المغامرة 1 : اتجاهات فوضويّة (الفصل الثالث) .. 3.4
[TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_12_15145090317730542.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] .
.
وحينما حلّ الليل وأودع بسكونه في الغابة السوداء, كان الحطب الذي تتآكله النار يتوسّط دائرة الرفاق حيث اختاروا بقعة ما بين الأشجار, قد جُمع الجزء العلويّ من الفطر وتم بعثرته حول النار ليُشوى وقد كان بحول الأربعين أو الخمسين قطعة, حيث كان أيهم ينتظره لينضج وهو يراقبه, قالت أمل بهدوء: يبدو أنّ هذا المكان عالم آخر تماماً, وقد تم استدعائنا إلى هنا عبر تلك البوابة الغريبة التي سحبتنا قسراً, ليست لديّ فكرة عن السبب ولكنه عدوّ للشخص الذي يُدعى لهب والذي علَمَ بقدومنا ويريدُ القضاء علينا لأننا نشكل تهديد له
سامي بحيرة: ولكن.. لماذا نشكّل تهديد له؟ نحن حتى لانعرفه
أمل بهدوء: لا أعلم, ربّما الأسلحة التي حصلنا عليها في المكان الفاصل هي مايهدده, وقد أرسلها الذي استدعانا إلى هنا
أيهم بهدوء: وهناك أيضاً السيد الكبير, الذي يعمل لمصلحة لهب
حمل سامي سلاحه بيده وقال بهدوء: إنها أسلحة قويّة فعلاً رغم أنّ كل منّا يملك سلاحاً يختلف عن الآخر, فأنا حصلت على الترس المسنن, وأيهم حصل على مسدّس ناريّ, وأمل حصلت على ليزر فتاك, وأشواق..
لم يكمل جملته إذ أدار برأسه نحو أشواق التي كانت تحمل شيئاً صغير بجحم كف يدها دائريّ الشكل, فقالت أشواق بحيرة: لا أعلم مايكون, فأنا لم استخدمته مطلقاً
قفز أيهم نحوها وهو يقول بدهشة: هاه! كيف كنتِ تدافعين عن نفسك طوال الوقت؟ لقد كانت تلك الكائنات في كل مكان!
صمتت أشواق لوهلة ثم قالت بتردد: في الحقيقة.. كان هناك شخص ما
شهق الثلاثة في دهشة, فأردفت أشواق بهدوء: لقد كان فتى بدا أنّه من عالمنا, إنه قويّ فعلاً وقد دافع عني طوال الوقت حتى من دون أن أدرك, لقد أنقذني مراراً من خطر محتم
أمل بدهشة: وأين ذهب يا أشواق؟ أين هو؟
أشواق بحيرة: لا أعلم, لقد اختفى فجأة حينما كنتُ قريبة منكم
أيهم بدهشة: هل أنتِ متأكدة أنه من عالمنا؟
أرخت أشواق بعينيها إلى الأسفل محاولة تذكّر ملامحه وهي تقول بهدوء: اممم نعم! أظن ذلك! حتى أنه بدا أكبر عمراً بعامين أو ثلاثة
سامي بدهشة: هل يملك سلاحاً أيضاً؟
أومأت أشواق بالإيجاب وهي تقول: أجل, كان يحمل سيفاً طويلاً يقاتل به
بدت على سماتها الحيرة وهي تسترسل: ثم.. أخفاه بطريقة ما
تذكرت بأنها لم تره معه حينما خرجت من المغامرة وهي تسير خلفه, نظر كلاً من سامي وأيهم لأحدهما الآخر في دهشة, فقالت أمل بهدوء: الأربعة الباقون!
شهق الثلاثة في حيرة وهم يديدون برؤسهم نحوها, فقالت أمل بجديّة: ذلك الذي يُدعى مهاب سألنا عن وجود ستة باقون حينما كنّا نقاتله أنا وأيهم, هذا يعني بأنّ الأشخاص الذين سيأتون إلى هنا ثمانية, وتبقّى أربعة باقين لم نلتقي بهم
سامي بحماس: إن كان ذلك الفتى واحد منّا فهناك ثلاثة باقين
أدارت أمل برأسها نحو سامي بغضب وهي تقول: كنتُ سأقول ذلك!
