عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام العامة > مواضيع عامة

مواضيع عامة مواضيع عامة, مقتطفات, معلومات عامه, مواضيع ليس لها قسم معين.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-01-2008, 12:26 AM
 
السؤال: هل حياة الدنيا والآخرة عبث لا حكمة فيها؟

السؤال: هل حياة الدنيا والآخرة عبث لا حكمة فيها؟
ماهو رأيكم فيما يقوله البعض من أن الدنيا والآخرة عبث لافائدة فيهما؟، فهي ليست إلاّ مكررات مملة لا طعم لها، والجديد فيها وإن كانت له لذة لكنها لا تدوم وسرعان ما يتملل منه الإنسان، فما الفائدة في خلقنا وخلق الدنيا والآخرة؟، وأين هي حكمة الباري التي لم تنتج لنا إلاّ حياةً مملة متعبة؟!
ولن يكون الوضع في الآخرة أحسن من الدنيا لأنه مهما كانت اللذات فهي مملة بسبب تكرارها؟
إننا لا نجد حكمة واضحة في هذا الخلق الممل حتى نستدل بها على وجود صانع حكيم؟
الجواب: أمّا الدنيا فنذكر بشأنها نقاطاً ثلاث:
الأولى: أنّ الدنيا دار الاختبار والامتحان والسعي للتكامل وبناء النفس على كرائم الصفات ومحاسن الأخلاق وعبادة الله تعالى التي هي صراط الكمال، وليست لمُجازات العباد على طاعاتهم وحسناتهم، وإن كان الله تعالى قد جعل فيها اللذائذ والآلام معاً كي لا تكون الحياة فيها ذات لون واحد ولما توجد من الحكم الأخرى الكثيرة في هذا التنويع مماّ لا يسع المجال لشرحها الآن، لكن الهدف الأساسي ليس مُجازات العباد على أعمالهم الحسنة والسيئة.
الثانية: أن نفس الملل في الدنيا أيضاً من التنويع الإلهي فيها، ومماّ لا شك فيه أنّه حتى من يطرح هذا السؤال ليس دائماً يعيش في الحياة الدنيا حالة الملل، وإنما الملل يشعر به أحياناً وإلاّ ففي أوقات كثيرة يشعر باللذة والفرح والانبساط والإرادة لعمل وتنفيذ مشاريع شخصية واجتماعية أو فردية وجماعية نفعية أو خيرية، يشعر بالرغبة في الالتذاذ، في الانتصار على روح الهزيمة، في الدفاع عن الأعزاء، في حلَّ مشاكل الآخرين، في إعانة المحتاجين، في المساهمة في المشاريع الخيرية، في تجميل نفسه، في تجميل بيته، في تجميل مدينته، في السفر، في زيارة الأرحام والأصدقاء، وفي السباحة، والرياضة، وركوب الجياد، وتسلق الجبال، ومداعبة الورود والأشجار الجميلة، وفي أشياء أخرى كثيرة، فهل يمكن أن نقول بأنّ الحياة مملة وأنّها تكرار ممل للمكررات؟! هذه دعوى لا يعتقد بها حتى من يطرح الشبهة المذكورة. نعم بعض من يعيش حالة الملل أحياناً من دون أن يوسع أفق تفكيره إلى مختلف أيام وشهور وسنين حياته وما فيها من تنوع لذيذ في مجمله وإن كان فيه الآلام أيضاً، قد يجمد فكره على أيام الملل فقط وينتهي إلى الاستنتاج المذكور في الشبهة، وقد يرتكب أكبر خطأ في حياته بأن ينتحر بعد تصور أن لا فائدة في الحياة.
الثالثة: إن حالة الملل وإن كان قد لا يخلو منها إنسان، وكما قلت هي أيضاً من التنويع الإلهي فيها، ولكن زياده هذه الحالة سببها نفس الإنسان، فالإنسان يمكنه بعقله وفكره وفنه وذوقه ونشاطه وجهده أن يوجد تنوعاً كبيراً في حياته بحيث لا يجد فيها الملل إلاّ قليلاً، ولذا انظروا إلى النشطين في حياتهم سواءً أكان في مجال الدراسة أو التجارة أو الرياضة أو غير ذلك قلما يشعرون بالملل، مماّ يكشف لنا أن حالة الملل سببها في معظم الأحيان نفس الإنسان، ويمكننا بعقلنا وذوقنا وجهدنا ونشاطنا أن نعالج هذه الحالة إلى حد كبير جدّاً، فالإنسان يمكنه أن يعالج ذلك من خلال خلق وإنتاج التنويع في حياته ونشاطاته، فالدنيا دار السعي والعمل، ويمكننا أن نجعل الحياة جميلة ممتعة لا نشعر بالملل فيها ليس بالماديات فقط بل وحتى بالمعنويات والأخلاقيات والمساهمة في الأعمال الخيرية والمشاريع الإنسانية التي تهدف إلى مساعدة أي إنسان في آلامه والأخذ بيده إلى حياة سعيدة مملوءة بالفرح والبهجة والسعادة.
