عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

Like Tree2Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-18-2009, 09:06 AM
 
إنتظار ما لا يأتي

انتظار مالا يأتي


بعد التهجير ، وبعد التغريب ، بعد ذلك الدمار الذي لحق بنا من كل جانب ، وبعد تلك الأوجاع ، أصبحت وحيدة ، لا مأوى ولا طعام لديَّ ، لا راحة ولا نومةٌ هنية ، إن وجدت الأكل أكلت ، ويكون أكلي كالطيور ، لأوفر الباقي ، لباقي الأيام ، أبحث عن ما يسترني بين أزقة القمامة ، والكل يعلم بأن حالي وحال غيري الذي في مثل حالتي هو أصعب حاله من بين كل الأحوال .
أُضيّفُ نفسي على أبواب المطاعم ، لا أدخلها ولا أطرقها ، إنما أنتظرُ في الخارج ، أنتظر إلى أن تصلني المعونات ، وفي غالب الأوقات أُطرد ، نعم أُطرد لأني أُشَوهُ منظر المكان ، أُحاول بتوسلاتي فينهروني بشدة ، فأنام باقي يومي من دون طعام .
أُغير موقعي من مقهى إلى آخر ، وبما أني غيرت المواقع ، غيرت معه الإسلوب أيضا ، أصبحت لا أتوسل ولا أتسول إلا بنظراتي المنكسرة ، أُرسلها للجميع ، أرسلها إلى قلب كل من ينظر إليَّ ، علّي أجد من يشفق ويحن عليَّ فيطلب مني أن أُشاركه أيُّ لقمة ، أفعلها مراتٍ ومرات حتى المساء ، ولكن دون فائدة ، فأعود وتسبقني رؤوس الخيبة بدل أذيالي ، ولأن الليل موحش ومخيف ، أُسرعُ الخطى بين الأزقات لكي أصل بسرعة إلى مخدعي الذي يقع بالقرب من القمامة العامة ، لأشارك زملائي وزميلات نوم المهجرين ، أستلقي تحت صفيح من الحديد وأنام ، متوسداً قطعة من الطوب الأحمر ، وأتغطى بقطعة قماشٍ البالية ، وهذا حالي منذ بداية المأساة .
نعم .. مأساة قد حلت بي منذ تلك الأيام ، بعد تلك النعم المتواضعة التي كُنتُ أنعم بها ، بعد سريري الخشبي وغرفتي الدافئة ، بعد كل التواضع الذي كُنتُ أمتلكه ، أجبرت على الفقر .. نعم أُجبر ذلك التواضع على الرحيل ، ليحل مكانه البؤس والفقر ، لقد رحل عني وأخذ معه كل شيء ، وأصبحت على هذا الحال ، أنتظر المحال من المحال ، في أي حال من الأحوال ، حتى مل الصبر من صبري الذي طال .
مسكينةٌ أنا ، أنتظر من يساعدني ، أو يفكر أن يساعدني ، لم أُفكر قط مثل الغير ، مثل الذين عاشوا بطرقٍ ملتوية ، بطرق ( خُذ ما تُريد وأعطني ما أُريد ) ، لأنها طرق سريعة الذهاب وتؤدي إلى الضياع ، تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه .
على رصيفٍ متهالك أجلس ، أترنم بما أحفظ من أناشيد وأغاني ، فلفت نظري شخصٌ قد نزل من سيارة الأجرة ، نظرت إليه بعين الإهتمام فلم يعيرني إهتمامه ، ضللتُ أُتابعه بنظراتي عَلّي أجد إلتفاتةٍ منه ، فلم أجدها ، لأنه كان مشغولاً بهاتفه ، فتبعته .. من شارع إلى شارع ، ومن حارة إلى أخرى ، حتى وصل إلى منزله الكبير ودخل ، إنتظرته ، حتى يخرج ، ولم يفعل حتى جن الظلام عليَّ وجعلني أترك المكان .