كزّ سامي أسنانه واتسعت عينيه بخوف وهو يطبق شفتيه ببعضها, فقال أيهم بعينين تلمعان حماسة: والأهم من ذلك فهم يقولون بأننا أسطورة, الأسطورة المنتظرة
حوّل الجميع بعينيه نحو أيهم, فقال سامي بقلق وإحباط: هذا يبدو مخيفاً
أمل بهدوء: بل يبدو ممتعاً
شهق سامي وهو ينظر نحوها, فقالت بابتسامة واثقة: إنهَ ليسَ أمر حقيقيّ فعلاً كما نشعر, فتلك الكائنات تموت بطريقة ألعاب الفيديو, يبدو الأمر أشبه بأننا قد دخلنا إلى لعبة فيديو لإتمام مهمّة معينة بعد أن تم تزويدنا بالأسلحة
أضاف أيهم بحماسة تكافيء حماستها: صحيح
أدار سامي برأسه نحو أيهم بسرعة مقطباً حاجبيه, فأردف أيهم بابتسامة واثقة: الشخصية الرئيسيّة الشريرة التي جئنا للقضاء عليها هو لهب, وهو يريد الدفاع عن نفسه والقضاء علينا برسل أعوانه قبل أن نفعل نحن بصفتنا الأسطورة
احتدت ابتسامته وهو يقول: إنه أمر ممتع فعلاً
تبادلا أيهم وأمل ابتسامة الحماسة وهما ينظران نحو أحدهما الآخر, بينما بدت على سامي ملامح القلق, حتى قالت أشواق بهدوء: ولكن ذلك الفتى..
أداروا برؤسهم نحوها, فأردفت بقلق: لقد قال بأنه من الأفضل أن نلتجأ لمأوى ونبتعد عن الخطر, وإن حاولنا إيجاد الإجابات فقد يكلّفنا ذلك.. حياتنا
حدّق الجميع إليها لوهلة, فقال سامي بقلق وهو يقطّب حاجبيه: إنه يبدو منطقيّاً, نحن علينا فعلاً أن نستمع إليه ونلتجئ لمكانٍ آمن فهذا المكان خطر
أمل بحزم: مالذي تقوله؟ إلى متى علينا الإلتجاء لمأوى والإختباء؟
أيهم بحزم: نحن قد لانعود لعالمنا قبل أن ننجز مهمة القضاء على لهب
سامي بقلق: ولكن.. تلك الكائنات قوية وقد تقضي علينا, نحن حتى لانعلم من الذي أرسلنا أو كيف يمكننا أن نصل إلى لهب أو السيد الكبير لننجز مهمتنا, إنها ليست مجرد لعبة فنحن قد نموتُ فعلاً!
أمل بحزم: في قلعته, في البقعة السوداء, والمنطقة الحمراء
شهقا أشواق وسامي وهما ينظران إليها: هاه!
أمل بحزم: إنه المكان الذي يختبئ فيه السيد الكبير بالرغم من أنه لاأحد يعلم أين هو لهب, ولكننا سنجده وسنعود إلى عالمنا إن وصلنا إلى هذا السيد وقضينا عليه
حدّقا سامي وأشواق نحو أمل بقلق وهما يقطّبان حاجبيهما, فقال أيهم بحزم: صحيح, إن ظلننا نختبئ فلن يتغيّر شيء, يجب أن نقضي على لهب وإلاّ فسنظل في هذا العالم, وربّما للأبد
حدّقا سامي وأشواق نحو أيهم بقلق وهما يقطبان حاجبيهما, ثم نظر كلاً منهما للآخر لوهلة, فقالت أمل بحماس وبابتسامة واثقة: حسناً, بما أننا وضحنا الأمر فسيكون الأمر الأسهل لو كنّا معاً, وحتى نكون معاً يجب أن نضع بعض القواعد التي سنسير عليها كمجموعة
رمقها أيهم بنظرة اشمئزاز وهو يهمس: الآن تقول بأنه علينا أن نكون سوية
كانت أشواق تنظر نحو أمل باهتمام التي أردفت: أولاً يجب علينا أن نتعاون وندافع عن بعضنا البعض مهما كان الخطر بدون وضع أيّ مصالح شخصية
أشارت بإصبعها للرقم اثنين وهو تردف: ثانياً, يجب أن تناوب في النوم, على أحدنا أن يبق مستيقظاً للحراسة وفي حال قدوم أحد يجب عليه أن يوقظ البقية
شعر سامي بقشعريرة تسري في جسده وهو يستمع باهتمام, بينما كان أيهم لايزال ينظر نحوها باشمئزاز وهو يرفع حاجباً أردفت أمل: ثالثاً وهو الأهم على قراراتنا أن تكون حسب الأكثرية
ختمت أمل كلامها وهي تقول بابتسامة واثقة: وأخيراً, يجب أن نعيّن قائداً على المجموعة
أيهم بنبرة باردة: لاتتحمسي, إنه بالتأكيد ليس أنتِ
أدارت أمل برأسها بسرعة نحو أيهم حين كان يجلس بجانبها وقالت بغضب: لماذا؟
نظر أيهم نحوها من طرف عينه وقال ساخراً: لأنكِ فتاة والقيادة للرجال
أمل بانفعال: هاه! عنصريّ جدّاً! مانوع هذا التفكير الضيّق؟
أدار أيهم برأسه نحو سامي قائلاً بسعادة: أنتَ لاتريد أن تصبح القائد اليس كذلك؟
سامي بابتسامة مرتبكة: لستُ مهتماً بذلك أيهم
أيهم بابتسامة واسعة: هاه! لقد تقرر الآن!
