاقوله..."

سكت الاثنان فنهض زاهر ليمسك بيد سمر فقالت الاخرى: "تذكر، دائما هناك امل، ستجد الحياة يوما تغيير لك وجهها، فقط اصبر..."

وحين لم ينطق ببت شفة استأذنا وانصرفا، ما ان ذهبا حتى مد يده لتحت البساط ليأخذ منه مسدسه، نظر اليه متفكرا "هل يحب ان اتقييد بما قلته له؟... هل حقا اني اكبر من ان انتحر لاجل امرأة؟..."

تنهد ضاحكا بسخرية ليقول " هناك امل... لكن اين هو؟ ولما انتظر كل هذا الوقت؟ ثم... من سيعيدها من الموت؟..."

سمع ضوضاء في الخارج فنهض منزعجا ليتفقد الامر فيرى ابناء حييه مجتمعين ويتحدثون بحماس ويضحكون والبعض يصرخ فرحا، اقترب منهم ليستفسر عما جرى فقال له احدهم

"لقد قررت احدى الجمعيات الخيرية ان تهتم بالاحياء الفقيرة في هذه المناطق، قالوا اننا لن نرى الجوع بعد اليوم كما انهم سيبنون مدارس ومستشفيات خاصة بنا وسيساعدون العاطلين للبحث عن عمل..."

استغرب سولام الخبر وهو يفكر:
"ما الذي جرى فجأة حتى تذكرتنا جمعية بعد كل هذه السنين من العذاب" تناسى الامر وابتسم وهو يردد "دائما هناك امل..."

اخذت الامور تتحسن، لم تمض سنة حتى بنيت مدرسة لجميع الاحياء السكنية الفقيرة في تلك المدينة، الكبار وجدو اعمالا ولو انها ليست بالمستوى المطلوب لكنهم استطاعوا ان يؤمنوا بها لقمة عيشهم،

سولام عمل كعتال لمدة سنة ونيف حتى تعلم القراءة والكتابة وبعدها اكتشف في نفسه موهبة الكتابة وبدأ يكتب خواطر واشعار عن حبه المقتول ويطبع وينشر،

وتوسع نطاق موهبته لتطال القصص فيكتب قصص واقعية عن احوال الحي قديما ليعلم الطبقة المرفهة من المجتمع ان اولئك الفقراء

لديهم مشاعر وكبرياء يتوجب عليهم احترامها بموجب الانسانية عسى ان يقضى على البؤوس على اوسع نطاق، واخيرا كتب قصة تعارفه بذلك الثري زاهر،

الذي كان سبب في خسارة حب طفولته، وكتب عن كيف يعيش الاغنياء دائما على حساب فقراء...

the end

---------


ختم مجموعته القصصية بتلك العبارة وأخذ يسترجع قراءة القصة ليدقق فيها من الاخطاء فيلاحظ امر الرسالة، رسالة دينا ظلت معه طوال سنين لكنه لم يقرأها يوما،

لقد قرأ له زاهر مضمونها لكنه لم يقرأها هو شخصيا، احب ان يقرأ كلماتها ويتمعن في عباراتها، توجه الى حيث كان يخفي رسالتها وفتحها ليقرأها:

"حبيبي سولام
كنت اتمنى ان نقضي ما تبقى من حياتنا معا كما حين كنا صغارا ولكن ابى القدر الا ان يفرقنا، لقائي بزاهر كان غلطة القدر ولم تكن غلطتي انا،

انا لم انسك يوما، ظللت احبك وفي كل مرة حين كنت تمر امامي وتذهب دون ان تلتفت الي كنت اتعذب، كنت اتوق لان نعود كما كنا،

لكن ما بلسم جراحي اني كنت امل ان انقذ حيينا من البؤوس الذي يحيا فيه، اردت الزواج منه ثم اقناعه بمساعدة اصدقائنا وجيراننا،

لكن عدم دعمك لي بذلك مزقني، وابعادك عني جعلي اتراجع لكن كنت مصرة على انقاذ الجميع، رأيت انه لا بأس بما انني خسرتك ان انقذ الباقيين،