وأماّ الحياة الآخرة: فنذكر بشأنها
الأولى: إنّ الإنسان الذي لم يعش حياة الآخرة كيف يصح له أن يحكم عليها ومن الآن بأنّها حياة مملة لا لذة فيها إلاّ اللذات المتكررة المملة التي لا طعم لها بسبب التكرار؟
لا يصح أن نحكم على شيء لم نره ولم نعشه ولم نتذوقه إلى الآن، هذا الحكم لا يبدو منصفاً ولا عقلائياً في نظر أي منصف.
قد تقول لي: نعم، ولكن القرآن وأحاديث السنة الشريفة وصفت مافي الآخرة من اللذائذ والطيبات من القصور والأنهار و....، فمن خلال ذلك أمكنتنا المعرفة بخصوصيات تلك الحياة، وبذلك يصح أن نحكم عليها بأنّها أيضاً مملة لاطعم لها.
لكن الجواب: أنّه مما لاشك فيه بأنّ هذه التوصيفات المذكورة في الكتاب والسنّة كلها لا تبين إلاّ جزءاً بسيطاً من حقائق ذلك العالم، ولا يمكن الحكم على حديقة أو جنّة لا نهاية لها في المساحة والتنوع من خلال مشاهدتها بواسطة نافذة مساحة الرؤية فيها مثلاً إلاّ متر في متر أو عشرة أمتار في عشرة أو مائة في مائة، على أنّ هذه النافذة لا تضع في صورة جو الحديقة ولا روائحها الطيبة ولا تنوعاتها ولا ... .
فالرؤية المذكورة في الكتاب والسنّة وإن كانت تبين بعض مسحات الجمال واللذائذ الموجودة في الجنّة لكنّها نافذة صغيرة لجنّة لا نهاية لها في الجمال والتنوع.
وقد يمكننا تقريب هذه الفكرة بمثال آخر: ربّما جربت في حياتك أنّه يوصف لك شيء من منزل جميل أو مدينة جميلة أو حديقة جميلة أو طائرة جميلة، أو... ويسعى الواصف أن يبين جوانب مهمة من جمال ذلك الشيء لكنّك بعد كل توصيفه لا تتشجع له، لكن تطلب منه أن تعاين الشيء وعند المعاينة تتغير نظرتك كلياً عن الشيء وتعتبر أنّ في ذلك جمالاً لا يوصف ولذة لا تفوت وتنوعاً لا يعوض.
فإذا كنت صاحب هذه التجربة في الحياة فألا أفلا ترى أنّ معاينة عالم الآخرة قد يعطيك تقييماً آخر لها غير التقييم الحاصل من خلال توصيفات القرآن والسنّة، وإذا جاز وجاء هذا الاحتمال بقوة ولا يمكن أن ينكر ذلك منصف فكيف يصح لنا ومن الآن تقييم عالم الآخرة بأنّها لذات مكررة مملة؟!
العاقل المنصف لا يمكن أن يصدر عنه حكم دون معاينة خصوصاً أنّنا نتحدث عن جنّة يقول الله تعالى في وصفها: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنّة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين) (آل عمران/33). ويقول: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنّة عرضها كعرض السماء والأرض أُعدت للذين آمنوا بالله ورسله، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (الحديد/21).
الثانية: أنّنا نتحدث عن جنّة يقول الله جلَّ وعلا في وصف لذائذها ونعيمها وطيباتها: (يطاف عليهم بصحافٍ من ذهبٍ وأكوابٍ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خلدون) (الزخرف/71).
فهذا التوصيف بأنّ (فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) يعطي أنّ كل ما يريده الإنسان ويتخيله مهيؤ لأهل الجنّة، وهل يمكن أن تكون حياةٌ بمثل هذا الوصف مملة، أنّه لا شك في الملل الذي يشعر به الإنسان في كثير من الأوقات أو جميعها ناتج عن رغبة الإنسان في الأشياء الجديدة التي لا يمكنه الوصول إليها حتى بالنسبة لأكثر الناس مالاً فيشعر بالملل والعبثية، لكنّ نظام حياة الآخرة مختلف لأهل الجنّة فكل ما يريدونه بخيالاتهم وعقولهم يوفر لهم فوراً وبمجرد الرغبة والإرادة لذلك الشيء.
