من قصائده
الغزو من الداخل
---------
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
وهل تدرين يا صنعا من المستعمر السّري
غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري
فقد يأتون تبغا في سجائر لونّها يغري
وفي صدقات وحشي يؤنس وجهه الصخري
وفي أهداب أنثى ، في مناديل الهوى القهري
وفي سروال أستاذ وتحت عمامة المقري
وفي أقراص منع الحمل في أنبوبة الحبر
وفي حريّة الغثيان في عبثيّة العمر
وفي عود احتلا الأمس في تشكيله العصري
وفي قنيّنة الويسكي وفي قارورة العطر
ويستخفون في جلدي وينسلون من شعري
وفوق وجوههم وجهي وتحت خيولهم ظهري
غزاة اليوم كالطاعون يخفى وهو يستشري
يحجر مولد الآتي يوشيّ الحاضر المزري
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
***
يمانيّون في المنفى ومنفيّون في اليمن
جنوبيّون في (صنعا) شماليّون في (عدن)
كالأعمام والأخوال في الإصرار والوهن
خطى (أكتوبر) انقلبت حزيرانيّة الكفن
ترقّى العار من بيع إلى بيع بلا ثمن
ومن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني
لماذا نحن يا مربى ويا منفى بلا سكن
بلا حلم بلا ذكرى بلا سلوى بلا حزن ؟
***
يمانيّون يا (أروى) ويا (سيف بن ذي يزن)
ولكنّا برغمكما بلا يمن بلا يمن
بلا ماض بلا آت بلا سرّ بلا علّن
***
أيا (صنع) متى تأتين ؟ من تابوتك العفن
تسألني أتدري ؟ فات قبل مجيئه زمني
متى آتي ألا تدري إلى أين انثنت سفني
لقد عادت من الآتي إلى تاريخها الوثني
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
***
شعاري اليوم يا مولاي نحن نبات إخصابك
لأن غناك اركعنا على أقدام أحبابك
فألّهناك قلنا : الشمس من أقباس أحسابك
فنم يا (بابك الحرمي) على (بلقيس) يا (بابك)
ذوائبها سرير هواك بعض ذبول أربابك
وبسم الله ـ جلّ الله ـ نحسو كأس أنخابك
***
أمير النّفط نحن يداك نحن أحدّ أنيابك
ونحن القادة العطشى إلى فضلات أكوابك
ومسئولون في (صنع) وفرّاشون في بابك
ومن دمنا على دمنا تموقع جيش إرهابك
لقد جئنا نجرّ الشّعب في أعتاب أعتابك
ونأتي كلّما تهوى نمسّح نعل حجابك
ونستجديك ألقابا نتوجها بألقابك
فمرنا كيفما شاءت نوايا ليل سرد
ابك
نعم يا سيّد الأذناب إنّا خير أذنابك
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
----------
قصيدة:
في طريق الفجر
-------
أسفر الفجر فانهضي يا صديقه
نقتطف سحره و نحضن بريقه
كم حنّنا إليه و هو شجون
في حنايا الظلام حيرى غريقه
و تباشيره خيالات كأس
في شفاه الرؤى ، و نجوى عميقه
و ظمئنا إليه و هو حنين
ظاميء يرعش الخفوق شهيقه
واشتياق يقتات أنفاسه الحمر
و يحسو جراحه ... و حريقه
وذهول كأنّه فيلسوف
غاب في صمته يناجي الحقيقة
و طيوف كأنّها ذكريات
تتهادى من العهود السحيقه
واحتضنّا أطيافه في مآقينا
كما يحضن العشيق العشيقه
و هو حبّ يجول في خاطرينا
جولة الفكر في المعاني الدقيقة
و التقينا نريق دمع المآقي
فأبت كبرياؤنا أن نريقه
واحترقنا شوقا إليه و ذبنا
في كؤوس الهوى لحونا رقيقة
وانتظرناه و الدجى يرعش الحلم
على هجعة القبور العتيقة
و السري وحشة و قافلة السّـفر
يخاف الرفيق فيها رفيقه
و ظلام لا ينظر المرء كفّيـه
و لا يسعد الشقيق شقيقة
هكذا كان ليلنا فتهادى
فجرنا الطلق فلحياة طليقه
فانظري " يا صديقتي " رقصة الفجر
على خضرة الحقول الوريقة
مهرجان الشروق يشدو و يندى
قبلات على شفاه الحديقة
فانهضي نلثم الشروق المغنّي
و نقبّل كؤوسه ورحيقه
و اخطري يا صديقتي في طريق
الفجر كالفجر ، كالعروس الأنيقه
واذكري أنّنا نعشنا صباه
وحدنا ؛ على خطاه الرشيقه
و سكبنا في مهده دفء قلبيـ
نا و أحلامنا العذارى المشوّقه
نحن صغنا أضواءه من هوانا
و فرشنا بالأغنيات طريقه
و شدونا في دربه كالعصافـ
ير … و شدو الغرام فيض السليقه
لن نطيق السكوت فالصمت للمسيـ
ت و تأبى حياتنا أن نطيقه
نحن من نحن ؟ نحن تاريخ فكر
و بلاد في المكرّمات عريقه
سبقت وهمّها إلى كلّ مجد
و انتهت منه قبل بدء الخليقه
فابتسمي : عاد فجرنا و هو يتلو
للعصافير من دمانا وثيقه .