عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل

تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل كتب مجانية, كتب عربية للتحميل, كتب ألكترونية, كتب اجنبية, كتب تعليمية, مراجع عربية,كتب للتحميل, كتب للقراءة.

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 08-20-2005, 09:16 PM
 
مشاركة: كتاب حوار مع صديقي الملحد (مصطفى محمود)

[align=right]الفصل الرابع عشر
موقـف الـدين من التطــور



قال صاحبي :
- موقفك اليوم سيكون صعباً، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا ..
أمسك الخالق قطعة طين ثم عجنها في يده ونفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور

التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة، وإنه ليس مقطوع الصلة
بأفراد عائلته من الحيوانات، وإنه والقرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد ..
وإن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .

قلت وأنا أستعد لمعركة علمية دسمة :
- دعني أصحح معلوماتك أولا فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا ..
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل وأطوار وزمن إلهي مديد، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :
{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار ..
{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف
{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير .. ثم التسوية ثم النفخ ..
" وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة .. يقول الله سبحانه إنه : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7/ 9 سورة السجدة.
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم التسوية والتصوير، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع وبصر وفؤاد .. وأصبح آدم ..
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار وليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا ..

{ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار ومراحل وزمن ..
ولكن اللغز الحقيقي هو .. ماذا كانت تلك المراحل بالضبط، وماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد ..
هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي .. وكلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي .. هذه حقيقة ..ولكننا نقصد من كلمة أب شيئاً أكثر من الأصل الطيني ..

والسؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت وأنجبت كل تلك الأنواع والفصائل النباتية
والحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة.. بداية تطورت إلى نباتات، وبداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان، كالإسفنج مثلاً، وبداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك، وبداية خرجت منها الزواحف، وبداية خرجت منها الطيور، وبداية خرجت منها الثدييات، وبداية خرج منها الإنسان،
وبذلك يكون للإنسان جد منفصل، ويكون لكل نوع جد خاص به؟

إن التشابه التشريحي للفروع والأنواع والفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة، وإنما يدل هذا
التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق، وأن صانعها جميعاً واحد، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة وبأسلوب واحد وبخطة واحدة.. هذه هي النتيجة الحتمية.
ولكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي.. فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة والقطار والترام والديزل كلها تقوم على أسس هندسية وتركيبة متشابهة، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري .. ولكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل ومن فكرة هندسية مستقلة..
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار، ثم إلى ديزل.

فالواقع غير ذلك .. وهو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع، وقفزة إبداع في عقل المهندس، لم يخرج نوع من آخر.. مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع..
ولكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع، وبدأ مستقلاً.
وهذه هي أخطاء داروين والمطبات والثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته.

ودعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه "أصل الأنواع" :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة "بيجل" هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .. فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر، هو نفس الجناح في الخفاش، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة، لتلائم الوظيفة، فالعظام في الطيور رقيقة وخفيفة ومجوفة وهي مغطاة بالريش ..
ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات، ورقبة الإنسان سبع فقرات، ورقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات، وهناك خمس أصابع في يد الإنسان، ونجد نفس التخميس في أصابع القرد، والأرنب، والضفدعة، والسحلية، وفترة الحمل في الحوت والقرد والإنسان تسعة أشهر، وفترة الإرضاع في الجميع سنتان، وفقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعصعص، ونجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض، ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان والحمار والأرنب والحمامة والإنسان، ونفس الخطة في تفرع الشرايين والأوردة، ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة .. ثم "الاثنى عشر" .. ثم الأمعاء الدقيقة .. ثم الأمعاء الغليظة .. ثم الشرج

والجهاز التناسلي : نفس الخصية، والمبيض، وقنوات الخصية، وقنوات المبيض .. وكذلك الجهاز البولي :
نفس الكلية، والحالب، وحويصلة البول .. والجهاز التنفسي : القصبة الهوائية والرئتين، ونجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة.

كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم .. والدببة لبست الفراء ..
وإنسان الغابة في الشمس الاستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس ..
وسحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي
البراري مبصرة.. والحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف.. والتي غزت الجو طورت أطرافها
إلى أجنحة.. وزواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل.

ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟ ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم وتظهر فيه الرئتان ، وفي مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل ويختفي ، وفي مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .

ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور واختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية، إلى عديدة الخلايا، إلى الرخويات، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات ..
وأخيراً إلى الإنسان..
ولقد أصاب داروين وأبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات وأصاب حينما قال بالتطور.
ولكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الارتقاء، وأخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الارتقاء وتفاصيله.
كان تفسير داروين لعملية الارتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب والمخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف ويكون البقاء دائماً للأصلح..
تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح والقوي وتشجعه .. وتبقي على نسله .. وتفسح أمامه سبل الحياة..
وإذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض، وليس أكفأ منه في الطيران ..
وإذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش، في التزاوج، فسوف نسأل ولماذا؟ .. ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
وإذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها ..
وتبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان .. ولماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف وجميل كالغزال.. مع أنه أقل قوة وأقل احتمالاً .. كيف نفسر جناح الهدهد وريشة الطاووس وموديلات الفراش بألوانها البديعة ونقوشها المذهلة .. ونحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن ويبدع .. ولسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء وحرب المخلب والناب ..

والخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة ..
والطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة
في عملية تزاوج الخلية الأنثوية والخلية الذكرية ولقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
وأحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ والتشوهات، وأحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة .. فتكون صفة جديدة مفيدة..
لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة، فتشجع الطبيعة هذه الصفة وتنقلها إلى الأجيال الجديدة، وتقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها، وبذلك يحدث الارتقاء وتتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية ..
وخطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات والأخطاء العشوائية .. وأسقطت عملية التدبير والإبداع تماماً ..
ولا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة وإبداع وإحكام في كل شيء ..
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع .. وكل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو ..
من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
وأشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً وتنتثر في مساحات واسعة بلا حدود ..
من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
وهذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ والشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات وتهضمها وتأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر ويبتكر لمخلوقاته ويبدع لها أسباب الحيل.. لا يمكن تصور حدوث الارتقاء بدون هذا العقل المبدع : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } 50/ سورة طـه .

والعقبة الثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه الآن باسم الخريطة الكروموسومية .. أو خريطة
الجينات .. ونحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، ويستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .

نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت.. وإذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها، وإذا كان التطور أيضاً حقيقة، فإن مراحل هذا التطور وكيفياته ما زالت لغزاً ..
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
والتطور وارد باللفظ الصريح في القرآن .. كما أن مراحل الخلق والتصوير والتسوية ونفخ الروح واردة ..
ولكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد .. وإذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله
أنه: { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد، وهي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين، لم يكن لها سمع ولا أبصار ولا أفئدة ..
وإنما جاءت هذه الأبصار والأسماع والأفئدة بعد نفخ الروح وهي آخر مراحل خلق آدم ..
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها .. ولكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم وكيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها ولا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر ..آيات الخلق إذن متشابهات والقرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير .. والحقيقة بعد هذا ما زالت
لغزاً .. ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة .. والسؤال ما زال مفتوحاً للبحث، وكل ما جاء به العلم فروض ..
وربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } 7/8 سورة الانفطار.
كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية وأن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين ولكنه تطوير يحدث بتدخل وفعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( وهي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح وحلول النفس فيها لتكون آدم ..
ثم النفس وحكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً ..
هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة وتاريخ وتطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل ..
الله أعلم .. والموضوع كله عماء ..
وربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل وبذات مبدعة خلاّقة ولم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين وصحبه ولم تكن مراحل متروكة للصدفة .. وإنما كانت تخليقاً مراداً ومخططاً خالق قادر حكيم.. وإنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء..
وما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث ..
والقطع في هذه القضية مستحيل ..
وما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل ..[/align]
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 08-20-2005, 09:17 PM
 
مشاركة: كتاب حوار مع صديقي الملحد (مصطفى محمود)

[align=right]الفصل الخامس عشر
كلمة لا إله إلا الله

قال صاحبي :
- ألست معي في أنكم تبالغون كثيرًا في استخدام كلمة لا إله إلا الله وكأنها مفتاح لكل باب .. تشيعون بها الميت وتستقبلون الوليد وتطبعونها على الأختام وتنقشونها على القلائد وتصكون بها العملات وتعلقونها على الجدران .. من ينطق بها منكم تقولون أن جســمه أعتق من النار .. فإذا نطق بها مائة ألف مرة دخل الجنة وكأنها طلسم سحري أو تعويذة لطرد الجن أو قمقم لحبس المردة .. ثم هذه الحروف التي لا تعرفون لها معنى .. ا . ل . م .. كهيعص .. طسم .. حم .. الر .

هل أنجو من العذاب إذا قلت لا إله إلا الله .. إذن فإنى أقولها وأشهدك وأشهد الحضور على ذلك .. لا إله إلا الله .. هل انتهي الأمر.
- بل أنت لم تقل شيئـًا .
إن لا إله إلا الله لمن يعمل بها وليست لمن يشقشق بها لسانه ..لا إله إلا الله منهج عمل وخطة حياة وليست مجرد حروف .. ودعنا نفكر قليلاً في معناها .. إننا حينما نقول لا إله إلا الله نعنى أنه لا معبود إلا الله وبين لا وإلا بين النفي والإثبات في العبارة بين هاتين الدفتين تقع العقيدة كلها لا النافية تنفي الألوهية عن كل شيء .. عن كل ما نعبد من مشتهيات في الدنيا .. عن المال والجاه والسلطان واللذات وترف العيش والنساء الباهرات والعز الفاره .. لكل هذا نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهًا .. ثم نقول لا لنفوسنا التي تشتهي تلك الأشياء لأن الإنسان يعبد نفسه في العادة ويعبد رأيه ويعبد هواه واختياره ومزاجه ويعبد ذكاءه ومواهبه وشهرته ويتصور أن بيده مقاليد الأمور وأقدار الناس والمجتمع .. ويجعل من نفسه إلهًا دون أن يدرى .. لهذه النفس نحن نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهًا.