في الصباح ذهبت إليه ، من الجائز إنه سيساعدني للقضاء على هذا الفقر ، ملامحه تقول ذلك ، إنتظرته مرات ومرات عله يخرج ، في كل يوم آتي وأنتظر وهو لا يخرج ، لعلي آتي في وقت هو غير موجود فيه ، سأنتظرة ولن أرحل حتى يأتي .
وقفتُ تحت شجرة تقع أما منزله ، أُفكر في الدخول ، وأنا أرمق الداخل والخارج ، أُحاول الدخول ولكني مترددة ، خوفاً من الطرد ، لأني طُردتُ من قبل ، ولكن .. هل سيساعدني ، لا أعرف ، سأنتظر عودته لأعرض عليه طلبي .
يهطل المطر وأنا واقفة في الخارج ، أحتمي بتلك الشجرة من زخاته ، ولا أُبالي بما يصيبني من الزخات ، فقط أن منتظرة ذلك الذي رحل ، لأنه سيأتي عاجلاً أم آجلاً ، جلست أنتظر ، حتى غلبني النعاس ونمت ما بين المطر وطين الشجر .
صحوت مذعورة لأن نِومي في مكانٍ معزول خطر ، فحمدت لله لم يصيبني سوى رشحٍ خفيف ، وزعت نظراتي بين أرجاء الشارع ، باحثة عنه ، تذكرت بأني نمت ومؤكد بأنه دخل المنزل أثناء نومي أو خرج منه ، تحركت إلى الباب فخرج ، فيا محاسن الصدف ، إن الله يحبني ، فنتبهت له فرحة ، فانتبه لي مصدوم ، إبتسمت له وبتسم لي ، نظرت له بعين الشفقة ، فنظر لي بعين الرحمة ، تمعنت فيه وفي هندامه ، فتمعن فيَّ وفي هندامي الرث ، مشيت إليه فمشى إليَّ ، أنزلت يدي إستعداداً لمصافحته ، فأنزل حقيبته وأدخل يده في جيبه ، ضننت بأن منديله الذي في جيبه سيسبقه إلى وجنتي الملطخة بالطين وأوراق الشجر ، ولكن المنديل سبقني إلى دموعة التي نزلت عندما رآني ، فأيقنت بالفرج ، وفرحت لذلك ، لأنه بكى من أجلي ، ومن شدة فرحي تعثرت أمامه فأمسكني بيديه الناعمتين ، وساعدني على والقوف فتبسمت له ، فتبسم لي ، ثم وضع في يدي ورقة نقدية كبيرة ورحل ، تركني من غير أن يكلمني ، لم ينطق أبداً ، ولا أعرف لماذا ؟! ، فقط إكتفى بكل الذي مضى ؟ ، ركب سيارته ورحل ، تركني واقفه مندهشة مستغربه متعجبة متلعثمة منصدمة من هول ما جرى ، زارتني أربعة فصول في وقت واحد ولم أشعر بها ، كنت منتظرة هذا الرجل ليساعدني ، ولكن إنتظاري لم ينفعني ، فأتى البواب وطلب مني الرحيل من أمام الباب .



هذا آخر ما كتبت وإنشاء الله تعجبكم .
فرانسواس likes this.
  #2  
قديم 01-19-2009, 10:52 PM
 
رد: إنتظار ما لا يأتي .. ؟؟؟؟؟

بسم الله ما شاء الله عليك اخي راشد هأنت تعود لتتحفنا بما عندك وبما لديك من ابدعات متميزه شكرا لك ولو كان للقصه تكمله ارجوك لا تبخل علينا
  #3  
قديم 01-20-2009, 04:26 AM
 
رد: إنتظار ما لا يأتي .. ؟؟؟؟؟

يسلمووووووووو وشكرا على مجهودك يعطيك العافيه
  #4  
قديم 01-20-2009, 08:55 AM
 
رد: إنتظار ما لا يأتي .. ؟؟؟؟؟

عودا حميدا
لقلمك المميز
بالفعل قصة رائعه ومعبره
جزاك الله خيرا
وننتظر جديدك
  #5  
قديم 01-21-2009, 08:54 AM
 
رد: إنتظار ما لا يأتي

شكراً لكم ودمتم بخير
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:04 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011