##
بسم الله الرحمن الرحيم ~
|مقدمة|
علي تلك المنصة الخشبية وسط الحديقة الخضراء وقفت ، أمامها جمهور موزَع علي كراسي بيضاء فالهواءِ الطلق ، ابتسمت بينما هَبت نِسمة عابِثة بمرح في خُصلات شعرها البُنية ، أنحنت لمُكبر صوت أمامها بظرافة لم يتوقعها أحد من شكلها الجِدي : كيف حالكم؟
ضَحِك البعض لتُتابع بشيء من الإحراج وقد أحمرت وجنتاها : بالطبع لم يعرفني أحد إلا مُذ سنة ! لم أتوقع أن يُحقق كتابي "قطرات من حِبر ودَم" ذلك النجاح الكبير !! أدين بالكثير .. بل مُعظم الفضل لـ"حُسام شرف" !! نعم يا سادَة أنهُ شخص حقيقي !!
بدأت علامات الدهشة تعتلي وجوه البعض ! ، حُسام شرف حتي وإن كان حقيقي فكيف لها أن تعلم عنه بعام 2015 وهوَ الذي عاصَر الحرب العالمية الأولي ولم يُذكَر بكتاب تاريخ واحِد !!
أتسعت ابتسامتها : الآن وقد حظيت علي أهتمامكم سأخبركم ما حدث العام الفائِت بحياتي ليُغيرها جذريًا وأصبح الشخص الماثل أمامكم بتلك اللحظة !!
اعتدل أحدهم في كُرسيه : كُنت أعيش مع والديّ ، أذهب إلي عملي فالجريدة كل صباح وكل شيء يسير بشكل طبيعي حتي .. ماتا ..! كُنت مُدللة جِدًا ! لم أفهم ماالذي يحدُث حين أتي الدائِنون ليحجروا علي الفيلا !! أعني .. من يتوقع أن يحدُث هذا لشخص مثلي أو أن تكون عائلة مثل عائلتي مُتراكِمٌ عليها كُل تلك الديون التي لا يُمكن تسديدها؟!
توقفت عن التحدُث لدقيقة ، ظن الجميع فيها أنها ستبكِ ! لكنها عادت للابتسام فجأة ! : وهُنا بدأت حكايتي مع "حُسام" !! ، لم أجد مكان أذهب إليه سوي قصر جدي الذي لم يكُن حتي من أملاكنا في تلك الفترة التي كانت مِصر بها اشتراكية !! ، كيف عاد لنا بعد ذلك ليس لديّ أي فكرة !! ، كان أبوايّ دائِمًا يُرددان "ذلك القصر المهجور مسكون من قبل الجِن" !
قهقه الحضور في صوت واحِد ! الأمر بدأ يأخذ مُنحني مُختلف عما ظنوه بدايةً! ، تابعت : لا أعلم من كانَ جدي لكنهُ بأحد أيام حياتُه آوي ضابِط !
قضب شخص حاجبيه لتنظُر له علي وجه التحديد : نعم ! ذلك الضابط كانَ حُسام !! ، سَكَن بِسردابِنا لسبب يعلمهُ كل من قرأ كتابي ، لم تكُن فترة قصيرة أبدًا وإلا ما أصبح هذا مُتواجِدًا !
قالت الجُملة الأخيرة رافِعة بمذكرة عتيقة : مُذكراتُه .. وجدتها بِسردابي .. هوَ مُلهِمي الحقيقي .. وليس لديّ شيطان يُعلمني الكِتابة !!
نَزَلَت عن المنصة متبوعة بتصفيق ، سقطت دِمعة من عينها ! ضمتها إحداهن مُربتة علي ظهرها لتكتفي هيّ بالهمس : كانَ بطلًا لكن لم يعرِفهُ أحد !!
سَحَبَت الشابة الأخري المُذكرات العتيقة منها : علامَ أتفقنا؟! ذلك الشيء لن يبق ببيتك يا رؤي !! لا مزيد !!
حاوَلت رؤي المُعارَضة : لكن !!
قاطَعتها صديقتها : لا لكن !!
تمتمت الكاتبة وكأنها تُحدث نفسها : حافظي عليها علي الأقل يا هَنا !! اهتمي بها جيدًا !! ذلك الشيء كنز !! غريب أن أحدًا من مسئولي المتاحف لم يُطالبني به !! لا بُدّ أنهم يعدونها من مُقتنيات جدي وإلا ما تُرِكَت !!
نَفَخَت هَنا لترتفع غرتها لأعلي : بالطبع !!
صمتت لحظة لتُتابع : اقسم بالله لن أبيعها !!
نظرت بعدها للأرض : فقط لا تُحبِ رجُل مات قبل أن تولدي ..!
ضربتها رؤي بكتفها : سخيفة !! وكأني سأشك بك أن تبيعي كنزي !!
___
ارتمت هَنا علي سريرها بتعب بعد أن بَدَلت ملابسها ، كانَ يومًا طويلًا ومُجهدًا والتنظيمات استنزفتها !!
أمسكت بمُذكرات ذلك المدعو حُسام بسُخرية : لا أنا لن أقرأها بالتأكيد !! قد قرأت كتاب رؤي وهذا يكفي !!
ألقتها بإهمال لتعود إليها مرة أُخري !! : فقط لأني أشعُر بالملل ولا أجد ما أفعل !!
فتحت ذلك الشيء الذي يبدو كحزام بِنطال لكن قصير ويُحزم مُذكرة !! بُنية اللون ، لتبدأ بقراءة أول ورقة بعد أن وقعت عينيها علي الكلمات ! ، تمتمت لنفسها : أنا أعقل من رؤي !!
لكن بعد خمس دقات أغلقتها مرة أخري وعادت بذاكرتها سنة للخلف !!
-
مشاركة بمسابقة memories of self~