نقول ((لا)) – للمدير والرئيس والحاكم .. لا لست إلهًا .
ومعنى كلمة ((إله)) أي ((فاعل)) .. والفاعل بحق عندنا هو الله، أما كل هذه الأشياء فوسائط وأسباب، المدير والوزير والرئيس والمال والجاه والسلطان والنفس بذكائها ومواهبها .. لكل هذا نقول لا .. لست إلهًا .

((إلا)) – واحد نستثنيه ونثبت له تلك الفاعلية والقدرة هـــو الله .
وبين لا وإلا بين هذا النفي وهذا الإثبات تقع العقيدة كلها فمن كان مشغولاً بجمع المال وتكديس الثروات وتملق السلطان والتزلف للرؤساء وتحرى اللذات واتباع هوى نفسه وتعشق رأيه والتعصب لوجهة نظره .. فهو لم يقل لا لكل هــذه المعبودات وهو ساجد في محرابها دون أن يدرى وحينما يقول لا إله إلا الله فهو يقولها كاذبًا .. يقول بلسانه ما لا يفعل بيديه ورجليه .
ومعنى (( لا إله إلا الله )) أنه لا حسيب ولا رقيب إلا الله .. هو وحده الجدير بالخشية والخوف والمراقبة .. فمن كان يخاف المرض ومن كان يخاف الميكروب ومن كان يخاف عصا الشرطي وجند الحاكم فإنه لم يقل ((لا)) .. لكل تلك الآلهة الوهمية .. وإنما هو مازال ساجدًا لها وقد أشرك مع خالقه كل تلك الآلهة المزيفة .. فهو كاذب في كلمة (( لا إله إلا الله )) .

ومعنى ذلك أن (( لا إله إلا الله )) عهد ودستور ومنهج حياة.

والمقصود بها .. العمل بها .

فمن عمل بها كانت له طلسمًا بالفعل يفتح له كل الأبواب العصية .. وكانت نجاة في الدنيا والآخرة ومدخلاً إلا الجنة .
أما نطق اللسان بدون تصديق القلب وعمل الجوارح .. فإنه لا يغنى .
و (( لا إله إلا الله )) تعنى أكثر من هذا موقفًا فلسفيًا .
يقول الدكتور زكى نجيب محمود أن (( شهادة لا إله إلا الله )) تتضمن الإقرار بثلاث حقائق .. أن الشاهد موجود والمشهود موجود .. والحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضًا أي أنها إقرار صريح بأن الذات والله والآخرين لهم جميعًا وجود حقيقي .
وبهذا يرفض الإسلام الفلسفة المثالية كما يرفض الفلسفة المادية في ذات الوقت .. يرفض اليمين واليسار معًا ويختار موقفـًا وسطا .
يرفض المثالية الفلسفية .. لأن المثالية الفلسفية لا تعترف بوجود الآخرين ولا بوجود العالم الموضوعي كحقيقة خارجية مستقلة عن العقل .. وإنما كل شيء في نظر الفلسفة المثالية يجرى كأنه حلم في دماغ .. أو أفكار في عقل .. أنت والراديو والشارع والمجتمع والصحيفة والحرب كلها حوادث ومرائى وأحلام تجرى في عقليّ .. لا وجود حقيقي للعــالم الخارجى .

وهذا الموقف المثالى المتطرف يرفضه الإسلام وترفضه الشهادة لأنها كما قلنا إقرار صريح بان الشاهد والمشهود والحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة أي الذات والله والآخرين حقائق مقررة .
كما يرفض الإسلام أيضًا الفلسفة المادية لأن الفلسفة المادية تعترف بالعالم الموضوعي ولكنها تنكر ما وراءه .. تنكر الغيب والله .
والإسلام بهذا يقدم فلسفة واقعية وفكرًا واقعيًا فيعترف بالعالم الموضوعي ثم يضيف إلى هذا العالم كل الثراء الذي يتضمنه الوجود الإلهي الغيبي .. ويقدم تركيبًا جدليًا جامعًا بين فكر اليمين وفكر اليسار في فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد المفكرين فتسبق ما سطروا من نظريات ظنية لا تقوم على يقين .
شهادة (( لاإله إلا الله )) تعنى إذن منهج حياة وموقفًا فلسفيًا .
ولهذا فأنت تكذب وأنت الرجل الماديّ الذي اخترت موقفـًا فلسفــيـًا ماديـًا وأنت تنطق بالشهادة كذبتين :
الكذبة الأولى – أنك تشهد بما ينافي فلسفتك .
والكذبة الثانية – أنك لا تعمل بهذه الشهادة في حياتك قدر خردلة .

أما حكاية .. ا . ل . م .. وكهيعص . حم . الر . فدعنى أسألك .. وما حكـاية س ص ولوغاريتم ومعادلة الطاقة ط = ك × س2 وهي ألغاز وطلاسم بالنســبة لمن لا يعرف شيئـًا في الحساب والجبر والرياضيات .. وعند العالمين لها معانى خطيرة .

