عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-10-2014, 04:44 PM
 
.









*
*





صوتها .. وهدوء المتجر مع تحرّك بعض العلب والخطوات .. شعرت وكأني بي في رواق عيادة طبيّة ، على جانباي عدة غرف ، أبواب مغلقة .. والاخرى مفتوحة .. !


غرفة في اليمين ، كانت تحمل مريضا يستلقي على سريره الأبيض .. يبتسم بوهن والمغذي الذي يمتد بأنبوبه الرفيع الى نهاية طرفه ، أبرة صغيرة دخلت في أحدى شرايينه كي تبعث له بالدواء ، أفراد عائلته ملتمين حوله بسعادة .. يباركون له .. وحفيده الأصغر متشبث بيده اليسرى وهو يداعبه ، بدى رجلاً على مشارف نهايات عمره الطويل .. ولكن بسمته أوضحت الكثير في ثباتها على محياة ..
.
لابد وان قلبه دافئ بجمع حبهم معاً .. ولم شملهم على من وجبت رعايته ووضعه نصب اعينهم في وقت الشدة .. !
أخرج الى الرواق ، وأقف .

تصاعد ضباب في المحيط ، وتكثفت أغلاله حتى أستوى المشهد أمام ناظري .. حائطاً رمادياً مجرّداً من المادّة . .!
أعتنقت أوصال السكون المجوف ، تزحزت من موقعي بمشية واهنة .. وترجلّت على الطريق السائد أمامي في خلوة تلتمس مزيجاً كئيباً يتحرّك داخلاً أطرافي لأستشعر بهيكلي يتقلص بارداً .. يتجسّم معيداً تشكيلي حتى غدوت .. جسماً ضئيل الحجم يزحف على شارعٍ أمتدت أطواله خارج حدود البصر .. !

ما كانت السماء كما المعتاد ولا الأرض بعد أن تمايلت كأمواج المحيط تحت قدماي .. لأسقط بين طيّات الطريق الذي أنصهر متخذاً سائلاً عميقاً أغرقني
وبدا السيل يجرفني بإتجاه المجهول ، وأنا أجاهد قيد الإختناق !!

عقربٌ أهتز في ردهة ..
السادسة والنصف !


سرعان ما أضمحل كل شيء في ومضة واحدة ! .. واستبدلت الارض ردائها .. هوى سقف السماء منسحباً في بؤرةسوداء .. حتى أقفلت وأبصرت جسدي واقفاً في الرواق .. !!
الأبواب الموصدة ، الغرف .. ومصباح يتوسط السقف ، ما بين ثانية مضيئة و اخرى منطفئة !
رواق العيادة الطبية .. كما ألتقيت به قبل ثوانٍ مضت كالساعات !

يزيدني السكون إهتزازاً في حركة المشاعر التي تموج بتمرّدٍ ،فأستجمع حواسي الخمسة عند يقظة لحظية .. !
أسير شيئاً من الزمن ببطء ، فأبصر الممرضة تخطو على عجلٍ .. حاملةً بين كفيّها أكياس معبئة بالدم ! ، لابد أنه وضع طارئ يستوجب العناية القصوى ، .. وحين تجاوزتني .. خيّل ألي أن حرفE كان مطبوعاً على الكيس ، زمرة الدم E ، هذا ما رآه عقلي .. ربما ، وحتى الى هذه المدة المقطوعة عن سلسلة الزمن .. داخل تباطء تصاعدي أنسحب بؤبؤ عيناها الأسود ناحية عنقي .. وهي تكمل هرولتها الى الغرفة اليسارية.. !!
وفي طرفة عين .. تلاشت !

شدتني بفضولٍ غريب اتجاه الباب ، لم أدرك لما تتحرك قدماي الى الخلف .. حيث كانت وجهتها ، راوغت الريبة المتكدّسة وتراجعت أشق طريقها ! .. الى أن استدرت ووجدت جسدي أمام الباب ، لا ، بل أنني تجاوزته حتى وطئت أول بقعة
من الأرضية الرخامية .. !

كانت تنزف بغزارة ، من شقًّ استوطن منتصف تلك جثة حيّة .. تلفظ آخر الصيّحات .. كالجنون ! بعقلٍ منفصم غائصٍ في نوبة الإحتضار .. !، الدم القاني طلا غطاء السرير الأبيض بعد أن لطّخ حيزاً كبيراً من الجسد المزرق النافرة عروقه، لهيثها الحار لكأنها تُشوى أشلائها على جمرٍ تغلي تحته النيران ، وألمٌ نابت من أعضائها يسبب لها لسعات موجعة وهي تتأوه بالصراخ ، شفتاها مدماة ، تجويف شغر محجر أحدى العينان .. والأخرى بيضاء .. !!