لكن حين طلبت مني ان اتخلى عن زاهر ظننتك تريدنا ان نعود كما كنا، حبي لك سمح لي بنسيان كل ما خططت له لانقاذ حيينا البائس

لكن ما تبيين لي انك تفعله لاجل امراة اخرى، يبدو انه لم يتبقى شي من حبك لي في قلبك، وبذلك خسرت ما كنت اعيش لاجله، حبنا، والمستقبل الباهر لحيينا،

خسرت كل شيء، لذلك لا ارى من ضرورة للاستمرار، سألتقيك بعد الموت، اتمنى ان لا تكون حينها قد نسيتني...
صديقتك الابدية:
دينا..."

سقطت الورقة من يده التي اضحت ترتجف، لا يعرف ايضحك ام يبكي، طوال تلك السنوات كان يعتقد ان ما كتبته له هو ما ذكره زاهر، لكن الامر اطول بكثير،

لقد ذكرت سبب ارتباطها بزاهر ولن يستغرب لو زاهر اخفى الامر، كما ان اخر الرسالة، ما كان ذلك بالضبط؟ كان الامر اشبه بدعوة للانتحار،

هل هذا ما قصدته؟ لو انه يجيد القراءة كان لينتحر بالتأكيد للحاق بها، فحالته المأسوية ما كانت لتسمح له بحسن التفكير والتدبر،

ما كان ليفكر ان حياته ستتحسن يوما ما لتضحى بما هي عليه الان، لديه عمل شريف يحبه، كما لديه سمعته الطيبة وجمهوره الذين يعشقون قصصه واشعاره،

ما كان ليفكر يوما ان الحياة ستتغير على ها النحو، لكن بالتفكير بالامر، الجمعية الخيرية تبنت الاحياء الفقيرة مباشرة بعد مغادرة سولام كوخه ذلك اليوم،

اي بعد ان قرأ رسالة دينا، هل يمكن انه تأثر بما كتبته وحينها قرر المساعدة، لقد قال يومها ان الحياة ستتغير، ومنعه من الانتحار ليشهد على التغيير،

هل كان يقصد هذا التغيير الذي طرأ فجأة على حياته وحياة سكان حييه؟ اذا فهو مدين لدينا بعد كل شي لانها فتحت عينا سولام على حييه البائس،

وان كره الاعتراف فهو ايضا مدين لزاهر على حسن سيرورة حياته، توجه الى حاسوبه ليغيير اخر القصة، امحى قصة استغلال الاغنياء للفقراء وكتب

"البعض يجمعهم القدر بظروف سيئة ليكرهو بعضهم بعضا، لكن ما لا يعرفونه ان اجتماعهم فيه تغيير شامل لمستقبل باهر، زاهر الغبي الذي لطالما حسبته كريها،

اكتشفت بعد اربع سنوات اني ادين له بتحسن احوال حياتي واستقرارها، رغم اني ما زلت لا ارغب بلقائه مجددا،

على كل حال لا تعتبر اني مدين لك بشيء، فقد خذ بعين الاعتبار ان دينك القديم لي انتهى وهكذا اصبحنا متعادلين..."

وارسل نسخة من كتابه الجديد للمطبعة، وحين صدر الكتاب وقع على احدهم لزاهر وارسله له عبر البريد...

بعد عدة ايام ذهب لزيارة قبر دينا، كالعادة وجد عليه عصن من شجرة الياسمين قد يبس، يعلم انها زهرتها المفضلة، ولكن لما غصن بالكامل وليس فقط وردة،

في كل اسبوع يأتي لزيارتها يجد الغصن ذبل اكثر حتى يبدل بعد شهر باخر جديد، لم يفهم السر وتبادر على ذهنه افكار حبكت له قصة رواية جديدة،

شاب احب فتاة تعشق زهرة الياسمين، قدم اليها غصن منها لتزرعها فتنمو مع حبهما، لكنها ماتت قبل ان تزرعها فصار يزور قبرها شهريا نظرا لانشغاله