كذلك هذه الحروف حينما يكشف لنا عن معناها .

قال صاحبي في سخرية :
- وهل كشف لك عن معناها ؟

قلن وأن ألقى بالقنبلة :
- هذه موضوع مثير يحتاج إلى كلام آخر طويل سوف يدهشك .[/align]
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 08-20-2005, 09:18 PM
 
مشاركة: كتاب حوار مع صديقي الملحد (مصطفى محمود)

[align=right]الفصل السادس عشر
كـــهـــيــعــص


قلت لصديقي الملحد :
- لا شك أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور قد صدمتك حينما طالعتها لأول مرة .. هذه الـ حم ، طسم ، الم ، كهيعص ، ق ، ص .. ترى ماذا قلت لنفسك وأنت تقرأها ؟
اكتفى بأن يمط شفتيه في لا مبالاة ويقول في غمغمة مبتورة :
- يعنى .
- يعنى ماذا .
- يعنى .. أي كلام يضحك به النبي عليكم .
- حسنـًا دعنا نختبر هذا الكلام الذي تدعى أنه كلام فارغ والذي تصورت أن النبي يضحك به علينا .
ودعنا نأخذ سورة صغيرة بسيطة من هذه السور .. سورة ق مثـلاً .. ونجرى تجربة .. فنعد ما فيها من قافات وسنجد أن فيها 57 قافـًا .. ثم نأخذ السورة التالية وهي سورة الشورى وهي ضعفها في الطول وفي فواتحها حرف ق أيضـًا .. وسنجد أن فيها عى الأخرى 57 قافـًا .
هل هي صدفة .. لنجمع 57 + 57 = 114 عدد سور القرآن .. هل تذكر كيف تبدأ سورة ق .. وكيف تختتم .. في بدايتها (( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ )) وفي ختامها .. ((فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )) .. وكأنما هي إشارات بأن ق ترمز للقرآن .. ( ومجموع القافات 114 وهي مجموع سور القرآن) .
قال صاحبي في لا مبالاة :
- هذه أمور من قبيل الصدف
قلت في هدوء :
- سنمضى في التجربة ونضع ســور القرآن في العقل الإلكترونيّ ونسأله أن يقدم لنا احصائية بمعدلات توارد حرف القاف في جميع السور .


قال وقد توترت أعصابه وتيقظ تمامـًا :

- وهل فعلوها ؟
قلت في هدوء :
- نعم فعلوها .
- وماذا كانت النتيجة ؟
- قال لنا العقل الإلكترونيّ أن أعلى المتوسطات والمعدلات موجودة في سورة ق وأن هذه السورة قد تفوقت حسابيـًا على كل المصحف في هذا الحرف .. هل هي صدفة أخرى ؟
- غريب .
- وســورة الرعـد تبدأ بالحرف ا ل م ر قدم لنا العقل الإلكترونيّ احصائية بتوارد هذه الحروف في داخل الســور كالآتى :
ا ترد 625 مرة .
ل ترد 479 مرة .
م ترد 260 مرة .
ر ترد 137 مرة .
هكذا وفي ترتيب تنازلى ا ثم ل ثم م ثم ر .. بنفس الترتيب الذي كتبت به ا ل م ر تنازليـًا ثم قام العقل الإلكترونيّ بإحصاء معدلات توارد هذه الحروف في المصحف كله .. وألقى إلينا بالقنبلة الثانية .. أن أعلى المعدلات والمتوسطات لهذه الحروف هي في سورة الرعد .. وأن هذه السورة تفوقت حسابيـًا في هذه الحروف على جميع المصحف .

نفس الحكاية في ا ل م البقرة .
ا وردت 4592 مرة .
ل وردت 3204 مرات .
م وردت 2195 مرة .
بنفس الترتيب التنازلى ا ل م .
ثم يقول لنا العقل الإلكترونيّ أن هذه الحروف الثلاثة لها تفوق حسابي على باقي الحروف في داخل سورة البقرة .
نفس الحكاية في ا ل م سورة آل عمران .
ا وردت 2578 مرة .
ل وردت 1885 مرة .
م وردت 1251 مرة .
بنفس الترتيب التنازلى ا ل م وهي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .

نفس الحكاية ا ل م سورة العنكبوت .
ا وردت 784 مرة .
ل وردت 554 مرة .
م وردت 344 مرة .
بنفس الترتيب التنازلى ا ل م وهي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .
نفس الحكاية في ا ل م سورة الروم .
ا وردت 547 مرة .
ل وردت 396 مرة .
م وردت 318 مرة .
بنفس الترتيب ا ل م ثم هي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .
وفي جميع السور التي ابتدأت بالحروف ا ل م نجد أن السور المكية تتفوق حسابيـًا في معدلاتها على باقي السور المكية، والمدنية تتفوق حسابيـًا في معدلاتها من هذه الحروف على باقي السور المدنية .