عدت خطوة للوراء ، تعرّقت .. ! ، الممرضة تقوم بعملٍ مجهول ، .. لا أستطيع الرؤية بتمعن لأنها مستديرة للسرير .. ذراعها تتحرك بسرعة .. تزداد سرعةً .. صوت شيء أسفنجي يتقطع .. !!

- ماذا تصنعين .. ؟!

لفَظْتُ السؤال بغير أرادة ، تسلل أضطراب يطرق رأسي ، .. استضاقت نفسي من النظر ، وتلك يعلوا صراخها .. ! ، غدوت بسرعة لأسحب كتفها .. فرأيت أصابعها تلعب بالمقص الرفيع والدم يتطاير بقعاً على وجهها !!

- عذراً ، يمنع تواجد الزوّار هنا .. يا آنسة ، شيء يجري على رقبتك .

فتحت عيناي عن آخرهما ، رمقتها برهبة فكانت تبتسم بمتعة ! .. تراجعت أكثر .. فأكثر .. وحاولت الخروج !
لكن إطاراً وهميّاً أحبسني بالداخل .. مشوشة اكاد أظن أني في خضم هلوسةٍ شديدة !!

- عذراً ، يمنع تواجد الزوّار هنا .. يا آنسة ، شيء يجري على رقبتك .

تحسست المنطقة التي آشارت أليها بسبابتها ، فتلطخت بالدماء .. وسال غيرها تحت قدماي .. يتدفق أسفلي .. يزداد إتساعاً !!

- عذرا ً ، يا آنسة ..

أنجرفت في قعرٍ رطب ، وأنا في منتصف سقوطي ، هويت كأشلاء تناثرت كالقطع على الأرض !!
الدماغ منشق عن الرأس ، الأعضاء الحيوية ، الذراعان .. و العينان !
عينان ؟!! .. لا يمكن لعينان أن تسقطا من محجراي ، فلم يكن لي منذ ولادتي عين أرى بها !!
ولدت ناقصة الحواس فحسب .. ، لذا بدوت كالشيطان أمامهم !


عادت الرؤيا بيّنة .. أتضحت الصورة ، فرأيت وجهاً منزعجاً بعض الشيء ، كان البائع !!
- يا آنسة !
- آه ، نعم
- أين كنتي ومنذ مدة وأنا أطلب منكِ الحساب ؟!
يبدو لي ، أين كنت .. وكيف خرجت ، صوت الآلة كان .. كاد يجرفني داخل موقع لو لا هذا الاتزان المختل .. ! أخذني تيّار ذاتي الثانية لبرهةٍ ، كدت بها أفقد الأحساس بالمحيط .. !! بل ربما فقدته لسويعات ..
أرغمت الهدوء أكثر لأمسي متيقظةً ،

- كم الحساب ؟
بانزعاج أجاب : خمس وأربعون قرشاً !

أخرجت المحفظة لأفرغها بالمطلوب ، ناولته المبلغ على الطاولة بينما أمسك بالكيس ، ثم خطوت للباب حتى خرجت ..

تلقت أذني عن طريق الصدفة المعتادة ، بعض الأحاديث .. ، خلت فيها أن الصوت الأول أنثوي بين نبرتها الغضب
- جماد كانت أم انسان ، واقفة كالتمثال الجامد حتى بعد أن انتهت .. وأنا أنتظر دوري كالبلهاء
- اوه لا أكاد أصدق ، فتيات هذه الصرعة الحديثة هو الصلاة لفارس الأحلام عند تمنيه

ماجت شفتاي على صورة ابتسامة تحكي السخرية ! ، فمن طبائعهم حين التعليق على أمرٍ هيّج دافعاً أو شعور .. ،
كل ما يشغلني هو هذه النفس ،
لا أبتغي منها سوى الجمود والثبات كالطبيعة التي أُسستها ، ولكني في الوقت ذاته لست قادرةً على التمسك بجانبها المنطقي .. أكثر من اللازم !

ربما يوجد هناك التنقيب عن الإجابة لزمن الأسئلة ..



يتبع،



.
__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

رد مع اقتباس