وفي كل مرة ياتي لها بغصن شجرة ياسمين ويضعها على قبرها محاولا الحفاظ على حبهما حيا لكن في كل مرة يخيب امله اذ ان الغصن يذبل فيعود ليضع

غصنا جديدا عسى ان ينمو ذلك الغصن ويستمر للابد، فما يضع نهاية الرواية؟ هل يجعل الغصن تنمو بمعجزة؟ ام يترك البطل يموت وهو يستمر بالمحاولة،

ذذقطع تفكيره بنهاية الرواية شيء مريب وجده على الارض، كأنه طرف كتاب مدفون قرب القبر، ابعد التراب بسرعة ليجد اخر كتاب صدر له،

فتح اول صفحة ليجد توقيعه موجه لزاهر، شكوكه قد اوكدت، زاهر يتردد لزيارة قبر دينا، بالتفكير انه هو الذي يضع غصن الياسمين في قبرها فلا،

لن يجعل نهاية الرواية سعيدة، يكفي انه سرقها منه في الواقع، أيجب ان يسرقها منه في الرواية ايضا، بالاحرى، هو لن يكتب الرواية اصلا،

الرواية ستعيد اليه جراحات جاهد طويلا ليتجاوزها، اعاد الكتاب الى الحفرة ليعيد التراب عليه ويدفنه بانزعاج،

ارتسم الحزن في مقلتيه بعدما قرر النهوض والعودة للمنزل لكنه تفاجأ بزاهر خلفه، نظر اليه بانزعاج ثم رأى في يده غصن من الياسمين،

رغب ان يسحبها من يده ليرميها ارضا ويسحقها بقدمه كما داس الاخر على كرامته بزيارة قبر محبوبته لكنه احتراما لدينا لم يفعل، ابعد وجهه بغيظ ليقول:
"ظننت انك تزوجت سمر منذ زمن وتعيشان اسعد الايام!..."

تجاوزه زاهر لينحني امام القبر ويبعد الغصن اليابس ويضع مكانه الغصن الاخضر قائلا:

"تزوجت اجل... لكنه لم يكن زواج حب، فكما ترى حبي يركد في هذه البقعة يغلفه الظلام..."

- هل تعلم سمر انك تتردد لزيارة قبر دينا وتضع لها زهورا؟

- لا تعلم... وليس من الضروري ان تعلم، قد يضايقها الامر، رغم انه لا يعتبر خيانة...

- كيف لا يعتبر خيانة؟ انت تزور فتاة غيرها حاملا اليها الورود

نظر زاهر الى سولام متفكرا ثم قال:
- اولا دينا ميتة، لا يمكنني ان اخون زوجتي مع فتاة ميتة، ثانيا، الذي بيني وبينها مجرد اعمال خيرية، قصدتني منذ البداية بتلك النية، لكنها لم تكن صريحة كفاية، اردت فقط ان ترتاح في قبرها بتحقيقي لها احدى احلامها، لكن حلمها الاخر لم يكن في يدي تحقيقه بل في يدك انت...

تفكر سولام قليلا ثم تذكر طلبها الثاني في الرسالة ليقول:
"اتقصد ان اتبعها في الموت؟... اي ان انتحر؟... الامر لم يكن بيدي فقد كذبت علي، انت افسدت الامر عليها..."

- وهل كنت ستنتحر لو اني اخبرتك بحقيقة ما في الرسالة؟...

سكت سولام وهو يرمق زاهر بانزعاج فقال زاهر:
"كنت اعلم انك كنت ستفهم طلبها بطريقة خاطئة، لذلك اضطررت ان اكذب عليك، هي فقط طلبت منك ان تستمر بتذكرها الى يوم مماتك... هذا كل ما في الامر..."

- حقا!...

قالها سولام ساخرا بتحدي وانزعاج ليقول الاخر:
"ان كنت تشك اعد قراءة الرسالة وسترى، اظن انتهى عملي هنا..."