وبالمثل في ا ل م ص سورة الأعراف .
يقول لنا العقل الإلكترونيّ أن معدلات هذه الحروف هي أعلى ما تكون في سورة الأعراف، وأنها تتفوق حسابيـًا على كل السور المكية في المصحف .

وفي سورة طـه نجد أن الحرف طـ والحرف هـ يتواردان فيها بمعدلات تتفوق على كل السور المكية .. وكذلك في كهيعص مريم ترتفع معدلات هذه الحروف على كل السور المكية في المصحف .

كما نجد أن جميع السور التي افتتحت بالحروف حـم .. إذا ضمت إلى بعضها فإن معدلات توارد الحرف ح والحرف م تتفوق على كل السور المكية في المصحف .

وبالمثل السورتان اللتان افتتحتا بحرف ص وهما سورة ص والأعراف "ا ل م ص" ويلاحظ أنهما نزلتا متتابعتين في الوحي .. إذا ضمتا معـًا تفوقتا حسابيـًا في هذه الحروف على باقي المصحف .

وكذلك السور التي افتتحت بالحروف ا ل ر وهي إبراهيم ويونس وهود ويوسف والحجر وأربع منها جاءت متتابعة في تواريخ الوحي .. إذا ضمت لبعضها .. أعطانا العقل الإلكترونيّ أعلى معدلات في نسبة توارد حروفها ا ل ر على كل السور المكية في المصحف .

أما في سورة يـس فإننا نلاحظ أن الدلالة موجودة ولكنها انعكست .. لأن ترتيب الحروف انعكس؛ فالياء في الأول يـس "بعكس الترتيب الأبجدي" .
ولهذا نرى أن توارد الحرف ي والحرف س هو أقل من توارده في جميع المصحف مدنيـًا ومكـيًا .
فالدلالة الإحصائية هنا موجودة ولكنها انعكست .

كان صاحبي قد سكت تمامـًا .
قلت وأنا أطمئنه :
- أنا لا أقول هذا الكلام من عند نفسي وإنما هي دراسة قام بها عالم مصريّ في أمريكا هو الدكتور رشاد خليفة ..
وهذا الكتاب الذي بين يديك يقدم لك هذه الدراسة مفصلة :
Miracle of Quran
slamic Productions international in St. Louis mo

وقدمت إليه كتابًا إنجليزيًا مطبوعًا في أمريكا للمؤلف .
أخذ صاحبي يقلب الكتاب في صمت .
قلت :
- لم تعد المسألة صدفة .. وإنما نحن أمام قوانين محكمـة وحروف محسوبة كل حرف وضع بميزان ورحت أتلو عليه من سورة الشورى :

{اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } الشورى – 17.

وأي ميـــزان .. نحن هنا أمام ميزان يدق حتى يزن الشعرة والحرف .. أظن أن فكرة النبي الذي يؤلف القرآن ويقول لنفسه سلفـًا سوف أؤلف ســورة الرعد من حروف ا ل م ر وأورد بها أعلى معدلات من هذه الحروف على باقي الكتاب وهو لم يؤلف بعد الكتاب مثل هذا الظن لم يعد جائزًا .. وأين هذا الذي يحصى له هذه المعدلات وهي مهمة لا يستطيع أن يقوم بها إلا عقل إلكتروني ولو تكفل هو بها فإنه سيقضى بضع سنين ليحصى الحروف في سورة واحدة يجمع ويطرح بعلوم عصره وهولا يعرف حتى علوم عصره وهو سيؤلف أو يشتغل عدادًا للحروف .

نحن هنا أمام استحالة .

فإذا عرفنا أن القرآن نزل مفرقـًا ومقطعًا على23 سنة ..
فإنا سوف نعرف أن وضع معدلات إحصائية مسبقة بحروفه هي استحالة أخرى .. وأمر لا يمكن أن يعرفه إلا العليم الذي يعلم كل شيء قبل حدوثه والذي يحصى بأسرع وأدق من كل العقول الإلكترونية .. الله الذي أحاط بكل شيء علمًا .. وما هذه الحروف المقطعة في فواتح السور إلا رموز علمه بثها في تضاعيف كتابه لنكشفها نحن على مدى الزمان .
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } فصلت- 53

ولا أقول أن هذه كل أسرار الحروف .. بل هي مجرد بداية لا أحد يدرى إلى أي آفاق سوف توصلنا .

وهذه الحروف بهذه الدلالة الجديدة تنفي نفيًا باتًا شبهة التأليف .

ثم هي تضعنا أمام موازين دقيقة ودلالات عميقة لكل حرف فلا يجرؤ أحدنا أن يقول أنه أمام .. أي كلام .. ألا ترى يا صاحبي أنك أمام كلام لا يمكن أن يكون أي كلام .