أمل بغضب: مالذي تقرر أيها المعتوه؟ قلنا أن نقرر حسب الأكثرية
أدار أيهم برأسه نحو سامي وقال بنبرة جادة: ليست لديكَ مشكلة بالتصويت لي أليس كذلك؟
ابتسم سامي بارتباك, فأدارت أمل برأسها نحو أشواق وهي تقول بجديّة: لمن ستصوّتين يا أشواق؟
شعرت أشواق بالارتباك, وقبل أن تجيب قال أيهم بانفعال: أنا سأصوّت لنفسي
أمل بانفعال: وأنا سأصوّت لنفسي
قرّب كلاً منهما رأسه نحو الآخر وهو يكزّ بأسنانه حيث تصادمت نظراتهما بغضب, فقال سامي بابتسامة مرتبكة: إنه ليس من المهم فعلاً أن نحدد قائداً الآن طالما سنسير حسب قرارا الأكثريّة
حوّلت أشواق بعينيها نحو النار, فقالت بدهشة وبنبرة ناعمة: أيهم! لقد نضج الفطر, احذر ألاّ يحترق!
تناول أيهم قطعة دفعة واحدة وهو يرميها إلى فمه, مضغها بسرعة ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة فقال بحماس: إنه فعلاً لذيذ, ينقصه بعض الملح فحسب, هيه! اسمعوا! من يصوّت لي سأعطيه منه, أنا من جمعه على كل حال
أمل بغضب: هاه!
فتح سامي الحقيبة القطنية التي كانت على الأرض بجواره وقال بابتسامة: صحيح! يمكننا جميعاً أن نتقاسم الطعام الذي أعطتني إياه كرات القطن
أخرج مافي الحقيبة فكان عبارة عن لفائف بيضاء حول عود خشبيّ تشبه غزل البنات, واسترسل سامي: إنها فعلاً كائنات لطيفة وذات نوايا طيّبة رغم أنها لم تتكلّم مثل الآخرين
ناول سامي اللفيفة الأولى لأشواق وهي تقول بابتسامة لطيفة: بالرغم من وجود تلك الكائنات التي تحاول مهاجمتنا إلاّ أن هناك آخرين يرغبون بحمايتنا
أجاب سامي موافقاً, فأعطى لفيفة أخرى لأمل التي رفعت حاجباً وقالت بحيرة: ماهذا الشيء؟ هل هو صالح للأكل حقاً؟
وزّع سامي اللفائف الأربع بينهم منتهياً بأيهم وابقى الأخيرة لديه وهو يقول بابتسامة: ليسَ لذيذاً ولكنه جيّد وسيعطينا القوة, سيكفينا لهذهِ الليلة جميعاً مع الفطر الذي أحضره أيهم
أيهم بغيظ وهو يخبيء الفطر بين يديه: أنا لن أعطي هذهِ الفتاة حتى تتنازل
أمل بغضب وهي تقفز إليه: بخيل! كله وحدك!