هذا نظام حياة الآخرة، وهل في مثله يكون مللاً؟!
والأهم من ذلك كله أنّ القرآن يبين أنّ في الجنّة لذة معنوية أهم وأكبر من جميع لذاتها المادية، واللذة المعنوية هذه ما بينها بقوله تعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم) (التوبة/72).
إنّه الرضوان الإلهي وشعور الإنسان برضا الله تعالى عنه، إنّنا في شعورنا برضا الأعزاء عنّا في الدنيا نشعر بلذة كبيرة فما يكون شعورنا عندما نحس ونعلم برضا الله تعالى عنّا، وهو مبدء الكون وخالقه الذي كل شيء بيده، ولا يمكن أن نعرف مدى لذة هذا الشعور ولا أن نقيمه الآن إلاّ عندما نعيشه في عالم الآخرة.
الثالثة: أنّه لاشك في أنّ كل إنسان يشعر باللّذة عند الوصول إلى كل شيء يحبه ويرغب فيه، ولولا هذا الشعور لما تحرك الإنسان وجاهد من أجل الوصول إلى أهدافه وتمنياته، وحتى من ينتحر يتوهم أنّ ذلك فيه راحته فمن أجل الوصول إلى تلك الراحة ينتحر وهو في خطأ عظيم وخسارة لا تعوض وحتى من يثير شبهة الملل يجد اللذة في الوصول ولا يمكنه إنكار ذلك، فكيف يصح أن ندعي الملل في عالم الآخرة والحال أنّ لذاتها متغايرة ومختلفة ومتجددة، كل واحدة منها غير الأخرى، وإن شئت فقل: لا يوجد هناك تكرار حتى يكون هناك ملل، أي من أحب التكرار يكرر له ومن أحب التغيير يغير له، وهذه النكتة مستفادة من قوله تعالى: (فيها ما تشتهيه الأنفس...) (الزخرف/71) فكل ما تشتهيه الأنفس متوفر من تكرار أو تغيير أو غير ذلك.
فإذا كانت كل رغبة مستجابة وفي الوصول إلى كل رغبة لذة فأين الملل سيكون؟! وكيف تكون الحياة هناك مملة متعبة.
وأخيراً: نصيحتي خصوصاً لشبابنا وشاباتنا الأعزاء أن لا يستعجلوا في تقييم الأمور واتخاذ القرار فيها, لأنّ ذلك قد يؤدي بالإنسان إلى خسائر لا تعوض واستنتاجات قاتلة، فالعاقل من لا يستعجل ولا يستنتج بسرعة، بل يعيد دراسة الأمور مرة بعد أخرى، ويتأمل فيها مرة بعد أخرى، ويستشير فيها ويراجع أهل الخبرة والنظر فيها مرة بعد أخرى، وقد تحتاج المسألة الواحدة خصوصاً إذا كانت مرتبطة برؤية الإنسان وكيفية تقييمه للحياة التي هي من أهم المسائل في حياة الإنسان قد تحتاج إلى أن يتأمل ويفكر فيها الإنسان لسنوات طوال، وكم من استنتاجات يتوصل إليها الإنسان في القضايا المختلفة ثم يتبين له لاحقاً أنّه كان مخطئاً فيها، وهذا ما يحصل لكبار العلماء في كل العلوم والفنون، فكيف بمن لا يمتلك التخصص ولا يكون من أهل النظر في المسألة التي يفكر فيها ويريد الاستنتاج فيها وبناء بعض القرارات الخطيرة في حياته على تلك الاستنتاجات.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من الذي تغير الناس ام الدنيا وردة على الطريق حوارات و نقاشات جاده 14 10-14-2007 01:46 PM
مزايا حافظ القراّن في الدنيا و لاأخرة..!! همس2009 نور الإسلام - 5 05-16-2007 11:45 AM
أسئلة تبحث عن أجوبة ؟؟؟؟؟ fares alsunna نور الإسلام - 0 05-11-2007 11:25 PM
ويبقى السؤال ... ؟؟؟ الداعية نور الإسلام - 14 04-07-2007 09:59 AM


الساعة الآن 08:53 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011