ولم يجب صاحبي، وإنما ظل يقلب الكتاب الإنجليزى ويتصفحه ثم يعود يقلبه دون أن ينطق بحرف .[/align]
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 08-20-2005, 11:39 PM
 
مشاركة: كتاب حوار مع صديقي الملحد (مصطفى محمود)

[align=right]الفصل السابع عشر
المعجزة


قال صاحبي :
لا أفهم كيف يجوز للرب الرحيم الذي تصفونه بأنه رءوف ودود كريم عفو غفور.. كيف يأمر هذا الرب نبيه الخليل المقرب إبراهيم بأن يذبح ولده .. ألا ترى معي أن هذه مسألة صعبة التصديق ؟
- القصة تدل من سياقها وأحداثها على أن مراد الله من إبراهيم لم يكن ذبح ابنه، بدليل أن الذبح لم يحدث وإنما كان المراد أن يذبح إبراهيم شغفه الزائد بابنه ..ومحبته الزائدة لابنه.. وتعلقه الزائد بابنه إذ لا يجوز أن يكون في قلب النبي تعلق بغير الله.. لا دنيا ولا ولد ولا جاه ولا سلطان.. كل هذه الأمور لا يصح أن يتعلق بها قلب النبي..
وكما هو معلوم كان إسماعيل قد جاء لأبيه إبراهيم على كبر وعلى شيخوخة.. فشغف به الشيخ وتعلق به ..
فجاء امتحان الله لنبيه ضروريا ً .. وما حدث في القصة يدل على سلامة هذا التفسير ..
فما إن صدع النبي لأمر ربه وأشرع سكينه ليذبح ولده حتى جاء أمر السماء بالفداء .
- وما رأيك في معجزات إبراهيم العجيبة ودخوله النار دون أن يحترق .. وما فعله موسى من بعده
حينما أخرج من عصاه ثعباناً ثم حينما شق بهذه العصا البحر، ثم حينما أخرج يده من تحت إبطه فإذا هي بيضاء.. ألا تبدو هذه الأمور وكأنها عرض بهلواني في سيرك.. وكيف يدلل الله على قدرته وعظمته بهذه البهلوانيات التي هي في حد ذاتها صنوف من اللا معقول.. وأمثلة من خرق النظام.. ألا يبدو أن البرهان الأقوى على عظمة الله هو النظام والعقل والانضباط والقوانين في سريانها الجميل في الكون دون أن تخرق..
- لقد فهمت المعجزة خطأ وتصورتها خطأ.

المعجزة في تصورك عمل بهلواني وخرق للقانون، ولا معقول، ولكن الحقيقة غير ذلك.
ودعني أقرِّب الموضوع إلى ذهنك بمثَل.. لو أنه قُدِّر لك أن تعود ثلاثة آلاف سنة إلى الوراء، ثم تدخل على فرعون مصر في ذلك الزمن البائد ومعك ترانزستور في حجم علبة الثقاب يتكلم ويغني من تلقاء نفسه.. ترى ماذا سيكون حال فرعون وحاشيته؟.. سيهتفون في ذهول بلا شك معجزة..
سحر.. لا معقول.. خرق لجميع القوانين..
ولكننا نعلم الآن أنه لا إعجاز في الموضوع ولا سحر، ولا خرق لأي قانون.. بل إن ما يحدث في داخل الترانزستور هو أمر يجري حسب قوانين في علم الإلكترونيات.. وإنه معقول تماماً وسيكون الأمر أعجب لو أنك دخلت على ملك بابل وفي يدك تليفزيون ينقل الصور من بلاد الروم.. وسوف يصفق ملك آشور عجباً لو أنك أدرت له أسطوانة بلاستيك فتكلمت.
بل إن التاريخ ليحفظ لنا قصة مماثلة حينما نزل المستعمرون أفريقيا.. وحطت أول طائرة لهم في الغابة وسط البدائيين.. ماذا حدث؟ سجد الزنوج العراة على وجوههم ودقوا الطبول وذبحوا القرابين وظنوا أن الله نزل من سماواته وتصوروا فيما يحدث خرقاً لجميع القوانين.. مع أننا نعلم الآن أن الطائرة تطير بقانون وتنزل بقانون.. وأنها مصممة حسب القوانين الهندسية المحكمة، وأن طيرانها أمر معقول تماماً، وأنها لا تخرق قانون الجاذبية، وإنما تتجاوز هذا القانون بقانون آخر هو قانون الفعل ورد الفعل..
نحن إذن أمام تفاضل قوانين وليس أمام خرق قوانين.. والماء يصعد في ساق النخلة ضد الجاذبية ليس بخرق هذه الجاذبية وإنما بمجموعة قوانين فسيولوجية تتفاضل معها.. هي قانون تماسك العمود المائي وقانون الخاصة الشعرية، وقانون الضغط الأزموزي، وهي جميعها قوانين تؤدي إلى شد الماء إلى أعلى.
نحن دائماً لا نخرج عن العقل ولا عن المعقول، وما حدث لم يكن بهلوانيات.. وإنما كانت دهشة الزنوج البدائيين مردها جهلهم بهذه القوانين.. وكذلك دهشتك أمام شق موسى للبحر وإخراجه للثعبان من العصا، وإحياء عيسى للموتى، ودخول إبراهيم للنار بدون أن يحترق.. تصورت أنها لا معقول وخرق للقوانين، وبهلوانيات.. في حين أنها تجري جميعها على وفاق المشيئة الإلهية التي تتفاضل مع جميع القوانين التي نعرفها.. وهي إذن صنوف من النظام.. ومن المعقول.. ولكن أعلى من مداركنا والله لا يهدم النظام بهذه المعجزات، وإنما يشهدنا على نظام أعلى، وقوانين أعلى، وعقل أكبر من استيعابنا، ومشيئة أعلى من ذلك كله.