أشواق بابتسامة: وأنا أيضاً لديّ ما سنتقاسمه
أدخلت يدها إلى جيب سترتها الداخليّ وأخرجت تفاحة حمراء اللون, فقالت أمل بحيرة: من أين أحضرتها يا أشواق؟
أشواق بابتسامة: لقد أعطاني إيّاها ذلك الفتى, لكنني لم أتناولها حتى الآن
تنهدت أمل ثم همست بهدوء: بالرغم من أن هذا الطعام لايُشبِع ولكنه أفضل من لاشيء, سيكون من الأفضل غداّ أن نبحث عن طعام منذ الصباح
حدّق أيهم نحوها لوهلة حيث سمع كلماتها, أخذت أمل قضمة من اللفيفة ثم لاحظت تلك اليد التي امتدت نحوها وقد امتلأت بقطع الفطر, حوّلت بعينيها نحوه فقد كان أيهم يعطيها إيّاه, فسألت بهدوء: مالأمر؟
كان أيهم قد قسّم الفطر كله على المجموعة بالتساوي, فقال بجديّة: القاعدة الأولى.. يجب علينا أن نتعاون وندافع عن بعض البعض, وكجزيء من هذا البند يجب أن نتقاسم الطعام الذي نحصل عليه, وهذا نصيبك من الطعام, حسناً هذا جزء منه وسأعطيكِ عدد مساوٍ من القطع
حدّقت أمل نحوه لوهلة نحو عينيه الجادتين حيث التمعت زرقتها مع انعكاس ضوء النار عليها, وكذلك فقد راقبا سامي وأشواق بصمت, فأشاحت أمل بعينيها وقالت: لا أريد
أيهم بدهشة: هاه!
ثم قال بغضب: لقد تنازلتُ عن حصة لي من أجلك أيتها المتكبّرة
أمل بانفعال: أنا لن أتنازل من أجلك أيها البخيل الأنانيّ, ولستُ بحاجة لشفقتك
أيهم بغضب: إنه ليسَ كما تريدين, نحن مجموعة واحدة ويجب أن تقبلي حصّتك
أمل بغضب: إنه ليس من شأنك, فلتُ بأنني لا أريده
أيهم بغضب: ستكونين عالة علينا غداً لأنّكِ لم تتناولي جيّداً
أمل بغضب: سأكون قويّة, أنا لستُ ضعيفة مثلك
أيهم بغضب: من سيكون الضعيف؟ أنتِ لن تكونين قادرة عن الدفاع عن نفسك
أمل بغضب: يمكنني الاهتمام بنفسي حتى بدون تدخّلك مهما حدث
أيهم بغضب: لاتتصرفي بأنانية الآن
أمل بغضب: لست أنانية, أنت من يريد أن يفرض عليّ مايجب تناوله
وبيما كانا يتجادلان, شعر سامي بالإحباط وهو يراقبهما بجوار أشواق التي ظلّت تأكل بصمت وشرود مفكرة: ذلك الفتى الغامض لم يكن سيئاً ولكن لماذا اكتفى بإنقاذي عن بعد, لماذا كان يراقبني؟
اهتزّت حدقة عيناها بقلق, ثم اتسعت فجأة وهي تفكّر: مهلاً, هل كان يراقبني طوال الوقت حقاً؟ حتى حينما كنتُ أقضي حاجتي
شعرت بالخجل كما بدا من تلّون خدّيها احمراراً وهي تفكّر: كم هذا محرج!
وضعت يديها على خديها بشرود وقد ظلّت بوضعها لوهلة حيث لم ينتبه لها أمل وأيهم اللذان يتشاجران وسامي الذي يسرح بفكره, حتى شتت شرودها تنهيدة سامي وهو يقول بإحباط: لا أعلم كيف لهذهِ المجموعة أن تصمد فعلاً في هذا العالم الخطر, مالذي ورّطنا في هذا؟, أشعر بالقلق مما يمكن أن يحدث مستقبلاً
ابتسمت أشواق: ولكن لابأس, طالما أننا جميعاً معاً فسنكون بخير وسنساعد بعضنا بعضاً, لاتقلق
أدار سامي برأسه نحوها فإذا بها تبتسم بلطف نحوه, شعر سامي بالارتباك قليلاً, لقد بدت ابتسامتها جميلة ومطمئنة اللحظة, فأشاح بعينيه وقال بارتباك: أ أجل
تجادلا أيهم وأمل طوال فترة تناول الطعام وهما يدخلان من موضوع لآخر بينما كانا سامي وأشواق يراقبانهما بصمت, لكنّ هذهِ السمرة لم تطل كثيراً بسبب تعبهم الشديد فناموا بالتناوب آملين بأن يكون الغد أسهل في هذا العالم, وربما لم يكن ماحدث لهم سوى قطرة ذات تناهٍ متعالٍ في بحر مغامراتهم السخيّة بالمخاطر والحافل بالأحداث الصعبة.
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]
التعديل الأخير تم بواسطة Mulo chan ; 12-31-2015 الساعة 03:14 AM |