حملت-حبلت - عيون العرب

**حمزه عمر** · #1 02-26-2009, 03:38 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

حملت-حبلت

وردت مادة الحمل في القرأن الكريم اربعاً ستين مرة, منها ست عشرة مرة بمعنى الحبل (وجود جنين في الرحم)
اما مادة حبل بمعنى الحمل فلم ترد في القرأن الكريم رغم ان مادة الحبل وردت سبع مرات
وكلمة حبل كلمة فصيحة وردت في الشعر الجاهلي ووردت في احاديث الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن الطريف اللافت للنظر ان سورة مربم احتوت على كلمة حمل التي تعني وجود الجنين في الرحم واحتوت على الكلمة نفسها لكن بمعنى حمل الشيء على الايدي او الصدر {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } (مريم:22) أي ان مريم عليها السلام قد احتوى رحمها على جنين وبعد عدة ايات {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } (مريم:27) أي ان مريم عليها السلام بعدما وضعت الجنين وأكلت من الرطب وشربت من الماء جاءت الى قومها ومكان سكنها تحمل المولود على صدرها
والذي نريد التنبيه اليه هنا هو ان القرآن الكريم ابتعد عن كلمة حبلت في جميع السور وابتعد عنها في سورة مرم بوجة خاص رغم وجود الدافع لاستعمالها وهو المغايره حيث توجد كلمة حملت في الاية 27 من السورة كما رأينا وقبل ان نجيب عن السبب هذا الابتعاد نود ان نعرض شيئاً من اللغه عن كلمتين حمل وحبل فنقول :
قال ابن فارس :" الحاء والميم واللام اصل واحد يدل على اقلال الشيء والحمل:ما كان في بطن او على رأس شجرة والحمل ما كان على ظهر او رأس"
اقول :اقلال الشيء : يعني رفعة وقوله :" والحمل ما كان في بطن " يعني الجنين وقوله :" او على رأس شجرة " يعني ثمار الاشجار .
وقال ابن فارس:" ومن باب الحبل وهو الحمل وذلك ان الايام تمتد به ".
اقول: ابن فارس يعتبر ان الحبل مأخوذ من الحبل وهو تلك الاداه التي يستخدمها الناس في حزمة الامتعه وربطها فوق الدواب او وسائط النقل في وقتنا الحاضر فالحبل شريط ممتد والحبل يمتد بالمرأه فترة طويله تسع اشهر فهذا وجه المناسب للتسمية عند ابن فارس
اما ابن منظور فقد قال " الحبل: الامتلاء وحبل من الشراب امتلاء ورجل حبلان وامرأه حبلى أي ممتلئان من الشراب الى ان قال: ومنه حبل المرأه : امتلاء رحمها "
وأنت ترى ان ابن منظور قد اعتبر ان الحبل من الامتلاء وليس من الامتداد .
اقول:
ولا يوجد ما يمنع ان مادة حبل مأخوذه من الامتلاء والامتداد معاً, لأن الجنين يملأ بطن المرأه وتمد مدة هذا الامتلاء لتصل تسع اشهر في غالب الاحوال . وهذا أمر لا يعنينا هنا لان نبحث عن سبب ابتعاد القرأن الكريم بوجة خاص عن كلمة حبلت فنقول :
اولا: احتوت سورة مريم على سبع وعشرين مادة لغويه جذورها مبدوءه بحرف الحاء مثل:حتماً في الايه71 وحجاباً في الايه17 والمحراب في الايه11 والاحزاب في الايه37 وتحزني في الايه24 والحسره في الايه 39 وتحس في الايه98 وأحسن في الايتين73/74 ونحشره في الايه85 ولنحشرنهم في الايه68 واحصاهم في الايه94 ولنحصرنهم في الايه 68 وحفيا في الايه47 والحق في الايه34 والحكم في الايه12 وحملته في الايه22 وحملنا في الايه58 وتحمله في الايه 27 وحناناً في الايه 13 وحول في الايه68 وحياً في الايه15/31/33/66 ويحيى في الايتين7/12 ولكنها لم تحتو على مادة لغوية مبدوء جذرها بحف الحاء يتبعها حرف الحاء يتبعها حرف الباء,فلم تحتو على مادة حبب ولا حبر ولا حبس ولا حبل ...الخ, أي ان سورة مريم ابتعدت عن كل كلمه يبدأ جذرها بحرف الحاء المتبوع بالباء فصار ليس غريباً عليها ان تخلو من مادة حبل محل بحثنا على ان المواد اللغويه المبدوءة بحرف الحاء متلوه بحرف الباء بلغ ورودها مائه وسبع وعشرين مره في القرأن الكريم
ثانياً: لما ابتعدت سورة مريم عن كلمة حبلت وجرى استخدام كلمة حملت بدلاً عنها اعتمدت السوره على القرائن في التفريق بين مدلولي الكلمه في الموضعين فقوله{فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } (مريم:22) عرفنا ان هذا الحمل يعني: وجود جنين في الرحم من قول تعالى في الايه التاسعه عشره {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً }مريم19 فهذه الايه هي القرينه الداله على ان كلمة فتحمله الوارده في الايه الثانيه والعشرين تعني وجود جنين في الرحم وجاءت الايات 23-26 والتي تتضمن حصول المخاض لها (الولاده) قرينه داله على ان كلمة تحمله الوارده 27 تعني: تحمل المولود على يديها او تضمه الى صدرها مضافا الى ذلك قوله تعالى {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً }مريم29 فالقرائن هي التي حددت مدلول كلمتي حملت في سورة مريم وهذه القرائن اغنت عن استعمال كلمة حبلت في هذه السوره وهو مظهر رائع من مظاهر الاعجاز .
بقلم الاستاذ وسيم

الأمير العمري · #2 02-26-2009, 09:00 PM

كلام غاية في الروعة ، وملاحظات تدل على أن كل كلمة من كتاب الله تتناسب في موضعها ومكانها مع السورة والآية التي سيقت فيها
وهذا يعني اعجاز في النظم وهو من الاعجاز البياني

احسنت ، ومشكوووووور على هذه المعلومات القيمة

أحمر العين · #3 02-26-2009, 09:08 PM

**امل مجروح** · #4 02-27-2009, 10:59 AM

**حمزه عمر** · #5 03-01-2009, 09:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمير العمري

كلام غاية في الروعة ، وملاحظات تدل على أن كل كلمة من كتاب الله تتناسب في موضعها ومكانها مع السورة والآية التي سيقت فيها
وهذا يعني اعجاز في النظم وهو من الاعجاز البياني

احسنت ، ومشكوووووور على هذه المعلومات القيمة

تسلم الامير الله يبارك فيك ويحفظك من كل سؤ مرورك اسعدني مشاركة رائعه منك