وقد وقع البهائيون في نفس غلطتك حينما رفضوا المعجزات، وتصوروا أن قبولها فيه امتهان للعقل، وازدراء بالعقل، فتحايلوا على القرآن وحرّفوا معانيه عن ظاهرها، فموسى لم يشق البحر بعصاه، وإنما كانت عصاه هي الشريعة التي فرقت الحق من الباطل، وبالمثل كانت يده البيضاء هي رمز ليد الخير.. وبالمثل أحيا عيسى النفوس ولم يحي الأجساد.. وفتح العقول ولم يفتح العيون العمى.. وبهذا أخرجوا القرآن عن معانيه الحرفية إلى تأويلات وتفسيرات مجازية ورمزية كلما اصطدموا بشيء لم يعقلوه..
وكان هذا لأنهم أخطأوا فهم المعجزة وتصوروا أنها لا معقول، وخرق للقانون، وهدم للنظام، وهو نفس ما وقعت فيه.
والحق أننا نعيش في عصر لم تعد تستغرب فيه المعجزات.
وقد رأينا العلم يأخذ بيدنا إلى سطح القمر، وإذا كان العلم البشري أعطانا كل هذا السلطان، فالعلم الإلهي اللدني لا شك يمكن أن يمدنا بسلطان أكبر.. استمع إلى هذه الآية الجميلة :
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } 33/ سورة الرحمن
وهذا هو السلطان.. العلم البشري.. وأعظم منه العلم الإلهي.[/align]
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 08-20-2005, 11:40 PM
 
مشاركة: كتاب حوار مع صديقي الملحد (مصطفى محمود)

[align=right]الفصل الثامن عشر
معنى الدين



قال صاحبي :
- اسمع .. إذا كانت عندكم جنة كما تقولون.. فأنا أول واحد سوف يدخلها فأنا أكثر دينا ً من كثير من دعاتكم من أصحاب اللحى والمسابح إياهم..