- لما دفنت كتابي قرب قبرها

توقف زاهر لينظر الى مثوى الكتاب ثم قال ببرود:
"فقط اردت ان اجعلك شاهدا على تحسن وضع حييكم عسى ان ترتاح وتصدق كلامك ان لم تصدق كلامي...

- هل كنت تمن عليها في كل زيارتك لها؟

- امن عليها (قالها باستغراب) ولما امن عليها؟ هي ميتة وانا ساتبعها ذات يوم، ثروتي كلها تكفي لاولادي واحفادي واكثر، لن يحتاجو اليها بكاملها، لذلك كانت فكرة مفيدة منها ان تذكر الاعمال الخيرية...

- اذا... انت لم تعد تحب دينا؟... زيارتك لقبرها مجرد عمل...

تفكر زاهر بسؤاله قليلا ثم قال:
- انا متزوج ولدي طفل واعيش حياتي الهادئة... فلنترك الماضي للماضي ودعنا نمضي في الحاضر كما يتوجب علينا...

التفت زاهر ليذهب لكنه تذكر امرا اراد الاستفسار عنه، عاد ليلتفت الى سولام وسأله:
"انت بالكاد كنت تملك المال لتشتري لنفسك شيئا تاكله، لمسدس الاول سرقته، لكن المسدس الثاني وحبل البانجي، من اين اتيت بهما؟... لا اظنك سرقت حبل بانجي من احد المارة في الشوارع ولا اظن متاجر تبيع تلك الادوات ستسمح لمتسول دخول متجرهم...

نظر اليه سولام مبتسما ابتسامة جانبية ليقول له:
"انت الان متزوج ولديك طفل، وتعيش حياتك الهادئة، فلنترك الماضي للماضي ولنمضي في الحاضر كما يتوجب علينا..."

ضيق زاهر عيناه محاولا ان يستخرج المغزى من كلام زاهر، هل ما فهمه هو ما قصده ام انه فقط يحاول ان يعيد جملته لاغاظته كما اغتاظ هو عند سماعها، التفت سولام مودعا ثم قال هامسا:
"فقط اتمنى ان لا يؤثر ماضيكما سلبا على مستقبلك فتسبقني الى دينا..."












[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________













  #3  
قديم 08-24-2017, 10:55 PM
 
متأكدة من انها ابداعية مثلك ...
تم حفظ الصفحة لأقرأها في النهار ,,,
تقبلي مروري ..
__________________

أريد أن يتسع فمي اتساع فوهة بركان لأصرخ في وجهك






  #4  
قديم 08-24-2017, 11:38 PM
 
مرحبا شكرا على الدعوة...
الرواية رائعة...والعنوان مناسب..
عن جد يا فتاة من أين أتتك هذه الأفكار.
أفكارك رائعة...عجبني التنسيق....كالشكولاتت🙇
يال خيالي.😶
حبيبتي سردك جميل ورائع والوصف أكثر...
موفقة
__________________



نختبئ في حضن الصمت

عندما ندرك أن ما نحاول

شرحه لن يفهممطلقا!


الألم الكبير لا دموع له!
  #5  
قديم 08-25-2017, 01:00 AM
 
القصة جميلة واحداثها مشوقة
بإنتظارك ..
__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لم يعد هنالك أي أمل ~جناح silence قسم أخبار و أحوال الأعضاء و نشاطاتهم 21 01-17-2014 03:35 AM
{هنالك قلب حنون غير قلب امي} مشتركه Black sky♥ روايات و قصص الانمي 18 10-01-2013 12:21 AM
ليت لو هنالك زر خفي-غيرت ساكورا M! Sa Ki أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 31 08-19-2013 12:36 AM
قفي ها هنالك نشيد مميز سارة2030 خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 3 04-21-2012 10:35 PM
هل هنالك كذب مباح loai72m نور الإسلام - 19 08-23-2011 01:29 AM


الساعة الآن 11:26 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011