- أكثر ديناً .. ماذا تعني بهذا ؟

- أعني أني لا أؤذي أحداً ولا أسرق، ولا أقتل، ولا أرتشي، ولا أحسد، ولا أحقد، ولا أضمر سوءاً لمخلوق، ولا أنوي إلاّ الخير، ولا أهدف إلاّ إلى النفع العام.. أصحو وأنام بضمير مستريح وشعار حياتي هو الإصلاح ما استطعت.. أليس هذا هو الدين؟ ألا تقولون عندكم إن الدين المعاملة؟ ..
- هذا شيء له اسم آخر.. اسمه حسن السير والسلوك.. وهو من مقتضيات الدين ولكنه ليس الدين، إنك تخلط بين الدين وبين مقتضايته.. والدين ليس له إلا معنى واحد هو معرفة الإله.. أن تعرف إلهك حق المعرفة، ويكون بينك وبين هذا الإله سلوك ومعاملة.. أن تعرف إلهك عظيماً جليلاً قريباً مجيباً يسمع ويرى فتدعوه راكعاً ساجداً خاشعاً خشوع العبد للرب.. هذه المعاملة الخاصة بينك وبين الرب هي الدين.. أما حسن معاملتك لإخوانك فهي من مقتضيات هذا التدين وهي في حقيقة الأمر معاملة للرب أيضاً ..
يقول نبينا عليه الصلاة والسلام:" إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل "..
فمن أحب الله أحب مخلوقاته وأحسن إليها.. أما إذا اقتصرت معاملاتك على الناس لا تعترف إلا بهم ولا ترى غيرهم.. ولا ترى غير الدنيا فأنت كافر تماماً وإن أحسنت السير والسلوك مع هؤلاء الناس.. إنما يدل حسن سيرك وسلوكك على الفطانة والسياسة والكياسة والطبع اللبيب وليس على الدين فأنت تريد أن تكسب الناس لتنجح في حياتك، وحسن سيرك وسلوكك ذريعة إلى كسب الدنيا فحسب.. وهذه طباع أكثر الكفار أمثالك.
- صدقني أنا أشعر أحياناً بأن هناك قوة..
- قوة !
- نعم .. ثمة قوة مجهولة وراء الكون.. أنا أؤمن تماماً بأن هناك قوة..
- وما تصورك لهذه القوة.. أتتصورها كائناً يسمع ويرى ويعقل ويتعهد مخلوقاته بالرعاية والهداية، وينزل لهم الكتب ويبعث لهم الرسل ويستجيب لصرخاتهم وتوسلاتهم ؟
- بصراحة أنا لا أصدق هذا الكلام ولا أتصوره، وأكثر من هذا أراه ساذجاً لا يليق بهذه القوة العظيمة..
- إذن فهي قوة كهرمغنطيسية عمياء تسوق الكون في عبثية لا خلاق لها.. وهذه هي الصفة التي تليق بقوتك العظيمة..
- ربما ..
- بئس ما تصورت إلهك.. خلق لك البصر فتصورته أعمى.. وخلق لك الرشد فتصورته عابثاً أخرق.. والله إنك الكافر بعينه، ولو أحسنت السير والسلوك مدى الدهر.. وإنّ أعمالك الصالحة مصيرها الإحباط يوم الحساب وأن تتبدد هباء ً منثوراً ..
- ألا يكون هذا ظلماً..؟
- بل هو عين العدل.. فقد تصورت هذه الأعمال من ذاتك ليس وراءها الهادي الذي هداك والرشيد الذي أرشدك فظلمت إلهك.. أنكرت فضله.. وهذا هو الفرق بين طيبات المؤمن وطيبات الكافر، إذا استوى الاثنان في حسن السير والسلوك الظاهر.. فكلاهما قد يبني مستشفى لعلاج المرضى.. فيقول الكافر : أنا بنيت هذا المستشفى العظيم للناس..
ويقول المؤمن : وفقني ربي إلى بناء هذا المستشفى للناس وما كنت إلا واسطة خير..
وما أكبر الفرق.. واحد أسند الفضل لصاحب الفضل ولم يبق لنفسه فضلاً إلا مجرد الوساطة وحتى هذه يشكر عليها الله ويقول : أحمدك يا ربي أن جعلتني سبباً.. والآخر أسند الفضل لنفسه وراح يقول : أنا.. أنا.. أنا كل شيء.. فارق كبير بين الكبرياء والتواضع.. وبين العلو وخفض الجناح..
بين الجبروت والوداعة.. ولهذا فأنتم في ديانتكم الوثنية وإيمانكم بهذه القوة الكهرمغنطيسية العمياء لا تصلون ولا تسجدون..
- ولماذا نصلي ولمن نصلي..؟ إني لا أرى لصلاتكم هذه أي حكمة.. ولماذا كل تلك الحركات أما كان يكفي الخشوع..؟
- حكمة الصلاة أن يتحطم هذا الكبرياء المزيف الذي تعيش فيه لحظة سجودك وملامسة جبهتك التراب وقولك بلسانك وقلبك : " سبحان ربي الأعلى ".. وقد عرفت مكانك أخيراً وأنك أنت الأدنى وهو الأعلى.. وأنك تراب على التراب.. وهو ذات منزهة من فوق سبع سماوات..
أما لماذا الحركات في الصلاة، ولماذا لا نكتفي بالخشوع القلبي فإني أسألك بدوري :
ولماذا خلق لك الجسد أصلاً.. ولماذا لا تكتفي بالحب الشفوي فتريد أن تعانق وتقبل..
لماذا لا تكتفي بالكرم الشفوي فتجود باليد والمال.. بل خلق الله لك الجسد إذا كان خشوعك صادقاً فاض على جسدك فركعت وسجدت.. وإن كان خشوعك زائفاً لم يتعد لسانك..
- هل تعتقد أنك ستدخل الجنة..؟
- كلنا سنرِدُ النار.. ثم ينجي الله الذين اتقوا.. ولا أعرف هل اتقيت أم لا ؟.. يعلم هذا علام القلوب.. وكل عملي – للأسف – حبر على ورق..
وقد يسلم العمل ولا تسلم النية.. وقد تسلم النية ولا يسلم الإخلاص.. فنظن الواحد منا أنه يعمل الخير لوجه الله وهو يعمله للشهرة والدنيا والجاه بين الناس.. وما أكثر ما يخدع الواحد منا في نفسه ويدخل عليه التلبيس وحسن الظن والاطمئنان الكاذب من حيث لا يدري.. نسأل الله السلامة..
- وهل يستطيع الإنسان أن يكون مخلصاً ؟
- لا يملك ذلك من تلقاء نفسه.. وإنما الله هو الذي يخلص القلوب.. ولهذا يتكلم القرآن في أكثر الآيات عن المخلَصين – بفتح اللام – وليس المخلِصين بكسر اللام.. ولكن الله وعد بأن " يهدي إليه من ينيب " أي كل من يؤوب ويرجع إليه.. فعليك بالرجوع إليه.. وعليه الباقي..[/align]
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعر الصريح في غزل المليح (عبد الله) قصائد منقوله من هنا وهناك 2 05-14-2008 10:18 AM
الفصل الاول من روايت(البطاقة السحريه) أبو أسامة قصص قصيرة 2 10-15-2007 12:58 AM
هل تريدون حفظ كتاب الله... إليكم هذه الفكرة ؟!! tayba06 نور الإسلام - 11 05-22-2007 01:05 PM
صديقي يامن كنت صديقي رام أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 9 01-01-2007 10:03 PM
من هم الشيعه ( حوار ) .........ارجو الدخول للمعرفة........ فراس الحلو نور الإسلام - 0 07-07-2006 09:32 PM


الساعة الآن 12:42 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011